المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17599 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

آيات الله في نمو الجنين‏
13-11-2015
الصراحة والصدق
20-3-2016
متناه – محدد finite
30-5-2017
Hasse Diagram
5-1-2022
حكم الأجير للحج إذا صد أو أحصر
10-9-2017
الأجل هو الوقت المعلوم
24-8-2022


تفسير الآية (26-29) من سورة النور  
  
6324   12:45 صباحاً   التاريخ: 6-8-2020
المؤلف : المؤلف : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : الجزء والصفحة : ......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف النون / سورة النور /

 

قال تعالى : {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (26) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (27) فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (28) لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ} [النور: 26، 30].

 

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه  الآيات (1) :

قال سبحانه: {الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات} قيل في معناه أقوال أحدها. إن الخبيثات من الكلم للخبيثين من الرجال، والخبيثون من الرجال للخبيثات من الكلم، {والطيبات} من الكلم {للطيبين} من الرجال، {والطيبون} من الرجال {للطيبات} من الكلم. ألا ترى أنك تسمع الخبيث من الرجل الصالح، فتقول: غفر الله لفلان ما هذا من خلقه، ولا مما يقول عن ابن .

باس والضحاك ومجاهد والحسن. والثاني: إن معناه الخبيثات من السيئات للخبيثين من الرجال، والخبيثون من الرجال للخبيثات من السيئات، والطيبات من الحسنات للطيبين من الرجال، والطيبون من الرجال للطيبات من الحسنات، عن ابن زيد.

والثالث: الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال، والخبيثون من الرجال للخبيثات من النساء، والطيبات من النساء للطيبين من الرجال، والطيبون من الرجال للطيبات من النساء، عن أبي مسلم والجبائي، وهو المروي عن أبي جعفر، وأبي عبد الله عليهما السلام قالا: هي مثل قوله: {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة} الآية. إن أناسا هموا أن يتزوجوا منهن، فنهاهم الله عن ذلك، وكره ذلك لهم.

{أولئك مبرؤون مما يقولون} أي: الطيبون مبرؤون أي: منزهون من الكلام الخبيث، عن مجاهد. وقال الفراء: يعني به عائشة، وصفوان بن المعطل، وهو بمنزلة قوله تعالى: {فإن كان له إخوة}، والأم تحجب بالأخوين فجاء على تغليب لفظ الجمع. {لهم مغفرة} أي: لهؤلاء الطيبين من الرجال والنساء، مغفرة من الله لذنوبهم. {ورزق كريم} أي: عطية من الله كريمة في الجنة. ثم خاطب سبحانه المؤمنين فقال: {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا} أي: حتى تستأذنوا عن ابن مسعود، وابن عباس، قال: أخطأ الكاتب فيه، وكان يقرأ {حتى تستأذنوا}. وقيل: تستأنسوا بالتنحنح والكلام الذي يقوم مقام الاستيذان. وقد بين الله تعالى ذلك في قوله: {وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا}، عن مجاهد، والسدي. وقيل: معناه حتى تستعلموا وتتعرفوا، عن أبي أيوب الأنصاري، قال: قلنا يا رسول الله ما الاستيناس؟ قال: " يتكلم الرجل بالتسبيحة، والتحميدة، والتكبيرة، ويتنحنح على أهل البيت ".

وعن سهل بن سعد قال: اطلع رجل في حجرة من حجر رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومعه مدرى (2) يحك به رأسه: " لو أعلم أنك تنظر لطعنت به في عينيك! إنما الاستيذان من النظر " وروي أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: أستأذن على أمي؟ فقال: نعم. قال. إنها ليس لها خادم غيري، أفأستأذن عليها كلما دخلت؟

قال: أتحب أن تراها عريانة؟ قال الرجل: لا. قال: فاستأذن عليها.

{وتسلموا على أهلها} قيل: إن فيه تقديما وتأخيرا تقديره حتى تسلموا على .

أهلها، وتستأنسوا وتستأذنوا، فإن أذن لكم فادخلوا. وقيل: معناه حتى تستأنسوا بأن تسلموا، فقد روي أن رجلا استأذن على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فتنحنح، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لامرأة يقال لها روضة. قومي إلى هذا فعلميه، وقولي له: قل السلام عليكم أأدخل. فسمعها الرجل فقالها، فقال: أدخل. {ذلكم خير لكم} معناه:

ذلك الدخول بالاستيذان خير لكم {لعلكم تذكرون} مواعظ الله، وأوامره، ونواهيه، فتتبعونها.

{فإن لم تجدوا} معناه: فإن لم تعلموا {فيها أحدا} يأذن لكم في الدخول {فلا تدخلوها} لأنه ربما كان فيها ما لا يجوز أن تطلعوا عليه. {حتى يؤذن لكم} أي: حتى يأذن لكم أرباب البيوت في ذلك. بين الله سبحانه بهذا أنه لا يجوز دخول دار الغير بغير إذنه، وإن لم يكن صاحبها فيها، ولا يجوز أن يتطلع إلى المنزل، ليرى من فيه فيستأذنه إذا كان الباب مغلقا لقوله عليه السلام: " إنما جعل الاستيذان لأجل النظر " وإلا أن يكون الباب مفتوحا، لأن صاحبه بالفتح أباح النظر. {وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا} أي: فانصرفوا، ولا تلجوا عليهم، وذلك بأن يأمروكم بالانصراف صريحا، أو يوجد منهم ما يدل عليه. {هو أزكى لكم} معناه: إن الانصراف أنفع لكم في دينكم ودنياكم، وأطهر لقلوبكم، وأقرب إلى أن تصيروا أزكياء. {والله بما تعملون عليم} أي: عالم بأعمالكم، لا يخفى عليه شئ منها.

ثم قال سبحانه: {ليس عليكم جناح} أي: حرج، وإثم {أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة} يعني بغير استئذان {فيها متاع لكم} قيل في معنى هذه البيوت أقوال أحدها: إنها الحانات، والحمامات، والأرحبة، عن الصادق عليه السلام وعن محمد بن الحنفية، وقتادة. ويكون معنى متاع لكم أي: استمتاع لكم. الثاني: إنها الخرابات المعطلة، ويدخلها الانسان لقضاء الحاجة، عن عطا والثالث: إنها الحوانيت، وبيوت التجار التي فيها أمتعة الناس، عن ابن زيد. قال الشعبي: وإذنهم أنم جاؤوا ببيوعهم فجعلوها فيها، وقالوا للناس: هلموا. والرابع: إنها مناخات الناس في أسفارهم، يرتفقون بها، عن مجاهد. والأولى حمله على الجميع. {والله يعلم ما تبدون وما تكتمون} لا يخفى عليه شئ من ذلك.

 

__________________

1- تفسير مجمع البيان ،الطبرسي ،ج7،ص236-238.

2-المدرى: المشط.

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه  الآيات (1) :

قال تعالى : { الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ والْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ والطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ والطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ } .

الخبيث هو القبيح من كل شيء ، فيشمل العقيدة والنوايا والصفات والأقوال والأفعال بشتى أنواعها ، ولا يختص بالزنا ، والطيب هو الحسن من كل شيء ، وأطلق القرآن الكريم كلمة الخبيث على الرديء من الأرض والمال والكلام والمأكول المحرم ، وعلى كل من استحق سخط اللَّه وعذابه من شياطين الإنس والجن . . وقال جماعة من المفسرين : المراد بالخبيثات هنا من خبث من النساء ، وبالخبيثين من خبث من الرجال ، وبالطيبات من طاب منهن ، وبالطيبين من طاب منهم ، وان معنى الآية : الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال ، والخبيثون منهم للخبيثات منهن ، وكذلك الطيبون والطيبات .

وهذا القول لا يتفق مع الواقع ، فلقد رأينا الخبيثة يتزوجها الطيب ، والطيبة يتزوجها الخبيث ، بل لا يتفق هذا مع صريح القرآن ، قال تعالى : { ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَةَ نُوحٍ وامْرَأَةَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما } « إلى قوله » {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } [التحريم: 11]. ومعلوم ان نوحا ولوطا نبيان معصومان ، وان فرعون هو القائل : أنا ربكم الأعلى .

والذي نراه ان المراد بالخبيثات في الآية ما خبث من الأقوال والأفعال ، وبالطيبات ما طاب منها ، وبالخبيثين من خبث من الرجال والنساء تغليبا للذكور على الإناث ، وبالطيبين من طاب منهم ومنهن أيضا من باب التغليب ، وعليه يكون المعنى ان ما خبث من الأقوال والأفعال لا يصدر إلا ممن خبث من الرجال والنساء وما طاب من الأقوال والأفعال لا يصدر إلا ممن طاب منهم ومنهن ، تماما كما قال الشاعر : « وكل إناء بالذي فيه ينضح » .

{ أُولئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ ورِزْقٌ كَرِيمٌ } . أولئك إشارة إلى الطيبين والطيبات ، وضمير يقولون يعود إلى الخبيثين والخبيثات ، وان اللَّه سبحانه ينعم بالغفران والجنان على من طاب نفسا وفعلا .

{ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } . حتى تستأنسوا أمر بالاستئذان قبل الدخول إلى بيت الغير تماما كقوله تعالى : {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا} [النور: 59] النور ، فكل من يريد الدخول إلى بيت الغير فعليه أن يستأذن أولا ، لأن الدخول تصرف في مال الغير ، فلا يحل إلا بإذن صاحبه ، ومن هنا قال الفقهاء :

الاستئذان واجب ، والسلام مستحب ، ويكفي في الاستئذان والإذن كل ما دل عليهما ، فقرع الباب استئذان ، وأهلا وسهلا إذن ، وبعد الإذن يدخل ويسلَّم .

{ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيها أَحَداً فَلا تَدْخُلُوها حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ } . وتسأل : ان لم يكن في الدار أحد فمن الذي يأذن بالدخول ؟ .

وأجاب الشيخ المراغي وغيره بأن المراد « ان لم يكن فيها أحد يملك الإذن بأن كان فيها عبد أو صبي » . والأرجح في الجواب ان الدار ان كانت خالية من أهلها فلا يجوز للغريب عنها أن يدخلها إلا إذا رأى صاحبها أولا ، وأذن ، كما لو قال له : اذهب إلى داري وائتني منها بكذا ، أو اسبقني إليها وأنا لا حق بك .

{ وإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكى لَكُمْ } ولا تلحوا في طلب الدخول ، ولا يكن في أنفسكم أية غضاضة على صاحب البيت ، واحملوه على الأحسن وقولوا :

له عذر مشروع . انظر تفسير قوله تعالى : { وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} [البقرة: 83] ج 1 ص 141 فقرة : « أصل الصحة » { واللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } . هذا تهديد ووعيد لمن يشتم ويستغيب من لا يأذن له بدخول بيته .

{ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيها مَتاعٌ لَكُمْ } . المراد بهذه البيوت الأماكن العامة كالفنادق والحوانيت ، فمن كان له متاع في فندق أو في حانوت فله ان يدخله ويأخذ متاعه منه دون أن يستأذن صاحبه إذنا خاصا لأن من فتح بابه للجميع فقد أذن لهم إذنا عاما ، وأيضا لا أسرار لصاحب الفندق والحانوت فيهما ، فلا موجب - إذن - للاستئذان { واللَّهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وما تَكْتُمُونَ } . فيه إيماء إلى أن الإنسان لا يحل له أن يدخل بيت غيره بقصد الخيانة والإساءة إلى أهله ، وان من قصد ذلك فإن اللَّه يعلم قصده ، ويؤاخذه عليه .

____________________

1- تفسير الكاشف ، محمد جواد مغنيه ، ج5 ، ص411-413.

 

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

قوله تعالى: { الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات } الخ ذيل الآية { أولئك مبرؤن مما يقولون } دليل على أن المراد بالخبيثات والخبيثين والطيبات والطيبين نساء ورجال متلبسون بالخباثة والطيب فالآية من تمام آيات الإفك متصلة بها مشاركة لها في سياقها وهي عامة لا مخصص لها من جهة اللفظ البتة.

فالمراد بالطيب الذي يوجب كونهم مبرئين مما يقولون على ما تدل عليه الآيات السابقة هو المعني الذي يقتضيه تلبسهم بالايمان والاحصان فالمؤمنون والمؤمنات مع الاحصان طيبون وطيبات يختص كل من الفريقين بصاحبه، وهم بحكم الايمان والاحصان مصونون مبرؤن شرعا من الرمي بغير بينة محكومون من جهة إيمانهم بأن لهم مغفرة كما قال تعالى: { وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم } الأحقاف: 31 ولهم رزق كريم، وهو الحياة الطيبة في الدنيا والاجر الحسن في الآخرة كما قال: { من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون } النحل: 97.

والمراد بالخبث في الخبيثين والخبيثات وهم غير المؤمنين هو الحال المستقذرة التي يوجبها لهم تلبسهم بالكفر وقد خصت خبيثاتهم بخبيثهم وخبيثوهم بخبيثاتهم بمقتضي المجانسة والمسانخة وليسوا بمبرئين عن التلبس بالفحشاء - نعم هذا ليس حكما بالتلبس -.

فظهر بما تقدم :

أولا: أن الآية عامة بحسب اللفظ تصف المؤمنين والمؤمنات بالطيب ولا ينافي ذلك إختصاص سبب نزولها وانطباقها عليه.

وثانيا إنها تدل على كونهم جميعا محكومين شرعا بالبراءة عما يرمون به ما لم تقم عليه بينة.

وثالثا: أنهم محكومون بالمغفرة والرزق الكريم كل ذلك حكم ظاهري لكرامتهم على الله بإيمانهم، والكفار على خلاف ذلك.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (27) فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (28) لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ}.

قوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها } الخ، الانس بالشئ واليه الألفة وسكون القلب إليه، الاستيناس طلب ذلك بفعل يؤدي إليه كالاستيناس لدخول بيت بذكر الله والتنحنح ونحو ذلك ليتنبه صاحب البيت أن هناك من يريد الدخول عليه فيستعد لذلك فربما كان في حال لا يحب أن يراه عليها أحد أو يطلع عليها مطلع.

ومنه يظهر أن مصلحة هذا الحكم هو الستر على عورات الناس والتحفظ على كرامة الايمان فإذا استأنس الداخل عند إرادة الدخول على بيت غير بيته فأخبر باستيناسه صاحب البيت بدخوله ثم دخل فسلم عليه فقد أعانه على ستر عورته، وأعطاه الامن من نفسه.

ويؤدي الاستمرار على هذه السيرة الجميلة إلى استحكام الاخوة والألفة والتعاون العام على اظهار الجميل والستر على القبيح واليه الإشارة بقوله: { ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون } إي لعلكم بالاستمرار على هذه السيرة تتذكرون ما يجب عليكم رعايته وإحياؤه من سنة الاخوة وتألف القلوب التي تحتها كل سعادة اجتماعية.

وقيل: إن قوله: { لعلكم تذكرون } تعليل لمحذوف والتقدير قيل لكم كذا لعلكم تتذكرون مواعظ الله فتعملوا بموجبها، ولا بأس به.

وقيل: إن في قوله: { حتى تستأنسوا وتسلموا } تقديما وتأخيرا والأصل حتى تسلموا وتستأنسوا. وهو كما ترى.

قوله تعالى: { فإن لم تجدوا فيها أحدا فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم }. الخ، أي أن علمتم بعدم وجود أحد فيها - وهو الذي يملك الاذن - فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم من قبل من يملك الاذن، وليس المراد به أن يتطلع على البيت وينظر فيه فإن لم ير فيه أحدا كف عن الدخول فإن السياق يشهد على أن المنع في الحقيقة عن النظر والاطلاع على عورات الناس.

وهذه الآية تبين حكم دخول بيت الغير وليس فيه من يملك الاذن، والآية السابقة تبين حكم الدخول وفيه من يملك الاذن ولا يمنع، وأما دخوله وفيه من يملك الاذن ويمنع ولا يأذن فيه فيبين حكمه قوله تعالى: { وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم والله بما تعملون عليم }.

قوله تعالى: { ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم } الخ، ظاهر السياق كون قوله: { فيها متاع لكم } صفة بعد صفة لقوله: { بيوتا } لا جملة مستأنفة معللة لقوله: { ليس عليكم جناح }، والظاهر أن المتاع بمعنى الاستمتاع.

ففيه تجويز الدخول في بيوت معدة الأنواع الاستمتاع وهي غير مسكونة بالطبع كالخانات والحمامات والارحية ونحوها فإن كونها موضوعة للاستمتاع إذن عام في دخولها.

وربما قيل: إن المراد بالمتاع المعنى الاسمي وهو الأثاث والأشياء الموضوعة للبيع والشرى كما في بيوت التجارة والحوانيت فإنها مأذونة في دخولها إذنا عاما ولا يخلو من بعد لقصور اللفظ.

قوله تعالى: { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون } الغض إطباق الجفن على الجفن، والابصار جمع بصر وهو العضو الناظر، ومن هنا يظهر أن { من } في { من أبصارهم } لابتداء الغاية لا مزيدة ولا للجنس ولا للتبعيض كما قال بكل قائل، والمعنى يأتوا بالغض آخذا من أبصارهم.

فقوله: { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم } لما كان { يغضوا } مترتبا على قوله: { قل } ترتب جواب الشرط عليه دل ذلك على كون القول بمعنى الامر والمعنى مرهم يغضوا من أبصارهم والتقدير مرهم بالغض إنك إن تأمرهم به يغضوا، والآية أمر بغض الابصار وإن شئت فقل: نهي عن النظر إلى ما لا يحل النظر إليه من الأجنبي والأجنبية لمكان الاطلاق.

وقوله: { ويحفظوا فروجهم } أي ومرهم يحفظوا فروجهم، والفرجة والفرج الشق بين الشيئين، وكنى به عن السوأة، وعلى ذلك جرى استعمال القرآن الملئ أدبا وخلقا ثم كثر استعماله فيها حتى صار كالنص كما ذكره الراغب.

والمقابلة بين قوله: { يغضوا من أبصارهم } و { يحفظوا } فروجهم يعطي أن المراد بحفظ الفروج سترها عن النظر لا حفظها عن الزنا واللواطة كما قيل، وقد ورد في الرواية عن الصادق ع أن كل آية في القرآن في حفظ الفروج فهي من الزنا إلا هذه الآية فهي من النظر.

وعلى هذا يمكن أن تتقيد أولى الجملتين بثانيتهما ويكون مدلول الآية هو النهي عن النظر إلى الفروج والامر بسترها.

ثم أشار إلى وجه المصلحة في الحكم وحثهم على المراقبة في جنبه بقوله: { ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون }.

__________________

1- تفسير الميزان  الطباطبائي، ج15 ، ص78-90.

 

تفسير الامثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه الآيات (1) :

لا تدخلوا بُيُوت الناس حَتَّى يؤذنَ لَكُم:

بيّنت هذه الآيات جانباً من أدب المعاشرة، والتعاليم الإسلامية الإِجتماعية التي لها علاقة وثيقة بقضايا عامّة حول حفظ العفّة، أي كيفية الدخول إلى بيوت الناس، وكيفية الإستئذان بالدخول إليها.

