أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-04-2015
6260
التاريخ: 30-3-2016
3396
التاريخ: 30-3-2016
3249
التاريخ: 11-4-2016
3275
|
هو أبو يحيى عيسى بن زيد، و لقبه موتم الأشبال و ذلك لقتله أسدا له أشبال قعد على طريق الناس، فلقب بموتم الأشبال أي ميتّم أشبال الأسد، قد مدحه أبو الفرج مدحا بليغا و قال : و كان عيسى أفضل من بقي من أهله دينا و علما و ورعا و زهدا و تقشفا و أشدهم بصيرة في أمره و مذهبه مع علم كثير، و قد روى عن أبيه و جعفر بن محمد (عليهم السّلام) .
و كانت له منزلة خاصة عند سفيان الثوري فكان يحترمه و يعظمه كثيرا، و لكن في مدحه نظر لما ورد انّه أساء الادب بالنسبة الى امام زمانه جعفر الصادق (عليه السلام) و على أية حال، فقد حضر عيسى في جيش محمد و ابراهيم ابني عبد اللّه بن الحسن فلمّا قتلا اعتزل الناس و اختفى في بيت عليّ بن صالح بن حيّ بالكوفة و أخفى نسبه عن الناس حتى مات.
و في الايام التي كان مختفيا قال يحيى بن الحسين بن زيد وعلى قول صاحب عمدة الطالب، محمد بن محمد بن زيد قلت لأبي : يا أبة انّي اشتهي أن أرى عمي عيسى بن زيد فانّه يقبح بمثلي أن لا يلقى مثله من أشياخه، فدافعني عن ذلك مدّة و قال : انّ هذا أمر يثقل عليه و أخشى أن ينتقل عن منزله كراهية للقائك ايّاه فتزعجه.
فلم أزل به أداريه و الطف به حتى طابت نفسه لي بذلك، فجهزني الى الكوفة و قال لي : اذا صرت إليها فاسأل عن دور بني حيّ فإذا دللت عليها فاقصدها في السكة الفلانية و سترى في وسط السكة دارا لها باب صفته كذا و كذا فاعرفه و اجلس بعيدا منها في أوّل السكة، فانّه سيقبل عليك عند المغرب كهل طويل مسنون الوجه قد أثر السجود في جبهته عليه جبة صوف يستقي الماء على جمل و قد انصرف يسوق الجمل لا يضع قدما و لا يرفعها الّا ذكر اللّه عز و جل و دموعه تنحدر، فقم و سلّم عليه و عانقه فانّه سيذعر منك كما يذعر الوحش، فعرّفه نفسك و انتسب له، فانّه يسكن إليك و يحدثك طويلا و يسألك عنّا جميعا و يخبرك بشأنه و لا يضجر بجلوسك معه و لا تطل عليه و ودّعه فانّه سوف يستعفيك من العودة إليه فافعل ما يأمرك به من ذلك، فانّك إن عدت إليه توارى عنك و استوحش منك و انتقل عن موضعه و عليه في ذلك مشقة.
فقلت : أفعل كما أمرتني، ثم جهّزني الى الكوفة و ودعته و خرجت، فلمّا وردت الكوفة قصدت سكة بني حي بعد العصر، فجلست خارجها بعد أن تعرفت الباب الذي نعته لي، فلمّا غربت الشمس إذ أنا به قد أقبل يسوق الجمل و هو كما وصف لي أبي لا يرفع قدما و لا يضعها الّا حرك شفتيه بذكر اللّه و دموعه ترقرق في عينيه و تذرف أحيانا.
فقمت فعانقته فذعر منّي كما يذعر الوحش من الانس، فقلت : يا عم أنا يحيى بن الحسين بن زيد ابن أخيك، فضمّني إليه و بكى حتى قلت قد جاءت نفسه، ثم أناخ جمله و جلس معي فجعل يسألني عن أهله رجلا رجلا و امرأة امرأة و صبيا صبيا و أنا أشرح له أخبارهم و هو يبكي.
ثم قال : يا بني أنا أستقي على هذا الجمل الماء فاصرف ما اكتسب، يعني من أجرة الجمل الى صاحبه و أتقوت باقيه و ربما عاقني عائق عن استقاء الماء فأخرج الى البرية، يعني بظهر الكوفة، فالتقط ما يرمي الناس به من البقول فأتقوته.
و قد تزوّجت الى هذا الرجل ابنته و هو لا يعلم من أنا الى وقتي هذا، فولدت منّي بنتا فنشأت و بلغت و هي أيضا لا تعرفني و لا تدري من أنا، فقالت لي أمها : زوج ابنتك بابن فلان السقاء لرجل من جيراننا يسقي الماء فانّه أيسر منّا و قد خطبها، و ألحّت عليّ فلم أقدر على أخبارها بانّ ذلك غير جائز و لا هو بكفء لها فيشيع خبري، فجعلت تلح عليّ فلم أزل استكفي اللّه أمرها حتى ماتت بعد أيام فما أجدني آسي على شيء من الدنيا أساي على انّها ماتت و لم تعلم بموضعها من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) .
قال : ثم أقسم عليّ أن انصرف و لا أعود إليه و ودعني، فلمّا كان بعد ذلك صرت الى الموضع الذي انتظرته فيه لأراه فلم أره و كان آخر عهدي به .
روى أبو الفرج عن خصيب الوابشي و كان من أصحاب زيد بن عليّ و كان خصيصا بعيسى بن زيد، قال : استتر عيسى بن زيد بالكوفة في دار عليّ بن صالح بن حيّ، فكنّا نصير إليه حال خوف و ربّما صادفناه في الصحراء يستقي الماء على جمل لرجل من أهل الكوفة، فيجلس معنا و يحدّثنا.
و كان يقول لنا : و اللّه لوددت انّي آمن عليكم هؤلاء فأطيل مجالستكم فأتزود من محادثتكم و النظر إليكم، فو اللّه انّي لأتشوقكم و اتذكركم في خلوتي و على فراشي عند مضجعي، فانصرفوا لا يشهر موضعكم و امركم فيلحقكم معرة و ضرر .
و كان لعيسى نفر من خواصه و أصحاب سرّه، هم ابن علاق الصيرفي و حاضر و صباح الزعفراني و كان المهدي في صدد أخذهم و حبسهم بعد ما أيس من العثور على عيسى، فظفر بعد مدّة بحاضر فحبسه و قرره و رفق به و اشتد عليه ليعرفه موضع عيسى فلم يفعل، فقتله.
ثم مات عيسى و خلّف ابنان له يتيمان و أخذ صباح بكفالتهما، و قيل انّ صباح قال للحسن بن صالح : أ ما ترى هذا العذاب و الجهد الذي نحن فيه بغير معنى قد مات عيسى بن زيد و مضى
لسبيله و انما نطلب خوفا منه فإذا علم انّه قد مات أمنوه و كفوا عنّا، فدعني آتي هذا الرجل- يعني المهدي- فأخبره بوفاته حتى نتخلّص من طلبه لنا و خوفنا منه.
فقال : لا و اللّه لا تبشر عدو اللّه بموت وليّ اللّه ابن نبيّ اللّه، و لا نقر عينه فيه و نشمته به، فو اللّه لليلة نبيتها خائفا منه أحبّ إليّ من جهاد سنة و عبادتها.
قال صباح : و مات الحسن بن صالح بعده بشهرين فأخذت أحمد بن عيسى و أخاه زيدا فجئت بهما الى بغداد فجعلتهما في موضع أثق به عليهما ثم لبست أطمارا و جئت الى دار المهدي.
فاستأذنت الدخول على الخليفة و قلت أنا صباح الزعفراني، فأذن لي و أدخلت عليه فقال : أنت صباح الزعفراني؟ قلت : نعم، قال : فلا حياك اللّه و لا بياك و لا قرب دارك يا عدو اللّه أنت الساعي على دولتي و الداعي الى أعدائي؟
فقلت : اني جئتك مبشرا و معزيا، قال : مبشرا بما ذا و معزيا بمن؟
قلت : اما البشرى فبوفاة عيسى بن زيد و اما التعزية ففيه لأنّه ابن عمك و لحمك و دمك، فحوّل وجهه الى المحراب و سجد و حمد اللّه ثم أقبل عليّ و قال : منذ كم مات؟ قلت : منذ شهرين، قال : فلم لم تخبرني بوفاته الّا الآن؟
قلت : منعني الحسن بن صالح و الآن مات و لو لا ذلك ما وصل إليك الخبر ما دام حيّا، فسجد سجدة أخرى و قال : الحمد للّه الذي كفاني أمره فلقد كان أشدّ الناس عليّ، ثمّ قال : سلني ما شئت فو اللّه لأغنينّك و لا رددتك عن شيء تريده.
قلت : و اللّه ما لي حاجة و لا أسألك شيئا الّا حاجة واحدة، قال : و ما هي؟ قلت : ولد عيسى بن زيد، و اللّه لو كنت أملك ما أعولهم به ما سألتك في أمرهم و لا جئتك بهم، فذكرت له شيئا من حالهم ثم قلت : و أنت أولى الناس بصيانتهم و أحق بحمل ثقلهم فهم لحمك و دمك و أيتامك و أهلك.
قال : فبكى حتى جرت دموعه ثم قال : إذا يكونون و اللّه عندي بمنزلة ولدي لا أوثرهم عليهم بشيء فأحسن اللّه يا هذا جزاءك عنّي و عنهم، فلقد قضيت حق أبيهم و حقوقهم و خففت عنّي ثقلا و أهديت إليّ سرورا عظيما.
قلت : و لهم امان اللّه و رسوله و امانك و ذمتك و ذمة آبائك في أنفسهم و أهليهم و اصحاب أبيهم أن لا تتبع أحدا منهم و لا تطلبه؟ قال : ذلك لك و لهم من امان اللّه و أماني و ذمتي و ذمة آبائي، فاشترط ما شئت، فاشترطت عليه و استوثقت حتى لم يبق في نفسي شيء.
ثم قال : يا حبيبي و ايّ ذنب لهؤلاء و هم أطفال صغار، و اللّه لو كان أبوهم بموضعهم حتى يأتيني أو أظفر به ما كان له عندي الّا ما يحب فكيف بهؤلاء، اذهب يا هذا فجئني بهم و اسألك بحقي أن تقبل منّي صلة تستعين بها على معاشك.
قلت : اما هذا فلا، و خرجت فجئته بهم فضمهم إليه و أمر لهم بكسوة و منزل و جارية تحضنهم و مماليك يخدمونهم، و كنت اتعهدهم فأعرف أخبارهم فلم يزالوا في دار الخلافة الى أن قتل محمد الأمين فخرج أحمد بن عيسى فتوارى و كان أخوه زيد مرض قبل ذلك و مات .
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|