1

x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

المسائل الفقهية

التقليد

الطهارة

احكام الاموات

الاحتضار

التحنيط

التشييع

التكفين

الجريدتان

الدفن

الصلاة على الميت

الغسل

مسائل تتعلق باحكام الاموات

أحكام الخلوة

أقسام المياه وأحكامها

الاستحاضة

الاغسال

الانية واحكامها

التيمم (مسائل فقهية)

احكام التيمم

شروط التيمم ومسوغاته

كيفية التيمم

مايتيمم به

الجنابة

سبب الجنابة

مايحرم ويكره للجُنب

مسائل متفرقة في غسل الجنابة

مستحبات غسل الجنابة

واجبات غسل الجنابة

الحيض

الطهارة من الخبث

احكام النجاسة

الاعيان النجسة

النجاسات التي يعفى عنها في الصلاة

كيفية سراية النجاسة الى الملاقي

المطهرات

النفاس

الوضوء

الخلل

سنن الوضوء

شرائط الوضوء

كيفية الوضوء واحكامه

مسائل متفرقة تتعلق بالوضوء

مستمر الحدث

نواقض الوضوء والاحداث الموجبة للوضوء

وضوء الجبيرة واحكامها

مسائل في احكام الطهارة

الصلاة

مقدمات الصلاة(مسائل فقهية)

الستر والساتر (مسائل فقهية)

القبلة (مسائل فقهية)

اوقات الصلاة (مسائل فقهية)

مكان المصلي (مسائل فقهية)

افعال الصلاة (مسائل فقهية)

الاذان والاقامة (مسائل فقهية)

الترتيب (مسائل فقهية)

التسبيحات الاربعة (مسائل فقهية)

التسليم (مسائل فقهية)

التشهد(مسائل فقهية)

التعقيب (مسائل فقهية)

الركوع (مسائل فقهية)

السجود(مسائل فقهية)

القراءة (مسائل فقهية)

القنوت (مسائل فقهية)

القيام (مسائل فقهية)

الموالاة(مسائل فقهية)

النية (مسائل فقهية)

تكبيرة الاحرام (مسائل فقهية)

منافيات وتروك الصلاة (مسائل فقهية)

الخلل في الصلاة (مسائل فقهية)

الصلوات الواجبة والمستحبة (مسائل فقهية)

الصلاة لقضاء الحاجة (مسائل فقهية)

صلاة الاستسقاء(مسائل فقهية)

صلاة الايات (مسائل فقهية)

صلاة الجمعة (مسائل فقهية)

صلاة الخوف والمطاردة(مسائل فقهية)

صلاة العيدين (مسائل فقهية)

صلاة الغفيلة (مسائل فقهية)

صلاة اول يوم من كل شهر (مسائل فقهية)

صلاة ليلة الدفن (مسائل فقهية)

صلوات اخرى(مسائل فقهية)

نافلة شهر رمضان (مسائل فقهية)

المساجد واحكامها(مسائل فقهية)

اداب الصلاة ومسنوناتها وفضيلتها (مسائل فقهية)

اعداد الفرائض ونوافلها (مسائل فقهية)

صلاة الجماعة (مسائل فقهية)

صلاة القضاء(مسائل فقهية)

صلاة المسافر(مسائل فقهية)

صلاة الاستئجار (مسائل فقهية)

مسائل متفرقة في الصلاة(مسائل فقهية)

الصوم

احكام متفرقة في الصوم

المفطرات

النية في الصوم

ترخيص الافطار

ثبوت شهر رمضان

شروط الصوم

قضاء شهر رمضان

كفارة الصوم

الاعتكاف

الاعتكاف وشرائطه

تروك الاعتكاف

مسائل في الاعتكاف

الحج والعمرة

شرائط الحج

انواع الحج واحكامه

الوقوف بعرفة والمزدلفة

النيابة والاستئجار

المواقيت

العمرة واحكامها

الطواف والسعي والتقصير

الصيد وقطع الشجر وما يتعلق بالجزاء والكفارة

الاحرام والمحرم والحرم

اعمال منى ومناسكها

احكام عامة

الصد والحصر*

الجهاد

احكام الاسارى

الارض المفتوحة عنوة وصلحا والتي اسلم اهلها عليها

الامان

الجهاد في الاشهر الحرم

الطوائف الذين يجب قتالهم

الغنائم

المرابطة

المهادنة

اهل الذمة

وجوب الجهاد و شرائطه

مسائل في احكام الجهاد

الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

مراتب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

حكم الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وشرائط وجوبهما

اهمية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

احكام عامة حول الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

الخمس

مايجب فيه الخمس

مسائل في احكام الخمس

مستحق الخمس ومصرفه

الزكاة

اصناف المستحقين

اوصاف المستحقين

زكاة الفطرة

مسائل في زكاة الفطرة

مصرف زكاة الفطرة

وقت اخراج زكاة الفطرة

شرائط وجوب الزكاة

ماتكون فيه الزكاة

الانعام الثلاثة

الغلات الاربع

النقدين

مال التجارة

مسائل في احكام الزكاة

احكام عامة

علم اصول الفقه

تاريخ علم اصول الفقه

تعاريف ومفاهيم ومسائل اصولية

المباحث اللفظية

المباحث العقلية

الاصول العملية

الاحتياط

الاستصحاب

البراءة

التخيير

مباحث الحجة

تعارض الادلة

المصطلحات الاصولية

حرف الالف

حرف التاء

حرف الحاء

حرف الخاء

حرف الدال

حرف الذال

حرف الراء

حرف الزاي

حرف السين

حرف الشين

حرف الصاد

حرف الضاد

حرف الطاء

حرف الظاء

حرف العين

حرف الغين

حرف الفاء

حرف القاف

حرف الكاف

حرف اللام

حرف الميم

حرف النون

حرف الهاء

حرف الواو

حرف الياء

القواعد الفقهية

مقالات حول القواعد الفقهية

اخذ الاجرة على الواجبات

اقرار العقلاء

الإتلاف - من اتلف مال الغير فهو له ضامن

الإحسان

الاشتراك - الاشتراك في التكاليف

الاعانة على الاثم و العدوان

الاعراض - الاعراض عن الملك

الامكان - ان كل ما يمكن ان يكون حيضا فهو حيض

الائتمان - عدم ضمان الامين - ليس على الامين الا اليمين

البناء على الاكثر

البينة واليمين - البينة على المدعي واليمين على من انكر

التقية

التلف في زمن الخيار - التلف في زمن الخيار في ممن لا خيار له

الجب - الاسلام يجب عما قبله

الحيازة - من حاز ملك

الزعيم غارم

السبق - من سبق الى ما لم يسبقه اليه احد فهو احق به - الحق لمن سبق

السلطنة - التسلط - الناس مسلطون على اموالهم

الشرط الفاسد هل هو مفسد للعقد ام لا؟ - الشرط الفاسد ليس بمفسد

الصحة - اصالة الصحة

الطهارة - كل شيء طاهر حتى تعلم انه قذر

العقود تابعة للقصود

الغرور - المغرور يرجع الى من غره

الفراغ و التجاوز

القرعة

المؤمنون عند شروطهم

الميسور لايسقط بالمعسور - الميسور

الوقوف على حسب ما يوقفها اهلها

الولد للفراش

أمارية اليد - اليد

انحلال العقد الواحد المتعلق بالمركب الى عقود متعددة - انحلال العقودالى عقود متعددة

بطلان كل عقد بتعذر الوفاء بمضمونه

تلف المبيع قبل قبضه - اذا تلف المبيع قبل قبضه فهو من مال بائعه

حجية البينة

حجية الضن في الصلاة

حجية سوق المسلمين - السوق - أمارية السوق على كون اللحوم الموجودة فيه مذكاة

حجية قول ذي اليد

حرمة ابطال الاعمال العبادية الا ما خرج بالدليل

عدم شرطية البلوغ في الاحكام الوضعية

على اليد ما اخذت حتى تؤدي - ضمان اليد

قاعدة الالزام - الزام المخالفين بما الزموا به انفسهم

قاعدة التسامح في ادلة السنن

قاعدة اللزوم - اصالة اللزوم في العقود - الاصل في المعاملات اللزوم

لا تعاد

لا حرج - نفي العسر و الحرج

لا ربا في ما يكال او يوزن

لا شك في النافلة

لا شك لكثير الشك

لا شك للإمام و المأموم مع حفظ الآخر

لا ضرر ولا ضرار

ما يضمن و ما لا يضمن - كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده وكل عقد لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده

مشروعية عبادات الصبي وعدمها

من ملك شيئا ملك الاقرار به

نجاسة الكافر وعدمها - كل كافر نجس

نفي السبيل للكافر على المسلمين

يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب

قواعد فقهية متفرقة

المصطلحات الفقهية

حرف الألف

حرف الباء

حرف التاء

حرف الثاء

حرف الجيم

حرف الحاء

حرفق الخاء

حرف الدال

حرف الذال

حرف الراء

حرف الزاي

حرف السين

حرف الشين

حرف الصاد

حرف الضاد

حرف الطاء

حرف الظاء

حرف العين

حرف الغين

حرف الفاء

حرف القاف

حرف الكاف

حرف اللام

حرف الميم

حرف النون

حرف الهاء

حرف الواو

حرف الياء

الفقه المقارن

كتاب الطهارة

احكام الاموات

الاحتضار

الجريدتان

الدفن

الصلاة على الاموات

الغسل

الكفن

التشييع

احكام التخلي

استقبال القبلة و استدبارها

مستحبات و ومكروهات التخلي

الاستنجاء

الاعيان النجسة

البول والغائط

الخمر

الدم

الكافر

الكلب والخنزير

المني

الميتة

احكام المياه

الوضوء

احكام الوضوء

النية

سنن الوضوء

غسل الوجه

غسل اليدين

مسح الرأس

مسح القدمين

نواقض الوضوء

المطهرات

الشمس

الماء

الجبيرة

التيمم

احكام عامة في الطهارة

احكام النجاسة

الحيض و الاستحاظة و النفاس

احكام الحيض

احكام النفاس

احكام الاستحاضة

الاغسال المستحبة

غسل الجنابة واحكامها

كتاب الصلاة

احكام السهو والخلل في الصلاة

احكام الصلاة

احكام المساجد

افعال الصلاة

الاذان والاقامة

التسليم

التشهد

الركوع

السجود

القراءة

القنوت

القيام

النية

تكبيرة الاحرام

سجدة السهو

الستر والساتر

الصلوات الواجبة والمندوبة

صلاة الاحتياط

صلاة الاستسقاء

صلاة الايات

صلاة الجماعة

صلاة الجمعة

صلاة الخوف

صلاة العيدين

صلاة القضاء

صلاة الليل

صلاة المسافر

صلاة النافلة

صلاة النذر

القبلة

اوقات الفرائض

مستحبات الصلاة

مكان المصلي

منافيات الصلاة

كتاب الزكاة

احكام الزكاة

ماتجب فيه الزكاة

زكاة النقدين

زكاة مال التجارة

زكاة الغلات الاربعة

زكاة الانعام الثلاثة

شروط الزكاة

زكاة الفطرة

احكام زكاة الفطرة

مصرف زكاة الفطرة

وقت وجوب زكاة الفطرة

اصناف واوصاف المستحقين وأحكامهم

كتاب الصوم

احكام الصوم

احكام الكفارة

اقسام الصوم

الصوم المندوب

شرائط صحة الصوم

قضاء الصوم

كيفية ثبوت الهلال

نية الصوم

مستحبات ومكروهات الصوم

كتاب الحج والعمرة

احرام الصبي والعبد

احكام الحج

دخول مكة واعمالها

احكام الطواف والسعي والتقصير

التلبية

المواقيت

الصد والحصر

اعمال منى ومناسكها

احكام الرمي

احكام الهدي والاضحية

الحلق والتقصير

مسائل متفرقة

النيابة والاستئجار

الوقوف بعرفة والمزدلفة

انواع الحج واحكامه

احكام الصيد وقطع الشجر وما يتعلق بالجزاء والكفارة

احكام تخص الاحرام والمحرم والحرم

العمرة واحكامها

شرائط وجوب الحج

كتاب الاعتكاف

كتاب الخمس

الفقه الاسلامي واصوله : القواعد الفقهية : الحيازة - من حاز ملك :

قاعدة « الحيازة – من حاز ملك »

المؤلف:  الشيخ ناصر مكارم الشيرازي

المصدر:  القواعد الفقهية

الجزء والصفحة:  ج2 ص119 – 137 .

18-9-2016

679

[ والكلام في القاعدة يكون فيما يأتي ] :  

- سببية الحيازة للملك‌.

- مدرك القاعدة من بناء العقلاء‌.

- مدركها من السنة‌.      

- بما ذا تحقق الحيازة؟

- هل يعتبر في الحيازة القصد أو لا؟

- هل يجوز التوكيل والاستيجار في الحيازة أو لا؟

- هل للحيازة حد؟

سببية الحيازة للملك :

المعروف بين العلماء ان من حاز شيئا ملكه، حتى جعلوها قاعدة مستقلة برأسها واستدلوا بها على الملكية في موارد مختلفة، تحت عنوان «من حاز ملك» وستعرف ان شاء اللّه انه لم يرد بهذا العنوان نص خاص، بل اصطادوها من نصوص مختلفة، واردة في أبواب الفقه، ولكن لم نر من تعرض لهذه القاعدة مستقلا، بل وقعت الإشارة منهم إليها في طيات المسائل المختلفة.

قال المحقق (قدس سره) في «كتاب الشركة» من «الشرائع»: «والأشبه في الحيازة اختصاص كل واحد بما حازه» «1».

وقال في آخر «كتاب الشركة»: «التاسعة: إذا استأجر للاحتطاب أو الاحتشاش أو الاصطياد مدة معينة صحت الإجارة ويملك المستأجر ما يحصل من ذلك في تلك المدة» «2».

ولكن عد الالتقاط والاحتطاب والاحتشاش في كتاب الوكالة، مما لا تصح النيابة فيه.

ولا يخفى التهافت بين كلاميه في كتابي الوكالة والإجارة.

وقال في «المسالك» في «كتاب الشركة»: «والأشبه في الحيازة اختصاص كل واحد بما حازه من الحيازة» «3».

وسيأتي الكلام ان شاء اللّه مستقصى في معنى الحيازة، وانها هل هي مجرد السلطة على شي‌ء من دون الحاجة الى النية، أو انها أمر قصدي مضافا الى السلطة لا يصح الا للمباشر، أو هي سلطة مع النية ولكن تقبل الوكالة والنيابة، وتصح من المباشر وغير المباشر، أو أنها تابعة لملك المنافع فمن ملك منفعة إنسان بالإجارة أو غيرها تملك ما حازه، قصد أم لم يقصد.

ولكن يتم هذا البحث بعد بيان مدارك القاعدة وتحقيق مؤداها فنقول ومن اللّه نستمد التوفيق:

«مدرك القاعدة» :

الأول : بناء العقلاء :

وهذه القاعدة كغيرها من القواعد الفقهية متخذة من بناء العقلاء، أمضاها الشارع مع قيود، أو بغير قيد، فلنرجع أولا إلى بناء العقلاء في ذلك ونقول:

ان اللّه خلق الإنسان وأودع فيه ودائع قيّمة ليعبده ويتقرب اليه، وبما انه مركب من الجسم والروح خلق له في الأرض ما يتقوى به جسمه، فقال تعالى {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا } [البقرة: 29] فرخص له الانتفاع بمواهبها والتمتع من نعمها، وإذا راجعنا الى ابتداء خلق الإنسان في الأرض نرى انه لم يكن مالكا لشي‌ء ثمَّ اختص بأشياء ولم يكن ذلك الا من طريق الحيازة.

فكل من يسيطر على شي‌ء ويحوزه، من منابع الأرض ومواهبها يرى لنفسه اختصاصا بها ولها اختصاصا به ومن هنا نشأت عنوان الملكية.

وقد كان كثير من الأشياء الموجودة على الأرض لا يمكن الانتفاع بها قبل إصلاحها واعمال عليها فكان يعمل فيها بما يصلحها ويعدها لحوائجه، فكان العمل سببا آخر للملكية.

ومن هنا يعلم ان جميع الاملاك الموجودة للإنسان ترجع الى احد هذين السببين: «الحيازة» و«العمل» فلولا الحيازة أو العمل لم يكن ملك، وهذا أوضح دليل على ان الحيازة من أسباب الملك، لان جميعها بالمآل يرجع اليه.

ثمَّ بعث اللّه الرسل وانزل الكتب السماوية لهداية الإنسان إلى غاية خلقه ، وإيصاله إلى كمال مطلوبه ، وإصلاح أمور معاشه ومعاده.

وهم قرروها الأمم على كثير من أمورهم العقلائية، ومنها الحيازة، فلم ينكر احد منهم سببية الحيازة للملك، وكذا سببية العمل له.

نعم ذكروا لها شروطا وقيودا اجتنابا من مفاسدها، وتكميلا لمصالحها.

الى ان جاء نبينا محمد صلّى اللّه عليه وآله وانزل عليه القرآن، فهو أيضا قرر أمته على ذلك ولم يمنع منه بل آثار في نفوسهم الشوق الى احياء الأرض، وحيازة منابعها، ومواهبها وصرفها في المعروف وما يكون فيه رضا الرب.

وهذه السيرة العقلائية من أقوى السير، ومن أقدمها، فهي أحرى بالحجية من غيرها.

كما ان إمضاء الشرع لها أظهر من الجميع ، فقد كان حيازة المباحات طول الليل والنهار، وفي جميع أيام السنة، بمرأى من الشارع وبمسمعه، ولم ينكر على احد في ذلك بل أكده وجرى عمله وعمل أصحابه عليه ، فاذا لا يبقى اي شك في كون الحيازة- على إجمالها- سببا للملك.

2- السنة :

الحق كما صرح به بعضهم ان تعبير ب‍ « من حاز ملك » لم يوجد في شي‌ء من روايات العامة ولا الخاصة، وان كان يظهر من بعض كلمات الفقيه الماهر صاحب الجواهر (قدس سره) ان هذه العبارة من أقوال المعصومين «4» ولكن يمكن حملها- بقرينة ما عرفت- على كون هذه القاعدة الكلية مصطادة من رواياتهم الخاصة فتأمل.

وإذ قد عرفت هذا فاعلم ان هناك روايات كثيرة واردة في أبواب الحيازة واحياء الموات، مما يدل عموما أو خصوصا على هذا الحكم الكلي.

1- منها ما عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه عليهما السّلام قالا قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله «من أحيا أرضا مواتا فهي له» «5».

الى غير ذلك مما ورد في «باب إحياء الأراضي الموات» وقد جمعها صاحب الوسائل في الباب الأول من كتاب احياء الموات.

والتعبير فيها وان كان بالاحياء، الا انه من باب ان الحيازة في الأراضي لا تكون إلا بالإحياء، أو ان الشارع أضاف الإحياء إلى الحيازة فيها، وعلى كل حال فهي تدل على ان الحيازة مطلقا بناء على انها لا تكون في الأراضي الا بالإحياء، أو مقيدا بالاحياء بناء على كون الإحياء أخص منه، سبب للملكية.

وما قد يقال من ان الاحياء في الأراضي لا يوجب الملك، بل يوجب حق الأولوية نظرا الى ما ورد في بعض روايات الباب من التعبير بقوله: «فهم أحق بها» مما لا يصغى إليه لأن الجمع بينهما يقتضي حمل الحق على الملك هنا، وتمام الكلام في هذا المعنى في محله.

2- منها ما ورد في «أبواب اللقطة» مثل ما عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال من أصاب مالا أو بعيرا في فلات من الأرض قد كلّت وقامت وسيّبها صاحبها مما لم يتبعه، فأخذها غيره فأقام عليها، وأنفق نفقته، حتى أحياها من الكلال ومن الموت، فهي له ،ولا سبيل له عليها، وانما هي مثل الشي‌ء المباح «6».

وقوله عليه السّلام في ذيل الحديث: «انما هي مثل الشي‌ء المباح» دليل على عدم اختصاص الحكم بالدابة المرسلة في الفلوات التي أعرض عنها صاحبها فأخذها غيرها وأنفق عليها حتى أحياها من الموت، بل يشمل هذا الحكم كل مباح قد حازه إنسان وان الحيازة توجب الملكية مطلقا.

3- مثله رواية أخرى عن مسمع عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال ان أمير المؤمنين عليه السّلام كان يقول في الدابة إذا سرحها أهلها، أو عجزوا عن علفها أو نفقتها، فهي للذي أحياها «7».

و لكن لم يرد في ذيلها الكبرى الكلية التي ورد في ما قبلها.

بل يظهر مما ورد في ذيل هذه الرواية وهو قوله «ان كان تركها في كلاء وماء وأمن فهي له يأخذها متى شاء، وان كان تركها في غير كلاء ولا ماء فهي لمن أحياها» انه يكفي في مقام الإثبات عند التنازع والتعارض ترك الدابة في غير ماء ولا كلاء، فهو دليل الاعراض في الظاهر، فيصير من قبيل المباحات الأصلية فهو لمن أحياه، وعلى كل حال لا ينبغي الريب في إلغاء الخصوصية من مورد الرواية.

4- ومثله ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السّلام ان أمير المؤمنين عليه السّلام قضى في رجل ترك دابته من جهد، فقال ان تركها في كلاء وماء وأمن فهي له يأخذها حيث أصابها، وان تركها في خوف وعلى غير ماء ولا كلاء فهي لمن أصابها «8».

5- ومنها ما ورد في أبواب اللقطة أيضا في باب حكم صيد الطير المستوي الجناح وغيره، مثل ما عن السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السّلام انه سأله عن رجل أبصر طيرا فتبعه حتى وقع على شجرة فجاء رجل آخر فأخذه قال : للعين ما رأت ولليد ما أخذت! «9».

والمعنى- واللّه العالم- ان مجرد الابصار لا يكون مصداقا للحيازة، فحظ العين هو الرؤية فقط، والحيازة انما هي بالأخذ فمن أخذها فهو له، لأن الحيازة حاصلة به فهو لأخذه.

وهذا حديث عام دال على ملكية المباحات بأخذها، والسلطة عليها وحيازتها.

6- ومثله في خصوص الطير ما عن احمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي قال سألت أبا الحسن الرضا عليه السّلام عن الرجل يصيد الطير الذي يسوى دراهم كثيرة، وهو مستوي الجناحين، وهو يعرف صاحبه أ يحل له إمساكه؟ فقال إذا عرف صاحبه رده عليه، وان لم يكن يعرفه وملك جناحه فهو له، وان جاءك طالب لا تتهمه رده اليه «10».

دل على ان الطير الذي يصيده الإنسان حيا على أقسام:

تارة لا يستوي جناحاه، والظاهر انه بمعنى قطع شي‌ء من جناحيه، بالمقراض حتى لا يقدر على الفرار، وهو أمارة الملكية لغيره، فلا يجوز أخذه بعنوان الملكية، ويجب على آخذه رده الى صاحبه مهما وجده.

واخرى يستوي جناحاه، وليس عليه امارة الملك، فيأخذه، ولكن ان عرف صاحبه فعليه أيضا رده اليه.

وثالثة يستوي جناحاه ولكن يجي‌ء طالب يطلبه ممن لا يكون متهما في قوله فاللازم رده إليه.

ورابعة لا يعرف له صاحبا وهو مالك لجناحيه ليس عليه امارة الملك فيأخذه وهو له.

وعلى كل حال هذه الرواية تدل دلالة صريحة على ان الطير لو كان في الواقع من المباحات الأصلية يملكه آخذه.

7- وفي معناه روايات أخر عمل بها الأصحاب، وأفتوا بها، مثل ما عن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال إذا ملك الطائر جناحه فهو لمن أخذه «11».

8- وما عن إسماعيل بن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قلت له: الطائر يقع على الدار فيؤخذ، إحلال هو أم حرام لمن أخذه؟ قال: يا إسماعيل ! عاف أم غير عاف ؟ قلت: وما العافي؟ قال المستوي جناحاه، المالك جناحيه يذهب حيث شاء، قال هو لمن أخذه حلال «12».

9- وفي معناه رواية السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السّلام «13».

10- ورواية أخرى لزرارة عنه عليه السّلام «14».

11- وما رواه البزنطي عن إسحاق بن عمار عنه عليه السّلام أيضا «15».

وقال صاحب الجواهر في مسئلة الثامنة من مسائل أحكام الصيد لم أجد خلافا بين الأصحاب في ان الطير إذا صيد مقصوصا لم يملكه الصائد، ومفهومه حصول الملك بالحيازة إذا لم يكن على الطائر أثر يدل على كونه ملكا لآخر كما صرح بذلك فيما بعده «16».

وهناك طائفة أخرى من الروايات وردت في أبواب اللقطة فيمن وجد جوهرة‌ في جوف سمكة أو حيوان آخر وانها لمن وجدها.

12- مثل ما عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام في حديث:

أن رجلا عابدا من بني إسرائيل كان محارفا فأخذ غزلا فاشترى به سمكة فوجد في بطنها لؤلؤة فباعها بعشرين ألف درهم، فجاء سائل فدق الباب، فقال له الرجل ادخل فقال له خذ أحد الكيسين، فأخذ أحدهما وانطلق، فلم يكن بأسرع من ان دق السائل الباب، فقال له الرجل ادخل فدخل فوضع الكيس في مكانه، ثمَّ قال كل هنيئا مريئا أنا ملك من ملائكة ربك، انما أراد ربك ان يبلوك فوجدك شاكرا، ثمَّ ذهب «17».

13 و14 و15- وفي معناه ما رواه حفص بن غياث عن أبي عبد اللّه عليه السّلام والزهري عن علي بن الحسين عليه السّلام وما روي مرسلا في تفسير الامام الحسن العسكري «18».

16- وما عن عبد اللّه بن جعفر الحميري قال سألته عليه السّلام في كتاب، عن رجل اشترى جزورا أو بقرة أو شاة أو غيرها للأضاحي أو غيرها فلما ذبحها وجد في جوفها صرة فيها دراهم أو دنانير أو جواهر أو غير ذلك من المنافع لمن يكون ذلك؟ وكيف يعمل به؟ فوقّع عليه السّلام عرفها البائع فان لم يعرفها فالشي‌ء لك، رزقك اللّه إياه «19».

وقد افتى به الأصحاب بل ادعى الإجماع عليه في الجملة، ولكن انما يكون داخلا فيما نحن فيه بالنسبة إلى الجوهرة إذا لم يجر عليها يد إنسان، وبقيت على إباحتها الأصلية، أو شك في ذلك، واما بالنسبة إلى الدراهم والدنانير وكذا الجوهرة التي جرت عليها يد إنسان فهو داخل في أحكام اللقطة لا حيازة المباحات، وتمام الكلام في ذلك في كتاب اللقطة، ولكنها كافية لإثبات ما نحن بصدده.

والمتحصل من جميع ذلك عدم الشك في كون الحيازة من أسباب الملك إذا‌ تعلقت بالمباحات الأصلية، أو ما في حكم المباح، كالملك الذي أعرض عنه صاحبه وجعله كالمباح الأصلي، وفتاوى الأصحاب في أبواب الصيد والذباحة، وكذا أبواب اللقطة في موارد مختلفة شاهدة على كون الحكم مجمعا عليه بينهم.

بقي هنا أمور :

الأول: بما ذا تتحقق الحيازة :

قد عرفت ان الحيازة أمر عقلائي قبل ان تكون شرعيا، وقد أمضاها الشارع المقدس، فلا بد من أخذ معيارها من بناء العرف والعقلاء، وهذا يختلف باختلاف الموارد، ففي مثل الأرض الزراعي حيازتها، أحياها للزراعة، بالتقاط احجارها، وإجراء مائها، وحفر المسناة، وغير ذلك مما هو لازم في الزراعة.

وأما بالنسبة إلى أرض الدار فحيازته بناء حيطانه، وهل يعتبر فيها بناء السقف ونصب الأبواب؟ فيه كلام معروف عندهم في كتاب احياء الموات، ليس هنا موضع ذكره.

واما ان كان للحظيرة فالمعروف بل ادعي عدم الخلاف فيه انه يقتصر على الحائط من دون السقف، وليس تعليق الباب شرطا له بل ادعي الإجماع عليه.

ولكن الظاهر انه ليس شي‌ء من هذا من الأمور التوقيفية تطلب من الإجماع وأمثاله، بل الظاهر انهم اعتمدوا في هذه الأمور على صدق الحيازة والاستيلاء عليها عرفا.

وأما بالنسبة إلى الحيوان فحيازتها أخذها أو صيدها بحيث لا يقدر على الفرار ولو لم يأخذها بعد، فلو ان صيادا رمى طائرا أو حيوانا من حيوانات البر فجرحه بحيث لم يقدر على الفرار كان في حيازته، ولا يجوز لمن وجده أخذه، بل عليه‌ تسليمه للصياد لو أخذه، وقد عرفت ما ورد في بعض الروايات من ان «للعين ما رأت ولليد ما أخذت».

وأما بالنسبة إلى السمك ونحوه من صيد البحر فيكفي وقوعه في الشبكة، لصدق الحيازة عليها عرفا، وان لم يرد هذا العنوان في روايات الباب، ولكن قد عرفت انه مصطاد من مجموعها، فما دام السمك في الشبكة لا يجوز أخذه، نعم لو فر منها عاد الى المباحات الأصلية ويجوز لكل احد صيده.

وبالنسبة إلى اللؤلؤة يكفي أخذها بعد الغوص، أو ربطها بشي‌ء في قعر البحر لإخراجها منه، أو جعلها في محفظة متصلة بحبل معد لإخراجها وان لم تخرج بعد.

وفي الماء أخذه من النهر أو البحر أو إخراجه منه بالمكينات الى المخازن، أو الأنهار، فإن ذلك كاف عند أهل العرف والعقلاء في الحيازة، وفي الطاقة الكهربائية المأخوذة من الماء يكفي نصب المكينات عند الأنهار التي تنزل من فوق، ولا يجوز لغيره مزاحمته فيه بعد سيطرته على المحل والموقف.

وبالجملة الحيازة في كل مورد بحسبه، ورب شي‌ء يكون مصداقا لها في مورد ولا يكون مصداقا لها في مورد آخر، ولها تفاصيل مذكورة في كتاب احياء الموات وكتاب اللقطة والصيد، وهي ان لم يكن بهذا العنوان لكن يستفاد منها ما يتعلق بالمقام والغرض هنا الإشارة إلى القواعد الكلية واما خصوصياتها فيطلب من مظانها.

قال في الجواهر: «ان الاصطياد يتحقق بأمرين: أحدهما ازهاقه بالآلة .

والثاني إثباته كما إذا صيده الرامي غير ممتنع، بان يجرحه جراحة مزهقة، أو يرميه بما يثخنه أو يزمنه، أو يكسر جناحه، بحيث يعجز عن الطيران والعدو جميعا، أو بان يقع في شبكته المنصوبة له ولو بان طرده طارد حتى أوقعه فيها، أو يرسل عليه كلبا أو غيره مما له يد عليه فيثبته بعقر أو غيره، أو بان يلجأه الى مضيق لا يقدر على الإفلات منه، كما لو أدخله إلى بيت ونحوه، وغير ذلك مما يحصل به الاستيلاء، على وجه يصدق عليه انه في حوزته وقبضته وتحت يده، فمتى كان كذلك ملكه وان لم يقبضه القبض الحسي، وحينئذ فلو أخذه غيره لم يملكه. ووجب دفعه الى الأول الذي هو مالكه بالسبب الذي عرفت» «20».

و نظير ذلك من بعض الجهات ما ذكره الشهيد الثاني في المسالك في كتاب الصيد «21».

الثاني: هل يعتبر في الحيازة القصد أو لا؟

لا ينبغي الشك في اعتبار القصد فيها في الجملة، ومجرد الأخذ بدونه غير كاف، ومما يدل على ذلك بوضوح- مع انه موافق لبناء العقلاء في ذلك- ما مر من روايات وجدان اللؤلؤة في جوف السمكة وانه لمن وجده وان جرت عليه يد الصياد قبل ذلك، ولكن لما لم يعلمه ولم يقصد حيازته لم يدخل في ملكه.

وهكذا الكلام في وجدان الكنوز فإنها وان لم تكن من المباحات الأصلية الا انه تشبهها من بعض الجهات، فان من الواضح انه لا يملكها كل من جرت يده عليها بلا علم منه، وان المالك للكنز هو من وجده في داره وقصد تملكه وان جرت على الدار أيدي ملاك قبله.

ولذلك أيضا قد ادعي عدم الخلاف في عدم حصول الملك بتوحل الصيد في الأرض المتعلقة بإنسان، ولا بتعشيشه في داره، ولا بوثوب السمكة إلى سفينته، ولا بنحو ذلك مما لم يقصد به الاصطياد، لعدم صدق الأخذ وعدم القصد إلى الحيازة فيبقى على إباحته الأصلية.

وليس ذلك من جهة عدم كون الوحل والسفينة من آلات الصيد المعتادة، لعدم‌ اعتبار الإله المعتادة في ذلك، بل لعدم القصد اليه، فلو أخذه غيره وقصد الحيازة ملكه.

هذا ولكن قد يقال ان لصاحب الملك حق الاختصاص بالنسبة إلى أمثال ذلك وكذا الثلج وماء المطر النازلان في أرضه وداره، فلو أراد تملكها قدم على غيره، وليس ذلك ببعيد وان كان لا يخلو عن اشكال.

نعم يكفي القصد عند نصب الإله وان لم يقصد عند وقوع الصيد فيها كما هو متعارف في نصب الشبكات لصيد السمك في البحر، والرجوع إليها بعد يوم أو أيام وأخذ ما فيها حيا.

و يدل على ذلك مضافا الى انه موافق لبناء العقلاء الممضى من ناحية الشرع غير واحد من الروايات الواردة في أبواب الذبائح.

مثل ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام في رجل نصب شبكة في الماء ثمَّ رجع الى بيته وتركها منصوبة، فأتاها بعد ذلك وقد وقع فيها سمك فيموتن، فقال ما عملت يده فلا بأس بأكل ما وقع فيها «22».

وما ورد في ذيله تعليل عام يشمل جميع المقامات، وهي وان كانت بصدد بيان حلية السمكة وكفاية هذا المقدار في الصيد الحلال الا انها تدل على المطلوب بالملازمة فتأمل.

وهكذا ما رواه الحلبي قال سألته عن الحظيرة من القصب تجعل في الماء للحيطان، فيدخل فيها الحيطان فيموت بعضها فيها، فقال: لا بأس به ان تلك الحظيرة إنما جعلت ليصاد بها «23».

وفي معناه روايات أخر تدل على ان مجرد نصب الشبكة كاف في تملك الصيد «24» .

ودلالتها على حلية السمك الميت في الشبكة لا يضر بالمقصود لإمكان الفتوى بها بعد صحة إسناد بعض هذه الروايات وتوفرها واستفاضتها فالحرام ما مات خارج الشبكة.

ثمَّ اعلم ان أخذ كل شي‌ء بحسبه ولا يعتبر الأخذ باليد كما هو ظاهر فلو أغلق عليه بابا ولا مخرج له، أو جعله في مضيق لا يمكنه الفرار منه ملكه، والقول باعتبار القبض باليد أو الإله ضعيف جدا. والعمدة في ذلك ما عرفت من ان الحكم مأخوذ من بناء العقلاء وقد أمضاه الشرع ولا يعتبر عندهم الأخذ باليد بلا اشكال ولكن يعتبر النية عندهم خصوصا أو عموما.

الثالث: هل يجوز التوكيل والاستيجار في الحيازة أم لا؟

قال المحقق (قدس سره) في الشرائع في آخر أبواب الشركة يجوز الاستيجار للحيازة ولكن صرح في كتاب الوكالة بملكية المحيز وان نواها للغير، وقال في التذكرة انه مبني على جواز التوكيل في هذه الأمور وان المسألتين متلازمتان.

وتبعه في جامع المقاصد، واما الفقهاء المعاصرون فكل منهم اختار مذهبا.

و المسألة مبنية على مختارهم في حقيقة الحيازة والمتصور هنا- كما عرفت الإشارة إليه- أمور:

1- الحيازة من الأمور الخارجية لا القصدية، فلا اثر للقصد فيها فكل من حاز شيئا ملكه، وعلى هذا لا يجوز فيها النيابة ولا الإجارة.

2- هي من الأمور القصدية لمباشرها فقط، فالمالك هو الذي يقصده المباشر وعليه تجوز فيها النيابة والإجارة.

3- الحيازة من الأمور القصدية ولكن لا تختص بالمباشر، بل تجوز تسبيبا أيضا فإذا قصد المسبب بأخذ الأجير الحيازة كفاه.

4- هي من توابع ملك الفعل فمن ملك فعلا ملك ما يحازبه، ولازمه انه إذا ملك منافع الأجير بالإجارة ملك ما يحوزه، حتى ان قصد الخلاف منه غير مفيد.

ولازم كل من هذه الوجود معلوم.

فلنرجع الى مدرك المسألة فنقول، ومنه سبحانه نستمد التوفيق، قد عرفت ان قاعدة «من حاز ملك» بهذا العنوان لم تثبت كونها رواية ولكن مستفادة من مجموع ما ورد في أبواب الصيد والاحياء واشراء السمكة التي في جوفها اللؤلؤة وغيرها، بل وقيل ذلك كله هي من الأمور العقلائية التي أمضاها الشارع المقدس.

فان رجعنا الى مبنى العقلاء فهم يرون الحيازة بالمباشرة والتسبيب جائزة ولازمه قبول الوجه الرابع فهم لا يزالون يستخرجون المعادن واللؤلؤ من قعر البحار ويصطادون الأسماك بغير مباشرة، وكيف يمكن استخراج كمية كبيرة من ذلك بدون التسبيب؟ فما ورد في حديث أبي سيار انه ولي الغوص ببحرين فأصاب أربعمائة ألف درهم «25» فأتى بخمسه للإمام عليه السّلام كيف يكون كلها بالمباشرة مع ان الغالب خلافه ولم يسأل الإمام عليه السّلام عنه الى غير ذلك.

والروايات السابقة وان كان بعضها مقصورة على صورة المباشرة ولكن الظاهر ان بعضها الأخر عام يشمل المباشرة والتسبيب فاذن لا إشكال في جوازها بالإجارة.

نعم إذا نوى الأجير نفسه في الواقع ملكه، وضم اجرة مثل ما فوّت على المستأجر من الاعمال وإذا لم ينو شيئا ولكن نوى المستأجر الحيازة تسببا كفى لما عرفت فالحق أن الحيازة تجوز بالإجارة أو الوكالة ويملكها المستأجر والموكل إلا إذا قصد الأجير والوكيل خلافه، سواء قصد لنفسه أو لثالث (و اللّه اعلم بالصواب) .

الرابع: هل للحيازة حد؟

يظهر من بعض الاعلام الاحتياط في كونها محدودا بما لا يوجب الضيق والضرر حيث قال في بحث حيازة المعادن الظاهرة ما لفظه: «ليس له على الأحوط ان يحوز مقدارا يوجب الضيق والمضارة على الناس».

والانصاف انه كذلك بل هو الأقوى، لعدم عموم في الأدلة الدالة على حصول الملك بالحيازة بعد كونها منصرفة الى ما هو المتداول بين الناس، بل إذا كان هناك أناس كثيرون محتاجين إلى شي‌ء وكان الموجود منه قليلا في صقع كالحطب والحشيش المحتاج إليهما لا يقاد النار، فاذا ذهب واحد وأخذ جميعها مما لا يحتاج اليه فعلا وادخرها لنفسه للسنين المستقبلة أو لا يحتاج إليها في المستقبل أيضا وادخرها لأمور أخر، مع حاجة الناس إليها عد ظالما معتديا، وغاصبا لحقوق غيره، ومنع من هذا العمل أشد المنع وقد خلق اللّه ما في الأرض لحاجة العباد كلهم.

وهكذا بالنسبة إلى المياه والصيد والمعادن والأرضون الموات وغيرها.

لا أقول ان كل إنسان يأخذ حاجته فقط، فان ذلك مخالف إطلاق الفتاوى والنصوص والسيرة المستمرة في جميع الأعصار، بل أقول يأخذ ما هو المتعارف أخذه لحاجته وللتوسعة أو الاكتساب، اما ما زاد على ذلك مما لا يتداول من العقلاء مما لا يجوز حيازته.

هذا كله مع قطع النظر عن الحكومة الشرعية الثابتة للإمام عليه السّلام أو من يقوم مقامه، واما بالنظر إليها فقد يجوز له تعيين مقدار ما يحوزه كل إنسان أو زمانها أو مكانها أو غير ذلك مما يراه مصلحة للمسلمين وقواما لأمورهم وحافظا لنظامهم بحيث يختل بدونه نظم أمورهم ولكن ليس له الاستبداد في ذلك بغير مراعاة المصالح وحفظ النظام.

____________

(1) الشرائع كتاب الشركة ص 374 (طبع دار الهدى).

(2) الشرائع كتاب الشركة ص 380 (طبع دار الهدى).

(3) المسالك ج 1 كتاب الشركة ص 274.

(4) راجع الجواهر ج 26 ص 291 (كتاب الشركة).

(5) الوسائل ج 17 كتاب احياء الموات الباب 1 الحديث 5 و6.

(6) الوسائل ج 17 كتاب اللقطة الباب 13 الحديث 2.

(7) الوسائل ج 17 كتاب اللقطة الباب 13 الحديث 3.

(8) الوسائل ج 17 كتاب اللقطة الباب 13 الحديث 4.

(9) الوسائل ج 17 كتاب اللقطة الباب 15 الحديث 2.

(10) الوسائل ج 17 كتاب اللقطة الباب 15 الحديث 1.

(11) الوسائل ج 16 كتاب الصيد والذبائح أبواب الصيد الباب 37 الحديث 1.

(12) الوسائل ج 16 كتاب الصيد والذبائح أبواب الصيد الباب 37 الحديث 2.

(13) الوسائل ج 16 كتاب الصيد والذبائح أبواب الصيد الباب 37 الحديث 3.

(14) الوسائل ج 16 كتاب الصيد والذبائح أبواب الصيد الباب 37 الحديث 5.

(15) الوسائل ج 16 كتاب الصيد والذبائح أبواب الصيد الباب 37 الحديث 6.

(16) الجواهر ج 36 ص 226.

(17) الوسائل ج 17 أبواب اللقطة الباب 10 الحديث 1.

(18) الوسائل ج 17 أبواب اللقطة الباب 10 الحديث 2 و4 و5.

(19) الوسائل ج 17 أبواب اللقطة الباب 9 الحديث 3.

(20) الجواهر ج 36 كتاب الصيد والذباحة ص 78- 79.

(21) المسالك ج 2 ص 232.

(22) الوسائل ج 16 كتاب الصيد والذبائح أبواب الذبائح الباب 35 الحديث 2.

(23) الوسائل ج 16 كتاب الصيد والذبائح الباب 35 الحديث 3.

(24) راجع الباب 35 من الذبائح تجد فيها روايات عديدة في هذا المعنى.

(25) الوسائل ج 6 الباب 6 من الأنفال الحديث 12.

 

 

 

 

مواضيع ذات صلة


قاعدة « من حاز ملك »