أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-05-06
972
التاريخ: 9-5-2019
2919
التاريخ: 23-8-2020
1874
التاريخ: 24-1-2018
2570
|
مناقشات في أدوار التاريخ
البعض قسّم أدوار التاريخ إلى ثلاثة أقسام:
الأوّل: دور الآلهة، حيث كانت الشعوب الأمميّة تعيش في ظلّ حكومات تشرّع قوانينها بما تعتقد أنّه مشيئة الآلهة، وذلك عن طريق الرؤساء الدينيين أو من وحي الكهّان، فكان ما يقع في ذهن المشرع، يُنسب إلى الآلهة، سواء إله الخير، أو إله الشرّ، أو إله البحار، أو إله الشمس، أو ما أشبه ذلك. ويكون لحكم هؤلاء الرؤساء الدينيين أو وحي الكهّان، قداسة خاصّة لا يمكن تخطّيها، فمن تخطّاها يرون أنّه يعاند المشيئة الإلهية، فيستحقّ العقاب التكويني كالزلازل، والفيضانات، أو العقاب التشريعي مثل الإلقاء في النار، أو في البحر، أو في غابة لتأكله السباع، أو في بئر عميق، أو يستحق القتل بالجلد، أو الرجم، أو الذبح، أو قطع الأعضاء.
الثاني: دور الأبطال، حيث كان الاعتراف بأبطال أشدّاء محاربين، وكان الناس يعتقدون أنّهم أسمى من البشر، وتسود الأرستقراطية نُظم الحكم هذه، وفي هذا الدور نشأت الفروسية وكانت تمجِّد الحرب.
الثالث: دور البشر، حيث الإقرار بسواسية الناس، وبذلك ظهرت الأنظمة الديمقراطية بعد الممالك الاستبدادية.
قال هؤلاء: اجتازت كل الشعوب هذه الأدوار وهي تجتازها في تاريخها، حيث تتوالى في تعاقب دوري، تتّصل نهاية الدور الثالث بالدور الأول: إمّا لنفس الأمّة، أو لأمّة أخرى، وهي دائرة أزليّة مرسومة لكلّ أمّة.
أقول: إنّ هذه الأدوار الثلاثة ـ التي ذكروها ـ لا مصدر لها من تاريخ مقطوع، ولا دليل عقلي يدلّ عليها، والغالب أنّها من صنع الذين ينكرون وجود الله سبحانه وتعالى وشرائع السماء، وإلاّ فمن يعترف بوجود الله سبحانه وتعالى وأنّ أبانا آدم (عليه السلام) هو أوّل الأنبياء جاء إلى الأرض، فكان الخليفة قبل الخليقة، لا يعترف بمثل هذه الأدوار، وإنّمـا تختلط هذه الأدوار بعضها مع بعض من ذلك اليوم وإلى هذا اليوم، كما نجد في الهند، أو الصين، أو بعض بلاد أفريقيا، الأدوار الثلاثة نفسها في وقت واحد، أو متعاقبة، على عكس ما ذكروه.
أقوال وردود
وقد ذكر بعض العلماء المعتقدين بهذا التقسيم مثالاً تطبيقياً للأدوار الثلاثة بطريقة مصر القديمة، قائلاً: في الدور الأوّل تكلّم المصريون اللغة الهيروغيليفية، ثمّ اللغة الرمزية، ثمّ سادت اللغة العامية للشعب، وكان المصريون القدماء على علم بهذا التقسيم لتاريخهم.
أقول: أنت ترى أنّه لا صحّة لهذا التقسيم، لا في مصر القديمة، ولا في سائر الشعوب.
وأسوأ من هذا التقسيم ما قيل: إنّ هناك لوحة تاريخية لأهمّ وقائع التاريخ القديم منذ خُلق العالم مستنداً إلى التوراة، فأبناء نوح بعد الطوفان لم يسيروا على نمطٍ واحد، وبينما حافظ أبناء سام على لغتهم وعاداتهم، تشتت أبناء حام على سطح الأرض، وعاشوا عيشة أقرب إلى الحياة الحيوانية، ففقدوا مزاياهم البشرية، وأصبحوا ذوي أجسام ضخمة، ومن ثمّ انقسم البشر إلى قسمين: من سلالة سام، وإلى عمالقة من نسل يافث وحام.
ثمّ يضيف هذا القائل: شَعَرَ العمالقة بالخوف من بعض الظواهر الجوّية كالبرق، والرعد، والصواعق، واعتبروها غَضَباً من الآلهة، فتحايلوا على إرضائه بالكهانة، وحينما استقرّت الأُسر؛ بسبب حرفة الزراعة، وملكيّة الأرض، أخذ العمالقة يفقدون ضخامة أجسامهم، ولكن بعضهم بقي على تشرّده، وأصبح هؤلاء في حالة أسرهم، خدماً وموالين للمزارعين من أصحاب الأراضي؛ وبذلك نشأ نظام الرقّ. وقد شكّل الآباء، أو الرؤساء من أصحاب الأراضي طبقة من النبلاء، كما شكّل الخدم والعبيد طبقة الرقيق، فتكوّن بذلك المجتمع الأرستقراطي، ولكن لما قويت شوكة رقيق الأرض، بدأ هؤلاء يحصلون على بعض المزايا، فتكوّن النظام الديمقراطي، ولكنّ ذلك أدى إلى الفوضى، فظهر رجل شديد البأس، قبض على زمام الأمور، وأعلن نفسه حاكماً مطلقاً، فتأسس بذلك حكم الفرد.
أقول: إن كلّ المذكورات ليست إلاّ أوهاماً من نسيج الخيال، وعلى أحسن الفروض ظنون لا دليل عليها مـن علـم ولا عمل، ولا مـن توراة ولا من غير توراة، وحتّى إذا كانت مستندة إلى التوراة، فالتوراة محرّفة في اعتقادنا كما يدلّ على التحريف التوراة نفسها على ما ذكرنا تفصيله في كتاب هؤلاء اليهود (1).
ثمّ يطبق هذا القائل آراءه في الأدوار الثلاثة على تاريخ اليونان، والرومان، ثمّ العصور الوسطى، فيرى أنّ عصور الأبطال لم تستمر طويلاً لدى اليونان، لأنّ ظهور الفلسفة عجّل الانتقال من الدور الإلهي إلى الدور البشري دون أن يبقوا مدّة طويلة في الدور البطولي، عكس ما حدث في عهد الرومان إذ طال الدور البطولي، ثمّ عاد الناس في العصور الوسطى إلى البربرية الشبيهة بالبربرية الأولى، فاجتازوا دوراً إلهياً جديداً، وهو دور يتولّى فيه الملوك المناصب الدينية، ثم اجتازوا دوراً بطولياً عندما نشأت الفروسية، وقامت الحروب الصليبية. أمّا الدور الثالث، فقد بدأ في العصر الذي عاش فيه هذا القائل. انتهى كلامه مع تعليقنا عليه.
_______________
(1) يقع في 144 صفحة من القطع المتوسط، أُلِّف في كربلاء المقدّسة، وطبع عدّة طبعات بعدّة لغات.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|