أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-4-2021
2225
التاريخ: 2024-08-31
257
التاريخ: 28-3-2020
2319
التاريخ: 11-10-2016
2488
|
عجبا لاقوام عميت قلوبهم عن معرفة اللّه - سبحانه- ، مع أن اللّه - تعالى- أظهر الموجودات و أجلاها ، لان البديهة العقلية قاضية بأنه يجب أن يكون في الوجود موجود قائم بذاته ، أي ما هو صرف الوجود ، و لولاه لم يتحقق موجود أصلا ، فتحقق صرف الوجود القائم بذاته المقوم لغيره أظهر و أجلى من تحقق كل موجود بغيره عند البصيرة الصافية ، قال اللّه - سبحانه- : {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [النور: 35].
والنور هو الظاهر لنفسه المظهر لغيره ، و مبدأ الإدراك من المدرك إنما هو الوجود ، فكلما ادركته إنما تدرك أولا وجوده ، و إن لم تشعر بذلك , و لا ريب في أن الظاهر لنفسه أظهر من الظاهر بغيره ، و أيضا كل موجود سوى اللّه - سبحانه- يعلم وجوده بقليل من الآثار، فان وجود الحياة لزيد - مثلا- لا يدل عليه إلا حركته و تكلمه و بعض أخر من اعراض نفسه ، و لا يدل عليه شيء آخر من سائر الموجودات ، و كذا وجود السماء - مثلا- لا يدل عليه سوى وجود ظهور جسمها و حركتها ، و لا يدل عليه شيء آخر من الموجودات التي تحتها و فوقها.
وأما وجود الواجب - تعالى- فيدل عليه كل شيء ، إذ ليس في الوجود مدرك محسوس او معقول ، و حاضر او غائب ، إلا و هو شاهد و معرف لوجوده ، فالسبب في خفائه مع كونه أجلى و أظهر من كل شيء غاية وضوحه و ظهوره ، فان شدة ظهور الشيء قد يكون سببا لخفائه ، لانه يكل المدارك و يحسرها ، فشدة ظهوره - سبحانه - بلغت حدا بهرت العقول و ادهشتها ، فضعفت عن ادراكه.
وهذا كما ان الخفاش يبصر بالليل و لا يبصر بالنهار، لا لخفاء النهار و استتاره ، بل لشدة ظهوره و ضعف بصر الخفاش ، فان بصره ضعيف يبهره نور الشمس إذا اشرق ، فتكون قوة ظهوره مع ضعف بصره سببا لامتناع إبصاره ، فلا يرى شيئا إلا إذا امتزج بالضوء الظلام و ضعف ظهوره ، فكذلك عقولنا ضعيفة، و جمال الحضرة الإلهية في نهاية الإشراق و الاستنارة وفي غاية الاستغراق و الشمول ، حتى لم تشذ عن ظهوره ذرة من ملكوت السماوات و الأرض فصار ظهوره سبب خفائه ، فسبحان من احتجب باشراق نوره ، و اختفى عن العقول و البصائر بشدة ظهوره! و لا تتعجب من اختفاء شيء بسبب شدة ظهوره ، فان الأشياء إنما تستبان باضدادها ، و ما عم وجوده حتى لا ضد له عسر ادراكه , فلو اختلفت الأشياء ، فدل بعضها على اللّه - تعالى- دون بعض ، ادركت التفرقة على قرب ، و لما اشتركت في الدلالة على نسق واحد ، اشكل الأمران ، و مثاله نور الشمس المشرق على الأرض فانا نعلم أنه عرض من الأعراض يحدث في الأرض ، و يزول عند غيبة الشمس ، فلو كانت الشمس دائمة الإشراق لا غروب لها ، لكنا نظن أن لا هيئة في الأجسام إلا ألوانها ، و هي السواد و البياض و غيرهما و أما الضوء فلا تدركه وحده ، لكن لما غابت الشمس و اظلمت المواضع أدركنا تفرقة بين الحالتين ، فعلمنا أن الاجسام قد استضاءت بضوء فارقها عند الغروب ، فعرفنا وجود النور بعدمه.
وما كنا نطلع عليه لولا عدمه إلا بعسر شديد ، و ذلك لمشاهدتنا الأجسام متشابهة غير مختلفة في النور و الظلام هذا مع أن النور أظهر المحسوسات ، إذ به تدرك سائر المحسوسات ، فما هو ظاهر في نفسه مظهر لغيره انظر كيف استبهم امره بسبب ظهوره لو لا طريان ضده فاذن واجب الوجود لذاته هو اظهر الأشياء ، و به ظهرت الأشياء كلها ، و لو كان له عدم أو غيبة أو تغير، لانهدت السماوات و الأرض، و بطل الملك و الملكوت ، و ادركت التفرقة بين الحالتين ولو كان بعض الأشياء موجودا به ، و بعضها موجودا بغيره ، لادركت التفرقة بين الشيئين في الدلالة ، و لكن دلالته عامة في الأشياء على نسق واحد، و وجوده دائم في الأحوال يستحيل خلافه ، فلا جرم أورثت شدة ظهوره خفاء كما قيل :
خفيّ لافراط الظهور تعرضت لادراكه أبصار قوم أخافش
و حظ عيون الزرق من نور وجهه لشدته حظ العيون العوامش
قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : «لم تحط به الاوهام ، بل تجلى لها بها ، و بها امتنع منها». وقال (عليه السلام): «ظاهر في غيب ، و غائب في ظهور» , وقال (عليه السلام): «لا تجنه البطون عن الظهور، و لا تقطعه الظهور عن البطون ، قرب فنأى ، و علا فدنا ، و ظهر فبطن و بطن فعلن ، و دان و لم يدن» : أي ظهر و غلب و لم يغلب , و من هناك قيل : «عرفت اللّه بجمعه بين الأضداد».
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|