1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

المسائل الفقهية

التقليد

الطهارة

احكام الاموات

الاحتضار

التحنيط

التشييع

التكفين

الجريدتان

الدفن

الصلاة على الميت

الغسل

مسائل تتعلق باحكام الاموات

أحكام الخلوة

أقسام المياه وأحكامها

الاستحاضة

الاغسال

الانية واحكامها

التيمم (مسائل فقهية)

احكام التيمم

شروط التيمم ومسوغاته

كيفية التيمم

مايتيمم به

الجنابة

سبب الجنابة

مايحرم ويكره للجُنب

مسائل متفرقة في غسل الجنابة

مستحبات غسل الجنابة

واجبات غسل الجنابة

الحيض

الطهارة من الخبث

احكام النجاسة

الاعيان النجسة

النجاسات التي يعفى عنها في الصلاة

كيفية سراية النجاسة الى الملاقي

المطهرات

النفاس

الوضوء

الخلل

سنن الوضوء

شرائط الوضوء

كيفية الوضوء واحكامه

مسائل متفرقة تتعلق بالوضوء

مستمر الحدث

نواقض الوضوء والاحداث الموجبة للوضوء

وضوء الجبيرة واحكامها

مسائل في احكام الطهارة

الصلاة

مقدمات الصلاة(مسائل فقهية)

الستر والساتر (مسائل فقهية)

القبلة (مسائل فقهية)

اوقات الصلاة (مسائل فقهية)

مكان المصلي (مسائل فقهية)

افعال الصلاة (مسائل فقهية)

الاذان والاقامة (مسائل فقهية)

الترتيب (مسائل فقهية)

التسبيحات الاربعة (مسائل فقهية)

التسليم (مسائل فقهية)

التشهد(مسائل فقهية)

التعقيب (مسائل فقهية)

الركوع (مسائل فقهية)

السجود(مسائل فقهية)

القراءة (مسائل فقهية)

القنوت (مسائل فقهية)

القيام (مسائل فقهية)

الموالاة(مسائل فقهية)

النية (مسائل فقهية)

تكبيرة الاحرام (مسائل فقهية)

منافيات وتروك الصلاة (مسائل فقهية)

الخلل في الصلاة (مسائل فقهية)

الصلوات الواجبة والمستحبة (مسائل فقهية)

الصلاة لقضاء الحاجة (مسائل فقهية)

صلاة الاستسقاء(مسائل فقهية)

صلاة الايات (مسائل فقهية)

صلاة الجمعة (مسائل فقهية)

صلاة الخوف والمطاردة(مسائل فقهية)

صلاة العيدين (مسائل فقهية)

صلاة الغفيلة (مسائل فقهية)

صلاة اول يوم من كل شهر (مسائل فقهية)

صلاة ليلة الدفن (مسائل فقهية)

صلوات اخرى(مسائل فقهية)

نافلة شهر رمضان (مسائل فقهية)

المساجد واحكامها(مسائل فقهية)

اداب الصلاة ومسنوناتها وفضيلتها (مسائل فقهية)

اعداد الفرائض ونوافلها (مسائل فقهية)

صلاة الجماعة (مسائل فقهية)

صلاة القضاء(مسائل فقهية)

صلاة المسافر(مسائل فقهية)

صلاة الاستئجار (مسائل فقهية)

مسائل متفرقة في الصلاة(مسائل فقهية)

