أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-10-16
485
التاريخ: 2023-02-05
1118
التاريخ: 2023-02-24
1337
التاريخ: 2023-03-28
1533
|
نجد للإسلام تعليمات إنسانيّة عظيمة للجنود والمقاتلين تكشف عن أهداف الحروب الإسلاميّة وغاياتها السامية ، فها هو النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) كلّما أراد أن يبعث جيشاً إلى موضع من المواضع وصّاه بوصايا تفوح منها رائحة الرحمة والإنسانيّة ، فعن الإمام الصادق جعفر بن محمّد (عليه السلام) قال : « كان رسُولُ الله (صلى الله عليه واله وسلم) إذا أراد أن يبعث سريّةً دعاهُم فأجلسهُم بين يديه ثُمّ يقُولُ :
سيروا بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملّة رسول الله لا تغلوا ولا تمثّلوا ولا تغدروا ولا تقتلوا شيخاً فانياً ، ولا صبيّاً ، ولا امرأةً ولا تقطعوا شجراً إلاّ أن تضطروا إليها وأيّما رجل من أدنى المسلمين أو أفضلهم نظر إلى أحد من المشركين فهو جار حتّى يسمع كلام الله فإن تبعكم فأخوكم في الدّين ، وإن أبى فأبلغوه مأمنه واستعينوا بالله » (1) .
وقال (عليه السلام) أيضاً : « إنّ النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) كان إذا بعث أميراً له على سريّة أمره بتقوى الله عزّ وجلّ في خاصّة نفسه ثمّ في أصحابه عامّةً ثمّ يقول :
اغز باسم الله وفي سبيل الله ، قاتلوا من كفر بالله ... لا تغدروا ... ولا تغلوا ... ولا تمثّلوا ... ولا تقتلوا وليداً. . ولا متبتّلاً في شاهق ، ولا تحرقوا النّخل ، ولا تغرقوه بالماء ، ولا تقطعوا شجرة مثمرةً ولا تحرقوا زرعاً لأنّكم لا تدرون لعلّكم تحتاجون إليه ، ولا تعقروا من البهائم يؤكل لحمه إلاّ ما لا بدّ لكم من أكله ، وإذا لقيتم عدوّاً للمسلمين فادعوهم إلى إحدى ثلاث فإن هم أجابوكم فاقبلوا منهم وكفّوا عنهم :
ادعوهم إلى الإسلام فإن دخلوا فيه فاقبلوا منهم وكفّوا عنهم ، وإن أبوا أن يهاجروا واختاروا ديارهم وأبوا أن يدخلوا في ديار الهجرة ، كانوا بمنزلة أعراب المؤمنين يجري عليهم ما يجري على أعراب المؤمنين ولا يجري لهم في الفيء ولا في القسمة شيئاً إلاّ أن يهاجروا [ يجاهدوا ] في سبيل الله. فإن أبوا هاتين فادعوهم إلى إعطاء الجزية عن يد وهم صاغرون فإن أعطوا الجزية فاقبل وكفّ عنهم وإن أبوا فاستعن بالله عزّ وجلّ عليهم وجاهدهم في الله حقّ جهاده ... الخ » (2).
وكان عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) إذا بعث سرية ولّي أمرها رجلاً ثمّ قال له : « أُوصيك بتقوى الله الّذي لا بدّ لك من لقائه ولا منتهى لك دونه وهو يملك الدّنيا والآخرة وعليك بالّذي بعثت له ، وعليك بالّذي يقرّبك إلى الله عزّ وجلّ فإنّ فيما عند الله خلفاً من الدّنيا » (3).
إلى غير ذلك من التعليمات والوصايا التي تكشف عن أهداف النظام العسكريّ في الإسلام.
ولعل من أبرز ما يكشف لنا عن هدف الإسلام من الجهاد والقتال والنشاط العسكريّ هو قوله تعالى : { وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا } ( النساء : 75).
ولقد اهتمّ الإسلام بالجنود غاية الاهتمام ، وأعطاهم غاية العناية لمالهم من الدور الحسّاس والخطير في الدولة الإسلاميّة.
فها هو الإمام عليّ أمير المؤمنين (عليه السلام) يوصي الأشتر النخعيّ واليه على مصر بالجنود ويقول في حقّهم ما لم يعرف التاريخ له مثيلاً : « فالجنود بإذن الله حصون الرّعيّة وزين الولاة ، وعزّ الدّين وسبل الأمن وليس تقوم الرّعيّة إلاّ بهم ثمّ لا قوام للجنود إلاّ بما يخرج الله لهم من الخراج الذي يقوون به على جهاد عدوّهم ويعتمدون عليه فيما يصلحهم ويكون من وراء حاجتهم ..
وليكن أثر رؤوس جندك عندك من واساهم في معونته ، وأفضل عليهم من جدته بما يسعهم ويسع من وراءهم من خلوف أهليهم حتّى يكون همّهم همّاً واحداً في جهاد العدوّ فإنّ عطفك عليهم يعطف قلوبهم عليك ... وإنّ أفضل قرّة عين الولاة استقامة العدل في البلاد وظهور موّدة الرّعية » (4) .
كما أعطى الإمام عليّ تعليماته في النشاط العسكريّ فقال : « فقدّموا الدّارع ، وأخّروا الحاسر وعضّوا على الأضراس فإنّه أنبى للسيوف عن الهام ، والتووا في أطراف الرّماح فإنّه امور للأسنّة وغضّوا للأبصار فإنّه أربط للجأش وأسكن للقلوب وأميتوا الأصوات فإنّه أطرد للفشل ، ورايتكم فلا تميلوها ولا تخلّوها ولا تجعلوها إلاّ بأيدي شجعانكم ... الخ » (5) .
وقال : « تزول الجبال ولا تزل عض على ناجذك أعر الله جمجمتك ، تدفي الأرض قدمك أرم ببصرك أقصى القوم وغضّ بصرك وأعلم أنّ النّصر من عند الله سبحانه » (6).
وقال : « فإذا نزلتم بعدوّ أو نزل بكم فليكن معسكركم في قبل الأشراف أو سفاح الجبال ، أو أثناء الأنهار ، كيما يكون لكم رداءاً ودونكم مردّاً ، ولتكن مقاتلتكم من وجه واحد أو اثنين وأجعلوا لكم رقباء في صياصي الجبال ومناكب الهضاب ، لئلاّ يأتيكم العدوّ من مكان مخافةً أو أمن. واعلموا أنّ مقدّمة القوم عيونهم وعيون المقدّمة طلائعهم ، وإيّاكم والتفرّق ، فإذا نزلتم فانزلوا جميعاً وإذا ارتحلتم فارتحلوا جميعاً ، وإذا غشيكم الليل فاجعلوا الرّماح كفّةً ، ولا تذوقوا النّوم إلاّ غراراً أو مضمضةً » (7) .
إنّ مثل هذا النظام ومثل هذه التعاليم حول العسكر يقتضي وجود جهاز خاصّ مستقلّ يقوم بشؤون الجند ، ويتكفّل إدارة اُمورهم ، وخاصّة أنّ الحاجة تزداد يوما بعد يوم إلى الجيوش المنظّمة القويّة ، وتزداد متطلّبات الجنود.
إنّ القيام بشؤون الجند من وظائف السلطة التنفيذيّة ... فوزارة الدفاع من هذه السلطة هي التي يجب أن تتولّى هذه الناحية الخطيرة ، وتنظّم الجيش الإسلاميّ بأحسن تنظيم.
وقال (عليه السلام) لأحد قادة جيشه حينما أنفذه إلى الشام : « اتّق الله الذي لا بدّ لك من لقائه ولا منتهى لك دونه ، ولا تقاتلنّ إلاّ من قاتلك وسر البردين [ الغداة والعشي ] وغور بالنّاس ، ورفّه في السير ، ولا تسر أوّل الليل فإنّ الله جعله سكناً ، وقدّره مقاماً لا ظعناً ، فأرح فيه بدنك وروّح ظهرك ، فإذا وقفت حين ينبطح السحر ، أو حين ينفجر الفجر فسر على بركة الله ، فإذا لقيت العدوّ فقف من أصحابك وسطاً ولا تدن من القوم دنوّ من يريد أن ينشب الحرب ، ولا تباعد عنهم تباعد من يهاب البأس حتّى يأتيك أمري ، ولا يحملنّكم شن آنهم على قتالهم قبل دعائهم والاعذار إليهم » (8).
وقال (عليه السلام) لأصحابه عند الحرب : « لا تشتدنّ عليكُم فرة بعدها كرّة ولا جولة بعدها حملة واعطُوا السّيُوف حُقُوقها ، ووطّئُوا للجُنُوب مصارعها ، واذمُرُوا أنفُسكُم على الطّعن الدّعسيّ والضرب الطّلحفي ، واميتُوا الأصوات فإنّهُ أطردُ للفشل. فوالّذي فلق الحبّة ، وبرأ النّسمة ؛ ما أسلمُوا ولكن استسلمُوا ، وأسرّوا الكُفر ، فلمّا وجدُوا أعواناً عليه أظهرُوهُ » (9)
وقال (عليه السلام) في تعليم الحرب والمقاتلة : « معاشر المُسلمين : استشعرُوا الخشية وتجلببُوا السّكينة وعضّوا على النّواجذ فإنّهُ أنبى للسيوف عن الهام ، وأكملُوا اللاّمة ، وقلقلُوا السيوف في اغمادها قبل سلّها ، والحظُوُا الخزر ، واطعنُوا الشّزر ، ونافحُوا بالضّبا ، وصلُوا السّيُوف بالخُطا ، واعلمُوا أنّكُم بعين الله ، ومع ابن عمّ رسُول الله ، فعاودُوا الكرّ ، واستحيُوا من الفرّ ، فإنهُ عار في الأعقاب ، ونار يوم الحساب. وطيبُوا عن أنفُسكُم نفساً ، وامشُوا إلى الموت مشياً سُجُحاً ، وعليكُم بهذا السّواد الأعظم ، والرّواق المُطنّب فاضربُوا ثبجهُ فإنّ الشيطان كامن في كسره ، وقد قدّم للوثبة يداً وأخّر للنّكُوص رجلاً ، فصمداً صمداً حتّى ينجلي لكُم عمُودُ الحقّ وانتُم الأعلون والله معكُم ولن يتركُم أعمالكُم » (10) .
وجملة القول ؛ إنّ الإسلام أشار إلى أهم الخطوط والاُسس التي يجب أن تقوم عليها بناء العسكريّة الإسلاميّة تاركاً الخصوصيّات والتفاصيل لمقتضيات الزمن.
_____________________
(1) وسائل الشيعة 11 : 42 ـ 43.
(2) وسائل الشيعة 11 : 45 ـ 46 ، وتاريخ اليعقوبيّ 2 : 59.
(3) الخراج : 16.
(4) نهج البلاغة : قسم الرسائل : رقم 53.
(5) نهج البلاغة : قسم الخطب : رقم 12 طبعة عبده.
(6) نهج البلاغة : قسم الخطب : رقم 10.
(7 و8) نهج البلاغة : قسم الكتب : رقم 11 ، 12
(9) نهج البلاغة قسم الكتب رقم 16.
(10) نهج البلاغة قسم الخطب رقم 63.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
المجمع العلميّ يُواصل عقد جلسات تعليميّة في فنون الإقراء لطلبة العلوم الدينيّة في النجف الأشرف
|
|
|