1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

تاريخ الفيزياء

علماء الفيزياء

الفيزياء الكلاسيكية

الميكانيك

الديناميكا الحرارية

الكهربائية والمغناطيسية

الكهربائية

المغناطيسية

الكهرومغناطيسية

علم البصريات

تاريخ علم البصريات

الضوء

مواضيع عامة في علم البصريات

الصوت

الفيزياء الحديثة

النظرية النسبية

النظرية النسبية الخاصة

النظرية النسبية العامة

مواضيع عامة في النظرية النسبية

ميكانيكا الكم

الفيزياء الذرية

الفيزياء الجزيئية

الفيزياء النووية

مواضيع عامة في الفيزياء النووية

النشاط الاشعاعي

فيزياء الحالة الصلبة

الموصلات

أشباه الموصلات

العوازل

مواضيع عامة في الفيزياء الصلبة

فيزياء الجوامد

الليزر

أنواع الليزر

بعض تطبيقات الليزر

مواضيع عامة في الليزر

علم الفلك

تاريخ وعلماء علم الفلك

الثقوب السوداء

المجموعة الشمسية

الشمس

كوكب عطارد

كوكب الزهرة

كوكب الأرض

كوكب المريخ

كوكب المشتري

كوكب زحل

كوكب أورانوس

كوكب نبتون

كوكب بلوتو

القمر

كواكب ومواضيع اخرى

مواضيع عامة في علم الفلك

النجوم

البلازما

الألكترونيات

خواص المادة

الطاقة البديلة

الطاقة الشمسية

مواضيع عامة في الطاقة البديلة

المد والجزر

فيزياء الجسيمات

الفيزياء والعلوم الأخرى

الفيزياء الكيميائية

الفيزياء الرياضية

الفيزياء الحيوية

الفيزياء العامة

مواضيع عامة في الفيزياء

تجارب فيزيائية

مصطلحات وتعاريف فيزيائية

وحدات القياس الفيزيائية

طرائف الفيزياء

مواضيع اخرى

علم الفيزياء : الفيزياء العامة :

ميكروسكوب هايزنبرج

المؤلف:  أمير أكزيل

المصدر:  التعالق اكبر لغز في الفيزياء

الجزء والصفحة:  ص 77

20-6-2016

4678

ميكروسكوب هايزنبرج

‏ولد ويرنر كارل هايزنبرج ( 1976-1901) Werner carl heisenberg، خارج ميونيخ في جنوبي ألماني، وحينما كان لا يزال مجرد طفل صفير، انتقلت أسرته إلي المدينة. وطوال حياته، كان يشعر بأنه في وطنه وهو في ميونيخ، وكان يعود إليها مرة بعد أخري أيا كان المكان الذي يحيا به. وأثناء الاحتفال بعيد ميلاده الستين، الذي نظمته المدينة، قال: من لم يجرب العيش في ميونخ في العشرينات من عمره، فإنه لايدرك مدى روعة الحياة. وكان والده أوجست هايزنبرج أستاذا لمادة الفلسفة اليونانية بجامعة ميونيخ، وفي الواقع، كان هو الأستاذ الوحيد المتفرغ لفلسفة العصور الوسيطة والحديثة اليونانية في ألمانيا . ونقل الأب إلي ابنه حب أفكار اليونانيين، لذلك ظل دائما وفيا في حبه لأفلاطون. (ومن دواعي السخرية أن المفاهيم اليونانية القديمة عن الزمن والمكان والسببية ستصبح متعارضة مع الأفكار الجديدة التي جلبتها نظرية الكم التي ظهرت للوجود علي يد هايزنبرج وزملائه). وأثناء وجوده بالمدرسة، بات مهتما بالفيزياء وقرر أن يمارس حياته المهنية كعالم، والتحق بجامعة ميونيخ، وبعد انتهائه من دراساته  ‏جامعية ظل بها لدراسة الدكتوراه في الفيزياء.

‏وفي عام ١٩٢٢‏، وهو ما يزال طالبا، شهد محاضرة عامة بالجامعة ألقاها نيلز بوهر، ورفع يده، ووجه سؤالا صعبا لبوهر. وبعد انتهاء المحاضرة، ذهب إليه بوهر وطلب منه أن يمضيا معا في نزهة. وسارا معا لمدة ثلاث ساعات، يتناقشان في الفيزياء، ومن هنا كانت البداية لصداقة دامت طول العمر.

‏وبعد إتمام دراسته، ذهب هايزنبرج للالتحاق بمعهد بوهر في كوبنهاجن وظل به في الفترة من عام 1924 حتي 1927، ليتعلم اللغتين الدانمركية والإنجليزية وكذلك ليتابع دراساته الأخرى. وبحلول عام ١٩٢٤، وكان في الثالثة والعشرين من عمره، كان قد كتب فعليا ١٢ ‏بحثا حول ميكانيكا الكم، بعضها شاركه فيها الفيزيائيان الكبيران ماكس بورن وأرنولد سومرفيلد Arnold sommerfeld‏. وغدا هايزنبرج المحاور (المريد) المفضل لبوهر، وغالبا ما كان يزور بوهر وزوجته مرجريت بمنزلهما . وما أن بدأ. النقاش الكبير بين أينشتين وبوهر، تبني هايزنبرج وجهة نظر بوهر قلبا وقالبا ، بينما وقف شرودنجر إلي جانب أينشتين . . واستمر هذا التعالق بين بوهر وهايزنبرج طيلة حياتيهما.

‏وطور هايزنبرج نظرية في ميكانيكا ألكم مكافئة لنظرية شرودنجر، وقد استكمل كتابة نسخته قبل زميله الكبير بوقت قصير، وفي حين كانت مقاربة شرودنجر تستخدم معادلته الموجية، كان حل هايزنبرج يعتمد علي المصفوفات matrices‏. وهي من الناحية المفاهيمية كانت أكثر تحديا . وتستخدم ميكانيكا المصفوفات أعدادا في صفوف وأعمدة للتنبؤ بشدة الموجات الضوئية المنبعثة من مستويات طاقة متغيرة لذرات "مستثارة" فضلا عن ظواهر الكم المتباينة.

‏واتضح في وقت لاحق أن الطريقتين متكافئتان، ففي مقاربة هايزنبرج الاكثر تجريدا ، تمثل المصفوفات اللانهائية خواص كينونات تحت الملاحظة، والرياضيات  المستخدمة هي حساب المصفوفات. ويذكر أن عملية ضرب المصفوفات ليست ابدالية، بمعني، عند ضرب مصفوفتينA ‏، B ‏على النحو AB‏، فلن تكون الإجابة، في صورتها ‏النهائية مساوية لناتج الضرب العكسي BA‏. وفي المقابل فإن حاصل ضرب الأعداد عملية إبدالية، (مثلا5×7 = 7×5 = 35 ، أي أن الترتيب هنا لا يؤثر في عملية الضرب ونحصل علي نفس الإجابة بأي ترتيب). وعدم القابلية للإبدال في عملية ضرب المصفوفات تنطوي علي نتائج مهمة في ميكانيكا الكم، تتجاوز بحث هايزنبرج.

‏وفي ميكانيكا الكم الحديثة، فإن كل ما هو تحت الملاحظة (كل عناصر النظام الكمي التي يمكننا ملاحظتها) تتمثل من خلال مؤثر Operator علي الدالة الموجية للنظام. وبعض هذه المؤثرات يكون إبداليا ، بمعني أنه إذا طبقنا أحد المؤثرات، ثم مؤثر آخر علي النظام بالترتيبAB ‏، سنحصل علي نفس الإجابة إذا طبقنا المؤثرين بالترتيب العكسي أي: BA‏. أما باقي المؤثرات فليست إبدالية، بمعني أن ترتيب تطبيق المؤثرات (وبالتالي ترتيب إجراء الملاحظات)، يوضع في الاعتبار ونحصل علي نتائج مختلفة في كل حالة. علي سبيل المثال، يكون قياس موضع جسيم في ميكانيكا الكم مصحوبا بتطبيق موضع المؤثر بالنسبة للدالة الموجية، ويمكن قياس كمية حركة جسيم في ميكانيكا الكم بتطبيق المشتقة الجزئية بالنسبة لموضع المؤثر من الدالة الموجية ( كمية الحركة، العزم،p في الميكانيكا الكلاسيكية هي مشتقة الموضع بالنسبة إلي الزمن). والمؤثران: الموضع وكمية الحركة ليسا إبداليين، وهنا يعني أننا لا نستطيع قياسهما معا ، ذلك لأننا إذا قسنا أحدهما ثم قسنا الآخر، حصلنا علي نتيجة مختلفة إذا ‏أبدلناهما . والسبب، في هذا المثال، في عدم جواز إبدال المؤثرين، الموضع وكمية الحركة، يتضح لمن يعرف المبادئ الأولية لحساب التفاضل والتكامل.

‏مشتقة X + Ψ = (X(Ψ)) (مشتقة Ψ) ، وهي لا تساوي X (مشتقة Ψ)، وهذا تطبيق للمؤثرين في الترتيب العكسي. والسبب في الصيفة الأولي أعلاه هو تطبيق قاعدة أخذ مشتقة حاصل الضرب.

