المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19



سلطة القاضي في الحكم بالفسخ  
  
6927   10:55 صباحاً   التاريخ: 21-6-2018
المؤلف : جوهري سعيدة
الكتاب أو المصدر : سلطة القاضي في فسخ العقد
الجزء والصفحة : ص37-50
القسم : القانون / القانون الخاص / القانون المدني /

طبقا لنص المادة 119/2 من القانون المدني الجزائري ج " ويجوز للقاضي أن يمنح المدين أجلا حسب الظروف، كما يجوز له أن يرفض الفسخ إذا كان ما لم يوف به المدين قليل الأهمية فإن القاضي ليس مجبر على الحكم بالفسخ إذا ما طلبه " بالنسبة إلى كامل الالتزامات الدائن، بل إن له في ذلك سلطة تقديرية واسعة حيث يجوز له اختيار الحل المناسب وفقا للظروف التي وقع فيها الإخلال بالالتزام العقدي، فإذا رأي أن عدم التنفيذ غير مبالغ أو كان لظروف خارجة عن إرادة المدين، جاز له أن يمنحه أجلا إضافي لتنفيذ التزامه (الفرع الأول)، كما يجوز للقاضي أن يرفض الاستجابة لطلب الفسخ إذا كان طلب الدائن لا مبرر له (الفرع الثاني) ويجوز للقاضي أن يحكم بالفسخ إذا رأى أن هناك ظروفا تبرره (الفرع الثالث).

الفرع الأول: منح المدين أجلا لتنفيذ التزامه

قد تتوافر للدائن الشروط القانونية لفسخ العقد من أجل التحليل من الالتزامات التي رتبها العقد على عاتقه، ولكن القاضي لما له من سلطة تقديرية واسعة لا يحكم فورا بالفسخ، وإنما يمنح المدين أجلا معينا للقيام بالتنفيذ، لعله يقوم به خلال هذه الفترة، مما يجعل الفسخ لا مبرر له، إذا ما قام المدين بالتنفيذ خلال الأجل، لأن الغرض الأصلي من  إبرام العقود في الحقيقة هو تنفيذها، وليس فسخها (1) وإن الأجل الذي يمنحه القاضي للمدين المرفوعة عليه دعوى الفسخ بسبب عدم التنفيذ وقبل الحكم بالفسخ، يكون بهدف الحد من صرامة الفسخ وآثاره والعمل على المحافظة على العقود ما أمكنت، لا سيما وأن الدائن قد يرفع دعوى الفسخ ولو لم يمضي على حلول الأجل إلا وقت يسير، وقد يكون للمدين عذرا في تأخره عن التنفيذ، كأن يخطئ في تفسير العقد، فيتأخر في تنفيذه وهو حسن النية، فلا يكون في هذه الحالة مبرر للفسخ، أو أن لا ضرر أصاب الدائن من جراء التأخر في تنفيذ، أو أصابه ضرر بسيط، أو أن يكون الضرر الذي أصاب الدائن إنما نجم عن فعله هو لا عن فعل المدين. ويباشر القاضي سلطته في منح المهلة بصدد دعوى الفسخ في جميع الحالات وفي جميع العقود، ما لم يكن هناك نص يمنعه من مباشرة هذه السلطة، والقاضي إذ يمنح المدين أجلا إنما يستعمل سلطة تقديرية لا تعقيب للمحكمة العليا عليه (2) . وهذا ما أكدته المحكمة العليا في قرارا لها بتاريخ 12/1/2000 عندما قضت بأن قضاة المجلس عندما منحوا المطعون ضدها أجلا للتنفيذ معتمدين في ذلك على الظروف الأمنية الاستثنائية  السائدة في المنطقة التي ترتب عنها عدم الوفاء بالالتزامات الناشئة عن العقد بصفة مؤقتة  يكونون قد طبقوا القانون تطبيقا سليما (3) ولا يمنع القاضي إعطاء مهلة للمدين أن يكون الدائن قد أعذره قبل رفع الدعوى، وإذا أعطى المدين مهلة وجب عليه القيام بتنفيذ الالتزام في غضونها، وليس له أن يتعداها، بل ليس للقاضي أن يعطيه مهلة أخرى، ويعتبر العقد مفسوخا من تلقاء نفسه، بعد انقضاء المهلة حتى ولو لم ينص القاضي على ذلك. لأن حكمه اشتمل على أمرين:

