x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
التاريخ والحضارة
التاريخ
الحضارة
ابرز المؤرخين
اقوام وادي الرافدين
السومريون
الساميون
اقوام مجهولة
العصور الحجرية
عصر ماقبل التاريخ
العصور الحجرية في العراق
العصور القديمة في مصر
العصور القديمة في الشام
العصور القديمة في العالم
العصر الشبيه بالكتابي
العصر الحجري المعدني
العصر البابلي القديم
عصر فجر السلالات
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
الاراميون
الاشوريون
الاكديون
بابل
لكش
سلالة اور
العهود الاجنبية القديمة في العراق
الاخمينيون
المقدونيون
السلوقيون
الفرثيون
الساسانيون
احوال العرب قبل الاسلام
عرب قبل الاسلام
ايام العرب قبل الاسلام
مدن عربية قديمة
الحضر
الحميريون
الغساسنة
المعينيون
المناذرة
اليمن
بطرا والانباط
تدمر
حضرموت
سبأ
قتبان
كندة
مكة
التاريخ الاسلامي
السيرة النبوية
سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) قبل الاسلام
سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) بعد الاسلام
الخلفاء الاربعة
ابو بكر بن ابي قحافة
عمربن الخطاب
عثمان بن عفان
علي ابن ابي طالب (عليه السلام)
الامام علي (عليه السلام)
اصحاب الامام علي (عليه السلام)
الدولة الاموية
الدولة الاموية *
الدولة الاموية في الشام
معاوية بن ابي سفيان
يزيد بن معاوية
معاوية بن يزيد بن ابي سفيان
مروان بن الحكم
عبد الملك بن مروان
الوليد بن عبد الملك
سليمان بن عبد الملك
عمر بن عبد العزيز
يزيد بن عبد الملك بن مروان
هشام بن عبد الملك
الوليد بن يزيد بن عبد الملك
يزيد بن الوليد بن عبد الملك
ابراهيم بن الوليد بن عبد الملك
مروان بن محمد
الدولة الاموية في الاندلس
احوال الاندلس في الدولة الاموية
امراء الاندلس في الدولة الاموية
الدولة العباسية
الدولة العباسية *
خلفاء الدولة العباسية في المرحلة الاولى
ابو العباس السفاح
ابو جعفر المنصور
المهدي
الهادي
هارون الرشيد
الامين
المأمون
المعتصم
الواثق
المتوكل
خلفاء بني العباس المرحلة الثانية
عصر سيطرة العسكريين الترك
المنتصر بالله
المستعين بالله
المعتزبالله
المهتدي بالله
المعتمد بالله
المعتضد بالله
المكتفي بالله
المقتدر بالله
القاهر بالله
الراضي بالله
المتقي بالله
المستكفي بالله
عصر السيطرة البويهية العسكرية
المطيع لله
الطائع لله
القادر بالله
القائم بامرالله
عصر سيطرة السلاجقة
المقتدي بالله
المستظهر بالله
المسترشد بالله
الراشد بالله
المقتفي لامر الله
المستنجد بالله
المستضيء بامر الله
الناصر لدين الله
الظاهر لدين الله
المستنصر بامر الله
المستعصم بالله
تاريخ اهل البيت (الاثنى عشر) عليهم السلام
شخصيات تاريخية مهمة
تاريخ الأندلس
طرف ونوادر تاريخية
التاريخ الحديث والمعاصر
التاريخ الحديث والمعاصر للعراق
تاريخ العراق أثناء الأحتلال المغولي
تاريخ العراق اثناء الاحتلال العثماني الاول و الثاني
تاريخ الاحتلال الصفوي للعراق
تاريخ العراق اثناء الاحتلال البريطاني والحرب العالمية الاولى
العهد الملكي للعراق
الحرب العالمية الثانية وعودة الاحتلال البريطاني للعراق
قيام الجهورية العراقية
الاحتلال المغولي للبلاد العربية
الاحتلال العثماني للوطن العربي
الاحتلال البريطاني والفرنسي للبلاد العربية
الثورة الصناعية في اوربا
تاريخ الحضارة الأوربية
التاريخ الأوربي القديم و الوسيط
التاريخ الأوربي الحديث والمعاصر
احداث في خـلافة المكتفـي بالله
المؤلف: ابن الاثير
المصدر: الكامل في التاريخ
الجزء والصفحة: ج6، ص194- 207
10-10-2017
1092
أخبار القرامطة وقتل صاحب الشامة:
[سار] المكتفي إلى الرقة وارسل الجيوش إلى صاحب الشامة وتولية حرب صاحب الشامة محمد بن سليمان الكاتب فلما كانت هذه السنة أمر محمد بن سليمان بمناهضة صاحب الشامة فسار إليه في عساكر الخليفة حتى لقوه وأصحابه بمكان بينهم وبين حماة اثنا عشر ميلا لست خلون من المحرم، فقدم القرمطي أصحابه إليهم وبقي في جماعة من أصحابه معه مال كان جمعه وسواد عسكره والتحمت الحرب بين أصحاب الخليفة والقرامطة واشتدت وانهزمت القرامطة وقتلوا كل قتلة وأسر من رجالهم بشر كثير وتفرق الباقون في البوادي وتبعهم أصحاب الخليفة فلما رأى صاحب الشامة ما نزل بأصحابه حمل أخا له يكنى أبا الفضل مالا وأمره أن يلحق بالبوادي إن أن يظهر بمكان فيسير إليه وركب هو وابن عمه المسمى بالمدثر والمطوق صاحبه وغلام له رومي وأخذ دليلا وسار يريد الكوفة عرضا في البرية فانتهى إلى الدالية من أعمال الفرات وقد نفذ ما معهم من الزاد والعلف فوجه بعض أصحابه إلى الدالية المعروفة بابن طوق ليشتري لهم ما يحتاجون إليه فأنكروا رأيه فسألوه عن حاله فكتمه فرفعوه إلى متولي تلك الناحية خليفة أحمد بن محمد بن كشمرد فسأله عن خبره فأعلمه أن صاحب الشامة خلف رابية هناك مع ثلاث نفر فمضى إليهم وأخذهم وأحضرهم عند ابن كشمرد فوجه بهم إلى المكتفي بالرقة ورجعت الجيوش من الطلب بعد أن قتلوا وأسروا وكان أكثر الناس أثرا في الحرب الحسين بن حمدان وكتب محمد بن سليمان يثني عليه وعلى بني شيبان فإنهم اصطلوا الحرب وهزموا القرامطة وأكثروا القتل فيهم والأسر حتى لم ينج منهم إلا قليل.
وفي يوم الاثنين لأربع بقين من المحرم أدخل صاحب الشامة الرقة ظاهرا للناس على فالج وهو الجمل ذو السنامين وبين يديه المدثر والمطوق على جملين وسار المكتفي إلى بغداد ومعه صاحب الشامة وأصحابه وخلف العساكر مع محمد بن سليمان وأدخل القرمطي بغداد على قيل وأصحابه على الجمل ثم أمر المكتفي بحبسهم إلى أن تقدم محد بن سليمان فقدم بغداد وقد استقصى في طلب القرامطة فظفر بجماعة من أعيانهم ورؤوسهم فأمر المكتفي بقطع أيديهم وأرجلهم وضرب أعناقهم بعد ذلك وأخرجوا من الحبس وفعل بهم ذلك وضرب صاحب الشامة مائتي سوط وقطعت يداه وكوي فغشي عليه وأخذوا خشبا وجعلوا فيه نارا ووضعوه على خواصره فجعل يفتح عينه ويغمضها فلما خافوا موته ضربوا عنقه ورفعوا رأسه على خشبة فكبر الناس لذلك ونصب على الجسر، وفيها قدم رجل من بني العليص من وجوه القرامطة يسمى إسماعيل بن النعمان وكان نجا في جماعة لم ينج من رؤسائهم غيره فكاتبه المكتفي وبذل له الأمان فحضر في الأمان هو ونيف مائة وستين نفسا فأمنوا وأحسن إليهم ووصلوا بمال وصاروا إلى رحبة مالك بن طوق مع القاسم بن سيما وهي من عمله فأقاموا معه مدة ثم أرادوا الغدر بالقاسم وعزموا على أن يثبوا بالرحبة يوم الفطر عند اشتغال الناس بالصلاة وكان قد صار معهم جماعة كثيرة فعلم بذلك فقتلهم فارتدع من كان بقي من موالي بني العليص وذلوا وألزموا السماوة حتى جاءهم كتاب من الخبيث زكرويه يعلمهم أنه مما أوحي إليه أن صاحب الشامة وأخاه المعروف بالشيخ يقتلان وأن إمامه الذي هو حي يظهر بعدهما ويظفر.
ذكر عدة حوادث:
- وفيها جاءت أخبار أن حوى وما يليها جاءها سيل فغرق نحو من ثلاثين فرسخا وغرق في ذلك خلق كثير وغرقت المواشي والغلات وخربت القرى وأخرج من الغرقى ألف ومائتا نفس سوى من لم يلحق منهم.
- وفيها خلع المكتفي على محمد بن سليمان كاتب الجيش وعلى جماعة من القواد وأمرهم بالمسير إلى الشام ومصر لأخذ الأعمال من هارون بن خمارويه لما ظهر من عجزه وذهاب رجاله بقتل من قتل منهم القرمطي فسار عن بغداد في رجب وهو في عشرة آلاف رجل وجد في المسير.
- وفيها خرجت الترك في خلق كثير لا يحصون إلى ما وراء النهر وكان في عسكرهم سبعمائة قبة تركية ولا تكون إلا للرؤساء منهم فوجه إليهم إسماعيل بن أحمد جيشا كثيرا وتبعهم من المتطوعة خلق كثير فساروا نحو الترك فوصلوا إليهم وهم غارون فكبسهم المسلمون مع الصبح فقتلوا منهم خلقا عظيما لا يحصون وانهزم الباقون واستبيح عسكرهم وعاد المسلمون سالمين غانمين.
- وفيها خرج من الروم عشرة صلبان مع كل صليب عشرة آلاف إلى الثغور فقصد جماعة منهم إلى الحدث فأغروا وسبوا وأحرقوا.
- وفيها سار المعروف بغلام زرافة من طرسوس نحو بلاد الروم ففتح مدينة أنطاكية وهي تعادل القسطنطينية فتحها بالسيف عنوة فقتل خمسة آلاف رجل وأسر مثلهم واستنقذ من الأسارى خمسة آلاف وأخذ لهم ستين مركبا فحمل فيها ما غنم لهم من الأموال والمتاع والرقيق وقدر نصيب كل رجل ألف دينار وهذه المدينة على ساحل البحر # فاستبشر المسلمون بذلك.
- وحج بالناس الفضل بن عبد الملك بن عبد الله بن العباس.
- وفيها توفي القاسم بن عبد الله وزير الخليفة في ذي القعدة وكان عمره اثنتين وثلاثين سنة وسبعة أشهر واثنين وعشرين يوما ولما مات قال ابن سيار:
أمـات ليحيا فيما أن حيى *** وأفنــــى ليبقـــــى فما أن بقى
وما زال في كل يوم يرى *** إمـــارة حـــتف وشيــــك وحى
ومــا زال يسلح من دبره *** إلى أن خرى النفس فيما خرى
- وفيها مات أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن سعيد بن عبد الرحمن الماستواي الفقيه بنيسابور ومحمد بن محمد الجزوعي قاضي الموصل ببغداد.
- وفيها توفي أبو العباس أحمد بن يحيى الشيباني النحوي وكان عالما بنحو الكوفيين وكان موته ببغداد.
ثم دخلت سنة اثنتين وتسعين ومائتين
ذكر استيلاء المكتفي على الشام ومصر وانقراض ملك الطولونية:
وفي المحرم منها سار محمد بن سليمان إلى حدود مصر لحرب هارون بن خمارويه بن أحمد بن طولون وسبب ذلك أن محمد بن سليمان لما تخلف عن المكتفي وعاد عن محاربة القرامطة واستقصى محمد في طلبهم فلما بلغ ما أراد عزم على العود إلى العراق فأتاه كتاب بدر الحمامي غلام ابن طولون وكتاب فائق وهما بدمشق يدعوانه إلى قصد البلاد بالعساكر ويساعدانه على أخذها فلما عاد إلى بغداد أنهى ذلك إلى المكتفي فأمره بالعود وسير معه الجنود والأموال ووجه المكتفي دميانة غلام بازمار وأمر بركوب البحر إلى مصر ودخول النيل وقطع المواد عن مصر ففعل ذلك وضيق عليهم وزحف إليهم محمد بن سليمان في الجيوش في البر حتى دنا من مصر وكاتب من بها من القواد وكان أول من خرج إليه بدر الحمامي وكان رئيسهم فكسرهم ذلك وتتابع المستأمنة من قواد المصريين، فلما رأى ذلك هارون خرج فيمن معه لقتال محمد بن سليمان فكانت بينهم وقعات، ثم وقع بين أصحاب هارون في بعض الأيام عصبية فاقتتلوا فخرج هارون يسكنهم فرماه بعض المغاربة بمزراق معه فقتله فلما قتل قام عمه شيبان بالأمر من بعده وبذل المال للجند فأطاعوه وقاتلوا معه فأتتهم كتب بدر يدعوهم إلى الأمان فأجابوه إلى ذلك فلما علم محمد بن سليمان الخبر سار إلى مصر فأرسل إليه شيبان يطلب الأمان فأجابه فخرج إليه ليلا ولم يعلم به أحد من الجند فلما أصبحوا قصدوا داره ولم يجدوه فبقوا حيارى ولما وصل محمد مصر دخلها واستولى على دور آل طولون وأموالهم وأخذهم جميعا وهم بضعة عشر رجلا فقيدهم وحبسهم واستقصى أموالهم وكان ذلك في صفر وكتب بالفتح إلى المكتفي فأمره بإشخاص آل طولون وأسبابهم من مصر والشام إلى بغداد ولا يترك منهم أحدا ففعل ذلك وعاد إلى بغداد وولى معونة مصر عيسى النوشري، ثم ظهر بمصر إنسان يعرف بالخلنجي وهو من قوادهم وكان تخلف عن محمد بن سليمان فاستمال جماعة وخالف على وكثر جمعه وعجز النوشري عنه فسار إلى الإسكندرية ودخل إبراهيم الخلنجي مصر وكتب النوشري إلى المكتفي بالخبر فسير إليه الجنود مع فاتك مولى المعتضد وبدر الحمامي فساروا في شوال نحو مصر.
ذكر عدة حوادث:
وفيها أخذ بالبصرة رجل ذكروا أنه أراد الخروج وأخذ مع ولده وتسعة وثلاثون رجلا وحملوا إلى بغداد فكانوا يبكون ويستغيثون ويحلفون أنهم براء فأمر بهم المكتفي فحبسوا.
- وفيها أغار انذرونقس الرومي على مرعش ونواحيها فنفر أهل المصيصة وأهل طرسوس فأصيب أبو الرجال ابن أبي بكار في جماعة من المسلمين فعزل الخليفة أبا العشائر عن الثغور واستعمل عليهم رستم بن بردو.
- وفيها كان الفداء على يد رستم فكان جملة من فودي به المسلمين ألف نفس ومائتي نفس.
- وحج بالناس الفضل بن عبد الملك بن عبد الله بن عباس بن محمد.
- وفيها زادت دجلة زيادة مفرطة حتى تهدمت الدور التي على شاطئها بالعراق.
- وفيها في العشرين من أيار طلع كوكب له ذنب عظيم جدا في برج الجوزاء.
- وفيها وقع الحريق ببغداد بباب الطلق من الجانب الشرقي إلى طرق الصفارين فاحترق ألف دكان مملوءة متاعا للتجار.
- وفيها توفي أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله الكجي ويقال الكشي.
- وفيها توفي القاضي عبد الحميد بن عبد العزيز أبو حازم قاضي المعتضد بالله ببغداد وكان من أفاضل القضاة
ثم دخلت سنة ثلاث وتسعين ومائتين:
ذكر أول إمارة بني حمدان بالموصل وما فعلوه بالأكراد:
في هذه السنة ولى المكتفي بالله الموصل وأعمالها أبا الهيجاء عبد الله بن حمدان بن حمدون التغلبي العدوي فسار إليها فقدمها أول المحرم فأقام بها يومه وخرج من الغد لعرض الرجال الذي قدموا معه والذين بالموصل فأتاه الصريخ من نينوى بأن الأكراد الهذبانية ومقدمهم محمد بن بلال قد أغاروا على البلد وغنموا كثيرا منه فسار من وقته وعبر الجسر إلى الجانب الشرقي فلحق الأكراد بالمعروبة على الخازر فقاتلوه فقتل رجل من أصحابه اسمه سيما الحمداني فعاد عنهم وكتب إلى الخليفة يستدعي النجدة فأتته النجدة بعد شهور كثيرة وقد انقضت سنة ثلاث وتسعين ودخلت سنة أربع وتسعين ففي ربيع الأول منها سار فيمن معه إلى الهذبانية وكانوا قد اجتمعوا في خمسة آلاف بيت فلما رأوا جده في طلبهم ساروا إلى البابة التي في جبل السلق وهو مضيق في جبل عال مشرف على شهر زور فامتنعوا وغار مقدمهم محمد بن بلال وقرب من ابن حمدان وراسله في أن يطيعه ويحضر هو وأولاده ويجعلهم عنده يكونون رهنية ويتركون الفساد فقبل ابن حمدان ذلك فرجع محمد ليأتي بمن ذكر فحث أصحابه على المسير نحو آذربيجان وإنما أراد في الذي فعله مع ابن حمدان أن يترك الجد في الطلب ليأخذ أصحابه أهبتهم ويسيرون آمنين فلما تأخر عود محمد عن ابن حمدان علم مراده فجرد معه جماعة من جملتهم إخوته سليمان وداود وسعيد وغيرهم ممن يثق به وبشجاعته وأمر النجدة التي جاءته من الخليفة أن يسيروا معه فتثبطوا فتركهم وسار يقفو أثرهم وقد تعلقوا بالجبل المعروف بالقنديل فقتل منهم جماعة وصعدوا ذروة الجبل وانصرف ابن حمدان عنهم ولحق الأكراد بأذربيجان وأنهى ابن حمدان كان من حالهم إلى الخليفة والوزير فأنجدوه بجماعة صالحة وعاد إلى الموصل فجمع رجاله وسار إلى جبل السلق وفيه محمد بن بلال ومعه الأكراد فدخله ابن حمدان والجواسيس بين يديه خوفا من كمين يكون فيه وتقدم من بين يدي أصحابه وهو يتبعونه فلم يتخلف منهم أحد وجاوزوا الجبل وقاربوا الأكراد وسقط عليهم الثلج واشتد البرد وقلت الميرة والعلف عندهم وأقام على ذلك عشرة أيام وبلغ الحمل التبن ثلاثين درهما ثم عدم عندهم وهو صابر فلما رأى الأكراد صبرهم وأنهم لا حيلة لهم في دفعهم لجأ محمد بن بلال وأولاده ومن لحق به واستولى ابن حمدان على بيوتهم وسوادهم وأهلهم وأموالهم وطلبوا الأمان فأمنهم وأبقى عليهم وردهم إلى بلد حرة ورد عليهم أموالهم وأهليهم ولم يقتل منهم غير رجل واحد وهو الذي قتل صاحبه سيما الحمداني وأمنت البلاد معه وأحسن السيرة في أهلها ثم أن محمد بن بلال طلب الأمان من ابن حمدان فأمنه وحضر عنده وأقام بالموصل وتتابع الأكراد الحميدية وأهل جبل داسن إليه بالأمان فأمنت البلاد واستقامت.
ذكر الظفر بالخلنجي:
في هذه السنة في صفر وصل عسكر المكتفي إلى نواحي مصر وتقدم أحمد ابن كيغلغ في جماعة من القواد فلقيهم الخلنجي بالقرب من العريش فهزمهم أقبح هزيمة فندب جماعة من القواد إليهم ببغداد وفيهم إبراهيم بن كيغلغ فخرجوا في ربيع الأول وساروا نحو مصر واتصلت الأخبار بقوة الخلنجي فبرز المكتفي إلى باب الشماسية ليسير إلى مصر في رجب فوصل إليه كتاب فاتك في شعبان يذكر أنه والقواد رجعوا إلى الخلنجي وكانت بينهم حروب كثيرة قتل بينهم فيها خلق كثير، فإن آخر حرب كانت بينهم قتل فيها معظم أصحاب الخلنجي وانهزم الباقون وظفروا بهم وغنموا عسكرهم وهرب الخلنجي فدخل فسطاط مصر فأستتر بها عند رجل من أهل البلد فدخلنا المدينة فدلونا عليه فأخذناه ومن استتر عنده وهم في الحبس فكتب المكتفي إلى فاتك في حمل الخلنجي ومن معه إلى بغداد ، وعاد المكتفي فدخل بغداد وأمر برد خزائنه وكانت قد بلغت تكريت فوجه فاتك الخلنجي إلى بغداد فدخلها هو ومن معه في شهر رمضان فأمر المكتفي بحبسهم .
ذكر أمر القرامطة:
فيها أنفذ زكرويه بن مهرويه بعد قتل صاحب الشامة رجلا كان يعلم الصبيان بالزابوقة من الفلوجة يسمى عبد الله بن سعيد ويكنى أبا غانم فسمى نصرا وقيل كان المنفذ ابن زكرويه فدار على أحياء العرب من كلب وغيرهم يدعوهم إلى رأيه فلم يقبله منهم أحد الأرجل من بني زياد يسمى مقدام بن الكيال واستغوى طائفة من الاصبغيين المنتمين إلى الفواطم وغيرهم من العليصيين وصعاليك من سائر بطون كلب وقصد ناحية الشام والعامل بدمشق والأردن أحمد بن كيغلغ وهو بمصر يحارب الخلنجي فاغتنم ذلك عبد الله بن سعيد وسار إلى بصرى واذرعات والبثنية فحارب أهلها ثم أمنهم فلما استسلموا إليه قتل مقاتلهم وسبى ذراريهم وأخذ أموالهم ثم قصد دمشق فخرج إليهم نائب ابن كيغلغ وهو صالح بن الفضل فهزمه القرامطة واثخنوا فيهم ثم أمنوهم وغدروهم بالأمان وقتلوا صالحا وفضوا عسكره وساروا إلى دمشق فمنعهم أهلها فقصدوا طبرية وانضاف إليه جماعة من جند دمشق افتتنوا به فواقعهم يوسف بن إبراهيم بن بغامردي وهو خليفة أحمد بن كيغلغ بالأردن فهزموه وبذلوا له الأمان وغدروا به وقتلوه ونهبوا طبرية وقتلوا خلقا كثيرا من أهلها وسبوا النساء فأنفذ الخليفة الحسين بن حمدان وجماعة من القواد في طلبهم فورد دمشق فلما علم بهم القرامطة رجعوا نحو السماوة وتبعهم الحسين في السماوة وهم ينتقلون في المياه ويغورونها حتى لجؤوا إلى ماءين يعرف أحدهما بالدمعانة والآخر بالحبالة وانقطع ابن حمدون عنهم لعدم الماء وعاد إلى الرحبة واسرى القرامطة مع نصر إلى هيت وأهلها غافلون فنهبوا ربضها وامتنع أهل المدينة بسورهم ونهبوا السفن وقتلوا من أهل المدينة مائتي نفس ونهبوا الأموال والمتاع وأوقروا ثلاثة آلاف راحلة من الحنطة وبلغ الخبر إلى المكتفي فسير محمد بن إسحاق بن كنداج فلم يقيموا لمحمد ورجعوا إلى الماءين فنهض محمد خلفهم فوجدهم قد غوروا المياه فأنفذ إليه من بغداد الازواد والدواب وكتب إلى ابن حمدان بالمسير إليهم من جهة الرحبة ليجتمع هو ومحمد على الإيقاع بهم ففعل ذلك فلما أحس الكلبيون بإقبال الجيش إليهم وثبوا بنصر فقتلوه قتله رجل منهم يقال له الذئب بن القائم وسار برأسه إلى المكتفي متقربا بذلك مستأمنا فأجيب إلى ذلك وأجيز بجائزة سنية وأمر بالكف عن قومه واقتتلت القرامطة بعد نصر حتى صارت بينهم الدماء وسارت فرقة كرهت أمورهم إلى بني أسد بنواحي عين التمر واعتذروا إلى الخليفة فقبل عذرهم وبقي على الماءين بقيتهم ممن له بصيرة في دينه فكتب الخليفة إلى ابن حمدان يأمره بمعاودتهم واجتثاث أصلهم فأرسل إليهم زكرويه بن مهرويه داعية له يسمى القاسم بن أحمد ويعرف بأبي محمد وأعلمهم إن فعل الذئب قد نفره منهم وأنهم قد ارتدوا عن الدين وأن وقت ظهورهم قد حضر وقد بايع له من أهل الكوفة أربعون ألفا وأن يوم موعدهم الذي ذكره الله في شأن موسى صلى الله عليه وسلم وعدوه فرعون إذ يقول {قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى} [طه: 59] ويأمرهم أن يخفوا أمرهم وأن يسيروا حتى يصبحوا الكوفة يوم النحر سنة ثلاث وتسعين ومائتين فأنهم لا يمنعون منها وأنه يظهر لهم وينجز لهم وعده الذي يعدهم إياه وأن يحملوا إليه القاسم بن أحمد فامتثلوا رأيه ووافوا باب الكوفة وقد انصرف الناس عن مصلاهم وعاملهم إسحاق بن عمران ووصلوا في ثمانمائة فارس عليهم الدروع والجواشن والآلات الحسنة وقد ضربوا على القاسم بن أحمد قبة وقالوا هذا أثر رسول الله ودعوا يا لثارات الحسين يعنون الحسين بن زكرويه المصلوب ببغداد وشعارهم يا أحمد يا محمد يعنون ابني زكرويه المقتولين فأظهروا الأعلام البيض وأرادوا استمالة رعاع الناس بالكوفة بذلك فلم يمل إليهم أحد فأوقع القرامطة بمن لحقوه من أهل الكوفة وقتلوا نحوا من عشرين نفسا وبادر الناس الكوفة وأخذوا السلاح ونهض بهم إسحاق ودخل مدينة الكوفة من القرامطة مائة فارس فقتل منهم عشرين نفسا وأخرجوا عنها وظهر إسحاق وحاربهم إلى العصر ثم انصرفوا نحو القادسية وكان فيمن يقاتلهم مع إسحاق جماعة من الطالبية وكتب إسحاق إلى الخليفة يستمده فأمده بجماعة من قواده منهم وصيف بن صوارتكين التركي والفضل بن موسى بن بغا وبشر الخادم الأفشيني ورائق الخزري مولى أمير المؤمنين وغيرهم من الغلمان الحجرية فساروا منتصف ذي الحجة حتى قاربوا القادسية فنزلوا بالصوان فلقيهم زكرويه وأما القرامطة فإنهم أنفذوا واستخرجوا زكرويه من جب في الأرض كان منقطعا فيه سنين كثيرة بقرية الدرية وكان على الجب باب حديد محكم العمل وكان زكرويه إذا خاف الطلب جعل تنورا هنالك على باب الجب وقامت امرأة تسجره فلا يفطن إليه وكان ربما أخفي في بيت خلف باب الدار التي كان بها ساكنا فإذا انفتح باب الدار انطبق على باب البيت فيدخل الداخل الدار فلا يرى شيئا فلما استخرجوه حملوه على أيديهم وسموه ولي الله ولما رأوه سجدوا له وحضر معه جماعة من دعاته وخاصته وأعلمهم أن القاسم بن أحمد من أعظم الناس عليهم ذمة ومنة وأنه ردهم إلى الدين بعد خروجهم عنه وإنهم إن امتثلوا أوامره أنجز موعدهم وبلغوا آمالهم ورمز لهم رموزا ذكر فيها آيات من القرآن نقلها عن الوجه الذي أنزلت فيه فاعترف له من رسخ حب الكفر في قلبه أنه رئيسهم وكهفهم وأيقنوا بالنصر وبلوغ الأمل وسار بهم وهو محجوب منهم يدعونه السيد ولا يبرزونه والقاسم يتولى الأمور وأعلمهم أن أهل السواد قاطبة خارجون إليه فأقام بسقي الفرات عدة أيام فلم يصل إليه منهم إلا خمسمائة رجل ثم وافته الجنود المذكورة من عند الخليفة فلقيهم زكرويه بالصوان وقاتلهم واشتدت الحرب بينهم وكانت الهزيمة أول النهار على القرامطة وكان زكرويه قد كمن لهم كمينا من خلفهم فلم يشعر أصحاب الخليفة إلا والسيف فيهم من ورائهم فانهزموا أقبح هزيمة ووضع القرامطة السيف فيهم فقتلوهم كيف شاؤوا وغنموا سوادهم ولم يسلم من أصحاب الخليفة إلا من دابته قوية أو من أثخن بالجراح فوضع نفسه بين القتلى فتحاملوا بعد ذلك وأخذ للخليفة في هذا العسكر أكثر من ثلاثمائة جمازة عليها المال والسلاح وخمسمائة بغل وقتل من أصحاب الخليفة سوى الغلمان ألف وخمسمائة رجل وقوي القرامطة بما غنموا ولما ورد خبر هذه الوقعة إلى بغداد أعظمها الخليفة والناس وندب إلى القرامطة محمد بن إسحاق بن كنداج وضم إليه من الأعراب بني شيبان وغيرهم وأكثر من ألفي رجل وأعطاهم الأرزاق ورحل زكرويه من مكانه إلى نهر المثنية لنتن القتلى .
ذكر عدة حوادث:
وفيها في ربيع الآخر قدم إلى بغداد قائد من أصحاب طاهر بن محمد بن عمرو بن الليث مستأمنا يعرف بأبي قابوس، وسبب ذلك أن طاهرا تشاغل باللهو والصيد ومضى إلى سجستان للصيد والتنزه فغلب على الأمر بفارس الليث بن علي بن الليث وسبكري مولى عمرو بن الليث فوقع بينهما وبين هذا القائد تباعد ففارقهم ووصل إلى بغداد فخلع عليه الخليفة وأحسن إليه فكتب طاهر بن محمد يسأل رد أبي قابوس ويذكر أنه جبى المال وأخذه ويقول له إما أن ترد إليه أو تحتسب له بما ذهب معه من المال من جملة القرار الذي عليه فلم يجبه الخليفة إلى ذلك.
وفيها صارت الداعية التي للقرمطة باليمن إلى مدينة صنعاء فحاربه أهلها فظفر بهم وقتلهم فلم يفلت إلا اليسير وتغلب على سائر مدن اليمن ثم اجتمع أهل صنعاء وغيرها فحاربوا الداعية فهزموه فانحاز إلى موضع من نواحي اليمن وبلغ الخبر الخليفة فخلع على المظفر بن حاج في شوال وسيره إلى عمله باليمن وأقام بها إلى أن مات.
وفيها أغارت الروم على قورس من أعمال حلب فقاتلهم أهلها قتالا شديدا ثم انهزموا وقتلوا أكثرهم وقتلوا رؤساء بني تميم ودخل الروم قورس فأحرقوا جامعها وساقوا من بقي من أهلها.
وفيها افتتح إسماعيل بن أحمد الساماني ملك ما وراء النهر مواضع من بلاد الترك ومن بلاد الديلم # وحج بالناس محمد بن عبد الملك الهاشمي.
وفيها توفي نصر بن أحمد الحافظ في رمضان وأبو العباس عبد الله بن محمد الشاشي الشاعر الكاتب الأنباري.