النبي الأعظم محمد بن عبد الله
أسرة النبي (صلى الله عليه وآله)
آبائه
زوجاته واولاده
الولادة والنشأة
حاله قبل البعثة
حاله بعد البعثة
حاله بعد الهجرة
شهادة النبي وآخر الأيام
التراث النبوي الشريف
معجزاته
قضايا عامة
الإمام علي بن أبي طالب
الولادة والنشأة
مناقب أمير المؤمنين (عليه السّلام)
حياة الامام علي (عليه السّلام) و أحواله
حياته في زمن النبي (صلى الله عليه وآله)
حياته في عهد الخلفاء الثلاثة
بيعته و ماجرى في حكمه
أولاد الامام علي (عليه السلام) و زوجاته
شهادة أمير المؤمنين والأيام الأخيرة
التراث العلوي الشريف
قضايا عامة
السيدة فاطمة الزهراء
الولادة والنشأة
مناقبها
شهادتها والأيام الأخيرة
التراث الفاطمي الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن (عليه السّلام)
التراث الحسني الشريف
صلح الامام الحسن (عليه السّلام)
أولاد الامام الحسن (عليه السلام) و زوجاته
شهادة الإمام الحسن والأيام الأخيرة
قضايا عامة
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسين (عليه السّلام)
الأحداث ما قبل عاشوراء
استشهاد الإمام الحسين (عليه السّلام) ويوم عاشوراء
الأحداث ما بعد عاشوراء
التراث الحسينيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام السجّاد (عليه السّلام)
شهادة الإمام السجّاد (عليه السّلام)
التراث السجّاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الباقر
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الباقر (عليه السلام)
شهادة الامام الباقر (عليه السلام)
التراث الباقريّ الشريف
قضايا عامة
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الصادق (عليه السلام)
شهادة الإمام الصادق (عليه السلام)
التراث الصادقيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الكاظم (عليه السلام)
شهادة الإمام الكاظم (عليه السلام)
التراث الكاظميّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن موسى الرّضا
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الرضا (عليه السّلام)
موقفه السياسي وولاية العهد
شهادة الإمام الرضا والأيام الأخيرة
التراث الرضوي الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الجواد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
شهادة الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
التراث الجواديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن محمد الهادي
الولادة والنشأة
مناقب الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
شهادة الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
التراث الهاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي العسكري
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
شهادة الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
التراث العسكري الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن الحسن المهدي
الولادة والنشأة
خصائصه ومناقبه
الغيبة الصغرى
السفراء الاربعة
الغيبة الكبرى
علامات الظهور
تكاليف المؤمنين في الغيبة الكبرى
مشاهدة الإمام المهدي (ع)
الدولة المهدوية
قضايا عامة
الإمام علي (عليه السلام) في سورة آل عمران
المؤلف: السيد محمد هادي الميلاني
المصدر: قادتنا كيف نعرفهم
الجزء والصفحة: ج2، ص227-238
2024-06-22
796
( قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْر مِّن ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ )[1].
روى الحبري باسناده عن ابن عباس قال : " في قوله تعالى : ( قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم ) إنها نزلت في علي وحمزة وعبيدة بن الحارث "[2].
( إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ )[3].
( ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْض وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )[4].
روى السيوطي باسناده عن ابن عباس في قوله : ( وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ ) ، قال : هم المؤمنون من آل إبراهيم وآل عمران وآل ياسين وآل محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم[5].
وروى باسناده عن قتادة في الآية قال : " ذكر الله أهل بيتين صالحين ورجلين صالحين ، ففضلهم على العالمين ، فكان محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم من آل إبراهيم "[6].
وروى باسناده عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن جده : " إن علياً قال للحسن : قم فاخطب الناس ، قال : إني أهابك إن أخطب وأنا أراك ، فتغيب عنه حيث يسمع كلامه ولا يراه ، فقام الحسن فحمد الله وأثنى عليه وتكلم ثم نزل ، فقال علي رضي الله عنه ( ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْض وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )[7].
روى البحراني في غاية المرام في تفسير هذه الآية من طريق العامة حديثين ومن الخاصة ثلاثة عشر حديثاً بهذا المضمون .
( فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ )[8].
روى الحبري الكوفي باسناده عن ابن عباس : " نزلت في رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وعلي نفسه ، ونساءنا ونساءكم : فاطمة ، وأبناءنا وأبناءكم : حسن وحسين ، والدعاء على الكاذبين : العاقب والسيد وعبد المسيح وأصحابهم "[9].
وروى باسناده عن أبي سعيد الخدري قال : لما نزلت هذه الآية : تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ، قال فخرج رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بعلي وفاطمة والحسن والحسين[10].
وروى الحاكم الحسكاني باسناده عن عمرو بن سعد بن معاذ قال : " قدم وفد نجران العاقب والسيد فقالا : يا محمّد إنك تذكر صاحبنا ، فقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم هو عبد الله ونبيه ورسوله ، قالا : فأرنا فيمن خلق الله مثله وفيما رأيت وسمعت ، فأعرض النبي صلّى الله عليه وآله وسلم عنهما يؤمئذ ونزل عليه جبرئيل بقوله تعالى : ( إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَاب )[11] فعادا وقالا : يا محمّد هل سمعت بمثل صاحبنا قط ؟ قال : نعم ، قالا : من هو ؟ قال : آدم ، ثم قرأ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ( إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ ) الآية ، قالا : فإنه ليس كما تقول . فقال لهم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : ( تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ ) الآية فأخذ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بيد علي ومعه فاطمة وحسن وحسين وقال : هؤلاء أبناؤنا وأنفسنا ونساؤنا . فهمّا أن يفعلا ، ثم إن السيد قال للعاقب : ما تصنع بملاعنته ؟ لئن كان كاذباً ما تصنع بملاعنته ، ولئن كان صادقاً لنهلكن ، فصالحوه على الجزية ، فقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يومئذ : والذي نفسي بيده لو لاعنوني ما حال الحول وبحضرتهم منهم أحد "[12].
قال السيد شهاب الدين أحمد : " قال الواحدي : نزل في نصارى نجران ، حيث كانوا يحاجون النبي صلّى الله عليه وآله وبارك وسلّم في أمر عيسى عليه الصلاة والسّلام ، فقالوا : هل رأيت ولداً من غير أب ، خرج النبي صلّى الله عليه وآله وبارك وسلّم آخذاً بيد الحسن والحسين وفاطمة وعلي عليهم السّلام خلفه ودعاهم إلى المباهلة وأحجموا ، فقال صلّى الله عليه وآله وبارك وسلّم : والذي نفسي بيده إن الهلاك تدلّى على أهل نجران ولو تلاعنوا لمسخوا قردةً وخنازير ولاضطرم الوادي عليهم ناراً . وروي إن أسقفهم قال : إني لأرى وجوهاً لو سألوا الله إن يزيل جبلا عن مكانه لأزاله ، فلا تبتهلوا ، وصالحوا النبي صلّى الله عليه وآله وبارك وسلّم على ألفي حلّة وثلاثين درعاً عادية كل سنة "[13].
وروى السيوطي باسناده عن جابر ، قال : " قدم على النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم العاقب والسيد فدعاهما إلى الاسلام ، فقالا : أسلمنا يا محمّد ، قال : كذبتما ، إن شئتما أخبرتكما بما يمنعكما من الاسلام قالا : فآت ، قال : حب الصليب وشرب الخمر وأكل لحم الخنزير ، قال جابر : فدعاهما إلى الملاعنة ، فوعداه إلى الغد ، فغدا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، وأخذ بيد علي وفاطمة والحسن والحسين ثم أرسل إليهما ، فأبيا إن يجيباه وأقرا له ، فقال : والذي بعثني بالحق لو فعلا لأمطر الوادي عليهما ناراً ، قال جابر فيهم نزلت ( تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ ) الآية ، قال جابر : أنفسنا وأنفسكم : رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وعلي ، وأبناءنا الحسن والحسين ، ونساءنا فاطمة "[14].
قال ابن حجر : " قال في ( الكشاف ) : لا دليل أقوى من هذا على فضل أصحاب الكساء وهم علي ، وفاطمة ، والحسنان ، لأنها لما نزلت دعاهم صلّى الله عليه وسلّم فاحتضن الحسين وأخذ بيد الحسن ، ومشت فاطمة خلفه ، وعلي خلفهما ، فعلم إنهم المراد من الآية ، وأن أولاد فاطمة وذريتهم يسمون أبناءه وينسبون اليه نسبة صحيحة نافعة في الدنيا وفي الآخرة "[15].