الأول منجز وهو الحكم بإعطاء المدين أجلا، والثاني شرطي وهو الحكم بالفسخ

والواقعة الشارطة هي انقضاء الأجل دون تنفيذ. والشرط هنا واقف ما دام لا يزال يجوز للمدين أن ينفذ في خلال الأجل الممنوح له، أي العلاقة الناشئة عن العقد لا تزال قائمة، وأنه لكي يتحقق الشرط فيقع الفسخ، يجب أن يستمر عدم التنفيذ بعد انقضاء ذلك الأجل، فإن حصل التنفيذ العيني في خلال الأجل الممنوح للمدين تخلف الشرط الواقف وامتنع على الدائن طلب الفسخ، أما إذا انقض الأجل دون تنفيذ فقد تحقق الشرط ووقع الفسخ ولم يعد بالدائن حاجة إلى أن يعود ثانية للقاضي ليطلب منه فسخ العقد. إن منح المدين مهلة للتنفيذ غالبا ما تكون بناء على طلب المدين حسن النية، لكن هل يجوز للقاضي أن يمنح المدين مهلة للتنفيذ دون طلب منه؟ ذهب بعض الباحثين إلى القول بأن: للقاضي أن ينظر للمدين نظرة الميسرة ولو لم يطلبها المدين منه (4)  وذلك رغبة في الحد من صرامة الفسخ وآثاره والعمل على المحافظة على استقرار العقود ما أمكن، هذا من جهة ومن جهة أخرى نجد أن القاضي يملك رفض الفسخ كلية، ومن يملك الأكثر يملك الأقل، وباستقراء أحكام القضاء نجد أن القاضي كثيرا . ما يلجأ إلى منح المدين مهلة التنفيذ قبل الحكم بالفسخ (5) ولقد نص القانون المدني عن هذا الأجل زيادة عما جاءت به المادة 119 السالفة الذكر في المادة 281/ 2 منه، والتي تنص " غير أنه يجوز للقضاء نظرا لمركز المدين، ومراعاة للحالة الاقتصادية أن يمنحوا آجالا ملائمة  للظروف دون أن تتجاوز هذه مدة سنة  وأن يوقفوا التنفيذ مع إبقاء جميع الأمور على حالها "مما يدل على أن للقاضي سلطة في منح المدين أجلا لتنفيذ التزامه إلا أنه ليست مطلقة فهناك حالات يمتنع فيها القاضي عن منح المدين مهلة لتنفيذ التزامه.

أولا: الأجل في دعوى التنفيذ ودعوى الفسخ

إن سلطة القاضي في منح المدين أجلا في الواقع هي استثناء من القاعدة العامة التي تقضي بأن لكل متعاقد الحق في طلب الفسخ لعدم تنفيذ المتعاقد الآخر لالتزاماته التعاقدية الواردة في المادة 119/1 من ق.م.ج (6) لكن زيادة على هذه المادة أورد المشرع نص المادة 281 /ف 2، السابقة الذكر، لكن أي المادتين تطبق عند منح الأجل بصدد دعوى الفسخ؟ إن الأجل الذي جاءت به المادة 281 / من ق.م.ج ليس هو ذات الأجل الذي قضت به المادة 119/  2 من ذات القانون ذلك أن الأجل الذي يمنحه القاضي وفق المادة 281 / 2من الق.م.ج يكون بصدد دعوى التنفيذ فأساسه هو قواعد العدالة والتخفيف من شدة التعاقد التي تقضي بأن العقد شريعة المتعاقدين. ويترتب على ذلك أن الأجل الذي يمنحه القاضي بصدد دعوى التنفيذ الواردة في نص المادة 281 /ف 2 ق.م.ج، هو عبارة عن استثناء من تلك القاعدة العامة السابقة الذكر، في نص المادة 119 من ق.م.ج، ومن ثم لا يجوز للقاضي منح المدين أجلا في حالة دعوى المطالبة بالتنفيذ إلا في حالات خاصة تطلبتها حالته الاقتصادية أو مركزه المالي، وفضلا عن ذلك فإن الأجل في دعوى التنفيذ لا يجوز أن يتعدى مدة سنة وأن . يكون مخالفا لنص قانوني آخر أو يؤدي التأخير إلى إلحاق ضرر بالدائن (7) وإن الأجل الذي يمنحه القاضي في دعوى التنفيذ يعتبر من النظام العام، ويذلك  بعكس دعوى الفسخ يجوز الاتفاق على استبعاده خاصة في الفسخ الاتفاقي (8)  وعليه فان الأجل الذي يعتد به في الفسخ القضائي هو الوارد في المادة 119/2 في أي نوع من العقود الملزمة للجانبين من وجد مبرر لذلك. ويمتنع القاضي عن منح الأجل في حالات حددها القانون.

