المسائل الفقهية
التقليد
الطهارة
احكام الاموات
الاحتضار
التحنيط
التشييع
التكفين
الجريدتان
الدفن
الصلاة على الميت
الغسل
مسائل تتعلق باحكام الاموات
أحكام الخلوة
أقسام المياه وأحكامها
الاستحاضة
الاغسال
الانية واحكامها
التيمم (مسائل فقهية)
احكام التيمم
شروط التيمم ومسوغاته
كيفية التيمم
مايتيمم به
الجنابة
سبب الجنابة
مايحرم ويكره للجُنب
مسائل متفرقة في غسل الجنابة
مستحبات غسل الجنابة
واجبات غسل الجنابة
الحيض
الطهارة من الخبث
احكام النجاسة
الاعيان النجسة
النجاسات التي يعفى عنها في الصلاة
كيفية سراية النجاسة الى الملاقي
المطهرات
النفاس
الوضوء
الخلل
سنن الوضوء
شرائط الوضوء
كيفية الوضوء واحكامه
مسائل متفرقة تتعلق بالوضوء
مستمر الحدث
نواقض الوضوء والاحداث الموجبة للوضوء
وضوء الجبيرة واحكامها
مسائل في احكام الطهارة
الصلاة
مقدمات الصلاة(مسائل فقهية)
الستر والساتر (مسائل فقهية)
القبلة (مسائل فقهية)
اوقات الصلاة (مسائل فقهية)
مكان المصلي (مسائل فقهية)
افعال الصلاة (مسائل فقهية)
الاذان والاقامة (مسائل فقهية)
الترتيب (مسائل فقهية)
التسبيحات الاربعة (مسائل فقهية)
التسليم (مسائل فقهية)
التشهد(مسائل فقهية)
التعقيب (مسائل فقهية)
الركوع (مسائل فقهية)
السجود(مسائل فقهية)
القراءة (مسائل فقهية)
القنوت (مسائل فقهية)
القيام (مسائل فقهية)
الموالاة(مسائل فقهية)
النية (مسائل فقهية)
تكبيرة الاحرام (مسائل فقهية)
منافيات وتروك الصلاة (مسائل فقهية)
الخلل في الصلاة (مسائل فقهية)
الصلوات الواجبة والمستحبة (مسائل فقهية)
الصلاة لقضاء الحاجة (مسائل فقهية)
صلاة الاستسقاء(مسائل فقهية)
صلاة الايات (مسائل فقهية)
صلاة الجمعة (مسائل فقهية)
صلاة الخوف والمطاردة(مسائل فقهية)
صلاة العيدين (مسائل فقهية)
صلاة الغفيلة (مسائل فقهية)
صلاة اول يوم من كل شهر (مسائل فقهية)
صلاة ليلة الدفن (مسائل فقهية)
صلوات اخرى(مسائل فقهية)
نافلة شهر رمضان (مسائل فقهية)
المساجد واحكامها(مسائل فقهية)
اداب الصلاة ومسنوناتها وفضيلتها (مسائل فقهية)
اعداد الفرائض ونوافلها (مسائل فقهية)
صلاة الجماعة (مسائل فقهية)
صلاة القضاء(مسائل فقهية)
صلاة المسافر(مسائل فقهية)
صلاة الاستئجار (مسائل فقهية)
مسائل متفرقة في الصلاة(مسائل فقهية)
الصوم
احكام متفرقة في الصوم
المفطرات
النية في الصوم
ترخيص الافطار
ثبوت شهر رمضان
شروط الصوم
قضاء شهر رمضان
كفارة الصوم
الاعتكاف
الاعتكاف وشرائطه
تروك الاعتكاف
مسائل في الاعتكاف
الحج والعمرة
شرائط الحج
انواع الحج واحكامه
الوقوف بعرفة والمزدلفة
النيابة والاستئجار
المواقيت
العمرة واحكامها
الطواف والسعي والتقصير
الصيد وقطع الشجر وما يتعلق بالجزاء والكفارة
الاحرام والمحرم والحرم
اعمال منى ومناسكها
احكام عامة
الصد والحصر*
الجهاد
احكام الاسارى
الارض المفتوحة عنوة وصلحا والتي اسلم اهلها عليها
الامان
الجهاد في الاشهر الحرم
الطوائف الذين يجب قتالهم
الغنائم
المرابطة
المهادنة
اهل الذمة
وجوب الجهاد و شرائطه
مسائل في احكام الجهاد
الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
مراتب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
حكم الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وشرائط وجوبهما
اهمية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
