المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17607 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01

أبعاد الأرض
10-5-2016
سعد بن أبي عمران
9-10-2017
الإستصحاب
23-8-2016
Language attitudes today
2024-05-18
مشكلات المدن - مشكلة مياه الصرف الصحي Water Sanitary Disposal
8-6-2022
الدلالة والنحو
20-2-2019


تفسير آية (67-70) من سورة التوبة  
  
1693   02:15 صباحاً   التاريخ: 9-8-2019
المؤلف : إعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : .....
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف التاء / سورة التوبة /

 

قال تعالى : { الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (67) وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ (68) كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (69) أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [التوبة : 67 - 70] .

 

تفسير مجمع البيان

- ذكر الطبرسي في تفسير هذه الآيات (1) :

 

ثم ذكر سبحانه أحوال أهل النفاق ، فقال : {المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض} أي : بعضهم من جملة بعض ، وبعضهم مضاف إلى بعض في الاجتماع على النفاق والشرك ، كما تقول أنا من فلان وفلان مني ، أي : أمرنا واحد ، وكلمتنا واحدة . وقيل : معناه بعضهم على دين بعض ، عن الكلبي . وقيل : بعضهم من بعض على لحوق مقت الله بهم جميعا ، عن أبي مسلم {يأمرون بالمنكر} أي : بالشرك والمعاصي {وينهون عن المعروف} أي : عن الأفعال الحسنة التي أمر الله بها ، وحث عليها (ويقبضون أيديهم) أي : يمسكون أموالهم عن إنفاقها في طاعة الله ومرضاته ، عن الحسن ، وقتادة ، وقيل : معناه يمسكون أيديهم عن الجهاد في سبيل الله ، عن الجبائي {نسوا الله فنسيهم} أي : تركوا طاعته فتركهم في النار ، وترك رحمتهم وإثابتهم ، عن الأصم . وقيل : معناه جعلوا الله كالمنسي ، حيث لم يتفكروا في أن لهم صانعا يثيبهم ، ويعاقبهم ، ليمنعهم ذلك عن الكفر والأفعال القبيحة ، فجعلهم سبحانه في حكم المنسي عن الثواب ، وذكر ذلك لازدواج الكلام ، لأن النسيان لا يجوز عليه تعالى .

{إن المنافقين هم الفاسقون} أي : الخارجون عن الإيمان بالله ورسوله ، وعن طاعته . وقيل : الفاسقون : المترددون في الشرك (وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم} أخبر سبحانه أنه وعد الذين يظهرون الاسلام ، ويبطنون الكفر ، النار ، وكذلك الكفار ، وإنما فصل النفاق من الكفر ، وإن كان النفاق كفرا ، ليبين الوعيد على كل واحد من الصنفين . {خالدين فيها} أي : دائمين فيها {هي حسبهم} معناه . نار جهنم ، والعقاب فيها كفاية ذنوبهم ، كما يقول عذبتك حسب ما فعلت ، وحسب فلان ما نزل به ، أي : ذلك على قدر فعله {ولعنهم الله} أي : أبعدهم من جنته وخيره {ولهم عذاب مقيم} أي : دائم لا يزول .

{كالذين من قبلكم} أي : وعدكم على النفاق والاستهزاء ، كما وعد الذين من قبلكم من الكفار الذين فعلوا مثل فعلكم ، عن الزجاج ، والجبائي . وقيل : معناه فعلكم كفعل الذين من قبلكم من كفار الأمم الخالية {كانوا أشد منكم قوة} في أبدانهم {وأكثر أموالا وأولادا} فلم ينفعهم ذلك شيئا ، وحل بهم عذاب الله تعالى {فاستمتعوا بخلاقهم} أي : بنصيبهم وحظهم من الدنيا ، بأن صرفوها في شهواتهم المحرمة عليهم ، وفيما نهاهم الله عنه ، ثم أهلكوا {فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم} أي : فاستمتعتم أنتم أيضا بحظكم في الدنيا ، كما استمتعوا هم (وخضتم كالذي خاضوا) أي وخضتم في الكفر والاستهزاء بالمؤمنين ، كما خاض الأولون .

