المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9095 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
الرطوبة النسبية في الوطن العربي
2024-11-02
الجبال الالتوائية الحديثة
2024-11-02
الامطار في الوطن العربي
2024-11-02
الاقليم المناخي الموسمي
2024-11-02
اقليم المناخ المتوسطي (مناخ البحر المتوسط)
2024-11-02
اقليم المناخ الصحراوي
2024-11-02



الهجرة: في القرآن الكريم  
  
7806   02:02 مساءً   التاريخ: 17-2-2019
المؤلف : السيد زهير الاعرجي
الكتاب أو المصدر : السيرة الاجتماعية للامام علي بن أبي طالب (عليه السلام)
الجزء والصفحة : 252-259.
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / حاله بعد الهجرة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-5-2017 3737
التاريخ: 4-5-2017 3412
التاريخ: 5-11-2015 4219
التاريخ: 21-6-2017 3028

الهَجرُ في اللغة: ضد الوصل. يقال هَجَرَهُ هَجراً وهِجراناَ. والاسم: الهِجرَةُ. والهِجرَتان: هجرةٌ الى الحبشة، وهجرةٌ الى المدينة. والمهاجَرةُ من أرضٍ الى أرضٍ: تركُ الوطن.

ومع ان القرآن الكريم تعرض الى موضوع الهجرة في مواطن عديدة، الا انه لم يعرّفها، بل ترك تحديدها تعرفها الى العرف الاجتماعي. فما يعرفه العرف من الهجرة ينطبق على منطوق الآية الشريفة، كا هو الحال في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1]، فترك تعريف معنى العقد الى العرف الاجتماعي. وكذلك ترك تحديد معنى الهجرة الى العرف.

والملاحظ ان الآيات القرآنية التي تناولت الهجرة انما قصدت الهجرة الى المدينة، ولم تشر الى هجرة الحبشة. ولذلك فاننا نميل الى اعتبار اطلاق لفظ «الهجرة» على «الخروج الى الحبشة» اطلاقاً مجازياً. والا فلم تكن تلكهجرة دائمية. بل كانت هجرة مؤقتة باذن من الله ورسوله من اجل الامن والراحة من أذى مشركي مكة وعذابهم وفتنتهم. ولذلك يطلق على الهجرة الاولى الى ارض الحبشة الخروج الى الحبشة. ولا يطلق على الهجرة الثانية الى المدينة الخروج الى المدينة.

وقد خرج جعفر بن ابي طالب (رض) الى الحبشة، ولكن علياً (عليه السلام) لم يخرج اليها، بل بقي مع رسول الله (صلى الله عليه واله) يحميه ويحمي الرسالة ضد الشرك. وكان مجموع الذين ذهبوا الى الحبشة ثلاثة وثمانين رجلاً.

ولكن الهجرة الى المدينة كانت هجرة حقيقية، لان رسول الله (صلى الله عليه واله) كان عازماً على تأسيس دولته الدينية هناك. وكان مصمماً على التعامل مع الاحداث تعاملاً عالمياً لا ينحصر بأم القرى او قريش او العرب، بل الدنيا كلها. فكانت الهجرة الى المدينة دائمية ولم تكن عملية مؤقتة. 

آيات الهجرة:

ويمكننا تصنيف الآيات القرآنية التي وردت في الهجرة الى اربع طوائف هي: في صفة المهاجرين المؤمنين، وادانة الذين لم يهاجروا من دار الشرك او حرمانهم من بعض حقوقهم، وتقييد الهجرة بكونها في سبيل الله، وضرورة مساعدة المهاجرين. 

1- الطائفة الاولى: في صفة المهاجرين

لقد انحصر المسلمون في تلك الفترة بالخصوص بطائفتين، هم: المهاجرون الذين هاجروا من مكة الى المدينة، والانصار وهم الذين آووا النبي (صلى الله عليه واله) واحتفوا بالمؤمنين المهاجرين ونصروا الله ورسوله (صلى الله عليه واله). وعدا ذلك، كان هناك قليل ممن آمن بمكة ولم يهاجر.

فجعل الله بين المهاجرن والانصار ولاية شرعية: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: 72]. ووصف أعمالهم بأنها اثر من آثار الايمان الحق: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} [الأنفال: 74]، ثم وصف الذين هاجروا لاحقاً بالقول: {وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ} [الأنفال: 75]. وفضّل الله عزّ وجلّ المهاجرين ورفع درجتهم: {الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} [التوبة: 20].

فمن صفات الذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله، والذين آووهم ونصروهم:

1- ولاية بعضهم على بعض، أي التولي بين المهاجرين والانصار، عدا ولاية الارث لانها مختصة بالارحام والقرابة.

2- انهم مؤمنون حقاً. فقد اثبتوا في اعمالهم وافعالهم انهم اتصفوا بالصفات الحقيقية للايمان. فوعدهم الله بالمغفرة والرزق الكريم.

3- ان الهجرة كانت من لوازم الايمان، فكان يسبق الكلام عن الهجرة كلام عن الايمان بصيغة: الذين آمنوا وهاجروا... فنستفيد مفهوماً ان الاعمال من غير ايمان بالله عزّ وجلّ _ وبضمنها الهجرة _ لا فضل لها ولا درجة لصاحبها عند الله.

4- اظهار صفة التفاضل بين المهاجرين وغير المهاجرين من المؤمنين. فالمؤمن المهاجر اعظم درجة عند الله، لانه بذل ما استطاع في سبيله عزّ وجلّ، من الايمان والهجرة والجهاد. 

2 - الطائفة الثانية: نفي ولاية غير المهاجرين وادانتهم

وهي على قسمين:

الاول: نفت فيه الولاية بين المؤمنين المهاجرين والانصار من جهة وبين المؤمنين غير المهاجرين الباقين في مكة من جهة اُخرى، الا ولاية النصرة اذا استنصروهم بشرط ان يكون الاستنصار على قوم ليس بينهم وبين المؤمنين ميثاق. وفي ذلك قال تعالى{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ} [الأنفال: 72]. وما نزل في قوم من المشركين اظهروا الايمان للمؤمنين ثم عادوا الى مقرهم وشاركوا المشركين في شركهم: {فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [النساء: 89] فنهاهم عن ولايتهم الا ان يهاجروا في سبيل الله، فان تولوا فليس عليهم فيهم الا اخذهم وقتلهم. فكان على المؤمنين ان يكلّفوا هؤلاء المعنيين بالآية بالمهاجرة، فان اجابوا فليوالوهم. وان تولوا فليقتلوهم.

والثاني: ادانت الذين ظلموا انفسهم بالاعراض عن دين الله وترك اقامة شعائره من جهة وجودهم في بلاد الشرك ولم يهاجروا الى بلاد الله الواسعة التي يُعبد فيها الله سبحانه دون خوف. فقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 97]. وفي الآية استثناء منقطع بالمستضعفين الذين لا يتمكنون من الهجرة: {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا} [النساء: 98].

ونستلهم مما ذكر من آيات هذه الطائفة مما يلي:

1- حرمان المؤمن غير المهاجر من حق الولاية على المؤمن المهاجر. ذلك لان المؤمن في مجتمع الشرك لا يستطيع ان يمارس امور الدين بوحي ارادته، بل ان الاكراه والضغط من قبلهم يستوجب التقية احياناً.

2- ان امتحان المشركين الذين اظهروا الايمان في البداية وعادوا الى شركهم، كان عن طريق تكليفهم بالمهاجرة الى دار الاسلام. فإن أجابوا كان على المؤمنين موالاتهم. وإن لم يستجيبوا كان على المؤمنين قتلهم. ولكنهم لم يستجيبوا الى ذلك، ففشلوا في الامتحان، وحقّ عليهم القتل لانهم مشركون.

3- ان الهجرة من دار الشرك الى دار الاسلام حيث يعبد الله هي الطريق الوحيد للتخلص من عذاب الله. ففي دار الاسلام يكمن المجال الحقيقي للايمان والعمل والقدرة على نشر الاسلام وتطبيق مصاديق الدين في العدالة بين الناس.

3- الطائفة الثالثة: الهجرة الى الله ورسوله

وهي كناية عن المهاجرة الى ارض الاسلام حيث يتمكن فيها المهاجر من العلم بكتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه واله) والعمل بهما. قال تعالى: {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 100]، {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ * الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [النحل: 41، 42] ، {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [الحج: 58]، {فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } [العنكبوت: 26]. والمراد بالمهاجرة الى الله هنا هو هجرة الوطن والخروج الى بلد ليس للمشركين فيه دخل فيمنعونه من عبادة الله. والمهاجرة الى الله من المجازات العقلية.

وقد قيد تلك الآيات: الهجرة، بكونها في الله أو في سبيل الله، لان المثوبة تترتب على صالح العمل. ولا يكون العمل صالحاً ما لم يثبت خلوص النية لله سبحانه، وما لم تنتفِ المقاصد الدنيوية والمصالح الشخصية.

ونفهم من آيات هذه الطائفة:

1- وقوع الاجر على الله للمهاجر إذا ادركه الموت من وفاة أو قتل، وهو استعارة لفظية بالكناية عن لزوم الاجر والثواب له تعالى واخذه ذلك في عهدته. والرزق الحسن هو الاجر العظيم.

2- ان الهدف من الهجرة الى دار الايمان وترك دار الشرك هو طلب مرضاة الله وتقوية المجتمع الاسلامي عبر الانسجام والاتحاد والتعاون على البر والتقوى، واعلاء كلمة التوحيد، ونشر العدل بين الناس. بينما كانت الطائفة التي لم تهاجر في سبيل الله تنصر الشرك. ولو أخذنا الآيات على اطلاقها لاستنتجنا بان على المسلم ان يقيم اقامة دائمية في دار الايمان حيث يتمكن فيها من تعلم احكام الدين، ويقدر على اقامة شعائره والعمل باحكامه.

3- قُيدت الهجرة في الله بقيد الظلم الذي تعرض له المسلمون في مكة. ويفهم من تقدير آية {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } [النحل: 41]: الذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا فيه. أي ان المبرر الذي دعى المؤمنين للهجرة هو: ظلم الظالم في دار الشرك، وحاجة الاسلام الى المسلمين المهاجرين في دار الاسلام.

4- ان اقامة احكام الدين في دار الاسلام تساعد بشكل حاسم على اقامة المجتمع الذي يُعبد فيه الله سبحانه، ولا يحكم فيه الا بالعدل والاحسان. ولذلك ذيّلت الهجرة بالقول: (لَنُبوّئنَّهُم في الدنيا حَسَنَةً...) وهو الوعد الجميلبالمجتمع الديني الصالح المستقر.

5- الملازمة بين الهجرة والمحن التي تلازم المهاجر، ولذلك نلحظ توصيف المهاجرين بانهم اناس يتحلون بالصبر والتوكل: {الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [النحل: 42].

4- الطائفة الرابعة: مساعدة المهاجرين في سبيل الله

فقد حثّت الآيات الكريمة الاثرياء على عدم التقصير في ايتاء اولي القرابة والمساكين والمهاجرين في سبيل الله من مالهم: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [النور: 22]. وهذه الآية وردت في معرض حديث الافك، وحثت أولئك الذين أرادوا قطع الايتاء ان يستمروا على ادامة المساعدة. وآية اُخرى تقول: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحشر: 8]. وهذه الآية بيّنت وجه صرف الخمس في هؤلاء الفقراء المهاجرين ؛ وإعطائهم ايّاه يعدُّ صرفاً له في سبيل الله.قيل ان النبي (صلى الله عليه واله) قسّم فيء بني النضير بين المهاجرين ولم يعط منه الانصار شيئاً الا رجلين من فقراءهم أو ثلاثة. والمراد من المهاجرين هم من هاجر من المسلمين من مكة الى المدينة قبل الفتح وهم الذين اخرجهم كفار مكة بالاكراه فتركوا ديارهم وأموالهم وهاجروا الى دار الاسلام.

ونستفيد من ظواهر آيات هذه الطائفة:

1- ان المهاجرين اصبحوا من الفقراء، وامسوا مصداقاً من مصاديق صرف الخمس في سبيل الله. ذلك لانهم اضطروا للهجرة من دار الشرك الى دار الاسلام وهي مدينة رسول الله (صلى الله عليه واله)، وتركوا أموالهم ومساكنهم، تضحيةً منهم في سبيل الله.

2- الحثّ على مساعدة المهاجرين في سبيل الله _ على سبيل الاستحباب _ لانهم فقراء ضحوا بأموالهم ومتعلقاتهم الاجتماعية من اجل الدين. وورود الآية في معرض حديث الافك لا يخصص المورد، بل يمكن أخذ الآية على اطلاقها.

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.