أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-11-2021
2098
التاريخ: 15-12-2019
1729
التاريخ: 18-5-2022
2666
التاريخ: 4-2-2016
3875
|
تطبيقا للمادة 776 من القانون المدني فإن كل تصرف بنية التبرع يأخذ حكم الوصية، فمن باب أولى أن التصرفات التبرعية الصريحة من هبة، وقف و إبراء و غيرها تأخذ نفس الحكم؛ لذا نحاول تفصيل ذلك مع توضيح الأحكام الخاصة بكل تصرف منها .
أولا : الهبـة في مرض المـوت
تنص المادة 202 من قانون الأسرة أن : "الهبة تمليك بلا عوض ويجوز للواهب أن يشترط على الموهوب له القيام بالتزام يتوقف تمامها على إنجاز الشرط " و بذلك فإن الهبة بوصفها تمليكا بلا عوض كانت من أشد التبرعات الضارة بالمتصرف ضررا محضا، لذا أحاطها المشرع بضوابط هامة، لا سيما تلك المتعلقة بأهلية المتبرع، فإذا كان الواهب أهلا للتبرع من غير المرض جاز له أن يهب شرعا و قانونا كل ماله لمن يشاء، وارثا كان أم أجنبيا طبقا للمادة 205 من قانون الأسرة . إلا أن حرية الشخص في الهبة تتقيد إبتداءا من مرض الموت، و يحق لصاحب المصلحة الطعن فيها بعد الوفاة، و ذلك طبقا للمادة 204 من قانون الأسرة التي تنص على أن : "الهبة في مرض الموت، و الأمراض و الحالات المخيفة، تعتبر وصية"، إضافة إلى نص المادة 776 من القانون المدني التي تنطبق على الهبة أيضا .
ما يلاحظ على نص المادة 204 من قانون الأسرة أنه أضاف حالة لم تتطرق لها جل التشريعات و لا الفقه الإسلامي و ألحقها بمرض الموت و ذلك في ما سماه بالحالات المخيفة، فهذا المصطلح يحتاج إلى تفسير من خلال الإجتهاد القضائي (1). و عليه فإن الهبة في مرض المـوت، أعطاها المشرع حكـم الوصية بنص صريح، و بهذا قال جمهـور الفقهاء ؛ إذ اعتبروا أن الواهب المريض مرض الموت تأخذ هبته حكم الوصية، و تسري عليه أحكامها من عدم جواز الإيصاء بأكثر من الثلث و عدم جواز الإيصاء لوارث، كل ذلك مع إمكانية إجازة الورثة . و ما يلاحظ في هذا الشأن غزارة القرارات القضائية الصادرة عن المحكمة العليا و المتعلقة بالهبة في مرض المـوت و التي اعتبرت هذه الأخيرة وصية منها القرار الصادر عن غرفة الأحوال الشخصية و المواريث بتاريـخ 16/03/1999(2) و القرار الصادر عن نفس الغرفة بتاريخ 21/02/2001 (3). و أكدت المحكمة العليا على أن القضاء بإبطال الهبة في مرض الموت دون مراعاة المـبدأ القانـوني الذي يعتبرها وصيـة و يستفيد منها الموهوب له في حدود ما يسمح بذلك موضوع الوصية بعد مخالفة للقانون . و أكثر من ذلك فقد ذهبت المحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ 13/03/1998 إلى اعتبار الهبة وصية إستنادا إلى قرينة يستخلص من خلالها إضافة الهبة إلى ما بعد الموت حيث جاء فيه : "... و من المقرر قانونا أن الهبة تخضع لأحكام الشريعة الإسلامية . ومتى تبين - في قضية الحال - أن الهبة موضوع النزاع أقامها المرحوم لزوجته ذاكرا بأنه في حالة ما إذا وجد بعد وفاته ورثة آخرون و شرعيون تحدد الهبة حسب القانون و هو ما يجعلها في شكل وصية مضافة إلى ما بعد الموت في حين أن الشريعة الإسلامية لا تسمح بالوصية للوارث..." مؤسسة قرارها على أحكام الشريعة الإسلامية. (4)
ثانيـا : الوقـف في مرض المـوت