‏علي أن حقيقة أن المؤثرين: X (موضع الجسيم)، ومشتقة (عزم الجسيم) ليسا إبداليين لها نتائج هائلة في ميكانيكا الكم، إذ نعلم من ذلك أننا لا نستطيع قياس كل ‏من موضع الجسم وكمية حركته نفسه ونتوقع الحصول علي دقة جيدة لكليهما . فإذا علمنا واحدا منهما بدقة كبيرة (الذي قسناه في البداية) فإن الآخر سيتحدد بدرجة ضعيفة من الدقة. وهذه الحقيقة هي نتيجة رياضية لخاصية عدم الإبدال المتعلقة بالمؤثرين المصاحبين لهذين النوعين من القياسات. وهذه الحقيقة، بأن موضع الجسم وكمية حركته نفسه لا يمكن تحديدها معا بدقة عالية تسمي مبدأ عدم التحدد (عدم اليقين) uncertainty principle، وقد تم اكتشافه أيضا علي يد ويرنر هايزنبرج. ومبدأ عدم التحدد لهايزنبرج هو الإسهام المهم الثاني له في نظرية الكم بعد صياغته لميكانيكا المصفوفة.

‏ويعد مبدأ عدم التحدد لهايزنبرج من أساسيات ميكانيكا الكم، وهو الذي أدخل لميكانيكا الكم أفكار نظرية الاحتمالات علي مستوي أصولها الأساسية. وينص علي أن عدم التحدد (اليقين) لا يمكن إزالته من النظم الكمية. ويمكن كتابته علي النحو التالي:

p ∆ x ≤ h

‏وهنا p∆ تمثل الفرق في كمية الحركة أو عدم التحدد لها . كما أنx ∆ هي الفرق في الموضع أو عدم التحدد له. ويعني هذا المبدأ أن ناتج ضرب عدم تحدد موضع جسيم ونفسه تحدد كمية حركة الجسيم نفسه أكبر من أو يساوي ثابت بلانك، وتنطوي هذه الصيغة التي تبدو بسيطة علي مضامين هائلة. فإذا علمنا موضع الجسيم بدرجة عالية من الدقة، حينئذ فإننا لا نستطيع أن نعرف كمية حركته إلي درجة أفضل من مستوي معين من الدقة، بصرف النظر عن مدي اجتهادنا في المحاولة أو جودة الأدوات التي نستخدمها . من الناحية الأخرى، إذا كنا نعلم كمية حركة جسيم بدقة عالية، حينئذ لا نستطيع تحديد الموضع تماما. ولا يمكن استبعاد عدم التحدد في النظام علي الإطلاق أو تقليله لأقل من مستوي معين يتحدد من خلال صيغة هايزنبرج.

‏وللبرهنة عمليا علي مبدأ عدم التحدد عند تطبيقه علي موضع وكمية حركة جسيم، نستخدم ميكروسكوب هايزنبرج Heisenberg,s microscope‏. ففي فبراير عام ١٩٢٧‏ترك بوهر هايزنبرج ليعمل بمفرده في كوبنهاجن، وذهب للتزحلق علي الجليد مع أسرته في النرويج. ولكونه وحيدا لاحت الفرصة لهايزنبرج ليهيم مع أفكاره، كما ذكر بعد ذلك، وقرر أن يجعل من مبدأ عدم التحدد النقطة المركزية في تفسير نظرية الكم الوليدة. وتذكر نقاشا دار من قبل بينه وبين طالب زميل له في جوتنجن، كان وراء فكرة بحث احتمالية تحديد موضع جسيم بالاستعانة بميكروسكوب يعمل بأشعة جاما . ورسخت هذه الفكرة في ذهنه المبدأ الذي كان قد توصل إليه فعليا دون هذا التشابه. وبسرعة كتب هايزنبرج رسالة إلي وولفجانج باولي wolfgang pauli (رائد آخر في نظرية الكم) يشرح له فيها تجربته الفكرية حول استخدام ميكروسكوب أشعة جاما لتحديد موضع جسيم، وعندما تلقي جواب باولي، استخدم الأفكار الواردة بالخطاب لتحسين البحث الذي كان يكتبه. وبعد عودة بوهر من النرويج، عرض عليه هايزنبرج ما كتبه، إلا أن بوهر لم يبد عليه الاقتناع. كان بوهر يريد أن ينطلق بحث هايزنبرج من الطبيعة الازدواجية للجسيمات والموجات. وبعد عدة أسابيع من نقاشه مع بوهر، أيقن هايزنبرج أن مبدأ عدم التحدد يرتبط تماما بالمفاهيم الأخرى لميكانيكا الكم، وغدا بحثه جاهزا للنشر.

‏ما هو ميكروسكوب هايزنبرج؟ يوضح الشكل التالي هذا الجهاز. حيث يسلط شعاع من الضوء على جسيم لينعكس على العدسة، ومع انعكاس شعاع الضوء من الجسيم إلى الميكروسكوب، فإنه يبذل بعض الضغط على الجسيم الساقط عليه، مما يسبب له زيغا (انحرافا) عن مساره المتوقع. واذا أردنا تقليل تأثير الضغط في الجسيم، لكي لا نتسبب في اضطراب كبير في كمية حركته، فلا بد من زيادة الطول الموجي. لكن عندما يصل الطول الموجي إلى مقدار معين، فإن شعاع الضوء الداخل إلى الميكروسكوب يخطئ موقع الجسيم. لذلك، بطريقة أو بأخرى ، فثمة حد أدنى لمستوى الدقة التي يمكن الحصول عليها لناتج ضرب الموضع وكمية الحركة.

‏ومن الإسهامات المهمة الأخرى التي قدمها هايزنبرج لميكانيكا الكم، كان مناقشته لمفهوم الاحتمالية potentiality ‏داخل النظم الكمية. إذ يكمن الفرق بين ميكانيكا الكم والميكانيكا الكلاسيكية، في أنه يوجد دائما الاحتمال في عالم الكوانتم، إضافة إلى ما يمكن أن يحدث فعليا . وهذا أمر على جانب عظيم من الأهمية في فهم التعالق، إذ إن ظاهرة التعالق هي ظاهرة كمية (كوانتم)، وليس لها تناظر كلاسيكي. فوجود الاحتمالات هو الذي يسفر عن التعالق، وبالأخص، في نظام لجسيمين متعالقين، ويتضح التعالق في احتمال حدوث كلا من AB ‏(الجسيم الأول في الحالة A ‏والجسيم الثاني في الحالةB ) وCD (الجسيم الأول في الحالة C والجسيم الثاني في الحالة D) وسوف نسبر غور هذا الأمر أكثر.

‏شهدت ثلاثينيات القرن العشرين تغييرات عظيمة في حياة هايزنبرج، والأمر نفسه بالنسبة إلي العلم. ففي عام ١٩٣٢ ‏، منح هايزنبرج جائزة نوبل عن عمله في الفيزياء، وفي العام التالي، اعتلي هتلر السلطة وبدأ انهيار العلوم في ألمانيا مع الإطاحة بالاكاديميين اليهود علي يد النازي. وظل هايزنبرج مقيما في ألمانيا ، وهو يلاحظ أصدقاءه وزملاءه يرحلون إلي أمريكا وغيرها من البلدان. وفي ورقة ss (القوات العاصفة) سيئة السمعة وصم هايزنبرج بأنه يهودي أبيض وبأنه ذو ميول يهودية، في أعماقه وشخصيته وذلك لتعاطفه الواضح مع زملائه اليهود . إلا أن هايزنبرج استمر مقيما في ألمانيا النازية رغم نداءات زملائه له بالرحيل. رغم أن عواطفه الحقيقية مازالت غامضة، فقد ‏هذه العلاقة ليلتمس مباشرة من قيادة ؟؟ ‏ إيقاف النقد العنيف الذي يتعرض له. وفي عام ١٩٧٧ ‏، كان هايزنبرج، البالغ من العمر حينئذ 75‏عاما ، يعاني من الاكتئاب، والتقي بامرأة تبلغ من العمر ٢٢ ‏عاما في مكتبه في لايبزج. كان الاثنان يتشاركان في الاهتمام بالموسيقى، ويؤديان معزوفات معا ، هو يغني، وهي تصاحبه علي البيانو. وفي غضون ثلاثة أشهر ارتبطا معا ، وبعد فترة قصيرة تزوجا .

‏وفي عام ١٩٣٩ ، تم استدعاء هايزنبرج لأداء الخدمة العسكرية. وفي تلك الفترة كان هو الفيزيائي الرائد الوحيد في ألمانيا ، ولم يكن غريبا أثناء خدمته العسكرية أن يتوقع منه النازي مساعدتهم في تطوير قنبلة نووية. وفي عام ١٩٤١ ‏، شيد هايزنبرج وزملاؤه مفاعلا نوويا، أخفوه في كهف أسفل كنيسة في قرية صغيرة، ولحسن الحظ، ولصالح البشرية، كان المشروع الأساسي لهتلر peenemunde، أي جهود النازي لتصنيع الصواريخ، التي كانت توجه لتضرب بريطانيا ، أما المشروع النووي فكان يحتل مركزا متدنيا في جدول الأولويات، وكما اتضح بعد ذلك، لم يكن هايزنبرج يعرف كيفية صنع قنبلة ذرية، وكان مشروع مانهاتن في أمريكا متقدما جدا عن محاولات النازي. وبعد الحرب، ظل هايزنبرج عالما رائدا في ألمانيا ، ومن المحتمل أنه أخذ معه إلي قبره إجابات كثير من الأسئلة التي يطرحها الناس الآن، حول الدور الحقيقي الذي لعبه في محاولة النازي لصنع قنبلة ذرية.

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي