أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-6-2019
5174
التاريخ: 8-04-2015
3709
التاريخ: 18-4-2019
2386
التاريخ: 29-3-2016
3398
|
ما كاد الوالي الجديد يضع اقدامه في القصر و يتسلم مقاليد السلطة حتى اخذ يفكر في امر مسلم و يستعمل جميع الاسلحة لتشتيت امر الناس و تفريقهم عن مسلم و القبض عليه مهما كانت النتائج، و تسامع الناس بقدوم ابن زياد الى الكوفة و أهلها يعرفونه بالصرامة و الحزم و الشدة، فكان من الطبيعي ان يحدث قدومه هزة في اوساط المعارضين لسياسته بقيادة مسلم بن عقيل و ان يبحثوا عن وسيلة جديدة للسير في دعوتهم نحو الهدف المطلوب، فانتقل مسلم الى دار هانئ بن عروة و جعل يتستر في دعوته و تحركاته الا عن خلص اصحابه و أخذ ابن زياد يتحراه بوسائله الخاصة، و بحيلة احكم حبكها و صياغتها استطاع ان يكتشف مخبأ مسلم بن عقيل و ان يعلم بمقره و هانئ يوم ذاك سيد بني مراد و صاحب الكلمة المسموعة في الكوفة و الرأي المطاع، و جرت أحداث و أحداث مشهورة بين المؤرخين و محفوظة على ألسنة اكثر المتشيعين لصلتها بمأساة كربلاء التي ما زالت منذ حدوثها حديث الاجيال و من ابرز سمات التشيع لأهل البيت (عليه السلام)، و ستبقى ما دام على وجه الأرض اناس يقدسون البطولات و التضحيات الجسام و المثل العليا التي تجسدت في ثورة الحسين من ابرز الاحداث في تاريخ البشرية و اكثرها عطاء و نفعا، و حتى لا اطيل على القارئ سأكون سريعا الى ابعد الحدود في عرض تلك المرحلة التي ختم بها ابو الشهداء ثمانية و خمسين عاما من حياته كانت حافلة بالخير و الجهاد و الاحسان و بكل معاني النبل و الفضيلة و الخلق الكريم.
لقد استطاع الوالي الجديد ان يحكم الحيلة ليقبض على هانئ بن عروة الذي آوى رسول الحسين (عليه السلام) و أحسن ضيافته و اشترك معه في الرأي و التدبير، فقبض عليه و قتله بعد حوار طويل جرى بينهما و ألقى بجثمانه من أعلى القصر إلى الجماهير المحتشدة حوله، فاستولى الخوف و التخاذل على الناس و ذهب كل انسان إلى بيته و كأن الأمر لا يعنيه.
و لما علم مسلم بما جرى لهانئ و رأى تخاذل مذحج الغنية بعددها و عدتها، خرج في أصحابه و نادى مناديه في الناس و سار بهم لمحاصرة القصر و اشتد الحصار على ابن زياد و ضاق به امره، و لكنه استطاع بدهائه و مكره ان يتغلب على المحنة و يخذل الناس عن مسلم، فانصرفوا عنه، و بدخول الليل صلى بمن بقي معه و خرج من المسجد الجامع وحيدا لا ناصر له و لا مؤازر، و لا من يدله على الطريق و أقفل الناس ابوابهم في وجهه فمضى يبحث عن دار يأوي إليها في ليلته تلك، و فيما هو يسير في ظلمة الليل، وجد امرأة على باب دارها و كأنها تنتظر شيئا فعرفها بنفسه و سألها المبيت عندها الى الصباح فرحبت به و أدخلته بيتها و عرضت عليه العشاء فأبى ان يأكل شيئا، و عرف ولدها بمكانه و كان ابن زياد قد اعد جائزة لمن يخبره عنه، و ما كاد الصبح يتنفس حتى اسرع ولدها الى القصر و أخبر محمد بن الاشعث بمكان مسلم بن عقيل، وفور وصول النبأ الى ابن زياد ارسل قوة كبيرة من جنده بقيادة ابن الاشعث الى المكان الذي فيه مسلم، و ما ان سمع بالضجة حتى ادرك ان القوم يطلبونه فخرج إليهم بسيفه و كانوا قد طوقوا الدار من كل جهاتها فانهزموا بين يديه و هم اكثر من مائتي مقاتل، و لما اعياهم امره أمدهم ابن زياد بالخيل و الرجال، و بعد معارك ضارية بينه و بينهم في الشوارع استعملوا فيها النار و الحجارة من اعلى السطوح استسلم لهم مسلم بعد ان أمنه ابن الاشعث و أعطاه العهود و المواثيق بذلك.
و مضى معهم الى القصر فأدخل على ابن زياد و لم يسلم عليه و جرى بينهما حوار طويل كان فيه ابن عقيل رضوان اللّه عليه رابط الجأش منطلقا في بيانه قوي الحجة حتى اعياه امره و انتفخت اوداجه و جعل يشتم عليا و الحسن و الحسين، ثم امر اجهزته ان يصعدوا به الى اعلى القصر و يقتلوه و يرموا جسده الى الناس و يسحبوه في شوارع الكوفة ثم يصلبوه الى جانب هانئ بن عروة، هذا و أهل الكوفة وقوف في الشوارع و كأنهم لا يعرفون من امره شيئا و قد صور الفرزدق الشاعر هذه المأساة بقوله:
فان كنت لا تدرين ما الموت فانظري الى هانئ في السوق و ابن عقيل
الى بطل قد غيّر الموت لونه و آخر يهوي من طمار قتيل
فان انتم لم تثأروا لأخيكم فكونوا نساء أرضيت بقليل
و كان مسلم قد طلب من ابن الاشعث ان يكتب الى الحسين يخبره بما جرى له في الكوفة وينصحه بعدم الشخوص إليهم فوعده ابن الاشعث بذلك، و لكنه لم يف بوعده.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ندوات وأنشطة قرآنية مختلفة يقيمها المجمَع العلمي في محافظتي النجف وكربلاء
|
|
|