أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-9-2016
6672
التاريخ: 9-5-2017
1622
التاريخ: 15-4-2021
1648
التاريخ: 1-6-2020
3515
|
أدوار التاريخ
إنّ للحضارات أدواراً كأدوار الليل والنهار، والفصول الأربعة، أو سائر ظواهر الكون. بمعنى أن الحضارات تبدأ صغيرة، ثمّ تكبر وتشبّ، ثمّ تأخذ في الهرم، ثمّ تأخذ بالسقوط. وهذا ما أشار إليه القرآن الكريم في آيات متعدّدة، وهنا نذكر جملة من الآيات في سورة المؤمنون، تدلّ على هذا الشيء، وعلى هذه فقس ما سواها، قال سبحانه وتعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (23) فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ (24) إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ (25) قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ (26) فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (27) ......} [المؤمنون: 23 - 27] (1).
وقد تقدّمت جملة من الآيات الأخرى التي ذكر الله سبحانه وتعالى فيها أنّ جماعة كانت تشابه جماعة في تكذيب الأنبياء، وأنّ بعضهم كان يشابه بعضاً في أخذ الله سبحانه وتعالى لهم بمختلف العقوبات المناسبة لأعمالهم المنحرفة وعقائدهم الباطلة، وقد أشرنا إلى مناسبة العقاب بالعمل في آيات القرآن الحكيم في كتاب حول القرآن الحكيم(2) ممّا لا نريد تكراره هنا.
وعلى أي حال: فالحضارات حالها حال الكائنات الحيّة فيها ميلاد، وشباب وشيخوخة، وفنـاء، ولا يقصـد بالفنـاء الفناء المطلق بل فناء الكيفية. ومن الممكن أن تكون هناك حكومة على الغرار المنحرف ثمّ تستقيم، فتبقى كما ذكرنا ذلك في كتاب (الغرب يتغيّر)، بينما ذكرنا قبل سقوط الشيوعية بسنوات متعدّدة، أنّ الشيوعية تسقط سقوطاً مطلقاً في كتاب ماركس ينهزم(3)، والذي نراهُ أنّ الصيغة الأخيرة الصحيحـة الباقية هـي صيغة الإسلام الصحيح الواقعي حيث ليس لحكم الله منتهى، وقد قال سبحانه وتعالى: {وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى} [النجم: 42] (4)، ونحن الآن نرى أنّ الغرب إذا أخذ بالإسلام، ستبقى حكومته بدون حروب، أو ثورات، أو مشاكل اقتصادية، أو اجتماعية إلاّ بالقدر الملازم للبشرية، حيث قال الإمام علي (ع) في وصف الدنيا: (دار بالبلاء محفوفة وبالغدر معروفة لا تدوم أحوالها ولا يسـلم نزّالها) (5) .
أمّا إذا لـم تأخذ البلاد الغربية بالإسلام الصحيح، فإنّها معرّضة أيضاً للاهتزازات والسقوط، والإسلام ليس إلاّ عقيدة صحيحة، وقولاً صحيحاً، وعملاً صحيحاً، في مختلف جوانب الحياة. ولكنّ الكلام في أنّ عقلاء الغرب هل يدركون هذه الحقيقة فيغيّرونه إلى المسار الصحيح الذي هو باق أم لا؟ حتّى يكون السقوط نهايته؟!
كلام فولتير وردُّه
وفولتير (6) المفكّر الغربي المشهور يشير إلى هذا المطلب، حيث يقول: إنّ بعض المؤرّخين اهتموا بالحروب والمعاهدات، ولكنّي بعد قراءة ما بين ثلاثة آلاف وأربعة آلاف معركة ببضع مئات من المعاهدات، لم أجد نفسي أكثر حكمة من قبلها؛ حيث لم أتعرّف إلاّ على مجرّد حوادث لا تستحق عناء المعرفة.
أقول: لو أنّ فولتير درس الإسلام الصحيح الكامل لا ما ارتكبه الحكّام المنحرفون، لم يتكلّم بمثل هذا الكلام؛ فقد قال الله سبحانه وتعالى: { أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28] (7)، وليس المراد لقلقة اللسان، وإنّما ذكر الله واقعاً في أقواله وعقائده وأعماله.
وقال سبحانه وتعالى في آية أخرى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} [الفتح: 4] (8)، وفي آية أخرى في السورة نفسها: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا } [الفتح: 18] (9)، وفي آية رابعة: { وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } [التغابن: 11] (10).
________________
(1) سورة المؤمنون: الآيات 23 ـ 52.
(2) وهو التفسير الموضوعي.
(3) وكما أشار إلى ذلك من قبل في كتاب (الاقتصاد الإسلامي المقارن(.
(4) سورة النجم: الآية 42.
(5) نهج البلاغة: الخطبة 226، وفي بحار الأنوار: ج 73 ص 82 ب 122 ح45، وص117 ب122 ح109، و ج 77 ص 298 ب 14 ح 4( بالمعنى).
(6) اسمه فرانسوا ماري أرويه ومشهور بفولتير، ولد سنة 1694م في باريس، ومات سنة 1778 م، كاتب، ومؤرخ، وفيلسوف، عمل جاهداً ضد أفكار الكنيسة وحكمها المطلق، ويعد المفكر الإيديولوجي للثورة الفرنسية.
(7) سورة الرعد: الآية 28.
(8) سورة الفتح: الآية 4.
(9) سورة الفتح: الآية 18.
(10) سورة التغابن: الآية 11.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|