المسائل الفقهية
التقليد
الطهارة
احكام الاموات
الاحتضار
التحنيط
التشييع
التكفين
الجريدتان
الدفن
الصلاة على الميت
الغسل
مسائل تتعلق باحكام الاموات
أحكام الخلوة
أقسام المياه وأحكامها
الاستحاضة
الاغسال
الانية واحكامها
التيمم (مسائل فقهية)
احكام التيمم
شروط التيمم ومسوغاته
كيفية التيمم
مايتيمم به
الجنابة
سبب الجنابة
مايحرم ويكره للجُنب
مسائل متفرقة في غسل الجنابة
مستحبات غسل الجنابة
واجبات غسل الجنابة
الحيض
الطهارة من الخبث
احكام النجاسة
الاعيان النجسة
النجاسات التي يعفى عنها في الصلاة
كيفية سراية النجاسة الى الملاقي
المطهرات
النفاس
الوضوء
الخلل
سنن الوضوء
شرائط الوضوء
كيفية الوضوء واحكامه
مسائل متفرقة تتعلق بالوضوء
مستمر الحدث
نواقض الوضوء والاحداث الموجبة للوضوء
وضوء الجبيرة واحكامها
مسائل في احكام الطهارة
الصلاة
مقدمات الصلاة(مسائل فقهية)
الستر والساتر (مسائل فقهية)
القبلة (مسائل فقهية)
اوقات الصلاة (مسائل فقهية)
مكان المصلي (مسائل فقهية)
افعال الصلاة (مسائل فقهية)
الاذان والاقامة (مسائل فقهية)
الترتيب (مسائل فقهية)
التسبيحات الاربعة (مسائل فقهية)
التسليم (مسائل فقهية)
التشهد(مسائل فقهية)
التعقيب (مسائل فقهية)
الركوع (مسائل فقهية)
السجود(مسائل فقهية)
القراءة (مسائل فقهية)
القنوت (مسائل فقهية)
القيام (مسائل فقهية)
الموالاة(مسائل فقهية)
النية (مسائل فقهية)
تكبيرة الاحرام (مسائل فقهية)
منافيات وتروك الصلاة (مسائل فقهية)
الخلل في الصلاة (مسائل فقهية)
الصلوات الواجبة والمستحبة (مسائل فقهية)
الصلاة لقضاء الحاجة (مسائل فقهية)
صلاة الاستسقاء(مسائل فقهية)
صلاة الايات (مسائل فقهية)
صلاة الجمعة (مسائل فقهية)
صلاة الخوف والمطاردة(مسائل فقهية)
صلاة العيدين (مسائل فقهية)
صلاة الغفيلة (مسائل فقهية)
صلاة اول يوم من كل شهر (مسائل فقهية)
صلاة ليلة الدفن (مسائل فقهية)
صلوات اخرى(مسائل فقهية)
نافلة شهر رمضان (مسائل فقهية)
المساجد واحكامها(مسائل فقهية)
اداب الصلاة ومسنوناتها وفضيلتها (مسائل فقهية)
اعداد الفرائض ونوافلها (مسائل فقهية)
صلاة الجماعة (مسائل فقهية)
صلاة القضاء(مسائل فقهية)
صلاة المسافر(مسائل فقهية)
صلاة الاستئجار (مسائل فقهية)
مسائل متفرقة في الصلاة(مسائل فقهية)
الصوم
احكام متفرقة في الصوم
المفطرات
النية في الصوم
ترخيص الافطار
ثبوت شهر رمضان
شروط الصوم
قضاء شهر رمضان
كفارة الصوم
الاعتكاف
الاعتكاف وشرائطه
تروك الاعتكاف
مسائل في الاعتكاف
الحج والعمرة
شرائط الحج
انواع الحج واحكامه
الوقوف بعرفة والمزدلفة
النيابة والاستئجار
المواقيت
العمرة واحكامها
الطواف والسعي والتقصير
الصيد وقطع الشجر وما يتعلق بالجزاء والكفارة
الاحرام والمحرم والحرم
اعمال منى ومناسكها
احكام عامة
الصد والحصر*
الجهاد
احكام الاسارى
الارض المفتوحة عنوة وصلحا والتي اسلم اهلها عليها
الامان
الجهاد في الاشهر الحرم
الطوائف الذين يجب قتالهم
الغنائم
المرابطة
المهادنة
اهل الذمة
وجوب الجهاد و شرائطه
مسائل في احكام الجهاد
الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
مراتب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
حكم الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وشرائط وجوبهما
اهمية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
احكام عامة حول الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
الخمس
مايجب فيه الخمس
مسائل في احكام الخمس
مستحق الخمس ومصرفه
الزكاة
اصناف المستحقين
اوصاف المستحقين
زكاة الفطرة
مسائل في زكاة الفطرة
مصرف زكاة الفطرة
وقت اخراج زكاة الفطرة
شرائط وجوب الزكاة
ماتكون فيه الزكاة
الانعام الثلاثة
الغلات الاربع
