أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-8-2019
4564
التاريخ: 20-6-2019
1118
التاريخ: 10-10-2016
1745
التاريخ: 6-10-2016
2385
|
أوغاريت ودول البحر المتوسط والعالم الأيجي :
ان النشاط التجاري المتميز لأوغاريت مع الأقاليم الداخلية والواقعة إلى الشرق منها رافقته هيمنة تجارية بحرية ملحوظة مع مناطق البحر المتوسط وبحر إيجة ، إذ ان البيئة الجغرافية لأية مدينة ساحلية تحتم عليها أن تتوافق مع ساحل البحر من أجل تأمين متطلبات العيش ، فكانت جبال لبنان تزود المدن الكنعانية ( الفينيقية ) بالخشب الجيد لصنع السفن التي هي واحدة من أهم أدوات العيش في تلك البيئة(1) ، فكان البحر لا يخيفهم ، والعالم المجهول يفتنهم بدلاً من أن يلقى الرعب في قلوبهم(2) ، ففي تلك البيئة تتنوع تجربة الإنسان مع الطبيعة ، وتختلف اختلافاً كبيراً حتى بين جهة من قريته وجهة اخرى ، بحيث ينعكس هذا التنوع ثراءاً نفسياً تنمو من خلاله مشاعر ذات الفرد ورغبات توكيد شخصيته في أي علاقة له مع الطبيعة أو مع الآخرين حوله(3) ، وهكذا أصبح سكان السواحل بناة لمدن كانت لها بصمة تاريخية وحضارية واضحة ولعل أوغاريت كانت شمالية تلك المدن ، في حين مثلت عكا اقصاها الجنوبي وما بين تينك المدينين تقع أرواد ، وطرطوس وعمريت ( ماراتوس ) وجبيل وصيدا وصور(4) ، وتظهر لنا أهمية أوغاريت ضمن شبكة التجارة الإقليمية والعكس صحيح ايضاً ، إذ أن للتجارة أهمية بالنسبة لأوغاريت وهذا ما نلمسه من خلال تشجيع ملوك أوغاريت للتجارة إذ نجد في عقد ملكي يعود إلى حوالي 1400ق.م. إشارة صريحة في نصه إلى إعفاء رجل من الضرائب الكمركية على سفنه القادمة من كريت(5) ، وفي وثيقة ملكية أخرى تقرأ ان الملك اصدر نوعاً من الجواز لرجل وابنه يعطيهما الصلاحية لاستخدام الطرق إلى مصر وإلى بلاد الحيثين(6) ، فضلاً عن ذلك فان ملوك أوغاريت لعبوا دوراً ملحوظاً في التجارة إذ كان الملك أكبر مالك للسفن وكان له عدد كبير من العملاء من التجار الذين يقومون بصفقات تجارية لصالحه بتكليف منه ، إلى جانب ذلك فثمة مستثمرون يعملون لحسابهم الشخصي(7) .
لقد قدم البيت الملقب بـ ( بيت أورتينو ) من خلال التنقيبات التي جرت فيه أكثر من خمسمائة نص ذي أهمية تاريخية وأعطتنا فكرة عن المكانة المرموقة التي احتلتها اوغاريت في نهاية العصر البرونزي الحديث واتضح من خلال تلك النصوص ان ( الأورتينو ) هو موظف دولة كبير في حدود 1200 ق.م. ومرتبط بالعائلة الملكية الأوغاريتية وأغلب تلك النصوص عبارة عن رسائل بعضها مكتوب بالأوغاريتية المحلية وأغلبها مكتوبة بلغة الدبلوماسية العالميـة آنذاك ( الأكدية ) ، وهذه المراسلات تعود إلى ملوك أو وزراء في بابل ومصر وبلاد الحثيين ومدن الساحل الفينيقي وهي مرسلة أو مستقبلة من قبل ملكي أوغاريت نقمادو الثالث وعمواربي ، ومن خلال تلم المراسلات أمكن التعرف على الصلات التجارية الدولية التي كانت تربط اوغاريت بالدول الكبرى آنذاك وهي مصر والدولة الحثية وكذلك قبرص وكريت (8)، متحكمة بتجارة مهمة معها وشكلت ركيزة في اقتصادها ألا وهي تجارة المعادن إذ وجدت آثار كثيرة للنحاس والبرونز في الميناء إضافة إلى كتل كبيرة من الرصاص وجدت في القصر الملكي(9) ، مقابل ذلك فان الميناء كان يصدر منتجات أوغاريتية ومنها منتجات غذائية (حبوب ، زيت ، خمر )(10) ومنتجات المشاغل المحلية من أقمشة ومنسوجات وكذلك الحلي وقوالب السباكة ومنتجات معدنية برونزية (11)، إضافة إلى أنها كانت تتاجر بالعبيد وتصدر الخيول(12) ، فضلاً عن الصبغة الأرجوانية التي اشتهرت بها كل مدن الساحل الفينيقي(13) ، فالتجارة مع مصر يعطي دليلها مصدر مصري وهو عبارة عن لوحة من مدفن في طيبة يعود إلى حوالي 1400ق.م. ويظهر سفناً من الطراز المصري مزدحمة بطاقم من العمال الفينيقيين يفرغون الحمولة في مدينة مصرية ( لعلها طيبة ) وكان هناك نوع من التفتيش على الطاقم ، إذ إن تفاصيل الصورة تظهر موظف وهو يسجل الأسماء وبعض الأمور الأخرى لمجموعة من الملاحين ، وكانت البضاعة الرئيسة تتألف من جرار للخمر والزيت وآنية مصنوعة من المعادن الثمينة ،وتشير الصورة إلى أن هذه المواد لم تبع الى الافراد بل الى موظف حكومي ولعله صاحب المدفن الذي كان مسؤولاً عن مخازن البلدة(14) ، وفي التنقيبات التي جرت في أوغاريت عثر على لقى أثرية ذات أصل مصري ، ففي مكان غير بعيد عن معبد (داجان) (15)، هناك عقد من التمائم يحمل رسماً لرأس سنوسرت الاول وبالقرب من هذا المكان وجد تمثال صغير لحنوميت زوجة سنوسرت الثاني ، وقرب مدخل معبد بعل وجد تمثالان لأبي الهول يحملان رأس أمنحوتب الثالث ، ووجدت في هذا المكان ايضاً مجموعة كبيرة من المنحوتات المستوردة من مصر ومنها منحوتة تمثل شخصاً يدعى سنوسرت – انحا وزوجته وحماته ، ويعتقد شيفر ان سنوسرت كان سفيراً لمصر لدى ملك اوغاريت(16) ، كذلك فقد أبانت التنقيبات عن اكتشاف بيت بالقرب من القصر الملكي الكبير وتبين أن ملكية هذا البيت تعود إلى شخص مصري اقام في أوغاريت إقامة دائمية في القرن الثالث عشر ق.م. ، ووجدت في المكان قطع من اصص واكواب وغيرها من المصنوعات المصرية(17) ، بينما هناك وثيقة تتحدث عن توزيع الخمر من مستودعات الملك ومن بين من حصلوا عليه أشوريون ومصريون وهذا دليل على الوجود المصري في أوغاريت(18) ، بل ان هناك دلالة مهمة أخرى تدل على عمق تلك الصلات بين أوغاريت ومصر تؤشرها لنا لوحة عقد قران ملك أوغاريت نقمد الثاني ( 1345-1336 ق.م. ) على أميرة مصرية اكتشفت في بهو الأرشيف الملكي المركزي وإلى جانبه قطع فخارية تحمل رسم رأسي أمنحوتب الثاني ونفرتيتي وقطعة تحمل رسماً لرأس رجل غير معروف يعتقد أنه رمسيس الثاني(19) ، كذلك تم العثور على تمثال أحد الوزراء وتمثال صغير لأبنه أمنمحيت الثاني ويرى بعض الباحثين ان تمثال الوزير يثبت سفر بعثة مصرية برئاسته إلى أوغاريت ، أما التماثيل الملكية الأخرى فتمثل هدايا من البلاط المصري إلى البلاط الملكي الأوغاريتي(20) ، وهناك بعض التجار المصريين الذين أصبح لهم شأن اجتماعي مرموق ومنهم التاجر باخ ، إذ أهداه الملك اميشتمرو الثاني ( حوالي 1265 ق.م.) بيتاً وعدد من قطع الأراضي وأصبح احد رجالات الملك ، ومن كبار مالكي الأراضي(21).
ان تلك الدلائل هي الأكثر أهمية على الصلات التجارية بين أوغاريت ومصر إذ حرص فراعنة مصر على تقوية تلك الصلات مع مناطق شرق البحر المتوسط(22) ، فكانت أوغاريت تذكر دائماً في نصوص ايبلا ، لأن التجار المصريون كانوا يأتون إليها عن طريقها حاملين بضائعهم المختلفة ويعودون ومعهم اللازورد والأخشاب والعقيق وغير ذلك(23) ، ولكن حوليات الفرعون المصري تحوتمس الثالث ذكرت اوغاريت من ضمن المناطق التي شملتها حملاته العسكرية ، إذ ظلت هذه المدينة طيلة قرن من الزمان خاضعة للنفوذ المصري إلى أن ضعفت قوة مصر السياسية في عهد اخناتون فتحولت المدينة إلى تابع للملك الحثي شوبيليليوما (1380– 1340ق.م.) ومع كل ذلك فيمكن القول أن أوغاريت وبحكم موقعها كانت أكثر تأثراً بآسيا الصغرى ودول بحر إيجة من تأثرها بمصر(24).
تؤكد النصوص الكتابية على أن أوغاريت اقامت علاقات طيبة مع اسيا الصغرى ودول بحر إيجة منذ النصف الأول من الالف الثانية ق.م. وإن أشخاصاً من هذه الدول جاءوا إليها للقيام بعقد الصفقات التجارية وكانت هذه العلاقات واسعة وقوية لدرجة أن الأمر تطلب وجود مترجمين محترفين يعملون مع التجار لتسهيل مهامهم(25) وتتحدث وثائق عديدة جاءتنا من الأرشيف الملكي الخاص بالمدينة عن دور أوغاريت الكبير في تزويد آسيا الصغرى بالمواد الغذائية ، فهناك رسالة موجهة من الملك الحثي إلى ملك أوغاريت الذي هو ربما (عمورابي) في حدود القرن الثالث عشر ق.م. يطلب منه فيها الاهتمام بالحبوب القادمة من بلاد موكيش (شمال أوغاريت) التي في النية إرسالها إلى بلاد الحثيين عبر أور(26) وذكر ان الموضوع عاجل جداً أي أنه قضية (حياة أو موت) وربما تكون هذه إشارة إلى حدوث مجاعة قاسية في بلاد الأناضول(27) ، وتشغل النصوص الكتابية التي تخص التجار الذين يعود أصلهم إلى مدينة اور في آسيا الصغرى أهمية خاصة كونهم أسسوا مستعمرة تجارية لهم في اوغاريت ، وأهم تلك النصوص عبارة عن رسالة بعث بها الملك الحثي حاتوشيلش الثالث ( 1275-1250ق.م. ) إلى نقميبا حاكم أوغاريت حدد فيها المعايير القانونية التي تضبط اقامة تجار أور في أوغاريت الذين كان البعض منهم يتاجر بتكليف من الملك الحثي نفسه ، وقد تسنى لهم الوصول إلى ثراء مادي كبير تمكنوا بوساطته من شراء الأراضي في اوغاريت أو العمل بصفة مقرضين للأموال ، ويبدو أنهم أصبحوا يشكلون بممارستهم هذه مصدر عدم ارتياح وقلق لسكان المدينة لهذا فقد توجه حاكمها بشكوى إلى الملك الحثي الذي حدد ضوابط اقامتهم في أوغاريت(28) على الرغم من انها كانت في هذه الفترة ميناءاً تجارياً يدفع فروض الطاعة والولاء للإمبراطورية الحثية(29) ، ومن ضمن ما جاء في تلك الضوابط ، اقتصار نشاطهم التجاري على فصل الصيف فقط ، ومنعهم من حيازة العقارات في المدينة ، وبهذا فأنه حمى المجتمع الأوغاريتي من نفوذهم وتزايد قوتهم(30).
وتحدثنا نصوص كتابية أخرى عن وجود علاقات تجارية بين أوغاريت ومملكة ترخوداشي ( Turhudashi ) التي كان يحكمها أحد افراد الأسرة المالكة في آسيا الصغرى(31) .
وبقيت أوغاريت تتمتع بأهمية خاصة بالنسبة للمملكة الحثية حتى النصف الثاني من القرن الثالث عشر ق.م.. تلك الأهمية التي جاءت من قوتها الاقتصادية، كونها كانت تغطي احتياجاتها ولاسيما في مجال التسليح ، ذلك أنها مركز لتجارة النحاس القبرصي ورابط رئيسي لطرق التجارة الدولية(32).
أما النشاط التجاري للبلاد السورية مع بحر إيجة ومنها كريت فيعود إلى بداية الألف الثاني ق.م..(33) ، وكانت قبرص هي الحلقة الأهم في هذا الاتصال إذ كانت تشكل الجسربين أوغاريت والعالم الإيجي(34) وكانت تذكر في نصوص ماري منذ أواخر القرن التاسع عشر ق.م. كونها موطناًَ غنياً بالنحاس (35)، كذلك فان التجار الكريتيين أخذوا ينشطون في البلاد السورية ومنها اوغاريت منذ بداية الألف الثاني ق.م. وشمل هذا النشاط الميادين التجارية والثقافية(36) ، وقد تم العثور على بعض السلع الكريتية ومنها مزهريات معدنية تعود إلى الفترة المنيويه(37) الوسيطة (2950-1550ق.م.)(38) ، وبالمقابل فقد عثر في كريت على بعض الأواني والمزهريات الفخارية ذات الطابع السوري تعود إلى العصر المنيوي المتأخر(1550-1100ق.م.)(39) ، كما عثر في مايسيني في القسم الجنوبي الغربي من بلاد اليونان وبمناطق أخرى من بلاد اليونان على أدوات مصنوعة من العاج لحيوانات مركبة مثل الغرفين (40) Griffin) ) والسفينكس (41) Sphinx )) والتي قد تكون مستوردة من سورية أو معمولة محلياً تحت تاثير سوري (42) وعلى أية حال فقد كان عاج الفيل الهندي الذي كان لا يزال يعيش في سهل الغاب في سورية في العصر البرونزي هو من أثمن البضائع التي كانت تصدر إلى حزر بحر إيجه إضافة إلى بيض النعام الذي يعد من أنفس الكماليات وكذلك الأحجار الكريمة والعطور والبخور والمواد الصابغة التي يتم تحضيرها بعنايــة وكانت تستخــدم في الرسوم الجدارية (الفريسكات ) وفي بيوت تيرا (43) وكانت هذه البضائع تنقل بانتظام بوساطة مراكب من شاطئ أوغاريت إلى الجزر اليونانية متوقفة في قبرص ، وبمحاذاة شواطئ آسيا الصغرى(44) وهناك نص مهم وهو عبارة عن لائحة ثبتت فيها اسماء المواد المشحونة على أحد السفن الأليشية ( نسبة إلى آلاشيا وهو الاسم القديم لقبرص ) والموجود في أتاليغي احد مرافئ أوغاريت وهذا النص يشير إلى علاقات تجارية بحرية نشطة بيني أوغاريت وآلاشيا ويظهر من بين المواد التي على ظهر السفينة البرونز وكميات من القماش الأرجواني (45).
إن هذا النشاط التجاري الدائم بين أوغاريت وجزر بحر إيجه ربما حتم على بعض المجموعات البشرية الأيجيه الإقامة في أوغاريت وهذا ما امكن التوصل إليه من خلال أنتشار الفخاريات الميكينية(46) المزخرفة (47) ، زد على ذلك ، فان العديد من المواقع التابعة لأوغاريت ( مثل تل سوكاس وابن هانئ ورأس البسيط(48)) قد عثر فيه على كميات من الفخار المستورد من جزيرة مسينا (49)، إذ كان للمسينيون مستعمرة تجارية نشيطة في أوغاريت أسسوها بحدود عام 1400ق.م.(50) ، كما يوجد في أوغاريت ما يعرف باسم ( الحي الإيجي ) إذ عثر فيه على قبر يسمى ( قبر القبطان ) الذي ربما يعود لأحد بحارة السفن التجارية ، وقد عثر شيفر اثناء التنقيب فيه على جزء من جرة جميلة من نوع الكماريس الكريتية ( نسبة إلى أول موقع ( كمارس ) في كريت اكتشفت فيه هذا النوع من الجرار(51).
أن من أهم الأشياء التي تم العثور عليها في مواقع الحفريات المسينية وفي جزيرة كريت وتيرا وقبرص وفي أوغاريت والتي تدلل على النشاط التجاري الملحوظ بين أوغاريت والعالم الإيجي هي تلك الموازين والأوزان المصنوعة من الرصاص أو البرونز أو الحجر ، والتي تتشابه فيما بينها إلى حد كبير ، وهي تبرهن أنه كان ثمة أسس تجارية متفق عليها في عمليات التبادل التجاري آنذاك (52) ومما يؤكد هذا النشاط هو ما تم اكتشافه في السنوات الأخيرة من القرن العشرين من حطام سفينتين بالقرب من شاطئ تركيا الجنوبي ، فقد عثر عند التنقيب في حطام السفينة الغارقة عند كاس أوغلوبورن على أنواع كثيرة من المواد الأولية المتنوعة في مصادرها من معادن وأخشاب وصناعات برونزية وحلي وأنياب فيله وأسنان فرس الماء وأواني طبخ ... الخ ، وهذه السفينة على الأرجح محملة من شرق البحر المتوسط ثم أكملت حمولتها في قبرص لكي تذهب إلى اليونان . وهي تعطينا صورة واضحة عما كانت تنقله سفينة تجارية أوغاريتية من بضائع على جزر بحر إيجه(53) .
ولا بد هنا من الإشارة ونحن نتحدث عن المركز الدولي المهم الذي تمتعت به هذه المدينة أنه كان من نتائج ذلك النشاط التجاري المتميز لها ان ساهمت مساهمة كبيرة في انتشار اللغة والكتابة الأكدية إلى مناطق متعددة من العالم القديم (54).
إن هذا المركز التجاري الدولي القديم انتهى إلى الدمار والتخريب إذ هدمته الزلازل والنيران في عام 1365ق.م. أعقبه طغيان البحر ، لكن اوغاريت نهضت من جديد ثم ما لبثت ان وقعت سريعاً في قبضة الحثيين في عهد أحد ملوكها ويدعى ( نقماد ) إذ أصبح تابعاً للملك الحثي تشوبيلوليوما ، وعند قيام رعمسيس الثاني من الأسرة التاسعة عشر المصرية بمحاولة استرداد أملاك مصر في سوريا وحدثت بينه وبين ملك الحثيين وحلفاؤه من ملوك الدويلات السورية معركة قادش عام 1278ق.م. انضمت أوغاريت لهؤلاء الأحلاف بحكم تبعيتها للحثيين (55) ، الذين وقعت مصر معاهدة معهم فساد السلام في المنطقة وظل سكان أوغاريت كما كانوا من قبل وزادت عليهم عناصر من بلاد اليونان ( ذوي الحضارة الميكينية ) ، وأهل قبرص التي لعبت دوراً تجارياً كبيراً كما بينا وانتعشت اوغاريت للمرة الاخيرة ، ولكنها خربت ثانية حوالي سنة 1180 ق.م. إثناء اغارة شعوب البحر التي أسقطت الدولة الحثية ، وحاولت غزو مصر ولكنها لم تنجح في ذلك إذ استطاع رعمسيس الثالث أن يبعد خطرها عن مصر ولم تقم لأوغاريت قائمة بعد ذلك (56) ، ولكن يحتمل أن زلزالاً آخر أصابها في هذه الفترة وسكنها بعده سكان قلائل على أنقاضها(57).
ويرى الأستاذ ليفيراني عدم وجود وثائق تثبت ان المدينة قضت عليها شعوب البحر فهناك نص يعود لرعمسيس الثالث لا يذكر هلاك اوغاريت على يد تلك الشعوب ، بل ان هناك نصوصاً تتحدث عن اشتراك اوغاريت في الحرب ضد ( شعوب البحر ) ولا تنوه إلى هلاكها بل تذكر ان شعوب البحر نهبت ضواحي اوغاريت لكن المدينة نفسها استطاعت ان تصد الهجوم أو أنها عقدت مع زعمائها اتفاقية (58)، ويثير شيفر ذلك إذ يشير إلى أن الرقم الطينية التي اكتشفت فيها لا تنوه من قريب او بعيد عن وجود أي خطر على اوغاريت ، ولكن حالة التصدع التي تتصف بها الابنية التي اكتشفت فيها تؤكد على ان اوغاريت هلكت في أعقاب تعرضها لهزة أرضية عنيفة(59).
______________
(1) مهران ، محمد بيومي ، المدن الفينيقية ، بيروت ، 1994 ، ص269.
(2) حتي ، فيليب ، المصدر السابق ، ص104.
(3) الحوراني ، يوسف ، البنية الذهنية الحضارية في الشرق المتوسطي الآسيوي القديم ، بيروت ،1978 ، ص103.
(4) الأحمد ، سامي سعيد ، تاريخ فلسطين القديم ، بغداد ، 1979 ، ص248.
(5) ساكز ، هاري ، عظمة بابل ، ترجمة عامر سليمان ، فرنسا ، 1979 ، ص320.
(6) ساكز ، هاري ، المصدر نفسه ، ص321.
(7) شيفمان ، أ . ش ، ثقافة اوغاريت ، ص16-17.
(8) يون ، م ، "رأس الشُمره اوغاريت" ، معرض الآثار السوري الأوربي ، دمشق ، 1996 ، ص103.
(9) ساكز ، هاري ، المصدر السابق ، ص321.
(10) ايون ، مارغرين ، المصدر السابق ، ص73.
(11) كولماير ، كاي ، اوغاريت رأس الشُمرة ، الأثار السورية ، فينا , 1985 ، ص129.
(12) ايون ، مارغرين ، المصدر السابق ، ص73.
(13) كولماير ، كاي، المصدر السابق ص128.
(14) ساكز ، هاري ، المصدر السابق ،ص320.
(15) من الآلهة التي لها علاقة بالخصوبة والطعام وعرفت عبادته في ماري وأيبلا واوغاريت وكذلك بلاد آشور وقد بنى له شمش -أدد الأول معبداً في مدينة ترقا . انظر
: Black j. and Green, A, gods Demons and symbols of ancient Mesopotamia , Great Britain 2003, p.56.
(16) شيفمان ، أ. ش، مجتمع اوغاريت ، ص83.
(17) Lagarge E.et Lagarge J, Le chantier de la “Maison aux albatresu Syria, 1924, pp.5-25.
(18) شيفمان ، أ. ش، مجتمع اوغاريت ، ص85.
(19) Schaeffer Cl. F.A., la vase armes du roi Niqmad dُ Ugarit avee une princesse egyptienne ugaritica , 111,.1965, pp164-168.
(20) كراوس، ماريانه ، "سورية ومصر" ، الآثار السورية ، ص317.
(21) شيفمان ، أ. ش ، مجتمع اوغاريت ، ص85.
(22) كلينغل ، هورست ، تاريخ سورية السياسي ، ص86.
(23) مرعي ، عيد ، "التجارة في أبلا" ،دراسات تاريخية ، 45 ، 46 ، دمشق ، 1993، ص74.
(24) كراوس ، ماريانه ، المصدر السابق ، ص317.
(25) عصفور ، محمد ابو المحاسن ، المدن الفينيقية ، بيروت ، 1981 ، ص27.
(26) شيفمان ، أ . ش، مجتمع اوغاريت ، ص84-85.
(27) احد مدن آسيا الصغرى وهي تختلف عن مدينة ( اوروا) الواقعة في منطقة غرب كليكيا وقد يخلط بعض الباحثين بينهما . انظر : شيفمان ، أ. ش، مجتمع اوغاريت ، ص94.
(28) كلينغل ، هورست ، تاريخ سورية السياسي ، ص162.
(29) كولمايل ، كاي ، المصدر السابق ، ص129.
(30) ايون ، مارغرين ، المصدر السابق ، ص1ذ7.
(31) شيفمان ، أ. ش، مجتمع اوغاريت ، ص94.
(32) كلينغل ، هورست ، تاريخ سورية السياسي ، ص158.
(33) كونه ، كورد ، "سورية – بلاد الرافدين ، آسيا الصغرى في الألف الثالث والثاني قبل الميلاد" ، الآثار السورية ، فينا ، 1985، ص315.
(34) كلينغل ، هورست ، تاريخ سورية السياسي ، ص49، وردت كريت في النصوص المصرية باسم Keftiu . أنظر : بوتيرو ،جين,المصدر السابق, ص370.
(35) الأحمد ، سامي سعيد ، حضارات الوطن العربي كخلفية للمدنية اليونانية ، بغداد ، 1980 ، ص9.
(36) كلينغل، هورست، تاريخ سورية السياسي، ص49.
(37) شيفمان ، أ. ش، مجتمع اوغاريت ، ص83.
(38) المنيويه : هي اصطلاح حديث اشتقه الآثاري ارثر ايفانس الذي اكتشف مدينة كنوسوس لأول مرة سنة 1899 من اسم ملك المدينة ( مينوس ) المعروف في الأساطير اليونانية . أنظر:
برن ، اندرو روبرت ، تاريخ اليونان ، ترجمة محمد توفيق حسين ، بغداد ، 1989 ، ص19.
(39) برن ، اندرو روبرت ، المصدر السابق ، ص31.
(40 برن ، اندرو روبرت ، المصدر نفسه ، ص37.
(41) مخلوقات مركبة من جسم حيوان مجنح وبرأس طير جارح في أغلب الأحيان يكون نسراً يسير على قوائم أربعة له ذيل ينتهي برأس أفعى . أنظر:
Aruz J, Art of the First Cities, New York , 2003, p. 374.
(42) مخلوقات مركبة إسطورية تحمل معاني القوة والجبروت تكون أغلبها بهيئة أسد مجنح برأس أنسان رجلاً أو قد يكون إمرأة كما هو في الفن الحثي وتتخذ مثل هذه المخلوقات لحماية بوابات المدن والمعابد . أنظر:
Kiper, B, Encyclopedic Dictionary of archaeology , USA ,2000,p. 529.
(43) Kanter , H.,” Ivory carving in the Mycenaean period “, Archaeology , vol. 13, 1960,pp.,14-25.
(44) بوخهولتز ، هانس –غونتر ،" سورية وقبرص وكريت واليونان " ، الآثار السورية ، ص324.
(45) ايون ، مارغرين ، المصدر السابق ، ص73.
(46) شيفمان ، أ. ش، مجتمع اوغاريت ، ص86.
(47) هي الحضارة الكبيرة الثانية بعد المنيويه في بلاد اليونان وزمنها (1600-1100 ق.م. ). أنظر :يحيي ، لطفي عبد الوهاب ، اليونان مقدمة في التاريخ الحضاري ، الأسكندرية ، 1990 ، ص82.
(48) شيفمان ، أ . ش ، مجتمع اوغاريت ، ص83 .
(49) حول التنقيب في تلك المواقع . أنظر :
Lagarce , J. E. Ras ibn hani chronique Archeologique En Syria , vol 1 , Damas, 1992 , p. 116 ff.
(50) بوخهولتز ، هانز غوتز ، الآثار السورية ، ص322.
(51) ساكز ، هاري ، عظمة بابل ، ص32.
(52) بوخهولتز ، هانز غوتز، الآثار السورية ، ص321.
(53) المصدر نفسه ، ص324.
(54) ايون ، مارغرين ، المصدر السابق ، ص73-74.
(55) ايون ، م ، المصدر السابق ، ص102.
(56) باقر ، طه ، مقدمة في تاريخ الحضارات العراقية القديمة ، ج2، بغداد ، 1956 ، ص72.
(57) عصفور ، محمد ابو المحاسن ، المصدر السابق ، ص27.
(58) دائرة المعارف البريطانية ، مادة اوغاريت.
(59) شيفمان ، أ. ش ، مجتمع اوغاريت ، ص233.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|