{أولئك الذين حبطت أعمالهم} التي تقع طاعة من المؤمنين مثل الانفاق في وجوه الخير ، وصلة الرحم ، وغيرها (في الدنيا والآخرة) إذ لم يستحقوا عليها ثوابا في الآخرة ، ولا تعظيما وتبجيلا في الدنيا ، لكفرهم ، وشركهم {وأولئك هم الخاسرون} خسروا أنفسهم وأهلكوها بفعل المعاصي المؤدية إلى الهلاك .

ووردت الرواية ، عن ابن عباس أنه قال في هذه الآية : ما أشبه الليلة بالبارحة كالذين من قبلكم ، هؤلاء بنو إسرائيل شبهنا بهم ، لا أعلم إلا أنه قال : والذي نفسي بيده! لتتبعنهم حتى لو دخل الرجل منهم جحر ضب لدخلتموه . وروي مثل ذلك عن أبي هريرة ، عن أبي سعيد الخدري ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : لتأخذن كما أخذت الأمم من قبلكم ، ذراعا بذراع ، وشبرا بشبر ، وباعا بباع ، حتى لو أن أحدا من أولئك دخل جحر ضب ، لدخلتموه ! قالوا : يا رسول الله! كما صنعت فارس ، والروم ، وأهل الكتاب؟ قال : فهل الناس إلا هم ؟ وقال عبد الله بن مسعود : أنتم أشبه الأمم ببني إسرائيل ، سمتا وهديا (2) ، تتبعون عملهم حذو القذة بالقذة (3) ، غير أني لا أدري أتعبدون العجل أم لا . وقال حذيفة : المنافقون الذين فيكم اليوم ، شر من المنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . قلنا : وكيف؟ قال : أولئك كانوا يخفون نفاقهم ، وهؤلاء أعلنوه . أورد ذلك جميعا الثعلبي في تفسيره .

ثم قال سبحانه {ألم يأتهم} أي : ألم يأت هؤلاء المنافقين الذين وصفهم {نبأ الذين من قبلهم} أي : خبر من كان قبلهم {قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين} : ذكر سبحانه الأمم الماضية ، والقرون السالفة ، وانه سبحانه أهلكها ، ودمر عليها ، لتكذيبها رسلها ، لئلا يأمنوا أن ينزل بهم مثل ما نزل بأولئك ، فأهلك سبحانه قوم نوح بالغرق ، وعادا قوم هود بالريح الصرصر ، وثمود قوم صالح بالرجفة ، وقوم إبراهيم بسلب النعمة ، وهلاك نمرود ، وأصحاب مدين وهي البلدة التي فيها قوم شعيب بعذاب يوم الظلة . وقيل : إن مدين اسم نسبت البلد إليه وقد مر ذكره .

{والمؤتفكات} أي : المنقلبات ، وهي ثلاث قرى ، كان فيها قوم لوط ، ولذلك جمعها بالألف والتاء ، عن الحسن ، وقتادة . وقال في موضع آخر .

{والمؤتفكة أهوى} فجاء بها على طريق الجنس ، أهلكهم الله بالخسف ، وقلب المدينة عليهم {أتتهم رسلهم بالبينات} أي : بالحجج والمعجزات {فما كان الله ليظلمهم} أي : ما يظلمهم الله بإهلاكهم ، {ولكن كانوا أنفسهم يظلمون} أي : ولكن عاقبهم باستحقاق إذ كذبوا رسل الله كما فعلتم ، فأهلكهم بكفرهم وعصيانهم .

_________________________

1 . تفسير مجمع البيان ، ج5 ، ص 84-288 .

2 . السمت : الهيئة . والهدي : السيرة والطريقة .

3 . القذة : ربش السهم . قال ابن الأثير في معنى الحديث : يضرب مثلا للشيئين يستويان ، ولا يتفاوتان .