النقدين
مال التجارة
مسائل في احكام الزكاة
احكام عامة
علم اصول الفقه
تاريخ علم اصول الفقه
تعاريف ومفاهيم ومسائل اصولية
المباحث اللفظية
المباحث العقلية
الاصول العملية
الاحتياط
الاستصحاب
البراءة
التخيير
مباحث الحجة
تعارض الادلة
المصطلحات الاصولية
حرف الالف
حرف التاء
حرف الحاء
حرف الخاء
حرف الدال
حرف الذال
حرف الراء
حرف الزاي
حرف السين
حرف الشين
حرف الصاد
حرف الضاد
حرف الطاء
حرف الظاء
حرف العين
حرف الغين
حرف الفاء
حرف القاف
حرف الكاف
حرف اللام
حرف الميم
حرف النون
حرف الهاء
حرف الواو
حرف الياء
القواعد الفقهية
مقالات حول القواعد الفقهية
اخذ الاجرة على الواجبات
اقرار العقلاء
الإتلاف - من اتلف مال الغير فهو له ضامن
الإحسان
الاشتراك - الاشتراك في التكاليف
الاعانة على الاثم و العدوان
الاعراض - الاعراض عن الملك
الامكان - ان كل ما يمكن ان يكون حيضا فهو حيض
الائتمان - عدم ضمان الامين - ليس على الامين الا اليمين
البناء على الاكثر
البينة واليمين - البينة على المدعي واليمين على من انكر
التقية
التلف في زمن الخيار - التلف في زمن الخيار في ممن لا خيار له
الجب - الاسلام يجب عما قبله
الحيازة - من حاز ملك
الزعيم غارم
السبق - من سبق الى ما لم يسبقه اليه احد فهو احق به - الحق لمن سبق
السلطنة - التسلط - الناس مسلطون على اموالهم
الشرط الفاسد هل هو مفسد للعقد ام لا؟ - الشرط الفاسد ليس بمفسد
الصحة - اصالة الصحة
الطهارة - كل شيء طاهر حتى تعلم انه قذر
العقود تابعة للقصود
الغرور - المغرور يرجع الى من غره
الفراغ و التجاوز
القرعة
المؤمنون عند شروطهم
الميسور لايسقط بالمعسور - الميسور
الوقوف على حسب ما يوقفها اهلها
الولد للفراش
أمارية اليد - اليد
انحلال العقد الواحد المتعلق بالمركب الى عقود متعددة - انحلال العقودالى عقود متعددة
بطلان كل عقد بتعذر الوفاء بمضمونه
تلف المبيع قبل قبضه - اذا تلف المبيع قبل قبضه فهو من مال بائعه
حجية البينة
حجية الضن في الصلاة
حجية سوق المسلمين - السوق - أمارية السوق على كون اللحوم الموجودة فيه مذكاة
حجية قول ذي اليد
حرمة ابطال الاعمال العبادية الا ما خرج بالدليل
عدم شرطية البلوغ في الاحكام الوضعية
على اليد ما اخذت حتى تؤدي - ضمان اليد
قاعدة الالزام - الزام المخالفين بما الزموا به انفسهم
قاعدة التسامح في ادلة السنن
قاعدة اللزوم - اصالة اللزوم في العقود - الاصل في المعاملات اللزوم
لا تعاد
لا حرج - نفي العسر و الحرج
لا ربا في ما يكال او يوزن
لا شك في النافلة
لا شك لكثير الشك
لا شك للإمام و المأموم مع حفظ الآخر
لا ضرر ولا ضرار
ما يضمن و ما لا يضمن - كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده وكل عقد لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده
مشروعية عبادات الصبي وعدمها
من ملك شيئا ملك الاقرار به
نجاسة الكافر وعدمها - كل كافر نجس
نفي السبيل للكافر على المسلمين
يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب
قواعد فقهية متفرقة
المصطلحات الفقهية
حرف الألف
حرف الباء
حرف التاء
حرف الثاء
حرف الجيم
حرف الحاء
حرفق الخاء
حرف الدال
حرف الذال
حرف الراء
حرف الزاي
حرف السين
حرف الشين
حرف الصاد
حرف الضاد
حرف الطاء
حرف الظاء
حرف العين
حرف الغين
حرف الفاء
حرف القاف
حرف الكاف
حرف اللام
حرف الميم
حرف النون
حرف الهاء
حرف الواو
حرف الياء
الفقه المقارن
كتاب الطهارة
احكام الاموات
الاحتضار
الجريدتان
الدفن
الصلاة على الاموات
الغسل
الكفن
التشييع
احكام التخلي
استقبال القبلة و استدبارها
مستحبات و ومكروهات التخلي
الاستنجاء
الاعيان النجسة
البول والغائط
الخمر
الدم
الكافر
الكلب والخنزير
المني
الميتة
احكام المياه
الوضوء
احكام الوضوء
النية
سنن الوضوء
غسل الوجه
غسل اليدين
مسح الرأس
مسح القدمين
نواقض الوضوء
المطهرات
الشمس
الماء
الجبيرة
التيمم
احكام عامة في الطهارة
احكام النجاسة
الحيض و الاستحاظة و النفاس
احكام الحيض
احكام النفاس
احكام الاستحاضة
الاغسال المستحبة
غسل الجنابة واحكامها
كتاب الصلاة
احكام السهو والخلل في الصلاة
احكام الصلاة
احكام المساجد
افعال الصلاة
الاذان والاقامة
التسليم
التشهد
الركوع
السجود
القراءة
القنوت
القيام
النية
تكبيرة الاحرام
سجدة السهو
الستر والساتر
الصلوات الواجبة والمندوبة
صلاة الاحتياط
صلاة الاستسقاء
صلاة الايات
صلاة الجماعة
صلاة الجمعة
صلاة الخوف
صلاة العيدين
صلاة القضاء
صلاة الليل
صلاة المسافر
صلاة النافلة
صلاة النذر
القبلة
اوقات الفرائض
مستحبات الصلاة
مكان المصلي
منافيات الصلاة
كتاب الزكاة
احكام الزكاة
ماتجب فيه الزكاة
زكاة النقدين
زكاة مال التجارة
زكاة الغلات الاربعة
زكاة الانعام الثلاثة
شروط الزكاة
زكاة الفطرة
احكام زكاة الفطرة
مصرف زكاة الفطرة
وقت وجوب زكاة الفطرة
اصناف واوصاف المستحقين وأحكامهم
كتاب الصوم
احكام الصوم
احكام الكفارة
اقسام الصوم
الصوم المندوب
شرائط صحة الصوم
قضاء الصوم
كيفية ثبوت الهلال
نية الصوم
مستحبات ومكروهات الصوم
كتاب الحج والعمرة
احرام الصبي والعبد
احكام الحج
دخول مكة واعمالها
احكام الطواف والسعي والتقصير
التلبية
المواقيت
الصد والحصر
اعمال منى ومناسكها
احكام الرمي
احكام الهدي والاضحية
الحلق والتقصير
مسائل متفرقة
النيابة والاستئجار
الوقوف بعرفة والمزدلفة
انواع الحج واحكامه
احكام الصيد وقطع الشجر وما يتعلق بالجزاء والكفارة
احكام تخص الاحرام والمحرم والحرم
العمرة واحكامها
شرائط وجوب الحج
كتاب الاعتكاف
كتاب الخمس
حديث الرفع في الاستدلال على أصالة البراءة
المؤلف: ناصر مكارم الشيرازي
المصدر: أنوَار الاُصُول
الجزء والصفحة: ج 3 ص 28.
24-8-2016
2128
.. والبحث فيه يقع في مقامين:
1 ـ إسناد الحديث.
2 ـ كيفية دلالته على المطلوب.
المقام الأوّل: في إسناد الحديث:
أمّا المقام الأوّل فقد روي هذا الحديث من طريقين:
أحدهما: ما ورد في توحيد الصدوق وخصاله بسند معتبر عن حريز بن عبدالله عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): رفع عن اُمّتي تسعة أشياء: الخطأ والنسيان وما اُكرهوا عليه، وما لا يعلمون، وما لا يطيقون، وما اضطرّوا إليه، والحسد، والطيرة، والتفكّر في الوسوسة في الخلق، وما لم ينطقوا بشفة»(1).
وقد تؤيّد هذه الرواية بمرفوعة محمّد بن أحمد النهدي عن أبي عبدالله(عليه السلام)قال: «قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): وضع عن اُمّتي تسع خصال: الخطأ، والنسيان، وما لا يعلمون، وما لا يطيقون، وما اضطرّوا إليه، وما استكرهوا عليه، والطيّرة، والوسوسة في التفكّر في الخلق، والحسد ما لم يظهر بلسان أو يد»(2).
وبين الروايتين فرق بالنسبة إلى ما جاء في ذيلهما، فورد في الرواية الاُولى «والتفكّر في الوسوسة في الخلق» وفي الثانية «والوسوسة في التفكّر في الخلق» وبما أنّ من المستبعد جدّاً كونهما روايتين مستقلّتين نستكشف وقوع خطأ من جانب الراوي في إحديهما، ولكن الذي يسهل الخطب عدم كون الذيل مورداً للاستناد في المقام.
ثانيهما: معتبرة إسماعيل الجعفي عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «سمعته يقول: وضع عن هذه الاُمّة ستّ خصال: الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه، وما لا يعلمون، وما لا يطيقون، وما اضطرّوا إليه»(3).
فقد وردت فيها ستّ خصال بدلا عن التسع الوارد في الرواية الاُولى، ولكن لا ضير فيه ولا منافاة بينهما بعد كونهما من قبيل المثبتين.
فتحصّل من ما ذكرنا أنّ السند في الجملة معتبر يجوز الإسناد إليه.
المقام الثاني: في كيفية دلالة الحديث على المطلوب
ويقع الكلام فيه في عدّة اُمور:
الأمر الأوّل: في المراد من الموصول في قوله(صلى الله عليه وآله): «ما لا يعلمون» فهل يشمل الشبهات الحكميّة أيضاً، وهل تكون الرواية صالحة للاستدلال بها في ما نحن فيه أو لا؟
استدلّ الشيخ الأعظم الأنصاري(رحمه الله) في بعض كلماته لاختصاص الموصول بالشبهة الموضوعيّة بوحدة السياق، إذ إنّ المراد بالموصول في غير فقرة «ما لا يعلمون» هو الفعل الإكراهي والاضطراري ونحوهما، إذ لا معنى لتعلّق الإكراه والاضطرار بنفس الحكم، فليكن المراد بالموصول في «ما لا يعلمون» أيضاً هو الفعل المجهول لا الحكم.
وقال المحقّق الخراساني(رحمه الله): إنّ المراد منها مطلق الإلزام المجهول سواء كان في الشبهة الحكميّة كحرمة شرب التتن أو الموضوعيّة كحرمة المائع الخارجي المشكوك كونه خمراً.
والأعلام المتأخّرون عن هذين العلمين كلٌّ أخذ جانباً، فبعض تبع الشيخ الأعظم(رحمه الله)وبعض آخر ذهب إلى مقالة المحقّق الخراساني(رحمه الله)، والتحقيق في المقام يستدعي تحليل المراد من المرفوع في «ما لا يعلمون» فهل هو الفعل المتعلّق به الحكم كشرب الخمر مثلا في مثال المائع المشكوك، أو المرفوع هو الموضوع الخارجي، أي نفس الخمر في المثال، أو الحكم، أي الحرمة؟
ولابدّ للجواب عن هذا السؤال من ملاحظة التعبيرات الواردة في الآيات والروايات بالنسبة إلى صيغة الوضع، حيث إنّها تقابل الرفع وتضادّه، والأشياء تعرف بأضدادها، فإذا عرفنا ما هو الموضوع في التكاليف الشرعيّة في الكتاب والسنّة عرفنا المرفوع فيها بالتبع.
وبعبارة اُخرى: ما هو الثقل والكلفة التي يشتقّ منها كلمة التكليف، ومن أين يجيء ويوضع على عهدة المكلّف حتّى يكون هو المرفوع؟
فنقول في الجواب: إنّ الموضوع والمحمول على المكلّف في لسان الآيات إنّما هو الفعل كالرزق (بمعناه المصدري) والكسوة الموضوعين على عهدة الأب في قوله تعالى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ } [البقرة: 233] ، فالموضوع في هذه الآية فعل الرزق وفعل الكسوة كما هو واضح، وكالفدية في قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184] والصيام في قوله تعالى ({ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة: 183] وحجّ البيت في قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ } [آل عمران: 97]
وهكذا في الروايات كقوله(عليه السلام): «عليك القضاء» أو «عليك الإعادة» أو «عليك الحجّ من قابل» فالموضوع على عهدة المكلّف إنّما هو القضاء أو فعل الإعادة أو الحجّ، فكأنّ للأفعال ثقلا في عالم التشريع يضعه الشارع على عاتق المكلّفين، نعم إنّه كناية عن الإيجاب، وهى غير تقرير الوجوب، ولا يلزم فيها مجاز، بل يستعمل كلّ لفظ في معناه الموضوع له، ففي قولك: «زيد كثير الرماد» استعمل كلّ واحد من «زيد» و «كثير الرماد» في معناه الموضوع له وإن لم يكن المستعمل فيه مراداً جدّياً للمتكلّم، فوضع فعل كالصيام والحجّ والإعادة والقضاء على عاتق المكلّف كناية عن وجوبه.
فإذا كان متعلّق الوضع هو الفعل فليكن متعلّق الرفع أيضاً كذلك، ففي قوله(صلى الله عليه وآله): «رفع ما لا يعلمون» إنّما رفع الفعل المجهول كما أنّ المرفوع في «ما اضطرّوا إليه» و «ما استكرهوا عليه» هو الفعل الاضطراري أو الإكراهي الذي كان يثقل على عاتق المكلّف لولا حديث الرفع، لا أن يكون المرفوع هو الحكم حتّى نحتاج إلى تقدير.
وإذن يختصّ الحديث بالشبهات الموضوعيّة لأنّ شموله للشبهات الحكميّة يحتاج إلى تقدير الحكم، أي رفع ما لا يعلمون حكمه، والأصل عدم التقدير.
فظهر أنّ طريق إثبات اختصاص الرواية بالشبهات الموضوعيّة لا ينحصر في ما ذهب إليه الشيخ الأعظم(رحمه الله) من قضية وحدة السياق، بل يمكن إثباتها من طريق تحليل معنى الرفع وملاحظة موارد استعمال ما يقابله من كلمة الوضع.
ثمّ إنّ هذا (أي اختصاص حديث الرفع بالشبهة الموضوعيّة) قد يؤيّد بالرجوع إلى عصر صدور هذا الحديث من النبي (صلى الله عليه وآله) حيث لم تكن الشبهة الحكميّة محلا للابتلاء في ذلك العصر إلاّ قليلا لأنّهم كانوا مستغنين بأرباب الشريعة، يأخذون منهم الأحكام مشافهة، ويعرفون ما يريدون بالسؤال عن نفس المعصوم بلا واسطة، فالحديث منصرف إلى ما كان محلا للابتلاء.
الأمر الثاني: قد ظهر ممّا ذكرنا عدم تقدير شيء في الحديث لا الحكم ولا المؤاخذة، ولا الأثر المناسب ولا جميع الآثار، بل المرفوع هو نفس الفعل في عالم الاعتبار، وهو كناية عن عدم حرمته، وإذا ارتفعت الحرمة ارتفعت جميع آثارها، وحينئذ لا تصل النوبة إلى ما ذكره الأعلام واختلفت فيه الآراء من أنّ المقدّر في الحديث ماذا؟
كما ظهر أيضاً أنّ الرفع إخبار عن الواقع (كما أنّ الوضع في مثل قوله تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ)إخبار عن الوضع في الواقع) لا إنشاء من جانب الرسول(صلى الله عليه وآله) فلا تصل النوبة إلى البحث عن إمكان التشريع للرسول(صلى الله عليه وآله) وعدمه، ولو فرض كونه إنشاء من جانبه(صلى الله عليه وآله) فلا إشكال فيه أيضاً لما أثبتناه في البحث عن ولاية الفقيه في الفقه من صدور تشريعات جزئية من ناحية الرسول(صلى الله عليه وآله) وإمضائه من جانب الباري تعالى، فما ذهب إليه في تهذيب الاُصول من عدم وجود هذا الحقّ للرسول(صلى الله عليه وآله) والأئمّة(عليهم السلام) مطلقاً في غير محلّه.
الأمر الثالث: في شمول حديث الرفع للأحكام الوضعيّة وعدمه، فإذا تحقّق بيع عن إكراه مثلا فهل يكون نافذاً شرعاً أو لا؟ فقد يقال بعدم نفوذه لأجل هذا الحديث بل هو ممّا استدلّ به على اعتبار الاختيار في باب المعاملات، وكيف كان فقد ذكر للعموم والشمول وجوه:
الأوّل: اطلاق الرفع، إمّا بناءً على وجود تقدير في الحديث، فلأنّ المقدّر هو جميع الآثار، وإمّا بناءً على ما اخترناه من كون الرفع كناية فلأنّه كناية عن رفع الحكم الجزئي، وهو في مثل
المقام عبارة عن نفوذ البيع.
الثاني: معتبرة صفوان بن يحيى وأحمد بن محمّد بن أبي نصر جميعاً عن أبي الحسن(عليه السلام) في الرجل يستكره على اليمين فيحلف بالطلاق والعتاق وصدقة ما يملك أيلزمه ذلك؟ فقال: «لا، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): وضع عن اُمّتي ما اُكرهوا عليه وما لم يطيقوا وما أخطأوا»(4).
فلا إشكال في أنّ هذه الرواية تشير إلى حديث الرفع، وحينئذ إذا كانت إحدى فقراته شاملة للأحكام الوضعيّة تكون سائر الفقرات أيضاً شاملة لها بمقتضى وحدة السياق.
إن قلت: إنّ التمسّك بهذا الحديث لإثبات كون المرفوع بحديث الرفع جميع الآثار حتّى الوضعيّة ضعيف لأنّ الحلف بالطلاق والعتاق وصدقة ما يملك باطل عندنا من الأساس حتّى مع الاختيار فكيف مع الإكراه؟، فمقتضى القاعدة أن يبيّن الإمام(عليه السلام) بطلانه مطلقاً ولم يفعل، فيكون الجواب حينئذ مبنيّاً على التقيّة، فكأنّ الإمام(عليه السلام) لم يتمكّن من إظهار الحقّ وهو بطلان الحلف بتلك الاُمور مطلقاً ولو مع الاختيار، فاقتصر على بيان بطلانه في مورد السؤال فقط، وهو الإكراه من باب التقيّة لا من باب أنّ الإكراه رافع للأثر الوضعي واقعاً.
قلت: إنّه كذلك أي الإمام كان في مقام التقيّة، لكنّه غاية ما يقتضيه كون تطبيق الكبرى (أعني عموم حديث الرفع) على مورد السؤال (أي الحلف بالطلاق والعتاق) تقيّة لكون المورد باطلا من الأساس وإن لم يكن عن إكراه، ولا دليل على كون أصل الكبرى من باب التقيّة، إذن فالحديث تامّ سنداً ودلالة.
الثالث: ما ذكره الشيخ الأعظم(رحمه الله) من أنّ مقتضى كون الحديث في مقام الإمتنان على اُمّة النبي(صلى الله عليه وآله) شموله للأحكام الوضعيّة، لأنّ الأحكام التكليفيّة كانت مرفوعة في الاُمم السابقة أيضاً.
ولكن يرد عليه: أنّ المستفاد من بعض الأخبار اختصاص رفع المؤاخذة في الأحكام التكليفيّة أيضاً باُمّة النبي(صلى الله عليه وآله)، منها ما رواه عمرو بن مروان عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): رفع عن اُمّتي أربع خصال: خطؤها ونسيانها وما اُكرهوا عليه وما لم يطيقوا، وذلك قول الله عزّوجلّ: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} [البقرة: 286] وقوله: { إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} [النحل: 106]
فالظاهر من هذا الحديث والآيات التي استشهد بها فيه اختصاص رفع المؤاخذة أيضاً بهذه الاُمّة.
إن قلت: العقل حاكم بقبح المؤاخذة على الخطأ والإكراه والاضطرار والنسيان وغيرها ممّا هو خارج عن طاقة الإنسان من دون فرق بين الاُمم.
قلنا: المعروف في الجواب عن هذا الإشكال أنّ الخطأ والنسيان مثلا على قسمين: قسم لا يكون الإنسان قادراً على الإجتناب عنه بوجه من الوجوه، فهذا القسم مرفوع عن جميع الاُمم، وقسم آخر يمكن التحفّظ عنه بالمراقبة وإن كان ذات مشقّة، فهذا القسم لا تكون المؤاخذة عليه قبيحاً، ورفع المؤاخذة عنه إمتناناً مختصّ بهذه الاُمّة، وهو المراد في حديث الرفع كما يدلّ عليه نفس طلب النبي(صلى الله عليه وآله)إيّاه في ليلة المعراج، وإلاّ كان طلبه (صلى الله عليه وآله) تحصيلا للحاصل.
بقي هنا شيء:
وهو أنّه هل يشمل حديث الرفع الأجزاء والشرائط والموانع أو لا؟ فإذا طرأ النسيان على السورة مثلا فلم يأت بها فهل تكون الصّلاة صحيحة بمقتضى حديث الرفع أو لا؟
التحقيق في الجواب أن يقال: إنّ الشبهة تارةً تكون بنحو الشبهة الموضوعيّة كما إذا نسى السورة مع علمه بوجوبها، واُخرى تكون بنحو الشبهة الحكميّة كما إذا كان المكلّف حديث العهد بالإسلام فنسى أصل وجوب السورة، فإن كانت الشبهة موضوعيّة فشمول الحديث لها مبنى على جريانه في الأحكام الوضعيّة إذ إنّ الجزئيّة والشرطيّة والمانعيّة من الأحكام الوضعيّة، وقد مرّ جريانه فيها، وإن كانت حكميّة فشمول الحديث لها مبنى على جريانه في الشبهات الحكميّة، وقد مرّ عدمه بناءً على ما اخترناه من أنّ المراد من الموصول في «ما لا يعلمون» الفعل المجهول، فلابدّ في شموله للشبهة الحكميّة من تقدير الحكم (أي ما لا يعلمون حكمه) وهو خلاف الظاهر.
نعم لا ينبغي الإشكال في شموله لها بناءً على مذاق المشهور من أنّ المراد من الموصول هو الحكم حيث لا حاجة حينئذ إلى تقديره.
إن قلت: إنّ الجزئيّة والشرطيّة والمانعيّة من الأحكام الوضعيّة الإنتزاعيّة التي ينتزعها العقل من الأمر المتعلّق بالكلّ أو المتعلّق بنفس الجزء أو الشرط، أو النهي المتعلّق بالمانع، وليست من الأحكام الوضعيّة المجعولة الاعتباريّة التي تعتبر من جانب الشارع أو العقلاء، كالضمان والملكية فإذا لم تكن قابلة للوضع والاعتبار لم تكن قابلة للرفع أيضاً.
قلنا: يمكن للشارع رفعها باعتبار أنّ جعل منشأ انتزاعها (أي الأمر بالأجزاء والشرائط والنهي عن الموانع) بيد الشارع.
نعم هنا إشكال آخر بالنسبة إلى الشبهات الموضوعيّة، وهو أنّه لا يمكن التمسّك فيها بحديث الرفع لتصحيح الصّلاة، مثلا لأنّ الإعادة ليست من آثار النسيان حتّى ترفع برفعه، بل هى من آثار الأمر بالكلّ، وهو لم يمتثل، فتجب الإعادة لأن يحصل الإمتثال.
هذا كلّه بالنسبة إلى الأجزاء والشرائط، وأمّا الموانع فيمكن أن يقال برفع أثرها وهو البطلان بمقتضى حديث الرفع، والقول بأنّ المانع يرجع إلى شرطيّة عدمه كما ترى.
الأمر الرابع: أنّ حديث الرفع حيث ورد في مقام الإمتنان فلا يجري فيما لم يكن في رفعه منّة على المكلّف كما إذا اضطرّ إنسان إلى بيع داره لإنجاء ولده المريض، فعدم صحّة بيعه هذا ـ لأنّه ممّا اضطرّ إليه ـ لا يكون منّة عليه بل هو خلاف الإمتنان وهذا واضح، وإنّما الكلام في منشأ هذا الاستظهار، فمن أيّ شيء يستفاد أنّ الحديث في مقام الإمتنان؟
قد يقال: أنّه يستفاد من التعبير بـ «عن اُمّتي» الوارد في الحديث، حيث لا إشكال في ظهوره في الإمتنان عرفاً، لكن يمكن أن يستفاد ذلك أيضاً من نفس التعبير بالرفع فإنّ الرفع يستعمل في الموارد التي رفع فيها ثقل وكلفة عن المكلّف لا ما إذا وضع ثقل على عاتقه، ولا يخفى أنّ بطلان المعاملة في المثال المذكور ممّا يوجب وضع ثقل على أثقاله لا رفعه.
الأمر الخامس: ربّما يستشكل في رفع المؤاخذة بحديث الرفع بأنّ المؤاخذة من الأحكام العقليّة لا من القوانين والأحكام المجعولة من ناحية الشرع حتّى يمكن رفعها بيد الشارع.
ويجاب عنه: بأنّها وإن كانت من الأحكام العقليّة، ولكن بما أنّ حكم العقل هذا ينشأ من وجوب الاحتياط هو ناش من الحكم الواقعي المجعول من ناحية الشارع فيمكن له رفعها برفع منشأها، وهو الوجوب الواقعي.
ويمكن أن يقال أيضاً: أنّ حكم العقل في المقام إنّما هو استحقاق المؤاخذة لا فعليتها إذ إنّ الفعليّة من شؤون الشارع والمقنّن، ولذا نرى صدور أحكام العفو من الولاة والحكّام ومن بيده رحى التشريع والتقنين في كثير من الأحايين والشارع المقدّس أولى منهم بذلك.
الأمر السادس: الآثار المترتّبة على الخطأ والنسيان وسائر العناوين الواردة في الحديث الشريف على قسمين: منها ما يترتّب عليها بما هي هي، أي يترتّب على العناوين الثانوية كعنوان الخطأ والنسيان، ومنها ما يترتّب على متعلّقاتها الخارجيّة أي على العناوين الأوّلية، فإنّ الآثار المترتّبة على نسيان السورة مثلا على قسمين: قسم يترتّب على نفس السورة كبطلان الصّلاة بتركها، وقسم يترتّب عليه بما أنّها متعلّقة للنسيان كسجدتي السهو، والمقصود من الآثار المرفوعة بحديث الرفع إنّما هو القسم الأوّل لا الثاني، وإلاّ يلزم التناقض في كلام الشارع المقدّس، لأنّ المفروض كون السهو كالسبب لتشريع سجدتي السهو فكيف يكون رافعاً لهما؟
الأمر السابع: في شمول الحديث للأمور العدميّة وعدمه، كما إذا نذر أن يشرب من ماء الفرات فاضطرّ إلى تركه أو اُكره عليه فلو قلنا بالشمول لم تتحقّق مخالفة النذر فلا حنث ولا كفّارة.
وقد وقع البحث فيه بين الأعلام، والظاهر من كلمات المحقّق النائيني(رحمه الله)اختصاصه بالأمور الوجوديّة، واستدلّ لذلك «بأنّ شأن الرفع تنزيل الموجود منزلة المعدوم، لا تنزيل المعدوم منزلة الموجود، لأنّ تنزيل المعدوم منزلة الموجود إنّما يكون وضعاً لا رفعاً»(6).
وأجاب عنه في تهذيب الاُصول: «بأنّ ترك الشرب بعد ما تعلّق به النذر وصار ذات أثر يكون له ثبوت في عالم الاعتبار، إذ ما لا ثبوت له ولو بهذا النحو من الثبوت لا يقع تحت دائرة الحكم ولا يصير موضوعاً للوفاء والحنث ... وبعد الثبوت الاعتباري لا مانع من تعلّق الرفع عليه بما له من الآثار»(7).
أقول: وإن شئت قلت في الجواب: قد وقع الخلط في كلام المحقّق النائيني(رحمه الله)بين عالم التكوين وعالم التشريع، وكون ترك الشرب أمراً عدميّاً إنّما هو بلحاظ عالم التكوين، وأمّا في عالم التشريع فلا إشكال في أنّ لترك الشرب أثراً وثقلا وكلفة لولا حديث الرفع بلحاظ ترتّب الكفّارة عليه، فيمكن للشارع رفعه بهذا الحديث.
الأمر الثامن: قد ورد في ذيل الحديث ثلاثة عناوين ينبغي فهمها وتوضيحها وإن كانت خارجة عن موضوع البراءة، وهى: الحسد، والطيرة، والوسوسة في التفكّر في الخلق (بناءً على ما ورد في مرفوعة محمّد بن أحمد الهندي المذكورة سابقاً) أو التفكّر في الوسوسة في الخلق (بناءً على ما ورد في معتبرة حريز بن عبدالله المذكورة سابقاً أيضاً).
أمّا الحسد فلا إشكال في أنّ المراد منه في الحديث تلك الحالة النفسانية التي توجب عدم تحمّل الإنسان نعمة أعطاها الله تعالى أخاه المؤمن قبل إظهارها عملا، وأمّا إذا أقدم على عمل لإزالتها فلا إشكال أيضاً في كونه معصية ولا يكون حينئذ مشمولا للحديث الشريف.
إن قلت: هذه الحالة النفسانيّة قبل إبرازها في مقام العمل أمر غير اختياري فلا معنى لحرمتها لولا الحديث حتّى ترفع إمتناناً.
قلنا: يمكن عادةً رفع هذه الحالة بالمجاهدات والرياضات النفسانيّة والتفكّر في أنّها ملكة رذيلة توجب خسّة النفس ودنائتها فيكون رفعها تحت اختيار الحاسد، ويمكن للشارع عدم رفعها بوجوب تهذيب النفس فيكون رفعه للوجوب منّة على العباد.
مّا الطيرة فهى من مادّة الطير، بمعنى التشأّم وقراءة الطالع بالطيّور، ثمّ توسّع في ذلك حتّى عمّت سائر طرق التشأّم، فإنّ العرب في الجاهلية كانت تلتزم وتعتني بما يتشأّم بالطيور وغيرها، وكانت الطيور تسدّهم عن مقاصدهم، فللشارع المقدّس أن يمضي تلك الالتزامات، ولكنّه ردع عنها إمتناناً حتّى لا يتعطّل حياتهم لأمور لا واقع لها.
وأمّا الوسوسة في التفكّر في الخلق (أو التفكّر في الوسوسة في الخلق) فالمراد من الخلق في هذه الجملة يمكن أن يكون على أحد معنيين:
الأوّل: أن يكون بمعنى الخالق، أي خالق الله عز وجل، فيتفكّر في أنّه مَن خَلَقَ الباري تعالى؟
وهو سؤال يشكل جوابه على العوام (وإن كان واضحاً عند المحقّقين لأنّ الحاجة إلى الخالق تتصوّر بالنسبة إلى كلّ حادث أو ممكن الوجود، والله تبارك وتعالى لا يكون حادثاً أو ممكناً) ومع ذلك كان أمراً شايعاً في عصر صدور الحديث وكانوا يتوهّمون حصول الكفر به فرفع الشارع أثره المتوهّم إمتناناً.
الثاني: أن يكون في مقابل الخالق، والمراد منه حينئذ الوسوسة في التفكّر في البلايا والشرور، وتكرار القول بـ «لِمَ» بالنسبة إليها، أي القول بأنّ الله تعالى لِمَ خلق الشيء الفلاني، ولِمَ خلق العالم كذا وكذا، فرفع الشارع حرمة هذه الوساوس إمتناناً.
وإن قيل: بعض هذه الاُمور مرفوع من جميع الاُمم.
قلنا: نعم ولكن الإمتنان إنّما هو بالمجموع من حيث هو المجموع.
الأمر التاسع: لا يخفى أنّ النسبة بين هذا الحديث وأدلّة الأخباريين نسبة التعارض لا الحكومة لأنّ تلك الأدلّة مثل قوله(عليه السلام): «أخوك دينك فاحتط لدينك» تدلّ بزعم الأخباري على وجوب الاحتياط وعدم إرتفاع الإلزام المجهول المحتمل، بينما حديث الرفع يدلّ على رفعه وعدم وجوب الاحتياط، فهو حينئذ يعارض تلك الأدلّة حتّى بعد فرض تماميتها، فتصل النوبة إلى محاولة المرجّحات وأنّه أي الدليلين أقوى؟ خلافاً لما مرّ من الآيات إذ إنّ أدلّة الأخباري كانت واردة عليها كما ذكرنا.
_____________
1. وسائل الشيعة: ج 1، أبواب جهاد النفس، الباب 56، ح 3.
2. المصدر السابق.
3. وسائل الشيعة: ج 16، أبواب كتاب الإيمان، الباب 16، ح 3.
4. وسائل الشيعة: ج 16، أبواب كتاب الإيمان، الباب 12، ح 12.
5. وسائل الشيعة: ج 11، أبواب جهاد النفس، الباب 56، ح2.
6. راجع فوائد الاُصول: ج 3، ص 353، طبع جماعة المدرّسين.
7. راجع تهذيب الاُصول: ج 2، ص 159، طبع جماعة المدرّسين.