احكام عامة حول الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
الخمس
مايجب فيه الخمس
مسائل في احكام الخمس
مستحق الخمس ومصرفه
الزكاة
اصناف المستحقين
اوصاف المستحقين
زكاة الفطرة
مسائل في زكاة الفطرة
مصرف زكاة الفطرة
وقت اخراج زكاة الفطرة
شرائط وجوب الزكاة
ماتكون فيه الزكاة
الانعام الثلاثة
الغلات الاربع
النقدين
مال التجارة
مسائل في احكام الزكاة
احكام عامة
علم اصول الفقه
تاريخ علم اصول الفقه
تعاريف ومفاهيم ومسائل اصولية
المباحث اللفظية
المباحث العقلية
الاصول العملية
الاحتياط
الاستصحاب
البراءة
التخيير
مباحث الحجة
تعارض الادلة
المصطلحات الاصولية
حرف الالف
حرف التاء
حرف الحاء
حرف الخاء
حرف الدال
حرف الذال
حرف الراء
حرف الزاي
حرف السين
حرف الشين
حرف الصاد
حرف الضاد
حرف الطاء
حرف الظاء
حرف العين
حرف الغين
حرف الفاء
حرف القاف
حرف الكاف
حرف اللام
حرف الميم
حرف النون
حرف الهاء
حرف الواو
حرف الياء
القواعد الفقهية
مقالات حول القواعد الفقهية
اخذ الاجرة على الواجبات
اقرار العقلاء
الإتلاف - من اتلف مال الغير فهو له ضامن
الإحسان
الاشتراك - الاشتراك في التكاليف
الاعانة على الاثم و العدوان
الاعراض - الاعراض عن الملك
الامكان - ان كل ما يمكن ان يكون حيضا فهو حيض
الائتمان - عدم ضمان الامين - ليس على الامين الا اليمين
البناء على الاكثر
البينة واليمين - البينة على المدعي واليمين على من انكر
التقية
التلف في زمن الخيار - التلف في زمن الخيار في ممن لا خيار له
الجب - الاسلام يجب عما قبله
الحيازة - من حاز ملك
الزعيم غارم
السبق - من سبق الى ما لم يسبقه اليه احد فهو احق به - الحق لمن سبق
السلطنة - التسلط - الناس مسلطون على اموالهم
الشرط الفاسد هل هو مفسد للعقد ام لا؟ - الشرط الفاسد ليس بمفسد
الصحة - اصالة الصحة
الطهارة - كل شيء طاهر حتى تعلم انه قذر
العقود تابعة للقصود
الغرور - المغرور يرجع الى من غره
الفراغ و التجاوز
القرعة
المؤمنون عند شروطهم
الميسور لايسقط بالمعسور - الميسور
الوقوف على حسب ما يوقفها اهلها
الولد للفراش
أمارية اليد - اليد
انحلال العقد الواحد المتعلق بالمركب الى عقود متعددة - انحلال العقودالى عقود متعددة
بطلان كل عقد بتعذر الوفاء بمضمونه
تلف المبيع قبل قبضه - اذا تلف المبيع قبل قبضه فهو من مال بائعه
حجية البينة
حجية الضن في الصلاة
حجية سوق المسلمين - السوق - أمارية السوق على كون اللحوم الموجودة فيه مذكاة
حجية قول ذي اليد
حرمة ابطال الاعمال العبادية الا ما خرج بالدليل
عدم شرطية البلوغ في الاحكام الوضعية
على اليد ما اخذت حتى تؤدي - ضمان اليد
قاعدة الالزام - الزام المخالفين بما الزموا به انفسهم
قاعدة التسامح في ادلة السنن
قاعدة اللزوم - اصالة اللزوم في العقود - الاصل في المعاملات اللزوم
لا تعاد
لا حرج - نفي العسر و الحرج
لا ربا في ما يكال او يوزن
لا شك في النافلة
لا شك لكثير الشك
لا شك للإمام و المأموم مع حفظ الآخر
لا ضرر ولا ضرار
ما يضمن و ما لا يضمن - كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده وكل عقد لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده
مشروعية عبادات الصبي وعدمها
من ملك شيئا ملك الاقرار به
نجاسة الكافر وعدمها - كل كافر نجس
نفي السبيل للكافر على المسلمين
يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب
قواعد فقهية متفرقة
المصطلحات الفقهية
حرف الألف
حرف الباء
حرف التاء
حرف الثاء
حرف الجيم
حرف الحاء
حرفق الخاء
حرف الدال
حرف الذال
حرف الراء
حرف الزاي
حرف السين
حرف الشين
حرف الصاد
حرف الضاد
حرف الطاء
حرف الظاء
حرف العين
حرف الغين
حرف الفاء
حرف القاف
حرف الكاف
حرف اللام
حرف الميم
حرف النون
حرف الهاء
حرف الواو
حرف الياء
الفقه المقارن
كتاب الطهارة
احكام الاموات
الاحتضار
الجريدتان
الدفن
الصلاة على الاموات
الغسل
الكفن
التشييع
احكام التخلي
استقبال القبلة و استدبارها
مستحبات و ومكروهات التخلي
الاستنجاء
الاعيان النجسة
البول والغائط
الخمر
الدم
الكافر
الكلب والخنزير
المني
الميتة
احكام المياه
الوضوء
احكام الوضوء
النية
سنن الوضوء
غسل الوجه
غسل اليدين
مسح الرأس
مسح القدمين
نواقض الوضوء
المطهرات
الشمس
الماء
الجبيرة
التيمم
احكام عامة في الطهارة
احكام النجاسة
الحيض و الاستحاظة و النفاس
احكام الحيض
احكام النفاس
احكام الاستحاضة
الاغسال المستحبة
غسل الجنابة واحكامها
كتاب الصلاة
احكام السهو والخلل في الصلاة
احكام الصلاة
احكام المساجد
افعال الصلاة
الاذان والاقامة
التسليم
التشهد
الركوع
السجود
القراءة
القنوت
القيام
النية
تكبيرة الاحرام
سجدة السهو
الستر والساتر
الصلوات الواجبة والمندوبة
صلاة الاحتياط
صلاة الاستسقاء
صلاة الايات
صلاة الجماعة
صلاة الجمعة
صلاة الخوف
صلاة العيدين
صلاة القضاء
صلاة الليل
صلاة المسافر
صلاة النافلة
صلاة النذر
القبلة
اوقات الفرائض
مستحبات الصلاة
مكان المصلي
منافيات الصلاة
كتاب الزكاة
احكام الزكاة
ماتجب فيه الزكاة
زكاة النقدين
زكاة مال التجارة
زكاة الغلات الاربعة
زكاة الانعام الثلاثة
شروط الزكاة
زكاة الفطرة
احكام زكاة الفطرة
مصرف زكاة الفطرة
وقت وجوب زكاة الفطرة
اصناف واوصاف المستحقين وأحكامهم
كتاب الصوم
احكام الصوم
احكام الكفارة
اقسام الصوم
الصوم المندوب
شرائط صحة الصوم
قضاء الصوم
كيفية ثبوت الهلال
نية الصوم
مستحبات ومكروهات الصوم
كتاب الحج والعمرة
احرام الصبي والعبد
احكام الحج
دخول مكة واعمالها
احكام الطواف والسعي والتقصير
التلبية
المواقيت
الصد والحصر
اعمال منى ومناسكها
احكام الرمي
احكام الهدي والاضحية
الحلق والتقصير
مسائل متفرقة
النيابة والاستئجار
الوقوف بعرفة والمزدلفة
انواع الحج واحكامه
احكام الصيد وقطع الشجر وما يتعلق بالجزاء والكفارة
احكام تخص الاحرام والمحرم والحرم
العمرة واحكامها
شرائط وجوب الحج
كتاب الاعتكاف
كتاب الخمس
مصادر الإلهام للفكر الاصولي
المؤلف: محمد باقر الصدر
المصدر: المعالم الجديدة للأصول
الجزء والصفحة: ص.92
10-8-2016
1100
لا نستطيع ونحن لا نزال في الحلقة الاولى أن نتوسع في دراسة مصادر الالهام للفكر الاصولي ونكشف عن العوامل التي كانت تلهم الفكر الاصولي وتمده بالجديد تلو الجديد من النظريات، لان ذلك يتوقف على الاحاطة المسبقة بتلك النظريات، ولهذا سوف نلخص فيما يلي مصادر الالهام بصورة موجزة:
1 - بحوث التطبيق في الفقيه، فإن الفقيه تنكشف لديه من خلال بحثه الفقهي التطبيقي المشاكل العامة في عملية الاستنباط، ويقوم علم الاصول عندئذ بوضع الحلول المناسبة لها، وتصبح هذه الحلول والنظريات عناصر مشتركة في عملية الاستنباط.
