المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الاخلاق و الادعية
عدد المواضيع في هذا القسم 6251 موضوعاً
الفضائل
آداب
الرذائل وعلاجاتها
قصص أخلاقية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

ما هو القرآن ؟
28-01-2015
تحديد مفهوم الشركة في قانون ضريبة الدخل
11-4-2016
التطور في عالم الصناعة
2023-06-24
كن وصي نفسك
22-3-2021
George Waddel Snedecor
24-5-2017
Neutron Flux
5-4-2017


الحاكمون وواجباتهم  
  
2587   04:29 مساءً   التاريخ: 25-2-2019
المؤلف : ألسيد مهدي الصدر
الكتاب أو المصدر : أخلاق أهل البيت
الجزء والصفحة : 487-498
القسم : الاخلاق و الادعية / أخلاقيات عامة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-08-31 329
التاريخ: 13-6-2021 2403
التاريخ: 5-7-2022 1979
التاريخ: 2023-03-26 1433

الإنسان مدنيٌّ بالطبع ، لا يستغني عن إفراد نوعه ، والأُنس بهم والتعاون معهم على إنجاز مهامّ الحياة ، وكسب وسائل العيش .

وحيث كان أفراد البشَر متفاوتين في طاقاتهم وكفاءاتهم الجسميّة والفكريّة ، فيهم القويّ والضعيف ، والذكيّ والغبيّ ، والصالح والفاسد ، وذلك ما يُثير فيهم نوازع الإثرة والأنانيّة والتنافس البغيض على المنافع والمصالح ، ممّا يُسبّب بلبلة المجتمع ، وهدْر حقوقه وكرامته  لذلك كان لا بدّ للأُمم مِن سلطةٍ راعيةٍ ضابطة ، ترعى شؤونَهم وتحمي حقوقهم ، وتشيع الأمن والعدل والرخاء فيهم .

ومِن هنا نشأت الحكومات وتطوّرت عِبر العصور مِن صورها البدائيّة الأُولى حتّى بلغَت طورها الحضاري الراهن ، وكان للحكّام أثرٌ بليغ في حياة الأٌمم والشعوب وحالاتها رقياً أو تخلفاً ، سعادة أو شقاءً ، تبعاً لكفاءة الحكام وخصائصهم الكريمة أو الذميمة .

فالحاكم المثالي المُخلص لامته هو : الذي يسوسها بالرفق والعدل والمساواة ، ويحرص على إسعادها ورفع قيمتها المادية والمعنويّة .

والحاكم المستبدّ الجائر هو : الذي يستعبد الأُمّة ويسترقّها لأهوائه ومآربه ويعمَد على إذلالها وتخلّفها ، وقد أوضحت آثار أهل البيت ( عليهم السلام ) أهميّة الحكّام وآثارهم الحسنة أو السيّئة في حياة الأُمّة ، فأثنت على العادلين المُخلصين منهم ، وندّدت بالجائرين وأنذرتهم بسوء المغبّة والمصير .

فعن الصادق عن أبيه ( عليهما السلام ) قال : ( قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) : صنفان مِن أُمّتي إذا صلُحا صلحت أُمّتي ، وإذا فسدا فسدت. قيل يا رسول اللّه ومن هما؟ قال: الفقهاء والأُمراء ) (1) .

وعن الصادق عن آبائه ( عليهم السلام ) عن النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) قال : ( تُكلّم النار يوم القيامة ثلاثة : أميراً ، وقارياً ، وذا ثروةٍ مِن المال ، فتقول للأَمير : يا مَن وهَب اللّه له سُلطاناً فلَم يعدِل ، فتزدرده كما يزدرد الطير حبَّ السمسم ، وتقول للقارئ : يا من تزيّن للناس وبارَز اللّه بالمعاصي فتزدرده ، وتقول للغنيّ : يا من وهَب اللّه له دُنياً كثيرةً واسعةً فيضاً وسأَله الحقير اليسير فرضاً فأَبى إلاّ بُخلاً فتزدرده )(2) .

ولم يكتفِ أهل البيت ( عليهم السلام ) بالإعراب عن سخَطِهم على الظلم والظالمين ووعيدهم حتّى اعتبروا أنصارهم والضالعين في رِكابهم شُركاء معهم في الإثم والعقاب .

فعن الصادق عن أبيه ( عليهما السلام ) قال : ( قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) : إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ . أين الظَّلَمة وأعوانهم ، ومَن لاقَ لهم دواة ، أو ربط لهم كيساً ، أو مدّ لهم مدّة قلم ؟ فاحشروهم معهم ) (3) .

والطغاة مهما تجبروا وعتوا على الناس ، فإنّهم لا محالة مؤاخذون بما يستحقّونه مِن عقابٍ عاجلٍ أو آجل ، فالمكر السيّئ لا يحيق إلاّ بأهلهِ ولعنةُ التاريخ تُلاحق الطواغيت ، وتمطرهم بوابلٍ الذمِّ واللعن ، وتنذرهم بسوءِ المغبّة والمصير ، وفي التاريخ شواهدٍ جمّة على ذلك .

منها ما حكاه الرواة عن ابن الزيّات : إنّه كان قد اتّخذ في أيّام وزارته تنّوراً مِن حديد  وإطراف مساميره محدودة إلى داخل وهي قائمة مثل رؤوس المسال ، وكان يعذّب فيه المصادرين وأرباب الدواوين المطلوبين بالأموال ، فكيف ما انقلب واحدٌ منهم أو تحرّك مِن حرارة العقوبة تدخل المسامير في جسمه ، فيجدون لذلك أشدّ الألَم ولم يسبقه أحدٌ إلى هذه المعاقبة .

فلمّا تولّى المتوكّل الخلافة اعتقل ابن الزيّات ، وأمر بإدخاله التنّور وقيّده بخمسة عشَر رطلاً مِن الحديد ، فأقام في التنّور أربعين يوماً ثمّ مات (4).

ومنها : الحجّاج بن يوسف الثقفي .

فإنّه تأمّر عشرين سنة ، و أُحصي مَن قتله صبراً سِوى مَن قُتِل في عساكره وحروبه فوجد - مِئة ألف وعشرين ألفاً - وفي حبسه خمسون ألف رجل ، وثلاثون ألف امرأة ، منهنّ ستّة عشر ألفاً مُجرّدة ، وكان يحبس النساء والرجال في موضعٍ واحد ، ولم يكن للحبس سترٌ يستُر الناس مِن الشمس في الصيف ، ولا مِن المطر والبرد في الشتاء .

ثمّ لاقى جزاء طُغيانه وإجرامه خِزياً ولعناً وعذاباً ، وكانت عاقبة أمره أنّه ابتلي بالآكلة في جوفه ، وسلّط اللّه عزّ وجل عليه الزمهرير ، فكانت الكوانين المتوقّدة بالنار تُجعَل حوله  وتُدنى منه حتّى تحرق جِلده وهو لا يحسّ بها ، حتّى هلَك عليه لعائن اللّه .

حقوق الرعيّة على الحاكم :

والحاكم بصفته قائد الأُمّة وحارسها الأمين مسؤول عن رعايتها وصيانة حقوقها ، وضمان أمنها ورخائها ، ودرء الأخطار والشرور عنها .

وإليك أهمّ تلك الحقوق :

أ - العدل :

وهو أقدس واجبات الحكّام ، وأجلّ فضائلهم ، وأخلَد مآثرهم ، فهو أساس المُلك ، وقوام حياة الرعيّة ، ومصدر سعادتها وسلامها . وكثيراً ما يُوجب تمرّد الناس على اللّه تعالى ، وتنكبّهم عن طاعته ومنهاجه تسلّط الطغاة عليهم واضطهادهم بألوان الظُّلامات كما شهدت بذلك أحاديث أهل البيت ( عليهم السلام ) :

فعن الصادق ( عليه السلام ) عن آبائه عن عليّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) قال : ( قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) : قال اللّه جلّ جلاله : أنا اللّه لا إله إلاّ أنا خلقت الملوك وقلوبهم بيدي ، فأيُّما قومٍ أطاعوني جعلتُ قلوبَ الملوك عليهم رحِمَة ، وأيُّما قومٍ عصوني جعلتُ قلوبَ الملوك عليهم سخِطة ، ألا لا تشغلوا أنفسكم بسبِّ الملوك ، توبوا إليّ أعطف قلوبهم عليكم ) (5).

ب - الصلاح :

ينزع غالب الناس إلى تقليد الحكّام والعظماء تشبّهاً بهم ومحاكاةً لهم ، ورغبةً في جاههم ومكانتهم .

ولهذا وجَب اتّصاف الحاكم بالصلاح وحُسن الخُلُق وجمال السيرة والسلوك ليكون قدوةً صالحة ونموذجاً رفيعاً تستلهمه الرعيّة وتسير على هديه ومنهاجه .

وانحراف الحاكم وسوء أخلاقه وأفعاله يدفع غالب الرعيّة إلى الانحراف وزجّها في متاهات الغواية والضلال ، فيعجز الحاكم آنذاك عن ضبطها وتقويمها .

ونفسك فاحفظها مِن الغيّ والردى     فمتى تغواها تغوي الذي بكَ يَقتدي

وفي التأريخ شواهدٌ جمّة على تأثّر الشعوب بحكّامها ، وانطباعها بأخلاقهم وسجاياهم حميدةً كانت أو ذميمة كما قيل : - الناس على دين ملوكهم .

ج - الرفق :

ويجدر بالحاكم أنْ يسوس الرعيّة بالرفق وحُسن الرعاية ، ويتفادى سياسة العُنف والإرهاب فليس شيءٌ أضرّ بسمعة الحاكم وزعزعة كيانه مِن الاستبداد والطغيان .

وليس شيءٌ أضرّ بالرعيّة ، وأدعى إلى إذلالها وتخلّفها مِن أنْ تُساس بالقسوة والاضطهاد .

فعن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : ( قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) إنّ الرفق لم يوضع على شيء إلاّ زانه ، ولا نُزِع مِن شيءٍ إلاّ شانه ) (6).

وقال الصادق ( عليه السلام ) : ( مَن كان رفيقاً في أمره ، نال ما يُريد مِن الناس ) (7).

وقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في عهده إلى مالك الأشتَر : ( وأشعِر قلبَك الرحمة للرعيّة  والمحبّة لهم واللطف بهم ، ولا تكوننّ سبُعاً ضارياً تغتنم أكلَهم ، فإنّهم صنفان : إمّا أخٌ لك في الدين ، وإمّا نظيركَ في الخلق ، يفرط منهم الزلَل ، وتعرُض لهم العِلل ، ويُؤتي على أيديهم في العمد والخطأ ، فاعطهم مِن عفوك وصفحك مثل الذي تحبّ وترضى أنْ يعطيك اللّه مِن عفوه وصفحه ، فإنّك فوقهم ، ووالي الأمر عليك فوقك ، واللّه فوق مَن ولاّك ، وقد استكفاك أمرهم وابتلاك بهم ).

وبديهيّ أنّ الرفق لا يجمل وقعه ولا يحمد صنيعه إلاّ مع النبلاء الأخيار ، أمّا الأشرار العابثون بأمن المجتمع وحرماته فإنّهم لا يستحقّون الرفق ولا يليق بهم ، إذ لا تجديهم إلاّ القسوة الزاجرة والصرامة الرادعة عن غيّهم وإجرامهم .

إذا  أنـتَ أكـرمت الـكريم  مـلكته            وإنْ  أنـت أكـرمت الـلئيم iiتـمرّدا

ووضع الندى في موضع السيف بالعلا      مضرٌ كوضعِ السيف في موضع الندى

مظاهر الرفق :

وللرفق صورٌ رائعة ومظاهر خلاّبة ، تتجلّى في أقوال الحاكم وأفعاله .

أ - فعليه أنْ يكون عف اللسان ، مهذّب القول ، مجانباً للبذاء .

ب - وأنْ يكون عطوفاً على الرعيّة يتحسّس بآلامها ومآسيها ، فإذا داهمها خطر ، وحاق بها بلاءٌ سارَع لنجدتها ومواساتها والتخفيف مِن بؤسها وعنائها .

ج - وأنْ يتفادى إرهاق الرعيّة بالإتاوات الباهضة ، والضرائب الفادحة الباعثة على شقائها وعنتها .

آثار الرفق :

للرفق خصائص وآثار طيّبة تفيء على الحاكم والمحكوم بالخير والوئام , فهو مدعاة حبّ الرعيّة للراعي وإخلاصها له وتفانيها في سبيله .

كما هو عاصم للرعيّة عن الملق والنفاق الناجمين مِن رهبة الحاكم المتجبّر والخوف مِن بطشة وفتكه .

وقد مدح اللّه رسوله الأعظم بالرفق والعطف فقال تعالى : {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران: 159] .

د - اختبار الأعوان :

لا يستطيع الحاكم مهما أوتي مِن قدرة وكفاءة أنْ يستقلّ بسياسة الرعيّة ، ويضطلع بمهامّ الحُكم وإدارة جهازه ، فهو لا يستغني عن أعوان يؤازرونه على تحقيق أهدافه وإنجاز أعماله .

ولهؤلاء الأعوان أثرٌ كبيرٌ وخطير في توجيه الحاكم وتكييف أخلاقه وآرائه حسبما تتّصف به مِن خلالٍ وميولٍ رفيعةٍ أو وضيعة .

لذلك كان على الحاكم أنْ يختار بطانته وأعوانه مِن ذوي الكفاءة والنزاهة والصلاح ، لتمحضه النصيحة ، وتؤازره على إسعاد الرعيّة وتحقيق آمالها وأمانيها ، دونما نزوع إلى إثرة أو محاباة تضرّ بصالح الرعيّة وتجحف بحقوقها .

هـ - محاسبة العمّال والموظفين :

كثيراً ما يزهو الموظّف بمنصبه ونفوذه ، ويستحوذ عليه الغرور فيتحدّى الناس ، ويتعالى عليهم  ويمتهن كرامتهم ويهمل أعمالهم ولا ينجزها إلاّ بدافعٍ مِن الطمع أو المُحاباة ، الخوف أو الرجاء ممّا يُعرقل مهمّاتهم ويستثير سخطِهم وحنقهم على جهاز الحكم .

لهذا يجب على الحاكم مراقبة الموظفين ومحاسبتهم على أعمالهم ومكافأة المُحسن منهم على إحسانه ، ومعاقبة المُسيء على إساءته ، ليؤدّي كلّ فردٍ منهم واجبة نحو المجتمع ، وليستشعر الناس مفاهيم العزّة والكرامة والرخاء .

وبذلك تتّسق شؤون الرعيّة ، ويسودها العدل ، وتنجو مِن مآسي الملَق والتزلّف إلى الموظّفين بالرشا وألوان الشفاعات .

و - إسعاد الرعيّة :

والحاكم بوصفه قائد الأُمّة وراعيها الأمين ، فهو مسؤول عن رعايتها والعناية بها ، والحرص على إسعادها ورقيّها مادّياً وأدبيّاً.

وذلك : بتفقّد شؤون الرعيّة ، ورعاية مصالحها وضمان حقوقها وإشاعة الأمن والعدل والرخاء فيها ، وتصعيد مستوياتها العلميّة والصحيّة والاجتماعيّة والأخلاقيّة والعمرانيّة : بنشر العِلم وتحسين طُرق الوقاية والعلاج وتهذيب الأخلاق والاهتمام بالتنمية الصناعيّة والزراعيّة والتجارية ، بالأساليب العلميّة الحديثة واستغلال الموارد الطبيعيّة ، وتشجيع المواهب والطاقات على الإبداع في تلك المجالات على أفضل وجه مُمكن .

وبذلك تتوطّد دعائم المُلك ، وتعلو أمجاد الأُمم ، وتتوثّق أواصر الودّ والإخلاص بين الحاكم والمحكوم ، ويتبوّأ الحاكم عرش القلوب , ويحظى بخلود الذكر وطيب الثناء .

حقوق الحاكم على الرعيّة

الحاكم العادل هو : قطب رَحى الأُمّة ، ورائد نهضتها ، وباني أمجادها ، وحارسها الأمين وهو عنصرٌ فعّال مِن عناصر المجتمع ، وجزءٌ أصيل لا يتجزّأ عنه ، لهذا وجَب أنْ يكون التجاوب في العواطف والمشاعر قويّاً بين الحاكم والمحكوم ، والراعي والرعيّة ؛ ليستطيع الأوّل أداء رسالته الإصلاحيّة لأُمّته ، وتحقيق أهدافها وأمانيّها ، ولتنال الأُمّة في ظلال حكمه مفاهيم الطمأنيّنة والحريّة والرخاء .

لذلك كان للحاكم حقوق على الرعيّة إزاء حقوقها عليه ، وكان على كل منهما رعاية حقوق الآخر ، والقيام بواجبه نحوه .

وهذا ما أوضحه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) حيث قال : ( فليست تصلح الرعيّة إلاّ بصلاح الولاة ، ولا تصلُح الولاة إلاّ باستقامة الرعيّة ، فإذا أدّت الرعيّة إلى الوالي حقّه ، وأدّى الوالي إليها حقّها ، عزّ الحقّ بينهم ، وقامت مناهج الدين واعتدلَت معالِم العدل ، وجرت على إذلالها السُنن ، فصلُح بذلك الزمان ، وطمع في بقاء الدولة ، ويئست مطامع الأعداء .

وإذا غلبَت الرعيّة واليها ، وأجحَف الوالي برعيّته ، اختلفت هناك الكلمة ، وظهرت معالم الجور ، وكثُر الإدغال في الدين ، وتُرِكت محاجّ السنن ، فعُمِل بالهوى وعُطّلت الأحكام   وكثُرت عِلل النفوس ، فلا يستوحش لعظيم حقٍّ عُطّل ، ولا لعظيم باطلٍ فُعِل ، فهناك تذلّ الأبرار ، وتعزّ الأشرار ، وتعظُم تَبِعات اللّه عند العباد )   .

وإليك مُجملاً مِن حقوق الحاكم :

1 - الطاعة : للحاكم حقّ الطاعة على رعيّته فيما يرضي اللّه عزّ وجل ، حيثُ لا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق .

والطاعة هي : المشجّع الأوّل للحاكم على إخلاصه للرعيّة ، وتحسّسه بمشاعرها وآلامها  ودأبه على إسعادها وتحقيق آمالها وأمانيها .

أمّا التمرّد والعصيان والخُذلان فهي خلال مقيتة تستفزّ الحاكم وتستثير نقمته على الرعيّة وبطشه بها ، وتقاعسه على إصلاحها ورقيّها ، ومِن ثمّ إحباط جهوده الهادفة البنّاءة في سبيلها .

انظر كيف يوصي الإمام موسى بن جعفر ( عليه السلام ) شيعته بطاعة الحاكم : ( يا معشَر الشيعة ، لا تذلّوا رقابكم بترك طاعة سلطانكم ، فإنْ كان عادلاً فاسألوا اللّه إبقاءه ، وإنْ كان جائراً فاسألوا اللّه إصلاحه ، فإنّ صلاحكم في صلاح سلطانكم ، وإنّ السلطان العادل بمنزلة الوالد الرحيم ، فأحبّوا له ما تحبّون لأنفسكم ، واكرهوا له ما تكرهون لأنفسكم ) (8).

2 - المؤازرة : والحاكم مهما سمت كفاءته ومواهبه ، فإنّه قاصر عن الاضطلاع بأعباء الملك والقيام بواجبات الرعيّة وتحقيق منافعها العامّة ، ومصالحها المشتركة إلاّ بمؤازرة أكفائها  ودعمهم له ، ومعاضدتهم إيّاه بصنوف الجهود والمواهب الماديّة والمعنويّة ، الجسميّة والفكريّة. وبمقدار تجاوبهما وتضامنهما يستتبّ الأمن ، ويعمّ الرخاء ويسعد الراعي والرعيّة .

3 - النصيحة : كثيراً ما يستبدّ الغرور بالحاكم ، وتستحوذ عليه نشوة الحكم وسكرة السلطان  فينزع إلى التجبّر والطغيان ، واستعباد الرعيّة ، وخنق حرّيتها ، وامتهان كرامتها ، واستباحة حرماتها ، وسومها سوء المذلّة والهوان .

وهذا ما يُحتّم على الغيارى مِن قادة الرأي ، وأعلام الأُمّة أنْ يبادروا إلى نصحه وتقويمه  والحدّ من طغيانه ، فإنْ أجدى ذلك ، وإلاّ فقد أعذر المصلحون وقاموا بواجب الإصلاح .

وقد جاء في الحديث عن الصادق عن آبائه ( عليهم السلام ) عن النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) قال : ( السلطان ظلّ اللّه في الأرض ، يأوي إليه كلّ مظلوم ، فمَن عدَل كان له الأجر ، وعلى الرعيّة الشكر ، ومَن جار كان عليه الوزر وعلى الرعيّة الصبر ، حتّى يأتيهم الأمر ) (9).

أمّا في العصر الحاضر وقد تطوّرت فيه أساليب الحياة ، ووسائل الإصلاح ، فلَم يعد الحكّام يستسيغون العظة والنصح ولا تجديهم نفعاً .

مِن أجل ذلك فقد استجازت الحكومات المتحضّرة نقد حكّامها المنحرفين عن طريق البرلمانات والصحف والمذكّرات التي تندّد بأثرتهم وأنانيّتهم ، وتنذرهم عليها بلعنة الشعب ، وثورته الماحقة على الطغاة والمستبدين .

_____________________

(1) ، (2) البحار :  كتاب العشرة , ص 209 , عن الخصال .

(3) البحار : كتاب العشرة , ص 218 , عن ثواب الأعمال للصدوق .

(4) سفينة البحار : ج 1 , ص 574 .

(5) البحار :  كتاب العشرة , ص 210 , عن أمالي الشيخ الصدوق .

(6) الوافي : ج 3 , ص 86 , عن الكافي .

(7) الوافي : ج 3 , ص 87 , عن الكافي .

(8) البحار :  كتاب العشرة , ص 218 , عن أمالي الشيخ الصدوق .

(9) البحار :  كتاب العشرة , ص 214 , عن أمالي الشيخ ابن عليّ ابن الشيخ الطوسي .




جمع فضيلة والفضيلة امر حسن استحسنه العقل السليم على نظر الشارع المقدس من الدين والخلق ، فالفضائل هي كل درجة او مقام في الدين او الخلق او السلوك العلمي او العملي اتصف به صاحبها .
فالتحلي بالفضائل يعتبر سمة من سمات المؤمنين الموقنين الذين يسعون الى الكمال في الحياة الدنيا ليكونوا من الذين رضي الله عنهم ، فالتحلي بفضائل الاخلاق أمراً ميسورا للكثير من المؤمنين الذين يدأبون على ترويض انفسهم وابعادها عن مواطن الشبهة والرذيلة .
وكثيرة هي الفضائل منها: الصبر والشجاعة والعفة و الكرم والجود والعفو و الشكر و الورع وحسن الخلق و بر الوالدين و صلة الرحم و حسن الظن و الطهارة و الضيافةو الزهد وغيرها الكثير من الفضائل الموصلة الى جنان الله تعالى ورضوانه.





تعني الخصال الذميمة وهي تقابل الفضائل وهي عبارة عن هيأة نفسانية تصدر عنها الافعال القبيحة في سهولة ويسر وقيل هي ميل مكتسب من تكرار افعال يأباها القانون الاخلاقي والضمير فهي عادة فعل الشيء او هي عادة سيئة تميل للجبن والتردد والافراط والكذب والشح .
فيجب الابتعاد و التخلي عنها لما تحمله من مساوئ وآهات تودي بحاملها الى الابتعاد عن الله تعالى كما ان المتصف بها يخرج من دائرة الرحمة الالهية ويدخل الى دائرة الغفلة الشيطانية. والرذائل كثيرة منها : البخل و الحسد والرياء و الغيبة و النميمة والجبن و الجهل و الطمع و الشره و القسوة و الكبر و الكذب و السباب و الشماتة , وغيرها الكثير من الرذائل التي نهى الشارع المقدس عنها وذم المتصف بها .






هي ما تأخذ بها نفسك من محمود الخصال وحميد الفعال ، وهي حفظ الإنسان وضبط أعضائه وجوارحه وأقواله وأفعاله عن جميع انواع الخطأ والسوء وهي ملكة تعصم عما يُشين ، ورياضة النفس بالتعليم والتهذيب على ما ينبغي واستعمال ما يحمد قولاً وفعلاً والأخذ بمكارم الاخلاق والوقوف مع المستحسنات وحقيقة الأدب استعمال الخُلق الجميل ولهذا كان الأدب استخراجًا لما في الطبيعة من الكمال من القول إلى الفعل وقيل : هو عبارة عن معرفة ما يحترز به عن جميع أنواع الخطأ.
وورد عن ابن مسعود قوله : إنَّ هذا القرآن مأدبة الله تعالى ؛ فتعلموا من مأدبته ، فالقرآن هو منبع الفضائل والآداب المحمودة.