المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

Chemistry of Platinum
15-1-2019
الدراسات الإقليمية - من دول غربي اوربا - الجزر البريطانية - المناخ
31-10-2016
من شروط الاجرة أن تكون قابلة للتعامل .
توليفات منخفضة المحسسات Hypoallergenic Formulas
2-9-2018
Summary Constructions
28-1-2022
Meaning postulates
11-2-2022


بحث حول ابن الغضائري وكتابه (الضعفاء)  
  
4459   05:47 مساءً   التاريخ: 22-6-2019
المؤلف : جعفر التبريزي .
الكتاب أو المصدر : زيارة عاشوراء دراسة السند وتحليل المضمون
الجزء والصفحة : ص139-171.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسين بن علي الشهيد / قضايا عامة /

أ ـ من هو ابن الغضائري؟

أحمد بن الحسين بن عبيد الله بن إبراهيم الغضائري رجالي ومحدث الإمامية في بغداد ضبطت كنيته بـ (أبي الحسن) أو (أبي الحسين) واُحيطت حياته بغشاء سميك من الإبهام. وهو من أجلاء الشيعة في القرن الخامس الهجري ولم يثبت بدقة تاريخ ولادته ولا تاريخ وفاته.

ولكن المقطوع به هو أنه من علماء القرن الخامس الهجري وأنه معاصر للشيخ الطوسي والنجاشي (رحمهما الله). والذي يتضح من كلام الشيخ الطوسي في (الفهرست) أن ابن الغضائري توفي شابا قبل أن يبلغ الأربعين. وأما بالنسبة إلى أساتذته فلم يُذكر منهم إلا إثنان :

الأول : أبوه المحدث الفقيه الحسين بن عبيد الله الغضائري وهو من الشخصيات المهمة في عائلة الغضائري ومن الرجاليين الأجلاء وكان معروفا بقوة عارضته في علم الأنساب ومن الفقهاء الكبار في زمانه.

الثاني : احمد بن عبد الواحد ن البزاز (وهو أيضاً من مشايخ النجاشي).

وأما تلامذة ابن الغضائري فيمكننا أن نعد منهم : شيخ الطائفة الطوسي (قدس سره الشريف) والشيخ أبو العباس احمد بن علي النجاشي فقد قرأ عليه النجاشي كما قرأ على أبيه الحسين بن الغضائري وهذا معناه أن النجاشي كان تلميذا للغضائري الأب فترة من الزمن ثم للإبن في الفترة الأخرى.

وقد وضع ابن الغضائري بعض المؤلفات كذلك أشار إليها الشيخ الطوسي في (الفهرست) وهما المصنفات و الأصول. وقال في المقدمة أنه لم يرَ أكمل وأوسع من كتاب ابن الغضائري كتابا جامعا لمؤلفات الشيعة ومصنفاتهم ولو لاحظنا كلام الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) لاتضح لنا أن الكتاب لابد أن يكون أوسع بكثير من الكتاب الموجود بين أيدينا حاليا والمنسوب إلى ابن الغضائري.

وأما كتابه الآخر فهو (تاريخ ابن الغضائري) الذي اشتمل على رواة الأحاديث وسيَرهم.

وله كتاب آخر هو (كتاب الضعفاء) المعروف بـ (رجال ابن الغضائري) ولم يذكره الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) في كتاب (الفهرست) وإنما ذكره السيد جمال الدين طاووس في كتابه (حل الإشكال في معرفة الرجال) باسم (كتاب الضعفاء).

بحث حول كتاب (الضعفاء) ونسبته إلى ابن الغضائري

1 ـ نسبة الكتاب إلى ابن الغضائري

اختلف العلماء في نسبة الكتاب فبعضهم رأى أنه للحسين بن عبيد الله بينما رأى البعض الآخر أنه لأحمد بن الحسين وهناك من يرى أن الكتاب ليس لهما وهنا أربع نظريات في هذا الموضوع :

أ ـ أنه للحسين بن عبيد الله.

ب ـ أنه لأحمد بن الحسين.

ج ـ إنكار نسبة الكتاب إلى ابن الغضائري أساسا.

د ـ أنه كتابه وضعه أعداء الشيعة.

وكل نظرية من هذه النظريات لها أتباع وموافقون ونحن هنا سنُفّصل الكلام في هذه النظريات الأربع :

النظرية الأولى :

كان الشهيد الثاني (قدس سره الشريف) يرى أن الكتاب للحسين بن عبيد الله الغضائري مستدلا على ذلك بكلام العلامة (قدس سره الشريف) في (خلاصة الأقوال) عند ترجمة سهل بن زياد الآدمي وتابع الشهيد الثاني في نظريته بعض الأكابر من العلماء ومنهم نظام الدين محمد بن الحسين القرشي الساوجي في كتابه (نظام الأقوال في معرفة الرجال) فقد رأى فيه أن مؤلف الكتاب هو الحسين بن عبيد الله وقال : ولقد صنّف أسلافنا ومشايخنا ... وكتاب الحسين بن عبيدالله الغضائري .