الصوم

احكام متفرقة في الصوم

المفطرات

النية في الصوم

ترخيص الافطار

ثبوت شهر رمضان

شروط الصوم

قضاء شهر رمضان

كفارة الصوم

الاعتكاف

الاعتكاف وشرائطه

تروك الاعتكاف

مسائل في الاعتكاف

الحج والعمرة

شرائط الحج

انواع الحج واحكامه

الوقوف بعرفة والمزدلفة

النيابة والاستئجار

المواقيت

العمرة واحكامها

الطواف والسعي والتقصير

الصيد وقطع الشجر وما يتعلق بالجزاء والكفارة

الاحرام والمحرم والحرم

اعمال منى ومناسكها

احكام عامة

الصد والحصر*

الجهاد

احكام الاسارى

الارض المفتوحة عنوة وصلحا والتي اسلم اهلها عليها

الامان

الجهاد في الاشهر الحرم

الطوائف الذين يجب قتالهم

الغنائم

المرابطة

المهادنة

اهل الذمة

وجوب الجهاد و شرائطه

مسائل في احكام الجهاد

الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

مراتب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

حكم الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وشرائط وجوبهما

اهمية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

احكام عامة حول الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

الخمس

مايجب فيه الخمس

مسائل في احكام الخمس

مستحق الخمس ومصرفه

الزكاة

اصناف المستحقين

اوصاف المستحقين

زكاة الفطرة

مسائل في زكاة الفطرة

مصرف زكاة الفطرة

وقت اخراج زكاة الفطرة

شرائط وجوب الزكاة

ماتكون فيه الزكاة

الانعام الثلاثة

الغلات الاربع

النقدين

مال التجارة

مسائل في احكام الزكاة

احكام عامة

علم اصول الفقه

تاريخ علم اصول الفقه

تعاريف ومفاهيم ومسائل اصولية

المباحث اللفظية

المباحث العقلية

الاصول العملية

الاحتياط

الاستصحاب

البراءة

التخيير

مباحث الحجة

تعارض الادلة

المصطلحات الاصولية

حرف الالف

حرف التاء

حرف الحاء

حرف الخاء

حرف الدال

حرف الذال

حرف الراء

حرف الزاي

حرف السين

حرف الشين

حرف الصاد

حرف الضاد

حرف الطاء

حرف الظاء

حرف العين

حرف الغين

حرف الفاء

حرف القاف

حرف الكاف

حرف اللام

حرف الميم

حرف النون

حرف الهاء

حرف الواو

حرف الياء

القواعد الفقهية

مقالات حول القواعد الفقهية

اخذ الاجرة على الواجبات

اقرار العقلاء

الإتلاف - من اتلف مال الغير فهو له ضامن

الإحسان

الاشتراك - الاشتراك في التكاليف

الاعانة على الاثم و العدوان

الاعراض - الاعراض عن الملك

الامكان - ان كل ما يمكن ان يكون حيضا فهو حيض

الائتمان - عدم ضمان الامين - ليس على الامين الا اليمين

البناء على الاكثر

البينة واليمين - البينة على المدعي واليمين على من انكر

التقية

التلف في زمن الخيار - التلف في زمن الخيار في ممن لا خيار له

الجب - الاسلام يجب عما قبله

الحيازة - من حاز ملك

الزعيم غارم

السبق - من سبق الى ما لم يسبقه اليه احد فهو احق به - الحق لمن سبق

السلطنة - التسلط - الناس مسلطون على اموالهم

الشرط الفاسد هل هو مفسد للعقد ام لا؟ - الشرط الفاسد ليس بمفسد

الصحة - اصالة الصحة

الطهارة - كل شيء طاهر حتى تعلم انه قذر

العقود تابعة للقصود

الغرور - المغرور يرجع الى من غره

الفراغ و التجاوز

القرعة

المؤمنون عند شروطهم

الميسور لايسقط بالمعسور - الميسور

الوقوف على حسب ما يوقفها اهلها

الولد للفراش

أمارية اليد - اليد

انحلال العقد الواحد المتعلق بالمركب الى عقود متعددة - انحلال العقودالى عقود متعددة

بطلان كل عقد بتعذر الوفاء بمضمونه

تلف المبيع قبل قبضه - اذا تلف المبيع قبل قبضه فهو من مال بائعه

حجية البينة

حجية الضن في الصلاة

حجية سوق المسلمين - السوق - أمارية السوق على كون اللحوم الموجودة فيه مذكاة

حجية قول ذي اليد

حرمة ابطال الاعمال العبادية الا ما خرج بالدليل

عدم شرطية البلوغ في الاحكام الوضعية

على اليد ما اخذت حتى تؤدي - ضمان اليد

قاعدة الالزام - الزام المخالفين بما الزموا به انفسهم

قاعدة التسامح في ادلة السنن

قاعدة اللزوم - اصالة اللزوم في العقود - الاصل في المعاملات اللزوم

لا تعاد

لا حرج - نفي العسر و الحرج

لا ربا في ما يكال او يوزن

لا شك في النافلة

لا شك لكثير الشك

لا شك للإمام و المأموم مع حفظ الآخر

لا ضرر ولا ضرار

ما يضمن و ما لا يضمن - كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده وكل عقد لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده

مشروعية عبادات الصبي وعدمها

من ملك شيئا ملك الاقرار به

نجاسة الكافر وعدمها - كل كافر نجس

نفي السبيل للكافر على المسلمين

يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب

قواعد فقهية متفرقة

المصطلحات الفقهية

حرف الألف

حرف الباء

حرف التاء

حرف الثاء

حرف الجيم

حرف الحاء

حرفق الخاء

حرف الدال

حرف الذال

حرف الراء

حرف الزاي

حرف السين

حرف الشين

حرف الصاد

حرف الضاد

حرف الطاء

حرف الظاء

حرف العين

حرف الغين

حرف الفاء

حرف القاف

حرف الكاف

حرف اللام

حرف الميم

حرف النون

حرف الهاء

حرف الواو

حرف الياء

الفقه المقارن

كتاب الطهارة

احكام الاموات

الاحتضار

الجريدتان

الدفن

الصلاة على الاموات

الغسل

الكفن

التشييع

احكام التخلي

استقبال القبلة و استدبارها

مستحبات و ومكروهات التخلي

الاستنجاء

الاعيان النجسة

البول والغائط

الخمر

الدم

الكافر

الكلب والخنزير

المني

الميتة

احكام المياه

الوضوء

احكام الوضوء

النية

سنن الوضوء

غسل الوجه

غسل اليدين

مسح الرأس

مسح القدمين

نواقض الوضوء

المطهرات

الشمس

الماء

الجبيرة

التيمم

احكام عامة في الطهارة

احكام النجاسة

الحيض و الاستحاظة و النفاس

احكام الحيض

احكام النفاس

احكام الاستحاضة

الاغسال المستحبة

غسل الجنابة واحكامها

كتاب الصلاة

احكام السهو والخلل في الصلاة

احكام الصلاة

احكام المساجد

افعال الصلاة

الاذان والاقامة

التسليم

التشهد

الركوع

السجود

القراءة

القنوت

القيام

النية

تكبيرة الاحرام

سجدة السهو

الستر والساتر

الصلوات الواجبة والمندوبة

صلاة الاحتياط

صلاة الاستسقاء

صلاة الايات

صلاة الجماعة

صلاة الجمعة

صلاة الخوف

صلاة العيدين

صلاة القضاء

صلاة الليل

صلاة المسافر

صلاة النافلة

صلاة النذر

القبلة

اوقات الفرائض

مستحبات الصلاة

مكان المصلي

منافيات الصلاة

كتاب الزكاة

احكام الزكاة

ماتجب فيه الزكاة

زكاة النقدين

زكاة مال التجارة

زكاة الغلات الاربعة

زكاة الانعام الثلاثة

شروط الزكاة

زكاة الفطرة

احكام زكاة الفطرة

مصرف زكاة الفطرة

وقت وجوب زكاة الفطرة

اصناف واوصاف المستحقين وأحكامهم

كتاب الصوم

احكام الصوم

احكام الكفارة

اقسام الصوم

الصوم المندوب

شرائط صحة الصوم

قضاء الصوم

كيفية ثبوت الهلال

نية الصوم

مستحبات ومكروهات الصوم

كتاب الحج والعمرة

احرام الصبي والعبد

احكام الحج

دخول مكة واعمالها

احكام الطواف والسعي والتقصير

التلبية

المواقيت

الصد والحصر

اعمال منى ومناسكها

احكام الرمي

احكام الهدي والاضحية

الحلق والتقصير

مسائل متفرقة

النيابة والاستئجار

الوقوف بعرفة والمزدلفة

انواع الحج واحكامه

احكام الصيد وقطع الشجر وما يتعلق بالجزاء والكفارة

احكام تخص الاحرام والمحرم والحرم

العمرة واحكامها

شرائط وجوب الحج

كتاب الاعتكاف

كتاب الخمس

الفقه الاسلامي واصوله : الفقه المقارن : كتاب الصوم : احكام الصوم :

