1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

التاريخ والحضارة

التاريخ

الحضارة

ابرز المؤرخين

اقوام وادي الرافدين

السومريون

الساميون

اقوام مجهولة

العصور الحجرية

عصر ماقبل التاريخ

العصور الحجرية في العراق

العصور القديمة في مصر

العصور القديمة في الشام

العصور القديمة في العالم

العصر الشبيه بالكتابي

العصر الحجري المعدني

العصر البابلي القديم

عصر فجر السلالات

الامبراطوريات والدول القديمة في العراق

الاراميون

الاشوريون

الاكديون

بابل

لكش

سلالة اور

العهود الاجنبية القديمة في العراق

الاخمينيون

المقدونيون

السلوقيون

الفرثيون

الساسانيون

احوال العرب قبل الاسلام

عرب قبل الاسلام

ايام العرب قبل الاسلام

مدن عربية قديمة

الحضر

الحميريون

الغساسنة

المعينيون

المناذرة

اليمن

بطرا والانباط

تدمر

حضرموت

سبأ

قتبان

كندة

مكة

التاريخ الاسلامي

السيرة النبوية

سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) قبل الاسلام

سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) بعد الاسلام

الخلفاء الاربعة

ابو بكر بن ابي قحافة

عمربن الخطاب

عثمان بن عفان

علي ابن ابي طالب (عليه السلام)

الامام علي (عليه السلام)

اصحاب الامام علي (عليه السلام)

الدولة الاموية

الدولة الاموية *

الدولة الاموية في الشام

معاوية بن ابي سفيان

يزيد بن معاوية

معاوية بن يزيد بن ابي سفيان

مروان بن الحكم

عبد الملك بن مروان

الوليد بن عبد الملك

سليمان بن عبد الملك

عمر بن عبد العزيز

يزيد بن عبد الملك بن مروان

هشام بن عبد الملك

الوليد بن يزيد بن عبد الملك

يزيد بن الوليد بن عبد الملك

ابراهيم بن الوليد بن عبد الملك

مروان بن محمد

الدولة الاموية في الاندلس

احوال الاندلس في الدولة الاموية

امراء الاندلس في الدولة الاموية

الدولة العباسية

الدولة العباسية *

خلفاء الدولة العباسية في المرحلة الاولى

ابو العباس السفاح

ابو جعفر المنصور

المهدي

الهادي

هارون الرشيد

الامين

المأمون

المعتصم

الواثق

المتوكل

خلفاء بني العباس المرحلة الثانية

عصر سيطرة العسكريين الترك

المنتصر بالله

المستعين بالله

المعتزبالله

المهتدي بالله

المعتمد بالله

المعتضد بالله

المكتفي بالله

المقتدر بالله

القاهر بالله

الراضي بالله

المتقي بالله

المستكفي بالله

عصر السيطرة البويهية العسكرية

المطيع لله

الطائع لله

القادر بالله

القائم بامرالله

عصر سيطرة السلاجقة

المقتدي بالله

المستظهر بالله

المسترشد بالله

الراشد بالله

المقتفي لامر الله

المستنجد بالله

المستضيء بامر الله

الناصر لدين الله

الظاهر لدين الله

المستنصر بامر الله

المستعصم بالله

تاريخ اهل البيت (الاثنى عشر) عليهم السلام

شخصيات تاريخية مهمة

تاريخ الأندلس

طرف ونوادر تاريخية

التاريخ الحديث والمعاصر

التاريخ الحديث والمعاصر للعراق

تاريخ العراق أثناء الأحتلال المغولي

تاريخ العراق اثناء الاحتلال العثماني الاول و الثاني

تاريخ الاحتلال الصفوي للعراق

تاريخ العراق اثناء الاحتلال البريطاني والحرب العالمية الاولى

العهد الملكي للعراق

الحرب العالمية الثانية وعودة الاحتلال البريطاني للعراق

قيام الجهورية العراقية

الاحتلال المغولي للبلاد العربية

الاحتلال العثماني للوطن العربي

الاحتلال البريطاني والفرنسي للبلاد العربية

الثورة الصناعية في اوربا

تاريخ الحضارة الأوربية

التاريخ الأوربي القديم و الوسيط

التاريخ الأوربي الحديث والمعاصر

التاريخ : التاريخ الاسلامي : الدولة الاموية : الدولة الاموية في الشام : عبد الملك بن مروان :

حركة التوابين

المؤلف:  ابن الاثير

المصدر:  الكامل في التاريخ

الجزء والصفحة:  ج3، ص608- 619

24-5-2017

1192

ذكر مسير التوابين وقتلهم :

لما أراد سليمان بن صرد الخزاعي الشخوص سنة خمس وستين بعث إلى رؤوس أصحابه فأتوه فلما أهل ربيع الآخر خرج في وجوه أصحابه وكانوا تواعدوا للخروج تلك الليلة فلما أتى النخيلة دار في الناس فلم يعحبه عددهم فأرسل حكيم من منقذ الكندي والوليد بن عصير الكناني فناديا في الكوفة يا لثارات الحسين فكانا أول خلق الله دعا يا لثارات الحسين فأصبح من الغد وقد أتاه نحو مما في عسكره ثم نظر في ديوانه فوجدهم ستة عشر ألفا ممن بايعه فقال سبحان الله ما وافانا من ستة عشر ألفا إلا أربعة آلاف فقيل له إن المختار يثبط الناس عنك إنه قد تبعه ألفان فقال قد بقي عشرة آلاف أما هؤلاء بمؤمنين أما يذكرون الله والعهود والمواثيق فأقام بالنخيلة ثلاثا يبعث إلى من تخلف عنه فخرج إليه نحو من ألف رجل فقام إليه المسيب بن نجبة فقال رحمك الله انه لا ينفعك الكاره ولا يقاتل معك إلا من أخرجته النية فلا تنتظر أحدا وجد في أمرك قال نعم ما رأيت ثم قام سليمان في أصحابه فقال:

( أيها الناس من كان خرج يريد بخروجه وجه الله والآخرة فذلك منا ونحن منه فرحمة الله عليه حيا وميتا ومن كان إنما يريد الدنيا فوالله ما يأتي فيء نأخذه وغنيمة نغنمها ما خلا رضوان الله وما معنا من ذهب ولا فضة ولا متاع ما هو إلا سيوفنا على عواتقنا وزاد قدر البلغة فمن كان ينوي هذا فلا يصحبنا) فتنادى أصحابه من كل جانب إنا لا نطلب الدنيا وليس لها خرجنا إنما خرجنا نطلب التوبة والطلب بدم ابن بنت رسول الله نبينا فلما عزم سليمان على المسير قال له عبد الله بن سعد بن نفيل إني قد رأيت رأيا إن يكن صوابا فالله الموفق وإن يكن ليس صوابا فمن قبلي إنا خرجنا نطلب بدم الحسين وقتلته كلهم بالكوفة منهم عمر بن سعد ورؤوس الأرباع والقبائل فأين نذهب من هنا وندع الأوتار فقال أصحابه كلهم هذا هو الرأي.

 فقال سليمان: (لكن أنا لا أرى ذلك إن الذي قتله وعبى الجنود إليه وقال لا أمان له عندي دون أن يستسلم فأمضي فيه حكمي هذا الفاسق ابن الفاسق عبيد الله بن زياد فسيروا إليه على بركة الله فإن يظهركم الله عليه رجونا أن يكون من بعده أهون علينا منه ورجونا أن يدين لكم أهل مصركم في عافية فينظرون إلى كل من شرك في دم الحسين فيقتلونه ولا يغشون وإن تستشهدوا فإنما قاتلتم المحلين وما عند الله خير للأبرار إني لا أحب أن تجعلوا جدكم بغير المحلين ولو قاتلتم أهل مصركم ما عدم رجل أن يرى رجلا قد قتل أخاه وأباه وحميمه ورجلا يريد قتله فاستخيروا الله وسيروا). وبلغ عبد الله بن يزيد وابراهيم بن محمد بن طلحة خروج ابن صرد فأتياه في أشراف أهل الكوفة ولم يصحبهم من شرك في دم الحسين خوفا منه وكان عمر بن سعد تلك الأيام يبيت في قصر الإمارة خوفا منهم فلما أتياه قال عبد الله بن يزيد إن المسلم أخو المسلم لا يخونه ولا يغشه وأنتم إخواننا وأهل بلدنا وأحب أهل مصر خلقه الله إلينا فلا تفجعونا بأنفسكم ولا تنقصوا عددنا بخروجكم من جماعتنا أقيموا معنا حتى نتهيأ فإذا سار عدونا إلينا خرجنا إليه بجماعتنا فقاتلناه وجعل لسليمان وأصحابه خراج جوخى إن أقاموا وقال ابراهيم بن محمد مثله فقال سليمان لهما قد محضتما النصيحة واجتهدتما في المشورة فنحن بالله وله نسأل الله العزيمة على الرشد ولا نرانا إلا سائرين فقال عبد الله فأقيموا حتى نعبى معكم جريدا كثيفا فتلقوا عدوكم بجمع كثيف وكان قد بلغهم إقبال عبيد الله بن زياد من الشام في جنود كثيرة فلم يقم سليمان فسار عشية الجمعة لخمس مضين من ربيع الآخر سنة خمس وستين فوصل دار الأهواز وقد تخلف عنه ناس كثير فقال ما أحب أن تتخلفوا ولو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا إن الله كره انبعاثهم فثبطهم واختصكم بفضل ذلك. ثم سارو فانتهوا إلى قبر الحسين فلما وصلوا صاحوا صيحة واحدة فما رئي أكثر باكيا من ذلك اليوم فترحموا عليه وتابوا عنده من خذلانه وترك القتال معه وأقاموا عنده يوما وليلة يبكون ويتضرعون ويترحمون عليه وعلى أصحابه وكان من قولهم عند ضريحه اللهم ارحم حسينا الشهيد ابن الشهيد المهدي ابن المهدي الصديق ابن الصديق اللهم إنا نشهدك أنا على دينهم وسبيلهم وأعداء قاتليهم وأولياء محبيهم اللهم إنا خذلنا ابن بنت نبيننا فاغفر لنا ما مضى منا وتب علينا فارحم حسينا وأصحابه الشهداء الصديقين وإنا نشهدك أنا على دينهم وعلى ما قتلوا عليه وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين وزادهم النظر إليه حنقا ثم ساروا بعد أن كان الرجل يعود إلى ضريحه كالمودع له فازدحم الناس عليه أكثر من ازدحامهم على الحجر الأسود ثم ساروا على الأنبار وكتب إليهم عبد الله بن يزيد كتابا منه: ( يا قومنا لا تطيعوا عدوكم أنتم في أهل بلادكم خيار كلكم ومتى يصبكم عدوكم يعلموا أنكم أعلام مصركم فيطمعهم ذلك فيمن وراءكم يا قومنا إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم ولن تفلحو إذا أبدا يا قوم إن أيدينا وأيديكم واحدة وعدونا وعدوكم واحد ومتى تجتمع كلمتنا على عدونا نظهر على عدونا ومتى تختلف تهن شوكتنا على من خالفنا يا قومنا لا تستغشوا نصحي ولا تخالفوا أمري وأقبلوا حين يقرأ كتابي عليكم والسلام). فقال سليمان وأصحابه فقد أتانا هذا ونحن في مصرنا فحين وطأنا أنفسنا على الجهاد ودنونا من أرض عدونا ما هذا برأي فكتب إليه سليمان يشكره ويثني عليه ويقول إن القوم قد استبشروا ببيعهم أنفسهم من ربهم وإنهم قد تابوا من عظيم ذنبهم وتوجهوا إلى الله وتوكلو عليه ورضوا بما قضى الله عليهم فلما جاء الكتاب إلى عبد الله قال استمات القوم أول خير يأتيكم عنهم قتلهم والله ليقتلن كراما مسلمين ثم ساروا حتى انتهوا إلى قرقيسيا على تعبية وبها زفر بن الحرث الكلابي قد تحصن بها منهم ولم يخرج إليهم فأرسل إليه المسيب بن نجبة يطلب إليه أن يخرج إليه سوقا فأتى المسيب إلى باب قرقيسيا فعرفهم نفسه وطلب الإذن على زفر فأتى هذيل بن زفر أباه فقال هذا رجل حسن الهيئة اسمه المسيب بن نجبة يستأذن عليك فقال أبوه أما تدري يا بني من هذا هذا فارس مضر الحمراء كلها إذ عد من أشرافها عشرة كان أحدهم هو وهو متعبد رجل ناسك له دين ائذن له فأذن له، فلما دخل عليه أجلسه إلى جانبه وسأله فعرفه المسيب حاله وما عزموا عليه فقال زفر إنا لم نغلق أبواب المدينة إلا لنعلم إيانا تريدون أم غيرنا وما بنا عجز عن الناس وما نحب قتالكم وقد بلغنا عنكم صلاح وسيرة جميلة ثم أمر ابنه فأخرج لهم سوقا وأمر للمسيب بألف درهم وفرس فرد المال وأخذ الفرس وقال لعلي احتاج إليه إذا عرج فرسي وبعث زفر إليهم بخبز كثير وعلف ودقيق حتى استغنى الناس عن السوق إلا أن كان الرجل يشتري سوطا أو ثوبا ثم ارتحلوا من الغد وخرج إليهم زفر يشيعهم وقال لسليمان إنه قد سار خمسة أمراء من الرقة هم الحصين بن نمير وشرحبيل بن ذي الكلاع وأدهم بن محرز وجبلة بن عبد الله الخثعمي وعبيد الله بن زياد في عدد كثير مثل الشوق والشجر فإن شئتم دخلتم مدينتنا وكانت أيدينا واحدة فإذا جاءنا هذا العدو قاتلناهم جميعا فقال سليمان قد طلب أهل مصرنا ذلك منا فأبينا عليهم قال زفر فبادروهم إلى عين الوردة وهي رأس عين فاجعلوا المدينة في ظهوركم ويكون الرستاق والماء والمادة في أيديكم وما بيننا وبينكم فأنتم آمنون منه فاطووا المنازل فوالله ما رأيت جماعة قط أكرم منكم فإني أرجو أن تسبقوهم وإن قاتلتموهم فلا تقاتلوهم في فضاء ترامونهم وتطاعنونهم فإنهم أكثر منكم ولا آمن أن يحيطوا بكم فلا تقفوا لهم فيصرعوكم ولا تصفوا لهم فإنى لا أرى معكم رجالة ومعهم الرجالة والفرسان بعضهم يحمي بعضا ولكن القوهم في الكتائب والمقانب ثم بثوها فيما بين ميمنتهم وميسرتهم واجعلوا مع كل كتيبة أخرى إلى جانبها فإن حمل على احدى الكتيبتين رحلت الأخرى فنفست عنها ومتى شاءت كتيبة ارتفعت وما شاءت كتيبة انحطت ولو كنتم صفا واحدا فزحفت اليكم الرجالة فدفعتم عن الصف انتقض فكانت الهزيمة ثم ودعهم ودعا لهم ودعوا له وأثنوا عليه ثم ساروا مجدين فانتهوا إلى عين الوردة فنزلوا غربيها وأقاموا خمسا فاستراحوا وأراحوا. وأقبل أهل الشام في عساكرهم حتى كانوا من عين الوردة على مسيرة يوم وليلة فقام سليمان في أصحابه وذكر الآخرة ورغب فيها ثم قال أما بعد فقد أتاكم عدوكم الذي دأبتم إليه في السير آناء الليل والنهار فإذا لقيتموهم فأصدقوهم القتال واصبروا إن الله مع الصابرين ولا يولينهم امرؤ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة ولا تقتلوا مدبرا ولا تجهزوا على جريح ولا تقتلوا أسيرا من أهل دعوتكم إلا أن يقاتلكم بعد أن تأسروه فإن هذه كانت سيرة علي في أهل هذه الدعوة ثم قال إن أنا قتلت فأمير الناس مسيب بن نجبة فإن قتل فالأمير عبد الله بن سعد بن نفيل فإن قتل فالأمير عبد الله بن وائل فإن قتل فالأمير رفاعة بن شداد رحم الله امرأ صدق ما عاهد الله عليه ، ثم بعث المسيب في أربعمائة فارس ثم قال سر حتى تلقى أول عساكرهم فشن عليهم الغارة فإن رأيت ما تحبه وإلا رجعت وإياك أن تترك واحدا من أصحابك أو تستقبل آخر حتى لا تجد منه بدا، فسار يومه وليلته ثم نزل السحر فلما أصبحوا أرسل أصحابه في الجهات ليأتوه بمن يلقون فأتوه بأعرابي فسأله عن أدنى العساكر منه فقال أدنى عسكر من عساكرهم منك عسكر شرحبيل بن ذي الكلاع وهو منك على رأس ميل وقد اختلف هو والحصين ادعى الحصين أنه على الجماعة وأبى شرحبيل ذلك وهما ينتظران أمر ابن زياد. فسار المسيب ومن معه مسرعين فأشرفوا عليهم وهم غارون فحملوا في جانب عسكرهم فانهزم العسكر وأصاب المسيب منهم رجالا فأكثروا فيهم الجراح وأخذوا الدواب وخلى الشاميون معسكرهم وانهزموا فغنم منه أصحاب المسيب ما أرادوا ثم انصرفوا إلى سليمان موفورين وبلغ الخبر ابن زياد فسرح الحصين بن نمير مسرعا حتى نزل في اثني عشر ألفا فخرج أصحاب سليمان إليه لأربع بقين من جمادى الأولى وعلى ميمنتهم عبد الله بن سعد وعلى ميسرتهم المسيب بن نجبة وسليمان في القلب وجعل الحصين على ميمنته جبلة بن عبد الله وعلى ميسرته ربيعة بن المخارق الغنمي، فلما دنا بعضهم من بعض دعاهم أهل الشام إلى الجماعة على عبد الملك بن مروان ودعاهم أصحاب سليمان إلى خلع عبد الملك وتسليم عبيد الله بن زياد إليهم وأنهم يخرجون من بالعراق من أصحاب ابن الزبير ثم يرد الأمر إلى أهل بيت النبي فأبى كل منهم، فحملت ميمنة سليمان على ميسرة الحصين والميسرة على الميمنة وحمل سليمان في القلب على جماعتهم فانهزم أهل الشام إلى معسكرهم وما زال الظفر لأصحاب سليمان إلى أن حجز بينهم الليل فلما كان الغد صبح الحصين جيش مع ابن ذي الكلاع ثمانية آلاف امدهم بهم عبيد الله بن زياد وخرج أصحاب سليمان فقاتلوهم قتالا لم يكن أشد منه جميع النهار لم يحجز بينهم إلا الصلاة فلما أمسوا تحاجزوا وقد كثرت الجراح في الفريقين وطاف القصاص على أصحاب سليمان يحرضه فلما أصبح أهل الشام أتاهم أدهم بن محرز الباهلي في نحو من عشرة آلاف من ابن زياد فاقتتلوا يوم الجمعة قتالا شديدا إلى ارتفاع الضحى. ثم إن أهل الشام كثروهم وتعطفوا عليهم من كل جانب ورأى سليمان ما لقي أصحابه فنزل ونادى عباد الله من أراد البكور إلى ربه والتوبة من ذنبه فإلي ثم كسر جفن سيفه ونزل معه ناس كثير وكسروا جفون سوفهم ومشوا معه فقاتلوهم فقتلوا من أهل الشام مقتلة عظيمة وجرحوا فيهم فأكثروا الجراح فلما رأى الحصين صبرهم وبأسهم بعث رجالا ترميهم بالنبل واكتنفهم الخيل والرجال فقتل سليمان رحمه الله رماه يزيد بن الحصين فوقع ثم وثب ثم وقع فلما قتل سليمان أخذ الراية المسيب بن نجبة وترحم على سليمان ثم تقدم فقاتل بها ساعة ثم رجع ثم حمل فعل ذلك ثم قتل رضي الله عنه بعد أن قتل رجالا فلما قتل أخذ الراية عبد الله بن نفيل وترحم عليهما ثم قرأ {فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب: 23] وحف به من كان معه من الأزد فبينما هم في القتال أتاهم فرسان ثلاثة من سعد بن حذيفة يخبرون بمسيرة في سبعين ومائة من أهل المدائن ويخبرون أيضا بمسير أهل البصرة مع المثنى بن مخربة العبدي في ثلاثمائة فسر الناس فقال عبد الله بن سعد ذلك لو جاؤونا ونحن أحياء فلما نظر الرسل إلى مصارع إخوانهم ساءهم ذلك واسترجعوا وقاتلوا معهم وقتل عبد الله بن نفيل قتله ابن أخي ربيعة بن مخارق وحمل خالد بن سعد بن نفيل على قاتل أخيه فطعنه بالسيف واعتنقه الآخر فحمل أصحابه عليه فخلصوه بكثرتهم وقتلوا خالدا وبقيت الراية ليس عندها أحد فنادوا عبد الله بن وأل فإذا هو اصطلى الحرب في عصابة معه فحمل رفاعة بن شداد فكشف أهل الشام عنه فآتى فآخذ الراية وقاتل مليا ثم قال لأصحابه من أراد الحياة التي ليس بعدها موت والراحة التي ليس بعدها نصب والسرور الذي ليس بعده حزن فليتقرب إلى الله بقتال هؤلاء المحلين الرواح إلى الجنة وذلك عند العصر فحمل هو وأصحابه فقتلوا رجالا وكشفوهم ثم إن أهل الشام تعطفوا عليهم من كل جانب حتى ردوهم إلى المكان الذي كانوا فيه وكان مكانهم لا يؤتى إلا من وجه واحد فلما كان المساء تولى قتالهم أدهم بن محرز الباهلي فحمل عليهم في خيله ورجله فوصل ابن محرز إلى آبى وأل وهو يتلوا {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ } [آل عمران: 169] فغاظ ذلك أدهم بن محرز فحمل عليه فضرب يده فأبانها ثم تنحى عنه وقال إني أظنك وددت أنك عند أهلك قال ابن وأل بئسما ظننت والله ما أحب أن يدك مكانها إلا أن يكون لي من الأجر ليعظم وزرك ويعظم أجرك، فغاظه ذلك أيضا فحمل عليه فطعنه فقتله وهو مقبل ما يزول وكان ابن وأل من الفقهاء العباد فلما قتل أتوا رفاعة بن البجلي وقالوا لا تأخذ الراية ارجعوا بنا لعل الله يجمعنا ليوم شر لهم فقال له عبد الله ابن عوف ابن الأحمر هلكنا والله لئن انصرفنا ليركبن أكتافنا فلا نبلغ فرسخا حتى نهلك عن آخرنا وإن نجا منا ناج أخذته العرب يتقربون به إليهم فقتل صبرا هذه الشمس قد قاربت الغروب فنقاتلهم على خيلنا فإذا غسق ركبنا خيولنا أول الليل وسرنا حتى نصبح على مهل ويحمل الرجل صاحبه وجريحه ونعرف الوجه الذي نأخذه فقال رفاعة نعم ما رأيت، وأخذ الراية وقاتلهم قتالا شديدا ورام أهل الشام إهلاكهم قبل الليل فلم يصلوا إلى ذلك لشدة قتالهم وتقدم عبد الله بن عزيز الكناني فقاتل أهل الشام ومعه ولده محمد وهو صغير فنادى بني كنانة من أهل الشام وسلم ولده إليهم ليوصلوهم إلى الكوفة فعرضوا عليه الأمانة فأبى ثم قاتلهم حتى قتل وتقدم كرب بن يزيد الحميري عند المساء في مائة من أصحابه فقاتلهم أشد قتال فعرض عليه وعلى أصحابه ابن ذي الكلاع الحميري الأمان، قال قد كنتم آمنين في الدنيا وإنما خرجنا نطلب أمان الآخرة فقاتلوهم حتى قتلوا وتقدم صخر بن هلال المزني في ثلاثين من مزينة فقاتلوا حتى قتلوا فلما أمسوا رجع أهل الشام إلى معسكرهم ونظر رفاعة إلى كل رجل قد عقر به فرسه وجرح فدفعة إلى قومه ثم سار بالناس ليلته وأصب الحثين ليلتقيهم فلم يرهم فلم يبعث في آثارهم وساروا حتى أتوا قرقيسيا فعرض عليهم زفر الإقامة فأقاموا ثلاثا فأضافهم ثم زودهم وساروا إلى الكوفة ثم أقبل معد بن حذيفة بن اليمان في أهل المدائن فبلغ هيت فأتاه الخبر فرجع فلقي المثنى بن مخربة العبدي في أخل التصرة بصدود فأخبره فأقاموا حتى أتاهم رفاعة فاستقبلوه وبكى بعضهم إلى بعض وأقاموا يوما وليلة ثم تفرقوا فسار كل طائفة إلى بلدهم ولما بلغ رفاعة الكوفة كان المختار محبوسا فأرسل إليه اما بعد فمرحبا بالقصبة الذين عظم الله لهم الأجر حين انصرفوا ورضي فعلهم حين قتلوا أما ورب البيت ما خطا منكم خطوة ولا ربا ربوة إلا كان ثواب الله له أعظم من الدنيا إن سليمان قد قضى ما عليه وتوفاه الله وجعل روحه مع أرواح النبين والصديقين والشهداء والصالحين ولم يكن بصاحبكم الذي به تنصرون إني الأمير المأمور والأمين المأمون وقاتل الجبارين والمنتقم من أعداء الدين المقيد من الأوتار فاعدوا واستعدوا وأبشروا أدعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه والطلب بدم أهل البيت والدفع عن الضعفاء وجهاد المحلين والسلام. وكان قتل سليمان ومن معه في شهر ربيع الآخر ولما سمع عبد الملك بن مروان بقتل سليمان وانهزام أصحابه صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال: أما بعد فإن الله قد أهلك من رؤوس أهل العراق ملقح فتنة ورأس ضلالة سليمان بن صرد ألا وإن السيوف تركن لرأس المسيب خذاريف وقد قتل الله منهم رأسين عظمين ضالين مضلين عبد الله بن سعد الازدي وعبد الله بن وأل البكري ولم يبق بعدهم من عنده امتناع وفي هذا نظر فإن أباه كان حيا قال أعشى همدان في ذلك وهي مما يكتم ذلك الزمان:

خيـــــال منك يـــــا أم غـــــــــــالب *** فحييت عنـــا مـــــن حبيب مجانب

وما زلت في شجو وما زلت مقصدا *** لهــــم غير أنــي من فراقك ناصب

فما أنس لا أنس انفتـالك في الضحى *** إلينا مع البيض الحسان الخراعب

تراءت لنــــا هيفاء مهضومة الحشا *** لطيفة طـــي الكشح ريـــا الحقائب

مسيكـــــــة غزار ودســــــى بهائها *** كشمس الضحى تنكل بين السحائب

فلمـــــا تغشاها السحــــــاب وحوله *** بدا حـــــاجب منهــا وضنت بجانب

فتلك الهوى وهي الجوى ليا والمنى *** فـــــأحبب بها من خلـة لم تصاقب

.......

فـــــأضحى الخزاعي الرئيس مجدلا *** كـــــــــأن لم يقـــاتل مرة ويحارب

ورأس بني شمــــــخ وفارس قومه *** شنوءة والتيمـــي هــــادي الكتائب

وعمـــــرو بــن بشر والوليد وخالد *** وزيد بـــن بكـــر والحليسبن غالب

وضـــارب مــــــن همدان كل مشيع *** إذا شد لــــــم ينكل كريب المكاسب

ومن كـــــــل قوم قد أصبت زعيمهم *** وذا حســـب في ذروة المجد ثاقب

أبــــــوا غير ضرب يفلق الهام وقعه *** وطعن بــأطــــراف الأسنة صائب

وإن سعيدا يــــــوم يدمـــر عامــــرا *** لأشجــــــع من ليث بدر بى مواثب

فيــــا خير جيش بـــــــالعراق وأهله *** سقيتــم روايــــــا كل أسحم ساكب

فــــلا يبعدن فرساننـــــا وحمـــــاتنا *** إذا البيض أبدت عن خدام الكواعب

وما قتلــــوا حتــــــى أثاروا عصابة *** تجلينـــا نورا كالشموس الصوارب

 

وقيل قتل سليمان ومن معه في شهر ربيع الآخر الخزاعي الذي هو في هذا الشعر هو سليمان بن صرد الخزاعي ورأس بني شمخ هو المسيب بن نجبة الفزاري وفارس شنوءة هو عبد الله بن سعد بن نفيل الأزدي أزد شنوءة والتيمي هو عبد الله بن وأل التيمي من تيم اللات بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل والوليد هو ابن عصير الكناني وخالد هو خالد بن سعد بن نفيل أخو عبد الله ونجبة بالنون والجيم والباء الموحدة المفتوحات.

 

 

 

 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي