المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01

Transitive and Intransitive Verbs
8-4-2021
في اللهجات العربية
18-7-2016
الدلاليون العرب المحدثون
4-05-2015
Erasmus Bartholin
19-1-2016
نظرية تحول العقد
4/9/2022
distinctiveness (n.)
2023-08-15


الترديد  
  
1595   04:56 مساءاً   التاريخ: 25-03-2015
المؤلف : ابن رشيق القيرواني
الكتاب أو المصدر : العمدة في محاسن الشعر وآدابه
الجزء والصفحة : ص109-110
القسم : الأدب الــعربــي / البلاغة / البديع /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-03-2015 8526
التاريخ: 25-03-2015 1748
التاريخ: 26-09-2015 2015
التاريخ: 25-03-2015 3921

وهو أن يأتي الشاعر بلفظة متعلقة بمعنى، ثم يردها بعينها متعلقة بمعنى آخر في البيت نفسه، أو في قسيم منه، وذلك نحو قول زهير:

من يلق يوماً على علاته هرماً ... يلق السماحة منه والندى خلقاً

فعلق يلق بهرم، ثم علقها بالسماحة. وكذلك قوله أيضاً:

ومن هاب أسباب المنايا ينلنه ... ولو رام أسباب السماء بسلم

فردد أسباب على ما بينت. ولبعض الحجازيين:

ومن لامني فيهم حبيب وصاحب ... فرد بغيظٍ صاحب وحميم

وقال مجنون بني عامر:

قضاها لغيري وابتلاني بحبها ... فهلا بشيء غير ليلى ابتلانيا

وقال أبو تمام:

خفت دموعك في إثر القطين لدن ... خفت من الكثب القضبان والكثب

الترديد في خفت ولو جعلت الكثيب ترديداً لجاز.. وقال ابن المعتز:

لو شئت لا شئت خليت السلو له ... وكان لا كان منكم في معافاتي

وقال أيضاً في مثل ذلك:

أتعذلني في يوسفٍ وهو من ترى ... ويوسف أضناني ويوسف يوسف

ولبعضهم وأظنه الصنوبري:

أنت عذري إذا رأوك، ولكن ... كيف عذري إذا رأوك تخون

الترديد في قوله " إذا رأوك " .. وقال أبو الطيب وأحسن ما شاء:

أمير أمير عليه الندى ... جواد بخيل بأن لا يجودا

الترديد في أول البيت، وهذا نوع في أشعار المحدثين أكثر منه في أشعار القدماء جداً.

والعلماء بالشعر مجمعون على تقديم أبي حية النميري وتسليم فضيلة هذا الباب إليه في قوله:

ألا حي من أجل الحبيب المغانيا ... لبسن البلى مما لبسن اللياليا

إذا ما تقاضى المرء يوماً وليلة ... تقاضاه شيء لا يمل التقاضيا

والترديد الذي انفرد فيه بالإحسان عندهم قوله لبسن البلى مما لبسن اللياليا وكذلك قوله إذا ما تقاضى المرء يوماً وليلة ثم قال: تقاضاه شيء لا يمل التقاضيا لأن الهاء كناية عن المرء، وإن اختلف اللفظ.

ويلحق بهذا قول أبي نواس: لو مسها حجر مسته سراء وقول الحسين بن الضحاك الخليع:

لقد ملأت عيني بغير محاسن ... ملأن فؤادي لوعةً وهموما

لقرب ما بين اللفظتين، وكذلك قول الطائي:

راح إذا ما الراح كان مطيها ... كانت مطايا الشوق في الأحشاء

ردد مطيها ومطايا الشوق. وعلى هذا يحمل قول الجحاف بن حكيم، وقيل: العباس بن مرداس:

تعرض للسيوف بكل ثغر ... وجوهاً لا تعرض للطسام

وحمل قوم قول امرئ القيس فثوباً لبست وثوباً أجر على أنه تكرار لا ترديد فيه، وهذا هو الخطأ البين، وأي ترديد يكون أحسن من هذا؟ وقد أفاد الثاني غير إفادة الأول حسب ما شرطوا.

ومثله قول بعض الأعراب في مدح هارون الرشيد:

جهير الكلام جهير العطاس ... جهير الرواء جهير النغم

ومن أملح ما سمعته قول ابن العميد:

فإن كان مسخوطاً فقل شعر كاتب ... وإن كان مرضياً فقل شعر كاتب

وهو داخل عندي في باب الترديد؛ إذ كان قوله عند السخط شعر كاتب إنما معناه التقصير به، وبسط العذر له؛ إذ ليس الشعر من صناعته كما حكى ابن النحاس أنهم يقولون " نحو كتابي " إذا لم يكن مجوداً، وقوله عند الرضا شعر كاتب إنما معناه التعظيم له، وبلوغ النهاية في الظرف والملاحة؛ لمعرفة الكتاب باختيار الألفاظ وطرق البلاغات، فقد ضاد وطابق في المعنى، وإن كان اللفظ تجنيساً مردداً.

وسمع أبو الطيب باستحسان هذا النوع فجعله نصب عينيه حتى مقته وزهد فيه، ولو لم يكن إلا بقوله:

فقلقلت بالهم الذي قلقل الحشا ... قلاقل عيشٍ كلهن قلاقل

فهذه الألفاظ كما قال كلهن قلاقل، ونحو ذلك قوله:

أسد فرائسها الأسود، يقودها ... أسد، تكون له الأسود ثعالبا

فما أدري كيف تخلص من هذه الغابة المملوءة أسوداً؟ ولا أقول إنه بيت شعر، وأين يقع هذا من قول غيره:

فصبح الوصال وليل الشباب ... وصبح المشيب وليل الصدود

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.