وتابعهم على هذه النظرية أيضاً المحقق الأردبيلي والمحقق النراقي (رحمهما الله).

وللجواب على هذه النظرية نقول : لا يمكن أن يكون صاحب الكتاب هو الحسين بن عبيد الله لأن النجاشي ; والشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) اللذين دوّنا أسماء المصنفين من الشيعة لم يذكرا أن كتاب الضعفاء هو للحسين بن عبيد الله فكيف يُعقل ذلك مع أنهما (رحمهما الله) من تلاميذه؟! وقد ذكر النجاشي ; 14 كتابا لأستاذه ولكنه لم يُشر إلى (كتاب الضعفاء) وكذلك الأمر بالنسبة إلى الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) فهو لم يُشر كذلك إلى الكتاب.

ويبعد جدا أن يكون عدم ذكر الكتاب في ترجمة الحسين بن عبيد الله ناشئا من الغفلة والإهمال من قِبل تلامذته. وقد ردّ المحقق التستري ; في (قاموس الرجال) على الشهيد الثاني (قدس سره الشريف) ورأى أن صاحب الكتاب هو ابن الغضائري قال : ولنذكر أحوال تلك الكتب فنقول : أمّا فهرست الشيخ وفهرست النجاشى وكتاب ابن الغضائرى ...  

ويتضح من هذه الفقرة أن المحقق التستري ; كان يرى نسبة الكتاب إلى ابن الغضائري.

ويقول النجاشي ; في كتابه الرجالي : الحسين بن عبيد الله بن إبراهيم الغضائري أو عبد الله شيخنا ; له كتب منها : كتاب كشف التمويه والغمة ... وأجازنا جميعها وجميع رواياته عن شيوخه ومات ; في نصف شهر صفر سنة إحدى عشرة وأربع مائة  

ويقول السيد الخوئي (قدس سره الشريف) : فإنّ النجاشي لم يتعرّض له مع أنّه بصدد بيان الكتب التي صنّفها الإماميّة حتّى أنّه يذكر ما لم يره من الكتب وإنّما سمعه من غير أو رآه في كتابه فكيف لا يذكر كتاب شيخه الحسين بن عبيدالله ... وقد تعرّض لترجمة الحسين بن عبيدالله وذكر كتبه ولم يذكر فيها كتاب الرجال .

وقد وافق الرجالي الخبير الميرزا جواد التبريزي (أعلى الله مقامه الشريف) أستاذه الخوئي (قدس سره الشريف) في هذا الرأي وكان الميرزا (قدس سره الشريف) يكرر ذلك دائماً في دروس البحث الخارج.

النظرية الثانية :

وهي نظرية مأخوذة من كلام السيد ابن طاووس ;. لأنه أول من اهتم بكتاب ابن الغضائري بعد مرور قرون من الزمن ينقل صاحب (سماء المقال) عن السيد ابن طاووس : إنّي قد عزمت على أن أجمع في كتابي هذا أسماء الرجال المصنفين وغيرهم من كتب خمسة .... وكتاب أبي الحسين أحمد بن حسين الغضائري في ذكر الضعفاء خاصة .

ثم تابعه تلامذته (العلامة الحلي وابن داوود رحمهما الله فرأوا أن الكتاب لابن الغضائري وقد كتب العلامة ; في ترجمة عمر بن ثابت : إنّه ضعيف جدّاً قاله ابن غضائري

وهذا الكلام دالّ بوضوح على أنه يرى نسبة الكتاب إلى ابن الغضائري.

وممن ذهب إلى هذا الرأي صاحب المعالم (قدس سره الشريف) فقد كتب في مقدمة كتابه (التحرير الطاووسي) يقول : إنّ المهمّ منه هو تحرير كتاب الاختيار حيث إنّ السيد ; جمع في الكتاب عدّة كتب من كتب الرجال ... فيمكن الاستغناء عنها بأصل الكتاب لأنّ ما عدا كتاب ابن الغضائرى منها موجود في هذا الزمان بلطف الله وسبحانه ومنّه والحاجة إلى كتاب ابن الغضائري قليلة لأنّه مقصور على ذكر الضعفاء .

ويرد على هذه النظرية بعض الإيرادات :

إن عدم ذكر النجاشي والطوسي (رحمهما الله) لاسم وآثار احمد بن الحسين الغضائري في كتبهم الرجالية له احتمالان :

أ ـ لأن ديدنهما (رحمهما الله) هو ذكر المؤلفين من الشيعة وقد ذكر ابن الغضائري دليل على أنه لم يؤلف كتابا ولم يضع تصنيفاً.

ب ـ يحتمل كذلك أن تكون هناك تأليفات لابن الغضائري ولكنها ضاعت ولما كتب النجاشي والطوسي (رحمهما الله) كتابيهما لم يذكرا كتب ابن الغضائري باعتبار أنها اندرست.

والأرجح هو الاحتمال (ب) وينتفي الاحتمال (أ) لأن الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) قال في مقدمة الفهرست : جماعة من شيوخ طائفتنا من اصحاب الحديث عملوا فهرس كتب اصحابنا و ... ابوالحسين احمد بن الحسين بن عبيدالله ; فانه عمل كتابين : احدهما في المصنفات والآخر ذكر فيه الاصول ... ان هذين الكتابين لم ينسخهما احد من اصحابنا واخترم هو رحمه الله وعمد بعض ورثته الى اهلاك هذين الكتابين وغيرهما من الكتب على ما حكى بعضهم عنهم  وكلام الشيخ الطوسي هذا صريح في تلف الكتب الرجالية لابن الغضائري ومؤيد كذلك لأن يكون هو السبب الذي دعى النجاشي ; إلى عدم ذكر ابن الغضائري في كتابه مع أنه من مشايخه .

النظرية الثالثة :

وهذه النظرية قال بها إثنان من محققي العصر الحاضر هما : أستاذ الفقهاء السيد أبو القاسم الخوئي (قدس سره الشريف) والرجالي المدقق الميرزا جواد التبريزي (قدس سره الشريف) وتنص نظريتهما على عدم ثبوت نسبة الكتاب إلى ابن الغضائري وبالتالي سقوط جميع التضعيفات الموجودة في هذا الكتاب عن الاعتبار.

قال السيد الخوئي (قدس سره الشريف) : إنّ كتابه لم يثبت استناده إليه وإن كان هو ثقة في نفسه فلا يعوّل على جرحه ولا تعديله .

ويرى الرجالي الشهير الميرزا جواد التبريزي (أعلى الله مقامه الشريف) عدم نسبة كتاب الضعفاء إلى ابن الغضائري وكان (قدس سره الشريف) يكرر ذلك في دروس البحث الخارج ويشير إلى هذه المسألة ويستند (قدس سره الشريف) في إثبات مدعاه إلى كلام الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) الذي ذكر فيه تلف كتب ابن الغضائري وعدم ذكر النجاشي ; لـكتاب الضعفاء عند ترجمة ابن الغضائري.

النظرية الرابعة :

وهذه النظرية للمرحوم آقا بزرك الطهراني ; فقد أجرى بعض البحث والتحقيق للوصول إلى مؤلف كتاب الضعفاء الحقيقي فوصل إلى هذه النتيجة وهي أن مؤلف الكتاب هو من معاندي الشيعة وهدفهم من تأليف الكتاب هو تشويه الأجلاء من رواة الشيعة والمشهورين من محدثي الطائفة فكثير من هؤلاء هم من المعروفين والمعتمدين الثقات الذين لهم مؤلفات عديدة وروايات كثيرة.

وبهذا الصدد يقول الشيخ آقا بزرك الطهراني (قدس سره الشريف) : ... على أنّ هذا الكتاب ليس من تأليفاته وإنّما ألّفه بعض المعاندين للاثنى عشريّة المحبّين لإشاعة الفاحشة في الذين آمنوا وأدرج فيه بعض أقوال نسبه الشيخ والنجاشي في كتابيهما إلى ابن الغضائرى ليتمكن من النسبة اليه وليروّج منه ما أدرجه فيه و ... .

2 ـ الطريق إلى كتاب الضعفاء

وهنا يرد هذا السؤال : هل يوجد طريق صحيح ومضبوط للوصول إلى كتاب الضعفاء؟ وللجواب على هذا السؤال نقول : نفى جميع العلماء وجود طريق صحيح إلى هذا الكتاب :

1 ـ يقول آقا بزرك الطهراني ; بعد أن قام بتحقيق واسع في هذا الموضوع : إنّ أوّل من وجده هو السيّد جمال الدين أبوالفضائل أحمد بن طاووس الحسيني الحلي (م 673) فأدرجه السيد موزعاً له في كتابه حل الإشكال في معرفة الرجال ألّفه (644 هـ. ق) وجمع فيه عبارات الكتب الخمسة الرجالية وهي : رجال الطوسى وفهرسه واختيار الكشي والنجاشي وكتاب الضعفاء المنسوب إلى ابن الغضائري .

ثم يضيف : ولم يبق من الكتاب المنسوب إلى ابن الغضائري إلاّ ما وزّعه السيّد بن طاووس .

2 ـ وعندما بيّن السيد ان طاووس ; طريق الوصول إلى الكتب الرجالية لم يذكر طريقا إلى (كتاب الضعفاء) وهذا حاكٍ عند عدم وجود هذا الطريق الصحيح لكتاب ابن الغضائري .

3 ـ ومع أن العلامة الحلي (قدس سره الشريف) والقهبائي ; نقلا كثيرا عن كتاب ابن الغضائري إلا أنهما لم يذكرا طريقا إلى هذا الكتاب والعلامة الحلي (قدس سره الشريف) ذكر في إجازته الكبيرة جميع الكتب وطرقها إلا أنه لم يُشر إلى الكتاب الرجال لابن الغضائري ... ما ذكره من كتب أصحابنا المتقدّمين على الشيخ والمتأخّرين عنه ذكر شيئاً كثيراً من كتب العامة في الحديث والفقه والأدب وغير ذلك مع ذلك فلم يذكر رجال ابن الغضائري فيما ذكر من الكتب

3 ـ بحث في القيمة العلمية لكتاب الضعفاء

عند التتبع لكلمات العلماء نجد أن أكثرهم يرى عدم نسبة الكتاب إلى ابن الغضائري وليتضح هذا المطلب ننقل هنا بعض العبارات التي صدرت من أجلاء العلماء في هذا المجال :

1 ـ النجاشي ; فإنه لم يذكر اسم أحمد بن الحسين بن عبيد الله الغضائري في باب (أحمد) فكيف بكتاب الضعفاء ونسبته إليه؟.

2 ـ الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) فإنه وإن ذكر أن لأحمد بن الحسين كتابين إلا أنه صرّح بأنهما قد تلفا واندرسا يقول : ... فإنّه عمل كتابين أحدهما في المصنفات والآخر ذكر فيه الاُصول و ... عمد بعض ورثته إلى إهلاك هذين الكتابين .

3 ـ العلامة آقا بزرك الطهراني ; فإنه لم يلتزم بجرح ابن الغضائري وقدحه ويقول : ... عدم الاعتناء بما تفرّد به ابن غضائرى من الجرح فإنّ ذلك لعدم ثبوت الجرح منه .

4 ـ أستاذ الفقهاء السيد الخوئي (قدس سره الشريف) فإنه قال : إنّ كتابه لم يثبت استناده إليه وإن كان هو ثقة في نفسه فلا يعوّل على جرحه ولا تعديله .

5 ـ الرجالي الخبير الميرزا جواد التبريزي (أعلى الله مقامه الشريف) فقد كان موافقاً لأستاذه الخوئي (قدس سره الشريف) وكان يرى سقوط كتاب الضعفاء عن الحجية وكرر ذلك مرارا في دروسه البحث الخارج ولم يكن له رأي أساسا في جرح ابن الغضائري وتعديله . ولم يكن (قدس سره الشريف) يرى نسبة الكتاب إلى ابن الغضائري مستندا في ذلك إلى أن النجاشي ; لم يذكر الكتاب مع إن أحمد بن الحسين من مشايخه وإلى كلام الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) الذي نقل فيه تلف كتب ابن الغضائري وإهلاكها من قبل الورثة وعدم نسخها.

خلاصة الكلام : إن صالح بن عقبة من الثقات؛ لكثرة رواياته ونقل الأجلاء عنه وسقوط قدح ابن الغضائري عن الاعتبار وعدم إحراز وجود الغلو فيما روى ونقل.

وحتى لو لم يقبل البعض وثاقة صالح بن عقبة فإن ذلك لا يضر باعتبار زيارة عاشوراء لأن لها طريق آخر وهو ما نقله الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) عن سيف بن عميرة عن محمد بن إسماعيل بن بزيع. وهما من أجلاء الرواة ومن الثقات الذي اعتمد عليهم علماء الشيعة. فتكون النتيجة أننا لو فرضنا جدلا عدم وثاقة صالح بن عقبة فإن ذلك سوف لن يضر باعتبار زيارة عاشوراء الشريفة.

علقمة بن محمد الحضرمي

علقمة بن محمد الحضرمي هو ناقل زيارة عاشوراء.

قال الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) في باب أصحاب الإمام الباقر (عليه السلام) : علقمة بن محمّد الحضرمي أخو أبي بكر الحضرمي .

وقال في باب أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام) : علقمة بن محمّد الحضرمي الكوفي أسند عنه .

وثاقة علقمة بن محمد الحضرمي

يمكن إحراز وثاقة علقمة بن محمد الحضرمي من عدة طرق :

1 ـ روى الكشي ; هذه الرواية في أواخر ترجمة علقمة بن محمد الحضرمي : حدّثني علي بن محمّد بن قتيبة القتيبي قال : حدّثنا الفضل بن شاذان قال : حدّثني أبي عن محمّد بن جمهور عن بكار بن أبي بكر الحضرمي قال : دخل أبو بكر وعلقمة على زيد بن علي وكان علقمة أكبر من أبي فجلس أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره وكان بلغهما أنه قال : ليس الإمام منّا من أرخى عليه ستره إنّما الإمام من شهر سيفه! فقال له أبو بكر ـ وكان أجرأهما ـ : يا أبا الحسين أخبرني عن علي بن ابى طالب (عليه السلام) أكان اماماً وهو مرخ عليه ستره أو لم يكن إماماً حتّى خرج وشهر سيفه؟ قال : وكان زيد يبصر الكلام قال : فسكت فلم يجبه فردّ عليه الكلام ثلاث مرات كلّ ذلك لا يجيبه بشيء فقال له أبوبكر : إن كان علي بن أبي طالب إماماً فقد يجوز أن يكون بعده إمام مرخى عليه ستره وان كان على (عليه السلام) لم يكن إماماً وهو مرخى عليه ستره فأنت ما جاء بك ها هنا قال : فطلب من أبى علقمة ان يكف عنه! فكف .

فهذه الرواية تدل بوضوح على أن هذين الأخوين جاءا إلى زيد بن علي للاطلاع وخصوصا هذه العبارة : يا أبا الحسين أخبرني عن على بن أبي طالب (عليه السلام) أكان إماماً وهو مرخ عليه ستره أو لم يكن إماماً حتّى خرج وشهر سيفه؟ وتشير هذه الرواية أيضاً إلى اهتمامهما بأمر الدين ولذا ذهبا إلى زيد بن علي.

2 ـ تدل هذه العبارة التي قالها أبو بكر (عبد الله بن محمد) : إن كان علي بن أبي طالب إماماً فقد يجوز أن يكون بعده إمام مرخىً عليه ستره تدل على أن عبد الله بن محمد أبو بكر وعلقمة بن محمد كانا معتقدين بإمامة الإمام الباقر (عليه السلام) ولذا احتجا بهذا الأسلوب أمام زيد بن علي لأن هذه العبارة المذكورة تشير إلى الإمام الباقر.

3 ـ إن نقل الكشي ; لهذه الرواية في أواخر ترجمة علقمة بن محمد الحضرمي دليل على الكشي ; كان مهتما بأمر علقمة ومعتمدا عنده.

4 ـ لو لاحظنا رواية صفوان التي يقول فيها ان الإمام الصادق (عليه السلام) خرج من الحيرة إلى المدينة ومعه صفوان بن مهران وجماعة من أصحابنا إلى الغري ولما فرغنا من زيارة أمير المؤمنين (عليه السلام) صرف صفوان وجهه إلى ناحية أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) تزورون الحُسين (عليه السلام) من هذا المكان من عند رأس امير المؤمنين (عليه السلام) من هاهُنا أومأ اليه الصّادق (عليه السلام) وأنا معه ثم دعا صفوان بالزّيارة الّتي رواها علقمة بن محمّد الحضرمي عن الباقر (عليه السلام) في يوم عاشوراء ثمّ صلّى ركعتين عند رأس امير المؤمنين (عليه السلام) وودّع في دبرهما امير المؤمنين (عليه السلام) وأومأ الى الحسين صلوات الله عليه بالسّلام منصرفاً وجهه نحوه وودّع بالدعاء المعروف بحديث صفوان ولما فرغ قال له سيف بن عميرة : انّ علقمة بن محمّد لم يأتنا بهذا عن الباقر (عليه السلام) انّما أتانا بدعاء الزّيارة .

فقال صفوان : وردت مع سيّدي الصّادق صلوات الله وسلامه عليه الى هذا المكان ففعل مثل الَّذي فعلناه في زيارتنا ودعا بهذا الدّعاء عند الوداع بعد أن صلّى كما صلّينا وودّع كما ودّعنا.

ان هذه المناقشة شاهد على أن كلا من سيف بن عميرة وصفوان بن مهران كانا معتقدين بوثاقة علقمة ولهذا احتج سيف بن عميرة بعمل علقمة ولم ينكر صفوان ذلك على سيف بن عميرة.

5 ـ إن ما نقله الكشي من مناقشة علقمة وأخيه مع زيد بن علي يحكي عن ثباتا هذين الأخوين على الإمامة وطاعتهما للإمام المفترض الطاعة.

6 ـ قال المحدث النوري ; في حق علقمة بن محمد : يظهر من الكشي في ترجمة أخيه مدحه .

ويشير المحدث النوري ; هنا إلى رواية الكشي ; التي تقدم ذكرها.

7 ـ لو أخذنا بنظر الاعتبار الرواية المتقدمة ورواية بكار بن أبي بكر الحضرمي التي يقول فيها : دخل (أبي) أبو بكر وعلقمة على زيد بن علي ... وثلاث روايات أخرى هي :

أ ـ حدثنى محمد بن مسعود قال : حدثنى عبدالله بن محمد بن خالد الطيالسى قال : حدثنى الوشاء عمن يثق به ـ يعنى امّه عن خاله ـ قال : فقال له عمرو بن الياس قال : دخلت انا وابى الياس بن عمرو على ابى بكر الحضرمى وهو يجود بنفسه قال : يا عمرو ليست هذه بساعة الكذب اشهَدُ على جعفر بن محمّد انّى سمعته يقول : لا تَمُسّ النار من مات وهو يقول بهذا الامر .

ب ـ أبو جعفر محمد بن على بن القاسم بن ابى حمزة القمى قال : حدثنى محمد بن الحسن الصفار المعروف بممولة قال : حدثنى عبدالله بن محمد بن خالد قال : حدثنى الحسن ابن بنت الياس قال : حدثنى خالى عمرو بن الياس قال : دخلت على ابى بكر الحضرمى وهو يجود بنفسه فقال لى : اشهَدُ على جعفر بن محمّد انه قال : لا تدخل النار منكم احد .

ج ـ (روي محمد بن يعقوب بسند صحيح) عن أبي بكر الحضرمي قال : مرض رجل من أهل بيتي فأتيته عائداً ... فقلت : قل : أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له فشهد بذلك ... فقلت : قل : أشهد أنّ محمداً عبده ورسوله فشهد بذلك فقلت : قل : أشهد أنّ عليّاً وصيّه وهو الخليفة من بعده والامام المفترض الطاعة من بعده فشهد بذلك ... ثمّ سمّيت الائمة : رجلاً رجلاً فأقرّ بذلك ... فلم يلبث الرجل أن توفّي فجزع أهله عليه جزعاً شديداً ... قالت : رأيت فلاناً ـ تعني الميّت ـ حيّاً سليماً فقلت : فلان؟ قال : نعم فقلت له : أما كنت متّ؟ فقال : بلى ولكن نجوت بكلمات لقّنيها أبو بكر ولو لا ذلك لكدت أهلك

فلو ضممنا هذه الروايات الثلاث إلى الرواية الأولى يجدر بنا أن نتأمل فإن هذه الروايات مجموعة يمكن أن تُشّكل قرائن لمعرفة شخصية علقمة بن محمد الحضرمي.

فإذا كانت هذه الروايات تشير إلى وثاقة عبد الله بن محمد الحضرمي فلابد أن نتأمل في حال أخيه علقمة لأن الرواية الأولى تدل على ثبوته على الإمامة وكان أخوه علقمة قد رافقه إلى مناقشة زيد بن علي وكان معه وهو يناقش زيد (عليه السلام) وعلقمة يتابع المناقشة على طولها وهذا يدل على سلامة عقيدة كلا الأخوين ووحدة اتجاههما .

قال أستاذ الفقهاء السيد الخوئي (قدس سره الشريف) بعد أن ذكر الروايات الثلاث المتقدمة قال في حق عبد الله بن محمد الحضرمي : هذه الصحيحة المؤيدة بالروايات المتقدمة تدل على تشيّعه وكمال ايمانه .

ـ نقل العلامة المجلسي ; في كتاب الإمامة من بحار الأنوار نقل رواية في حق علقمة بن محمد الحضرمي والرواية عن الإمام الباقر (عليه السلام) جاء فيها : عن ميسر وعدّه البرقي في أصحاب الباقر (عليه السلام) قائلاً : ميسر بن عبدالعزيز المدائني النخعي .

وقال الكشي : جعفر بن محمد قال : حدّثني علي بن الحسن بن فضّال عن أخويه محمد وأحمد عن أبيهم عن ابن بكير عن ميسر بن عبدالعزيز قال : قال لي أبو عبدالله (عليه السلام) : رأيت كأني على جبل فيجيء الناس فيركبونه فإذا ركبوا عليه تصاعد بهم الجبل فينتثرون عنه ويسقطون فلم يبق معي إلاّ عصابة يسيرة أنت منهم وصاحبك الأحمر ـ يعني عبدالله بن عجلان ـ . (رجال الكشى ص 177 رقم 119).

حمدويه بن نصير قال : حدّثنا محمد بن عيسى عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن ابن مسكان عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : رأيت كأني على رأس جبل والناس يصعدون عليه من كلّ جانب حتى إذا كثروا عليه تطاول بهم في السماء وجعل الناس يتساقطون عنه من كلّ جانب حتى لم يبق عليه إلاّ عصابة يسيرة يفعل ذلك خمس مرّات فكلّ ذلك يتساقط الناس عنه وتبقى تلك العصابة عليه أما أنّ ميسر بن عبدالعزيز وعبدالله بن عجلان في تلك العصابة فما مكث بعد ذلك إلاّ نحواً من سنتين حتى مات (عليه السلام) . (رجال الكشى ص 117 رقم 120).

 وقال علي بن الحسن : إنّ ميسر بن عبدالعزيز كان كوفياً وكان ثقة . (رجال الكشى ص 177 رقم 120 ؛ اختيار معرفة الرجال ج 2 ص 513 ح 446).

 ابن مسعود قال : حدّثنا عبدالله بن محمد بن خالد قال : حدّثني الوشّا عن بعض أصحابنا عن ميسر عن أحدهما قال : قال لي يا ميسر إني لأظنك وصولاً لقرابتك قلت : نعم جعلت فداك لقد كنت في السوق وأنا غلام وأجرتي درهمان وكنت أعطي واحداً عمّتي وواحداً خالتي فقال : أما والله لقد حضر أجلك مرّتين كلّ ذلك يؤخّر. (اختيار معرفة الرجال ج 2 ص 513 ح 447 ؛ رجال الكشى ص 17رقم 120).

 إبراهيم بن علي الكوفي قال : حدّثنا اسحاق بن ابراهيم الموصلي عن يونس عن حنان وابن مسكان عن ميسر قال : دخلنا على أبي جعفر (عليه السلام) ونحن جماعة فذكروا صلة الرحم والقرابة فقال أبو جعفر (عليه السلام) : يا ميسر أما أنه قد حضر أجلك غير مرّة ولا مرّتين كلّ ذلك يؤخّر بصلتك قرابتك . (رجال الكشى ص 17رقم 120)

روى محمد بن يعقوب بسنده الصحيح عن ميسر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : قال لي : أتخلفون وتتحدّثون وتقولون ما شئتم؟ فقلت : إي والله إنا لنخلو ونتحدّث ونقول ما شئنا فقال : أما والله لوددت أني معكم في بعض تلك المواطن أما والله إني لأحبّ ريحكم وأرواحكم وإنكم على دين الله ودين ملائكته فأعينوا بورع واجتهاد. الكافي : الجزء 2 كتاب الايمان والكفر1  باب تذاكر الاخوان 81 الحديث 5 .

 وروى بسنده الصحيح أيضاً عنه قال : دخلت على أبي عبدالله (عليه السلام) فقال كيف أصحابك؟ (إلى أن قال) قلت : والله لنحن عندهم أشرّ من اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا فقال : أما والله لا يدخل النار منكم اثنان لا والله ولا واحد (الحديث).

الروضة : الحديث 32 . (معجم رجال الحديث ج 20 ص 117).

روى عن أبي عبدالله (عليه السلام) وروى عنه الحسين بن خارجة الكافي : الجزء 5 كتاب المعيشة 2 باب من تكره معاملته ومخالطته 59 الحديث 3.

ورواها في حديث (صلى الله عليه واله) من الباب باختلاف في صدر السند.

ورواهما الشيخ في التهذيب : الجزء (عليه السلام) باب فضل التجارة وآدابها ... الحديث 35 و 40.

وروى عنه صفوان الكافى : الجزء 2 كتاب الدعاء 2 باب فضل الدعاء والحثّ عليه 1 الحديث 3.

وروى عن أبي جعفر (عليه السلام) وروى عنه عقبة. الكافي : الجزء 5 كتاب النكاح (عليها السلام) باب ما يستحبّ من التزويج بالليل 41 الحديث 3.

ثمّ إنه روى الصدوق بسنده عن محمد بن أبي عمير عن ميسر بن عبدالعزيز عن الصادق. الفقيه : الجزء (عليها السلام) باب وجوب ردّ المبيع بخيار الرؤية الحديث67.

عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : كنت وأنا وعلقمة الحضرمي وأبو حسان العجلي وعبدالله بن عجلان ننتظر أبا جعفر (عليه السلام) فخرج علينا فقال : مرحباً وأهلاً والله إنّي لاَُحبّ ريحَكم واَرْواحَكُم إنّكم لَعلى دينِ اللهِ.

ورواها الشيخ في التهذيب : الجزء (عليه السلام) باب العيوب الموجبة للردّ الحديث 283 وباب الغرر والمجازفة ... الحديث 560 من الجزء وفيهما : ابن أبي عمير عن جميل (بن درّاج) عن ميسر وهو الصحيح الموافق للكافي : الجزء 5 كتاب المعيشة 2 باب من اشترى شيئاً فتغيّر عما رآه 106 الحديث 1 فإنه لا يمكن أن يروي محمد بن أبي عمير عن ميسر على ما تقدّم وفي الوافي والوسائل عن كلّ مثله.

 ميسر بياع الزطي . (معجم رجال الحديث ج 20 ص 118).

ولو أخذنا بنظر الاعتبار كون ميسر بن عبد العزيز كان كثير الرواية وقد نقل عنه أجلاء المحدثين كأبي إسحاق وأبي سليمان وابن مسكان وابان الأحمر وأبان بن عثمان وابراهيم بن عقبة وثعلبة بن ميمون وجميل بن دراج وحذيفة ابن منصور وعبد الله بن بكير وعثمان بن عيسى وعقبة بن خالد الأسدي وعلي بن عقبة وفضالة وولده محمد ومحمد بن هشام ومحمد بن يوسف ومعاوية بن عمار ومحمد بن أبي عمير وصفوان بن يحيى والحسين بن خارجة و ... وكذلك عدم ورود قدح في حقه فهو ثقة على مبنى الرجالي الخبير الميزرا جواد التبريزي (أعلى الله مقامه الشريف).

فقال له علقمة : فَمَن كانَ عَلى دينِ اللهِ تَشهَدُ اَنَّه مِن اَهلِ الجنّةِ؟ قال : فَمَكَثَ هنيئةً ثُمّ قال : بَوِّرُوا [ نَوِّرُوا ] أنْفُسَكُمْ فَاِنْ لَمْ تَكُونُوا قارَفْتُم الكبائرَ فأنا أشهد.

قُلنا : وَمَا الكبائر؟

قال : الشركُ بِاللهِ العظيمِ وأكلُ مالِ اليتيمِ وَقَذْفُ المُحْصِنة وعُقوقُ الوالِدَين وَقتلُ النفسِ والرّبا والفرارُ مِنَ الزَّحْفِ.

قال : ما مِنّا اَحَدُ اَصابَ مِنْ هذا شيئاً فقال : فَأنتُم إذا ناجُونَ فَاجْعَلُوا اَمرَكم هذا لِلّهِ ولا تَجْعَلُوه لِلنّاسِ فَاِنّه ما كانَ للنّاسِ فَهُوَ للنّاسِ وَما كانَ للهِ فَهُوَ لَهُ فَلا تُخاصِمُوا النّاسَ بدينِكُم فاِنّ الخُصومَةَ مُمرضةٌ لِلقَلبِ اِنّ اللهَ قالَ لِنبيّه (صلى الله عليه واله) {إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [القصص : 8] وقال : { أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ } [يونس : 99] .

وهذه الرواية التي ذُكرت في حق علقمة بن محمد الحضرمي وإن كانت لا تدل لوحدها على وثاقته إلا أنه يمكن اعتبارها مؤيدا ـ ولو ضعيفا ـ على الوثاقة.

9 ـ ومن المؤيدات الأخرى لوثاقة علقمة بن محمد الحضرمي هو تنوع رواياته واختلافها من إمامة الأئمة الإثني عشر : ورواية حجة الوداع وخطبة رسول الله (صلى الله عليه واله) يوم الغدير وهذه كلها تدل على جلالة هذا الراوي ومكانته الممتازة .

وخلاصة الكلام : ان قول سيف بن عميرة لصفوان بن مهران : إن علقمة لم يروِ بهذا الشكل دليل على عظمة علقمة ومنزلته العالية حتى أن سيف بن عميرة استدل بفعله في مقابل صفوان بن مهران. هذا من جهة ومن جهة أخرى المناظرة المنقولة في بعض الروايات المتقدمة بين علقمة وأخيه عبد الله وبين زيد بن علي تدل على وحدة الاتجاه بين هذين الأخوين وكذلك نقله لروايات متنوعة في الإمامة وحجة الوداع وخطبة الغدير و ... تدل على جلالته وعظمته ولذا فإننا نرى أن هذه القرائن كافية لوثاقة علقمة بن محمد الحضرمي.

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.