نظم المشرع الجزائري الوقف في المواد 213 إلى 219 من قانون الأسرة، ثم صدر قانون التوجيه العقاري الذي نص في مادته 31 على أن : "الأملاك الوقفية هي الأملاك العقارية التي حبسها مالكها بمحض إرادته ليجعل التمتع بها دائما تنتفع به جمعية خيرية أو جمعية ذات منفعة عامـة أو مسجد أو مدرسـة قرآنية سواء كان هذا التمتع فوريا أو عند وفاة الموصى لهم الوسطاء الذين يعينهم المالك المـذكور" و أحـالت المادة 32 منه على قانون خاص، و فعـلا صدر هذا القـانون تحـت رقم 91-10 بتاريخ 27/04/1991 يتعلق بالأوقاف (5) و الـذي عرف في مادته الرابـعة الوقف بما يـلي : " الوقف عقد إلتزام تبرع صادر عن إرادة منفردة..."، و ينقسم الوقف إلى وقف عام و وقف خاص. و قد نص هذا القانون بالمادة 32 منه على حق الدائنين طلب إبطال الوقف في مرض الموت إذا كان الدين يستغرق جميع أمواله و لكنه لم يتضمن أي حكم يتعلق بالورثة، لكن بالرجوع إلى قانون الأسرة فقد نصت المادة 215 على تطبيق المادة 205 منه على الوقف و التي تنص على اعتبار الهبة في مرض الموت و الأمراض و الحالات المخيفة وصية و عليه فإن الوقف في مرض الموت يأخذ حكم الهبة في مرض الموت و تسري عليه أحكام الوصية و هذا ما يطابق ما أخذ به جمهور الفقهاء، وهو ما قضت به المحكمة العليا في قرار لها:"حيث أن المادتين 215 و 204 من قانون الأسرة تنص على بطلان الحبس في مرض الموت و الحالات المخيفة و إن حالة المحبس (ع م) الذي أقام الحبس موضوع النزاع في أوت 1987 كان يعاني منذ سنة 1985 من مرض خطير لازمه إلى يوم وفاته..." (6). و حماية للورثة من تصرفات مورثهم الماسة بحقوقهم فإن المحكمة العليا اعتبرت في عدة قرارات لها أن عقد الحبس الذي يحرر بسوء نية بقصد حرمان أحد الورثة من الميراث يعد باطلا بغض النظر عن وقوعه في مرض الموت من عدمه (7) إضافة إلى ذلك فإن الوقف الخاص يشترط فيه إكتساب الموقوف عليه الإنتفاع أثناء حياة الواقف، فالواقف على النفس ثم الورثة يأخذ حكم الوصية حيث يقـول خليل أن الوقف باطـل إذا لم تتم حيازة الموقوف عليه قبل إفـلاس أو موت الواقف أو قبل مرض الموت (8)، و عليه إذا ظل الواقف ينتفع بالعين الموقوفة إلى حين وفاته فلا يمكن أن ينفذ الوقف الخاص إلا على أساس أنه وصية طبقا لقرينة المادة 777 من القانون المدني، وما يؤكد ذلك هو أن المواد التي كانت تنظم الوقف الخاص ألغيت بموجب القانون 02-10 السابق الذكر و أحالت المادة الأولى معدلة على الأحكام التشريعية و التنظيمية المعمول بها، فيفهم من ذلك أن الوقف الخاص يخضع للأحكام المطبقة على الهبة و الوصية حسب الحالة التي يقررها الواقف في العقد (9) .
ثالثـا : الإبراء و الإقرار في مرض الموت
يأخذ كل من الإبراء و الإقرار في مرض الموت حكم التصرفات التبرعية في مرض الموت ونوضح ذلك فيما يأتي. نصت المادة 306 من القانون المدني على أنه : "تسري على الإبراء الأحكام الموضوعية التي تسري على كل تبرع" باعتبار نية التبرع الصريحة في الإبراء فإن نزول المريض مرض الموت عن دينه يأخذ حكم الوصية تطبيقا لأحكام الشريعة الإسلامية، إضافة إلى تطبيق الحكم العام للتصرفات القانونية التي تصدر عن الشخص في مرض الموت بقصد التبرع الوارد بالمادة 776 من القانون المدني، و بالتالي تسري عليه القيود الواردة على الوصية و التي سبق بيانها . أما بالنسبة للإقرار فإنه من الوسائل التي وضعها المشرع للإعفاء من الإثبات، إذ أنه يعفي الخصم من إقامة الدليل على ما يدعيه، و يجوز الطعن في الإقرار بكل ما يجوز الطعن به في التصرف القانوني .
و الإقرار إما أن يكون قضائيا أو غير قضائي، و قد عرف المشرع الإقرار القضائي بالمادة 341 من القانون المدني
أنه إعتراف الخصم أمام القضاء بواقعة قانونية مدعى بها عليه، وذلك أثناء السير في الدعوى المتعلقة بها الواقعة . و الإقرار القضائي يكون حجة على المقر، و لكنه يقتصر عليه و لا يتعداه كقاعدة عامة، فإذا أقر الشخص قضائيا ثم مات قبل صدور الحكم فإن إقراره لا ينصرف إلى ورثته، لكن إذا صدر الحكم قبل وفاته، فإن هذا الحكم يكون حجة عليهم . أما بالنسبة للإقـرار غير القضائي فقد جاء في قرار للمحكمة العليـا ما يلي : "...حيث أنه من المقرر فقـها و اجتهادا أن لا يجوز التمسك بإقرار البائع أنه قبض ثمنا ولو ذكر ذلك في عقد البيع، لأن هذا الإقرار من المريض مرض الموت، ولا يعتد به لأن الشبهة قائمة بين البائع و المشتري أنهما متواطئان على تصوير أن هناك ثمنا دفع، وحيث أن القرار المطعون فيه مخالف لأحكام الشريعة الإسلامية في إقرار المريض مرض الموت، مما يتعين نقضه" (10) . و يمكن القول إذن في هذا السياق أنه يجوز إسقاط حكم المادة 776 من القانون المدني على الإقرار في مرض الموت إذا توافرت شروطها .
________________
1- صدر قرار عن المحكمة العليا غرفة الأحوال الشخصية و المواريث أشار إلى الحالات المخيفة إلا أنه يستشف منه أنه لم يفرق بينها و بين مرض الموت و اعتبرهما شيئا واحدا. قرار بتاريخ 16/06/1998 ملف رقم 197335. الاجتهاد القضائي لغرفة الأحوال الشخصية. عدد خاص 2001. ص 281.
2- قرار المحكمة العليا الصادر بتاريخ 16/03/1999 ملف رقم 219901. . الاجتهاد القضائي لغرفة الأحوال الشخصية. عدد خاص 2001. ص 287.
3- قرار المحكمة العليا غرفة الأحوال الشخصية و المواريث الصادر بتاريخ 21/02/2001 ملف رقم 256869. المجلة القضائية. العدد الثاني 2002 ص 428.
4- قرار المحكمة العليا الصادر بتاريخ 13/03/1998 ملف رقم 179724 . الاجتهاد القضائي لغرفة الأحوال الشخصية. عدد خاص 2001 ص 277.
5- القانون91-10 المؤرخ في27/04/1991 يتعلق بالأوقاف المعدل و المتمم بالقانون 01-07 المؤرخ في22/05/2001 والقانون 02-10 المؤرخ 14/12/2002.
6- قرار المحكمة العليا الصادر بتاريخ 23/11/1993 ملف رقم 96675. الإجتهاد القضائي لغرفة الأحوال الشخصية. عدد خاص 2001. ص 302.
7- من بينها القرار الصادر بتاريخ 16/11/1999 ملف رقم 230617. الإجتهاد القضائي لغرفة الأحوال الشخصية. عدد خاص 2001. ص 311.
8- فريدة زواوي. مقال بعنوان:الوقف الخاص. وجهة نظر في وضعيته الحالية. مجلة الموثق. العدد الخامس. ديسمبر 1998. ص 40.
9- ليلى زروقي. محاضرات في القانون العقاري . المعهد الوطني للقضاء. الدفعة الرابعة عشرة. 2003/2004.
10- قرار المحكمة العليا غرفة الأحوال الشخصية الصادر بتاريخ 09/07/1984 ملف رقم 33719. المجلة القضائية. العدد الثالث. 1989. ص 53.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|