أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-2-2020
4153
التاريخ: 26-1-2020
2970
التاريخ: 29-12-2019
1520
التاريخ: 7-1-2020
2274
|
عندما بايع المسلمون علياً عليه السلام دعا جرير المسلمين عنده الى بيعته ووفد اليه قال في أعيان الشيعة:4/73: «كتب (علي عليه السلام) إلى جرير بن عبد الله البجلي مع زحر بن قيس، وكان جرير عاملاً لعثمان على ثغر همدان، يخبره بوقعة الجمل ونكثهم بيعته، وفعلهم بعامله عثمان بن حنيف وعفوه عنهم، ومسيره إلى الكوفة. فخطبهم جرير فقال: أيها الناس، هذا كتاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وهو المأمون على الدين والدنيا، وقد كان أمره وأمر عدوه ما نحمد الله عليه، وقد بايعه السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والتابعين بإحسان ولو جعل هذا الأمر شورى بين المسلمين كان أحقهم بها. ألا وإن البقاء في الجماعة والفناء في الفرقة، وعليٌّ حاملكم على الحق ما استقمتم فإن ملتم أقام ميلكم. فقال الناس: سمعاً وطاعةً، رضينا. فأجاب جرير وكتب جواب كتابه بالطاعة.. وقال جرير في ذلك:
أتانا كتاب عليٍّ فلم *** نردَّ الكتاب بأرض العجم
ولم نعصِ ما فيه لمَّا أتى *** ولما نُضام ولما نُلَم
ونحن ولاةٌ على ثغرها *** نضيم العزيز ونحمي الذمم
نساقيهم الموت عند اللقاء *** بكأس المنايا ونشفي القرم
طحناهم طحنةً بالقنا *** وضرب سيوف تطير اللمم
مضينا يقيناً على ديننا *** ودين النبي مجلي الظلم
أمين الإله وبرهانه *** وعدل البرية والمعتصم
رسول المليك ومِن بعده *** خليفتنا القائم المدَّعم
علياً عنيت وصيَّ النبي *** نجالد عنه غواة الأمم
له الفضل والسبق والمكرمات *** وبيتُ النبوة لا يهتضم
قال: ثم أقبل جرير سائراً من ثغر همذان حتى ورد على علي عليه السلام بالكوفة، فبايعه ودخل فيما دخل فيه الناس من طاعة علي عليه السلام واللزوم لأمره». وكتاب صفين لنصر بن مزاحم/7، والإمامة والسياسة:1/82، وجمهرة خطب العرب:1/308.
وبعثه علي عليه السلام الى معاوية يدعوه أن يدخل فيما دخل فيه المسلمون ويبايعه، قال الطبري:3/560: «وجه علي عند منصرفه من البصرة إلى الكوفة وفراغه من الجمل، جرير بن عبد الله البجلي إلى معاوية يدعوه إلى بيعته، وكان جرير حين خرج علي إلى البصرة لقتال من قاتله بها بهمذان عاملاً عليها، كان عثمان استعمله عليها ، وكان الأشعث بن قيس على آذربيجان عاملاً عليها، كان عثمان استعمله عليها. فلما قدم علي الكوفة منصرفاً اليها من البصرة كتب إليهما يأمرهما بأخذ البيعة له على من قبلهما من الناس والإنصراف إليه ، ففعلا ذلك وانصرفا إليه ، فلما أراد علي توجيه الرسول إلى معاوية قال جرير بن عبد الله..إبعثني إليه فإنه لي وُدّ ، آتيه فأدعوه إلى الدخول في طاعتك .
فقال الأشتر لعلي: لا تبعثه فوالله إني لأظن هواه معه! فقال علي: دعه حتى ننظر ما الذي يرجع به إلينا. فبعثه إليه وكتب معه كتاباً يعلمه فيه اجتماع المهاجرين والأنصار على بيعته ونكث طلحة والزبير وما كان من حربه إياهما، ويدعوه إلى الدخول فيما دخل فيه المهاجرون والأنصار من طاعته ، فشخص إليه جرير ، فلما قدم عليه ماطله واستنظره ، ودعا عمراً (بن العاص) فاستشاره فيما كتب به إليه ، فأشار عليه أن يرسل إلى وجوه الشام ، ويُلزم علياً دم عثمان ويقاتله بهم ، ففعل ذلك معاوية .