 

تفسير الكاشف

- ذكر محمد جواد مغنيه في تفسير هذه الآيات (1) :

 

{ الْمُنافِقُونَ والْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ } كناية عن تشابههم وصفا وعملا ، ثم بيّن وجه التشابه بقوله : { يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ ويَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ ويَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهً فَنَسِيَهُمْ } . والمنكر الذي أمروا به هو الكفر والنفاق ، والمعروف الذي نهوا عنه هو الإيمان وطاعة اللَّه ورسوله ، أما أيديهم فإنهم قبضوها عن الإنفاق في سبيل اللَّه ، ونسيانهم للَّه تركهم لطاعته ، ونسيانه لهم حرمانهم من رحمته { إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ } الناكبون عن سبيل الرحمن إلى سبيل الشيطان .

{ وَعَدَ اللَّهُ الْمُنافِقِينَ والْمُنافِقاتِ والْكُفَّارَ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها } . بعد ان بيّن سبحانه مساوئ المنافقين توعدهم وتوعد كل كافر بنار الجحيم { هِيَ حَسْبُهُمْ } أي جزاء كاف واف على أعمالهم { ولَعَنَهُمُ اللَّهُ } أبعدهم عن رحمته { ولَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ } لا يخف ولا ينقطع .

{ كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وأَكْثَرَ أَمْوالًا وأَوْلاداً فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ وخُضْتُمْ كَالَّذِي خاضُوا } . يقول سبحانه : أنتم أيها المنافقون المعاصرون لمحمد ( صلى الله عليه وآله ) مثل المنافقين الذين خلوا استمتعوا بنصيبهم من ملاذ الدنيا ، وكانوا أقوى منكم وأكثر مالا وأولادا ، فاستمتعتم أنتم أيضا بنصيبكم من حطام هذه الحياة ، وخضتم في الباطل كما خاض الأولون { أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا والآخِرَةِ } أي بطلت حسناتهم ، ان كان لهم حسنات كالعيش بكد اليمين وعرق الجبين . . وبطلانها في الآخرة بعدم الثواب عليها ، أما بطلانها في الدنيا فلأنها لا ترفع من شأن الكافر والمنافق عند أهل الوعي والإيمان { وأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ } لأنهم أتبعوا أنفسهم في تدبير الدسائس والمؤامرات على المؤمنين الطيبين ، ثم دارت عليهم الدائرة دنيا وآخرة .

والخلاصة ان اللَّه سبحانه قال للمنافقين المعاصرين للرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله ) ، اتركوا الكفر والنفاق ، واتعظوا بالذين خلوا قبلكم من أمثالكم قبل أن يتعظ بكم من يأتي بعدكم .

{ أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وعادٍ وثَمُودَ وقَوْمِ إِبْراهِيمَ وأَصْحابِ مَدْيَنَ والْمُؤْتَفِكاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ } . أصحاب مدين قوم شعيب ، والمؤتفكات قوم لوط . ( انظر فقرة اللغة ) . . لقد ذكّر اللَّه سبحانه المنافقين بهؤلاء الأقوام ، لأن بلادهم كانت قريبة من بلاد العرب ، وكانوا في كثرة من المال والولد ، وقوم إبراهيم أهلكوا بسلب النعمة ، وعاد بالريح ، وقوم نوح بالغرق ، وثمود بالصيحة ، ومدين بعذاب الظلة ، والمؤتفكات بجعل عاليها سافلها ، وتقدم الكلام عن ذلك في سورة الأعراف { فَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ ولكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } بإصرارهم على الخطايا والذنوب .

_________________________

1. تفسير الكاشف ، ج4 ، ص 67-68 .

 

تفسير الميزان

- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

 

قوله تعالى : ﴿المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض﴾ إلى آخر الآيتين ، ذكروا أنه استئناف يتعرض لحال عامة المنافقين بذكر أوصافهم العامة الجامعة وتعريفهم بها وما يجازيهم الله في عاقبة أمرهم ثم يتعرض لحال عامة المؤمنين ويعرفهم بصفاتهم الجامعة ويذكر ما ينبئهم الله به على سبيل المقابلة استتماما للقسمة ، ومن الدليل على هذا الاستيفاء ذكر جزاء الكفار مع المنافقين في قوله : ﴿وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار﴾ الآية . 

والظاهر أن الآية في مقام التعليل لقوله في الآية السابقة : ﴿إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة﴾ وسياق مخاطبة المنافقين جار لم ينقطع بعد . 

فالآية السابقة لما دلت على أنه تعالى لا يترك المنافقين حتى يعذبهم بأجرامهم فإن ترك بعضا منهم لحكمة ومصلحة أخذ آخرين منهم بالعذاب كان هناك مظنة أن يسأل فيقال : ما وجه أخذ البعض إذا ترك غيره؟ وهل هو إلا كأخذ الجار بجرم الجار فأجيب ببيان السبب وهو أن المنافقين جميعا بعضهم من بعض لاشتراكهم في خبائث الصفات والأعمال ، واشتراكهم في جزاء أعمالهم وعاقبة حالهم . 

ولعله ذكر المنافقات مع المنافقين مع عدم سبق لذكرهن للدلالة على كمال الاتحاد والاتفاق بينهم في نفسيتهم ، وليكون تلويحا على أن من النساء أيضا أجزاء مؤثرة في هذا المجتمع النفاقي الفاسد المفسد . 

فمعنى الآية لا ينبغي أن يستغرب أخذ بعض المنافقين إذا ترك البعض الآخر لأن المنافقين والمنافقات يحكم عليهم نوع من الوحدة النفسية يوحد كثرتهم فيرجع بعضهم إلى بعض ، فيشركهم في الأوصاف والأعمال وما يجازون به بوعد من الله تعالى . 

فهم يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويمسكون عن الإنفاق في سبيل الله وبعبارة أخرى نسوا الله تعالى بالإعراض عن ذكره لأنهم فاسقون خارجون عن زي العبودية فنسيهم الله فلم يثبهم بما أثاب عباده الذاكرين مقام ربهم . 

ثم ذكر ما وعدهم على ذلك فقال : ﴿وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار - وعطف عليهم الكفار لأنهم جميعا سواء - نار جهنم خالدين فيها هي حسبهم﴾ من الجزاء لا يتعدى فيهم إلى غيرها ﴿ولعنهم الله﴾ وأبعدهم ﴿ولهم عذاب مقيم﴾ ثابت لا يزول عنهم البتة .

وقد ظهر بذلك أن قوله تعالى : ﴿نسوا الله فنسيهم﴾ إلخ بيان لما تقدمه من قوله : ﴿يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم﴾ . 

ويتفرع على ذلك أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإنفاق في سبيل الله من الذكر . 

قوله تعالى : ﴿كالذين من قبلكم كانوا أشد منكم قوة وأكثر أموالا وأولادا فاستمتعوا بخلاقهم﴾ إلخ ، قال الراغب : الخلاق ما اكتسبه الإنسان من الفضيلة بخلقه قال تعالى : ﴿وما له في الآخرة من خلاق﴾ انتهى وفسره غيره بمطلق النصيب . 

والآية من تتمة مخاطبة المنافقين التي في قوله : ﴿لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم﴾ الآية في سياق واحد متصل وفي الآية تشبيه حال المنافقين بحال من كان قبلهم من الكفار والمنافقين وقياسهم إليهم ليستشهد بذلك على ما قيل : إن المنافقين والمنافقات بعضهم من بعض وأنهم جميعا والكفار ذوو طبيعة واحدة في الإعراض عن ذكر الله والإقبال على الاستمتاع بما أوتوا من أعراض الدنيا من أموال وأولاد والخوض في آيات الله ثم في حبط أعمالهم في الدنيا والآخرة والخسران . 

ومعنى الآية - والله أعلم - أنتم كالذين من قبلكم كانت لهم قوة وأموال وأولاد بل أشد وأكثر في ذلك منكم ، فاستمتعوا بنصيبهم وقد تفرع على هذه المماثلة أنكم استمتعتم كما استمتعوا وخضتم كما خاضوا أولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك هم الخاسرون وأنتم أيضا أمثالهم في الحبط والخسران ولذا وعدكم النار الخالدة ولعنكم . 

وذكر كون قوة من قبلهم أشد وأموالهم وأولادهم أكثر للإيماء إلى أنهم لم يعجزوا الله بذلك ، ولم يدفع ذلك عنهم غائلة الحبط والخسران فكيف بكم وأنتم أضعف قوة وأقل أموالا وأولادا؟ .

قوله تعالى : ﴿ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين والمؤتفكات﴾ الآية رجوع إلى السياق الأول وهو سياق مخاطبة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مع افتراض الغيبة في المنافقين ، وتذكير لهم بما قص عليهم القرآن من قصص الأمم الماضين . 

فذاك قوم نوح عمهم الله سبحانه بالغرق ، وعاد وهم قوم هود أهلكهم بريح صرصر عاتية ، وثمود وهم قوم صالح عذبهم بالرجفة ، وقوم إبراهيم أهلك ملكهم نمرود وسلب عنهم النعمة ، والمؤتفكات وهي القرى المنقلبات على وجهها - من ائتفكت الأرض إذا انقلبت - قرى قوم لوط جعل عاليها سافلها . 

وقوله : ﴿أتتهم رسلهم بالبينات﴾ أي بالواضحات من الآيات والحجج والبراهين وهو بيان إجمالي لنبئهم أي كان نبؤهم أن أتتهم رسلهم بالآيات البينة فكذبوها فانتهى أمرهم إلى الهلاك ، ولم يكن من شأن السنة الإلهية أن يظلمهم لأنه بين لهم الحق والباطل ، وميز الرشد من الغي ، والهدى من الضلال ، ولكن كان أولئك الأقوام والأمم أنفسهم يظلمون بالاستمتاع من نصيب الدنيا والخوض في آيات الله وتكذيب رسله .

 ___________________________

1 . تفسير الميزان ، ج9 ، ص 280-282 .

 

تفسير الأمثل

- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه الآيات (1) :

 

علامات المنافقين :

البحث في هذه الآيات يدور كالسابق حول سلوك المنافقين وعلاماتهم وصفاتهم ، «فالآية الأولى من هذه الآيات تشير إلى أمر كلّي ، وهو أن روح النفاق يمكن أن تتجلّى بأشكال مختلفة وتبدو في صور متفاوتة بحيث لا تلفت النظر في أوّل الأمر ، خصوصا أن روح النفاق هذه يمكن أن تختلف بين الرجل والمرأة ، لكن يجب أن لا يخدع الناس بتغيير صور النفاق بين المنافقين ، المنافقين يشتركون في مجموعة من الصفات تعتبر العامل المشترك فيما بينهم ، لذلك يقول اللّه سبحانه : {الْمُنافِقُونَ والْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ‏} .

وبعد ذلك يشرع القرآن الكريم في ذكر خمس صفات لهؤلاء : الأولى والثّانية : إنّهم يدعون الناس إلى فعل المنكرات ويرغبونهم فيها من جهة ، ويبعدونهم وينهونهم عن فعل الأعمال الصالحة من جهة أخرى‏ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ ويَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ‏} أي أنّهم يسلكون طريقا ويتّبعون منهاجا هو عكس طريق المؤمنين تماما ، فإنّ المؤمنين يسعون دائما- عن طريق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر- إلى أن يصلحوا المجتمع وينقوه من الشوائب والفساد ، بينما يسعى المنافقون إلى إفساد كل زاوية في المجتمع واقتلاع جذور الخير والأعمال الصالحة من بين الناس من أجل الوصول إلى أهدافهم المشؤومة ، ولا شك أنّ وجود مثل هذا المحيط الفاسد والبيئة الملوّثة ستساعدهم كثيرا في تحقيق أهدافهم .

الثّالثة: إنّ هؤلاء بخلاء لا يتمتعون بروح الخير للناس فلا ينفقون في سبيل اللّه ، ولا يعينون محروما ، ولا يستفيد أقوامهم ومعارفهم من أموالهم ، فعبّر عنهم القرآن :

{ويَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ‏} ولا شك أنّ هؤلاء إنّما يبخلون بأموالهم لأنّهم لا يؤمنون بالآخرة والثواب والجزاء المضاعف لمن أنفق في سبيل اللّه ، بالرغم من أنّهم كانوا يبذلون الأموال الطائلة من أجل الوصول إلى أغراضهم وآمالهم الشريرة الدنيئة ، وربّما بذلوها رياء وسمعة ، لكنّهم لا يقدمون على البذل على أساس الإخلاص للّه سبحانه وتعالى .

الرّابعة : إنّ كل أعمالهم وأقوالهم وسلوكهم يوضح أن هؤلاء قد نسوا اللّه ، والوضع الذي يعيشونه يبيّن أن اللّه قد نسيهم في المقابل ، وبالتالي فإنّهم قد حرموا من توفيق اللّه وتسديده ومواهبه السنية ، أي أنّه سبحانه قد عاملهم معاملة المنسيين ، وآثار وعلامات هذا النسيان المتقابل واضحة في كل مراحل حياتهم ، وإلى هذا تشير الآية : {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ‏} .

وهنا نودّ الإشارة إلى أن نسبة النسيان إلى اللّه جلّ وعلا ليست نسبة واقعية وحقيقية- كما هو المعلوم بديهة- بل هي كناية عن معاملة لهؤلاء معاملة الناسي ، أي إنّه لا يشملهم برحمته وتوفيقه لأنّهم نسوه في البداية ، ومثل هذا التعبير متداول حتى في الحياة اليومية بين الناس ، فقد نقول لشخص مثلا: إنّنا سوف ننساك عند إعطاء الأجرة أو الجائزة لأنّك قد نسيت واجبك ، وهذا تعبير يعني أنّنا سوف لا نعطيه أجره ومكافأته . وهذا المعنى ورد كثيرا في روايات أهل البيت عليهم السّلام‏ «2» .

وممّا ينبغي الالتفات إليه أنّ موضوع نسيان اللّه تعالى قد عطف بفاء التفريع على نسيان هؤلاء القوم ، وهذا يعني أنّ نتيجة نسيان هؤلاء لأوامر اللّه تعالى وطغيانهم وعصيانهم هي حرمانهم من مواهب اللّه ورحمته وعنايته .

الخامسة: إنّ المنافقين فاسقون وخارجون من دائرة طاعة أوامر اللّه سبحانه وتعالى ، وقالت الآية : {إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ}‏ .

ونلاحظ أنّ هذه الصفات المشتركة متوفرة في المنافقين في كل الاعصار .

فمنافقو عصرنا الحاضر وإن تلبسوا بصور وأشكال جديدة ، إلّا أنّهم يتحدون في الصفات والأصول المذكورة أعلاه مع منافقي العصور الغابرة ، فإنّهم كسابقيهم‏ يدعون الناس إلى الفساد ويرغبونهم فيه ، وينهون الناس عن فعل الخير ويمنعونهم إن استطاعوا ، وكذلك في بخلهم وإمساكهم وعدم إنفاقهم ، وبعد كل ذلك فإنّهم يشتركون في الأصل الأهم ، وهو أنّهم قد نسوا اللّه سبحانه وتعالى في جميع مراحل حياتهم ، وتعديهم على قوانينه وفسقهم . وممّا يثير العجب أنّ هؤلاء بالرغم من كل هذه الصفات القبيحة السيئة يدّعون الإيمان باللّه والإعتقاد الرصين بأحكام الدين الإسلامي وأصوله ومناهجه! في الآية التي تليها نلاحظ الوعيد الشديد والإنذار بالعذاب الأليم والجزاء الذي ينتظر هؤلاء حيث تقول : {وَعَدَ اللَّهُ الْمُنافِقِينَ والْمُنافِقاتِ والْكُفَّارَ نارَ جَهَنَّمَ}‏ وأنّهم سيخلدون في هذه النّار المحرقة {خالِدِينَ فِيها} وأن هذه المجازاة التي تشمل كل أنواع العذاب والعقوبات تكفي هؤلاء ، إذ {هِيَ حَسْبُهُمْ‏} وبعبارة أخرى: إنّ هؤلاء لا يحتاجون إلى عقوبة أخرى غير النّار ، حيث يوجد في نار جهنم كل أنواع العذاب : الجسمية منها والروحية .

وتضيف الآية في خاتمتها أن اللّه تعالى قد أبعد هؤلاء عن ساحة رحمته وجازاهم بالعذاب الأبدي‏ {ولَعَنَهُمُ اللَّهُ ولَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ‏} ، بل إن البعد عن اللّه تعالى يعتبر بحد ذاته أعظم وأشد عقوبة وآلمها .

 

تكرر التأريخ والإعتبار به :

 

من أجل توعية هؤلاء المنافقين ، وضعت الآية الآتية مرآة التاريخ أمامهم ، ودعتهم إلى ملاحظة حياتهم وسلوكهم ومقارنتها بالمنافقين والعتاة المردة الذين تمردوا على أوامر اللّه سبحانه وتعالى ، وأعطتهم أوضح الدروس وأكثرها عبرة ، فذكّرهم بأنّهم كالمنافقين الماضين ويتبعون نفس المسير وسيلقون نفس المصير : {كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ‏} علما أنّ هؤلاء { كانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وأَكْثَرَ أَمْوالًا وأَوْلاداً} .

وكما أنّ هؤلاء قد تمتعوا بنصيبهم في هذه الحياة الدنيا ، وصرفوا أعمارهم في‏ طريق قضاء الشهوات والمعصية والفساد والانحراف ، فإنّكم قد تمتعتم بنصيبكم كهؤلاء : {فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ‏} والخلاق في اللغة بمعنى النصيب والحصة ، يقول الراغب في مفرداته :

أنّها مأخوذة من مادة (خلق) ، ويحتمل- على هذا- أن الإنسان قد يستفيد ويتمتع بنصيبه في هذه الحياة الدنيا بما يناسب خلقه وخصاله .

ثمّ تقول بعد ذلك : إنّكم كمن مضى من أمثالكم قد أوغلتم وسلكتم مسلك الاستهزاء والسخرية ، تماما كهؤلاء : {وخُضْتُمْ كَالَّذِي خاضُوا} «3» .

ثمّ تبيّن الآية عاقبة أعمال المنافقين الماضين لتحذر المنافقين المعاصرين للنبي صلى اللّه عليه وآله وسلّم وكل منافقي العالم في جملتين:

الأولى: إن كل أعمال المنافقين قد ذهبت أدراج الرياح ، في الدنيا والآخرة ، ولم يحصلوا على أي نتيجة حسنة ، فقالت : {حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا والْآخِرَةِ} .

الثّانية: إنّ هؤلاء هم الخاسرون الحقيقيون بما عملوه من الأعمال السيئة : {وأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ‏} .

إن هؤلاء المنافقين يمكن أن يستفيدوا ويحققوا بعض المكاسب والامتيازات من أعمال النفاق ، لكن ما يحصلون عليه مؤقت ومحدود ، فإنّنا إذا أمعنا النظر فسنرى أن هؤلاء لم يجنوا من سلوك هذا الطريق شيئا ، لا في الدنيا ولا في الآخرة ، كما يعكس التاريخ هذه الحقيقة ، ويبيّن كيف أنّ المنافقين على مرّ الدهور والأيّام قد توالت عليهم النكبات وأزرت بهم وحكمت عليهم بالفناء والزوال ، كما أن ممّا لا شك فيها أنّ هذه العاقبة الدنيوية تبيّن المصير الذي ينتظرهم في الآخرة .

إن الآية الكريمة تنبه المنافقين المعاصرين للنّبي صلى اللّه عليه وآله وسلّم فتقول لهم: إنّكم ترون أنّ هؤلاء السابقين رغم تلك الإمكانات والقدرات والأموال والأولاد لم يصلوا إلى نتيجة ، وأنّ أعمالهم قد أصبحت هباء منثورا لأنّها لم تستند إلى أساس محكم ، بل كانت أعمال نفاق ومراوغة ، فإنّكم ستواجهون ذلك المصير بطريق أولى ، لأنّكم أقل من هؤلاء قدرة وقوة وامكانات .

وبعد هذه الآيات يتحول الحديث من المنافقين ويتوجه إلى النّبي صلى اللّه عليه وآله وسلّم ويتبع أسلول الاستفهام الإنكاري ، فتقول الآية : {أَ لَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وعادٍ وثَمُودَ وقَوْمِ إِبْراهِيمَ وأَصْحابِ مَدْيَنَ والْمُؤْتَفِكاتِ‏} «4» فإنّ هذه الأقوام كانت في الأزمان السالفة تسيطر على مناطق مهمّة من العالم ، إلّا أن كل فئة قد ابتليت بنوع من العقاب الإلهي نتيجة لانحرافها وطغيانها وإجرامها ، وفرارها من الحق والعدالة ، وإقدامها على الظلم والاستبداد والفساد .

فقوم نوح عوقبوا بالطوفان والغرق ، وقوم عاد (قوم هود) بالرياح العاصفة والرعب ، وقوم ثمود (قوم صالح) بالزلازل والهدم والدمار ، وقوم إبراهيم بسلب النعم ، وأصحاب مدين (قوم شعيب) بالصواعق المحرقة ، وقوم لوط بخسف المدن وفنائهم جميعا . ولم يبق من هؤلاء إلّا الجثث الهامدة ، والعظام النخرة تحت التراب أو في أعماق البحار .

إنّ هذه الحوادث المرعبة تهز وجدان وأحاسيس كل إنسان إذا امتلك أدنى إحساس وشعور عند مطالعتها وتحقيقها .

ورغم طغيان هؤلاء وتمردهم فانّ اللّه الرؤوف الرحيم لم يحرم هؤلاء من رحمته وعطفه لحظة ، وقد أرسل إليهم الرسل بالآيات البينات لهدايتهم وإنقاذهم من الضلالة إذ {أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ}‏ إلّا أن هؤلاء لم يصغوا إلى آية موعظة ولم‏ يقبلوا نصيحة من أنبياء اللّه وأوليائه ، ولم يقيموا وزنا لجهاد ومتاعب هؤلاء الأبرار وتحملهم كل المصاعب في سبيل هداية خلق اللّه ، وإذا كان العقاب قد نالهم فلا يعني أن اللّه عزّ وجلّ قد ظلمهم ، بل هم ظلموا أنفسهم بما أجرموا فاستحقوا العذاب‏ {فَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ ولكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ‏} .

___________________________

1. تفسير الأمثل ، ج5 ، ص 284-288 .

2. راجع تفسير نور الثقلين ، ج 2 ، ص 239- 240 .

3. إن جملة كَالَّذِي خاضُوا في الواقع بمعنى: كالذي خاضوا فيه ، وبعبارة أخرى ، فإنّها تشبيه لفعل منافقي اليوم بفعل المنافقين السابقين ، كما شبهت الجملة السابقة استفادة هؤلاء من النعم والمواهب الإلهية في طريق الشهوات كالسابقين منهم ، وعلى هذا فإنّ هذا التشبيه ليس تشبيه شخص بشخص لنضطر إلى أن نجعل (الذي) بمعنى (الذين) أي المفرد بمعنى الجمع ، بل هو تشبيه عمل بعمل .

4. المؤتفكات مأخوذة من مادة الائتفاك ، بمعنى انقلاب الأسفل إلى الأعلى وبالعكس ، وهي إشارة إلى مدن قوم لوط التي قلب عاليها سافلها نتيجة الزلزلة .




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .