أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-04-2015
1557
التاريخ: 15-02-2015
1878
التاريخ: 13-02-2015
1791
التاريخ: 12/11/2022
1536
|
حين بلغت بالتفسير إلى قوله تعالى : { أَمَرْنا مُتْرَفِيها الخ . } تذكرت سؤالا وجّهه إليّ أحد خطباء العراق قائلا : لما ذا تصب جام غضبك على المترفين في كتاباتك ومؤلفاتك ؟ . فقلت له : ولما ذا أنت تدافع عنهم ؟ . ألأنك منهم ، أو لأنهم أولياء نعمتك ؟ . فتراجع عن سؤاله واعتذر . . وهذا ما دعاني أن أعرض تفسير الآية على النحو التالي :
1 - وردت كلمة المترفين ومشتقاتها في القرآن بثماني آيات - كما في المرشد - وجاءت في نهج البلاغة في العديد من الموارد . . هذا عدا عن كلمة الغنى ، وما يتفرع منها ، وما ذكرت كلمة الترف في كلام اللَّه وأوليائه إلا مقرونة بالذم .
2 - قال أهل اللغة : ترف الرجل تنعم ، وأترفه المال أبطره وأفسده ، واستترف بغى وتغطرف . هذا هو تعريف المترفين في اللغة ، أما صفاتهم كما
جاءت في كتاب اللَّه وغيره فغفلة عن اللَّه ، وبغي على عباد اللَّه ، واستكبار على أمر اللَّه ، وحرب لأولياء اللَّه . . حديثهم التكاثر والتفاخر ، وطبعهم الجفاء والتهاتر . . إلى كثير من ألقاب الذم . . إلا من رحم اللَّه ، ورحم نفسه .
3 - {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} [الإسراء: 16]. المأمور به محذوف أي أمرنا مترفيها بالعدل والطاعة ، وذكر أهل التفاسير أربعة أقوال في معنى هذه الآية ، أرجحها ان اللَّه سبحانه أطلق كلمة المترفين على جميع أهل القرية ، من باب استعمال الجزء في الكل ، ومثل هذا الاستعمال كثير في كلام العرب إذا كان الجزء عضوا رئيسيا في الكل ، كالعين بالنسبة إلى جسم الإنسان ، فقد استعملوها في طليعة الجيش ، لأن للعين مزية على سائر أعضاء الجسم ، ولما كان المترفون أقدر وأسرع إلى الفسق ، وأجرأ على المعصية من غيرهم ، وهم في الوقت نفسه متبوعون تقلدهم العامة فيما يفعلون ، لما كان كذلك - صح اطلاق كلمة المترفين على جميع أهل القرية كما صح اطلاق كلمة العين على الإنسان .
وعلى هذا يكون معنى الآية ان اللَّه لا يهلك أهل قرية إلا إذا استحقوا الهلاك والدمار ، وهم يستحقون ذلك بعد ان تقوم عليهم الحجة بإرسال الرسل ، يأمرونهم بالخير ، وينهونهم عن الشر ، ويحذرونهم من المخالفة والعصيان ، فإذا فسقوا وخرجوا عن الطاعة حقت عليهم كلمة العذاب ، وأنزل اللَّه بهم الهلاك والدمار .
ومع العلم بأن هذا المعنى يحتمه اللفظ ، ولا يأباه العقل فإننا نذهب في تفسير الآية مذهبا آخر ، وهو ان أي مجتمع يوجد فيه مترفون بالمعنى الذي ذكرناه فهو مجتمع يعيش في ظل نظام فاسد جائر ، لأن وجود المترفين فيه تماما كوجود السرطان في الجسم ، والمسؤول الأول عن وجود الفاسدين في المجتمع هو المجتمع بالذات ، حيث لم يقف منهم موقف المقاوم ، أو المستخف بشأنهم - على الأقل - بل أضفى عليهم ألقاب الشرف والسيادة ، وأحاطهم بالتكريم والتعظيم ، ومنحهم ثقته أيام الانتخاب ، واختارهم لمنصب الحكم والقيادة ، وبهذا يكون المجتمع الذي عبر عنه سبحانه بالقرية - شريكا للمترفين الفاسقين في جميع جرائمهم وآثامهم ، ومستحقا للهلاك والدمار تماما كالمترفين . . فقد جاء في الحديث الشريف : « الراضي بالظلم كفاعله . . الساكت عن الحق شيطان أخرس » فكيف إذا كان مناصرا للباطل ؟ وقال السيد الأفغاني : « أيها الفلاح الذي تشق الأرض بمحراثك ، لما ذا لا تشق به قلب من يستعبدك ؟ » . انظر ما قلناه عند تفسير الآية 11 من سورة الرعد : { إِنَّ اللَّهً لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ } .
وتجدر الإشارة إلى ان الهلاك على أنواع ، فيكون بالطوفان أو الخسف والزلازل والصواعق ، وأيضا يكون بالإذلال وتسليط الأشرار ، وهذا أوجع وأفظع . وقد عاقب اللَّه به أمة محمد ( ص ) لما تركوا الجهاد ، وتغاضوا عن أهل الشر والفساد ، ورضوا لأنفسهم المذلة والهوان ، قال الإمام علي ( عليه السلام ) : « ان في سلطان الإسلام عصمة لأمركم ، فأعطوه طاعتكم . . واللَّه لتفعلن أو لينقلن اللَّه عنكم سلطان الإسلام ، ثم لا ينقله إليكم أبدا حتى يأرز - يرجع - الأمر إلى غيركم » . أي إذا أطعنا الإسلام عشنا في حصن حصين من المناعة والكرامة ، والا انتقل عنا الحكم والسلطان إلى أعدائنا ، ثم لا يرجع إلينا أبدا . . وما قرأت هذا الانذار إلا اعترتني رعدة هزتني من الأعماق.
|
|
أكبر مسؤول طبي بريطاني: لهذا السبب يعيش الأطفال حياة أقصر
|
|
|
|
|
طريقة مبتكرة لمكافحة الفيروسات المهددة للبشرية
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تناقش تحضيراتها لإطلاق مؤتمرها العلمي الدولي السادس
|
|
|