التاريخ والحضارة
التاريخ
الحضارة
ابرز المؤرخين
اقوام وادي الرافدين
السومريون
الساميون
اقوام مجهولة
العصور الحجرية
عصر ماقبل التاريخ
العصور الحجرية في العراق
العصور القديمة في مصر
العصور القديمة في الشام
العصور القديمة في العالم
العصر الشبيه بالكتابي
العصر الحجري المعدني
العصر البابلي القديم
عصر فجر السلالات
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
الاراميون
الاشوريون
الاكديون
بابل
لكش
سلالة اور
العهود الاجنبية القديمة في العراق
الاخمينيون
المقدونيون
السلوقيون
الفرثيون
الساسانيون
احوال العرب قبل الاسلام
عرب قبل الاسلام
ايام العرب قبل الاسلام
مدن عربية قديمة
الحضر
الحميريون
الغساسنة
المعينيون
المناذرة
اليمن
بطرا والانباط
تدمر
حضرموت
سبأ
قتبان
كندة
مكة
التاريخ الاسلامي
السيرة النبوية
سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) قبل الاسلام
سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) بعد الاسلام
الخلفاء الاربعة
ابو بكر بن ابي قحافة
عمربن الخطاب
عثمان بن عفان
علي ابن ابي طالب (عليه السلام)
الامام علي (عليه السلام)
اصحاب الامام علي (عليه السلام)
الدولة الاموية
الدولة الاموية *
الدولة الاموية في الشام
معاوية بن ابي سفيان
يزيد بن معاوية
معاوية بن يزيد بن ابي سفيان
مروان بن الحكم
عبد الملك بن مروان
الوليد بن عبد الملك
سليمان بن عبد الملك
عمر بن عبد العزيز
يزيد بن عبد الملك بن مروان
هشام بن عبد الملك
الوليد بن يزيد بن عبد الملك
يزيد بن الوليد بن عبد الملك
ابراهيم بن الوليد بن عبد الملك
مروان بن محمد
الدولة الاموية في الاندلس
احوال الاندلس في الدولة الاموية
امراء الاندلس في الدولة الاموية
الدولة العباسية
الدولة العباسية *
خلفاء الدولة العباسية في المرحلة الاولى
ابو العباس السفاح
ابو جعفر المنصور
المهدي
الهادي
هارون الرشيد
الامين
المأمون
المعتصم
الواثق
المتوكل
خلفاء بني العباس المرحلة الثانية
عصر سيطرة العسكريين الترك
المنتصر بالله
المستعين بالله
المعتزبالله
المهتدي بالله
المعتمد بالله
المعتضد بالله
المكتفي بالله
المقتدر بالله
القاهر بالله
الراضي بالله
المتقي بالله
المستكفي بالله
عصر السيطرة البويهية العسكرية
المطيع لله
الطائع لله
القادر بالله
القائم بامرالله
عصر سيطرة السلاجقة
المقتدي بالله
المستظهر بالله
المسترشد بالله
الراشد بالله
المقتفي لامر الله
المستنجد بالله
المستضيء بامر الله
الناصر لدين الله
الظاهر لدين الله
المستنصر بامر الله
المستعصم بالله
تاريخ اهل البيت (الاثنى عشر) عليهم السلام
شخصيات تاريخية مهمة
تاريخ الأندلس
طرف ونوادر تاريخية
التاريخ الحديث والمعاصر
التاريخ الحديث والمعاصر للعراق
تاريخ العراق أثناء الأحتلال المغولي
تاريخ العراق اثناء الاحتلال العثماني الاول و الثاني
تاريخ الاحتلال الصفوي للعراق
تاريخ العراق اثناء الاحتلال البريطاني والحرب العالمية الاولى
العهد الملكي للعراق
الحرب العالمية الثانية وعودة الاحتلال البريطاني للعراق
قيام الجهورية العراقية
الاحتلال المغولي للبلاد العربية
الاحتلال العثماني للوطن العربي
الاحتلال البريطاني والفرنسي للبلاد العربية
الثورة الصناعية في اوربا
تاريخ الحضارة الأوربية
التاريخ الأوربي القديم و الوسيط
التاريخ الأوربي الحديث والمعاصر
احوال قتبان السياسية ونظام الحكم
المؤلف: عبد العزيز صالح
المصدر: تاريخ شبه الجزيرة العربية في عصورها القديمة
الجزء والصفحة: ص62-65
13-11-2016
801
التكوين السياسي:
قامت دولة قتبان (ق ت ب ن) إلى الجنوب من دولة سبأ وتضمنت وادي بيحان ووادي حريب وما شغل جزءًا من اليمن وجزءًا من عدن الحاليين. وعاصر كيانها السياسي في بعض عهوده بقية الدولة العربية الجنوبية، سبأ وحضرموت ومعين وأوسان. وتراوحت آراء الباحثين في تعيين بداية هذا الكيان القتباني السياسي بما بين منتصف القرن التاسع ق. م. وبين القرن السابع ق. م. ولكن الوجود الاجتماعي والنشاط الاقتصادي لجماعات القتبانيين قد رجحنا (في ص37 - 39) إرجاعه إلى ما قبل ذلك بعدة قرون، حينما دللنا على قيام التبادل التجاري بين الجنبتين القتبانيين وبين مصر القديمة في عهد الملك تحوتمس الثالث خلال القرن الخامس عشر قبل الميلاد. ووجد هذا الدليل المصري القديم أدلة أخرى تقاربه في نتائج أبحاث بعثة أثرية أمريكية حديثًا في قتبان. فقد عثر الباحثان ألبرت جام وفرانك ألبرايت A.Jamme and F.P.Albright على مخربشات قتبانية (أي نصوص قصيرة غير متقنة) في هجر بن حميد ووادي فرع اتجهت بعض سطورها من اليسار إلى اليمين مما يعني في رأيهما قدم عهدها، كما تعرفا فيها على أشكال حروف هجائية أرجعا أسلوب كتابتها إلى حوالي القرن العاشر ق. م. واعتبارها من حيث الشكل بقية من مرحلة التحول من الخط الكنعاني القديم الذي يحتمل أن نقله بعض العرب عن جنوب الشام إلى خط آخر تميزت به النصوص الجنوبية وهو الخط المسند. وأضاف جام عن بدائية أشكال هذه الحروف أن رسمها لم يلتزم باتجاه ثابت، فبعضها يميل يمينًا وبعضها يميل يسارًا، وبعضها مقلوب وبعضها رسم على جانبه، وكان تعدد الاتجاهات في رسم الحروف من مظاهر المرحلة الأولية في الأبجدية الكنعانية في الشام حتى القرن الثاني عشر ق. م. وزكى فان بيك وآخرون هذا الوجود القتباني القديم من ناحية أخرى بدراسة تتابع الفخار في مستويات العمران في هجر بن حميد، حيث أرجعوا أنواع الفخار في أقدم مستويات هذه البلدة إلى ما يدور حول القرن الحادي عشر والقرن العاشر ق. م. وزاد وندل فيليبس على هذا فافترض من ملاحظة مستويات أطلال المباني في المدن القتبانية احتمال بناء بعضها في أواسط الألف الثاني ق. م.
ومع هذا القدم النسبي للكيان القتباني، ونعني بالنسبية هنا ما يتعلق بالجنوب العربي، وهو أحدث بطبيعة الحال في تكويناته السياسية كثيرًا عن دول الهلال الخصيب الكبيرة القديمة، فقد لاحظ بعض اللغويين أن اللهجة القتبانية وإن بدت أقرب إلى لهجات حضرموت ومعين منها إلى اللهجة السبأية، إلا أن أسلوب الكتابة القتبانية الرسمية وأسلوب تركيب أسماء وألقاب الحكام الكبار فيها ظلا أقرب إلى أمثالهما في دولة سبأ. ومن التفسيرات المحتملة. لهاتين الظاهرتين أن أقوامًا من الحضارمة والمعينيين كانوا يشاركون القتبانيين أصلهم القبلي. أو كانوا يشاركونهم أرضهم في عصور قديمة. ولكن هذه الأرض خضعت في فترة ما لنفوذ سبأي سياسي وانتقل إليها ما كان شائعًا في سبأ من أسلوب الكتابة الرسمية وطريقة تركيب أسماء (أو ألقاب) الحكام. وإذا صح الشطر الأول من هذا التفسير كان فيه ما يزكي ما سبقت الإشارة إليه من أن الجماعات العربية القديمة في الجنوب وفي الشمال كذلك ظلت لفترات قديمة طويلة لا تلتزم بحدود إقليمية أو قومية قاطعة فيما بينها. من قبل أن تقوم فيها الدول السياسية واضحة المعالم والحدود.
نظام الحكم في قتبان:
وبدأ الحكم في دولة قتبان بنفس الصبغة الثيوقراطية أو الدينية التى بدأ بها في بقية الدول العربية الجنوبية. فتلقب أوائل حكامها الكبار منذ القرن السابع ق. م. (في عرف أصحاب التاريخ المختصر) بلقب مكرب وهو لقب تناولنا مدلولات مثيله من قبل في سياق الحديث من حكام سبأ. ومنذ نهاية القر الخامس ق. م. أو بداية القرن الرابع ق. م. فيما يرى ألبرايت غلب الحكام القتبانيون الصبغة المدنية والسياسية في حكمهم وتلقبوا بألقاب الملوك. وليس من المستبعد أن ذلك التحول قد ارتبط في حينه بنصر سياسي أو حربي رفع من شأن الحكام القتباني في نظر نفسه ونظر شعبه وجعله يعتبر نفسه لا يقل مكانة عن ملوك سبأ الذين سبقوا في التحول إلى نظام الملكية، لا سيما بعد أن خف الضغط الذي فرضته هذه الدولة على جيرانها في عهد ملكها الداهية كرب إيل وتر.
ويبدو أن قتبان قد استفادت من وضع كانت قد سمحت لها به دولة سبأ المعتزة بقوتها. ثم استغلته هي لمصلحتها. فقد مر بنا أن كرب إيل وتر منشئ نظام الملكية في سبأ أقطع قتبان بعض الأراضي التى استولت جيوشه عليها من دولة أوسان مكافأة لها على التزامها بموقف الحياد خلال حروبه، وهو مطمئن إلى بقائها موالية له. وكانت هذه الأراضي الأوسانية الأصل تطل على ساحل البحر الأحمر وتنتفع من موارده التجارية، ولهذا عملت قتبان على تدعيم سلطانها عليها وتوسيع رقعتها لمصلحتها.
ومع منطقية هذين السببين السياسي منهما والتوسعي للتحول إلى الملكية في قتبان، لا بأس من تقدير عوامل أخرى داخلية غالبًا ما تتماثل نتائجها في نظم الحكم الثيوقراطية الأصل. ذلك أن تجارب التاريخ أوضحت أن الصبغة الثيوقراطية في الحكم أشبه بسلاح ذي حدين. فهي وإن ضمنت القداسة للحاكم الأعلى وكفلت له الولاء لروحي من شعبه. إلا أنها كانت تخلق أمامه على مر الزمن منافسين من كبار رجال الكهنوت الذين يشاركونه السلطة باسم الدين، وحينذاك يرى من مصلحته أن يرتفع عن مستوى رياسة الكهنوت إلى مستوى الملكية ذات السلطات الشاملة.
وعلى أية حال. فإن التحول نحو الملكية في قتبان لم يمنع بعض ملوكها من العودة إلى التلقيب بلقب المكرب بين حين وآخر تأكيدًا لصفتهم الدينية ولا سيما في أوقات الأزمات، وقد تلقب به الملك يدع أب ذبيان في القرن الثاني ق. م. وكذا الملك شهر يجل يهرجب، ولم يقلل من استمساكهم بالألقاب التي أكدت صلتهم المباشرة بمعبوداتهم والتي كان منها ما يعتبر الملك ولد المعبود عم، والابن البكر لكل من أنباي وحوكم.
واستمر الحكم الأعلى وراثيًا في الأسرة المالكة في قتبان يتولى العرش فيه الابن بعد أبيه، أو الأخ بعد أخيه إن لم يكن له ولد يخلفه. وربما اشترك ولي العهد مع الملك الحاكم بعد أن تتقدم به السن كي يأخذ عنه خبرته ويمارسها بصورة عملية، ويؤيد حقه الوراثي عن طريق هذا الاشتراك ويضمن عدم منافسة إخوته له فيه بعد موت أبيه، وحينذاك تصدر المراسيم باسم الحاكمين الشريكين معًا. ولم يكن الوطن القتباني أقل منزلة عند أهله من مقدساتهم الدينية، فإلى جانب القسم الرسمي بأسماء المعبودات لاسيما عم وأنباي، وباسم الملك الحاكم، كان يقسم كذلك باسم قتبان.
وفي ظل الملكية قام في قتبان مجلس للأعيان من شويخ القبائل وكبار الموظفين أطلق عليه اسم (م س د) أو مسود، ووجد له شبيه بنفس الاسم في دولة معين، ولا ندري أيهما سبق الآخر. وجرت العادة على أن يجتمع هذا المجلس في العاصمة تمنع بدعوة من الملك، ربما لمرتين على الأقل في كل عام، للنظر فيما يعرض عليه من شئون الضرائب والمنشآت العامة، وللمداولة في أمور لحرب والسلم. وإصدار العفو الكلي أو العفو الجزئي في القضايا الكبيرة.
ويتعرف الملك على نتائج قرارات المجلس فإن أقرها صيغت على هيئة مراسيم وأعلنها باسمه، أو وقعه معه رئيس مجلس المسود. وربما وقعها كذلك في بعض الأحوال كبار رجال المجلس بأسمائهم مشفوعة بأسماء عشائرهم أو قبائلهم. وهكذا توافرت لمجلس المسود القتباني صفات متعددة: فهو مجلس ملكي يجتمع بأمر الملك وينفض بأمره، وهو مجلس استشاري يحق للملك أن يقبل اقتراحاته أو يرفضها، ثم هو في الوقت نفسه مجلس للدولة يضم كبار أعيان قبائلها وأقليمها ويبحث في مصالحها. كما أنه مجلس تشريعي يصوغ القوانين بعد موافقة الملك عليها ثم يوقع رئيسه عليها وربما وقع أعضاؤه الكبار عليها كذلك بعد توقيع الملك عليها.
وعلى الرغم من صدور المراسيم باسم الملك القتباني الحاكم إلا أنها لم تكن تؤرخ بسنوات حكمه، وإنما تؤرخ بعام رياسة رئيس مجلس المسود. ويبدو أن هذه كانت رياسة دورية يتعاقب عليها كبار أعضاء المجلس لفترات محدودة قد تقتصر على عام أو عامين لكل منهم، وقد تزيد عن العامين في أحوال استثنائية يتجدد فيها اختيار الرئيس أكثر من مرة لسبب أو لآخر.
وكانت الأوامر أو المراسيم الملكية تنقش على مدخل العاصمة تمنع أحيانًا، وتنقش على نصب تقام في السوق الرئيسية وفي المعابد. وتخدم بذلك أغراضًا شتى منها توفير العلنية للمراسيم، وتخليدها لذكرى الملك الحاكم الذي صدرت باسمه، ولتظل مرجعًا لما يعقبها من عهود وقوانين. ويضاف إلى هذه الأغراض فيما يختص بنقشها على نصب المعابد أن من المعابد ما كان لها موضعها المتوسط داخل المدن، ويتردد عليها كثير ممن يعرفون القراءة، فضلًا عما توحي به من وضع الأوامر الملكية تحت رعاية أربابها، وإشعار الناس أن هؤلاء الأرباب شركاء فيها، لاسيما إذا تناولت حقوقًا مفروضة للمعابد ومنشآتها وكهنتها. وليس ما يمنع بعد هذا من افتراض وجود منادين يعلنون مضمون هذه الأوامر والمراسيم شفاهة في الأحياء والأقاليم والقبائل باسم الملك الحاكم.
ومن أهم ما تضمنته نقوش البوابة الجنوبية للعاصمة تمنع، والتى يحتمل تسميتها بوابة ذو سدان بقايا نص لتشريع صدر في عهد الملك يدع أب ذبيان بن شهر في بداية القرن الثاني ق. م. وفيه ما يقضي على القاتل القتباني بالحرمان (من الحقوق المدنية أو الدينية) بحكم خروجه على القانون، فإن تجاهل مقتضيات هذا الحكم وأصر على البقاء في قتبان أباح الملك دمه، دون أن تترتب على قاتله عقوبة أو ملامة.