أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-6-2016
7802
التاريخ: 2024-11-14
116
التاريخ: 1-9-2020
11759
التاريخ: 14-10-2017
8446
|
وهي الرقابة التي تباشرها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، وتعد الرقابة القضائية أكثر أنواع الرقابة ضماناً لحقوق وحريات الأفراد ضد عسف الهيئات العامة وخروجها علي القانون، نظراً لما ينطوي عليه القضاء من حيدة ونزاهة واستقلال عن أطراف النزاع ودرايته بالشئون القانونية(1). لا تتبع الدول أسلوباً واحداً في تنظيم الرقابة القضائية على أعمال الهيئات الإدارية فمنها ما يأخذ بالنظام القضائي الموحد، ومنها ما يأخذ بالنظام المزدوج، فالأول تتولى فيه المحاكم النظر في كافة المنازعات والثاني أن يعهدش بالرقابة علي أعمال الإدارة في قضاء متخصص يقوم إلي جانب القضاء العادي للفصل في المنازعات الإدارية(2) وسوف نعرض فيما يلي لحدود الرقابة القضائية في ظل النظامين.
الفرع الأول: نظام القضاء الموحد (النظام الأنجلوسكسوني):
يقصد بنظام القضاء الموحد أن يعهد بالوظيفة القضائية، لجهة واحدة تباشرها بواسطة محاكمها علي اختلاف أنواعها ودرجاتها، وتكون ولاية المحاكم كاملة، بمعنى أن يكون اختصاصها شاملاً لمختلف صور المنازعات القضائية أو المدينة أو الإدارية دون النظر إلي أطراف الخصومة سواء خصومة بين الأفراد مع بعض، أم نشأت بين الأفراد والإدارة (الحكومة) بمناسبة مباشرة الإدارة لوظيفتها، ففي هذه الحالة يتولى القضاء الموحد مهمة مراقبة الأعمال الإدارية، ويؤخذ بها النظام في كل من بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية والدول التي كانت تحت الانتداب البريطاني مثل السودان والهند(3).
أولاً : الرقابة القضائية علي أعمال الإدارة في بريطانيا:
لا تعرف بريطانيا نظام القضاء الإداري، فليس بها محاكم إدارية بالمعنى المفهوم في القانون الإداري الفرنسي والمصري ويقضي نظامها باختصاص المحاكم العادية بالفصل في كافة المنازعات سواء أكانت بين الأفراد فيما بينهم أو بينهم وبين الإدارة(4). هذه هي القاعدة الأصلية في النظام البريطاني، إلا انه في بعض الحالات يعهد المشرع البريطاني بأمر الفصل في بعض المنازعات إلي محاكم خاصة وجدت في بريطانيا منذ بداية هذا القرن وإزداد عددها بإزدياد تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية وقد تشكل هذه المحاكم من عضو واحد أو أكثر، ولا يتعين أن يكون أعضاء هذه المحاكم من ذوي الخبرة القانونية(5). ولم يكن استئناف أحكام هذه المحاكم قبل سنة 1958م علي وتيرة واحدة، إذ أن بعضها يستأنف أمام الوزير والبعض يطعن فيه أمام محاكم أخرى خاصة، والبعض الآخر يستأنف أمام المحاكم العادية. وكان الاتجاه الغالب في الفقه الإنجليزي قبل صدور قانون سنة 1958م يتجه إلي اعتبار هذه المحاكم جزءاً من الجهاز الإداري للدولة وعند صدور قانون 1958م أصبحت هذه المحاكم تتبع للجهاز القضائي الواحد(6).
ثانياً: تطبيق نظام القضاء الموحد في السودان:
يأخذ السودان بنظام القضاء الموحد كما هو الحال في بريطانياً، فيعهد للفصل في كل المنازعات لجهة واحدة هي السلطة القضائية، ولا توجد محاكم مستقلة للفصل في المنازعات الإدارية فيفصل فيها جنباً إلي جنب مع الدعاوي والمنازعات الأخرى المدنية والشرعية والجنائية. إلا أن السودان قد اتبع نهجاً مخالفاً لنهج المحاكم الإنجليزية في تكييف القرار الإداري لغرض الاختصاص الابتدائي بنظر الدعوى، فالمحكمة العليا في إنجلترا لها الاختصاص بنظر الطعون الإدارية بصفة ابتدائية، والقرار الإداري في إنجلترا هو القرار الصادر لممارسة السلطة الإدارية وإصدار تشريعات فرعية، ويرجع ذلك لأن الدستور البريطاني لم يكن مكتوباً يمكن الطعن علي أساسه بدعوى عدم دستورية قانون من القوانين، فكل ما يصدره البرلمان، فهو قانون، لا سبيل للطعن فيه، وإنما يجوز للبرلمان وحده إلغاؤه أو تعديله، أما في السودان فإن الأمر يختلف فالمحكمة المختصة لم تكن المحكمة العليا فقط، علي ما هو الوضع في قانون القضاء الإداري لسنة 2005م، فالمحكمة العليا تختص بالنظر في الطعون ضد القرارات الإدارية الصادرة من رئيس الجمهورية أو مجلس الوزراء الاتحادي أو حكومة أي ولاية أو وزير ولائي . (أما في دستورية القوانين فينظر أمام الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا)(7). إلا أنه ومع تعدد أوجه نشاط الدولة، والتي أصبحت تتولى الكثير من الأمور التي لم تكن تتولاها في السابق، كان علي الدولة أن تنشئ الأجهزة الإدارية التي تقوم بهذا النشاط ولزم إصدار القوانين لتنظيمها، لذا كانت هناك أمور ذات طبيعة فنية تقتضي إلماماً بأمور ليست في متناول المحكمة العادية، لذلك برزت لجان خاصة كما هو الحال في النظام القضائي الإنجليزي لكي تؤدي دوراً شبيه بدور المحكمة في الفصل في هذه المنازعات، ومن أمثلة ذلك لجان منازعات الأراضي ولجان استئنافات العاملين بالخدمة العامة (ديوان العدالة للعاملين)(8).
الفرع الثاني: نظام القضاء المزدوج (الفقه اللاتيني):
يقصد بالنظام المزدوج أن تتولى الوظيفة القضائية جهتان، جهة القضاء العادي وتختص بالنظر في المنازعات التي تنشأ بين الأفراد أو بين الأفراد والإدارة بالنسبة للتصرفات التي تماثل فيها الأفراد، وجهة القضاء الإداري تختص بالنظر في المنازعات ذات الطبيعة الإدارية. هذا لنظام يقترن بفرنسا مهد القضاء الإداري وأخذت به كثير من الدول منها مصر. ويقوم هذا النظام علي أساسين، أحدهما دستوري وثانيهما تاريخي، أما الأساس الدستوري فيقوم علي الفهم الخاطئ لمبدأ الفصل بين السلطات في الدولة، والذي يقصد به عدم تركيز السلطة في الدولة في يد واحدة فتستقل كل سلطة من سلطات الدولة الثلاث: التشريعية والتنفيذية والقضائية بدون تدخل من جهة أخرى(9) فاعتقد رجال الثورة الفرنسية أن هذا المبدأ يعني أن تستقل كل سلطة عن الأخرى استقلالاً تاماً ، وبمقتضى هذا لا تخضع الإدارة لمحاكم العادية(10).
والواقع أن هذا التفسير لمبدأ الفصل بين السلطات غير سليم، فليس المقصود، الفصل التام بين السلطات، بل يقصد به أن تستقل كل سلطة بوظيفتها ولا تتعدى أي منها علي الأخرى، مع قيام تعاون ورقابة متبادلة بينها، حتى لا تستبد أي منها بالسلطة(11). أما الأساس التاريخي فيتمثل فيما علق بأذهان رجال الثورة الفرنسية عن مساوئ المحاكم القديمة، التي كانت قائمة علي عهد الملكية المطلقة، في فرنسا، حيث كانت هذه المحاكم تسرف في التدخل في أعمال الإدارة الملكية وتعرقل نشاطها(12)، والواقع أن هذا السبب التاريخي الذي أنشأ القضاء الإداري في فرنسا قد زال وحل محله سبب آخر فني هو أن القضاء الإداري ابتدع نظريات ومبادئ قانونية تكون في مجموعها قواعد القانون الإداري وتتميز عن قواعد القانون الخاص، وليس من اليسير علي المحاكم العادية في فرنسا أن تقوم بهذه المهمة لعدم كفاءتها ومقدرتها في تطبيق القانون الإداري(13).
_________________
1- راجع في ذلك: محمود حافظ، القضاء الإداري، القاهرة 1979م ، ص110، و مبادئ القانون الإداري ، د. محمد كامل ليلة ، الجزء الأول طبعة 1968م ، القاهرة ، دار النهضة العربية ، ص223.
2-راجع مؤلفنا: رقابة القضاء علي أعمال الإدارة، دراسة مقارنة بالقانون السوداني، دار جامعة أمدرمان الإسلامية للطباعة والنشر 1993، ص6.
3- راجع في ذلك: د. عبد الله مرسي، سيادة القانون بين القانون الإداري في إنجلترا خلال القرن العشرين، منشور بمجلة العلوم الإدارية، السنة الثانية عشر، العدد الأول، أبريل 1970م، ص124.
4- د. محمود حافظ، القضاء الإداري (دراسة مقارنة) ط4 1967م، ص92.
5- راجع: د. يحي الجمل، مقال بعض ملامح تطور القانون الإداري في إنجلترا خلال القرن العشرين، منشور بمجلة العلوم الإدارية، السنة الثانية عشر، العدد الأول، أبريل 1970 ، ص124.
6- راجع: ايرون اسكندر، الدستور البريطاني ونظم الحكم في مجموعة الأمم البريطانية، ترجمة محمد الهمشري ص76.
7- راجع في ذلك: مولانا محمد محمود أبو قصيصة، نائب رئيس القضاء في السودان، مبادئ القانون الإداري السوداني، دار جامعة أم درمان الإسلامية للطباعة والنشر، ط1991م، ص30.
8- أنظر المرجع السابق، ص31.
9- د. السيد صبري، مبادئ القانون الدستوري، ط 1946م، ص160.
10- راجع: د. عثمان خليل، مجلس الدولة، ط1963م، ص24، ود. محمود محمد حافظ، القضاء الإداري، مرجع سابق، ص 102.
11- د. ثروت بدوي، مبدأ القانون الدستوري، المجلد الأول، سنة 1966م.
12- د. عثمان خليل، مجلس الدولة، مرجع سابق، ص25.
13- د. محمد كامل ليلة، القضاء الإداري، مرجع سابق، ص223.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|