المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الأحماض الصفراوية (المرارة)
17-1-2021
الرها.
2023-10-06
ممارسة السلطة بالأصالة
2-4-2016
[وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) وبدايات اغتصاب الحق]
5-11-2015
علم التبيؤ وعلم البيئة
2023-03-07
نوافل الصلاة اليومية
29-11-2016


مع رسول الله (صلى الله عليه واله) أيام الطفولة والصبا  
  
2483   04:44 مساءً   التاريخ: 7-2-2019
المؤلف : السيد زهير الاعرجي
الكتاب أو المصدر : السيرة الاجتماعية للامام علي بن أبي طالب (عليه السلام)
الجزء والصفحة : 5-8
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / حياة الامام علي (عليه السّلام) و أحواله / حياته في زمن النبي (صلى الله عليه وآله) /

وعندما بلغ محمدٌ (صلى الله عليه واله) مبلغ الرجال وتزوج بخديجة بنت خويلد استقلّ في حياته الجديدة عن عائلة عمّه أبي طالب (رض). ولكن حصل في تلك الفترة أمر استثنائي، وهو ضمّه علياً (عليه السلام) اليه (صلى الله عليه واله). فعندما طلب رسول الله (صلى الله عليه واله) من ابي طالب (رض) ضم علي (عليه السلام) اليه للتخفيف من عيال عمه في الشدة التي أصابت قريشاً، كان (صلى الله عليه واله) يعلم بأنه يضمُّ اليه صفحة ذهنية بيضاء طاهرة مستعدة لالتقاط العلم والمعرفة الربانية، وارضاً بكراً يغرس فيها (صلى الله عليه واله) ما يستطيع من علم ومعرفة وحكمة ودين. فقد كان علي (عليه السلام) وقتها صبياً في السادسة من عمره المديد.

عملية نقل الخصال النبوية:

تعلّم علي (عليه السلام) في البداية من رسول الله (صلى الله عليه واله) الخصال النبوية في كمال الادب وعظمة الخُلق وعفة اللسان وسماحة النفس والشجاعة والأيْد. وقد أشار (عليه السلام) الى ذلك بقوله: «... ولقد كنتُ اتبعه إتّباع الفصيل إثر أمه، يرفع لي في كل يوم علماً من اخلاقه...». وقد رفع ذلك الإتباع والانقياد علياً (عليه السلام) الى مستويات من السمو والكمال والجمال. خصوصاً وانه (عليه السلام) كان يمتلك استعداداً هائلاً لتقبل ذلك العلم السماوي واستيعابه.

فكان التعليم النبوي لعلي (عليه السلام) اداةً لصقل دوافعه الدينية نحو الخالق عزّ وجلّ، ووسيلة لتنمية مواقفه الحياتية والفكرية مع الدين الجديد القادم، وطريقة لترسيخ الجمالية الدينية والاخلاقية السماوية التي كان يتمتع بها رسول الله (صلى الله عليه واله) في شخصيته (عليه السلام). وبذلك، فان استعداد علي (عليه السلام) الخاص لاستيعاب كمية واقعية هائلة من المعلومات عن الحياة والوجود والخلق والشريعة والقانون وخفايا الحياة الآخروية، جعلته يخرج الى قريش والعالم الاوسع مسلحاً بفهم شامل وكامل للاحكام الواقعية والقضايا الحقيقية. على عكس الذين لم يقدّر لهم أن يوهبوا تلك النعمة، فقد نشأوا وفيهم نقص ذهني في ادراك الواقع، وفي أذهانهم كمية محدودة وقليلة عن التشريع وأهدافه وملاكاته. ولذلك لمسنا هفواتهم عندما تسلّموا اعلى تكاليف الشرع في ادارة المجتمع بعد وفاة النبي (صلى الله عليه واله). ولكننا لم نلمس من علي (عليه السلام) الا الفهم الكامل الواقعي لقضايا الدين.

قدوة من الطراز الاول:

ومن الطبيعي، فاننا نلحظ المسحة النبوية في حياة امير المؤمنين (عليه السلام) من خلال: فصاحة اللغة، وكمال الدين، وسلامة العاطفة، وشفافية الاخلاق. وتلك عوامل اجتمعت كلها في شخصية علي (عليه السلام) الذي كان قدوة دينية من الطراز الاول بعد رسول الله (صلى الله عليه واله).

واكتساب علي (عليه السلام) الفاظه من رسول الله (صلى الله عليه واله) منذ سن الفولة يعني أن نشاطه اللغوي الفصيح في مقتبل حياته والى آخر لحظة من لحظات عمره سيكون نشاطاً لفظياً شرعياً، ويعني أيضاً أن الثقافة التي تعدّ جزءً من تركيبته اللغوية هي ثقافة دينية سماوية لا ثقافة اجتماعية، كما كان حال الرعيل الاعظم من المسلمين في تلك الفترة التأريخية. ذلك ان اللغة التي يكتسبها الفرد تتأثر تأثراً عظيماً بالثقافة الاجتماعية او الثقافة الدينية؛ فالانسان يكتسب اللغة عن طريق التعلم لا عن طريق الوراثة الجينية. ولذلك كان علي (عليه السلام) لسان الاسلام الناطق بالحق والقوة والبلاغة، وكانت كلماته الشرعية البديعة تعيش عطرة في الوسط الاسلامي الجديد.

ولم يقتصر النبي (صلى الله عليه واله) على تعليم علي (عليه السلام) قوة المضمون في العبارة ومطلق اليقين في منطوق الكلمات ومفاهيمها، بل منحه (صلى الله عليه واله) أيضاً فهماً في قضايا الخلق والايجاد، والوجود والحياة، والكون والانسان، والخالق والمخلوق. وأعطاهُ إدراكاً لملاكات الاحكام والمصالح والمفاسد وطبيعة الحقوق والواجبات ورتب التكاليف ومقتضياتها. وهذا هو الدين الذي انزله الله سبحانه على رسوله (صلى الله عليه واله) عبر وضع الطبيعة النهائية للحقيقة على شكل مجموعة من العقائد والاحكام والإلزامات والنواهي، بحيث يؤدي تطبيقها الى سعادة الانسان في الدارين.

ولا يكتمل فهم الدين في شخصية الانسان، ما لم يقترن بعمل آخر مهم على صعيد المقدمة. وهذا العمل المبنائي يشمل: بناء دوافع الخير دائماً ومقاومة اغراءات الدنيا، وبناء عاطفة سليمة نقية من الرذائل تنسج للنفس اللوامة بساطاً تمارس عليه دورها الايجابي في كبح جماح المعصية، وبناء حس قريب من حس الشرع في التمييز بين الخير والشر، والمصلحة والمفسدة، والعلل والمقتضيات.وهذا هو البناء العاطفي الذي بناه رسول الله (صلى الله عليه واله) في شخصية علي (عليه السلام).

وعلى صعيد الاخلاق، فان النبي (صلى الله عليه واله) بنى في عليّ (عليه السلام) الشخصية الاسلامية التي تحمل جميع القيم الدينية وتطبقها كمصاديق، كالصدق والامانة والشهامة والشجاعة والاقدام والتعفف والتعبد والتقوى والزهد. ولذلك فان الشخصية الاخلاقية لا تستطيع ان تعبد الصنم مثلاً، لانها تمرنت على مقاومة اغراءات التقليد الاجتماعي. والشخصية الاخلاقية لا تستطيع ان تظلم الناس، لانها بُنيت على اساس قيم العدالة الدينية والاجتماعية. والشخصية الاخلاقية لا تستطيع ان تتمتع بملذات الدنيا المادية، لانها تنظر أبداً الى السماء والحياة الآخرة حيث ترى فيها وجودها الحقيقي. وكذلك كانت شخصية علي (عليه السلام) المعيار الشرعي الاخلاقي للخير بكل ابعاده السماوية المشرقة.

الثمرة العظمى:

وبكلمة، فقد كان علي (عليه السلام) ثمرة من ثمرات جهود رسول الله (صلى الله عليه واله)، وكانت طبيعته الانسانية والدينية والذهنية مستقلة عن تأثيرات الثقافة الاجتماعية. أي أن علياً (عليه السلام)، وبفضل ايام الطفولة والصبا مع محمد (صلى الله عليه واله)، لم يخضع في ادراكه وتفكيره للمؤثرات الاجتماعية الوثنية في الثقافة والاجتماع والايمان والاعتقاد والفكر. بل كان ادراكه الديني والذهني الاجتماعي مستقلاً عن تلك التأثيرات. وما تلقاه من رسول الله (صلى الله عليه واله) ومنه (عليه السلام) هو نبعٌ صافٍ مستمدٌ من السماء لم يلوَّث بافكار الناس او فلاسفتهم او مفكريهم. فعلي (عليه السلام) اجتنب عبادة الاوثان، لان طبيعته الفكرية كانت مستقلة عن تأثيرات الثقافة الاجتماعية، وخاضعة فقط لتأثيرات رسول الله (صلى الله عليه واله) الذي كان خاضعاً لتأثيرات الوحي فحسب.

ولذلك فاننا عندما نقرأ خطب أمير المؤمنين (عليه السلام) فكأنما نقرأ فكر رسول الله (صلى الله عليه واله) وخطبه ومواعظه. وعندما ندرس عدالة الامام (عليه السلام) فكأنما ندرس عدالة رسول الله (صلى الله عليه واله). وعندما ندرك شجاعة أمير المؤمنين (عليه السلام) فكأنما تتمثل لنا شجاعة رسول الله (صلى الله عليه واله). لقد صاغ المصطفى (صلى الله عليه واله) في شخصية علي (عليه السلام) منذ ربيع الصبا شخصية الامامة بما فيها من عدالة وفصاحة وشجاعة وأيدٍ وحلم وزهد وتقوى.

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.