المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17738 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الصبر على المكاره
2023-05-31
تحضير الانهيدريدات
2023-08-28
Degradation of Glycosaminoglycan
1-10-2021
النيماتودا الخنجرية Dagger Nematodes
6-5-2018
ELECTROMAGNETIC WAVES
24-10-2020
داود بن أبي عبد الله مولى الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي
8-8-2017


تفسير آية (44-45) من سورة الأعراف  
  
12435   07:41 صباحاً   التاريخ: 8-5-2019
المؤلف : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : ......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف الألف / سورة الأعراف /

قال تعالى : {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (44) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كَافِرُونَ} [الأعراف : 44 ، 45] .

 

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هاتين الآيتين (1) :

 حكى سبحانه ما يجري بين أهل الجنة والنار ، بعد استقرارهم في الدارين ، فقال ، {ونادى} أي : وسينادي {أصحاب الجنة أصحاب النار} أي : أهل الجنة أهل النار ، وإنما ذكر بلفظ الماضي ، لتحقيق المعنى ، جعل ما سيكون كأنه قد كان ، لأنه كائن لا محالة ، وذلك أبلغ في الردع {أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا} من الثواب في كتبه ، وعلى ألسنة رسله {حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم} من العقاب {حقا} وإنما أضافوا الوعد بالجنة إلى نفوسهم ، لأن الكفار ما وعدهم الله بالجنة إلا بشرط أن يؤمنوا ، فلما لم يؤمنوا ، فكأنهم لم يوعدوا بالجنة ، وإنما سألوهم هذا السؤال لأن الكفار كانوا يكذبون المؤمنين فيما يدعون لأنفسهم من الثواب ، ولهم من العقاب ، فهو سؤال توبيخ وشماتة يريد به سرور أهل الجنة ، وحسرة أهل النار .

{قالوا نعم} أي : قال أهل النار وجدنا ما وعدنا ربنا من العقاب حقا ، وصدقا {فأذن مؤذن بينهم} أي : نادى مناد بينهم أسمع الفريقين {أن لعنة الله على الظالمين} أي : غضب الله ، وسخطه ، وأليم عقابه على الكافرين ، لأنه وصف الظالمين بقوله {الذين يصدون عن سبيل الله} أي : يعرضون عن الطريق الذي دل الله سبحانه على أنه يؤدي إلى الجنة . وقيل : معناه يصرفون غيرهم عن سبيل الله أي دينه ، والحق الذي دعا إليه .

{ويبغونها عوجا} قال ابن عباس : معناه يصلون لغير الله ، ويعظمون ما لم يعظمه الله . وقيل : معناه يطلبون لها العوج بالشبه التي يلتبسون بها ، ويوهمون انه يقدح فيها ، وهي معوجة عن الحق بتناقضها {وهم بالآخرة} أي : بالدار الآخرة ، يعني القيامة ، والبعث ، والجزاء . {كافرون} جاحدون . وقيل في المؤذن إنه مالك خازن النار .

وروي عن أبي الحسن الرضا عليه السلام أنه قال : (المؤذن أمير المؤمنين علي عليه السلام) ، ذكره علي بن إبراهيم في تفسيره قال : حدثني أبي عن محمد بن فضيل عن الرضا عليه السلام ، ورواه الحاكم أبو القاسم الحسكاني بإسناده عن محمد بن الحنفية ، عن علي عليه السلام أنه قال : (أنا ذلك المؤذن له وبإسناده عن أبي صالح ، عن ابن عباس :

(إن لعلي عليه السلام في كتاب الله أسماء لا يعرفها الناس ، قوله : (فأذن مؤذن بينهم) فهو المؤذن بينهم ، يقول ألا لعنة الله على الذين كذبوا بولايتي ، واستخفوا بحقي) .

________________________________

1 . تفسير مجمع البيان ، ج4 ، ص 258-259 .

 

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنيه في تفسير هاتين الآيتين (1) :

{ونادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا} . ان أصحاب الجنة على علم اليقين بأن أصحاب النار قد وجدوا صدق الوعيد والتهديد ، ولكنهم وجهوا إليهم هذا السؤال شكرا للَّه على ما أنعم عليهم ، وتقريعا لأهل النار على كفرهم وعنادهم ، وتذكيرا لهم بما كانوا يقولونه من الهزؤ والاستخفاف بدين الحق وأهله .

{قالُوا نَعَمْ} حيث لا وسيلة للإنكار {فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} بهذه اللعنة يرفع المؤذن صوته يوم القيامة واصفا الظالمين بثلاثة أوصاف :

1 - {الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} أي يمنعون الناس من اتباع الحق بشتى الوسائل .

2 - {ويَبْغُونَها عِوَجاً} . لا يريدون الصدق والإخلاص والاستقامة ، وانما يريدون الكذب والنفاق والخيانة .

3 - {وهُمْ بِالآخِرَةِ كافِرُونَ} فلا يخافون حسابا ولا عقابا على جرائمهم وآثامهم .

_______________________

1. تفسير الكاشف ، ج4 ، ص 330 .

 

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هاتين الآيتين (1) :

قوله تعالى : {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ} [الأعراف : 44] إلى آخر الآية .  

هذا في نفسه أخذ اعتراف من أصحاب النار بتوسط أصحاب الجنة وواقع موقع التهكم والسخرية يتهكم ويسخر به أصحاب الجنة من أصحاب النار .  

و الاستهزاء والسخرية إنما يكون من اللغو الباطل إذا لم يتعلق به غرض حق كالاستهزاء بالحق وأهله أما إذا كان لغرض المقابلة والمجاراة أو لغرض آخر حق من غير محذور فليس من قبيل اللغو الذي لا يصدر عن أهل الجنة قال تعالى حكاية عن نوح (عليه السلام) : {وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ} [هود : 38] ، وقال : {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (29) وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ - الى أن قال - فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ} [المطففين : 29 - 34] .  

وأما الفرق بين قولهم : {مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا} [الأعراف : 44] وقولهم : {مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ} [الأعراف : 44] حيث ذكر المفعول في الوعد الأول دون الثاني فلعل ذلك للدلالة على نوع من التشريف فإن الظاهر أن المراد بما وعد الله جميع ما وعده من الثواب والعقاب لعامة الناس .  

وهناك وجه آخر وهو أن متعلق اعتراف المؤمنين وإنكار الكفار من أمر المعاد مختلف في الدنيا فإن المؤمنين يثبتون البعث بجميع خصوصياته التي بينها الله لهم ووعدها إياهم ، وأما الكفار المنكرون فإنهم ينكرون أصل البعث الذي اشترك في الوعد به المؤمنون والكفار جميعا ، ولذلك احتج الله سبحانه ويتم الحجة عليهم بأصله دون خصوصياته كقوله تعالى : {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا} [الأنعام : 30] ، وقوله : {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا} [الأحقاف : 34] .      

وعلى هذا فقولهم : {أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا} [الأعراف : 44] اعتراف منهم بحقية ما وعدهم الله وكانوا يذعنون به ويشهدون من جميع خصوصيات البعث بما قصهم الله في الدنيا بلسان أنبيائه ، وأما الكفار فقد كانوا ينكرون أصل البعث والعذاب ، وهو مما يشتركون فيه هم والمؤمنون فلذا قيل : {فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا} [الأعراف : 44] ولم يقل ما وعدكم ربكم لأن الوعد بأصل البعث والعذاب لم يكن مختصا بهم .  

وبذلك يظهر الجواب عما قيل : إن الوفاء بالوعد واجب دون الوفاء بالوعيد على ما ذكره المتكلمون فما معنى أخذ الاعتراف بحقية ما ذكره الله من عقاب الكفار والمجرمين وأنذرهم به في الدنيا ، وليس تحققه بلازم .  

وذلك أن الملاك فيما ذكروه من الفرق أن الثواب حق العامل على ولي الثواب الذي بيده الأمر ، والعقاب حق الولي المثيب على العامل ، ومن الجائز أن يصرف الشخص نظره عن إعمال حق نفسه لكن لا يجوز إبطال حق الغير فإنجاز الوعد واجب دون إنجاز الوعيد ، وهذا إنما يتم في موارد الوعيد الخاصة ومصاديقه في الجملة ، وأما عدم إنجاز أصل العقاب على الذنب وإبطال أساس المجازاة على التخلف فليس كذلك إذ في إبطاله إبطال التشريع من أصله وإخلال النظام العام .  

وربما وجه الفرق في قوليه : ﴿وَعَدَنَا رَبُّنَا﴾ ﴿وَعَدَ رَبُّكُم﴾ بأن المراد بقوله : ﴿وعدنا﴾ ما وعد الله المتقين من خصوصيات ما يعاملهم به يوم القيامة ، وبقوله : ﴿وعد ربكم﴾ عموم ما وعد به المؤمنين والكفار من الثواب والعقاب يوم القيامة كالذي في قوله : {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ} [البقرة : 38] إلى آخر الآيتين .  

ومن المعلوم أن هذا الوعد لا يختص بالكفار حتى يقال : وعدكم ربكم بل التعبير الحق وعد ربكم .  

وفيه : أن أصل الفرق لا بأس به لكنه لا يقطع السؤال فللسائل أن يعود فيقول ما هو السبب الفارق في أن أصحاب الجنة لما أوردوا اعتراف نفسهم اقتصروا بذكر ما يخصهم من أمور يوم القيامة ، وأما إذا سألوا أصحاب النار سألوهم عن جميع ما وعد الله به المؤمنين والكفار؟ وبعبارة أخرى هناك ما يشترك فيه الطائفتان وما يختص به كل منهما فما بالهم إذا اعترفوا هم أنفسهم اعترفوا بما يختص بأنفسهم ويسألون أصحاب النار الاعتراف بما يشترك فيه الجميع؟ .  

وربما وجه الفرق بأن المراد بقوله {مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ} [الأعراف : 44] الذي وعده أصحاب الجنة من أنواع الثواب الجزيل فإن أصحاب النار يشاهدون ذلك كما يجدون ما بهم من أليم العقاب .  

وهو وجه سخيف على سخافته لا يغني طائلا .  

وقوله : {فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [الأعراف : 44] تفريع على تحقق الاعتراف من الطائفتين جميعا على حقية ما وعده الله سبحانه ، والأذان هو قوله : ﴿ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ﴾ وهو إعلام عام للفريقين - والدليل عليه ظاهر قوله : ﴿بينهم﴾ - بقضاء اللعنة وهي الإبعاد والطرد من الرحمة الإلهية على الظالمين وقد فسر الظالمين الذين ضربت عليهم باللعنة بقوله : {الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كَافِرُونَ} [الأعراف : 45] فهم الكافرون المنكرون للآخرة الذين يصدون عن سبيل الله محرفة منحرفة ، ويصرفون غيرهم عن سلوك الصراط المستقيم فهؤلاء هم المعاندون للحق المنكرون للمعاد .  

وهذا الوصف يشمل جميع المعاندين للحق الكافرين بالجزاء حتى المنكرين للصانع الذين لا يدينون بدين فإن الله سبحانه يذكر في كتابه أن دينه وسبيله الذي يهدي إليه وبه هو سبيل الإنسانية الذي تدعو إليه الفطرة الإنسانية والخلقة خص بها الإنسان ليس وراءه إسلام ولا دين .  

فالسبيل الذي يسلكه الإنسان في حياته هو سبيل الله وصراطه وهو الدين الإلهي فإن سلكه على استقامة ما تدعو إليه الفطرة وهو الذي يسوقه إلى سعادته كان هو الصراط المستقيم والإسلام الذي هو الدين عند الله وسبيل الله الذي لا عوج فيه ، وإن سلك غير ذلك سواء كان فيه إذعان بألوهية وعبادة لمعبود كالملل والأديان الباطلة أو لم يكن فيه خضوع لشيء وعبادة لمعبود كالمادية المحضة فهو سلوك يبغون فيه سبيل الله عوجا وهو الإسلام محرفا عن وجهه ، ونعمة الله التي بدلت كفرا ، فافهم ذلك .   وقد أبهم الله هذا الذي يخبر عنه بقوله : {فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ} [الأعراف : 44] ولم يعرفه من هو؟ أمن الإنس أم من الجن أم من الملائكة؟ لكن الذي يقتضيه التدبر في كلامه تعالى أن يكون هذا المؤذن من البشر لا من الجن ولا من الملائكة : أما الجن فلم يذكر في شيء من تضاعيف كلامه تعالى أن يتصدى الجن شيئا من التوسط في أمر الإنسان من لدن وروده في عالم الآخرة وهو حين نزول الموت إلى أن يستقر في جنة أو نار فيختم أمره فلا موجب لاحتمال كونه من الجن .  

وأما الملائكة فإنهم وسائط لأمر الله وحملة لإرادته بأيديهم إنفاذ الأوامر الإلهية ، وبوساطتهم يجري ما قضى به في خلقه ، وقد ذكر الله سبحانه أشياء من أمرهم وحكمهم في عالم الموت وفي جنة الآخرة ونارها كقولهم للظالمين حين القبض : {أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ} [الأنعام : 93] وقولهم لأهل الجنة : {سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ} [النحل : 32]  إلخ وقول مالك لأهل النار : {إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ} [الزخرف : 77] ، ونظائر ذلك .  

وأما المحشر وهو حظيرة البعث والسؤال والشهادة وتطاير الكتب والوزن والحساب والظرف الذي فيه الحكم الفصل فلم يذكر للملائكة فيه شيء من الحكم أو الأمر والنهي ولا لغيرهم صريحا إلا ما صرح تعالى به في حق الإنسان .  

كقوله تعالى في أصحاب الأعراف في ذيل هذه الآيات حكاية عنهم : {وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ } [الأعراف : 46] وقولهم لجمع من المؤمنين هناك : {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ} [الأعراف : 49] وهذا حكم وأمر وتأمين بإذن الله ، وقوله تعالى فيما يصف يوم القيامة : {قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ} [النحل : 27] وقوله تعالى بعد ذكر سؤاله أهل الجمع عن مدة لبثهم في الأرض : {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [الروم : 56] .  

فهذه جهات من تصدي الشئون ، والقيام بالأمر يوم القيامة حبا الله الإنسان به دون الملائكة مضافا إلى أمثال الشهادة والشفاعة اللتين له .

______________________________

1 . تفسير الميزان ، ج8 ، ص 119= 123 .

 

تفسير الأمثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هاتين الآيتين (1) :

بعد البحث في الآيات السابقة حول مصير أهل الجنّة وأهل النّار ، أشار هنا إلى حوار هذين الفريقين في ذلك العالم ، ويستفاد من ذلك أنّ أهل الجنّة وأهل النّار يتحادثون بينهم وهم في مواقعهم في الجنّة أو النّار .

فيقول أوّلا : {وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا}.

فيجيبهم أهل النّار قائلين : نعم وجدنا كل ذلك. عين الحقيقة {قالُوا : نَعَمْ}.

ويجب الالتفات إلى أن (نادى) وإن كان فعلا ماضيا ، إلّا أنّه هنا يعطي معنى المضارع ، ومثل هذه التعابير كثيرة في القرآن الكريم ، حيث يذكر الحوادث التي تقع في المستقبل حتما بصيغة الفعل الماضي ، وهذا يعدّ نوعا من التأكيد ، يعني أنّ المستقبل واضح جدّا ، وكأنّه قد حدث في الماضي وتحقق.

على أنّ التعبير بـ «نادى» الذي يكون عادة للمسافة البعيدة ، يصوّر بعد المسافة المقامية أو المكانية بين هذين الفريقين.

وهنا يمكن أن يطرح سؤال وهو : وما فائدة حوار هذين الفريقين مع أنّهما يعلمان بالجواب ؟

وجواب هذا السؤال معلوم ، لأنّ السؤال ليس دائما للحصول على المزيد من المعلومات ، بل قد يتّخذ أحيانا صفة العتاب والتوبيخ والملامة ، وهو هنا من هذا القبيل. وهذه هي واحدة من عقوبات العصاة والظالمين الذين عند ما كانوا يتمتعون بلذائذ الدنيا ، حيث كانوا يؤذون المؤمنين بالعتابات المرّة ، والملامات المزعجة ، فلا بدّ ـ في الآخرة ـ أن ينالوا عقابا من جنس عملهم كنتيجة طبيعة لفعلهم ، ولهذا الموضوع نظائر في سور القرآن المختلفة ، منها ما في آخر سورة المطففين.

ثمّ يضيف تعالى بأنّه في هذا الوقت بالذات ينادي مناد بنداء يسمعه الجميع : أن لعنة الله على الظالمين {فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} .

ثمّ يعرّف الظالمين ويصفهم بقوله : {الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كافِرُونَ} (2) .

ومن الآية الحاضرة يستفاد مرّة أخرى أنّ جميع الانحرافات والمفاسد قد اجتمعت في مفهوم «الظلم» وللظالم مفهوم واسع يشمل جميع مرتكبي الذنوب ، والآثام ، وخصوصا الضالون المضلّون.

_________________________

1. تفسير الأمثل ، ج4 ، ص 375-376 .

2. يبغونها عوجا بمعنى يطلبونها عوجا ، أي أنّهم يرغبون ويجتهدون في أن يضلوا الناس بإلقاء الشبهات والدعايات المسمومة عن الطريق المستقيم. كما أنّ الراغب قال في «المفردات» عوج (بفتح العين) يعني الاعوجاج الحسي ، وعوج بكسر العين يطلق على الاعوجاجات التي تدرك بالفكر والعقل ، ولكن هذا التفصيل لا ينسجم مع ظاهر طائفة من الآيات القرآنية مثل الآية (107) من سورة طه (فتأمل بدقّة).

 

 

 




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .