آية الولاية وكلام الشيخ الطوسي والعلامة الأميني والسيد شرف الدين حول مدلولها |
1741
11:48 صباحاً
التاريخ: 3-3-2019
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-4-2017
915
التاريخ: 12-3-2018
1407
التاريخ: 30-07-2015
1314
التاريخ: 23-11-2016
1002
|
قال تعالى : {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ } [المائدة: 55] .
والوليّ المراد به : الأولى ، لاستعمال ذلك في اللّغة، وعطف سبحانه ولاية رسوله على ولاية اللّه، وعطف ولاية الّذين آمنوا على ولاية الرّسول، فيجب طاعة الّذين آمنوا كما وجب طاعة اللّه وطاعة رسوله، لأنّ حكم المعطوف حكم المعطوف عليه. والمراد بالّذين آمنوا: بعض المؤمنين، وهو عليّ عليه السّلام، لأنّه وصف بصفة لم تحصل لغيره، وهو إيتاء الزكاة في حال ركوعه، فيجب أن يكون هو الأولى بالتّصرّف في الأمّة، وذلك صفة الإمام.
أقول: إنّ مسألة نزول هذه الآية الكريمة في حقّ مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) ممّا دلّت عليه الرّوايات المتواترة من الفريقين في مختلف الكتب والمصادر الحديثيّة والتّفسيريّة والكلاميّة والفقهيّة والتّأريخية، وقد نصّ على صحّة هذه الرّوايات والوثوق بها والتّعويل عليها: أعاظم علماء السّنّة بمختلف مذاهبهم ومدارسهم، وقد ذكر العلّامة الأميني «رحمه اللّه» منهم جمعا غفيرا مع ذكر كتبهم، فليراجع [1] [2] .
_____________________________
[1] [ كلام للشيخ الطوسي (قدس سره) حول مدلول آية الولاية] :
قال الشيخ الطّوسي «رحمه اللّه»: وجه الدّلالة من الآية أنّه قد ثبت أنّ الوليّ في الآية بمعنى: الأحقّ، والأولى، وثبت أنّ المعنيّ بقوله: «وَ الَّذِينَ آمَنُوا»* أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وإذا ثبت هذان الأصلان دلّ على إمامته (عليه السلام)، لأنّ كلّ من قال: انّ معنى الوليّ في الآية ما ذكرناه قال: إنّها مخصوصة فيه، ومن قال: إنّها مخصوصة، قال: إنّ المراد بها الإمامة.
فإن قيل: دلّوا على أنّ الوليّ يستعمل في اللّغة بمعنى: الأولى والأحقّ، ثمّ على أنّ المراد به في الآية ذلك، ثمّ بيّنوا توجّهها إلى أمير المؤمنين (عليه السلام).
قيل له : أمّا الّذي يدلّ على أنّ الوليّ يستعمل في اللّغة بمعنى: الأولى استعمال أهل اللّغة، لأنّهم يقولون في السّلطان المالك للأمر: فلان وليّ الأمر، وقال الكميت :
ونعم وليّ الأمر بعد وليّه * ومنتجع التّقوى ونعم المؤدّب
ويقولون: فلان وليّ العهد، في من استخلف للأمر، لأنّه أولى بمقامه من غيره، وروي عن النّبيّ (صلى الله عليه واله): (أيّما امرأة نكحت بغير إذن وليّها، فنكاحها باطل) وإنّما أراد به من يكون أولى بالعقد عليها، وقال اللّه تعالى: {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي } [مريم: 5، 6] يعني: من يكون أولى بحوز الميراث من بني العمّ. وقال المبرّد في كتابه المعروف بالعبارة عن صفات اللّه: إنّ أصل الوليّ هو: الأولى، والأحقّ، وكذلك المولى، فجعل الثّلاث عبارات بمعنى واحد. وشواهد ما ذكرنا كثيرة في كتب اللّغة.
فامّا الّذي يدلّ على أنّ المراد به في الآية ما ذكرناه، هو أنّ اللّه تعالى نفى أن يكون لنا وليّ غير اللّه وغير رسوله والّذين آمنوا بلفظة: «إنّما»، ولو كان المراد به الموالاة في الدّين لما خصّ بها المذكورين، لأنّ الموالاة في الدّين عامّة في المؤمنين كلّهم، قال اللّه تعالى: { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة: 71].
