أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-2-2020
632
التاريخ: 8-2-2020
809
التاريخ: 20-11-2014
1069
التاريخ: 5-2-2020
4714
|
إن الله جل شأنه قد اقتضت حكمته ولطفه بعباده - في دلالتهم على مقام إلهيته في علمه و قدره وإرادته - أن يجعل نظام العالم - في أحواله وأدواره ومواليده - مبنيا - نوعا - على قوانين الأسباب والتسبيب في المسببات، المرتبطة بالغايات والحكم، والدالة على قصدها.
وهو الخالق للسبب والمسبب، والجاعل للتسبيب، وبيده الأسباب وتسبيباتها، في وجودها وبقائها وتأثيرها، وتحكيم بعضها على بعض، فقد يعدم السبب، وقد يبطل تأثيره، وقد يمنع تأثيره بسبب آخر، وقد يعدم ما يحسب الناس أنه موضوع القانون المقرر ويقيم غيره مقامه.
وهذا هو مقام البداء والمحو والإثبات، وهو - جل شأنه - عالم منذ الأزل بما تؤدي إليه مشيئته من المحو والإثبات، وهذا العلم هو " أم الكتاب " .
فالمحو إنما هو لما له نحو ثبوتي بتقدير الأسباب وتسبيباتها، وسيرها في التسبيب.
وعلى ذلك يجري ما روي في " أصول الكافي " في صحيفة هشام وحفص، عن أبي عبد الله عليه السلام: " هل يمحى إلا ما كان ثابتا؟!... " الرواية (1).
إذ لا يعقل محو ما هو ثابت الوقوع بعينه في علم الله وأم الكتاب.
وأما كون المراد من المحو هو إفناء الموجود، ومن الإثبات إيجاد المعدوم أو إبقاء الموجود - كما ذكر في صدر السؤال (2) -:
فيدفعه أولا: أنه خلاف ظاهر الآية الكريمة وسوقها، لأن استعمال المحو ومقابلته بأم الكتاب إنما يناسب مقام التسجيل والكتابة، التي هي كناية عن التقدير والتسجيل بسير الأسباب - وإن كان نوعيا -.
ولا يناسب في المقام إفناء العين الموجودة ، مضافا إلى أنه عند إرادة الإفناء لا يبقى لقوله تعالى: " وعنده أم الكتاب " معنى تأسيسي ترتبط به أطراف الكلام في الآية، و يناسب ذكر المحو والإثبات، كما لا ينبغي أن يخفى.
ويدفعه ثانيا: احتجاج الإمام عليه السلام بهذه الآية للبداء، وكذا الكثير من استشهادات الأئمة بهذه الآية.
وأما البداء فهو بمعنى الظهور. مأخوذ من : بدا يبدو بدوا وبدوا وبداءة وبداء و بدوء، فيقال: فلان بدا له في الرأي، أي ظهر له ما كان مخفيا عنه، وفلان برز فبدا له من الشجاعة ما كان مخفيا عن الناس (3).
فمعنى " بدا " في المثالين واحد، ولكن الاختلاف فيهما جاء من ناحية اللام وربطها للظهور. فالبداء المنسوب إلى الله جل شأنه إنما هو بمعنى المثال الثاني. أي: ظهر لله من المشيئة ما هو مخفي على الناس، وعلى خلاف ما يحسبون.
هذا ما يقتضيه العقل.
ويشهد له من صريح الأحاديث ما رواه في " أصول الكافي " في صحيح عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام:
" ما بدا الله في شئ إلا كان في علمه قبل ى أن يبدو له " (4).
ورواية عمرو بن عثمان، عنه عليه السلام :
" إن الله لم يبد له من جهل " (5).
وصحيحة فضيل - الآتية - عن أبي جعفر عليه السلام.
وصحيفة منصور بن حازم: " سألت أبا عبد الله عليه السلام: هل يكون اليوم شئ لم يكن في علم الله بالأمس؟
قال عليه السلام: لا من قال هذا فأخزاه الله.
قلت: أرأيت ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة، أليس في علم الله؟!
قال عليه السلام: بلى، قبل أن يخلق الخلق " (6).
______________________
(1) الكافي ١ / ١١٤ ح ٢، وتتمته: وهل يثبت إلا ما لم يكن؟!
(2) - يشير المؤلف - نور الله مرقده - إلى ورود سؤال عن " البداء " إليه، وإلى تحرير هذه الرسالة جوابا عن ذلك السؤال.
(3)- أنظر مادة " بدا " من: لسان العرب ١٤ / ٦٥ والصحاح ٦ / 2278.
(4) الكافي ١ / ١١٤ ح ٩.
(5) الكافي ١ / ١١٥ ح ١٠.
(6) الكافي ١ / 115 ح 11 .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|