وكان أهل الشام.. لما قدم عليهم النعمان بن بشير بقميص عثمان الذي قتل فيه مخضباً بدمه وبأصابع نائلة زوجته مقطوعة بالبراجم إصبعان منها وشئ من الكف، وإصبعان مقطوعتان من أصولهما ونصف الإبهام، وضع معاوية القميص على المنبر وكتب بالخبر إلى الأجناد وثاب إليه الناس ، وبكوا سنة وهو على المنبر والأصابع معلقة فيه ، وآلى الرجال من أهل الشام ألا يأتوا النساء ولا يمسهم الماء للغسل إلا من احتلام ولا يناموا على الفرش ، حتى يقتلوا قتلة عثمان ومن عرض دونهم بشئ أو تفنى أرواحهم !
فمكثوا حول القميص سنة والقميص يوضع كل يوم على المنبر، ويجلله أحياناً فيلبسه، وعلق في أردانه أصابع نائلة، فلما قدم جرير بن عبد الله على علي فيما حدثني عمر بن شبة قال: حدثنا أبو الحسن عن عوانة، فأخبره خبر معاوية واجتماع أهل الشأم معه على قتاله، وأنهم يبكون على عثمان ويقولون إن علياً قتله وآوى قتلته، وإنهم لا ينتهون عنه حتى يقتلهم أو يقتلوه .
فقال الأشتر لعلي: قد كنت نهيتك أن تبعث جريراً وأخبرتك بعداوته وغشه، ولو كنت بعثتني كان خيراً من هذا ، الذي أقام عنده حتى لم يدع باباً يرجو فتحه إلا فتحه ، ولا باباً يخاف منه إلا أغلقه !
فقال جرير: لو كنت ثَمَّ لقتلوك ، لقد ذكروا أنك من قتلة عثمان !
فقال الأشتر: لو أتيتهم والله يا جرير لم يُعْينِي جوابهم ، ولحملت معاوية على خطة أعجله فيها عن الفكر ، ولو أطاعني فيك أمير المؤمنين عليه السلام لحبسك وأشباهك في محبس لا تخرجون منه ، حتى تستقيم هذه الأمور !
فخرج جرير بن عبد الله إلى قرقيسياء، وكتب إلى معاوية، فكتب إليه يأمره بالقدوم عليه، وخرج أمير المؤمنين فعسكر بالنخيلة، وقدم عليه عبد الله بن عباس بمن نهض معه من أهل البصرة».
أقول: صرح جرير في كلامه وشعره بعقيدته في علي عليه السلام وأنه وصي النبي‘، فكان عقله مع علي عليه السلام وهواه مع معاوية، وذلك لضعف إيمانه، مع أنه صرح برأيه السلبي في معاوية. وعندما كان مبعوثاً من علي عليه السلام في الشام، كانت له مواقف ضعيفة ومواقف قوية، منها ما كتبه الى شرحبيل بن السمط وهو من أركان معاوية:
شرحبيل يا ابن الصمت لا تتبع الهوى *** فما لك في الدنيا من الدين من بدل
وقل لابن حرب ما لك اليوم حرمة *** تروم بها ما رمت فاقطع له الأمل
شرحبيل ان الحق قد جد جده *** وأنك مأمون الأديم من النغَل
فأوردْ ولا تُفرط بشئ نخافه *** عليك ولا تعجل فلا خير في العجل
ولا تك كالمجري إلى شر غاية *** فقد خرق السربال واستنوق الجمل
وقال ابن هند في علي عُضَيْهَةً *** ولله في صدر ابن أبي طالب أجل
وما لعلي في ابن عفان سقطة *** بأمر ولا جلْبٍ عليه ولا قتل
وما كان إلا لازماً قعر بيته *** إلى أن أتى عثمان في بيته الأجل
فمن قال قولاً غير هذا فحسبه *** من الزور والبهتان قول الذي احتمل
وصي رسول الله من دون أهله *** وفارسه الحامي به يضرب المثل
فلما قرأ شرحبيل الكتاب ذُعر وفكر وقال: هذه نصيحة لي في ديني ودنياي، ولا والله لا أعجل في هذا الأمر بشئ. وفي نفسي منه! فلفَّفَ له معاوية الرجال يدخلون اليه ويخرجون، ويُعظمون عنده قتل عثمان ويرمون به علياً عليه السلام! ويقيمون الشهادة الباطلة والكتب المختلفة، حتى أعادوا رأيه وشحذوا عزمه! وذلك لما سبق في علم الله من شقائه». «أعيان الشيعة:4/73).
ويظهر أن جريراً كان يحب أن يلتحق بمعاوية ويكون معه في صفين قائداً أو مشاوراً ، خاصة أنه كتب له يدعوه للحضور اليه ، لكنه اصطدم برأي قبيلته بجيلة التي أجمعت على نصرة علي عليه السلام وحرب معاوية ، فقرر أن يعتزل الطرفين ! واتخذ من توبيخ الأشتر وشتمه له مبرراً لذلك!
قال نصر بن مزاحم في كتاب صفين/60: «فلما سمع جرير ذلك لحق بقرقيسيا ولحق به أناس من قسر من قومه(قسر بطن صغير من بجيلة) ولم يشهد صفين من قسر غير تسعة عشر ، ولكن أحمس (بطن من بجيلة وهم كثرة وفرسان) شهدها منهم سبع مائة رجل ! وخرج علي إلى دار جرير فشعث منها، وحرق مجلسه(فقط) وخرج أبو زرعة بن عمر بن جرير فقال: أصلحك الله ، إن فيها أرضاً لغير جرير ، فخرج على منها إلى دار ثوير بن عامر فحرقها وهدم منها(مجلسه) وكان ثوير رجلاً شريفاً وكان قد لحق بجرير . وقال الأشتر فيما كان من تخويف جرير إياه بعمرو، وحوشب ذي ظليم ، وذي الكلاع:
لعمرُك يا جرير لَقولُ عَمْرٍ *** وصاحبه معاويةُ الشآمي
وذي كلع وحوشبَ ذي ظليمٍ *** أخفُّ عليَّ من زفِّ النعام
إذا اجتمعوا عليَّ فخلِّ عنهم *** وعن بازٍ مخالبه دوام
فلستُ بخائف ما خوفوني *** وكيف أخاف أحلامَ النيام
وهمُّهمُ الذين حاموا عليه *** من الدنيا ، وهمي ما أمامي
فإن أسلم أعمُّهم بحربٍ *** يشيبُ لهولها رأس الغلام
وإن أهلك فقد قدمتُ أمراً *** أفوز بفلجةٍ يوم الخصام
وقد زأروا إليَّ وأوعدوني *** ومن ذا مات من خوف الكلام»
أقول: لاحظ أن أمير المؤمنين عليه السلام أحرق من بيت جرير وثوير غرفة مجلسهما فقط، وكأنه يقصد مركز الفساد والنفاق في منزليهما .
كما كان الوجهاء ورؤساء العشائر يتخذون في دورهم أو أحيائهم مساجد، وكان المنافقون أمثال الأشعث وجرير يتذخونها مساجد ضرار، فسماها أمير المؤمنين عليه السلام المساجد الملعونة في الكوفة!
قال الإمام الباقر عليه السلام: « إن بالكوفة مساجد ملعونة ومساجد مباركة.. وأما المساجد الملعونة فمسجد ثقيف، ومسجد الأشعث، ومسجد جرير، ومسجد سماك، ومسجد بالخمراء بُنِيَ على قبر فرعون من الفراعنة. وروي أنها المساجد التي فرح أهلها بقتل الحسين عليه السلام). (الكافي:3/490، والخمراء: هي باخمرى قرية قرب الكوفة، وفيها قبر ابراهيم بن عبد الله بن الحسن ).
وكان جرير يبغض علياً عليه السلام، وقد حرَّف حديث الغدير فأضاف فيه مدح أبي بكر وعمر! وزعم أن النبي (صلى الله عليه وآله) أخذ بذراع علي عليه السلام يوم الغدير، وقال: من يكن الله ورسوله مولاه، فإن هذا مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه. اللهم من أحبّه من الناس فكن له حبيباً، ومن أبغضه فكن له مبغضاً. اللهم إنّي لا أجد أحداً استودعه في الأرض بعد العبدين الصالحين. أي أبا بكر وعمر!
وكان جرير والأشعث بن قيس وابن حريث وعدة من مترفي الكوفة وشخصياتها المنافقة، يتنزهون ويشربون، وقد سخروا من أمير المؤمنين عليه السلام وبايعوا ضباً بإمرة المؤمنين! (رجال الطوسي/33، والنجاشي/71، ومعجم السيد الخوئي:4 /362، والوافي للصفدي:1/59 ، والنهاية:5/91).
وروى في مناقب آل أبي طالب:2/97، والخرائج:2/747: «بإسناده عن الأصبغ قال: أمرنا أمير المؤمنين بالمسير من الكوفة إلى المداين، فسرنا يوم الأحد وتخلف عنا عمرو بن حريث والأشعث بن قيس وجرير بن عبد الله البجلي، مع خمسة نفر فخرجوا إلى مكان بالحيرة يقال له الخورنق والسدير وقالوا: إذا كان يوم الجمعة لحقنا علياً قبل أن يجمع الناس، فصلينا معه . فبينا هم جلوس وهم يتغدون إذ خرج عليهم ضب فاصطادوه، فأخذه عمرو بن حريث فبسط كفه فقال: بايعوا هذا أمير المؤمنين! فبايعه الثمانية، ثم أفلتوه وارتحلوا وقالوا: إن علي بن أبي طالب يزعم أنه يعلم الغيب، فقد خلعناه وبايعنا مكانه ضباً !
فقدموا المداين يوم الجمعة، فدخلوا المسجد وأمير المؤمنين عليه السلام خطب على المنبر فقال×: يا أيها الناس، إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أسرَّ فيما أسرَّ إليَّ من العلم حديثاً فيه ألف باب، وكل باب يفتح منه ألف باب، وإني سمعت الله يقول: يَوْمَ نَدْعُواْ كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ.. وإني أقسم بالله قسماً حقاً ليبعثن يوم القيامة ثمانية نفر من عسكري هذا يدعون أنهم أصحابي، لحقوا بنا آنفاً، إمامهم ضبٌّ اصطادوه في طريقهم وبايعوه، ولو شئت أن أسميهم لفعلت! فتغيرت ألوانهم وارتعدت فرائصهم، وكان عمرو بن حريث ينتفض كما تنتفض السعفة جبناً وفرقاً» !
لكن بجيلة أخلصت ولاءها لأمير المؤمنين عليه السلام واستبدلت جريراً برفاعة، وقد شاركت مع علي عليه السلام في صفين فقد كان الأحمسيون الفرسان سبع مئة، وربما كان الباقون من بقية بطون بجيلة أكثر. بينما لم يكن منهم مع معاوية إلا قلة.
قال نصر في صفين/229: «وأمر (علي عليه السلام) كل قبيلة من أهل العراق أن تكفيه أختها من أهل الشام ، إلا قبيلة ليس منهم بالشام أحد ، مثل بجيلة لم يكن بالشام منهم إلا عدد يسير ، فصرفهم إلى لخم » . أي جعلهم مقابل قبيلة لخم .
وذكر في صفين /205، أن رئيسهم كان رفاعة بن شداد رضي الله عنه ، وهو فارس ، وفقيه ، وسيد قراء الكوفة ، وكان من كبار شيعة علي عليه السلام وشارك معه في حرب الجمل هو وكثير من البجليين . وهذا يدل على أن رئاسة بجيلة خرجت من يد جرير رغم ثروته من الفتوحات، وولايته لمنطقة همدان المهمة.
وقد روى النسائي وابن ماجة عن رفاعة، ووثقوه. وروى هو عن أستاذه الصحابي الجليل عمرو بن الحمق الخزاعي. (تهذيب التهذيب:3/243)
وقد ثبت رفاعة على التشيع بعد علي عليه السلام. وعندما قبض معاوية على حجر بن عدي وأصحابه، طلبه فهرب مع عمرو بن الحمق الى الموصل. ثم كان من رؤساء التوابين. ثم خرج مع المختار للطلب بدم الإمام الحسين عليه السلام. (راجع: أنساب الأشراف:5/272، و:6/364، والفتوح لابن الأعثم:2/462، والطبري:4/523).
نتيجة::
يتضح لك من سيرة جرير بن عبد الله البجلي، دوره الحقيقي في معارك الفتوحات، وأنه كان دوراً متوسطاً أو أقل، وقد ضخموه لأنه مرضي عند السلطة! على أنه يبقى أشجع من خالد وسعد، ويبقى دوره الميداني أكبر من أدوارهما المزعومة، لأن جريراً كان مقاتلاً أحياناً، بينما كان خالد وسعد سياسيين ، في ثوب فرسان !
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|