والّذي يدلّ على أنّ لفظة «أنّما» تفيد التّخصيص أنّ القائل إذا قال: إنّما لك عندي درهم، فهم منه نفي ما زاد عليه، وجرى مجرى: ليس لك عندي إلّا درهم. وكذلك إذا قالوا: إنّما النّحاة المدقّقون البصريّون، فهم نفي التّدقيق عن غيرهم. وكذلك إذا قالوا: إنّما السّخاء سخاء حاتم، فهم نفي السّخاء عن غيره، وقد قال الأعشى:
ولست بالأكثر منهم حصى * وإنّما العزّة للكاثر
وأراد نفي العزّة عمّن ليس بكاثر، وقد روي عن النّبيّ (صلى الله عليه واله): (إنّما الماء من الماء) واحتجّ بذلك الأنصار في نفي الماء من غير الماء، وادّعى من خالفهم نسخ الخبر، فعلم أنّهم فهموا منه التخصيص، والّا كانوا يقولون: «إِنَّما»* لا تفيد الاختصاص بوجوب الماء من الماء.
والّذي يدلّ على أنّ الولاية في الآية مختصّة، أنّه قال: «وَلِيُّكُمُ»* فخاطب به جميع المؤمنين جملتهم ودخل في ذلك النّبيّ وغيره، ثمّ قال: «وَ رَسُولُهُ»* فأخرج النّبي- عليه وآله السّلام- من جملتهم، لكونهم مضافين إلى ولايته، فلمّا قال: «وَالَّذِينَ آمَنُوا»* وجب أيضا أنّ الّذي خوطب بالآية غير الّذي جعلت له الولاية، وإلّا أدّى إلى أن يكون المضاف هو المضاف إليه، وأدّى إلى أن يكون كلّ واحد منهم وليّ نفسه، وذلك محال.
وإذا ثبت أنّ المراد في الآية ما ذكرناه، والّذي يدلّ على أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) هو المختصّ بها أشياء:
منها: أنّ كلّ من قال: إنّ معنى الوليّ في الآية معنى الأحقّ، قال: إنّه هو المخصوص به، ومن خالف في اختصاص الآية فجعل الآية عامّة في المؤمنين، وذلك قد أبطلناه.
ومنها: أنّ النّقل حاصل من الطّائفتين المختلفتين والفرقتين المتباينتين من الشّيعة وأصحاب الحديث انّ الآية خاصّة في أمير المؤمنين (عليه السلام).
ومنها: أنّ اللّه تعالى وصف الّذين آمنوا بصفات ليست موجودة إلّا فيه، لأنّه قال: (وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ ويُؤْتُونَ الزَّكاةَ وهُمْ راكِعُونَ) فبيّن أنّ المعنيّ بالآية هو الّذي آتى الزّكاة في حال الرّكوع، وأجمعت الامّة على أنّه لم يؤت أحد الزّكاة في هذه الحال غير أمير المؤمنين (عليه السلام).
وليس لأحد أن يقول: انّ قوله: (و هم راكعون) ليس هو حالا لإيتاء الزّكاة، بل إنّما المراد به أنّ صفتهم إيتاء الزّكاة، لأنّ ذلك خلاف للّغة، ألا ترى أنّ القائل إذا قال: لقيت فلانا وهو راكب، لم يفهم منه إلّا لقاؤه في حال الرّكوب، ولم يفهم منه أنّ من شأنه الرّكوب. وإذا قال: رأيته وهو جالس، أو جاءني وهو ماش، لم يفهم من ذلك كلّه إلّا موافقة رؤيته في حال الجلوس أو مجيئه ماشيا. وإذا ثبت ذلك، وجب أن يكون حكم الآية أيضا هذا الحكم.
فإن قيل: ما أنكرتم أن يكون المراد بقوله تعالى: (وَهُمْ راكِعُونَ) أي: يؤتون الزّكاة متواضعين، كما قال الشّاعر:
لا تهين الكريم علّك أن تركع * يوما والدهر قد رفعه
وإنّما أراد به علّك أن تخضع يوما.
قيل له: الرّكوع هو التّواطؤ المخصوص، وإنّما يقال للخضوع ركوع تشبيها ومجازا، لأنّ فيه ضربا من الانخفاض، والّذي يدلّ على ما قلناه : ما نصّ عليه أهل اللّغة، ذكر صاحب كتاب العين فقال: كلّ شيء ينكبّ لوجهه فيمسّ ركبته الأرض أو لا يمسّ بعد أن يطأطئ رأسه، فهو راكع. وقال ابن دريد: الرّاكع:
الّذي يكبو على وجهه، ومنه الرّكوع في الصّلاة ، قال الشّاعر:
وافلت حاجب فوق العوالي * على شقّاء تركع في الظّراب
أي: تكبو على وجهها.
وإذا ثبت أنّ الحقيقة في الرّكوع، ما ذكرناه لم يسع حمله على المجاز من غير ضرورة.
فإن قيل: قوله: «الَّذِينَ آمَنُوا»* لفظه عامّ، كيف يجوز لكم حمله على الواحد، وهل ذلك إلّا ترك للظّاهر؟!
قيل له : قد يعبّر عن الواحد بلفظ الجمع إذا كان عظيم الشّأن عالي الذّكر، قال اللّه تعالى : {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ} [الحجر: 9] وهو واحد، وقال: {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} [السجدة: 13] وقال: {إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ} [مريم: 40] وقال: {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} [السجدة: 13]
{ رَبِّ ارْجِعُونِ} [المؤمنون: 99] ونظائر ذلك كثيرة.
وأجمع المفسّرون على أنّ قوله: { الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} [آل عمران: 173] أنّ المراد بقوله: (النّاس) الأوّل: نعيم بن مسعود الأشجعيّ، وقال تعالى: {أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ } [البقرة: 199] يعني: رسول اللّه (صلى الله عليه واله) وقوله تعالى: {الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا} [آل عمران: 168] نزلت في عبد اللّه بن أبي سلول، وإذا كان ذلك مستعملا على ما قلناه ، فكذلك قوله تعالى : {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ} [المائدة: 55] نحمله على الواحد الّذي بيّنّاه.
فإن قيل: أليس قد روي أنّ هذه الآية نزلت في عبد اللّه بن سلام وأصحابه فما أنكرتم أن يكون المعنيّ ب: (الّذين آمنوا) هم دون من ذهبتم إليه.
قلنا: أوّلا ما نقول إنّا إذا دللنا على أنّ هذه الآية نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام) بنقل الطّائفتين المختلفتين، وإنّما ذكرناه من اعتبار الصّفة المذكورة في الآية وأنّها ليست حاصلة في غيره فقد بطل ما روى من هذه الرّواية.
على أنّ الّذي روي من خبر عبد اللّه بن سلام خلاف ما ذهب إليه السّائل، وذلك أنّه روي أنّ عبد اللّه بن سلام كان بينه وبين اليهود محالفة فلمّا أسلموا قطعت اليهود محالفته وتبرّءوا منهم فاغتمّ بذلك هو وأصحابه، فأنزل اللّه هذه الآية تسلية لعبد اللّه بن سلام وأنّه قد عوّضهم من محالفة اليهود ولاية اللّه وولاية رسوله وولاية الّذين آمنوا.
والّذي يكشف عن ذلك أنّه قد روي أنّه لمّا نزلت الآية خرج النّبيّ (صلى الله عليه واله) من البيت فقال لبعض أصحابه: هل أحد أعطى السّائل شيئا؟ فقالوا: نعم يا رسول اللّه، قد أعطى عليّ بن أبي طالب السّائل خاتمه وهو راكع، فقال النّبيّ (صلى الله عليه واله): اللّه أكبر، قد أنزل اللّه فيه قرآنا، ثمّ تلا الآية إلى آخرها، وفي ذلك بطلان ما توهّمه السّائل.
المفصح في إمامة أمير المؤمنين والأئمّة (الرّسائل العشر): 129- 133.
[2] كلام للعلامة الأميني (قدس سره) والسيد شرف الدّين الموسويّ حول مدلول آية الولاية] :
لقد نقل العلّامة الأميني في كتابه الغدير 2: 52، والإمام شرف الدّين الموسويّ في كتابه المراجعات:
ما ذكره الإمام أبو إسحاق أحمد بن محمّد بن إبراهيم النّيسابوريّ الثّعلبيّ عند بلوغه هذه الآية من تفسيره الكبير بالإسناد إلى أبي ذرّ الغفاريّ، قال: سمعت رسول اللّه (صلى الله عليه واله) بهاتين وإلّا صمّتا، ورأيته بهاتين وإلّا عميتا، يقول: عليّ قائد البررة، وقاتل الكفرة، منصور من نصره، مخذول من خذله، أما إنّي صلّيت مع رسول اللّه (صلى الله عليه واله) ذات يوم، فسأل سائل في المسجد، فلم يعطه أحد شيئا، وكان عليّ راكعا، فأومأ بخنصره إليه وكان يتختّم بها، فأقبل السّائل حتّى أخذ الخاتم من خنصره، فتضرّع النّبيّ (صلى الله عليه واله) إلى اللّه عزّ وجلّ يدعوه، فقال: اللّهمّ إنّ أخي موسى سألك: {قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي * وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي * كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا * إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا} [طه: 25 - 35] فأوحيت إليه {قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى} [طه: 36] للّهمّ وإنّي عبدك ونبيّك، فاشرح لي صدري ويسّر لي أمري، واجعل لي وزيرا من أهلي عليّا اشدد به ظهري، قال أبو ذرّ: فو اللّه ما استتمّ رسول اللّه (صلى الله عليه واله) الكلمة حتّى هبط عليه الأمين جبرئيل بهذه الآية: (إنّما وليّكم ...).
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|