المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

معنى كلمة زبد
4-06-2015
النتائج المترتبة على الواقعة المنشئة للضريبة
11-4-2016
Phonology
21-2-2022
حروف الجر
20-10-2014
معنى كلمة تجر
19-1-2016
Devil,s Staircase
24-7-2020


اخلُفني في اهلي: المسؤولية الدينية  
  
3362   09:38 صباحاً   التاريخ: 24-2-2019
المؤلف : السيد زهير الاعرجي
الكتاب أو المصدر : السيرة الاجتماعية للامام علي بن أبي طالب (عليه السلام)
الجزء والصفحة : 468-470.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / مناقب أمير المؤمنين (عليه السّلام) /

ولو طرح التساؤل التالي: ماذا تحمل جملة «اخلفني في اهلي»؟ هل هي تعني فكرة امر من اوامر الخلافة او النيابة؟ او تعني فكرة المشابهة والمناظرة بين النائب والاصيل؟ او تعني فكرة تحمل المسؤولية الدينية والاخلاقية في ادارة الامة؟ 

أ - النيابة واقسامها:

في الاجابة على ذلك لابد من تقسيم النيابة او الخلافة الى ثلاثة اقسام:

الاول: الانتداب. قال الجوهري: «نَدَبَهُ لأمرٍ فانتَدَبَ له، أي دعاه له فأجاب»، وهي تحمل فكرة المندوب الذي يُمنح تفويضاً او يستلم أوامرَ من المنتدِب وينفذها حرفاً بحرف. وهي فكرة قضائية قانونية بالدرجة الاولى. فالقاضي ينتدب من يراه صالحاً لحل الخصومات بين افراد في قضية معينة. وقد انتدب رسول الله (صلى الله عليه واله) علياً (عليه السلام) عند فتح مكة وارسله على بني جذيمة بن عامر ليوادّهم على ما فعله خالد بن الوليد من قتل. وجملة «اخلفني في اهلي» لا تعطي معنى تلك المهمة المحدودة الخاصة بطرف معين وظرف مقيد.

الثاني: المناظرة والمشابهة: وهذه تحمل فكرة ان الخلافة جاءت بسبب النسب والعلاقة الرحمية بينهما. فالمَلِكُ مثلاً يستخلف ابنه على ملكه. وقد يقال بان علياً (عليه السلام) كان ابن عم رسول الله (صلى الله عليه واله) وزوج ابنته فاطمة (عليه السلام)، ولذلك منحه شرف الخلافة على المدينة خلال غزوة تبوك. واذا كان هذا الامر سليماً على المستوى الاسري، فانه لا يصحُّ على المستوى الاجتماعي. ذلك ان ادارة المجتمع تحتاج الى مؤهلات ولياقات غير متوفرة حتى في اعمام رسول الله (صلى الله عليه واله) كحمزة والعباس فضلا عن ابناء عمه جعفر وعقيل. ولذلك فهو (صلى الله عليه واله) لم يكلفهم في حياته بما كلّف به عليا (عليه السلام). يضاف الى ذلك ان المسؤولية الدينية تختلف عن المسؤولية الادارية في انظمة دنيوية كالانظمة السياسية العلمانية السائدة اليوم. وفكرة «اخلفني في اهلي» لا تعطي هذا المعنى.

الثالث: المسؤولية الدينية: وتعني هنا ان الخلافة او النيابة كانت تمثل إدارة الدين في ادارة مجتمع دار الاسلام. فما يريده الدين هو إدارة الشريعة والملاكات التي تمثله احكامها. وليس هناك ادنى شك بان رؤية الدين تجاه الذين تنتخبهم السماء يتطابق مع رؤيته لملاكات الاحكام ومقتضياتها. ولذلك كان علي (عليه السلام) - في نظر السماء - حارساً لاحكام الشريعة وملاكاتها في غياب النبي (صلى الله عليه واله). وهذا المعنى مطابق تماماً لفكرة: «اخلُفني في اهلي».

ولا شك ان المسلم الذي كان يعيش في المدينة ذلك الوقت كان يطمئن عندما يعلم ان هناك من يقوم مقام رسول الله (صلى الله عليه واله) في الادارة الدينية والاجتماعية. فكان الامام (عليه السلام) مرآة الشريعة عند غياب رسول الله (صلى الله عليه واله) عن الساحة. ذلك ان غياب رسول الله (صلى الله عليه واله) دون وجود نائب ينوبه في عاصمة الاسلام يعني إحداث فجوة كبيرة بين المسلمين وقيادتهم الشرعية.

اذن يكون الجواب على التساؤلات المطروحة آنفاً هو ان فكرة «اخلفني في اهلي» كانت تعني تحمل المسؤولية الدينية والاخلاقية في ادارة امة الاسلام خلال غياب رسول الله (صلى الله عليه واله). 

ب - المسؤولية الاخلاقية في الخلافة:

وفي ضوء تلك القاعدة نؤمن بان المسؤولية الاخلاقية في خلافة المدينة خلال غزوة تبوك كانت على طرفين:

الاول: الالزام الاخلاقي تجاه الله عز وجل ورسوله (صلى الله عليه واله) والدين. وهو الزام نشأ معه علي (عليه السلام) وتربى عليه، وهو في احضان رسول الله (صلى الله عليه واله) صبياً. وتلك مسؤولية مستقلة تعلّمها علي (عليه السلام) من النبي (صلى الله عليه واله).

الثاني: الالزام الاخلاقي تجاه المجتمع عموماً والطبقة المحرومة بالخصوص كالقاصرين والعاجزين والفقراء. وتلك مسؤولية دينية تابعة لطبيعة المجتمع وظروفه وشروط معيشته.

وبكلمة، فقد كان السلوك المسؤول لقائد مثل الامام (عليه السلام) في المدينة خلال تلك الفترة الصعبة سلوكاً اخلاقياً غنياً بصفاء الروح والعقل والضمير، والكفاءة المطلقة في ادارة امور الناس. ولذلك فقد كانت ولايته القصيرة على المدينة خلال غياب النبي (صلى الله عليه واله) ولاية اخلاقية مسؤولة مسكت بطرفي الرداء، وهما:

أ - الاشراف المباشر على المحرومين والاهتمام بشؤونهم وسد حاجاتهم.

ب - الكفاءة الحكومية التي تبلورت فيها كليات الادارة الاجتماعية للدين.

ولذلك كان علي (عليه السلام) يطمح في تحقيق هدفٍ سامٍ وهو تقديم مصلحة الدين على جميع المصالح الاخرى في المجتمع. فاذا تزعزعت مقاعد اجتماعية لقومٍ من اجراء توزيع الثروة الاجتماعية على الفقراء، فان ذلك يعني تقديم مصلحة الدين على مصالح الآخرين. واذا كان الموقف يتطلب اجراء الحدود على المنحرفين، فان ذلك يعني تقديم مصلحة الدين على مصالح الآخرين، وهكذا.

ولا شك ان التمثيل السياسي في النظام الديني لا يحتاج الى انتخاب من قبل الافراد، ذلك لان التعيين السماوي يلحظ المهارات التي يتمتع بها القائد والتي نطلق عليها اصطلاح «العصمة» في الدين والدنيا. فالعملية هنا لا تحتاج الى استفتاء او عملية انتخابية من قبل الناس، بل ان الدين ينصّ على التعيين.

واذا كان المعصوم مثل علي (عليه السلام) يعلم ملاكات الاحكام وعللها، ولديه تلك المؤهلات والمهارات والصفات الشخصية، فانه سيكون حتماً مرشّح السماء للادارة الاجتماعية للناس في غياب الاصل (صلى الله عليه واله). والامة بشرائحها المختلفة لابد ان تعرف المعصوم (عليه السلام) من خلال سلوكه الاخلاقي والاجتماعي الرفيع، فهو يعيش معها حقباً متلاحقة واجيالاً متعاقبة. فكما ان السفير الذي يمثّل دولته لدى دولة اخرى يُعيّن بسبب كفائته ولياقته ولا ينتخب، كذلك الامام المعصوم (عليه السلام) فانه يُعيّن بسبب لياقته وكفائته في ادارة المجتمع، وتعرفه الامة من خلال ذلك. فهو سفير السماء اليها. 

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.