المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



شجاعة في غزوة أُحد  
  
4226   11:00 صباحاً   التاريخ: 10-02-2015
المؤلف : جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيرة الائمة(عليهم السلام)
الجزء والصفحة : ص46-49.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / مناقب أمير المؤمنين (عليه السّلام) /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-01-2015 3566
التاريخ: 15-3-2016 3171
التاريخ: 23-2-2019 2379
التاريخ: 29-01-2015 3665

أُصيبت قريش أثر هزيمتها في بدر بإحباط نفسي شديد، ولأجل تعويض هذه الخسارة والهزيمة الكبيرة والأخذ بثأر قتلاها قرّروا أن يهاجموا المدينة بقوات مجهزة كبيرة، ونقل رجال رسول اللّه وعيونه في قريش قرارها حول هذا الموضوع، فشكّل (صلى الله عليه واله) لجنة عسكرية لمواجهة العدو، واقترح بعض من المسلمين بأنّه من الأفضل للجيش الإسلامي أن يواجه العدو خارج المدينة، وانطلق رسول اللّه (صلى الله عليه واله) برفقة ألف مقاتل تاركاً المدينة متجهاً نحو شمالها، وتخلّف عنهم خلال المسير ثلاثمائة رجل من أتباع عبد اللّه بن أبيّ المنافق الشهير أثر تثبيطه وتحريضه لهم فتنزّل عدد القوات الإسلامية إلى سبعمائة مقاتل، وفي صباح اليوم السابع من شوال من السنة الثالثة للهجرة اصطف الجيشان متقابلين في وادي جبل أُحد.

وقبل اندلاعها درس نبي الإسلام [وبإلقاء نظرة عسكرية] ساحة الحرب وتفحّصها، وقد أثار انتباهه منفذ كان من الممكن أن ينفذ منه العدو ويهاجم المسلمين من الخلف خلاله، ولذلك وجّه شخصاً يدعى عبد اللّه بن جبير مع خمسين رامياً وأقرّهم على تل حتى يمنعوا الاختراق المحتمل من ذلك المنفذ، وأمر (صلى الله عليه واله) بأن لا يترك ذلك المنفذ الحساس بأي حال من الأحوال سواء انتصر المسلمون أم انهزموا، ومن ناحية أُخرى كان لحامل اللواء دور كبير جداً في حروب ذلك العصر لذلك كانوا يعطون الراية أو اللواء لرجل قوي وشجاع، فانّ صمود وثبات حامل الراية وترفرفها في ساحة الحرب يبعث الطاقة في المقاتلين، وعلى العكس فإنّ موت حاملها وانتكاس الراية يسبب هبوطاً معنوياً في نفوسهم، ولهذا السبب يتم ترشيح مجموعة من أشجع المقاتلين قبل بدء الحرب لتولّي حمل الراية للحد من الهبوط النفسي للجنود.

قامت قريش بنفس هذه العملية في هذه الحرب واختارت حملة رايات من قبيلة بني عبد الدار المشهورة بالشجاعة غير انّ أصحاب رايتهم كانوا يلقون مصرعهم الواحد تلو الآخر على يد علي (عليه السلام) ، وكانت انتكاسات الراية المتتالية تبعث اليأس والعجز النفسي في نفوس مقاتلي قريش فلاذوا بالفرار.

ونقل عن الإمام الصادق (عليه السلام) بأنّه قال: «كان أصحاب اللواء يوم أُحد تسعة قتلهم علي بن أبي طالب عن آخرهم».

وقال ابن الأثير: «وكان علي هو الذي هزم أصحاب لواء قريش».

وعلى ما رواه المرحوم الشيخ الصدوق قد أكد عليٌّ (عليه السلام) في احتجاجاته على الشورى السداسية التي تشكّلت بهدف تعيين الخليفة بعد موت عمر على هذه النقطة، وقال: «نشدتكم باللّه هل فيكم أحد قتل من بني عبد الدار تسعة مبارزة غيري كلّهم يأخذ اللواء، ثمّ جاء صواب مولاهم كأنّه قبة مبنية قد ازبدّ شدقاه واحمرت عيناه فاتقيتموه وحدتم عنه، وهو يقول: واللّه لا أقتل سادتي إلاّ محمداً، فخرجت إليه فاختلفت أنا و هو ضربتين فقطعته بنصفين وبقيت رجلاه وعجزه وفخده، غيري؟.

قالوا: اللهم لا».

وقد صدق كلّ أصحاب الشورى كلام علي (عليه السلام) .

وعلى أية حال هزم جيش قريش وأراد مقاتلوا فرقة عبد اللّه بن جبير مغادرة موقعهم بمجرد مشاهدتم لهذا المشهد بدافع تجميع الغنائم، فذكّرهم عبد اللّه بأمر الرسول فلم يعبأوا به، وانحدر منهم ما يزيد عن 40 من التل لجمع الغنائم، وبقي عبد اللّه بن جبير مع ما يقل عن عشرة مقاتلين هناك.

وفي هذه الأثناء كان خالد بن الوليد مع مجموعة من الفرسان يترصّدون للمسلمين، وحيث قد رأى ما هم عليه هاجمهم، وبعد القضاء عليهم واصل هجومه على المسلمين من الخط الخلفي، وقد تزامن هذا مع رفرفة رايتهم بيد إحدى نساء قريش وتدعى عمرة بنت علقمة، وكنّ قد أتين لتشجيع جيش المشركين في ساحة القتال، ومنذ ذلك الحين تغيّرت معادلة الحرب كلية واختل تناسق وانسجام المسلمين العسكري والقتالي، وانقطع الاتصال بين المقاتلين والقيادة وانهزم المسلمون، واستشهد حوالي سبعين مقاتلاً من بينهم: حمزة بن عبد المطلب ومصعب بن عمير أحد حملة رايات الجيش الإسلامي و من مجاهدي الإسلام.

ومن ناحية أُخرى هبطت معنويات كثير من المسلمين إذا أشاع العدو نبأ قتل رسول اللّه في ساحة القتال وتراجع أغلب المسلمين أثر الضغط العسكري الجديد لجيش المشركين، وتفرّقوا، ولم يصمد إلى جانب الرسول سوى عدد قليل، وتوالت اللحظات الحرجة والمصيرية في تاريخ الإسلام هناك حيث ينجلي دور علي (عليه السلام) الكبير، إذ كان يقارعهم بسيفه بشجاعة وببسالة لا مثيل لها مع رسول اللّه جنباً إلى جنب يحمي الوجود المقدس لقائد الإسلام العظيم من الهجمات المتوالية لكتائب المشركين الهائلة.

وكتب ابن الأثير في تاريخه : «فلمّا قتلهم أبصر النبي (صلى الله عليه واله) جماعة من المشركين، فقال لعلي : احمل عليهم ففرّقهم وقتّل فيهم، ثمّ أبصر جماعة أُخرى فقال له : احمل عليهم، فحمل عليهم وفرّقهم وقتل فيهم، فقال جبرائيل : يا رسول اللّه هذه المواساة ،فقال رسول اللّه (صلى الله عليه واله) «إنّه مني وأنا منه » فقال جبرائيل: وأنا منكما، قال فسمعوا صوتاً يقول: لا سيف إلاّ ذو الفقار ولا فتى إلاّ علي».

وكتب ابن أبي الحديد أيضاً : «لمّا فرّ معظم أصحابه عنه يوم أحد كثرت عليه كتائب المشركين، وقصدته (صلى الله عليه واله) كتيبة بني كنانة فيها بنوسفيان بن عويف، وهم خالد بن سفيان، وأبو الشعشاء بن سفيان، وأبو الحمراء بن سفيان ، فقال رسول اللّه (صلى الله عليه واله):«يا علي اكفني هذه الكتيبة» فحمل عليها وانّها لتقارب خمسين فارساً، وهو (عليه السلام) راجل فمازال يضربها بالسيف حتى تتفرّق عنه، ثمّ تجتمع عليه هكذا مراراً حتى قتل بني سفيان بن عويف الأربعة وتمام العشرة منها ممّن لا يعرف بأسمائهم، فقال جبرائيل (عليه السلام) لرسول اللّه (صلى الله عليه واله):يا محمد انّ هذه المواساة لقد عجبت الملائكة من مواساة هذا الفتى، فقال رسول اللّه (صلى الله عليه واله): «ما يمنعه وهو مني وأنا منه»، فقال جبرائيل: وأنا منكما، قال : وسمع ذلك اليوم صوت من قبل السماء لا يرى شخص الصارخ به ينادي مراراً : «لا سيف إلاّ ذو الفقار ولا فتى إلاّ علي»، فسئل رسول اللّه (صلى الله عليه واله)عنه فقال: «هذا جبرائيل».




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.