المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17738 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

انماط الأشعة السينية للبلمرات الأمورفية
2023-10-09
كتب إحصائية أو إحصائيات
29-11-2019
عِظمة الموت
25-9-2017
ذكر ما يحل بالزهراء (عليه السلام)
16-12-2014
Hypatia of Alexandria
19-10-2015
معنى كلمة جنح
9-12-2015


تفسير الآية (30-31) من سورة النور  
  
54044   12:51 صباحاً   التاريخ: 6-8-2020
المؤلف : المؤلف : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : الجزء والصفحة : ......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف النون / سورة النور /

 

قال تعالى : {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [النور: 30، 31].

 

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هاتين  الآيتين (1) :

بين سبحانه ما يحل من النظر، وما لا يحل منه، فقال: {قل} يا محمد {للمؤمنين يغضوا من أبصارهم} عما لا يحل لهم النظر إليه {ويحفظوا فروجهم} عمن لا يحل لهم، وعن الفواحش. وقيل: إن {من} مزيدة، وتقديره:

يغضوا أبصارهم عن عورات النساء. وقيل. إنها للتبعيض، لأن غض البصر إنما يجب في بعض المواضع، عن أبي مسلم. والمعنى: ينقصوا من نظرهم، فلا ينظروا إلى ما حرم. وقيل: إنها لابتداء الغاية. وقال ابن زيد: كل موضع في القرآن ذكر فيه حفظ الفروج، فهو عن الزنا، إلا في هذا الموضع، فإن المراد به الستر، حتى لا ينظر إليها أحد، وهو المروي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: فلا يحل للرجل أن ينظر إلى فرج أخيه، ولا يحل للمرأة أن تنظر إلى فرج أختها.

{ذلك أزكى لهم} أي: أنفع لدينهم ودنياهم، وأطهر لهم، وأنفى للتهمة، وأقرب إلى التقوى. {إن الله خبير} أي: عليم {بما يصنعون} أي: بما يعملونه، أي: على أي وجه يعملونه. {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن} أمر النساء بمثل ما أمر به الرجال من غض البصر، وحفظ الفرج. {ولا يبدين زينتهن} أي: لا يظهرن مواضع الزينة لغير محرم، ومن هو في حكمه. ولم يرد نفس الزينة، لأن ذلك يحل النظر إليه. بل المراد مواضع الزينة. وقيل: الزينة زينتان ظاهرة وباطنة. فالظاهرة لا يجب سترها، ولا يحرم النظر إليها، لقوله {إلا ما ظهر منها} وفيها ثلاثة أقاويل أحدها: إن الظاهرة الثياب، والباطنة الخلخالان والقرطان والسواران، عن ابن مسعود وثانيها: إن الظاهرة الكحل والخاتم والخدان والخضاب في الكف عن ابن عباس. والكحل والسوار والخاتم عن قتادة. وثالثها:

إنها الوجه والكفان، عن الضحاك وعطا. والوجه والبنان، عن الحسن. وفي تفسير علي بن إبراهيم الكفان والأصابع.

{وليضربن بخمرهن على جيوبهن} والخمر: المقانع جمع خمار: وهو غطاء رأس المرأة المنسدل على جيبها. أمرن بإلقاء المقانع على صدورهن، تغطية لنحورهن، فقد قيل: إنهن كن يلقين مقانعهن على ظهورهن، فتبدو صدورهن.

وكنى عن الصدور بالجيوب، لأنها ملبوسة عليها. وقيل: إنهن أمرن بذلك ليسترن شعورهن، وقرطهن، وأعناقهن. قال ابن عباس: تغطي شعرها وصدرها وترائبها وسوالفها.

{ولا يبدين زينتهن} يعني الزينة الباطنة التي لا يجوز كشفها في الصلاة.

وقيل. معناه لا يضعن الجلباب والخمار، عن ابن عباس. {إلا لبعولتهن} أي:

لأزواجهن يبدين مواضع زينتهن لهم، استدعاء لميلهم، وتحريكا لشهوتهم، فقد روي أنه صلى الله عليه وآله وسلم لعن السلتاء من النساء، والمرهاء. فالسلتاء التي لا تخضب.

والمرهاء التي لا تكتحل، ولعن المسوفة والمفسلة. فالمسوفة: التي إذا دعاها زوجها إلى المباشرة قالت: سوف أفعل. والمفسلة هي التي إذا دعاها قالت: أنا حائض، وهي غير حائض.

{أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن} وهؤلاء الذين يحرم عليهم نكاحهن، فهم ذوو محارم لهن بالأسباب والأنساب، ويدخل أجداد البعولة فيه، وإن علوا، وأحفادهم وإن سفلوا.

يجوز إبداء الزينة لهم من غير استدعاء لشهوتهم، ويجوز لهم تعمد النظر من غير تلذذ. {أو نسائهن} وهو يعني النساء المؤمنات، ولا يحل لهن أن يتجردن ليهودية، أو نصرانية، أو مجوسية، إلا إذا كانت أمة وهو معنى قوله. {أو ما ملكت أيمانهن} أي من الإماء، عن ابن جريج ومجاهد والحسن وسعيد بن المسيب، قالوا: ولا يحل للعبد أن ينظر إلى شعر مولاته. وقيل: معناه العبيد والإماء، وروي ذلك عن أبي عبد الله عليه السلام. وقال الجبائي: أراد مملوكا له لم يبلغ مبلغ الرجال.

{أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال} اختلف في معناه فقيل: التابع الذي يتبعك لينال من طعامك، ولا حاجة له في النساء، وهو الأبله المولى عليه، عن ابن عباس، وقتادة، وسعيد بن جبير، وهو المروي عن أبي عبد الله عليه السلام. وقيل: هو العنين الذي لا إرب له في النساء لعجزه، عن عكرمة، والشعبي. وقيل: إنه الخصي المجبوب الذي لا رغبة له في النساء، عن الشافعي، ولم يسبق إلى هذا القول. وقيل: إنه الشيخ الهم لذهاب إربه، عن يزيد بن أبي حبيب. وقيل: هو العبد الصغير، عن أبي حنيفة، وأصحابه.

{أو الطفل} أي: الجماعة من الأطفال {الذين لم يظهروا على عورات النساء} يريد به الصبيان الذين لم يعرفوا عورات النساء، ولم يقووا عليها لعدم شهوتهم. وقيل: لم يطيقوا مجامعة النساء، فإذا بلغوا مبلغ الشهوة، فحكمهم حكم الرجال. {ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن} قال قتادة: كانت المرأة تضرب برجلها لتسمع قعقعة الخلخال فيها، فنهاهن عن ذلك. وقيل: معناه لا تضرب المرأة برجلها إذا مشت، ليتبين خلخالها، أو يسمع صوته، عن ابن عباس. {وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون} أي: تفوزون بثواب الجنة. وفي الحديث: إنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: {أيها الناس! توبوا إلى ربكم، فإني أتوب إلى الله في كل يوم مائة مرة} أورده مسلم في الصحيح. والمراد بالتوبة: الانقطاع إلى الله تعالى.

__________________

1- تفسير مجمع البيان ،الطبرسي ،ج7،ص241-243.

 

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هاتين  الآيتين (1) :

هاتان الآيتان من آيات الأحكام ، وقد تضمنتا وجوب غض النظر على النساء والرجال ، وحفظ الفروج من الزنا ، والحجاب ، والتفصيل فيما يلي :

1 - { قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ } . أمر سبحانه الرجال أن يكفوا عن النظر ، ولكنه أطلق ولم يذكر متعلق الفعل ، ويبين عن أي شيء يكفون أبصارهم ، سكت سبحانه عن ذلك معولا على دلالة السياق ، فان الظاهر منه تحريم النظر إلى الأجنبيات . . وقد اتفق أكثر الفقهاء على أن الرجل لا يجوز له النظر إلى شيء من بدن الأجنبية إلا إلى وجهها وكفيها شريطة أن يكون النظر من غير تلذذ ، وان لا يخشى معه الوقوع في الحرام . . هذا إذا كانت المرأة مسلمة يحرم دينها السفور ، أما غيرها التي لا يحرم دينها السفور فقد اختلف الفقهاء في جواز النظر إلى غير الوجه والكفين منها ، فأجازه جماعة منهم ، وأجازوا أيضا النظر إلى شعور المسلمات من أهل البوادي لأنهن لا ينتهين إذا نهين .

2 - { ويَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ } من الزنا ، وأدخل سبحانه كلمة « من » على الأبصار دون الفروج لأن الفرج تجب صيانته إلا في حالة واحدة ، وهي خلوة الزوجين على عكس النظر فإنه لا يحرم إلا في بعض الحالات { ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ إِنَّ اللَّهً خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ } . ذلك إشارة إلى الغض عن المحرمات ، وهو أطهر للنفس ، وأقرب للتقوى ، وأبعد عن الذنوب والآثام .

3 - { وقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ ويَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ } . قال فقهاء الشيعة الإمامية : يحرم على المرأة أن تنظر من الرجل ، ما يحرم عليه أن ينظر منها ، ويحل لها ان تنظر منه ما يحل له ان ينظر منها أي إلى الوجه والكفين فقط ، ومعنى هذا ان المرأة لا يحل لها ان تنظر إلى شعر الرجل ، تماما كما لا يحل له ان ينظر إلى شعرها ، وقال غيرهم : بل يجوز أن تنظر إلى جميع بدنه إلا ما بين السرة والركبة . والتفصيل في كتابنا الفقه على المذاهب الخمسة ، فصل ما يجب ستره وما يحرم النظر إليه من البدن .

4 - { ولا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها } . المراد بالزينة هنا موضعها لأن الزينة بما هي لا يحرم النظر إليها ، والمراد بالظاهر من موضع الزينة الوجه والكفان فقط ، وقد استدل الفقهاء بهذه الآية على وجوب الحجاب ، وان جميع بدن المرأة عورة إلا ما استثني منه أي الوجه والكفين ، فقد سئل الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) عن الذراعين : هل هما من الزينة التي قال اللَّه عنها : ولا يبدين زينتهن ؟ فقال : نعم ، وما دون الوجه والكف من الزينة . أي المحرمة . وفي أحكام الآيات للجصاص أحد أئمة الأحناف : « المراد بما ظهر الوجه والكفان » .

وفي تفسير الرازي الشافعي : « اتفقوا على أن الوجه والكفين ليسا بعورة » .

{ ولْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ } . يضر بن أي يلقين . والخمار غطاء الرأس .

والجيب فتحة القميص ، والمراد به هنا الصدر من باب اطلاق اسم الحالّ على المحل ، والمعنى يجب على النساء ان يسدلن الاخمرة من الأمام ليسترن الصدور والنحور . . وكان نساء الجاهلية يغطين رؤوسهن بالاخمرة ، ويسدلنها من وراء الظهر ، فتبدو صدورهن ونحورهن ، وبقين على ذلك حتى نزلت هذه الآية ، فأسدلن الأخمرة إلى الأمام يسترن بها الصدور والنحور .

سفور أو متجر لبيع اللحوم ؟

رخص الإسلام للمرأة أن تكشف عن الوجه والكفين لأن ضرورة الحياة تستدعي ذلك ، واعتبر ما عداهما عورة لأنه طريق المخاطر والمهالك ، قال الرسول الأعظم ( صلى الله عليه والله ) :

« من رعى غنمه حول الحمى نازعته نفسه أن يرعاها فيه » . . وهذا هو الواقع المشهود ، فأنّى اتجهت ببصرك رأيت له العديد من الصور . . فما ان أسفرت المرأة عن شعرها حتى ذهبت إلى الحلاق ، ومنه إلى كشف الصدر والكتف والساق ، إلى « الميني جيب والمكر يجيب » إلى الأزياء التي تتطور يوما فيوما ، وتجسم الأنوثة وتحكيها عضوا عضوا ، وتعرضها في الشوارع والأسواق كأنها لحم في متجر جزار . . والسر ان أكثر النساء لا يذهبن إلى أبعد من اظهار زينتهن وعرض جمالهن .

وأعجب ما قرأته في هذا الباب ان في مدينة هامبورغ بألمانيا الغربية شارعا رهيبا يصطف على طول جانبيه محلات ، وفي كل محل تعرض في واجهاته نساء على الزبائن والناظرين ، وهن عرايا في أوضاع شاذة لا تخطر على بال . . وان كل ما يبدو مستحيلا فهو متحقق بالفعل ، ويستمر هذا العرض طوال الليل والنهار . . هذه هي عاقبة الحرية الزائفة . . قرأت هذا ، وأنا أرتجف من هول ما قرأت ، وأول شيء أوحى به إليّ هذا الشارع العاري انه في المستقبل القريب أو البعيد سينتقل إلى بلادنا ، تماما كما انتقل الميني جيب وغيره ، ما دمنا مستمرين في محاكاة الغرب . . نستجير باللَّه مما يخبئه الغد .

وبهذه المناسبة نشير إلى أن المرأة إذا كانت مولعة بإظهار زينتها وجمالها ، وتجسيم أنوثتها بكل أسلوب فان كثيرا من الرجال مولعون بإظهار شخصيتهم وإلصاق الشهرة بهم ، ولو كذبا وخداعا ، وإذا كانت المرأة تحقد وتحسد من ينافسها في الزينة والجمال فان الرجال المولعين بالشهرة أكثر حسدا ، وأشد حقدا على من له اسم يذكر . . في سنة 1957 نشر كاتب مصري كلمة يسخر فيها من فتوى شيوخ الأزهر بتحريم لبس « المايو » للمرأة ، وقال فيما قال : ان الإسلام بريء من هذه الفتوى . . فنشرت كلمة في الرد عليه ، وأثبت ان شيوخ الأزهر نطقوا بكلمة الإسلام والقرآن ، واستشهدت بآية : { ولا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ } .

وبعد أيام صادف ان زرت شيخا مع أحد الزملاء ، ولما استقر بنا الجلوس أقبل عليّ الشيخ وقال : كيف تحلل لبس « المايو » وترد على شيوخ الأزهر الذين أفتوا بتحريمه ؟ .

قلت : بالعكس ، أيدت فتوى الشيوخ ، وفندت رأي من رد عليهم .

قال : كلا ، وقد احتفظت بالصحيفة التي نشرت فيها كلمتك لأجابهك بها .

قلت : هاتها . . فقام مسرعا ، وجاء بالصحيفة وشرع يقرأ بحماس كالظافر المنتصر .

قلت : ما ذا رأيت ؟ . . فبهت وأسقط في يده . . وحضر هذا المشهد - وللَّه الحمد - رفيقي السيد وشيخ من أقارب الشيخ - على الهامش ما زال الشاهدان من الأحياء ، نحن الآن في صيف سنة 1969 .

ولا أجد تفسيرا لاقدام هذا الشيخ على تكذيب نفسه بنفسه إلا أنه - غفر اللَّه له - كان يتمنى لي العثرات واللعنات ، فأخذ يبحث بالسراج والفتيلة - كما يقول العامليون - ليشيعها ويذيعها ، ولما قرأ اسمي في الصحيفة تحرك حقده الكامن المكبوت ، وطغى حبه للتشهير بي على بصره وبصيرته ، فأراه البياض سوادا ، والحق باطلا . . ولا بدع فان البغض تماما كالحب يعمي ويصم ، وصدق اللَّه العظيم : {لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [الأعراف: 179] .

وما ذكرت هذا الحديث شاكيا أو متبرما . . كلا ، فقد علمتني التجارب ان لا أبالي بالكواذب ، ولكن أملاه عليّ القلم ، ولم يدع لي سبيلا للاختيار ، وهذا شأنه معي كلما انصرفت إليه .

وبعد أن نهى سبحانه النساء المسلمات عن كشف مواضع الزينة إلا الوجه والكفين ، بعد هذا رخص لهن بابداء غيرهما لاثني عشر صنفا :

1 - { ولا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ } فلكل من الزوجين ان يرى من صاحبه ما يشاء .

2 - { أَوْ آبائِهِنَّ } ويدخل فيهم الأجداد من الأب والأم .

3 - { أَوْ آباءِ بُعُولَتِهِنَّ } ويدخل في آباء الأزواج الأجداد من الأب والأم .

4 - { أَوْ أَبْنائِهِنَّ } وولد الولد ولد ذكرا كان أو أنثى .

5 - { أَوْ أَبْناءِ بُعُولَتِهِنَّ } وان نزلوا .

6 - { أَوْ إِخْوانِهِنَّ } من الأم والأب أو من أحدهما .

7 - { أَوْ بَنِي إِخْوانِهِنَّ } وان نزلوا .

8 - { أَوْ بَنِي أَخَواتِهِنَّ } كذلك .

9 - { أَوْ نِسائِهِنَّ } يحرم على المسلمة ان تتجرد من عورتها أمام مثلها حتى ولو كانت أمها أو ابنها ، كما يحرم عليها أن تنظر إلى عورتهما . . ويحل لها ان تتجرد عما عدا السوءة أمام مسلمة مثلها ، ولا يحل ذلك أمام غير المسلمة ، هذا ما دلت عليه الآية ، وما خالفها فمتروك . وفي بعض الروايات ، ان المسلمات إذا تجردن أمام غير المسلمات وصفن ذلك لأزواجهن .

10 - { أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ } من الإماء والجواري ، أما العبد فلا يجوز له ان ينظر إلى سيدته إلا الوجه والكفين ، ولو كال خصيا ، وما خالف ذلك الأقوال والروايات فمتروك . . وعلى أية حال فإنه لا موضوع اليوم لهذا الحكم ، حيث لا إماء ولا عبيد .

11 - { أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ } وهم الذين يخالطون الأسرة ، ويتبعونها في أكثر الأحيان ، ولا شهوة لهم في النساء لسبب بدني كالهرم والعنن أو عقلي كالعته .

12 - { أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ } المراد بالطفل الجنس ، وهم الصبيان الذين لا يفرقون بين العورة وغيرها من أعضاء البدن .

{ ولا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ } كان النسوة يلبسن الخلاخل ، وما زالت هذه العادة في كثير من البلدان العربية ، وكان بعضهن يضر بن الأرض بأرجلهن لتقعقع خلاخلهن لتهييج الرجال أو الإشعار بأنهن من ذوات الخلاخل ، فنهاهن اللَّه عن ذلك . وفيه إيماء إلى أن على المرأة أن لا تأتي بأية حركة تثير الشهوة وتوقظ المشاعر { وتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } . انتهوا عما نهى اللَّه ، ومن سبقت منه الخطيئة فليتداركها بالتوبة فإنها مسموعة عند اللَّه .

____________________

1- تفسير الكاشف ، محمد جواد مغنيه ، ج5 ، ص414-418.

 

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هاتين  الآيتين (1) :

قوله تعالى: { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون } الغض إطباق الجفن على الجفن، والابصار جمع بصر وهو العضو الناظر، ومن هنا يظهر أن { من } في { من أبصارهم } لابتداء الغاية لا مزيدة ولا للجنس ولا للتبعيض كما قال بكل قائل، والمعنى يأتوا بالغض آخذا من أبصارهم.

فقوله: { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم } لما كان { يغضوا } مترتبا على قوله: { قل } ترتب جواب الشرط عليه دل ذلك على كون القول بمعنى الامر والمعنى مرهم يغضوا من أبصارهم والتقدير مرهم بالغض إنك إن تأمرهم به يغضوا، والآية أمر بغض الابصار وإن شئت فقل: نهي عن النظر إلى ما لا يحل النظر إليه من الأجنبي والأجنبية لمكان الاطلاق.

وقوله: { ويحفظوا فروجهم } أي ومرهم يحفظوا فروجهم، والفرجة والفرج الشق بين الشيئين، وكنى به عن السوأة، وعلى ذلك جرى استعمال القرآن الملئ أدبا وخلقا ثم كثر استعماله فيها حتى صار كالنص كما ذكره الراغب.

والمقابلة بين قوله: { يغضوا من أبصارهم } و { يحفظوا } فروجهم يعطي أن المراد بحفظ الفروج سترها عن النظر لا حفظها عن الزنا واللواطة كما قيل، وقد ورد في الرواية عن الصادق ع أن كل آية في القرآن في حفظ الفروج فهي من الزنا إلا هذه الآية فهي من النظر.

وعلى هذا يمكن أن تتقيد أولى الجملتين بثانيتهما ويكون مدلول الآية هو النهي عن النظر إلى الفروج والامر بسترها.

ثم أشار إلى وجه المصلحة في الحكم وحثهم على المراقبة في جنبه بقوله: { ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون }.

قوله تعالى: { وقل للمؤمنات يغضضن } الخ، الكلام في قوله: { وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن } نظير ما مر في قوله: { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم } فلا يجوز لهن النظر إلى ما لا يجوز النظر إليه ويجب عليهن ستر العورة عن الأجنبي والأجنبية.

وأما قوله: { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها } فالابداء الاظهار، والمراد بزينتهن مواضع الزينة لان نفس ما يتزين به كالقرط والسوار لا يحرم إبداؤها فالمراد بإبداء الزينة أبداء مواضعها من البدن.

وقد استثنى الله سبحانه منها ما ظهر، وقد وردت الرواية أن المراد بما ظهر منها الوجه والكفان والقدمان كما سيجئ إن شاء الله.

وقوله: { وليضربن بخمرهن على جيوبهن } الخمر بضمتين جمع خمار وهو ما تغطي به المرأة رأسها وينسدل على صدرها، والجيوب جمع جيب بالفتح فالسكون وهو معروف والمراد بالجيوب الصدور، والمعنى وليلقين بأطراف مقانعهن على صدورهن ليسترنها بها.

وقوله: { ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن - إلى قوله - أو بني أخواتهن } البعولة هم أزواجهن، والطوائف السبع الآخر محارمهن من جهة النسب والسبب، وأجداد البعولة حكمهم حكم آبائهم وأبناء أبناء البعولة حكمهم حكم الأبناء.

وقوله: { أو نسائهن } في الإضافة إشارة إلى أن المراد بهن المؤمنات من النساء فلا يجوز لهن التجرد لغيرهن من النساء وقد وردت به الروايات عن أئمة أهل البيت عليهم السلام.

وقوله: { أو ما ملكت أيمانهن } إطلاقه يشمل العبيد والإماء، وقد وردت به الرواية كما سيأتي إن شاء الله، وهذا من موارد استعمال { ما } في أولى العقل.

وقوله: { أو التابعين غير أولي الاربة من الرجال } الاربة هي الحاجة، والمراد به الشهوة التي تحوج إلى الازدواج، { من الرجال } بيان للتابعين، والمراد بهم كما تفسره الروايات البله المولى عليهم من الرجال ولا شهوة لهم.

وقوله: { أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء } أي جماعة الأطفال - واللام للاستغراق - الذين لم يقووا ولم يظهروا - من الظهور بمعنى الغلبة - على أمور يسوء التصريح بها من النساء، وهو - كما قيل - كناية عن البلوغ.

وقوله: { ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن } ذلك بتصوت أسباب الزينة كالخلخال والعقد والقرط والسوار.

وقوله: { وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون } المراد بالتوبة - على ما يعطيه السياق - الرجوع إليه تعالى بامتثال أو امره والانتهاء عن نواهيه وبالجملة اتباع سبيله.

__________________

1- تفسير الميزان  الطباطبائي، ج15 ، ص89-91.

 

تفسير الامثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هاتين  الآيتين (1) :

مكافحة السفور وخائنة الاعين:

قلنا في البداية: إنّ هذه السورة ـ في الحقيقة ـ اختصت بالعفة والطهارة وتطهير الناس من جميع الإنحرافات الجنسية، وبحوثها منسجمة، وهي تدور حول الأحكام الخاصّة بالنظر إلى الإجنبية والحجاب، ولا يخفى على أحد ارتباط هذا البحث بالبحوث الخاصّة بالقذف.

تقول الآية أوّلا: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم}.

وكلمة «يغضوا» مشتقّة من «غضّ» من باب «ردّ» وتعني في الأصل التنقيص، وتطلق غالباً على تخفيض الصوت وتقليل النظر. لهذا لم تأمر الآية أن يغمض المؤمنون عيونهم. بل أمرت أن يغضّوا من نظرهم. وهذا التعبير الرائع جاء لينفي غلق العيون بشكل تام بحيث لا يعرف الإِنسان طريقه بمجرّد مشاهدته امرأة ليست من محارمه، فالواجب عليه أن لا يتبحّر فيها، بل أن يرمي ببصره إلى الأرض، ويصدق فيه القول أنه غضَّ من نظره وأبعد ذلك المنظر من مخيلته.

وممّا يلفت النظر أنّ القرآن الكريم لم يحدد الشيء الذي يستوجب غضّ النظر عنه. {أي أنه حذف متعلّق الفعل} ليكون دليلا على عموميته. أي غضّ النظر عن جميع الأشياء التي حرم الله النظر إليها.

ولكن سياق الكلام في هذه الآيات، وخاصّة في الآية التالية التي تتحدث عن قضية الحجاب، يوضح لنا جيداً أنها تقصدالنظر إلى النساء غيرالمحارم، ويؤكّد هذا المعنى سبب النّزول الذي ذكرناه(2) سابقاً.

ويتّضح لنا ممّا سبق أن مفهوم الآية السابقة ليس هو حرمة النظر الحاد إلى النساء غيرالمحارم، ليتصور البعض أنَّ النظر الطبيعي إلى غير المحارم مسموح به، بل إن نظر الإنسان يمتدّ إلى حيّز واسع ويشمل دائره واسعة، فإذا وجد امرأة من غير المحارم عليه أن يخرجها عن دائرة نظره. وألاّ ينظر إليها، ويواصل السير بعين مفتوحة، وهذا هو مفهوم غضّ النظر. (فتأملوا جيداً).

الحكم الثّاني في الآية السابقة: هو «حفظ الفروج». و«الفرج» ـ كما قلنا سابقاً ـ يعني الفتحة والفاصلة بين شيئين، إلاّ أنّها هنا ورد كناية عن العورة.

والقصد من حفظ الفرج ـ كما ورد في الأحاديث ـ هو تغطيته عن الأنظار، وقد جاء في حديث عن الإمام الصادق{عليه السلام} قوله: «كلّ آية في القرآن فيها ذكر الفروج فهي من الزنا، إلاّ هذه الآية فإنّها من النظر»(3).

إن الإسلام نهى عن هذا العمل المندفع مع الأهواء النفسية والشهوات، لأنّ {ذلك أزكى لكم} كُما نصّت عليه الآية ـ موضع البحث ـ في ختامها.

ثمّ تحذر الآية أُولئك الذين ينظرون بشهوة إلى غير محارمهم، ويبررون عملهم هذا بأنّه غير متعمّد فتقول: {إنّ الله خبير بما تصنعون}.

وتناولت الآية التالية شرح واجبات النساء في هذا المجال، فأشارت أوّلا إلى الواجبات التي تشابه ما على الرجال، فتقول: {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن}.

وبهذا حرم الله النظر بريبة على النساء أيضاً مثلما حرّمه على الرجال، وفرض تغطيه فروجهن عن أنظار الرجال والنساء مثلما جعل ذلك واجباً على الرجال.

ثمّ أشارت الآية إلى مسألة الحجاب في ثلاث جمل:

1 ـ {ولا يبدين زينتهن إلاّ ما ظهر منها}.

اختلف المفسّرون في تفسير الزينة التي تجب تغطيتها، والزينة الظاهرة التي يسمح بإظهارها.

فقال البعض: إنّ الزينة المخفية هي الزينة الطبيعية في المرأة {جمال جسم المرأة} في حين أن استخدام هذه الكلمة بهذا المعنى قليل.

وقال آخرون: إنّها تعني موضع الزينة: لأن الكشف عن أداة الزينة ذاتها كالعضد والقلادة مسموح به، فالمنع يخصُ موضعها، أي اليدين والصدر مثلا.

وقال آخرون: خصّ المنع أدوات الزينة عندما تكون على الجسم، وبالطبع يكون الكشف عن هذه الزينة مرادفاً للكشف عن ذلك الجزء من الجسم. {و هذين التّفسيرين الأخيرين لهما نتيجة واحدة على الرغم من متابعة القضية عن طريقين مختلفين}.

والحق أنّنا يجب أن نفسر الآية على حسب ظاهرها ودون حكم مسبّق، وظاهرها هو التّفسير الثّالث.

وعلى هذا، فلا يحق للنساء الكشف عن زينتهن المخفية، وإن كانت لا تُظهر أجسامهن، أي لا يجوز لهن الكشف عن لباس يتزيّن به تحت اللباس العادي أو العباءة، بنصّ القرآن الذي نهاهنَّ عن ذلك.

وذكرت الأحاديث التي رُويت عن أهل البيت{عليهم السلام} هذا المعنى، فقد فسّروا الزينة المخفية بالقلادة والدملج {حلي يشدُّ أعلى الساعد} والخلخال{4}.

وقد فسّرت أحاديث عديدةُ أُخرى الزينة الظاهرة بالخاتم والكحل وأمثاله، لهذا نفهم بأنّ المراد من الزينة المخفية الزينة التي تحت الحجاب {فتأملوا جيداً}.

2 ـ وثاني حكم ذكرته الآية هو: {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} وكلمة «خُمُر» جمع «خِمار» على وزن «حجاب» في الأصل تعني «الغطاء»، إلاّ أنّه يطلق بصورة اعتيادية على الشيء الذي تستخدمه النسوة لتغطية رُؤوسهن.

و«الجيوب» جمع «جيب» على وزن «غيب» بمعنى ياقة القميص، وأحياناً يطلق على الجزء الذي يحيط بأعلى الصدر لمجاورته الياقة.

ويستنتج من هذه الآية أنّ النساء كنّ قبل نزولها، يرمين أطراف الخمار على أكتافهن أو خلف الرأس بشكل يكشفن فيه عن الرقبة وجانباً من الصدر، فأمرهن القرآن برمي أطراف الخمار حول أعناقهن أي فوق ياقة القميص ليسترن بذلك الرقبة والجزء المكشوف من الصدر. {ويستنتج هذا المعنى أيضاً عن سبب نزول الآية الذي ذكرناه آنفاً}.

3 ـ وتشرح الآية في حكمها الثّالث الحالات التي يجوز للنساء فيها الكشف عن حجابهنّ وإظهار زينتهنّ، فتقول {ولا يبدين زينتهن إلاّ}.

1 ـ {لبعولتهن}.

2 ـ {أو آبائهن}.

3 ـ {أو آباء بعولتهن}.

4 ـ {أو أبنائهن}.

5 ـ {أو أبناء بعولتهن}.

6 ـ {أو إخوانهن}.

7 ـ {أو بني إخوانهن}.

8 ـ {أو بني أخواتهن}.

9 ـ {أو نسائهن}.

10 ـ {أو ما ملكت أيمانهن}.

11 ـ {أو التابعين غير أولي الإِربة من الرجال} أي الرجال الذين لا رغبة جنسية عندهم أصلا بالعنن أو بمرض غيره.

12 ـ {أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء}.

4 ـ وتبيّن الآية رابع الأحكام فتقول {ولا يضربن بأرجلهنّ ليعلم ما يخفين من زينتهنّ} أي على النساء أن يتحفّظن كثيراً، ويحفظن عفّتهنّ، ويبتعدن عن كلّ شيء يثير نار الشهوة في قلوب الرجال، حتى لا يتهمن بالإِنحراف عن طريق العفة.

ويجب أن يراقبن تصرفهن بشدّة بحيث لا يصل صوت خلخالهن إلى آذان غير المحارم، وهذا كله يؤكّد دقّة نظر الإسلام إلى هذه الأُمور.

وإنتهت الآية بدعوة جميع المؤمنين رجالا ونساءً إلى التوبة والعودة إلى الله ليفلحوا {وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون} وتوبوا أيّها الناس ممّا ارتكبتم من ذنوب في هذا المجال، بعدما اطلعتم على حقائق الأحكام الإسلامية، وعودوا إلى الله لتفلحوا، فلا نجاة لكم من كلّ الإنحرافات الخطرة إلاّ بلطف من الله ورحمته، فسلّموا أمركم إليه!

صحيح أنّه لا معنى للذنوب والمعاصي ـ في هذه المسألة ـ قبل نزول هذه الأحكام من الله، إلاّ أنّنا نعلم بأنّ قسماً من المسائل الخاصّة بالإنحطاط الخلقي ذا جانب عقلاني وكما في الإصطلاح أنها من «المستقلات العقلية» ويكفي لوحده في تحديد المسؤولية.

 

________________
1- تفسير الامثل ، مكارم الشيرازي، ج7،ص60-63.

2 ـ اختلف المفسّرون في تعليل وجود «من»في جملة (يغضوا من أبصارهم) فقال بعضهم إنّها للتبعيض وقيل: إنّها زائدة، وقيل: ابتدائية. ولكن الظاهر هو المعنى الأوّل.

3 ـ أصول الكافي، وتفسير علي بن إبراهيم (وفق ما نقله نورالثقلين المجلد الثالث، صفحة 587، 588).

4 ـ تفسير على بن إبراهيم لآخر الآية موضع البحث.

 

 




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .