أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-8-2018
1918
التاريخ: 30-12-2015
7322
التاريخ: 29-06-2015
3362
التاريخ: 17-6-2017
21357
|
خالد (1) بن يزيد الكاتب
كان أحد كتّاب الجيش، وأصله من خراسان، وليس بين أيدينا عنه أخبار كثيرة، وأول ما يلقانا من أخباره أنه كان على ديوان النفقات في الجيش الذي خرج بقيادة علي بن هشام أحد قُواد المأمون للقضاء على فتنة بمدينة «قم» الفارسية وفي الطريق بلغ عليّا أنه شاعر فأحضره وأنس به واتخذه في ندمائه. ولما وزر الفضل بن خالد للمعتصم قرّبه منه، حتى إذا أخذ المعتصم في بناء سامرّا بادر خالد ينظم مقطوعة يشيد فيها بالخليفة وبناء تلك المدينة العظيمة، ونقلها الفضل إلى المعتصم فسرّ بها، وأمر لخالد بخمسة آلاف درهم، وينظم فيه وفي المدينة أشعارا أخرى ويغنىّ المغنون المعتصم بها، وينثر على خالد جوائزه. وظل قريبا منه ومن وزيره محمد بن عبد الملك الزيات. ولا نقرأ له أشعارا في مديح الخلفاء في العصر مع أنه عاصر منهم المتوكل والمنتصر والمستعين والمعتز والمهتدى والمعتمد، إذ يقال إنه توفى سنة 262 وقيل بل سنة 269. ويقول مترجموه إنه قصر نفسه على الغزل فكان لا ينظم إلا فيه، ولا يعنى بمديح ولا هجاء، ومع ذلك نجد له بعض الهجاء القليل في بعض منافسيه من الشعراء، غير أنه لم يبرز فيه فانصرف عنه، وقصر نفسه على الغزل، ويقال إنه وسوس واختلط عقله
ص449
في أواخر حياته. ويجمع من ترجموا له على أنه لم يكن يتجاوز في الغزل أربعة أبيات، وكأنه كان يرى الزيادة عنها فضلا، ويقول ابن المعتز: شعره حسن جدّا، وليس لأحد من رقيق الغزل ماله، وينشد من غزله قوله:
وضع الدموع مواضع الحزن … حيّ السهاد وميّت الجفن
عبراته نطق بما ضمنت … أحشاؤه ولسانه يكنى
في كل جارحة له مقل … تبكي على قلب له رهن
لم يدر إلا حين أسلمه … قدر للحظة واحد الحسن
والأبيات فيها دقة في التفكير وفيها خيال بعيد، وتعبيره بميت الجفن تعبير غريب، ومثله في الحسن تعبيره عن الجوارح بأن لها مقلا تبكي على قلبه الذي رهنته منه صاحبته، وأيضا تعبيره عن صاحبته بأنها واحدة الحسن، وكأنه كان يحاول أن يأتي بأفكار مبتكرة، من مثل قوله:
كيف خانت عين الرقيب الرقيبا … أخطأتني لما رأيت الحبيبا
رحمتني فساعدتني فقبّل … ت بعيني مع الحبيب الرقيبا
فهو لا يشكو من الرقيب على عادة الشعراء، فالرقيب قد رحمه وساعده، وقلب الشكوى المنتظرة شكرا، وإذا كان الشعراء ألموا بالليل ووصف استطالته شاكين من ذلك متبرمين فإنه يعترف بأن ليل المحبين دائما طويل لسهادهم المستمر، يقول:
رقدت ولم ترث للسّاهر … وليل المحب بلا آخر
ولم تدر بعد ذهاب الرقا … د ما صنع الدمع بالناظر
وهو ليس سهادا فحسب، بل هو سهاد ودموع وإحساس عميق بظلام لا ينتهي، وصاحبته بجانبه ولا تدري ما يعاني من عذاب الحب المبرّح، وهو يتجرع غصص حبه محتملا مقاوما، والصباح كأنما ضل طريقه، فعم الكون ليل لا آخر له، ومن قوله:
ص450
قد استعار الحسن من وجهه … والغصن الناعم من قذّه
وقد تعاتبنا بأبصارنا … فيما جناه الخلف من وعده
حتى تجارحنا بتكرارنا … للّحظ في قلبي وفي خدّه
فأدرك الثأر وأدركته … وسرّني بالصّدّ عن صدّه
فمنها يستعير الحسن جماله والغصن قدّه وقوامه، وهما يتعاتبان عتابا رقيقا، ويكرران النظر، وكأنما يؤلم طرفه خدّ صاحبته ويترك فيه أثرا من طول تكراره أما طرفها فيؤلم قلبه بما يرسله من سهامه التي تجرحه في الصميم. وكأنما كل منهما ظفر من صاحبه بثأره. ولكن شتان ما بين الثأرين: ثأر يجرح الخدود وثأر يجرح القلوب. ويختم الأبيات بفكرة طريفة إذ يقول إنها صدّت عن الصد وانصرفت عن الهجر. وكان يلمّ أحيانا ببعض الأديرة أو يفضى إلى تعاطى بعض كئوس الخمر، أو لعله كان يذكر ذلك على سبيل الدعابة، وكان يمزج هذا الحديث بغزله على عادته، فالغزل دائما مبتغاه من شعره على نحو ما نرى في قوله:
رأت منه عيني منظرين كما رأت … من البدر والشمس المضيئة بالأرض
عشيّة حيّاني بورد كأنّه … خدود أضيفت بعضهن إلى بعض
وناولني كأسا كأنّ رضابها … دموعي لما صدّ عن مقلتي غمضي
وولّى وفعل السّكر في حركاته … من الراح فعل الرّيح بالغصن الغضّ
وتشبيه الورود المجتمعة بخدود المحبين، وقد تلاصقت وسرى فيهم الخجل، نوّه به القدماء طويلا. وهذه الكأس التي ناولها صاحبته كأس المحبين التي طالما شربوا منها لا الخمر وإنما الدموع، دموعهم التي لا تجف والتي ماتني تسقط فتمتلئ منها كئوسهم التي لا يعرف الناس أتمتلئ شرابا أم نارا. وله:
إذا كنت في كلّى بكلّك مفرغا … فأي مكان من مكانك ألطف
فمنّى إذا ما غبت في كل مفصل … من الشوق داع كلما غبت يهتف
فهما روحان في جسد، وهو يحس فراغا لا حدّ له إذا غابت عنه، وكأن كل
ص451
جزء فيه يفقد تمامه، فهو ماينى يهتف بها حتى يستكمل وجوده، فقد غاب نصفه وهو يتبعه، ويتبعه قلبه من ورائه؛ قلبه الممزق مثل مفاصله، ومثل كبده الجريح، يقول:
كبد شفّها غليل التّصابي … بين عتب وسخطة وعذاب
كلّ يوم تدمى بجرح من الشو … ق ونوع مجدّد من عذاب
يا سقيم الجفون أسقمت جسمي … فاشفني كيف شئت، لا بك ما بي
فهو يصلى نيران العتاب والسخط، وكل يوم يتجدد جرحه ويتجدد عذابه، وقد أعداه مريض الجفون ولكن لا في جفونه وإنما في جسمه بما أصابه به من نحول وذبول وهزال وضنا. ومن أرق الدعاء قوله في آخر الأبيات: «لا بك ما بي». وتدور له في كتب الأدب أبيات مفردة تروع بخفتها وطرافة فكرتها من مثل قوله:
كيف ترجى لذاذة الإغتماض … لمريض من العيون المراض
وقوله:
ليت ما أصبح من رقّ … ة خدّيك بقلبك
وقوله:
وبكى العاذل من رحمتي … فبكائي لبكا العاذل
ولعل في كل ما أسلفنا ما يدل أوضح الدلالة على صدق كلمة ابن المعتز عنه من أنه يبلغ الغاية في رقة الغزل. وجعله ذلك مألفا لكثير من معاصريه أمثال على بن المعتصم. وكان كثيرون يدعونه إلى مجالسهم ليسمعوا منه غزله ويطرحوه على المغنين والمغنيات، ليكتمل الأنس والطرب، ونحس دائما أنه ظامئ إلى لقاء محبوبته، ويقال إنه فعلا أحب جارية في مطالع حياته، ولم يستطع لقاءها وقد ظل ظامئا إلى هذا اللقاء حتى مماته.
ص452
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر في ترجمة خالد وأشعاره الأغاني (طبعة الساسي) 21/ 31 وطبقات الشعراء لابن المعتز ص 405 وتاريخ بغداد 8/ 308 والديارات (انظر الفهرس) ومعجم الأدباء 11/ 47 والنجوم الزاهرة 3/ 36 وله ديوان مخطوط بالمكتبة العمومية بدمشق .
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
لمكافحة الاكتئاب.. عليك بالمشي يوميا هذه المسافة
|
|
|
|
|
تحذيرات من ثوران بركاني هائل قد يفاجئ العالم قريبا
|
|
|
|
|
العتبة العباسية تشارك في معرض النجف الأشرف الدولي للتسوق الشامل
|
|
|