دلالة الواقعة
قال العلامة الحلي في ( منهاج الكرامة ) : " نقل الجمهور كافة ، إن ( أَبْنَاءنَا ) إشارة إلى الحسن والحسين عليهما السلام ( وَنِسَاءنَا ) إشارة إلى فاطمة عليها السّلام ( وَأَنفُسَنَا ) إشارة إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام ، وهذه الآية أدل دليل على ثبوت الإمامة لعلي عليه السّلام ، لأنه قد جعله نفس رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، والاتحاد محال . فيبقي المراد المساوي ، وله صلّى الله عليه وآله الولاية العامة فكذا لمساويه . وأيضاً لو كان غير هؤلاء مساوياً لهم أو أفضل منهم في استجابة الدعاء لأمره تعالى بأخذهم معه لأنه في موضع الحاجة ، وإذا كانوا هم الأفضل تعينت الإمامة فيهم عليهم السّلام ، وهل تخفى دلالة هذه الآية على المطلوب إلاّ على من استحوذ الشيطان عليه ، وأخذ بمجامع قلبه ، وخيل له حب الدنيا التي لا ينالها إلاّ بمنع أهل الحق عن حقهم "[16].
وقال رضوان الله عليه : المراد : المساواة ، ومساوي الأكمل الأولى بالتصرف أكمل وأولى ، وهذه الآية من أدل دليل على علو مرتبة مولانا أمير المؤمنين عليه السّلام ، لأنه تعالى حكم بالمساواة لنفس الرسول صلّى الله عليه وآله ، وانه تعالى عينه في استعانة النبي صلّى الله عليه وآله في الدعاء ، وأي فضيلة أعظم من أن يأمر الله تعالى نبيه بأن يستعين به على الدعاء اليه والتوسل به ، ولمن حصلت هذه المرتبة[17] ؟
وخلاصة الكلام في هذا المقام ، إنك تجد قضيّة خروج النبي صلّى الله عليه وآله بعلي وفاطمة وحسن وحسين للمباهلة مع النصارى ، بتفسير الآية من سورة آل عمران في أغلب تفاسير أهل السنّة ، وتجدها في الكتب الحديثيّة ، وكتب السيرة النبويّة ، وكتب الفضائل والمناقب . . . ممّا لا يُبقي مجالا للتأمّل في هذه القضيّة الفريدة في تاريخ الاسلام .
وقد دلّت هذه القضية على إمامة أمير المؤمنين ، لأنه الذي جاء مصداقاً لقوله تعالى ( وَأَنْفُسَنَا ) ، ومن الواضح أنّ من يكون نفس النبي يكون مساوياً له في منازله ومقاماته - إلاّ النبوّة - فالآية دليلٌ على عصمة أمير المؤمنين ، وعلى كونه أولى بالمؤمنين ، وعلى أفضليّته من غير رسول الله من الخلائق أجمعين .
على أنّ في أخبار القضيّة خصوصيات غير حاصلة لغير أمير المؤمنين وأهل البيت عليهم السلام ، كقوله صلّى الله عليه وآله لهم : " إذا أنا دعوت فأمّنوا " ممّا يدلّ على أنّ لهؤلاء منزلةً ووجاهةً عند الله بحيث يحتاج النبي في المباهلة على تأمينهم على دعائه . . . وهكذا غير هذه الخصيصة . . .
ومن شاء الوقوف على تفصيل أكثر فليرجع إلى كتاب ( تشييد المراجعات ) تأليف السيد علي الحسيني الميلاني[18].
( وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَة مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ )[19].
قال الحضرمي : " أخرج الثعلبي في تفسيره عن جعفر بن محمّد رضي الله عنهما قال : نحن حبل الله الذي قال : ( وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ ) "[20].
وروى الحاكم الحسكاني باسناده عن الحسين بن خالد : " عن علي بن موسى الرضا عن آبائه عن علي عليهم السّلام قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : من أحب إن يركب سفينة النجاة ويستمسك بالعروة الوثقى ويعتصم بحبل الله المتين ، فليوال علياً وليأتم بالهداة من ولده "[21].
وروى باسناده عن ابن عمر قال : " قال رسول الله قال لي جبرئيل : قال الله تعالى : ولاية علي بن أبي طالب حصني فمن دخل حصني أمن من عذابي "[22].
قال شرف الدين : " واعتصموا أي تمسكوا والتزموا ، بحبل الله وهو كتابه العزيز وعترة أهل بيت نبيه صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وقوله جميعاً أي بهما جميعاً ، ولا تفرقوا أي بينهما "[23].
قال ابن حجر : " أخرج الثعلبي في تفسيره عن جعفر الصادق رضي الله عنه أنه قال : نحن حبل الله الذي قال الله : واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا . . . أبناء أئمة الهدى ومصابيح الدجى ، الذين احتج الله بهم على عباده ، ولم يدع الخلق سدى من غير حجة ، هل تعرفونهم أو تجدونهم إلاّ من فروع الشجرة المباركة ، وبقايا الصفوة الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً ، وبرأهم من الآفات وافترض مودتهم في الكتاب "[24].
وروى القندوزي باسناده عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : " كنا عند النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم إذ جاء إعرابي ، فقال : يا رسول الله ، سمعتك تقول ( وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ ) فما حبل الله الذي نعتصم به ؟ فضرب النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يده في يد علي وقال : تمسكوا بهذا هو حبل الله المتين "[25].
أقول : روى البحراني في غاية المرام في تفسير هذه الآية ، من طريق العامة أربعة أحاديث ومن طريق الخاصة ستة أحاديث .
( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ )[26].
روى النسائي باسناده عن ابن عباس " إن علياً كان يقول في حياة رسول الله إن الله تعالى يقول : ( أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ ) والله لا ننقلب على أعقابنا بعد إذ هدانا الله ، والله لئن مات أو قتل لأقاتلن على ما قاتل عليه حتى أموت ، والله إني لأخوه ووليه ووارثه وابن عمه فمن أحق به مني "[27].
وروى الحاكم الحسكاني باسناده عن ابن عباس : " ولقد شكر الله تعالى علياً في موضعين من القرآن[28]: ( وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ )[29] و ( وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ )[30].
وروى باسناده عن حذيفة بن اليمان قال : " لما التقوا مع رسول الله بأحد وانهزم أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وأقبل علي يضرب بسيفه بين يدي رسول الله مع أبي دجانة الأنصاري حتى كشف المشركين عن رسول الله ، فأنزل الله : ( وَلَقَدْ كُنتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ - إلى قوله - وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ )[31] والكثير عشرة آلاف إلى قوله : ( وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ) علياً وأبا دجانة " .
قال القمي : إن رسول الله خرج يوم أحد ، وعهد العاهد به على تلك الحال فجعل الرجل يقول لمن لقيه إن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قد قتل ، النجاء[32] ، فلما رجعوا إلى المدينة أنزل الله ( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ ) يقول إلى الكفر وقوله : ( وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ ) يقول كأيّ من نبي قبل محمّد قاتل معه ربيون كثير ، والربيون الجموع الكثيرة ، والربوة الواحدة عشرة آلاف[33].
أقول : روى البحراني ( في غاية المرام ) في تفسير هذه الآية من طريق العامة حديثين ومن الخاصة عشرة أحاديث فيما قاله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام .
( الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَاتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ )[34] ( الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ )[35].
روى الحاكم الحسكاني باسناده عن أبي رافع : إن رسول الله بعث علياً في أناس من الخزرج حين انصرف المشركون من أحد ، فجعل لا ينزل المشركون منزلا إلاّ نزله علي عليه السّلام ، فأنزل الله في ذلك ( الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ ) يعني الجراحات ( الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ ) هو نعيم بن مسعود الأشجعي ( إِنَّ النَّاسَ ) هو أبو سفيان بن حرب ( قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَة مِّنَ اللّهِ وَفَضْل لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْل عَظِيم )[36].
قال شرف الدين : " لما فرغ النبي صلّى الله عليه وآله من غزوة أحد ، وقصتها مشهورة ، وكان أبو سفيان والمشركون قد كسروا وانصرفوا ، فلما بلغوا الروحاء ندموا على انصرافهم ونزلوا بها وعزموا على الرجوع ، فأخبر النبي صلّى الله عليه وآله بذلك فقال لأصحابه : هل من رجل يأتينا بخبر القوم فلم يجبه أحد منهم ، فقام أمير المؤمنين عليه السّلام وقال : أنا ، قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم له : إذهب فان كانوا قد ركبوا الخيل وجنبوا الإبل فإنهم يريدون المدينة ، وإنّ كانوا ركبوا الإبل وجنبوا الخيل فإنهم يريدون مكة ، فمضى أمير المؤمنين عليه السّلام على ما به من الألم والجراح حتى كان قريباً من القوم فرآهم قد ركبوا الإبل وجنبوا الخيل فرجع وأخبر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بذلك فقال : أرادوا مكة . فأمير المؤمنين عليه السّلام هو المشار إليه بقوله ( الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلّهِ ) وبقوله ( الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ ) .
ونقل ابن مردويه من الجمهور عن أبي رافع ، إن النبي صلّى الله عليه وآله وجه علياً عليه السّلام في نفر في طلب أبي سفيان فلقيه إعرابي من خزاعة فقال له ( إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ ) يعني أبا سفيان وأصحابه ( وَقَالُواْ ) يعني علياً وأصحابه ( حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ) فنزلت هذه الآيات إلى قوله ( وَاللّهُ ذُو فَضْل عَظِيم ) .
( فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِل مِّنكُم مِّن ذَكَر أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْض فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّات تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَاباً مِّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ )[37].
( لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلا مِّنْ عِندِ اللّهِ وَمَا عِندَ اللّهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ )[38].
روى الحاكم الحسكاني باسناده عن الأصبغ بن نباته قال : " سمعت علياً يقول : أخذ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بيدي ثم قال : يا أخي قول الله تعالى : ( ثَوَاباً مِّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ ) ( وَمَا عِندَ اللّهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ ) أنت الثواب وشيعتك الأبرار "[39].
وروى باسناده عنه عن علي في قول الله : ( ثَوَاباً مِّن عِندِ اللّهِ ) قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : " أنت الثواب وأصحابك الأبرار "[40].
أقول : روى البحراني في تفسير هذه الآية حديثين بهذا المضمون[41].
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )[42] روى الحاكم الحسكاني باسناده عن ابن عباس " في قوله ( اصْبِرُواْ ) يعني في أنفسكم ( وَصَابِرُواْ ) يعني مع عدوكم ( وَرَابِطُواْ ) في سبيل الله ( وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) نزلت في رسول الله وعلي وحمزة بن عبد المطلب رضي الله تعالى عنهم "[43].
أقول : روى البحراني ( في غاية المرام ) في تفسير هذه الآية من طريق العامة حديثاً واحداً ومن الخاصة اثني عشر حديثاً بهذا المضمون .
[1] سورة آل عمران : 15 .
[2] ما نزل من القرآن في أهل البيت ص 49 .
[3] سورة آل عمران : 33 .
[4] سورة آل عمران : 34 .
[5] الدر المنثور ج 2 ص 17 ص 18 .
[6] نفس المصدر السابق .
[7] نفس المصدر السابق .
[8] سورة آل عمران : 61 .
[9] ما نزل من القرآن في أهل البيت ص 49 ص 50 .
[10] ما نزل من القرآن في أهل البيت ص 49 ص 50 .
[11] سورة آل عمران : 59 .
[12] شواهد التنزيل ج 1 ص 120 رقم / 168 .
[13] توضيح الدلائل في تصحيح الفضائل ص 307 .
[14] الدر المنثور ج 2 ص 38 .
[15] الصواعق المحرقة ص 93 .
[16] البرهان التاسع .
[17] كشف الحق ونهج الصدق البحث الرابع في تعيين الإمام من القرآن الآية السادسة ص 89 .
[18] تشييد المراجعات وتفنيد المكابرات .
[19] سورة آل عمران : 103 .
[20] وسيلة المآل ص 123 مخطوط ، ورواه القندوزي في ينابيع المودة الباب التاسع والثلاثون ص 119 .
[21] شواهد التنزيل ج 1 ص 130 ص 131 رقم / 117 / 181 .
[22] شواهد التنزيل ج 1 ص 130 ص 131 رقم / 177 / 181 .
[23] تأويل الآيات الظاهرة ص 64 .
[24] الصواعق المحرقة ص 90 .
[25] ينابيع المودة الباب التاسع والثلاثون ص 119 .
[26] سورة آل عمران : 144 .
[27] الخصائص ص 18 ، ورواه الزرندي في نظم درر السمطين ص 96 .
[28] شواهد التنزيل ج 1 ص 136 رقم / 187 و 188 .
[29] سورة آل عمران : 144 .
[30] سورة آل عمران : 145 .
[31] سورة آل عمران : 146 .
[32] النجاء : كعلاء : الخلاص .
[33] تفسير القمي ج 1 ص 119 .
[34] سورة آل عمران : 172 .
[35] سورة آل عمران : 173 .
[36] شواهد التنزيل ج 1 ص 132 رقم / 182 ، وص 134 رقم 186 ، وانظر تأويل الآيات الظاهرة ص 68 مخطوط ، والبرهان في تفسير القرآن ج 1 ص 326 .
[37] سورة آل عمران : 195 - 198 .
[38] سورة آل عمران : 195 - 198 .
[39] شواهد التنزيل ج 1 ص 138 رقم / 185 / 190 .
[40] شواهد التنزيل ج 1 ص 138 رقم / 185 / 190 .
[41] البرهان في تفسير القرآن ج 1 ص 333 رقم / 10 / 11 .
[42] سورة آل عمران : 200 .
[43] شواهد التنزيل ج 1 ص 140 رقم / 192 .