أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-8-2017
3261
التاريخ: 26-6-2016
15172
التاريخ: 6-10-2017
3643
التاريخ: 11-3-2020
2068
|
تحتل مصلحة الشركة مكانة هامة في الأحكام والقرارات القضائية وكذلك في النقاشات والآراء الفقهية. وبالرغم من ذلك، فقد أهملها القانون إهمالا شبه كلي، بحيث لم تكن محلا للتعريف لا من طرف المشرع الفرنسي و لا من نظيره الجزائري ليقيدا تعريفا لها. ومرد ذلك راجع إلى كون هذه الفكرة برزت للوجود شيئا فشيئا من خلال مقاربات فقهية وقضائية لتصبح في الأخير أداة تقنية تمكن من مراقبة صحة مداولات أجهزة الشركة (1) ، كما أن القضاء لم يحاول إعطاء تعريف عام لهذه المصلحة، الشيء الذي أدى إلى بروز اختلافات جوهرية بشأن تحديد محتوى هذا المفهوم وتعريفه. والحقيقة أن الاختلاف بشأن تعريف مصلحة الشركة ما هو إلا نتيجة لاختلاف التصورالقائم بخصوص الشركات. فأنصارالتصور الكلاسيكي الذين يعتبرون الشركة تنظيما لتجمع من الأشخاص يقدمون جزءا من أموالهم للحصول على منفعة، يعتبرون أن مصلحة الشركة ما هي إلا مصلحة أعضاء التجمع. وبالمقابل فإن الذين يرون في الشركة تقنية لتنظيم المقاولة لهم تصورا آخر حيث يعتبرون أن مصلحة الشركة ما هي إلا مصلحة المقاولة (2) .
أولا:مصلحة الشركة هي مجموع المصالح الفردية للمساهمين
يرى أصحاب هذا الاتجاه أن مصلحة الشركة لا يمكن أن تكون إلا عبارة عن مجموع المصالح الفردية للمساهمين وبالتالي فلا يمكن الفصل بينهما، وأن للمساهمين نفس التطلعات داخل الشركة. وأن مصلحة الشركة لا تعدو التمثيل الإجمالي لمجموع هذه التطلعات حتى وإن كانت الشركة تتمتع بشخصية معنوية وبكيان قانوني، فلا ينبغي النسيان بأن المساهمين هم المستفيدون من نشاط هذه الشركة، بل يمكننا القول بأن الشركة لم تؤسس إلا لذلك (3) . وعليه فلا ينبغي أن يخضع تسيير شركة المساهمة إلا لإرادة رأس المال الذي يكونها (4) . ويعتبر أنصار هذا التصور أن مصلحة الشركة ما هي إلا نتيجة لمصالح المساهمين. فشركة المساهمة هي عبارة عن مقاولة تجارية تم تنظيمها بغرض تحقيق الربح بواسطة مجموعة من الأشخاص الذين يجب أن يكون بإمكانهم التصرف ككل مالك حسب مصالحهم الخاصة(5) . ويرى أصحاب هذا الاتجاه، أنه لا ينبغي لإدارة الشركة أن تنكر مصالح المساهمين أو أن تأخذ بعين الاعتبار مصالح أخرى أجنبية عن مصالحهم. وأنه لمن الخطأ الاعتقاد بأن المساهمين في سعيهم لتحقيق هدفهم المشترك يستلهمون تصرفاتهم من اعتبارات أجنبية. ومن ثم فإن تحرك الأغلبية يجب أن يأخذ بعين الاعتبار المصالح الفردية للمساهمين فضلا عن المصالح الخاصة للفريق المشكل للأغلبية (6) . بيد أن هذا التصور تعرض بدوره للانتقاد. فالقول بأن مصلحة الشركة ما هي إلا مجموع المصالح الفردية للمساهمين، يعني إنكار كل وجود لهذه المصلحة كتصور أوكمفهوم مستقل. كما أن هذا التصور تجاهل حقيقة ملموسة وهي أن شركة المساهمة لم تعد تشكل كما في السابق تجمعا لرؤوس أموال متجانسة باعتبار تنوع مصالح المساهمين فيها . ومثال ذلك، أن المصلحة الفردية للمساهم المضارب ليست نفس المصلحة الفردية للمساهم المدخر، ومصلحة المساهم الكبير ليست كمصلحة المساهم الصغير، ومصلحة المساهم المنتمي للأغلبية ليست حتما نفس مصلحة المساهم المنتمي للأقلية (7) . ونتيجة لهذه الانتقادات تولد تصور آخر يرى أن مصلحة الشركة تعتبر ذات مفهوم خاص ومتميز.
ثانيا: الطابع المستقل لمفهوم مصلحة الشركة.
يذهب العديد من الفقهاء والباحثين إلى القول بأن مصلحة الشركة لها مفهوم مستقل على اعتبار أن الشخصية المعنوية لها متميزة عن مصالح الشركاء أو المساهمين. إلا أن تحديد طبيعة هذه المصلحة لم يحظى بالإجماع عند أنصار هذا التصور. فبينما حاول بعضهم تحديد هذه الطبيعة من وجهة قانونية بالاستناد إلى فكرة الشخصية المعنوية، حاول البعض الآخر ربطها بالمقاولة معتبرا أن هذه المصلحة تعتبر ذات طبيعة اقتصادية وهو ما سيتم تبيانه فيما يلي:
1 - مصلحة الشركة هي المصلحة الشخصية المعنوية.
إن أنصار هذا التصور ينطلقون من فكرة أن مصلحة الشركة تتميز عن مصلحة المساهمين كما تتميز الشخصية المعنوية عن الأشخاص الطبيعيين (8) . وأن هذه مصلحة ما هي إلا مصلحة الكائن المعنوي المميز عن أشخاص المساهمين (9) . وأن المصلحة التي ينبغي حمايتها حسب رأيهم هي مصلحة الشركة وليس مصلحة المساهمين حتى ولو كانوا من
الأغلبية، وعليه يجب أن تعلوا مصلحة الشركة على مصالح المساهمين. والقائلون بهذا الرأي هم أنصار التصور المؤسساتي لشركة المساهمة. فالتصور القائم على رجحان مصلحة الشركة على مصالح الأعضاء المكونين لها هو في الحقيقة ضرورة طبيعية للنظرة المؤسساتية. ولا شك أن الخلط بين الذمة المالية للشركة وذمم الشركاء يضر بمصلحة الشركة لأن فيه مساس بشخصيتها المعنوية بل ونفيا لوجودها أيضا (10) . بيد أن هذا التصور لم يسلم من الانتقاد، فالشخصية المعنوية ليست مؤسسة توجد لذاتها و لا يمكن أن تكون لها حياة مستقلة، وإنما وجدت من أجل أعضائها وبواسطتهم. ولا يمكن أن تكون غايتها مخالفة لغايتهم، بل إن حقيقة وجودها هو لغرض خدمة أعضائها (11) . وقد رأى اتجاه آخر (12) ، أن القول بمصلحة الشركة ما هي إلا مصلحة الشخص المعنوي يعتبرتصورا ضيقا ومحدودا ليخرجوا بتصور آخر أكثر اتساعا مفاده أن مصلحة الشركة هي مصلحة المشروع الاقتصادي أو المقاولة.
2- مصلحة الشركة هي مصلحة المشروع الاقتصادي (المقاولة).
لقد أصبحت الفكرة الحديثة المبنية على مصلحة الشركة تتجاوز حدود العقد لتشمل مصالح جميع الأشخاص الذين يهمهم نجاح الشركة كما هو الشأن بالنسبة لمصلحة الدائنين والعاملين في الشركة، فضلا عن حاملي السندات التي تصدرها الشركة. يضاف إلى ذلك، أن أهداف الشركة لا يجب أن تتعارض مع خطة التنمية الاقتصادية للبلاد. فشركات المساهمة أصبحت تلعب دورا مهما في التقدم الاقتصادي والاجتماعي للبلدان، ولا يمكن عزل هذه الشركات عن محيطها، ذلك أن هذه الشركات وخاصة الكبرى منها وإن كانت تهدف إلى تحقيق أهداف وغايات خاصة، فإنها تصبو كذلك إلى تحقيق المصلحة العامة للمجتمع عبر الحفاظ على استقرار مناصب الشغل وبصفة عامة حماية الاقتصاد الوطني (13) . لذا يجب النظر إلى الشركة على أنها تشكل مجموع القواعد القانونية و الميكانيزمات التي تهدف إلى التنظيم القانوني وتسهيل عملية الإنتاج والتوزيع بالنسبة لجهاز اقتصادي هوالمقاولة، وهذا هومعنى مصلحة الشركة. فهو مفهوم يجمع بين الجانبين "الاقتصادي والقانوني (14) ." ويرى أنصار هذا التصور أن مصلحة المقاولة ليست حصيلة لمختلف المصالح التي تتجمع وتتضافر داخل المقاولة. فإذا كان هدف مقيمي الأموال أو مقدمي العمل أو أي أشخاص آخرين يتمثل في الحصول على منفعة أو مردود من المقاولة، فإن هدف المقاولة مختلف. حيث يجب أن تعمل هذه الأخيرة على تحقيق مصالح الأشخاص المذكورين زيادة عن هدفها الأساسي الذي يتمثل بالأساس في إنعاش حياة الجهاز الاقتصادي (15) ، وهو ما يعني أن مصلحة المقاولة تتمثل في ضمان القدرة على الاستمرار في إنتاج وتوزيع الثروات. ومن هنا يتبين أن المقاولة لها مصلحتها الخاصة التي تعلو على باقي المصالح، وأنه وفي حال وقوع تعارض بين مصلحة المقاولة ومصلحة إحدى المجموعات التي تكونها، فإنه يتعين ضرورة ترجيح مصلحة المقاولة على غيرها من المصالح الخاصة، علما أن مصالح المساهمين تمثل بدورها مصالح خاصة. لكن هذا التصور لم يسلم هو الآخر من الانتقاد، باعتبار أن مصلحة الشركة وإن كانت لا تختلط بالمصالح الخاصة للمساهمين أغلبية كانوا أو أقلية فإنه و مع ذلك، فلا يمكن فصلها عن المصالح الفردية للمساهمين. وأن ترجيح مصلحة الشركة عن المصالح الفردية للمساهمين لم يتم إلا من أجل تحقيق هدف الشركة المتمثل في تحقيق الأرباح وهو هدف المساهمين الذين لم يقدموا حصصهم إلا من أجل البحث عن ثراء أكبر (16) .
________________
1-N.DAIOUBY, La répartition des pouvoirs du conseil d’administration et du président dans la société anonyme de type classique, thèse, Toulouse,1986, p.46.
2- عبد الواحد حمداوي، تعسف الأغلبية شركة المساهمة، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه، كلية العلوم القانونية والا قتصادية و الاجتماعية، جامعة محمد الأول، وجدة، سنة2000- 2001 جامعية ، ص86.
3- Ch. LAPP.,La nomination judiciaire des administrateurs de société,RTD.com.,1952, p.771.
4-D.SCHMIDT,Les droits de la majorité dans la société anonyme, Sirey,1970,p.49.
5- عبد الواحد حمداوي، المرجع السابق، ص 86
6- D.SHMIDT, op.cit., p.57.
7-D.SHMIDT, op.cit., p. 58 .
8- N.DAIOUBY, op.cit., p.48.
9- M.CARTERON, L’abus du droit et le détournement de pouvoirs dans les assemblées générale des sociétés anonymes, Rev.soc.,1964, p. 161.
10- عبد الواحد حمداوي، المرجع السابق، ص89
11- D.SCHMIDT, Op.cit. p51.
12- J.PAILLUSSEAU, op.cit., p.200.
13- عبد الواحد حمداوي، المرجع السابق، ص 90
14- H.ELMAHI, La protection de l’intérêt social de la société anonyme ,Etude du rôle respectif des actionnaires et des salariés, thèse, Nantes ,1990, p.12.
15- J.PAILLUSSEAU, op.cit., p.200.
16- عبد الواحد حمداوي، المرجع السابق، ص92
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|