أن الجغرافيا تهدف أساسا إلى فهم العالم الذي نعيش فيه و إدراك حقائقه، ورغم أن كثيرا من فروع المعرفة تشارك علم الجغرافيا في الوصول إلى هذه الغاية، إلا أن الجغرافيا تتميز عن معظم هذه الفروع في أنها تتناول بالتحليل و الربط و الاستنتاج في مساحات محددة من سطح الأرض، قد تجمعها دولة واحدة أو عدة دول.

وللوصول إلى هذا الهدف، تستمد الجغرافيا معلومات وفيرة من العلوم البيولوجية و الاجتماعية و الإنسانية، التي تفيد الدراسة فمثلا : تعتمد الجغرافية المناخية في حقائقها العلمية على علم المناخ و علم الظواهر الجوية، وتعتمد الجيومورفولوجيا على علم الجيولوجيا و الجغرافية السياسية تعتمد على العلوم السياسية و علم التاريخ الحديث و القانون الدولي و الجغرافية الاقتصادية تعتمد على علم الاقتصاد.

و لا شك أن الجغرافيا تمثل بذلك معبرا بين هذه العلوم المختلفة ومن تمت تتحدد فلسفة الجغرافيا، في أنها تهدف إلى شرح الأنماط المكانية، وتستكشف العلاقات فما بينها، وأوجه التشابه و التباين بين الأقاليم المختلفة في البيئات بعناصرها الطبيعية ومثل أشكال سطح الأرض و المناخ و التربة و الأحياء النباتية و الحيوانية، و موارد الثروة أساسا وقاعدة لفهم العناصر الحضارية المترتبة عليه و المترابطة معه داخل البيئة. و الجغرافيا بذلك تؤكد مبدأ الارتباط، الذي يثمر في فهم العلاقات التأثيرية و التأثرية بين الإنسان و البيئة.

وتبقى أهمية الجغرافيا في فهم الظواهر الطبيعية و البشرية، وأنها تطورت خلال منتصف القرن التاسع عشر الميلادي من تكديس المعلومات عن الأماكن العجيبة إلى تطوير المبادئ العلمية من سطح الأرض.