ولدى محاولة تطبيقها على مجالاتها المختلفة كثيرا ما ينتبه الفقيه إلى أشياء جديدة يكون لها أثر في تعديل تلك النظريات أو تعميقها.
ومثال ذلك أن علم الاصول يقرر أن الشيء إذا وجب وجبت مقدمته، فالوضوء يجب مثلا إذا وجبت الصلاة، لان الوضوء من مقدمات الصلاة، كما يقرر علم الاصول أيضا أن مقدمة الشيء إنما تجب في الظرف الذي يجب فيه ذلك الشيء ولا يمكن أن تسبقه في الوجوب، فالوضوء إنما يجب حين تجب الصلاة ولا يجب قبل الزوال، إذ لا تجب الصلاة قبل الزوال، فلا يمكن أن يصبح الوضوء واجبا قبل أن يحل وقت الصلاة وتجب.
والفقيه حين يكون على علم بهذه المقررات ويمارس عمله في الفقه فسوف يلحظ في بعض المسائل الفقهية شذوذا جديرا بالدرس، ففي الصوم يجد مثلا أن من المقرر فقهيا أن وقت الصوم يبدأ من طلوع الفجر ولا يجب الصوم قبل ذلك، وكذلك من الثابت في الفقه أن المكلف إذا أجنب في ليلة الصيام فيجب عليه أن يغتسل قبل الفجر لكي يصح صومه، لان الغسل من الجنابة مقدمة للصوم، فلا صوم بدونه، كما أن الوضوء مقدمة للصلاة ولا صلاة بدون وضوء.
ويحاول الفقيه بطبيعة الحال أن يدرس هذه الاحكام الفقهية على ضوء تلك المقررات الاصولية، فيجد نفسه في تناقض، لان الغسل وجب على المكلف فقهيا قبل مجيء وقت الصوم، بينما يقرر علم الاصول أن مقدمة كل شيء إنما تجب في ظرف وجوب ذلك الشيء ولا تجب قبل وقته.
وهكذا يرغم الموقف الفقهي الفقيه أن يراجع من جديد النظرية الاصولية ويتأمل في طريقة للتوفيق بينهما وبين الواقع الفقهي، وينتج عن ذلك تولد أفكار أصولية جديدة بالنسبة إلى النظرية تحدده أو تعمقها وتشرحها بطريقة جديدة تتفق مع الواقع الفقهي.
وهذا المثال مستمد من الواقع، فإن مشكلة تفسير وجوب الغسل قبل وقت الصوم تكشفت من خلال البحث الفقهي، وكان أول بحث فقهي استطاع أن يكشف عنها هو بحث ابن أدريس في السرائر، وإن لم يوفق لعلاجها.
وأدى اكتشاف هذه المشكلة إلى بحوث أصولية دقيقة في طريق التوفيق بين المقررات الاصولية السابقة والواقع الفقهي، وهي البحوث التي يطلق عليها اليوم اسم بحوث المقدمات المفوتة.
2 - علم الكلام، فقد لعب دورا مهما في تموين الفكر الاصولي وإمداده، وبخاصة في العصر الاول والثاني، لان الدراسات الكلامية كانت منتشرة وذات نفوذ كبير على الذهنية العامة لعلماء المسلمين حين بدأ علم الاصول يشق طريقه إلى الظهور، فكان من الطبيعي أن يعتمد عليه ويستلهم منه. ومثال ذلك نظرية الحسن والقبح العقليين، وهي النظرية الكلامية القائلة بأن العقل الانساني يدرك بصورة مستقلة عن النص الشرعي قبح بعض الافعال كالظلم والخيانة وحسن بعضه كالعدل والوفاء والامانة، فإن هذه النظرية استخدمت أصوليا في العصر الثاني لحجية الاجماع، أي إن العلماء إذا اتفقوا على رأي واحد فهو الصواب، بدليل أنه لو كان خط لكان من القبيح عقلا سكوت الامام المعصوم عنه وعدم إظهاره للحقيقة، فقبح سكوت الامام عن الخطأ هو الذي يضمن صواب الرأي المجمع عليه.
3 - الفلسفة، وهي لم تصبح مصدرا لإلهام الفكر الاصولي في نطاق واسع إلا في العصر الثالث تقريبا، نتيجة لرواج البحث الفلسفي على الصعيد الشيعي بدلا عن علم الكلام وانتشار فلسفات كبيرة ومجددة كفلسفة صدر الدين الشيرازي المتوفي (1050) ه، فإن ذلك أدى إلى إقبال الفكر الاصولي في العصر الثالث على الاستمداد من الفلسفة واستلهامها أكثر من استلهام علم الكلام، وبخاصة التيار الفلسفي الذي أوجده صدر الدين الشيرازي.
ومن أمثلة ذلك ما لعبته مسألة أصالة الوجود وأصالة الماهية في مسائل أصولية متعددة، كمسألة اجتماع الامر والنهي ومسألة تعلق الاوامر بالطبائع والافراد، الامر الذي لا يمكننا فعلا توضيحه.
4 - الظرف الموضوعي الذي يعيشه المفكر الاصولي، فإن الاصولي قد يعيش في ظرف معين فيستمد من طبيعة ظرفه بعض أفكاره، ومثاله أولئك العلماء الذين كانوا يعيشون في العصر الاول ويجدون الدليل الشرعي الواضح ميسرا لهم في جل ما يواجهونه من حاجات وقضايا، نتيجة لقرب عهدهم بالأئمة عليهم السلام وقلة ما يحتاجون إليه من مسائل نسبيا، فقد ساعد ظرفهم ذلك وسهولة استحصال الدليل فيه على أن يتصوروا أن هذه الحالة حالة مطابقة ثابتة في جميع العصور.
وعلى هذا الاساس اِدّعوا أن من اللطف الواجب على الله أن يجعل على كل حكم شرعي دليلا واضحا ما دام الانسان مكلفا والشريعة باقية.
5 - عامل الزمن، وأعني بذلك أن الفاصل الزمني بين الفكر الفقهي وعصر النصوص كلما اتسع وازداد تجددت مشاكل وكلف علم الاصول بدراستها، فعلم الاصول يمنى نتيجة لعامل الزمن وازدياد البعد عن عصر النصوص بألوان من المشاكل، فينمو بدراستها والتفكير في وضع الحلول المناسبة لها.
ومثال ذلك أن الفكر العلمي ما دخل العصر الثاني حتى وجد نفسه قد ابتعد عن عصر النصوص بمسافة تجعل أكثر الاخبار والروايات التي لديه غير قطعية الصدور، ولا يتيسر الاطلاع المباشر على صحتها كما كان ميسورا في كثير من الاحيان لفقهاء العصر الاول، فبرزت أهمية الخبر الظني ومشاكل حجيته، وفرضت هذه الاهمية واتساع الحاجة إلى الاخبار الظنية على الفكر العلمي أن يتوسع في بحث تلك المشاكل ويعوض عن قطعية الروايات بالفحص عن دليل شرع يدل على حجيتها وإن كانت ظنية، وكان الشيخ الطوسي رائد العصر الثاني هو أول من توسع في بحث حجية الخبر الظني وإثباته. ولما دخل العلم في العصر الثالث أدى اتساع الفاصل الزمني إلى الشك حتى في مدارك حجية الخبر ودليلها الذي استند إليه الشيخ في مستهل العصر الثاني، فإن الشيخ استدل على حجية الخبر الظني بعمل أصحاب الائمة به، ومن الواضح أنا كلما ابتعدنا عن عصر أصحاب الائمة ومدارسهم يصبح الموقف أكثر غموضا والاطلاع على أحوالهم أكثر صعوبة.
وهكذا بدأ الاصوليون في مستهل العصر الثالث يتساءلون هل يمكننا أن نظفر بدليل شرعي على حجية الخبر الظني أو لا؟ وعلى هذا الاساس وجد في مستهل العصر الثالث اتجاه جديد يدعي انسداد باب العلم، لان الاخبار ليست قطعية وانسداد باب الحجة لانه لا دليل شرعي على حجية الاخبار الظنية، ويدعو إلى إقامة علم الاصول على أساس الاعتراف بهذا الانسداد، كما يدعو إلى جعل الظن بالحكم الشرعي أي ظن اساس للعمل، دون فرق بين الظن الحاصل من الخبر وغيره ما دمنا لا نملك دليلا شرعيا خاص على حجة الخبر يميزه عن سائر الظنون.
وقد أخذ بهذا الاتجاه عدد كبير من رواد العصر الثالث ورجالات المدرسة التي افتتحت هذه العصر كالأستاذ البهبهاني وتلميذه المحقق القمي وتلميذه صاحب الرياض وغيرهما، وبقي هذا الاتجاه قيد الدرس والبحث العلمي حتى يومنا هذا.
وبالرغم من أن لهذا الاتجاه الإنسدادي بوادره في أواخر العصر الثاني فقد صرح المحقق الشيخ محمد باقر بن صاحب الحاشية على المعالم بأن الالتزام بهذا الاتجاه لم يعرف عن أحد قبل الاستاذ الوحيد البهبهاني وتلامذته، كما أكد أبوه المحقق الشيخ محمد تقي في حاشيته على المعالم أن الاسئلة التي يطرحها هذه الاتجاه حديثة ولم تدخل في الفكر العلمي قبل عصره. وهكذا نتبين كيف تظهر بين فترة وفترة اتجاهات جديدة، وتتضخم أهميتها العلمية بحكم المشاكل التي يفرضها عامل الزمن.
6 - عنصر الابداع الذاتي، فإن كل علم حين ينمو ويشتد يمتلك بالتدريج قدرة على الخلق والتوليد الذاتي نتيجة لمواهب النوابغ في ذلك العلم والتفاعل بين أفكاره.
ومثال ذلك في علم الاصول بحوث الاصول العملية وبحوث الملازمات والعلاقات بين الاحكام الشرعية، فإن أكثر هذه البحوث نتائج أصولي خالص.
ونقصد ببحوث الاصول العملية تلك البحوث التي تدرس نوعية القواعد الاصولية والعناصر المشتركة التي يجب على الفقيه الرجوع إليها لتحديد موقفه العملي إذا لم يجد دليلا على الحكم وظل الحكم الشرعي مجهولا لديه.
ونقصد ببحوث الملازمات والعلاقات بين الاحكام ما يقوم به علم الاصول من دراسة الروابط المختلفة بين الاحكام، من قبيل مسألة أن النهي عن المعاملة هل يقتضي فسادها أو لا؟
إذ تدرس في هذه المسألة العلاقة بين حرمة البيع وفساده وهل يفقد أثره في نقل الملكية من البائع إلى المشتري إذا أصبح حراما أو يظل صحيحا ومؤثرا في نقل الملكية بالرغم من حرمته؟ أي إن العلاقة بين الحرمة والصحة هل هي علاقة تضاد أو لا ؟
عطاء الفكر الاصولي وابداعه :
وبودي أن أشير بهذا الصدد إلى حقيقة يجب أن يعلمها الطالب ولو بصورة مجملة، حيث لا يمكن توضيحها والتوسع فيها على مستوى هذه الحلقة.
وهذه الحقيقة هي أن علم الاصول لم يقتصر إبداعه الذاتي على مجاله الاصيل أي مجال تحديد العناصر المشتركة في عملية الاستنباط بل كان له إبداع كبير في عدد من أهم مشاكل الفكر البشري، وذلك إن علم الاصول بلغ في العصر العلمي الثالث وفي المرحلة الاخيرة من هذا العصر بصورة خاصة قمة الدقة والعمق، ووعى بفهم وذكاء مشاكل الفلسفة وطرائقها في التفكير والاستدلال وبحثها متحررا من التقاليد الفلسفية التي تقيد بها البحث الفلسفي منذ ثلاثة قرون، إذ كان يسير في خط مرسوم ولا يجسر على التفكير في الخروج عن القواعد العامة للتفكير الفلسفي، ويستشعر الهيبة للفلاسفة الكبار وللمسلمات الاساسية في الفلسفة بالدرجة التي تجعل هدفه الاقصى استيعاب أفكارهم والقدرة على الدفاع عنها، وبينما كان البحث الفلسفي على هذه الصورة كان البحث الاصولي يخوض بذكاء وعمق في درس المشاكل الفلسفية متحرر من سلطان الفلاسفة التقليديين وهيبتهم. وعلى هذا الاساس تناول علم الاصول جملة من قضايا الفلسفة والمنطق التي تتصل بأهدافه، وأبدع فيها إبداعا أصيلا لا نجده في البحث الفلسفي التقليدي، ولهذا يمكننا القول بأن الفكر الذي أعطاه علم الاصول في المجالات التي درسها من الفلسفة والمنطق أكثر جدة من الفكر الذي قدمته فلسفة الفلاسفة المسلمين نفسهم في تلك المجالات.