ثانيا: موانع منح المدين أجل للتنفيذ

إن سلطة القاضي التقديرية في منح المدين أجلا للتنفيذ لا ينبغي أن يبالغ فيها إذ توجد حالات لا يجوز فيها للقاضي أن يمهل المدين كما لو كان هذا الأخير ملزما بعدم القيام بعمل ولكنه قام به إذ يصبح تنفيذ الالتزام الذي يرجوه الدائن والذي تعاقد من أجله . مستحيلا مما يجعل الأجل لا فائدة منه (9) كذلك الحال إذا التزم المدين بالقيام بعمل في وقت معين ومن ثم لا فائدة من إعطاء المدين أجلا للتنفيذ.

كما أن المدين سيء النية لا يجوز أن يمهله أجلا، لأن الأصل في تنفيذ العقد هو حسن النية طبقا للمادة 107/1 من الق.م.ج (10) ومنه يجب مجازاته بجزاء مشدد لا أن يعامل معاملة حسنة ويتضح مما سبق أن منح المدين أجلا للتنفيذ أمرا متروكا للقاضي المعروض أمامه النزاع، فإذا تبين له فائدة  منه منحه له، أما إذا تبين له أنه لا جدوى منه حكم بالفسخ دون منحه الأجل (11)

الفرع الثاني: رفض القاضي لطلب الفسخ

بناء على نص المادة 119 / من الق.م " .. كما يجوز له أن يرفض الفسخ إذا كان  ما لم يوف به المدين قليل الأهمية بالنسبة إلى كامل الالتزامات ". فإنه إذا كان عدم التنفيذ جزئيا أو تافها بالنسبة إلى الالتزام في جملته كان للقاضي سلطة في رفض طلب الدائن الذي يتمثل في فسخ العقد. وفي هذه الحالة تظهر أهمية سلطة القاضي في تقدير جسامة عدم التنفيذ الجزئي  حتى يقضي بالفسخ أو عدمه (12) وللقاضي قبل الحكم برفض الفسخ والاكتفاء بالتعويض أن يأخذ في اعتباره موقف الدائن وعما إذا كان قد تعنت في قبول الوفاء من المدين أو معاونته في ذلك، فإذا أبدى المتعاقد استعداده للتنفيذ إلا أن الطرف الآخر استمر في التهرب حتى يتوصل إلى التخلص من العقد بطلب فسخه، فللقاضي أن يرفض ذلك ويحكم بالتعويض إذا لزم ذلك، وتلك مسألة موضوعية يستقل قاضي الموضوع بتقديرها دون معقب عليه من المحكمة العليا،  طالما جاء تقديره سائغا (13) وفي هذا الصدد قضت محكمة النقض المصرية بأنه: إذا لم يتفق على شرط فاسخ صريح وكان الفسخ مقاما على الشرط الفاسخ الضمني فإن محكمة الموضوع تملك رفض هذا الطلب في حالة الإخلال الجزئي، إذا ما تبين لها أن هذا الإخلال هو من قلة الشأن، بحيث لم يكن يستأصل في قصد المتعاقدين فسخ العقد، وسلطة المحكمة في استخلاص هذه  النتيجة مطلقة لا معقب عليها (14) كما قضت محكمة النقض المصرية أيضا بأنه لا معقب على محكمة الموضوع إذا هي ناقشت في حدود سلطتها التقديرية دعوى الفسخ ورأت بناء على أسباب سائغة رفضها، وإذن فمتى كان الواقع هو أن الطاعن اشترى سيارة من المطعون عليها وتعهدت البائعة بعمل الإجراءات اللازمة لنقل الرخصة لاسم المشتري في مدة لا تزيد عن 15 يوما وإلا التزمت برد الثمن الذي قبضته مع فوائده وغرامة قدرت بمبلغ معين، وكان الحكم إذ قضى برفض دعوى الفسخ من المشتري وذلك لسببين الأول هو تخلف البائعة عن نقل الرخصة للمشتري لم يكن نكولا عن التزام جوهري لأن ملكية السيارة وحيازتها قد انتقلت إلى المشتري من وقت البيع، والسبب الثاني هو أن البائعة عرضت على المشتري نقل الرخصة لاسمه فلم يتعاون معها في إتمام الإجراءات فانه ليس فيما قرره . هذا الحكم مخالفة للقانون (15) بناء على هذه الأحكام القضائية تظهر أهمية دور القاضي في رفض الحكم بالفسخ بناء على تقديره لجسامة الإخلال بالالتزام وحتى يصل القاضي إلى تحديد مدى الجسامة، فما هو المعيار الذي يعتمده في ذلك؟ اختلف الفقه حول ماهية المعيار المطبق في تقدير مدى جسامة الإخلال بالالتزام فيذهب البعض إلى أنه المعيار الموضوعي، بينما يذهب البعض الآخر إلى أنه المعيار الذاتي.

أولا: المعيار الموضوعي في رفض طلب الفسخ

إن المعيار الذاتي ليس مطلق، إذ أنه لا يسعف القاضي في جميع الحالات، للوصول إلى الحقيقة ذلك أنه نية الدائن بالالتزام الذي لم ينفذ يصعب في بعض الحالات التحقق منها، كما أن عدم التنفيذ قد يتخذ صور متعددة في الحياة العملية، ليس من السهل الاعتماد فيها على المعيار الذاتي، بل لا بد من الاستعانة بقواعد موضوعية ينظر فيها القاضي إلى كمية الالتزامات التي لم تنفذ بالنسبة إلى كامل الالتزامات التعاقدية وهو ما يمكن تسميته  بالمعيار الموضوعي (16)  المقصود بالقواعد الموضوعية التي يستند إليها القاضي خلال بحثه في تقدير جسامة عدم التنفيذ هو أن يعتمد على إرادة الطرفين لكن ليس بصورة شخصية، أي على أساس تقدير الدائن لمصلحته المعتدى عليها، بل بصورة موضوعية، أي على أساس مدى ما  يترتب على عدم التنفيذ من اختلال في التوازن العقدي (17) كما قضت محكمة النقض المصرية بأن في حالة عدم التنفيذ الجزئي للعقد يعطي للمحاكم سلطة رفض طلب الفسخ عندما يكون هناك عدم تنفيذ لجزء هام من الالتزام وذلك من أجل الحفاظ على بقاء العقد واستمراره ما دام أن الدائن قد يحصل على تعويض على  الجزء الآخر غير منفذ (18) إلا أن ذلك لا يمنع القاضي من رفض الحكم بالفسخ حتى ولو كان عدم التنفيذ جسيما أو كليا متى رأى ذلك هو الصحيح، وهدفه من ذلك هو المحافظة على النظام الأساسي للعقود وهو تنفيذها وعدم تعسف أطراف العقد في استعمال حقوقهم، وهذا ما قضت به المحكمة العليا بتاريخ 14/12/1990 : إن الفسخ ليس نظاما تعسفيا يستفاد منه لدى  المصلحة وإنما هو موقف استئنافي وضعه المشرع بغرض حماية مصالح المتعاقد الذي لم يخل بالتزامه العقدي.

إن المحكمة العليا اعتبرت أن البائع قام بكل التزاماته التي فرضها عليه عقد البيع، فلا يمكن أن نجازيه على ذلك بقبول دعوى فسخ العقد ورد الثمن (19) هذا الموقف القويم يجعلنا نقول أن القضاء يشجع الأطراف على تنفيذ التزاماتهم والمضي في ذلك إلى النهاية، وبذاك يجنب العقود والاتفاقات الانحلال ونتائجه الخطيرة في واقع التعاملات اليومية للأفراد.

ثانيا: المعيار الذاتي في رفض طلب الفسخ

مؤدى هذا المعيار أن القاضي عند تقديره لجسامة عدم التنفيذ يأخذ في الاعتبار بنية  الدائن المتعاقد والتي تعتزم على أمر معين (20) وقد وردت في عقد البيع عدة تطبيقات لهذا المعيار الذاتي، إذ تنص المادة 365 من الق.م. ج "  إذا عين في عقد البيع مقدار المبيع كان البائع مسؤولا عما نقص منه بحسب ما يقضي به العرف غير أنه لا يجوز للمشتري أن يطلب فسخ العقد لنقص في البيع إلا إذا أثبت أن النقص يبلغ من الأهمية درجة لو كان يعلمها المشتري لما أتم البيع " كما  تنص المادة 370 من ق.م.ج  "فإذا انقضت قيمة البيع قبل التسليم لتلف أصابه جاز للمشتري إما أن يطلب فسح البيع إذا كان النقص جسيما بحيث لو طرأ قبل العقد لما أتم البيع وإما أن يبقى البيع مع إنقاص الثمن " وانطلاقا من هذه النصوص الصريحة التي لا تدع مجالا للشك في أن المعيار الذاتي بمفهومه السابق الذكر، هو الأساس الذي يستعين به القاضي خلال تقديره لأهمية عدم التنفيذ الذي تسبب فيه المدين، وذلك بأن يعود على إرادة الدائن بالإلتزام لا على إرادة  المدين ولا على إرادته هو (القاضي) (21) ومما لا شك فيه أن هذا المعيار الذاتي يحقق العدالة التي تنشئها قاعدة العقد شريعة المتعاقدين، ذلك أن القاضي عندما يستعين بالمعيار الذاتي لا يقف عند القيمة المادية للالتزامات المتقابلة وإنما يتجاوز ذلك إلى أهميتها في نظر المتعاقد الدائن بالالتزام والذي  لم ينفذ (22)

الفرع الثالث: سلطة القاضي في الحكم بالفسخ

إن القواعد العامة لنظرية الفسخ تقضي بأن يكون فسخ العقد بالنسبة إلى جميع أجزاء العقد عندما يكون عدم التنفيذ كليا، والقول بغير ذلك يخالف المنطق الذي قامت عليه نظرية الفسخ.

ومن المعروف أيضا أن فسخ العقد كليا، أو رفضه نهائيا هو الأصل العام التي تبني عليه سلطة القاضي التقديرية، غير أنه يرد على هذا الأصل العام استثناء يجيز فيه المنطق والقانون للقاضي أن يتخذ موقفا وسط بين الإبقاء على العقد مع  التعويضات، وبين  فسخ العقد كله، وهو حل وسط يتمثل في الفسخ الجزئي (23)

أولا: سلطة القاضي في فسخ العقد فسخا كليا

يستطيع القاضي الحكم بالفسخ إذا تبين له أن الظروف تبرره، كما لو تبين عدم جدوى الإبقاء على العقد، أو سوء نية المدين وتعمده عدم التنفيذ أو إهماله الجسيم في ذلك بالرغم من إعذاره، ويتحقق ذلك في حالة عدم التنفيذ الكامل للإلتزام، أو عدم تنفيذ الجزء الأكبر منه أو التنفيذ المعيب، أو المتأخر للالتزام على نحو لا يحقق الغرض المقصود  منه (24) كما أن للقاضي أن يقضي بفسخ العقد كلية إذا كان التزام المدين لا يحتمل التجزئة، أو كان يحتملها، ولكن الجزء الباقي دون تنفيذ هو الجزء الأساسي في العقد. وإن واقع القضاء المدني يثبت الحكم بالفسخ حتى وإن كان الإخلال لا يلزم الفسخ وذلك بناء على ما تبينته المحكمة من وقائع وأدلة، حيث قضت محكمة النقض المصرية بأنه: وان كان الإخلال الوارد في عقد البيع لا يوجب الفسخ حتما ولكن قضت المحكمة بناء على ما تبينته من وقائع الدعوى وأدلتها المطروحة عليها من أن المشترى قد بدا منه في مدى الثماني سموات التي تحدث الحكم عنها ما يدل على أنه لا يعتزم إقامة الأبنية  المتفق عليها، فإن ما يثيره المشترى من أن نشوب الحرب بعد مضي الثماني سنوات المذكورة هو الذي حال دون قيامه بالتزامه لا يجديه ما دامت المحكمة قد جزمت بأن نية عدم إقامة البناء قد ثبتت قبل نشوب الحرب، وهي لا معقب عليها فيما استخلصته من ذلك  وبالتالي بناء على ذلك على فسخ عقد البيع (25)

ثانيا: سلطة القاضي في فسخ العقد فسخا جزئيا

إن الفسخ الجزئي يتحقق عندما يقضي القاضي بفسخ جزءا من العقد ويبقي بقية الأجزاء الأخرى، ويتحقق ذلك إذا كان عقد البيع مثلا قابلا للتجزئة، أو قام البائع بتسليم جزء منه، فإن القاضي يستطيع الحكم بالفسخ للمبيع حتى يتمكن المشتري من الاحتفاظ بالجزء الذي سبق أن تسلمه من البائع. ومما لا شك فيه أن الفسخ الجزئي للعقد يقع في العقود التي تتضمن أداءات متتابعة أكثر من غيرها، أي العقود الزمنية، كما لو كان الأمر يتعلق بعقد من عقود التوريد، إذ تنشأ عنه مجموعة التزامات متقابلة، تكون في معظم الحالات مجموعة من الأداءات مستقل بعضها عن البعض من حيث كيانها الاقتصادي، وتحقيق كل مجموعة منها مهمة المتعاقدين، ولو لم تنفذ في جميع الأجزاء الأخرى، ويترتب على ذلك جواز الحكم بالفسخ على إحداها دون أن تمس بقية الأدوات الأخرى، ولا أن يؤثر عليها مهما بلغت أهمية  الجزء الذي حكم بفسخه، فلا تكون في مستوى جميع الأداءات الباقية (26) يصل القاضي إلى تقرير الفسخ الجزئي للعقد بتقديره جسامة عدم التنفيذ، فإذا قدر أن عدم التنفيذ الجزئي لم يبلغ قدرا من الأهمية بالنسبة إلى الالتزام في جملته، وأن تنفيذه صار مستحيلا فله إزاء الفسخ سلطة تقديرية، فله أن يقضي بالفسخ الجزئي بدلا من الفسخ الكلي، والرأي الراجح في الفقه يؤيد سلطة القاضي في اختيار الفسخ الجزئي لأنه أكثر ملائمة وأوفر مصلحة للطرفين، وأكثر تحقيق للعدالة خاصة إذا كان الالتزام العقدي قابل للتجزئة (27)

الفرع الرابع: موانع الحكم بالفسخ

هناك حالات يمتنع فيها القاضي عن الحكم بالفسخ وهي حالة الحوادث الاستثنائية، حالة الدفع بعدم التنفيذ، وذلك بهدف رد الالتزام إلى الحد المعقول.

أولا: الحوادث الاستثنائية

قد تطرأ في مرحلة تنفيذ العقد حوادث غير متوقعة تؤدي إلى الإخلال بالالتزامات الناشئة عن هذا العقد، وبالتالي تمنع تنفيذها إلا أنه في مثل هذه الحالة هل يبقى المدين ملزما بتنفيذ العقد أم لا؟ التزام المدين لا ينقضي لأن الحادث الاستثنائي ليس قوة قاهرة، كما أن هذه الالتزام لا يبقى كما هو لأنه مرهق، ولكن يرد القاضي الالتزام إلى الحد المعقول دون فسخ العقد لأن الحادث الاستثنائي جاء عاما، ليس في الإمكان توقعه ولا في الوسع دفعه، كما أنه يجعل تنفيذ الالتزام مرهقا وليس مستحيلا (28) وهو ما نصت عليه المادة 107 من ق. م. ج "غير أنه إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها، وترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي، وإن لم يصبح مستحيلا، صار مرهقا للمدين، بحيث يهدد بخسارة فادحة جاز للقاضي تبعا للظروف وبعد مراعاة مصلحة الطرفين أن يرد الالتزام  المرهق إلى الحد المعقول، ويقع باطلا كل إتفاق على خلاف ذلك ... " (29) إن المادة 107 من الق.م.ج حددت الشروط الواجب توافرها لإعمال الحادث الاستثنائي، وبالتالي منع القاضي من الحكم بالفسخ، وهي:

1- أن يكون الحادث الاستثنائي عاما:

والمقصود بالعموم أن يكون الحادث الإستثنائي خاصا بالمدين، ولا يشترط فيه أن يعم جميع البلاد، بل يكفي أن يشمل أثره على عدد كبير من الناس كأهل إقليم أو طائفة معينة كالزراع في جهة من الجهات أو منتجي سلعة بذاتها، أما إذا كان الحادث الاستثنائي خاص بالمدين وحده فلا يطبق عليه هذا الاستثناء وبإمكان القاضي أن يحكم بالفسخ  وبالتالي لا يمكن أن يتذرع بمرض أصابه حال دون تنفيذ التزامه (30)

2- أن يكون الحادث الإستثنائي ليس في الإمكان توقعه:

يتولى القاضي تقدير عنصر عدم التوقع، وهذا التقدير يتم بالاعتماد على المعيار الموضوعي، فيحدد القاضي ما إذا كان في وسع الرجل العادي توقع أو عدم توقع هذه الظروف الاستثنائية العامة. فإذا خلص القاضي أن الحادث الطارئ كان من الممكن دفعه، فلا مجال لإعمال النظرية، أما إذا خلص إلى عدم إمكانية دفعه وفقا لمقدرة الرجل العادي، فهنا يمكن دفعه  إذا توافرت بقية الشروط (31)

3- أن تجعل هذه الحوادث تنفيذ الإلتزام مرهقا لا مستحيلا:

يتولى القاضي تقدير مدى الإرهاق الذي يحيط بتنفيذ الالتزام، وإن تحديد مدى إرهاق المدين معياره مرن، يتغير بتغير الظروف، فما يكون مرهقا لمدين، لا يكون مرهقا  لمدين آخر (32) وكل هذه الشروط تمنع القاضي من الحكم بفسخ العقد وإعفاء المدين من تنفيذ التزامه.

ثانيا: حالة الدفع بعدم التنفيذ والحق في الحبس

 تنص المادة 123 من ق.م.ج " في العقود الملزمة للجانبين إذا كانت الالتزامات المتقابلة مستحقة الوفاء جاز لكل من المتعاقدين أن يمتنع عن تنفيذ التزامه إذا لم يقم  المتعاقد الآخر بتنفيذ ما التزم به وعليه ففي العقود الملزمة للجانبين، للمتعاقد بدلا من أن يطالب بالفسخ إذا لم يقم المتعاقد الآخر بتنفيذ التزامه، أن يقتصر على الامتناع عن تنفيذ التزامه حتى ينفذ الطرف الآخر التزامه، والواقع أن الدفع بعدم التنفيذ هو صورة من صور الحق في الحبس. فالدفع بعدم التنفيذ يفترض أن يكون التزام كل من المتعاقدين واجب التنفيذ فورا وان يكون احدهما واجب التنفيذ ويمتنع المدين به عن تنفيذه، فيكون للمتعاقد الآخر أن يمتنع عن الدفع ويتمسك بالدفع بعدم التنفيذ حتى يقوم من يجب عليه التنفيذ أولا بتنفيذ التزامه (33) أما الحق في الحبس فقد تناوله المشرع الجزائري في المادة 200 من ق.م.ج والتي  تنص " لكل من إلتزم بأداء شيء أن يمتنع عن الوفاء به مادام الدائن لم يعرض الوفاء بإلتزام ترتب عليه وله علاقة سببية وارتباط بإلتزام المدين. أو مادام الدائن لم يقم بتقديم تأمين كاف للوفاء بإلتزامه هذا. ويكون ذلك بوجه خاص لحائز الشيء أو محرزه، إذا هو أنفق عليه مصروفات ضرورية أو نافعة، فإن له أن يمتنع عن رد هذا الشيء حتى يستوفي ما هو مستحق له، إلا أن يكون الإلتزام بالرد ناشئا عن عمل غير مشروع" وعليه فإن القاضي وإن كان يتمتع بسلطة تقديرية واسعة في الحكم بالفسخ من عدمه إلا أنه هناك حالات استثنائية تمنعه من الحكم بالفسخ وذلك بغرض رد الالتزام إلى الحد المعقول.

_____________

1- عبد الكريم بلعيور، نظرية فسخ العقد في القانون المدني الجزائري المقارن،  المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر، 1986 ، ص 180

2- عبد المجيد الشواربي، فسخ العقد في ضوء الفقه والقضاء، منشأة الناشر، الطبعة  الثانية، مصر، 1998 ص 36

3- قرار صادر عن المحكمة العليا بتاريخ 12/1/2000 ملف رقم 112782 ، المجلة القضائية، العدد الأول، السنة  2001 ، ص 114

4 - لطيفة أمازوز، التزام البائع بتسليم المبيع في القانون الجزائري، مذكرة لنيل درجة  دكتوراه في العلوم، تخصص قانون، كلية الحقوق والعلوم السياسية، الجزائر، 201، ص 448

5- عبد المجيد الشواربي، المرجع السابق، ص37

6 - لطيفة أمازوز، المرجع السابق، ص 447

7- لطيفة أمازوز، المرجع السابق، ص 447

8- عبد الكريم بلعبور، المرجع السابق، ص 181

9 - المرجع نفسه، ص 178

10- المادة 107 من الق.م.ج « يجب أن ينفذ العقد طبقا لما اشتمل عليه وبحسن نية »

11 - حسينة حمو، إنحلال العقد عن طريق الفسخ، مذكرة لنيل درجة الماجستير في القانون، فرع قانون المسؤولية المهنية، كلية الحقوق والعلوم السياسية، مولود معمري  تيزي وزو، 201 ، ص78

12- http://www.djelfa.i,fo/vb/showrhread-php2t=261238.

13 - محمد حسين منصور، مصادر الالتزام، العقد والإرادة المنفردة، الدار الجامعية للنشر والتوزيع، لبنان، 2000 ، ص 411

14 - نقض مدني في 04 ديسمبر 1947 ، نقلا عن: أحمد عبد الرزاق السنهوري، الوجيز في شرح القانون المدني الجديد، النظرية العامة للالتزامات، نظرية العقد، الجزء الثاني، المجلد الثاني، منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان، 1998 ، ص 799

15- نقض مدني في 10 أبريل 1952 ، نقلا عن: أحمد عبد الرزاق السنهوري، المرجع السابق، ص ص 799

16- عبد الكريم بلعيور، المرجع نفسه، ص 187

17- عبد المجيد الشواربي، المرجع السابق، ص 38

18-  حسينة حمو، المرجع السابق، ص 82

19- قرار المحكمة العليا الصادر بتاريخ 4/12/1990 نشرة القضاة، العدد 46 ، ص 41 ، نقلا عن: حسين تونسي،  المرجع السابق، ص 71

20- حسينة حمو، المرجع السابق، ص 79

21-  عبد الكريم بلعيور، المرجع السابق، ص 186

22- لطيفة أمازوز، المرجع السابق، ص 449

23- عبد الكريم بلعيور، المرجع السابق، ص 191

24-  محمد حسين منصور، مصادر الإلتزام، العقد والإرادة المنفردة، ص 411

25- نقض 21/5/1945 طعن 121 س 41 ق. نقلا عن: أنور طلبة، انحلال العقود، الفسخ، التفاسخ، الانفساخ، ص 8

26-  لطيفة أمازوز، المرجع السابق، ص ص 451

27- حسينة حمو، المرجع السابق، ص 85

28- نبيل إسماعيل عمر، سلطة القاضي التقديرية، في المواد المدنية والتجارية، دراسة . تحليلية وتأصيلية، دار الجامعية الجديدة للنشر والتوزيع، مصر، 2002 ، ص 267

29- تقابلها المادة 127 من القانون المدني المصري

30- عبد المجيد الشواربي، المرجع السابق، ص 214

31-  نبيل إسماعيل عمر، المرجع السابق، ص 268

32-  المرجع نفسه، ص 269

33- علي علي سليمان، النظرية العامة للالتزام، مصادر الالتزام في القانون المدني الجزائري، مطبوعات الديوان الوطني للأشغال التربوية، ط 1، الجزائر، 2005 ، ص 110




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .