x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
المسائل الفقهية
التقليد
الطهارة
احكام الاموات
الاحتضار
التحنيط
التشييع
التكفين
الجريدتان
الدفن
الصلاة على الميت
الغسل
مسائل تتعلق باحكام الاموات
أحكام الخلوة
أقسام المياه وأحكامها
الاستحاضة
الاغسال
الانية واحكامها
التيمم (مسائل فقهية)
احكام التيمم
شروط التيمم ومسوغاته
كيفية التيمم
مايتيمم به
الجنابة
سبب الجنابة
مايحرم ويكره للجُنب
مسائل متفرقة في غسل الجنابة
مستحبات غسل الجنابة
واجبات غسل الجنابة
الحيض
الطهارة من الخبث
احكام النجاسة
الاعيان النجسة
النجاسات التي يعفى عنها في الصلاة
كيفية سراية النجاسة الى الملاقي
المطهرات
النفاس
الوضوء
الخلل
سنن الوضوء
شرائط الوضوء
كيفية الوضوء واحكامه
مسائل متفرقة تتعلق بالوضوء
مستمر الحدث
نواقض الوضوء والاحداث الموجبة للوضوء
وضوء الجبيرة واحكامها
مسائل في احكام الطهارة
الصلاة
مقدمات الصلاة(مسائل فقهية)
الستر والساتر (مسائل فقهية)
القبلة (مسائل فقهية)
اوقات الصلاة (مسائل فقهية)
مكان المصلي (مسائل فقهية)
افعال الصلاة (مسائل فقهية)
الاذان والاقامة (مسائل فقهية)
الترتيب (مسائل فقهية)
التسبيحات الاربعة (مسائل فقهية)
التسليم (مسائل فقهية)
التشهد(مسائل فقهية)
التعقيب (مسائل فقهية)
الركوع (مسائل فقهية)
السجود(مسائل فقهية)
القراءة (مسائل فقهية)
القنوت (مسائل فقهية)
القيام (مسائل فقهية)
الموالاة(مسائل فقهية)
النية (مسائل فقهية)
تكبيرة الاحرام (مسائل فقهية)
منافيات وتروك الصلاة (مسائل فقهية)
الخلل في الصلاة (مسائل فقهية)
الصلوات الواجبة والمستحبة (مسائل فقهية)
الصلاة لقضاء الحاجة (مسائل فقهية)
صلاة الاستسقاء(مسائل فقهية)
صلاة الايات (مسائل فقهية)
صلاة الجمعة (مسائل فقهية)
صلاة الخوف والمطاردة(مسائل فقهية)
صلاة العيدين (مسائل فقهية)
صلاة الغفيلة (مسائل فقهية)
صلاة اول يوم من كل شهر (مسائل فقهية)
صلاة ليلة الدفن (مسائل فقهية)
صلوات اخرى(مسائل فقهية)
نافلة شهر رمضان (مسائل فقهية)
المساجد واحكامها(مسائل فقهية)
اداب الصلاة ومسنوناتها وفضيلتها (مسائل فقهية)
اعداد الفرائض ونوافلها (مسائل فقهية)
صلاة الجماعة (مسائل فقهية)
صلاة القضاء(مسائل فقهية)
صلاة المسافر(مسائل فقهية)
صلاة الاستئجار (مسائل فقهية)
مسائل متفرقة في الصلاة(مسائل فقهية)
الصوم
احكام متفرقة في الصوم
المفطرات
النية في الصوم
ترخيص الافطار
ثبوت شهر رمضان
شروط الصوم
قضاء شهر رمضان
كفارة الصوم
الاعتكاف
الاعتكاف وشرائطه
تروك الاعتكاف
مسائل في الاعتكاف
الحج والعمرة
شرائط الحج
انواع الحج واحكامه
الوقوف بعرفة والمزدلفة
النيابة والاستئجار
المواقيت
العمرة واحكامها
الطواف والسعي والتقصير
الصيد وقطع الشجر وما يتعلق بالجزاء والكفارة
الاحرام والمحرم والحرم
اعمال منى ومناسكها
احكام عامة
الصد والحصر*
الجهاد
احكام الاسارى
الارض المفتوحة عنوة وصلحا والتي اسلم اهلها عليها
الامان
الجهاد في الاشهر الحرم
الطوائف الذين يجب قتالهم
الغنائم
المرابطة
المهادنة
اهل الذمة
وجوب الجهاد و شرائطه
مسائل في احكام الجهاد
الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
مراتب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
حكم الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وشرائط وجوبهما
اهمية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
احكام عامة حول الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
الخمس
مايجب فيه الخمس
مسائل في احكام الخمس
مستحق الخمس ومصرفه
الزكاة
اصناف المستحقين
اوصاف المستحقين
زكاة الفطرة
مسائل في زكاة الفطرة
مصرف زكاة الفطرة
وقت اخراج زكاة الفطرة
شرائط وجوب الزكاة
ماتكون فيه الزكاة
الانعام الثلاثة
الغلات الاربع
النقدين
مال التجارة
مسائل في احكام الزكاة
احكام عامة
علم اصول الفقه
تاريخ علم اصول الفقه
تعاريف ومفاهيم ومسائل اصولية
المباحث اللفظية
المباحث العقلية
الاصول العملية
الاحتياط
الاستصحاب
البراءة
التخيير
مباحث الحجة
تعارض الادلة
المصطلحات الاصولية
حرف الالف
حرف التاء
حرف الحاء
حرف الخاء
حرف الدال
حرف الذال
حرف الراء
حرف الزاي
حرف السين
حرف الشين
حرف الصاد
حرف الضاد
حرف الطاء
حرف الظاء
حرف العين
حرف الغين
حرف الفاء
حرف القاف
حرف الكاف
حرف اللام
حرف الميم
حرف النون
حرف الهاء
حرف الواو
حرف الياء
القواعد الفقهية
مقالات حول القواعد الفقهية
اخذ الاجرة على الواجبات
اقرار العقلاء
الإتلاف - من اتلف مال الغير فهو له ضامن
الإحسان
الاشتراك - الاشتراك في التكاليف
الاعانة على الاثم و العدوان
الاعراض - الاعراض عن الملك
الامكان - ان كل ما يمكن ان يكون حيضا فهو حيض
الائتمان - عدم ضمان الامين - ليس على الامين الا اليمين
البناء على الاكثر
البينة واليمين - البينة على المدعي واليمين على من انكر
التقية
التلف في زمن الخيار - التلف في زمن الخيار في ممن لا خيار له
الجب - الاسلام يجب عما قبله
الحيازة - من حاز ملك
الزعيم غارم
السبق - من سبق الى ما لم يسبقه اليه احد فهو احق به - الحق لمن سبق
السلطنة - التسلط - الناس مسلطون على اموالهم
الشرط الفاسد هل هو مفسد للعقد ام لا؟ - الشرط الفاسد ليس بمفسد
الصحة - اصالة الصحة
الطهارة - كل شيء طاهر حتى تعلم انه قذر
العقود تابعة للقصود
الغرور - المغرور يرجع الى من غره
الفراغ و التجاوز
القرعة
المؤمنون عند شروطهم
الميسور لايسقط بالمعسور - الميسور
الوقوف على حسب ما يوقفها اهلها
الولد للفراش
أمارية اليد - اليد
انحلال العقد الواحد المتعلق بالمركب الى عقود متعددة - انحلال العقودالى عقود متعددة
بطلان كل عقد بتعذر الوفاء بمضمونه
تلف المبيع قبل قبضه - اذا تلف المبيع قبل قبضه فهو من مال بائعه
حجية البينة
حجية الضن في الصلاة
حجية سوق المسلمين - السوق - أمارية السوق على كون اللحوم الموجودة فيه مذكاة
حجية قول ذي اليد
حرمة ابطال الاعمال العبادية الا ما خرج بالدليل
عدم شرطية البلوغ في الاحكام الوضعية
على اليد ما اخذت حتى تؤدي - ضمان اليد
قاعدة الالزام - الزام المخالفين بما الزموا به انفسهم
قاعدة التسامح في ادلة السنن
قاعدة اللزوم - اصالة اللزوم في العقود - الاصل في المعاملات اللزوم
لا تعاد
لا حرج - نفي العسر و الحرج
لا ربا في ما يكال او يوزن
لا شك في النافلة
لا شك لكثير الشك
لا شك للإمام و المأموم مع حفظ الآخر
لا ضرر ولا ضرار
ما يضمن و ما لا يضمن - كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده وكل عقد لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده
مشروعية عبادات الصبي وعدمها
من ملك شيئا ملك الاقرار به
نجاسة الكافر وعدمها - كل كافر نجس
نفي السبيل للكافر على المسلمين
يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب
قواعد فقهية متفرقة
المصطلحات الفقهية
حرف الألف
حرف الباء
حرف التاء
حرف الثاء
حرف الجيم
حرف الحاء
حرفق الخاء
حرف الدال
حرف الذال
حرف الراء
حرف الزاي
حرف السين
حرف الشين
حرف الصاد
حرف الضاد
حرف الطاء
حرف الظاء
حرف العين
حرف الغين
حرف الفاء
حرف القاف
حرف الكاف
حرف اللام
حرف الميم
حرف النون
حرف الهاء
حرف الواو
حرف الياء
الفقه المقارن
كتاب الطهارة
احكام الاموات
الاحتضار
الجريدتان
الدفن
الصلاة على الاموات
الغسل
الكفن
التشييع
احكام التخلي
استقبال القبلة و استدبارها
مستحبات و ومكروهات التخلي
الاستنجاء
الاعيان النجسة
البول والغائط
الخمر
الدم
الكافر
الكلب والخنزير
المني
الميتة
احكام المياه
الوضوء
احكام الوضوء
النية
سنن الوضوء
غسل الوجه
غسل اليدين
مسح الرأس
مسح القدمين
نواقض الوضوء
المطهرات
الشمس
الماء
الجبيرة
التيمم
احكام عامة في الطهارة
احكام النجاسة
الحيض و الاستحاظة و النفاس
احكام الحيض
احكام النفاس
احكام الاستحاضة
الاغسال المستحبة
غسل الجنابة واحكامها
كتاب الصلاة
احكام السهو والخلل في الصلاة
احكام الصلاة
احكام المساجد
افعال الصلاة
الاذان والاقامة
التسليم
التشهد
الركوع
السجود
القراءة
القنوت
القيام
النية
تكبيرة الاحرام
سجدة السهو
الستر والساتر
الصلوات الواجبة والمندوبة
صلاة الاحتياط
صلاة الاستسقاء
صلاة الايات
صلاة الجماعة
صلاة الجمعة
صلاة الخوف
صلاة العيدين
صلاة القضاء
صلاة الليل
صلاة المسافر
صلاة النافلة
صلاة النذر
القبلة
اوقات الفرائض
مستحبات الصلاة
مكان المصلي
منافيات الصلاة
كتاب الزكاة
احكام الزكاة
ماتجب فيه الزكاة
زكاة النقدين
زكاة مال التجارة
زكاة الغلات الاربعة
زكاة الانعام الثلاثة
شروط الزكاة
زكاة الفطرة
احكام زكاة الفطرة
مصرف زكاة الفطرة
وقت وجوب زكاة الفطرة
اصناف واوصاف المستحقين وأحكامهم
كتاب الصوم
احكام الصوم
احكام الكفارة
اقسام الصوم
الصوم المندوب
شرائط صحة الصوم
قضاء الصوم
كيفية ثبوت الهلال
نية الصوم
مستحبات ومكروهات الصوم
كتاب الحج والعمرة
احرام الصبي والعبد
احكام الحج
دخول مكة واعمالها
احكام الطواف والسعي والتقصير
التلبية
المواقيت
الصد والحصر
اعمال منى ومناسكها
احكام الرمي
احكام الهدي والاضحية
الحلق والتقصير
مسائل متفرقة
النيابة والاستئجار
الوقوف بعرفة والمزدلفة
انواع الحج واحكامه
احكام الصيد وقطع الشجر وما يتعلق بالجزاء والكفارة
احكام تخص الاحرام والمحرم والحرم
العمرة واحكامها
شرائط وجوب الحج
كتاب الاعتكاف
كتاب الخمس
قاعدة « التسامح في أدلّة السنن » (*)
المؤلف: آية الله العظمى السيد محمد حسن البجنوردي
المصدر: القواعد الفقهية
الجزء والصفحة: ج3 ص326 - 340.
19-9-2016
212
ومن جملة القواعد الفقهية المشهورة قاعدة « التسامح في أدلّة السنن » .
في شرح مفهوم هذه القاعدة والمراد منها :
فنقول : المراد منها أنّه لو كان هناك خبر ضعيف ـ لا يكون موثوق الصدور لاختلال في سنده، وعدم جابر من عمل المشهور به كي يوجب الوثوق بصدوره ـ فلا يكون مشمولا لدليل حجّية الخبر الواحد.
كما حقّقنا في الأصول من أنّ موضوع الحجيّة هو الخبر الذي يثق الإنسان بصدوره ، سواء حصل الوثوق من صحّة السند وكون الراوي عدلا أو ثقة ، أو حصل من عمل المشهور به ، أو كان مضمونه مطابقا لفتوى المشهور من قدماء الأصحاب.
فإذا لم يكن الخبر كذلك ، فلا يكون مشمولا لدليل الحجّية ، فهل مثل هذا الخبر يثبت به الاستحباب وإن لم يثبت به الوجوب لو كان مضمونه ومفاده وجوب شيء؟
وذلك لأجل التسامح في دليل الاستحباب ، فلو أثبتنا أنّه يمكن إثبات الاستحباب بمثل ذلك الخبر الذي ليس مشمولا لدليل الحجّية ، فهذا معناه هو التسامح في أدلّة السنن.
وخلاصة الكلام : أنّ الخبر الضعيف قد يكون مفاده الوجوب ، وقد يكون مفاده الاستحباب ، وفي كلتا الصورتين ـ بعد الفراغ عن أنّ الوجوب لا يثبت به ـ صار محلاّ للكلام في أنّ الاستحباب هل يثبت به ، أم لا؟ والقول بثبوته به هو التسامح في أدلّة السنن.
ولا شكّ في أنّ غير الحجّة لا يثبت به شيء ، وفي هذه الجهة لا فرق بين الوجوب والاستحباب، وثبوت كلّ واحد منهما يحتاج إلى دليل وحجة معتبرة.
ولكن الدعوى أنّ في باب الاستحباب هل ورد دليل معتبر على التسامح في دليله ، وأنّه يثبت ولو كان هناك خبر ضعيف مفاده الاستحباب بل وإن كان مفاده الوجوب ، أم لا؟
الجهة الثانية
في مدركها :
وهو الأخبار الكثيرة المعتبرة الواردة في هذا المقام المعروفة بعنوان « أخبار من بلغ » فلنذكر جملة منها :
الأوّل : صحيحة هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : « من بلغه عن النبيّ صلى الله عليه واله شيء من الثواب فعمله ، كان أجر ذلك له ، وإن كان رسول الله صلى الله عليه واله لم يقله » (1).
الثاني : المروي عن صفوان ، عن الصادق عليه السلام قال : « من بلغه شيء من الثواب على شيء من الخير فعمل به ، كان له أجر ذلك ، وإن كان رسول الله صلى الله عليه واله لم يقله » (2).
الثالث : خبر محمد بن مروان ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : « من بلغه عن النبيّ صلى الله عليه واله شيء من الثواب، ففعل ذلك طلب قول النبيّ صلى الله عليه واله كان له ذلك الثواب ، وإن كان النبيّ صلى الله عليه واله لم يقله » (3).
الرابع : خبره الآخر ، قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : « من بلغه ثواب من الله تعالى على عمل ، ففعله التماس ذلك الثواب ، أوتيه وإن لم يكن الحديث كما بلغه » (4).
إلى غير ذلك من الأخبار.
فنقول : أمّا الاحتمالات التي ذكروها في مفاد هذه الأخبار ـ أو يمكن أن يحتمل ـ فكثيرة.
منها : أن يكون مفادها حجّية خبر الضعيف الذي قام على وجوب شيء ، أو استحبابه ، بالنسبة إلى استحبابه ، فيكون حجّة على استحباب ذلك الشيء ولو كان ظاهرا في وجوبه.
والمراد من الخبر الضعيف هو الخبر الذي ليس مشمولا لدليل الحجّية في حدّ نفسه لولا هذه الأخبار ، وهذا الاحتمال هو الظاهر من قولهم بتسامح أدلّة السنن ، وبيان دلالة هذه الأخبار على هذا الاحتمال هو دلالتها على ترتّب الثواب على العمل الذي بلغه أنّ فيه الثواب.
ولا شكّ أنّ ترتّب الثواب على عمل دليل على استحبابه ، والمثبت لهذا الاستحباب هو عنوان البلوغ ، سواء أكان بالخبر الموثّق أو الضعيف ، فيكون خبر الضعيف حجّة على الاستحباب كالخبر الصحيح والموثق.
والإنصاف أنّ خبر الصفوان عن الصادق عليه السلام وصحيحة هشام بن سالم لهما لظهور في هذا المعنى ، حيث رتّب فيهما الأجر على نفس العمل عقيب البلوغ ، وبناء على هذا تكون المسألة أصوليّة ، لأنّ نتيجتها وهي حجّية الخبر الضعيف تقع كبرى في قياس الاستنباط.
ولكن هذا لا يثبت حجّية الخبر الضعيف الذي مفاده الوجوب أو الاستحباب بالنسبة إلى ثبوت الاستحباب به كما ادعاه المدّعي، بل الدليل على استحباب هذا الفعل الذي بلغه الثواب على عمله هو نفس أخبار من بلغ ، وذلك من جهة أنّ استكشاف الاستحباب بناء على هذا الاحتمال من طريق الإن ، لأنّ كون الأجر والثواب له على عمل معلول استحباب ذلك العمل.
وحيث أنّ استكشاف الاستحباب ـ بناء على هذا الاحتمال ـ من ناحية كون الأجر والثواب للعامل الذي بلغه ذلك ، فالدليل على كون الأجر والثواب له هو الدليل على الاستحباب ، لأنّ الدليل على وجود المعلول والأثر دليل على وجود العلّة والمؤثّر.
ولا شكّ في أنّ الدليل على استحقاق الأجر والثواب هو أخبار من بلغ ، فإثبات الاستحباب يكون بأخبار من بلغ ، لا بذلك الخبر الضعيف.
نعم الخبر الضعيف يوجب تحقّق موضوع ما هو حجّة ودليل على استحباب ذلك العمل ، أي يوجب تحقّق موضوع أخبار من بلغ.
فالقول بأنّ أخبار من بلغ يوجب حجّية الخبر الضعيف ـ الدالّ على استحباب عمل أو وجوبه ـ لا يخلو عن مسامحة ، بل ليس بصحيح.
وأمّا حجّية نفس أخبار من بلغ فلا احتياج لها إلى البيان ، فإنّها أخبار صحيحة
معتبرة ، بل ربما ادّعي القطع بصدور بعضها بطور الإجمال ، ومرجع هذا الادّعاء إلى تواترها إجمالا.
ومنها : أنّ مفادها أنّ الانقياد في ترتّب الثواب مثل الإطاعة ، غاية الأمر ثواب الإطاعة بالاستحقاق ، وثواب الانقياد بالتفضّل ، بمعنى أنّه ولو لم يأت بما هو واجب أو مستحبّ ، ولكنّه بعد ما عمله عقيب قيام الحجّة التماس ذلك الثواب ، فالله تبارك وتعالى يتفضّل عليه بإعطاء الأجر ولو أخطأت الحجّة. وبعبارة أخرى : لا يذهب عمله وتعبه عند خطأ الحجّة سدى.
ولعلّ هذا ظاهر خبر محمّد بن مروان عن أبي جعفر عليه السلام.
وبناء على هذا لا ربط لهذه الأخبار بما قالوا من التسامح في أدلّة السنن ، ولا بد لهم من التماس دليل آخر.
ولكن هذا الاحتمال ـ أي كون الثواب على الانقياد ، والعمل على طبق الحجّة وإن أخطأت ـ لا مورد له هاهنا ، لأنّ الخبر الضعيف ليس بحجّة على الفرض. اللهم إلاّ أن يقال :
إنّ موضوع الانقياد هو احتمال الوجوب أو الاستحباب وإن لم تقم حجّة عليهما.
والخبر الضعيف الدالّ على وجوب شيء أو استحبابه موجب لوجود احتمالهما ، ولكن على فرض صدق الانقياد على إتيان محتمل الوجوب أو محتمل الاستحباب لا ربط له بأخبار من بلغ ، لأنّ حسن الانقياد مثل الإطاعة عقليّ ، سواء أكانت أخبار من بلغ أو لم تكن ، وكذلك لا ربط له بالتسامح في أدلّة السنن كما هو واضح ، بل هو حكم عقليّ إرشادي.
وأمّا دلالة هذه الأخبار على أنّه يعطي له الأجر على عمله ، فليس من جهة انقياده ، بل الصحيح أنّه من جهة استحباب العمل الذي تعنون بعنوان أنّه عليه الثواب ، ولا شكّ في اختلاف الأحكام باختلاف العناوين.
مضافا إلى ما ذكرنا أنّه لا انقياد هاهنا ، لأنّه مقابل التجرّي ، فكما أنّ التجرّي عبارة عن مخالفة الحجّة غير المصادفة للواقع، كذلك الانقياد عبارة عن موافقة الحجّة غير المصادفة للواقع.
والمفروض هاهنا أنّه ليس حجّة في البين ، لأنّ الخبر الضعيف ليس بحجّة على الفرض ، وليس مشمولا لأدلّة حجّية الخبر الواحد الموثوق الصدور ، فليس مفاد هذه الأخبار إلاّ إعطاء الأجر والثواب على نفس العمل الذي بلغه الثواب على ذلك العمل.
ومنها : أنّ مفادها هو الإرشاد إلى ما حكم به العقل من حسن الاحتياط والترغيب فيه بإتيان محتمل المطلوبيّة ، سواء أكان محتمل الوجوب أو محتمل الاستحباب ، بأنّ في الاحتياط وإتيان محتمل المطلوبيّة مطلقا ، سواء طابق الواقع أو لم يطابق أجر وثواب إذا أتاه بهذا الداعي.
وبناء على هذا لا تدلّ هذه الأخبار لا على استحباب العمل الذي يأتي به مطلقا ـ سواء أكان بداعي التماس الثواب وطلب قول النبيّ صلى الله عليه واله ، أو لم يكن ـ ولا على حجّية الخبر الضعيف على الاستحباب.
ويمكن أنّ يستظهر هذا الاحتمال من خبري محمّد بن مروان ، حيث قيّد العمل في أحدهما بطلب قول النبيّ صلى الله عليه واله ، وفي الآخر بالتماس ذلك الثواب.
والذي يبعد هذا الاحتمال أنّ الإرشاد إلى الاحتياط بتوسّط عنوان يكون بينه وبين عنوان الاحتياط عموم من وجه ـ وهو عنوان « من بلغ » ـ في غاية البعد ، بل الاستهجاب.
اللهمّ إلاّ أن يقال : بناء على هذا الاحتمال ـ أي كون مفاد هذه الأخبار هو الإرشاد إلى حسن الاحتياط بإتيان محتمل المطلوبية ، والترغيب فيه بأنّ فيه الأجر والثواب ، سواء أكان في الواقع مطلوب أو لم يكن ـ يكون جعل البلوغ موضوعا لهذا الحكم ، أي :
إعطاؤه الأجر والثواب ، من جهة أنّ البلوغ محقّق لموضوع الاحتياط الذي هو عبارة عن احتمال كون ذلك العمل مطلوبا وجوبا أو استحبابا ، لأنّه لو لم يكن هذا الخبر الضعيف لم يحتمل الوجوب أو الاستحباب.
فبناء على هذا يكون عنوان البلوغ ملازم عادة مع احتمال المطلوبيّة ، وإن كان بالدقّة بينهما عموم وخصوص من وجه.
ثمَّ إنّ الظاهر من مفاد مجموع هذه الأخبار هو الاحتمال الأوّل ، أي كون العمل الذي أتى به بداعي التماس الثواب مستحبّا.
غاية الأمر إنّما الكلام في معروض هذا الاستحباب هل هو ذات العمل ، أو العمل المعنون بعنوان البالغ عليه الثواب؟ بحيث يكون من قبيل العنوان الثانوي للعمل ، كعنوان الإكراه والاضطرار ، فيكون ذات العمل وحدها غير محكوم بالاستحباب ، بل كان مباحا في حدّ نفسه ، ولكن بواسطة طروّ هذا العنوان وجدت فيه مصلحة صارت سببا لاستحبابه معنونا بهذا العنوان ، بمعنى أنّه واسطة في العروض ، لا أنّه واسطة في الثبوت فقط.
فالدليل على ثبوت الاستحباب ـ لهذا العمل المعنون بهذا العنوان ـ هو أخبار من بلغ ، لا الخبر الضعيف. وأخبار من بلغ في غاية القوّة والصحّة ، بل ربما ادّعي قطعيّة صدورها. نعم الخبر الضعيف يوجب تعنون العمل بهذا العنوان ، وبعبارة أخرى : يوجب تحقّق موضوع الحجّة.
فبناء على هذا قول المشهور بالتسامح في أدلّة السنن لا ينطبق على هذا ، وليس كما ينبغي إن كان مرادهم هذا المعنى.
نعم لو قلنا أنّ مفاد هذه الأخبار حجّية خبر الضعيف لإثبات الاستحباب ، وبعبارة أخرى : أنّ شرائط الحجّية في باب الخبر الدالّ على الاستحباب ليست عين الشرائط التي أخذت في باب الأحكام الإلزاميّة ، من لزوم كون الراوي عدلا أو ثقة ، ولم يعرض الأصحاب عن العمل به ، إلى غير ذلك من القيود والشرائط.
بل لو دلّ خبر ضعيف على استحباب عمل ، يكون حجّة ومثبتا لذلك الاستحباب. وعلى هذا ينطبق ما ذكروه من التسامح في أدلّة السنن ، ولكن عرفت أنّ مفاد هذه الأخبار غير هذا المعنى.
ثمَّ إنّه بناء على دلالة هذه الأخبار على حجّية الخبر الضعيف في باب السنن ، فللفقيه أن يفتي باستحباب العمل الذي دلّ خبر ضعيف على استحبابه ، فيكون حاله حال سائر الأحكام الشرعيّة التي قامت حجّة معتبرة على ثبوتها ، فيكون مستحبّا في حقّه وفي حقّ مقلّديه.
ولكن عرفت أنّ هذه الأخبار لا تدلّ على حجّية الخبر الضعيف بالنسبة إلى ثبوت الاستحباب ، كي تكون شرائط حجّية الخبر في إثبات الواجبات غير شرائط حجّيته في باب المستحبّاب.
نعم للفقيه أن يفتي باستحباب ما قام على استحبابه أو وجوبه خبر ضعيف ، فيما إذا تعنون بعنوان البلوغ لا بعنوانه الأوّلي ، ولا من جهة أنّ الخبر الضعيف حجّة ـ كما توهّم ـ بل من جهة دلالة حجّة معتبرة وهي أخبار من بلغ على استحباب العمل الذي بلغ عليه الثواب ، كما استظهرنا هذا المعنى منها.
وأمّا إذا احتمل الاستحباب أو ظنّ به من فتوى فقيه ، بل من شهرة أو إجماع منقول ، أو من غير ذلك ممّا ليس بحجّة شرعا ، فليس له أن يفتي بالاستحباب من ناحية أخبار من بلغ ، لعدم صدق البلوغ ، وعدم دلالة هذه الأخبار على حجّية هذه الأمور على الفرض ، بل دلالتها مختصّة بحجّية الخبر الضعيف.
وأمّا بناء على ما استظهرنا منها من أنّ مفادها استحباب العمل الذي بلغ إليه من ناحية المعصوم أنّ عليه الثواب والأجر كي تكون المسألة فقهيّة ، بخلاف الصورة السابقة فإنّها أصوليّة ، لأنّ مفادها حجّية الخبر الضعيف فيقع كبرى في قياس الاستنباط، وقد تقدّم مرارا أنّه مناط كون المسألة أصوليّة.
فشمولها لفتوى الفقيه والشهرة وإجماع المنقول والاستحسانات وغير ذلك ممّا ليس بحجّية شرعا منوط على صدق البلوغ ، أي صدق بلوغ الأجر والثواب على ذلك العمل الذي دلّ أحد هذه الأمور على استحبابه ، فإذا صدق البلوغ يكون مستحبا بأخبار من بلغ ، وإذ ليس فليس.
ولا شكّ في عدم صدق بلوغ الثواب والأجر عن النبي صلى الله عليه واله أو الأئمّة : بالنسبة إلى فتوى الفقيه والشهرة ، وذلك لأنّ فتوى الفقيه عبارة عن الإخبار عن رأيه لا عن المعصوم عليه السلام ، والشهرة أيضا كذلك عبارة عن أخبار جمع كثير من الفقهاء عن آرائهم لا عن النبيّ صلى الله عليه واله.
فلا يتحقّق بهما ـ أي الشهرة وفتوى الفقيه ـ موضوع الاستحباب المستفاد من أخبار من بلغ.
وأمّا الإجماع المنقول إن قلنا بأنّه حجّة وكاشف عن رأي الإمام عليه السلام فيكون خارجا عن محلّ البحث ، وإن قلنا بعدم حجّيته كما هو كذلك فيكون حاله حال الشهرة ، بل هو هو.
وأمّا بناء على أن يكون مفادها أنّ ثواب الانقياد مثل الإطاعة تفضّلا ـ بدون أن يكون طلب استحبابي في البين ـ فلا تدلّ هذه الأخبار على استحباب ما دلّ على استحبابه خبر ضعيف ، فضلا عمّا إذا كان منشأ احتمال الاستحباب شيئا آخر ـ غير الخبر الضعيف ـ ممّا ذكرنا من مثل الشهرة وإجماع المنقول وغيرهما.
بل تدلّ على أنّ في كلّ مورد يصدق عنوان بلوغ الثواب ـ إذا كان البلوغ بسبب حجّة على أحد الاحتمالين ، أو مطلقا على احتمال آخر ـ ففعله التماس ذلك الثواب ، فالله تبارك وتعالى يتفضّل عليه بذلك الأجر والثواب وإن لم يكن البلوغ مطابقا للواقع.
فليس للفقيه أن يفتي ـ بناء على هذا الاحتمال ـ بالاستحباب حتّى يقلّده العامي ، ويأتي به بعنوان أنّه مستحب ، وليس له أيضا أن يأتي به بعنوان أنّه مستحبّ ، بل له أن يأتي برجاء الواقع والتماس ذلك الأجر والثواب ، كما أنّ له أن يرشد العاميّ إلى ما هو مضمون ومفاد هذه الأخبار ، بأن يقول أو يكتب : من بلغه عن المعصوم سلام الله عليه ثواب أو أجر على عمل ، فأتى بذلك العمل رجاء ، يكون له أجر ذلك العمل.
وهذا ليس من باب الإفتاء وإظهار الحكم الشرعي ، بل من قبيل الإرشاد إلى أمر يترتّب عليه الثواب.
ثمَّ إنّه بناء على استفادة الاستحباب لا فرق بين أن يكون الخبر الضعيف مفاده استحباب الشيء أو وجوبه ، لاتّحاد المناط فيهما ، وهو بلوغ الثواب والأجر فيهما ، كما أنّه بناء على سائر الاحتمالات أيضا لا فرق في تحقّق الموضوع وصدق البلوغ بينهما.
نعم بناء على استفادة حجّية الخبر الضعيف في باب الاستحباب ـ كي تكون المسألة أصوليّة كما بيّنّا ـ فالخبر الضعيف الدالّ على وجوب شيء لا يثبت به مؤدّاه ، أعني وجوب ذلك الشيء ، وهل يثبت به الاستحباب؟ بناء على هذا الاحتمال لا يبعد ذلك.
أمّا الأوّل ـ أي عدم ثبوت الوجوب به ـ فمن جهة أنّ المفروض دلالة هذه الأخبار على حجّية الخبر الضعيف بالنسبة إلى الاستحباب ، لا فيما إذا كان مفاده الوجوب.
وأمّا الثاني فمن جهة أنّ الخبر الضعيف الذي دلّ على وجوب شيء ، يدلّ بالدلالة التضمنيّة على مطلوبيّته ورجحانه في ضمن دلالته على وجوبه بالدلالة المطابقيّة.
ويمكن أن يكون حجّة باعتبار دلالته التضمّنية بواسطة هذه الأخبار ، وإن لم يكن حجّة في مدلوله المطابقي ، ولا ملازمة في الحجية بين الدلالتين ولكنّه لا يخلو عن إشكال.
ثمَّ إنّه هل تدلّ هذا الأخبار على كراهة ما دلّ الخبر الضعيف على كراهته أو حرمته؟ فيكون حال الحرمة والكراهة حال الوجوب والاستحباب في التسامح ، بمعنى أنّه تثبت الكراهة بالخبر الضعيف الدالّ على الكراهة أو الحرمة؟
الظاهر عدم دلالتها على ذلك ، فلا يجري التسامح في أدلّة المكروهات ، لأنّ غاية ما يمكن أن يقال في هذا المقام : أنّ الخبر الضعيف الذي قام على كراهة شيء أو حرمته ، يدلّ بالدلالة الالتزاميّة على أنّ في ترك ذلك الشيء أجر وثواب ، كما هو كذلك في تروك الصوم والإحرام ، فيدلّ على استحباب الترك ورجحانه ، فيكون الفعل مرجوحا.
وهذا معنى الكراهة فيما لا يكون الفعل حراما ، كما هو المفروض في المقام ، لأنّ الخبر الضعيف إذا كان ظاهرا في الكراهة فلا وجه لحرمة الفعل ، وإذا كان ظاهرا في الحرمة فلا تثبت الحرمة به لعدم حجّيته لضعفه.
وأنت خبير : بأنّ هذا الكلام ـ على فرض تماميّته وصحّته ـ لا يثبت إلاّ استحباب الترك ، لا كراهة الفعل ، لعدم الملازمة بينهما فعلا وتركا ، فيمكن أن يكون الفعل أو الترك مستحبّا ، ولا يكون الطرف الآخر مكروها ، وكذلك يمكن أن يكون الفعل أو الترك مكروها. ولا يكون الطرف المقابل مستحبّا.
هذا مع أنّه لو كان الفعل حراما أو مكروها معناه أنّ فيه مفسدة ملزمة في الأوّل وحزازة في الثاني ، لا أنّ في الترك مصلحة كي يكون له أجر وثواب.
هذا ، مضافا إلى أنّ ظاهر هذه الأخبار ترتّب الأجر والثواب على عمل عمله التماس ذلك الأجر ، والعمل ظاهر في الأمر الوجودي ولا يشمل التروك.
نعم ربما يكون مفاد الخبر الضعيف استحباب ترك أو وجوبه ، كما أنّه ربما يقع ذلك في باب الصوم وباب الإحرام ، فحينئذ يمكن التمسّك لا استحباب ذلك الترك بهذه الأخبار ، لكن هذا خارج عن محلّ البحث والكلام.
ثمَّ إنّه بناء على ما استظهرنا من هذه الأخبار من استحباب العمل الذي صار معنونا بعنوان بلوغ الأجر والثواب عليه ، فلا بدّ من صدق البلوغ عرفا لتحقّق موضوع الاستحباب به ، وذلك لا يكون إلاّ بدلالة الخبر الضعيف عليه بإحدى الدلالات اللفظيّة الوضعيّة حسب الظهور العرفي. فلو كان الخبر الضعيف غير ظاهر في البلوغ فلا يثبت به الاستحباب.
وبناء على هذا لو ورد خبر ضعيف مطلق بالإطلاق الشمولي ، أو كان عامّا أصوليّا على إكرام جميع العلماء وجوبا أو ندبا ، وورد مقيّد أو مخصّص بالنسبة إلى بعض الحالات ، أو بعض الأفراد أو الأصناف ، فإن كان المقيّد أو المخصّص متّصلا ، حيث أنّهما يمنعان عن انعقاد الظهور بالنسبة إلى المقدار الخارج عن تحت العامّ أو المطلق الذي دلّ على عمومه أو إطلاقه خبر الضعيف ، فلا يصدق البلوغ بالنسبة إلى المقدار الخارج ، فلا يمكن إثبات استحباب ذلك المقدار بأخبار من بلغ ، وذلك لعدم تحقّق موضوعه ، أي البلوغ.
وأمّا لو كان التقييد أو التخصيص بالمنفصل ، فحيث أنّ الظهور لا ينثلم بالمنفصل ، يمكن أن يقال حيث أنّ ظهور المطلق في الإطلاق والعامّ في العموم باق بعد ورود المقيّد والمخصّص المنفصلين ، فيصدق البلوغ وتشمله أخبار من بلغ.
هذا فيما إذا كان المقيّد والمخصّص خبرا ضعيفا غير حجّة ، وأمّا إذا كان مشمولا لدليل الحجّية فربما يقال : حيث يسقط ظهور المطلق والعامّ عن الحجّية في تلك القطعة بواسطة تقديم ظهور المقيّد والمخصّص على ظهورهما ، فلا يصدق البلوغ بالنسبة إلى الظهور إلى الذي ليس بحجّة.
ولكن أنت خبير بأنّ بلوغ شيء عن شخص بواسطة الإخبار عنه ليس إلاّ أن يكون كلام المخبر وإخباره ظاهرا في أنّه قال كذا ، سواء كان صادقا في إخباره أو كاذبا ، وسواء كان خبره حجّة أو لا.
ولذلك يمكن أن يقال في المتعارضين بعد التساقط أيضا ، كما إذا كان أحدهما ظاهرا في الوجوب أو الاستحباب والآخر في نفيهما ، وإن كان يسقط ما هو ظاهر في الوجوب أو الاستحباب عن الحجيّة ، إلاّ أنّ ظهوره في أحدهما باق فبأخبار من بلغ يثبت استحبابه.
فلا فرق في صدق البلوغ وشمول أخبار من بلغ لتلك القطعة بين أن يكون ظهورهما حجّة فيها ، أو لم يكن.
نعم لو كان مفاد دليل المقيّد والمخصص المعتبر حكما تحريميا ، فلا يمكن القول باستحباب تلك القطعة بأخبار من بلغ.
ثمَّ إنّه هل تشمل أخبار من بلغ فتوى الفقيه باستحباب شيء أو وجوبه ، فيكون حاله حال الخبر الضعيف ، أم لا؟
الظاهر عدم الشمول ، لأنّ الفقيه يخبر عن رأيه بالوجوب أو الاستحباب ، وربما يكون منشأ رأيه وحدسه شيئا آخر غير الأخبار المرويّة عنهم : من الاستحسانات ، وتنقيح المناطات بنظره ، فلا ربط حينئذ بين الإخبار عن رأيه وفتواه ، وبين البلوغ عن النبي صلى الله عليه واله مع أنّه لو كان منشأ رأيه وفتواه هي الأخبار أيضا لا يفيد ؛ لأنّه فرق بين رأيه المستنبط عن الأخبار وبين نقل ما قاله النبيّ صلى الله عليه واله ، فالأوّل ليس اخبارا عن النبيّ صلى الله عليه واله ولا يصدق عليه البلوغ عن النبيّ بخلاف الثاني كما هو واضح.
ثمَّ إنّه هل تشمل هذه الأخبار مورد الخبر الضعيف الذي مفاده وقوع بعض المصائب لأهل البيت أو للنبيّ صلى الله عليه واله بأن يقال : حيث أنّه من المسلّم والمقطوع أنّ البكاء على مصائبهم :
له أجر وثواب عظيم ، فمفاد هذا الخبر الضعيف ينتهي إلى الأجر والثواب على البكاء في هذه المصيبة.
ولكن أنت خبير بأنّ هذا الكلام مغالطة عجيبة ، لأنّ كون البكاء على مصائبهم موجبا للأجر والثواب أمر مسلّم مقطوع ، فالمهمّ إثبات الصغرى وهي وقوع هذه المصيبة في الخارج ، وهي حيث أنّها من الموضوعات الخارجيّة فلا يثبت بالخبر الصحيح الواحد ، فضلا عن الخبر الضعيف.
نعم يمكن أن يقال : إذا كان البكاء لظنّ وقوع مصيبة أو احتماله عليهم : يوجب الأجر والثواب ، فكما أنّ الخبر الصحيح موجب لتحقّق موضوع الأجر والثواب ـ أي الظنّ أو احتمال وقوع تلك المصيبة ـ فكذلك الخبر الضعيف.
وهذا لا ربط له بأخبار من بلغ ، وما قلنا جار في جميع الموضوعات الخارجيّة التي دلّ على وجودها خبر ضعيف وإن كان العمل المتعلّق بذلك الموضوع كان له أجر وثواب.
وأمّا جواز نقل ما هو مضمون الخبر الضعيف الوارد في مصائبهم : واستناده إليهم صلوات الله عليهم فأجنبيّ عن مقامنا.
والحمد لله أوّلاً وآخراً ، وظاهراً وباطناً
_____________
(*) « الأصول الأصليّة والقواعد الشرعيّة » ص 164 ، « عوائد الأيام » ص 269 ، « عناوين الأصول » عنوان 15 ، « الرسائل الفقهية » ص 137 ، « اصطلاحات الأصول » ص 183 ، « القواعد » ص 83 ، « التسامح في أدلة السنن » سيد محمد مهدي آل حكيم ، أكبر آباد هند ، 1307 ق ، « بحث در قاعدة تسامح » سيد على محمد المدرّس الأصفهاني ، مجلّة « كانون وكلاء » العام 8 ، العدد 47 ، « تسامح در أدلة سنن ، بحثي در اخبار من بلغ » سيد أبو الفضل مير محمدي ، نشرة « مقالات وبررسيها » العدد 47 ـ 48 ، ص 1 ـ 17 ، والعدد 49 ـ 50 ، ص 1 ـ 18.
(1) « المحاسن » ص 25 ، ح 2 ، « وسائل الشيعة » ج 1 ، ص 60 ، أبواب مقدّمة العبادات ، باب 18 ، ح 3.
(2) « ثواب الأعمال » ص 160 ، ح 1 ، « وسائل الشيعة » ج 1 ، ص 59 ، أبواب مقدّمة العبادات ، ب 18 ، ح 1.
(3) « المحاسن » ص 25 ، ح 1 ، « وسائل الشيعة » ج 1 ، ص 60 ، أبواب مقدّمة العبادات ، ب 18 ، ح 4.
(4) « الكافي » ج 2 ، ص 71 ، باب من : بلغه ثواب من الله على عمل ، ح 2 ، « وسائل الشيعة » ج 1 ، ص 60 ، أبواب مقدّمة العبادات ، باب 18 ، ح 7.