وفيما يلي نذكر بعض الحقول التي أبدع فيها الفكر الاصولي (1) :
1 - في مجال نظرية المعرفة، وهي النظرية التي تدرس قيمة المعرفة البشرية ومدى إمكان الاعتماد عليها، وتبحث عن المصادر الرئيسية لها. فقد امتد البحث الاصولي إلى مجال هذه النظرية وانعكس ذلك في الصراع الفكري الشديد بين الاخباريين والمجتهدين الذي كان ولا يزال يتمخض عن أفكار جديدة في هذا الحقل، وقد عرفنا سابقا كيف أن التيار الحسي تسرب عن طريق هذا الصراع إلى الفكر العلمي عند فقهائنا، بينما لم يكن قد وجد في الفلسفة الاوروبية إلى ذلك الوقت.
2 - في مجال فلسفة اللغة فقد سبق الفكر الاصولي أحدث اتجاه عالمي في المنطق الصوري اليوم، وهو اتجاه المناطقة الرياضيين الذين يردون الرياضيات إلى المنطق والمنطق إلى اللغة، ويرون أن الواجب الرئيسي على الفيلسوف أن يحلل اللغة ويفلسفها بدلا عن أن يحلل الوجود الخارجي ويفلسفه.
فإن المفكرين الاصوليين قد سبقوا في عملية التحليل اللغوي، وليست بحوث المعنى الحرفي والهيئات في الاصول إلا دليلا على هذا السبق. ومن الطريف أن يكتب اليوم "برتراند رسل " رائد ذلك الاتجاه الحديث في العالم المعاصر محاول التفرقة بين جملتين لغويتين في دراسته التحليلية للغة وهم : مات قيصر و موت قيصر أو صدق موت قيصر فلا ينتهي إلى نتيجة وإنما يعلق على مشكلة التمييز المنطقي بين الجملتين فيقول: لست أدري كيف أعالج هذه المشكلة علاجا مقبول (2).
أقول: من الطريف أن يعجز باحث في قمة ذلك الاتجاه الحديث عن تحليل الفرق بين تلك الجملتين، بينما يكون علم الاصول قد سبق إلى دراسة هذا الفرق في دراساته الفلسفية التحليلية للغة ووضع له أكثر من تفسير.
3 - وكذا نجد لدى بعض المفكرين الاصوليين بذور نظرية الانماط المنطقية، فقد حاول المحقق الشيخ محمد كاظم الخراساني في الكفاية أن يميز بين الطلب الحقيقي والطلب الانشائي بما يتفق مع الفكرة الرئيسية في تلك النظرية. وبهذا يكون الفكر الاصولي قد استطاع أن يسبق برتراند رسل صاحب تلك النظرية، بل استطاع بعد ذلك أكثر من هذا فقام بمناقشتها ودحضها وحل التناقضات التي بنى رسل نظريته على أساسها.
4 - ومن أهم المشاكل التي درستها الفلسفة القديمة وتناولتها البحوث الجديدة في التحليل الفلسفي للغة هي مشكلة الكلمات التي لا يبدو أنها تعبر عن شيء موجود، فماذا نقصد بقولنا مثل الملازمة بين النار والحرارة وهل هذه الملازمة موجودة إلى جانب وجود النار والحرارة أو معدومة؟ وإذا كانت موجودة فأين هي موجودة؟ وإذا كانت معدومة ولا وجود لها فكيف نتحدث عنها. وقد درس الفكر الاصولي هذه المشكلة متحررا عن القيود الفلسفية التي كانت تحصر المسألة في نطاق الوجود والعدم، فأبدع فيها.
وكل هذه الامثلة والنماذج نذكرها الآن لينفتح لها الطالب على سبيل الاجمال...
______________
(1) هذه النماذج لا يطلب تدريسها بالتفصيل وإنما يكتفي المدرس إذا رأى مجال بالإشارة إلى بعضها، وسوف نستعرضها بصورة أوضح في الحلقات المقبلة إنشاء الله تعالى.
(2) أصول الرياضيات ج 1 ص 96 ترجمة الدكتور محمد موسى أحمد والدكتور أحمد فؤاد الاهواني.