حيث تقول أوّلا: {يا أيّها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها}. وبهذا الترتيب عندما تعزمون على الدخول لابدّ، من إخبار أصحاب البيت بذلك ونيل موافقتهم.

والذي يلفت النظر في هذه الجملة استعمالها «تستأنسوا» ولم تستعمل «تستأذنوا» لأنّ الجملة الثّانية لبيان الإستئذان بالدخول فقط، في الوقت الذي تكون الجملة الأُولى مشتقّة من «أنس» أي الإستئذان المرافق للمحبّة واللطف والمعرفة والإخلاص، وتبيّن كيف يجب أن يكون الإستئذان برفق وأدب وصداقة، بعيداً عن أي حدّة وسوء خلق. ولو تبحرنا في هذه الجملة على هذا الأساس لوجدنا فيها الكثير من الأدب الذي يدور حول هذا الموضوع، وهو يعني ألا تصرخوا وألاّ تقرعوا الباب بقوة، وألا تستأذنوا بعبارات حادّة، وألا تدخلوا حتى يُؤذنَ لكم، فتسلّموا أوّلا سلاماً يستبطن مشاعر السلام والود ورسالة المحبة والصداقة.

وممّا يلفت النظر في هذا الحكم الذي يتصف بأبعاد إنسانية وعاطفية واضحة، مرافقته لجملتين أولاها: {ذلكم خير لكم} وثانيها: {لعلكم تذكرون}. وهذا بحدّ ذاته دليل على أن لهذه الأحكام جذوراً في أعماق العواطف والعقول الإنسانية، ولو دقق الإنسان النظر فيها لتذكر أن فيها الخير والصلاح.

وتمّ هذا الحكم بجملة أخرى في الآية التالية: {فإن لم تجدوا فيها أحداً فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم}.

قد يكون المراد من هذه العبارة أنَّهُ رُبَّما كانَ في المنزل أحد، ولكن من لدَيه حقّ إعطاء الإِذن بالدخول غير موجود، ففي هذه الحالة لا يحق للمرء الدخول إلى المنزل.

أو قد لا يوجد أحد في المنزل، ولكن صاحب المنزل على مقربة من ذلك المكان، أو في منزل الجيران بحيث لو طرق المرء الباب أو نادى صاحبه فقد يسمعه، ثمّ يحضر ليسمح له بالدخول، وعلى أي حال، فالمسألة المطروحة أن لا ندخل منزلا دون إذن.

ثمّ تضيف الآية {وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم} إشارة إلى أنّه لا لزوم لانزعاج المرء إن لم يؤذن له بالدخول، فلعلّ صاحب المنزل في وضع غير مريح، أو أن منزله لم يهيأ لاستقبال الضيوف!

وبما أن بعض الناس قد يدفعهم حبّ الإطلاع والفضول حين رفضهم استقباله على استراق السمع، أو التجنس من ثقب الباب لكشف خفايا أهل المنزل وليطلع على أسرارهم، لهذا قالت الآية: {والله بما تعملون عليم}.

وبما أن لكل حكم استثناءً، لرفع المشكلات والضرورات بشكل معقول عن طريقه، تقول آخر آية موضع البحث: {ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتاً غير مسكونة فيها متاع لكم}.

وتضيف في الختام {والله يعلم ما تبدون وما تكتمون}. ولعل ذلك إشارة إلى استغلال البعض هذه الإستثناءات، فيتذرّع بأنّ المنزل غير مسكون فيدخله بهدف الكشف عن بعض الأسرار، أو الدخول إلى منازل مسكونة متذرعاً بعدم علمه بأنّها مسكونة، إلاّ أنّ الله يعلم بكلّ هذه الأعمال، ويعلم الذين يسيئون الإستفادة من هذا الإستثناء.

مكافحة السفور وخائنة الاعين:

قلنا في البداية: إنّ هذه السورة ـ في الحقيقة ـ اختصت بالعفة والطهارة وتطهير الناس من جميع الإنحرافات الجنسية، وبحوثها منسجمة، وهي تدور حول الأحكام الخاصّة بالنظر إلى الإجنبية والحجاب، ولا يخفى على أحد ارتباط هذا البحث بالبحوث الخاصّة بالقذف.

تقول الآية أوّلا: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم}.

وكلمة «يغضوا» مشتقّة من «غضّ» من باب «ردّ» وتعني في الأصل التنقيص، وتطلق غالباً على تخفيض الصوت وتقليل النظر. لهذا لم تأمر الآية أن يغمض المؤمنون عيونهم. بل أمرت أن يغضّوا من نظرهم. وهذا التعبير الرائع جاء لينفي غلق العيون بشكل تام بحيث لا يعرف الإِنسان طريقه بمجرّد مشاهدته امرأة ليست من محارمه، فالواجب عليه أن لا يتبحّر فيها، بل أن يرمي ببصره إلى الأرض، ويصدق فيه القول أنه غضَّ من نظره وأبعد ذلك المنظر من مخيلته.

وممّا يلفت النظر أنّ القرآن الكريم لم يحدد الشيء الذي يستوجب غضّ النظر عنه. {أي أنه حذف متعلّق الفعل} ليكون دليلا على عموميته. أي غضّ النظر عن جميع الأشياء التي حرم الله النظر إليها.

ولكن سياق الكلام في هذه الآيات، وخاصّة في الآية التالية التي تتحدث عن قضية الحجاب، يوضح لنا جيداً أنها تقصدالنظر إلى النساء غيرالمحارم، ويؤكّد هذا المعنى سبب النّزول الذي ذكرناه(2) سابقاً.

ويتّضح لنا ممّا سبق أن مفهوم الآية السابقة ليس هو حرمة النظر الحاد إلى النساء غيرالمحارم، ليتصور البعض أنَّ النظر الطبيعي إلى غير المحارم مسموح به، بل إن نظر الإنسان يمتدّ إلى حيّز واسع ويشمل دائره واسعة، فإذا وجد امرأة من غير المحارم عليه أن يخرجها عن دائرة نظره. وألاّ ينظر إليها، ويواصل السير بعين مفتوحة، وهذا هو مفهوم غضّ النظر. (فتأملوا جيداً).

الحكم الثّاني في الآية السابقة: هو «حفظ الفروج». و«الفرج» ـ كما قلنا سابقاً ـ يعني الفتحة والفاصلة بين شيئين، إلاّ أنّها هنا ورد كناية عن العورة.

والقصد من حفظ الفرج ـ كما ورد في الأحاديث ـ هو تغطيته عن الأنظار، وقد جاء في حديث عن الإمام الصادق{عليه السلام} قوله: «كلّ آية في القرآن فيها ذكر الفروج فهي من الزنا، إلاّ هذه الآية فإنّها من النظر»(3).

إن الإسلام نهى عن هذا العمل المندفع مع الأهواء النفسية والشهوات، لأنّ {ذلك أزكى لكم} كُما نصّت عليه الآية ـ موضع البحث ـ في ختامها.

ثمّ تحذر الآية أُولئك الذين ينظرون بشهوة إلى غير محارمهم، ويبررون عملهم هذا بأنّه غير متعمّد فتقول: {إنّ الله خبير بما تصنعون}.

 

________________
1- تفسير الامثل ، مكارم الشيرازي، ج7،ص54-62.

2 ـ اختلف المفسّرون في تعليل وجود «من»في جملة (يغضوا من أبصارهم) فقال بعضهم إنّها للتبعيض وقيل: إنّها زائدة، وقيل: ابتدائية. ولكن الظاهر هو المعنى الأوّل.

3 ـ أصول الكافي، وتفسير علي بن إبراهيم (وفق ما نقله نورالثقلين المجلد الثالث، صفحة 587، 588).

 

 

 




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .