1

x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية والجنسية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : الحياة الاسرية : مقبلون على الزواج :

انتخاب الأفضل

المؤلف:  د. رضا باك نجاد

المصدر:  الواجبات الزوجية للمرأة في الاسلام

الجزء والصفحة:  ص230ـ235

28-9-2017

2265

لو التفتت المرأة الى مسألة معيّنة لعاملت زوجها بنقاء ومودة ، وتلك المسألة هي ان الشاب يمضي مدة من عمره في بالبحث عن الفتاة المناسبة للزواج ويظل يبحث هنا وهناك الى ان يقع خياره على واحدة من الفتيات الكثيرات اللائي قد يعرضن له في حياته. بل وكثيرا ما يرفضون طلبات من فتيات أخريات بالزواج منهن، ويفهم من هذا أن الرجل رأى عدة انواع من الجمال والمواصفات الأخرى ولكنه يبحث عن شيء آخر لم يجده إلا في هذه المرأة. وهنا يجب على المرأة ان تسأل نفسها ما هو الشيء الذي طلبه الرجل فيها ويجب عليها حاليا ان تؤديه له؟ وهذه المسألة قد تكون مصدرا للاختلاف وسوء التفاهم؛ وذلك لأن المرأة قد تقول بأنها هي أيضا رفضت طلبات الكثير من الخاطبين الى ان رضيت بأحدهم، وإنها ترجو من زوجها مثلما يرجوه منها. في حين انها مخطئة في تصورها هذا.

من جملة الفوارق بين الإنسان والحيوان هو ان ذكور الحيوانات أجمل من إناثها. ولذلك فإن الأنثى هي التي تختار الذكر الذي تريد. وإذا لم يكن هناك اختلاف بين الذكر والأنثى فلا تفاوت في الاختيار. بينما القضية تختلف بالنسبة للإنسان، إذ أن المرأة أجمل من الرجل، والرجل هو الذي يطلب يد المرأة. وهذا التقليد موجود لدى جميع الأمم والشعوب بجميع أديانهم وألوانهم.

وبناءً على ما مر ذكره لا يمكن القول بأن اختيار الشاب للفتاة جاء مجرد صدفة وبلا اي تدقيق واختيار. وإنما هو خيار وانتخاب للأفضل. كما وان للدين موقفه ازاء هذه المسألة وهو ان الرجل يجب ان لا يتعلق بحلاوة لسان المرأة بدون معرفة ما في قلبها. وإنما يجب ان يختار الفتاة المتدينة على ان تكون في الحد المتعارف من الجمال، بحيث يمكن ان يكون الدين كرادع امام الانحرافات المحتملة. وقلتُ إن الجمال يجب ان يكون في الحد المتعارف لأن الزوج والزوجة يشعران بعد مدة من الزواج بأن الجمال له أهمية من الدرجة الثانية في الحياة. بل وأن الكثير من الجمال الباهر يحول المرأة الى دمية فارغة من فن إدارة شؤون البيت ومدارة الزوج، بسبب ما أحيط به من اهتمام وبسبب مثالية أحلام المرأة الجميلة وآمالها المستقبلية. وما أكثر الجمال الذي يوقع الرجل في قيود العبودية الذليلة بدل ان يكون زوجاً كريماً.

... وعلى كل الأحوال ان الأم الراغبة في زواج ابنتها قد يأتيها طالبون كثيرون يرغبون في  الزواج من ابنتها، ويجب عليها ان لا ترفض طلب الخطيب المتدين. وعليها ان تحذر من الشاب الذي وعد عدّة فتيات بالزواج ونكث؛ لان مثل هذا الزواج حتى لو تم فلن تُكتب له السعاد وستذهب الفتاة في كل يوم غضبانة الى بيت والدتها...

ينبغي للشاب والشابة ان يعلما بأن الزواج يجب ان لا يكون مدعاة لتحررهما من جميع القيود، بل يجب ان يحترم كل واحد منهما الآخر وخاصة أمام الآخرين. وهذه المسألة يجب ان تراعى بشدة في بداية الزواج . وعلى الزوج والزوجة ان يعامل احدهما الآخر كصديق. وبعد ذلك كلما تقدم بهما السن يتعلمان تلقائيا كيف يجب ان يعامل كل واحد منهما الآخر. وإذا حصل بينهما سوء تفاهم فأغلب ما يعزى ذلك الى عدم التعقل وعدم تصديق كل واحد منهما بأنه يعيش ضمن حياة مشتركة بل لأن كل واحد منهما يتصور بأنه يعيش بمفرده، فيتصل في رأيه، فينشأ على أثر ذلك سوء التفاهم. وعدم التعقل هذا غالبا ما يطغى عليهما كليهما، وإلا فلو كان أحدهما عاقلا

لكان ذلك كفيلا بحل المسألة عن طرق التغافل.

كان الجاحظ أديبا وفيلسوفا وقد نقل في احد كتبه حديثا عن الإمام الباقر (عليه السلام) قال فيه: (صلاح الدنيا بحذافيرها في كلمتين: إصلاح شأن المعاش ملء مكيال ثلثاه فطنة وثلثه تغافل)(1). والذي يملك الثلثين الأولين يمكنه استخدام الثلث الأخير. وهذا هو الرأي الذي يؤكده علماء النفس، ولكنهم يشيرون الى التغافل فقط فيقولون: إن قبول طباع أي شخص أسهل من رفضها. وكل من لا يستطيع نكران طباعه الذاتية، وحتى ما يتعلق منها باللذة، لا يمكنه التأثير في الآخرين من خلال التظاهر وحده. ولا شك في أن للأب والأم دورا مهما وكبيرا. ونحن إذا أدركنا هذه الحقيقة ندرك أهمية دور الدين في موضوع الزواج.

إذا تأملنا في معنى هذا الحديث الشريف ندرك مدى عظمته وذلك لانه يعطي زمام القيادة للحب ويجعل له الهيمنة على العقل، وعلى اعتبار ان التغافل ما هو إلا نوع من تفكير الحبيب والمحبوب ببعضهما الآخر. بل ويمكن اعتبار ترك هذه الخصلة هي السبب الأساسي في تعاسة بعض الأزواج والزوجات الأثرياء، والتمسك بها هو السبب الكامن وراء سعادة بعض الأسر الفلاحية الفقيرة. ونفهم من ذلك أن الإمام (عليه السلام) لخص معنى الحياة في هذه العبارة الوجيزة من أجل تقريب قلوب الأفراد نحو بعضهم الآخر. وهذا العمل يعد بحذ ذاته بمثابة تكريم للإنسان. ويمكن اعتبار التغافل كنوع من العزم على الامتثال للأوامر الإلهية المستخلصة من مفاد الآية الكريمة: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ}[آل عمران:134].

... إن وصف القرآن الكريم للرجل بأنه لباس المرأة، والمرأة كلباس له يصدق في جميع الأحوال حتى على الفتى والفتاة. فليس هناك من فتاة او فتى يجب ان يرتدي لباسا زاهيا ثم يضطر الى خلعه بعد حين بمجرد ان يلاحظ بأنه فقد لونه وبريقه. وإنما الذي يختار لباسا يختاره عادة كلباس متين وثمين وموافقا لحجمه، وإذا كان أحد اقسامه غير مناسب فإن جميع أقسامه تفقد مزاياها. وفي ضوء هذه الرؤية يجب على المرأة والرجل ان ينظرا بعين الاهتمام الى كل مطالب ذي عنوان عريض في الحياة ويستهدف توفير حياة أفضل للإنسان. ولكن ما هو المطلب الذي يتخذ عنوانا عريضا في الحياة؟ نستطيع القول بكل جرأة بأنه ما أشارت به الأحاديث الشريفة والقرآن الكريم.

إنني أفكر بموضوع التزاوج العقلي بين الرجل والمرأة قبل التفكير بموضوع التزاوج البدني. أي إن التقاء الجسدين يكفي لنيل اللذة الحيوانية. ولكن كل ما يمكن ان يقترن بينهما باستثناء الجسدين، يمكن أن يعطي لزواجهما بعدا إنسانيا ويجعل بنيهما حياة مشتركة بل ويجعل منهما كيانا واحدا. أما إذا كان زواجهما مجرد اقتان جسدين واصبحت العين واللسان والأذن والقلب تبعا له لا يرتجى منه أن يكون منطلقاً للحب؛ لا حب الأسرة ولا حب الناس ولا حب الله. والمرأة والرجل اللذان لا يعرفان كيفية التعامل بينهما بحيث يمكن اعتبار كلامهما وسلوكهما منبثقا من عقلهما.                                                          وانطلاقا من هذه الرؤية فإنني كتبتُ هذا الكتاب الذي يعالج موضع الزواج ليس من أجل التزاوج الجسدي ولكن من اجل ذلك الزواج الإلهي الذي يوجب المودة والرحمة، ويصدق عليه قول رسول الله (صلى الله عليه واله): (لا يحل لامرأة ان تام حتى تعرض نفسها على زوجها؛ تخلع ثيابها وتدخل معه في لحافه فتلزق جلدها بجلده. فإذا فعلت ذلك فقد عرضت)(2). وإذا نامت وزوجها عليها ساخط لا تقبل لها صلاة، وهذا ما صرح به الإمام الصادق (عليه السلام) بقوله: (أيّما امرأة باتت وزوجها عليها ساخط في حق لم تتقبل منها صلاة حتى يرضى عنها)(3). وفي ازاء ذلك كله فإن للمرأة أجرا عظيما لقاء خدمتها زوجها ، إذ ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: (ما من امرأة تسقي زوجها شربة من ماء إلا كان خيرا لها من عبادة سنة صيام نهارها وقيام ليلها)(4).

_____________

1ـ مستدرك الوسائل ،ج9، ص38.

2ـ وسائل الشيعة، كتاب النكاح، الباب91.

3ـ المصدر السابق الباب 80.

4ـ المصدر السابق الباب 89.