أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-02-2015
3417
التاريخ: 12-4-2016
3271
التاريخ: 17-2-2019
2188
التاريخ: 17-4-2022
1739
|
قرر رسول الله (صلى الله عليه واله) الخروج الى الحج في السنة العاشرة من الهجرة. واذّن في الناس بذلك، فقدم المدينة خلق كثير يأتمون به في حجته تلك التي وصُفت بانها حجة الوداع، وحجة الاسلام، وحجة البلاغ، وحجة الكمال، وحجة التمام. ولم يحج غيرها منذ الهجرة من مكة الى المدينة. فخرج (صلى الله عليه واله) من المدينة مغتسلاً متدهِّناً مترجلاً متجرداً في ثوبين صحاريين إزار ورداء. وكان الخروج من المدينة في الخامس او السادس من ذي القعدة، واخرج معه نساءه كلهن في الهوادج. وسار معه اهل بيته، وعامة المهاجرين والانصار، وجمع كبير من قبائل العرب وافناء الناس.
وقيل انه خرج معه مائة وعشرون الفاً من الناس، وربما اقل او اكثر. ولكن عدّة من خرج معه كانت في حدود تلك الدائرة. واما الذين حجوا معه فاكثر من ذلك منهم المقيمون في مكة والذين اتوا من اليمن مع امير المؤمنين علي (عليه السلام) وابي موسى.
ولما قضى (صلى الله عليه واله) المناسك انصرف راجعاً الى المدينة ومعه من الجموع ما ذُكر، فوصل الى غدير خم من الجحفة التي تتشعب فيها طرق المدنيين والمصريين والعراقيين يوم الخميس الثامن عشر من ذي الحجة. وفيها نزل عليه الوحي بقوله: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ...} [المائدة: 67]، وأمره ان يقيم علياً (عليه السلام) علماً للناس ويبلغهم ما نزل فيه من الولاية وفرض الطاعة على المسلمين.
وكان اوائل القوم قريبين من الجحفة فأمر رسول الله (صلى الله عليه واله) ان يردّ من تقدّم منهم ويحبس من تأخر عنهم في ذلك المكان. ونودي بصلاة الظهر فصلى بالناس. وكان يوماً هاجراً يضع الرجل بعض رداءه على رأسه وبعضه تحت قدميه من شدة الرمضاء، وظلّل لرسول الله (صلى الله عليه واله) بثوب على شجرة سمُرة من الشمس، فلما انصرف (صلى الله عليه واله) من صلاته قام خطيباً وسط القوم على اقتاب الابل وأسمع الجميع، قائلاً :
(الحمد لله ونستعينه ونؤمن به، ونتوكل عليه، ونعوذ بالله من شرور انفسنا، ومن سيئات اعمالنا الذي لاهادي لمن ضلّ، ولا مضلّ لمن هدى. واشهد ان لا إله الا الله، وان محمداً عبده ورسوله.
اما بعد : ايها الناس قد نبّأني اللطيف الخبير انه لم يعمر نبي الا مثل نصف عمر الذي قبله، واني أوشك ان اُدعى فأجيب. واني مسؤول وانتم مسؤولون، فماذا أنتم قائلون ؟
قالوا : نشهد أنك قد بلّغت ونصحت وجهدت فجزاك الله خيراً.
قال (صلى الله عليه واله) : ألستم تشهدون ان لا إله الا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، وان جنته حق، وناره حق، وان الموت حق، وان الساعة آتية لاريب فيها، وان الله يبعث من في القبور ؟
قالوا : بلى نشهد بذلك.
قال (صلى الله عليه واله) : اللهم اشهد. ثم قال (صلى الله عليه واله) : ايها الناس الا تسمعون ؟
قالوا : نعم.
قال (صلى الله عليه واله) : فاني فرط على الحوض، وانتم واردون عليَّ الحوض، وإن عرضه ما بين صنعاء وبصرى. فيه اقداح عدد النجوم من فضة. فانظروا كيف تخلفوني في الثقلين؟
فنادى مناد : وما الثقلان يارسول الله ؟
قال (صلى الله عليه واله) : الثقل الاكبر كتاب الله طرفٌ بيد الله عز وجل وطرفٌ بايديكم فتمسكوابه لا تضلّوا. والآخر الاصغر عترتي. وان اللطيف الخبير نبأني انهما لن يتفرّقا حتى يردا عليّ الحوض، فسألتُ ذلك لهما ربي. فلا تقدموهما فتهلكوا، ولا تقصروا عنهما فتهلكوا.
ثم اخذ بيد علي (عليه السلام) فرفعها حتى رؤي بياض آباطهما وعرفه القوم اجمعون. فقال (صلى الله عليه واله): ايها الناس مَنْ اولى الناس بالمؤمنين من انفسهم ؟
قالوا : الله ورسوله اعلم.
قال (صلى الله عليه واله) : ان الله مولاي، وانا مولى المؤمنين، وانا اولى بهم من انفسهم. فمن كنتُ مولاه فعلي مولاه. يقولها ثلاث. ولفظ احمد بن حنبل : اربع مرات. ثم قال (صلى الله عليه واله) : اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه ، وأحب من أحبه، وأبغض من أبغضه، وأنصر من نصره، وأخذل من خذله، وأدر الحق معه حيث دار. ألا فليبلّغ الشاهد الغايب.
ثم لم يتفرقوا حتى نزل الوحي بقوله : {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي... } [المائدة: 3]، فقال رسول الله (صلى الله عليه واله) : الله اكبر على اكمال الدين، واتمام النعمة، ورضى الرب برسالتي، والولاية لعلي من بعدي).
ثم طفق القوم يهنئون امير المؤمنين (عليه السلام) وممن هنأه في مقدّم الصحابة : الشيخان ابو بكر وعمر، كلٌ يقول: بخ بخ لك يابن ابي طالب اصبحت وأمسيت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة. وقال ابن عباس: وجبت والله في اعناق القوم.
فقال حسان : إئذن لي يارسول الله ان اقول في عليّ ابياتاً تسمعهن. فقال : قل على بركة الله. فقام حسان فقال : يامعشر مشيخة قريش أتبعها قولي بشهادة من رسول الله في الولاية ماضية ثم قال :
يُناديهمُ يوم الغدير نبيّهم *** بخمٍّ وأسمع بالنبيِّ مناديا
وقد جاءه جبريل عن أمر ربه *** بأنَّك معصومٌ فلا تك وانيا
وبلّغهمُ ما أنزل الله ربّهم اليك *** ولا تخش هناك الأعاديا
فقام به إذ ذاك رافع كفّه *** بكفِّ عليٍّ مُعلن الصوت عاليا
فقال : فمن مولاكمُ وولّيكم؟ *** فقالوا ولم يبدوا هناك تعاميا
: إلهك مولانا وأنت وليّنا *** ولن تجدن فينا لك اليوم عاصيا
فقال له : قم ياعليٌّ فإنني *** رضيتك من بعدي إماماً وهاديا
فمن كنت مولاهُ فهذا وليّه *** وكن للذي عادى علياً معاديا
فياربّ اُنصر ناصريه لنصرهم *** إمام هدى كالبدر يجلو الدياجيا
الدلالات العلمية للنصوص
1- كان رسول الله (صلى الله عليه واله) كان ينعي نفسه في مناسبات عديدة قبل وفاته. فقد نعى نفسه في حجة الوداع، واوصى وصاياه الشهيرة في المرض الذي توفي فيه. وكان التلازم بين نعي الذات او قل التنبؤ بالرحيل الى الرفيق الاعلى وبين اعلان ولاية علي (عليه السلام) يعني انتقال الولاية على الامة من النبوة الى الامامة. وقوله (صلى الله عليه واله): (من كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه) يعني انتقال جميع صلاحيات الولاية التي كان يتمتع بها النبي (صلى الله عليه واله) الى الامام (عليه السلام) عدا الوحي. وهذا يعني استمرار المسيرة الاسلامية على نفس الخط المرسوم من قبل السماء.
2- كان استخلاف علي (عليه السلام) على المدينة خلال غزوة تبوك كافياً لاعداد الرأي العام لولايته. فلابد ان يكون ما حصل في غدير خم عملاً متوقعاً. فالمعادلة واضحة وطرفاها متوازيان. وهما: التنبؤ من قبل النبي (صلى الله عليه واله) بقرب رحيله الى عالم الآخرة، والوصية لعلي (عليه السلام) بادارة الامر من بعده (صلى الله عليه واله).
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|