المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9093 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01
المختلعة كيف يكون خلعها ؟
2024-11-01
المحكم والمتشابه
2024-11-01

الموقنون بالأخرة لا تغرهم الدنيا وزخرفها
2023-11-05
متطلبات الموازنة الاتحادية النموذجية للدولة
18/12/2022
إنتاج الكهرباء
17-5-2017
أقسام التنمية
26-7-2022
الوقف
11-10-2020
الحالة الاقتصادية في الحجاز قبل البعثة النبوية.
2023-05-04


فلسفة العدالة الاجتماعية  
  
2417   03:15 مساءً   التاريخ: 13-3-2019
المؤلف : السيد زهير الاعرجي
الكتاب أو المصدر : السيرة الاجتماعية للامام علي بن أبي طالب (عليه السلام)
الجزء والصفحة : 660-662.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / حياة الامام علي (عليه السّلام) و أحواله / بيعته و ماجرى في حكمه /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-2-2018 2793
التاريخ: 9-4-2016 3365
التاريخ: 9-4-2016 3386
التاريخ: 13-3-2019 2222

عندما يتحدث الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) عن العدالة الاجتماعية، فانه لا يتحدث عن المساواة المطلقة، فهناك فرق بين المساواة والعدالة.

فالمساواة بين زيد وعمرو مثلاً لا تكتمل الا على سبيل القضية النسبية لا على سبيل القضية المطلقة، بمعنى ان المساواة المطلقة بين الافراد لا يمكن ان تتم الا في الرياضيات، لان ذلك العلم يتعامل فقط بالكميات والاعداد النقية المطلقة، اما في الواقع الخارجي فان فردين متساويين في الفقر والحاجة، ربما لا يتساويان في امور اخرى كالعمر والتفكير والذكاء والطاقة الكامنة للعمل.

ولم يطرح امير المؤمنين (عليه السلام) فكرة «المساواة» في افكاره وخطبه ورسائله الا في العطاء الذي كان يقدمه بيت المال للفقراء،حيث يُفترض فيه ان يشبع حاجاتهم الاساسية، الا ان الناس _ وبسبب اختلاف قدراتهم العقلية والجسدية _ لا يمكن ان يوضعوا على درجة اجتماعية واحدة بالدقة العقلية ؛ لان ذلك مستحيل على صعيد الواقع الخارجي، ولم نجد موارداً من الموارد الفقهية يشير بشكلمن الاشكال الى فكرة «المساواة التكوينية» على المسرح الاجتماعي، ولكن رسالة السماء قدمت فكرة «العدالة الاجتماعية» وحاول الامام (عليه السلام) في عهده الحافل بالمنجزات، بلورة مصاديقها العملية.

وقد اعلن الاسلام عن ثلاثة مبادئ نجملها فيما يلي:

اولاً: ان الاختلافات التكوينية بين الافراد هي واقع حقيقي لا يمكن انكاره او تجاهله، ولذلك فان فكرة «المساواة» تصدق فقط في «المساواة» في معونة المظلومين واسترجاع حقوقهم من الظالمين، وفي «المساواة» في العطاء من بيت المال لذوي الحاجة والمسكنة من الامة، وقد وردت روايات تؤكد ذلك منها:

1 _ قال (عليه السلام) عند بيعة الناس له: «... فأنتم عباد الله، والمال مال الله، يقسَّم بينكم بالسوية، لا فضل فيه لأحد على أحد».

2 _ ومن كلام له (عليه السلام) لما عوتب على التسوية في العطاء: «أتأمرونِّي ان اطلب النصر بالجور فيمن وُلِّيتُ عليه! والله لا أطُورُ بهما سَمَر سَميرٌ، وما أمّ نجمٌ في السماءِ نجماً! لو كان المال لي لسوَّيت بينهم، فكيف وإنما المال مال الله».

3 _ ولَّى امير المؤمنين (عليه السلام) بيت مال المدينة عمارَ بن ياسر وابا الهيثم بن التيهّان فكتب: «العربي والقرشي والانصاري والعجمي وكل من في الاسلام من قبائل العرب واجناس العجم [سواء]، فأتاه سهل بن حنيف بمولى له (عبد) اسود، فقال: كم تعطي هذا؟ فقال له امير المؤمنين (عليه السلام): كم أخذت انت؟ قال: ثلاثة دنانير وكذلك اخذ الناس، قال: فأعطوا مولاه مثل ما اخذ ثلاثة دنانير».

اذن، فالمساواة في العطاء للفقراء تخلُقُ جوّاً من العدل، وإحقاقاً للحق، وانصافاً للمظلوم من ظالمه، وتلك العدالة في العطاء للفقراء تجبرُ الاختلافات التكوينية التي خُلقت اصلاً مع الافراد دون ارادتهم.

ثانياً: لما كان تحقيق المساواة العقلية بين الناس امراً مستحيلاً، كان لا مفرّ للامام (عليه السلام) من تحقيق المساواة العرفية التي هي شكل من اشكال العدالة، عن طريق الانصاف والعدل والميزان، كما قال (عليه السلام): «..، ايها الناس، اعينوني على انفسكم، وايمُ الله لانصفن المظلوم من ظالمه، ولاقودنَّ الظالم بخزامته، حتى اوردهُ منهلَ الحق وإن كان كارهاً»، وهو منسجمٌ مع الآيات القرآنية الواردة في هذا المعنى، مثل: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى} [النحل: 90]، {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} [المطففين: 1 - 3] ، {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33]، {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} [الحشر: 7]، وتلك آيات شريفات اكدت على عدالة توزيع الثروة، وحسن تعامل الناس فيما بينهم على صعيد المال، وجعلت للفقراء حقاً محسوباً في اموال الاغنياء، بمعنى ان الشريعة لم تجعل للاغنياء الخيار في مساعدة الفقراء او اهمال مساعدتهم، بل فرضت عليهم ذلك الوجوب بقوة التشريع.

ثالثاً: كما ان بيت المال يوزع الحقوق على الفقراء بالتساوي، فانه في الوقت نفسه يأخذ من ارباب العمل والزراعة: الخَراج، وهي ضريبة تدخل بيت المال بضميمة موارد اخرى كالغنائم والصدقات ونحوها، وقد نهى (عليه السلام) زياد بن ابيه _ عامله على فارس _ عن زيادة الخراج، بقوله (عليه السلام): «استعملِ العدلَ، واحذرِ العسفَ والحيفَ...».

والاختلاف بين الفاضل والمفضول في الشريعة يعكس الاختلاف في القدرات العقلية والجسدية بين الافراد، وقد ورد في الكتاب المجيد ما يشير الى ذلك: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } [النحل: 76] ، {أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} [يونس: 35].

ومنطوق الآيتين الشريفتين يعكس نفي التساوي بين الافراد، والتفاضل في الرزق، والتفاوت في القدرة على التصرف بالمال، والتفاوت في القدرة بين المهتدي وغير المهتدي كلها تعتبر من السنن التكوينية وتعدّ جزءً لا يتجزأ من التصميم الالهي للخلق والتكوين.

الا ان ذلك التفاضل التكويني لا يترك آثاره الاجتماعية الا على صعيد ترجمة ذلك التفاضل الى منفعة يقدمها الفاضل للمفضول، بمعنى ان الرزق _ الذي منحه الخالق عزّ وجلّ الى الفاضل _ اذا لم يُخرَج منه الحق الشرعي ويُسلِّم للمفضول، أصبح نقمةً آلهية على الفاضل نفسه.

وبكلمة، فان التفاضل التكويني، والاختلاف في القدرات العقلية والجسدية انما تنجبر اذا التزم الجميع بتطبيق الاحكام الشرعية، وهي: العدالة في اخذ الضريبة من الاثرياء، والعدالة في توزيعها على الفقراء.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.