أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-01-2015
3664
التاريخ: 18-10-2015
3277
التاريخ: 2023-12-12
1114
التاريخ: 14-11-2017
4117
|
ولو طرح التساؤل التالي: ماذا تحمل جملة «اخلفني في اهلي»؟ هل هي تعني فكرة امر من اوامر الخلافة او النيابة؟ او تعني فكرة المشابهة والمناظرة بين النائب والاصيل؟ او تعني فكرة تحمل المسؤولية الدينية والاخلاقية في ادارة الامة؟
أ - النيابة واقسامها:
في الاجابة على ذلك لابد من تقسيم النيابة او الخلافة الى ثلاثة اقسام:
الاول: الانتداب. قال الجوهري: «نَدَبَهُ لأمرٍ فانتَدَبَ له، أي دعاه له فأجاب»، وهي تحمل فكرة المندوب الذي يُمنح تفويضاً او يستلم أوامرَ من المنتدِب وينفذها حرفاً بحرف. وهي فكرة قضائية قانونية بالدرجة الاولى. فالقاضي ينتدب من يراه صالحاً لحل الخصومات بين افراد في قضية معينة. وقد انتدب رسول الله (صلى الله عليه واله) علياً (عليه السلام) عند فتح مكة وارسله على بني جذيمة بن عامر ليوادّهم على ما فعله خالد بن الوليد من قتل. وجملة «اخلفني في اهلي» لا تعطي معنى تلك المهمة المحدودة الخاصة بطرف معين وظرف مقيد.
الثاني: المناظرة والمشابهة: وهذه تحمل فكرة ان الخلافة جاءت بسبب النسب والعلاقة الرحمية بينهما. فالمَلِكُ مثلاً يستخلف ابنه على ملكه. وقد يقال بان علياً (عليه السلام) كان ابن عم رسول الله (صلى الله عليه واله) وزوج ابنته فاطمة (عليه السلام)، ولذلك منحه شرف الخلافة على المدينة خلال غزوة تبوك. واذا كان هذا الامر سليماً على المستوى الاسري، فانه لا يصحُّ على المستوى الاجتماعي. ذلك ان ادارة المجتمع تحتاج الى مؤهلات ولياقات غير متوفرة حتى في اعمام رسول الله (صلى الله عليه واله) كحمزة والعباس فضلا عن ابناء عمه جعفر وعقيل. ولذلك فهو (صلى الله عليه واله) لم يكلفهم في حياته بما كلّف به عليا (عليه السلام). يضاف الى ذلك ان المسؤولية الدينية تختلف عن المسؤولية الادارية في انظمة دنيوية كالانظمة السياسية العلمانية السائدة اليوم. وفكرة «اخلفني في اهلي» لا تعطي هذا المعنى.
الثالث: المسؤولية الدينية: وتعني هنا ان الخلافة او النيابة كانت تمثل إدارة الدين في ادارة مجتمع دار الاسلام. فما يريده الدين هو إدارة الشريعة والملاكات التي تمثله احكامها. وليس هناك ادنى شك بان رؤية الدين تجاه الذين تنتخبهم السماء يتطابق مع رؤيته لملاكات الاحكام ومقتضياتها. ولذلك كان علي (عليه السلام) - في نظر السماء - حارساً لاحكام الشريعة وملاكاتها في غياب النبي (صلى الله عليه واله). وهذا المعنى مطابق تماماً لفكرة: «اخلُفني في اهلي».
ولا شك ان المسلم الذي كان يعيش في المدينة ذلك الوقت كان يطمئن عندما يعلم ان هناك من يقوم مقام رسول الله (صلى الله عليه واله) في الادارة الدينية والاجتماعية. فكان الامام (عليه السلام) مرآة الشريعة عند غياب رسول الله (صلى الله عليه واله) عن الساحة. ذلك ان غياب رسول الله (صلى الله عليه واله) دون وجود نائب ينوبه في عاصمة الاسلام يعني إحداث فجوة كبيرة بين المسلمين وقيادتهم الشرعية.
اذن يكون الجواب على التساؤلات المطروحة آنفاً هو ان فكرة «اخلفني في اهلي» كانت تعني تحمل المسؤولية الدينية والاخلاقية في ادارة امة الاسلام خلال غياب رسول الله (صلى الله عليه واله).
ب - المسؤولية الاخلاقية في الخلافة:
وفي ضوء تلك القاعدة نؤمن بان المسؤولية الاخلاقية في خلافة المدينة خلال غزوة تبوك كانت على طرفين:
الاول: الالزام الاخلاقي تجاه الله عز وجل ورسوله (صلى الله عليه واله) والدين. وهو الزام نشأ معه علي (عليه السلام) وتربى عليه، وهو في احضان رسول الله (صلى الله عليه واله) صبياً. وتلك مسؤولية مستقلة تعلّمها علي (عليه السلام) من النبي (صلى الله عليه واله).
الثاني: الالزام الاخلاقي تجاه المجتمع عموماً والطبقة المحرومة بالخصوص كالقاصرين والعاجزين والفقراء. وتلك مسؤولية دينية تابعة لطبيعة المجتمع وظروفه وشروط معيشته.
وبكلمة، فقد كان السلوك المسؤول لقائد مثل الامام (عليه السلام) في المدينة خلال تلك الفترة الصعبة سلوكاً اخلاقياً غنياً بصفاء الروح والعقل والضمير، والكفاءة المطلقة في ادارة امور الناس. ولذلك فقد كانت ولايته القصيرة على المدينة خلال غياب النبي (صلى الله عليه واله) ولاية اخلاقية مسؤولة مسكت بطرفي الرداء، وهما:
أ - الاشراف المباشر على المحرومين والاهتمام بشؤونهم وسد حاجاتهم.
ب - الكفاءة الحكومية التي تبلورت فيها كليات الادارة الاجتماعية للدين.
ولذلك كان علي (عليه السلام) يطمح في تحقيق هدفٍ سامٍ وهو تقديم مصلحة الدين على جميع المصالح الاخرى في المجتمع. فاذا تزعزعت مقاعد اجتماعية لقومٍ من اجراء توزيع الثروة الاجتماعية على الفقراء، فان ذلك يعني تقديم مصلحة الدين على مصالح الآخرين. واذا كان الموقف يتطلب اجراء الحدود على المنحرفين، فان ذلك يعني تقديم مصلحة الدين على مصالح الآخرين، وهكذا.
ولا شك ان التمثيل السياسي في النظام الديني لا يحتاج الى انتخاب من قبل الافراد، ذلك لان التعيين السماوي يلحظ المهارات التي يتمتع بها القائد والتي نطلق عليها اصطلاح «العصمة» في الدين والدنيا. فالعملية هنا لا تحتاج الى استفتاء او عملية انتخابية من قبل الناس، بل ان الدين ينصّ على التعيين.
واذا كان المعصوم مثل علي (عليه السلام) يعلم ملاكات الاحكام وعللها، ولديه تلك المؤهلات والمهارات والصفات الشخصية، فانه سيكون حتماً مرشّح السماء للادارة الاجتماعية للناس في غياب الاصل (صلى الله عليه واله). والامة بشرائحها المختلفة لابد ان تعرف المعصوم (عليه السلام) من خلال سلوكه الاخلاقي والاجتماعي الرفيع، فهو يعيش معها حقباً متلاحقة واجيالاً متعاقبة. فكما ان السفير الذي يمثّل دولته لدى دولة اخرى يُعيّن بسبب كفائته ولياقته ولا ينتخب، كذلك الامام المعصوم (عليه السلام) فانه يُعيّن بسبب لياقته وكفائته في ادارة المجتمع، وتعرفه الامة من خلال ذلك. فهو سفير السماء اليها.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|