تقسيمات المناسب عند القائسين

المؤلف:   محمّد مهدي النراقي

المصدر:   أنيس المجتهدين

الجزء والصفحة:  ج1 ص 467.

18-8-2016

3687

للمناسب تقسيمات باعتبارات عند القائسين ، ونحن نشير إليها أوّلا ثمّ نثبت أنّ مطلق المناسبة لا يقتضي العلّيّة :

فمنها : تقسيمه باعتبار ثبوت المناسبة في الواقع وعدمه. وبهذا الاعتبار إمّا حقيقيّ وهو ما علم مناسبته من غير ظهور خلاف ، ومثاله ظاهر.

أو إقناعيّ وهو ما يظهر مناسبته ، ثمّ يظهر الخلاف عند البحث ، كتعليل الشافعيّة تحريم بيع الخمر والميتة والعذرة بالنجاسة ، وقياس الكلب عليها (1).

ووجه المناسبة أنّ كونها نجسة يناسب إذلالها ، ومقابلتها بالمال في البيع إعزاز لها ، والجمع بينهما باطل. وجليل النظر وإن أثبت هذه المناسبة إلاّ أنّ دقيقه ينفيها ؛ لأنّ معنى نجاستها عدم جواز الصلاة معها ، ولا مناسبة بينه وبين المنع من بيعه (2).

ومنها : تقسيمه بحسب المقاصد ، أي المصالح ؛ فإنّ المصالح التي شرع لها الأحكام إمّا في محلّ الضرورة ، أو الحاجة ، أو التكميل ، أو التحسين (3). وهذه أربعة أصناف :

الصنف الأوّل : الضروري ، كحفظ الخمسة الضروريّة بشرع الجهاد ، والقصاص ، والحدّ ، والضمان ، ومنه صون الأحكام ، وحفظ دماء الناس وفروجهم وأموالهم وأوضاعهم بشرع عدالة المفتي ، والقاضي ، والشاهد والراوي ، وأمين الحاكم ، والوصيّ ، وناظر الوقف (4).

الصنف الثاني : الحاجيّ (5) ، كانتقال الأعيان والمنافع من بعض الناس إلى بعض آخر ، وقضاء أوطارهم ، وحفظ أوضاعهم بشرع البيع ، والإجارة ، والقراض ، والرهن وغيرها من العقود والمعاوضات ، ومنه حفظ الصلوات والأوقات باشتراط عدالة الإمام ، والمؤذّن ؛ فإنّ أمثال هذه المقاصد وإن كانت محتاجا إليها إلاّ أنّها ليست ضروريّة ، بحيث أدّى اختلالها إلى فوات واحد من الضروريّات الخمس.

هذا ، ومراتب الحاجة فيها مختلفة بالشدّة والضعف ، وربّما بلغ بعضها حدّ الضرورة ، كشرى المطعوم والملبوس ، والإجارة في تربية الطفل الرضيع ، فإطلاق الحاجيّ على مثله بناء على الغالب (6).

الصنف الثالث : التكميلي وهو على قسمين :

أحدهما : ما هو تكميل للضروريّ ، كتكميل حفظ العقل بشرع الحدّ لقليل المسكر ، وهو لا يزيل العقل. وحفظه قد حصل بشرع حدّ المسكر ، فهو مكمّل له ؛ لأنّ القليل ربّما يؤدّي إلى الكثير (7).

وثانيهما : ما هو تكميل للحاجّ ، كتكميل مقصود النكاح بوجوب رعاية الكفاءة ، ومهر المثل على الوليّ إذا زوّج الصغيرة ؛ فإنّ مصلحة النكاح حاصلة بدونه إلاّ أنّ كونه أفضى إلى دوام النكاح أدرجه في مكمّلاته. ومنه تتميم المحافظة على امور الصغار باشتراط العدالة في الأب ، والجدّ في الولاية على الولد ؛ فإنّ شفقته عليه تبعثه على الاحتياط في أمره ، وتردعه عن الخيانة والتقصير في حقّه ، لكن لمّا كان بعض الفسّاق لا يبالي بتضييع ماله وتزويجه من غير كفء ، جعلت العدالة من مكمّلاته (8).

الصنف الرابع : التحسيني وهو ما لا حاجة إليه ، لكن فيه تحسين ، وهو أيضا على قسمين :

الأوّل : ما عدم فيه ظهور اعتبار الحاجة رأسا ، إلاّ أنّ اعتباره سلوك المنهج الأحسن ، كرعاية عدم الجمع بين النازل والعالي بشرع سلب أهليّة العبد للمناصب الجليلة كالشهادة ومثلها ؛ فإنّه لو جعل للعبد أهليّة الشهادة ، لحصل المصلحة التي تحصل من شهادة الحرّ ، ولم يكن له مفسدة أصلا ، إلاّ أنّه سلب ذلك عنه ؛ لأنّ اعتبار المناسبة في المناصب من مكارم الآداب ومحاسن الشيم (9).

الثاني : ما لا حاجة إليه ؛ لقيام غيره مقامه ، كرعاية حفظ المال في التوكيل والإيداع إذا صدرا من المالك باشتراط العدالة في الوكيل والودعي ؛ فإنّه يجوز له توكيل الفاسق وإيداعه ؛ إذ طبع المالك يردعه عن إتلاف ماله ، فما لم يثق به لا يوكّله ولا يودعه (10).

اعلم أنّ كلّ واحد من أفراد المصالح الضروريّة والحاجيّة والتكميليّة والتحسينية إمّا أن يكون اندراجه تحت ذلك الصنف بيّنا بحيث لا يقع فيه اختلاف ، وإمّا أن يكون خفيّا يقع فيه الخلاف. ويختلف ذلك بحسب اختلاف الظنون ، فربما أدرج بعضها الحاجة العامّة تحت الضرورة ، والأمر في مثله هيّن.

ومنها : تقسيمه باعتبار إفضائه إلى المقصود وعدمه ، وبهذا الاعتبار قسّموه خمسة أقسام (11) :

الأوّل : ما يكون حصول المقصود منه مقطوعا ، كالبيع للحلّ ؛ فإنّ ترتّب الحلّ على كلّ من أفراد البيع يقيني.

الثاني : ما يكون حصوله عنه مظنونا ، كالقصاص للانزجار ؛ فإنّا نقطع بأنّ الانزجار بشرع القصاص لم يحصل لجميع الناس ، بل لأكثرهم ، فلذا يكون ترتّبه عليه ظنّيّا.

الثالث : ما يكون حصوله عنه مشكوكا ، كحدّ الخمر للزجر ؛ فإنّ حصوله ونفيه متساويان تقريبا ؛ ولذا ترى عدد الممتنعين والمقدمين متقاربين.

الرابع : ما يكون حصوله عنه مرجوحا ، كنكاح الآئسة لحصول النسل ؛ فإنّ ترتّبه عليه وإن أمكن عقلا إلاّ أنّه بعيد عادة.

الخامس : ما لا يحصل منه المقصود أصلا ، كنكاح مشرقيّ بمغربيّة قد علم عدم تلاقيهما ، وعدم حصول نطفته في رحمها للحوق ولد تلده وهو في المشرق وهي في المغرب.

وقد اتّفق القائسون على اعتبار الأوّلين وإلغاء الأخير ، واختلفوا في الباقيين (12) ، وستعلم (13) حقيقة الحال في الجميع.

ومنها : تقسيمه بحسب شهادة الشرع له بالاعتبار وعدمها ، وبهذا الاعتبار قالوا (14) : ينقسم أوّلا إلى ثلاثة أنواع : معتبر ، ومرسل ، وملغى.

و [ النوع ] الأوّل : ينقسم إلى ثلاثة أصناف :

مؤثّر ، وهو الذي ثبت اعتباره بنصّ ، أو إجماع.

وملائم يشهد له أصل ، وهو الذي ثبت اعتباره بترتّب الحكم على وفقه ، أي وفق المناسب ، وهو ثبوت الحكم معه في محلّ الوصف ، وثبت مع ذلك بنصّ أو إجماع اعتبار عينه في جنسه ، أو بالعكس ، أو جنسه في جنسه.

وغريب يشهد له أصل ، وهو الذي ثبت اعتباره بترتّب الحكم على وفقه فقط ، أي ثبت اعتبار خصوصه في خصوص الحكم ، أي شهد نوعه لنوعه فقط لا نوعه ولا جنسه لأحد الثلاثة.

والنوع الثاني ينقسم إلى صنفين : ملائم لم يشهد له أصل ، وهو الذي لم يثبت اعتباره بنصّ ، ولا إجماع ، ولا بترتّب الحكم على وفقه ، ولكنّه ثبت اعتبار جنسه في جنسه ، أو عينه في جنسه ، أو بالعكس.

وغريب لم يشهد له أصل ، وهو الذي لم يثبت اعتباره بوجه.

وهذان الصنفان هما المصالح المرسلة التي تقدّمت (15).

فظهر أنّ النوع الأوّل ينقسم إلى ثلاثة أصناف : مؤثّر ، وملائم يشهد له أصل ، وغريب كذلك.

والنوع الثاني ينقسم إلى صنفين : ملائم لا يشهد له أصل ، وغريب كذلك.

والملائم بالمعنى الأوّل ينقسم إلى ثلاثة أقسام، وكذا الملائم بالمعنى الثاني.

ولا بدّ من زيادة توضيح في بيان الفرق بين الأصناف المذكورة ، وذكر أمثلة الأقسام ؛ ليتّضح جليّة الحال ، ويظهر ما في كتب القوم من الإجمال والاختلال.

فلنمهّد أوّلا مقدّمة ، وهي أنّ اعتبار الوصف في الحكم لا يخلو عن تسع وأربعين صورة ؛ لأنّ الوصف إمّا أن يكون معتبرا بعينه أو نوعه أو جنسه ، أو اثنين منها ، أو الثلاثة.

وعلى كلّ من التقادير إمّا أن يكون معتبرا في عين الحكم أو نوعه أو جنسه ، أو اثنين منها ، أو الثلاثة. ويحصل من ملاحظة السبعة مع السبعة تسع وأربعون.

والمراد بالعين من الوصف كلّ وصف يحاول إثبات اعتباره وإن كان عريقا في العموم ، وبنوعه ما يشمله وغيره ، وهكذا. فيتحقّق النوعيّة والجنسيّة هنا بالإضافة والاعتبار ، ومن الحكم كلّ حكم كذلك. وعلى هذا ، لو لم يتغيّر حال الوصف في الأصل والفرع وتغيّر حال الحكم فيهما ، يكون عين الوصف في الأصل موجودا في الفرع دون عين الحكم ، وإن عكس عكس ، وإن تغيّر حالهما فيهما لا يكون عينهما في الأصل موجودا في الفرع ، بل الموجود فيه إمّا نوعهما ، أو جنسهما ، وكلّ ذلك يظهر لك من الأمثلة الآتية.

إذا عرفت ذلك فنقول : المقصود من الصنف الأوّل من النوع الأوّل ـ وهو المؤثّر ـ كلّ وصف ثبت اعتبار عينه في عين الحكم بالنصّ أو الإجماع ، كالمسّ بالنسبة إلى الحدث ؛ فإنّ تعليله به منصوص ، والصغر بالنسبة إلى ولاية المال ؛ فإنّ تعليله به إجماعي. فالمؤثّر من الصور المذكورة ما تحقّق فيه تأثير العين في العين ، سواء كان معه تأثير غيره في غيره أيضا من النوع أو الجنس أو كليهما ، أم لا ، وهو ستّة عشر منها (16).

والمقصود من الصنف الثاني منه ـ وهو الملائم الذي يشهد له أصل ـ ما ثبت اعتبار عينه في عينه بمجرّد ترتّب الحكم على وفقه ، ولكن ثبت بنصّ أو إجماع اعتبار عينه في جنسه ، أو بالعكس ، أو جنسه في جنسه ، ويترتّب الحكم على وفقه أعمّ ممّا اشتمل على الإيماء على التعليل وما لم يشتمل عليه ، بل كان مجرّد الترتّب فقط من غير فهم العلّيّة بوجه ، فكلّ ما لم يشتمل على النصّ عليه يكون من باب الملاءمة.

والظاهر أنّ ثبوت اعتبار العين في العين بالعموم أو الإطلاق ، كاعتبار النبيذ في الحرمة إذا قال الشارع : « كلّ مسكر حرام لإسكاره » من باب التأثير ؛ لأنّ فهم العلّيّة حينئذ يقيني ، فالنصّ على علّيّة الوصف هنا أعمّ من النصّ على علّيّته بخصوصه ، أو على علّيّة (17) عام أو مطلق يشمله بعمومه أو إطلاقه ، فلنذكر أمثلة الأقسام الثلاثة للملائم ؛ ليظهر حقيقة الحال.

فمثال القسم الأوّل (18) ما يقال : ثبت للأب ولاية النكاح على الصغيرة ، كما ثبت له عليها ولاية المال بجامع الصغر (19). فالوصف ـ وهو الصغر ـ أمر واحد ، والحكم الولاية ، وهو جنس يجمع ولاية المال وولاية النكاح ، وهما نوعان من التصرّف ، وقد ثبت اعتبار العين في العين ـ أي الصغر في ولاية النكاح ـ بمجرّد ترتّب الحكم على وفقه ، حيث ثبت معه في الجملة وإن وقع الاختلاف في أنّه للصغر ، أو للبكارة ، أو لهما جميعا ، لكن عين الصغر معتبر في جنس الولاية بالإجماع ؛ لأنّ الإجماع على اعتباره في ولاية المال إجماع على اعتباره في جنس الولاية.

ومثال القسم الثاني ـ وهو تأثّر جنسه في عينه ـ ما يقال : يجوز الجمع (20) في الحضر مع المطر ، كما يجوز في السفر بجامع الحرج ، فالحكم جواز الجمع ، وهو أمر واحد ، والوصف الحرج ، وهو جنس يشمل الحاصل بالمطر ، وهو التأذّي به ، والحاصل بالسفر ، وهو خوف الانقطاع عن الرفقة والضلال عن السبيل ، وهما نوعان مختلفان ، وقد ثبت اعتبار جنس الحرج في عين رخصة الجمع بالنصّ (21) والإجماع ؛ لثبوت اعتبار حرج السفر ـ ولو في الحجّ ـ فيها (22) ، وأمّا اعتبار عين حرج المطر فيها ، فقد ثبت بمجرّد ترتّب الحكم على وفقه.

ومثال الثالث (23) ما يقال : يجب القصاص بالقتل بالمثقل ، كما يجب بالقتل بالمحدّد بجامع كونهما جناية عدوان ، فالوصف مطلق جناية العدوان ، وهو يجمع الجناية في النفس وفي الأطراف وفي المال (24) ، والحكم مطلق القصاص الشامل للقصاص في النفس وفي الأطراف وغيرها من القوى ، وقد ثبت اعتبار جنس جناية العدوان في جنس القصاص بالنصّ (25) والإجماع ؛ لثبوت اعتبار الجناية في القصاص بهما في الأيدي ، ولكن ثبوت اعتبار قتل العمد بالمثقل في القصاص في النفس بمجرّد ترتّب الحكم على وفقه ، حيث ترتّب القصاص على مطلق قتل العمد الذي هو نوع من جنس الجناية ، ويشرك فيه القتل بالمحدّد والمثقل.

لا يقال : ثبوت القصاص مع قتل العمد ليس بمجرّد الترتّب ، بل ثبت اعتباره فيه بالنصّ والإجماع.

لأنّا نقول : هذا غير معلوم ؛ لتحقّق الاشتباه في أنّ العلّة في القصاص مطلق قتل العمد أو مع قيد كونه بالمحدّد ، فما يقطع بكونه علّة إنّما هو قتل العمد مع القيد ، فمطلقه يبقى في حيّز الشكّ ، فيعلم حينئذ بمجرّد ترتّب القصاص عليه.

وقد ظهر ممّا ذكر أنّ ثبوت الاعتبار في الجنس في أقسام الملائم بالنصّ أو الإجماع إنّما هو لأجل سرايته من بعض أنواعه إليه ، سواء كان هو المقيس عليه فقط ، كما في المثال الأوّل ، أو هو وغيره ، كما في المثال الثالث.

والسرّ فيه أنّ النصّ أو الإجماع على تأثير نوع في نوع يستلزم النصّ أو الإجماع على تأثير جنسه في جنسه ؛ لأنّ الدالّ على اتّصاف الخاصّ بصفة يدلّ على اتّصاف العامّ (26) بها. غاية الأمر أنّ الدلالة على الثاني بالتضمّن ، وهو لا يقابل النصّ ، بل المطابقة ؛ فالدلالة على الأوّل نصّ ومطابقة ، وعلى الثاني نصّ وتضمّن.

ثمّ إن ثبت التأثير في جنس أوّلا وبالذات ـ أي بالنصّ عليه بعنوان يشمل ما تحته عموما أو إطلاقا ـ يثبت منه التأثير في كلّ واحد من أنواعه بالنصّ. وإن ثبت على طريق السراية من بعض الأنواع ـ كما ذكر ـ لا يثبت منه التأثير في باقي الأنواع ؛ لأنّ معنى كونه مؤثّرا حينئذ أنّ بعض أنواعه مؤثّر ، وهو لا يستلزم تأثير غيره من الأنواع.

نعم ، يفيد ظنّا ما بتأثيره. وإذا ترتّب عليه الحكم أيضا يتقوّى الظنّ بتأثيره ، فيكون ملائما.

وقد ظهر من ذلك أنّ ما يراد إثباته في الفرع في الأمثلة الثلاثة ـ أي اعتبار العين في العين وهو اعتبار عين الصغر في ولاية النكاح ، وحرج المطر في رخصة الجمع ، والقتل بالمثقل في قصاص النفس ـ من باب (27) الملاءمة.

واعتبار المقيس عليه ـ أعني الصغر في ولاية المال ، وحرج السفر في رخصة الجمع ، والقتل بالمحدّد في القصاص ، وكذا اعتبار العين في الجنس ، وبالعكس ، والجنس في الجنس ـ من باب التأثير.

والمقصود من الصنف الثالث منه ـ وهو الغريب الذي يشهد له أصل ـ ما ثبت اعتباره بمجرّد ترتّب الحكم على وفقه من دون ثبوت اعتبار عينه في جنسه ، أو بالعكس ، أو جنسه في جنسه ، أي لم يثبت تأثير عين الوصف في أحد أنواع جنس الحكم ، ولا تأثير أحد أنواعه في عين الحكم ، ولا في أحد أنواعه بالنصّ أو الإجماع ، كما يقال فيمن يطلّق امرأته طلاقا بائنا في مرض موته لئلاّ ترثه : يعارض بنقيض مقصوده ، ويحكم بإرثها ، كما يعارض القاتل بنقيض مقصوده (28) ، حيث قتل ليرث ، فحكم بعدم إرثه بجامع كونهما فعلا حراما صادرا لغرض فاسد ، وهذا الوصف وإن كان مناسبا للحكم المذكور وفي ترتّبه عليه يحصل مصلحة وهو نهيهما عن الفعل الحرام ، وقد ترتّب عليه الحكم على وفقه في القتل ؛ لثبوت الحكم معه بقوله : « القاتل لا يرث » (29) ، فشهد نوعه لنوعه ، إلاّ أنّه لمّا لم يكن فيه نصّ على تأثير القتل في عدم الإرث ، لم يثبت منه تأثير عينه في جنسه ، ولا بالعكس ، ولا تأثير جنسه في جنسه. ومنه ما يقال : « يحرم النبيذ » قياسا على الخمر بجامع الإسكار ، وهو مناسب لتحريم التناول ؛ صيانة للعقل إذا فرض ترتيب التحريم على الخمر من غير ثبوت تأثيره فيه بالنصّ.

والمقصود من الصنف الأوّل من النوع الثاني ـ وهو الملائم الذي لم يشهد له أصل ـ ما لم يثبت اعتباره بترتيب الحكم على وفقه ، أي لم يثبت اعتبار العين في العين بوجه ؛ لعدم شهادة أصل على اعتبار نوعه في نوعه ، لكن ثبت اعتبار جنسه في جنسه ، أو عينه في جنسه ، أو بالعكس ، فهو أيضا على ثلاثة أقسام.

ومثال القسم الأوّل منه ما يقال : « قليل النبيذ وإن لم يسكر حرام » ؛ قياسا على قليل الخمر بجامع كون القليل داعيا إلى الكثير ، وهذا المناسب وإن لم يعتبره الشرع ، ولم يثبت الحكم على وفقه في المحلّ ـ إذا سلّم أنّ ترتّب الحرمة على قليل الخمر ليس على وفق هذا المناسب ـ إلاّ أنّ الشرع اعتبر جنسه في جنس ذلك الحكم ؛ لأنّه حرّم الخلوة لكونها داعية إلى الزنى. وقس عليه أمثال القسمين الأخيرين.

والمقصود من الصنف الثاني منه ـ وهو الغريب الذي لم يشهد له أصل ـ ما لم يثبت اعتباره بوجه ، ومثاله هو المثالان المذكوران للغريب غير المرسل إذا قدّر عدم شهادة القتل والخمر بالاعتبار ، أي عدم ثبوت الحكم معهما ، بل اعتبر مجرّد المناسبة المستخرجة ، فيكونان من الأمثلة التقديريّة ولا بأس به ؛ لأنّ المثال لا يراد لنفسه بل للتفهيم.

هذا ، وأمّا النوع الثالث ـ وهو المناسب الملغى ـ فمثاله ما تقدّم من إيجاب صوم شهرين على الملك في كفّارة الصوم.

صور اعتبار الوصف في الحكم:

إن قلت : قد خرّجت من اعتبار الوصف في الحكم تسعا وأربعين صورة ، وجعلت المؤثّر منها ستّة عشرة (30) ، وهي التي ثبت فيها تأثير العين في العين ، والملائم منها ثلاثة (31) ، ففي أيّ صنف يدخل البواقي؟

قلت : ما عدا الستّة عشرة ـ وهو ثلاث وثلاثون صورة ـ من الملائم المعتبر إن ثبت معها ترتيب الحكم على وفقه ، ومن الملائم المرسل إن لم يثبت معها ذلك ، فإنّ الثلاث التي عدّت مع الترتيب المذكور من الملائم المعتبر ، وبدونه من الملائم المرسل تتناول أكثرها ، كما لا يخفى تفصيله. والخارج منها لا يخرج عن الصور الثلاث التي عدّها بعضهم أيضا من الملائم (32) ، وهي اعتبار النوع في النوع ، واعتباره في الجنس ، وبالعكس.

مثال الأوّل : الإسكار المعتبر في التحريم ؛ فإنّ الإسكار نوع واحد يجمع إسكار الخمر وإسكار النبيذ ، وهما صنفان ، والحكم التحريم ، وهو أيضا نوع واحد يجمع تحريم الخمر وتحريم النبيذ ، ونوع الإسكار معتبر في نوع التحريم بالنصّ وإن اعتبره الشارع في تحريم الخمر ؛ لأنّ اختلاف المحلّ لا يوجب اختلاف الحالّ.

ومثال الثاني (33) : ما يقال : « الاخوّة من الأبوين مقتضية لتقدّم الولاية في النكاح » قياسا على اقتضائها للتقدّم في الميراث ، فالوصف ـ وهو الاخوّة ـ نوع واحد في الموضعين. والحكم الولاية وهو جنس يجمع ولاية الميراث وولاية النكاح ، وهما نوعان مختلفان ، وقد اعتبر الشارع نوع الوصف في ولاية الميراث ، فيكون معتبرا في جنس الولاية (34).

ومثال الثالث (35) : ما يقال : « يسقط قضاء صلاة الحائض » قياسا على سقوط قضاء الركعتين الساقطتين في السفر بجامع المشقّة. فالحكم ـ وهو قضاء الصلاة ـ نوع واحد يجمع قضاء صلاة الحائض وقضاء صلاة المسافر ، واختلافهما بالعوارض. والوصف ـ وهو المشقّة ـ جنس يجمع المشقّة اللازمة للحائض ، والمشقّة اللازمة للمسافر ، وهما نوعان مختلفان وقد اعتبر الشارع مشقّة المسافر ـ وهو نوع من الجنس ـ في سقوط قضاء الصلاة فيكون الجنس معتبرا فيه (36).

وهذه الثلاث إن ثبت فيها الترتيب على وفق المناسب يكون من الملائم المعتبر ، وإن لم يثبت فيها ذلك يكون من الملائم المرسل ، وكان عدم تعرّض القوم لما لم يتعرّضوا لها من الصور ؛ لعدم وجودها في الأحكام الشرعيّة.

ثمّ لا يخفى أنّ ملاحظة الصور المذكورة مع النظر في أنّ الجنس قريب أو متوسّط أو بعيد ، وأنّ ثبوت ذلك بالنصّ أو الإجماع أو بهما ، وأنّها تثبت مع ترتّب الحكم على وفق المناسب وبدونه ، وأنّ الترتّب يشتمل على الإيماء على العلّيّة أم لا ، وأنّ كلاّ منها يكون من أحد الأقسام المتقدّمة : من الحقيقيّة ، والإقناعيّة ، والضروريّة ، والحاجيّة ، والتكميليّة وغيرها ، تفضي (37) إلى أقسام متكثّرة. ولو لوحظ معها وجود معارض من المفسدة بنحو من الأنحاء المذكورة في المصالح المرسلة ، يؤدّي إلى أقسام لا تحصى كثرة ، ويقع بينها تعارضات وترجيحات لا يمكن ضبط القول فيها.

ثمّ إنّ قوّة أقسام الملائم وضعفها يختلف باختلاف مراتب خصوص الوصف والحكم وعمومهما ، فكلّما كان الوصف والحكم أخصّ كان الظنّ بعلّيّة الوصف للحكم آكد ؛ لكثرة ما به الاشتراك حينئذ بين وصفي الأصل والفرع وحكميهما ، فاعتبار النوع في النوع أقوى من اعتبار الجنس في الجنس ؛ لكثرة المشتركات بين الوصفين والحكمين في الأوّل ؛

لاتّحادهما نوعا ، فيشتركان في الحقيقة وفي مقوّماتهما من الجنس والفصل وفي لوازمهما ، واختلافهما (38) بالامور الخارجة ، كالمحالّ وما يجري مجراها ، وقلّة (39) المشتركات بينهما في الثاني. وهو ظاهر.

تتمّة

الحقّ أن طريق المناسبة لا يفيد العلّيّة ، وليست مقبولة إلاّ المناسبة المعتبرة إجماعا أو نصّا من الشرع ، وهو المؤثّر من الأقسام المذكورة ، فإذا علم بالإجماع أو النصّ كون وصف مناسب لحكم مؤثّرا فيه وعلّة له ، يحكم بثبوت الحكم له وكونه علّة له في الأصل ، وهذا هو العمل بنفس المناسبة ، وإذا وجد هذا الوصف في محلّ آخر ، واريد إثبات حكم الأصل له فيه ، يرجع إلى القياس المنصوص العلّة ، وقد عرفت الحال فيه. فهذا القسم من المناسبة ليس من طرق الاستنباط ، وأمّا غيره من الأقسام ، فلمّا لم يقطع بالعلّيّة فيها بنصّ أو إجماع ، فيجوز أن تكون العلّة فيها غير ذلك الوصف ، وحينئذ يحكم في الملائم والغريب المعتبرين بمجرّد ثبوت الحكم مع المناسب في الأصل ؛ نظرا إلى ترتّبه عليه شرعا ، وهذا هو العمل بنفس المناسب المعتبر ، ولا يحكم بعلّيته له ، فإن ثبت هذا المناسب في محلّ آخر ، لا يقاس على الأوّل حتّى يتحقّق العمل بالقياس عليه.

وأمّا الملائم والغريب المرسلان ـ وهما المصالح المرسلة ـ فلا يحكم بثبوت حكم يناسبهما معهما في محلّ أصلا ؛ لعدم ترتّبه عليه في كلام الشارع ، فلا يتأتّى العمل بنفس المصالح المرسلة ، ولا بالقياس عليها.

ثمّ المراد بأصل الملائم هنا هو الفرع في الأمثلة المتقدّمة فلا تغفل ؛ فإنّ الأصل فيها كان من المؤثّر ، وفرعه كان ملائما ، فإذا قيس عليه غيره يصير أصلا ، وما يقاس عليه فرعا. ومن هنا يعلم أنّ فرع المؤثّر أحد الملائمين. هذا.

واتّفق القائسون على قبول المؤثّر والملائم المعتبر ، والقياس عليهما ، وردّ الغريب المرسل وما علم إلغاؤه. واختلفوا في الغريب المعتبر والملائم المرسل ، والأكثر على قبول الأوّل وردّ الثاني.

واحتجّوا على كون المناسب علّة للحكم بأنّ الأحكام معلّلة بالمصالح ، وهذا الحكم قد وجد فيه هذه المصلحة ، فحصل الظنّ بأنّها الباعث على شرعه.

أمّا الثاني فظاهر ؛ لأنّ الفرض ذلك ، وأمّا الأوّل فلأنّ تخصّص (40) واقعة معيّنة بحكم معيّن لا بدّ له من مرجّح.

وجوابه ما ذكر من جواز كون العلّة غير ذلك الوصف ، على أنّ هذا الدليل فاسد على اصول الأشاعرة (41) ؛ لأنّهم منعوا من التعليل في أحكام الله بالأغراض ، والمعتزلة ؛ لتجويزهم ترجيح أحد الطرفين من المريد لا لمرجّح (42).

وإذا أحطت بما ذكر ، فلا أظنّك أن يشتبه عليك كيفيّة التفريع

_________________________________

(1) راجع : الإفصاح عن معاني الصحاح 1 : 271 ، والمهذّب في فقه الشافعي 1 : 347 ، وبداية المجتهد 2 : 126 و 127.

(2 و 3) قالهما الفخر الرازي في المحصول 5 : 159 و 161 و 162.

(4) قاله الفخر الرازي في المحصول 5 : 159 و 160 ، والأسنوي في نهاية السؤل 4 : 82 و 83.

(5) أي المنسوب إلى الحاجة.

(6) قاله الفخر الرازي في المحصول 5 : 160 و 161 ، والعلاّمة في تهذيب الوصول : 253 و 254.

(7) قاله الفخر الرازي في المحصول 5 : 160 باختلاف.

(8) قاله الفخر الرازي في المحصول 5 : 160 ، والأسنوي في نهاية السؤل 4 : 81 ـ 86.

(9) قاله الفخر الرازي في المحصول 5 : 160 و 161 ، والعلاّمة في تهذيب الوصول : 264.

(10) حكاه الفخر الرازي في المحصول 5 : 161 ، والعلاّمة في تهذيب الوصول : 253 و 254 ، والأسنوي في نهاية السؤل 4 : 84 و 85.

(11) قالها الآمدي في الإحكام في أصول الأحكام 3 : 298 ـ 299.

(12) راجع الإحكام في أصول الأحكام 3 : 299.

(13) يأتي في ص 478 وما بعدها.

(14) راجع : الإحكام في أصول الأحكام 3 : 311 و 312 ، والمحصول 5 : 163 و 164.

(15) تقدّمت في ص 431.

(16) أي الصور المذكورة والمراد بها تسع وأربعون صورة.

(17) في « ب » : « علّيّته ».

(18) أي اعتبار العيني في العينيّ.

(19) قاله الأسنوي في نهاية السؤل 4 : 84.

(20) أي الجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء.

(21) راجع تهذيب الوصول : 255.

(22) أي في الرخصة.

(23) أي تأثير الجنس في الجنس.

(24) قاله الأسنوي في نهاية السؤل 4 : 78.

(25) أشار إليه الفخر الرازي في المحصول 5 : 164 وقال : « إنّ عليّا أقام الشرب مقام القذف ».

(26) المراد بالخاصّ والعامّ ليس معناهما الاصطلاحي بل المراد من الخاصّ هو الكلّ ومن العامّ هو الأجزاء.

(27) قوله : « من باب ... » خبر لقوله : « أنّ ».

(28) أي يقتل الولد والده ليرث أمواله فيصير محروما من الإرث.

(29) تهذيب الأحكام 10 : 237 ، ح 946 باختلاف يسير.

(30 و 31) راجع النحو الوافي 4 : 508 وما بعد : إذا حذف التميّز ، لا يجب المخالفة في الجزء الأوّل. فكلمتا « ستّة » و « ثلاثة » ليستا بغلط ؛ إذ حذف عنهما التميّز.

(32) قاله الآمدي في الإحكام في أصول الأحكام 3 : 312.

(33) أي اعتبار النوع في الجنس.

(34) قاله الفخر الرازي في المحصول 5 : 164 ، والعلاّمة في تهذيب الوصول : 255.

(35) أي اعتبار الجنس في النوع.

(36) قاله الفخر الرازي في المحصول 5 : 164 ، والعلاّمة في تهذيب الوصول : 255.

(37) « تفضي » خبر « أنّ ملاحظة ».

(38) عطف على « اتّحادهما نوعا ».

(39) عطف على « كثرة المشتركات ».

(40) في « ب » : « تخصيص ».

(41) راجع : المحصول 5 : 172 ـ 180 ، ونهاية السؤل 4 : 98 ، والتمهيد : 479.

(42) راجع : المعتمد 2 : 261 ، والإحكام في أصول الأحكام 3 : 316 ـ 324 ، والمستصفى : 317 ، والتمهيد : 479 ، ونهاية السؤل 4 : 97 ـ 104.

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي