أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-9-2017
860
التاريخ: 26-8-2017
1122
التاريخ: 26-8-2017
956
التاريخ: 26-8-2017
913
|
البركان الذي انفجر بمكّة تصل هزّاته مدينة الرسول (صلى الله عليه وآله).. لقد ثار محمد بن جعفر (1) وقمعت الثورة في مهدها، وها هي خيول المأمون الخليفة السابع تتجه الي المدينة للانتقام من العلويين.
"الجلودي" (2) الرجل الغليظ القلب يقود جنوده لنهب دور الطالبيين في المدينة الخائفة.
الخيول الغازية تدخل المدينة وهدفها نهب بيوت الطالبيين ومصادرة كل ما يملكون، و في رأس الجلودي الغليظ أوامر شخصية من الخليفة العباسي السابع تقضي بسلب النساء الحلل و الحي فلا يدع لهن إلّا ثوباً واحداً ترتديه.
وعمّ الرعب... كل شئ يهتز، الخيول الغازية لا تعرف المقدسات، والجلودي يمضي في تنفيذ مهمته.
نهض علي لمواجهة الرعب القادم، جمع النسوة في حجرة واحدة، و وقف لمواجهة السلّابين.
قلب فاطمة و هو القلب الوحيد الذي وسع كل ما يموج في تلك الحجرة من آلام..
وان ذاكرتها مشحونة بكل الملاحم الخالدة ، بكل ذلك التاريخ المثقل بالحزن.. بكل اللحظات المريرة التي عانتها المرأة...آلام خديجة، هجرة فاطمة، و أحزان زينب.
ما تزال العاصفة الهوجاء تصفر بغيظ تريد أن تجتث شجرة طيبة أصلها ثابت و فرعها في السماء.
وسمعت فاطمة و هي مستغرقة في تداعيات الزمن الراحل حواراً عند باب الدار:
قال صوت فيه غلظة الجلادين:
ـ انني انفذ أمر الخليفة .
اجاب صوت هادئ:
ـ اذا كان هدفكم سلب النسوة فسأقوم نيابة عنكم بذلك.
قال الصوت الغليظ:
ـ ومن يضمن لي أنك تفعل ذلك.. ان أوامر الخليفة تقضي بسلب النساء حللهن و حليهن إلّا ثوباً واحداً.
قال الصوت الملائكي:
ـ أقسم لك بانني سأفعل ذلك.
نظر "الجلودي" الي الرجل العلوي رأي في عينيه إصرارا و ثباتاً أين منه الجبل، أدرك بأنه اذا فتحم المنزل عنوة فانه سيدفع ثمن ذلك باهظاً، قد يتفجر الوضع...انه لم يقابل في حياته انساناً يقف هادئاً في مواجهة سيوف مصلته ، رأي كثيراً من الرجال ينحنون أمامه، يطلّ من عيونهم رعب و خوف.
أمّا الآن فانه يقف أمام انسان آخر.. انسان تطلّ عيناه على اعماق مغموره بالسلام!
اشار الجلودي الي جنوده بالانسحاب؛ والتفت الي الرجل الذي ناهز الخمسين قائلاً:
ـ سأنتظر.
دلف علي الي باحة الدار ثم الي حجرة في زاوية منه، و نظر الي نسوة وفتيات.
القلوب الصغيرة تخفق تصغي الي صهيل خيول مجنونة ادركت فاطمة ما يموج في قلب أخيها...أن اصعب شيء علي رجل أن يسلب امرأة حليّها..أن ينتزع قرطيها و قلادتها و أساور من يدها..من أجل هذا تقدمت فاطمة لتحطّم تلك اللحظات المفعمة بالمرارة.
انتزعت قرطيها و قلادتها و أخرجت كفيها من أساور من فضة و قدّمتها الي أخيها، وسرعان ما انقلب هذه الخطوة الي سائر النسوة فتجمعت في كفّي علي المبسوطتين، الحلي و الحلل فانطق بها الي الذئاب المتربصة عند عتبة الباب.
وهكذا مرّت العاصفة الصفراء، تحسب نفسها قد اجتثت كل ما يقف في طريقها، لم تعبأ بأوراد البنفسج المبثوث هنا و هناك من الأرض، يبعث بشذاه في الفضاء الواسع دون أن يلتفت اليه أحد..
وفي تلك الليلة الشتائية، وفيما كان الجودي يبتعد عن الدار جلست فاطمة تحدّث من اجتمعن حولها التماساً لدفء الكلمات المقدسة...قالت فاطمة:
ـ حدّثتني فاطمة بنت جعفر بن محمد الصادق قالت:
حدثتني فاطمة بنت علي بن الحسين عليها السلام قالت:
حدثتني فاطمة بنت الحسين بن علي عليها السلام قالت:
حدثتني أم كلثوم عن أمها فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وآله قالت:
"أنسيتم قول رسول الله صلى الله عليه وآله يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه...وقوله صلى الله عليه وآله: انت مني بمنزله هارون من موسي " (3).
والتفت فاطمة الي فتاة صغيرة تتألق في عينيها النجلاوين أقمار و نجوم:
اكتبي يا ابنة أخي. اكتبي حتي لا يضيع ميراث الانبياء.
سكتت فاطمة كانت تدرك ان هذا الاعصار القادم من مرو يريد اجتثاث علي.. علي الذي ما يزال يقاوم عواصف الزمن...علي الذي يخفق حبّه في قلوب الأحرار و المقهورين.
من أجل هذا قالت:
ـ حدثتني فاطمة بنت جعفر الصادق عليها السلام قالت:
حدثتني فاطمة بنت محمد الباقر عليهما السلام قالت:
حدثتني فاطمة بنت علي بن الحسين عليهما السلام قالت:
حدثتني فاطمة بنت الحسين عليهما السلام قالت:
حدثتني زينب بنت فاطمة عليهما السلام قالت:
حدثتني فاطمة بنت رسول الله عليهما السلام قالت:
سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول:
"لما أُسري بي الي السماء، دخلت الجنة، فاذا أنا بقصر من درّة بيضاء مجوّفة، و عليها باب مكلّل بالدر و الياقوت، و علي الباب ستر، فرفعت رأسي، فإذا مكتوب على الباب: لا الله إلّا الله محمد رسول الله، علي وليّ القوم، و إذا مكتوب على الستر: بخ بخ من مثل شيعة علي؟!
فدخلته فاذا أنا بقصر من عقيق أحمر مجوّف و عليه باب من فضة مكلّل بالزبرجد الأخضر، و اذا علي الباب ستر، فرفعت رأسي فاذا مكتوب علي الباب: محمد رسول الله ، علي وصيّ المصطفي، واذا على الستر مكتوب: بشّر شيعة علي بطيب المولد.
فدخلته فإذا بقصر من زمرّد أخضر مجوّف لم أر أحسن منه وعليه باب من ياقوتة حمراء مكلّلة باللؤلؤ و علي الباب ستر فرفعت رأسي فاذا مكتوب علي الستر: شيعة علي هم الفائزون.
فقلت يا حبيبي جبريل! لمن هذا ؟!
فقال: يا محمد لابن عمك و وصيّك علي بن أبي طالب..
يحشر الناس كلهم يوم القيامة حفاة عراة، إلّا شيعة علي، و يدعي الناس بأسماء امهاتهم إلّا شيعة علي فانهم يدعون بأسماء آبائهم.
فقلت يا حبيبي جبريل: وكيف ذالك؟
قال: لانهم أحبّوا علياً فطاب مولدهم (4).
و انبثق شلال من حبّ الهي يملأ القلوب بهجة و النفوس شفافية.. ان الدنيا ستصبح جحيماً لا يطاق اذا اختفي ذلك الأمل الحقيقي بعد أفضل.. غدٍ آخر مليء بالنور و الربيع.
__________________
(1) محمد بن جعفر الصادق عليه السلام لقب بالديباج، كان من العماء روي العلم عن أبيه الصادق عليه السلام أقام في مكة و عندما اندلعت بين الأمين و المأمون أشعل الثورة في مكة المكرمة و بويع له بالخلافة و تسمي بأمير المؤمنين ، وبايعه سكان الحجاز و قد ارسل المأمون جيشاً لقع الثورة، فسلّم نفسه بعد أن منيت قوّاته بالهزيمة، وارتقي المنبر ليعلن اعتذاره الرسمي للمأمون... أرسل مخفوراً إلي "مرو" عاصمة المأمون آنذاك و توفي في جرجان في طريق العودة الي بغداد في ظروف غامضة واشترك المأمون في مراسم التشييع و الدفن.
مروج الذهب 3 / 439.
(2) تاريخ بغداد 2 / 113.
(3) اسني المطالب / 49.
(4) كتاب المسلسلات/250.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|