1

x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

النحو

اقسام الكلام

الكلام وما يتالف منه

الجمل وانواعها

اقسام الفعل وعلاماته

المعرب والمبني

أنواع الإعراب

علامات الاسم

الأسماء الستة

النكرة والمعرفة

الأفعال الخمسة

المثنى

جمع المذكر السالم

جمع المؤنث السالم

العلم

الضمائر

اسم الإشارة

الاسم الموصول

المعرف بـ (ال)

المبتدا والخبر

كان وأخواتها

المشبهات بـ(ليس)

كاد واخواتها (أفعال المقاربة)

إن وأخواتها

لا النافية للجنس

ظن وأخواتها

الافعال الناصبة لثلاثة مفاعيل

الأفعال الناصبة لمفعولين

الفاعل

نائب الفاعل

تعدي الفعل ولزومه

العامل والمعمول واشتغالهما

التنازع والاشتغال

المفعول المطلق

المفعول فيه

المفعول لأجله

المفعول به

المفعول معه

الاستثناء

الحال

التمييز

الحروف وأنواعها

الإضافة

المصدر وانواعه

اسم الفاعل

اسم المفعول

صيغة المبالغة

الصفة المشبهة بالفعل

اسم التفضيل

التعجب

أفعال المدح والذم

النعت (الصفة)

التوكيد

العطف

البدل

النداء

الاستفهام

الاستغاثة

الندبة

الترخيم

الاختصاص

الإغراء والتحذير

أسماء الأفعال وأسماء الأصوات

نون التوكيد

الممنوع من الصرف

الفعل المضارع وأحواله

القسم

أدوات الجزم

العدد

الحكاية

الشرط وجوابه

الصرف

موضوع علم الصرف وميدانه

تعريف علم الصرف

بين الصرف والنحو

فائدة علم الصرف

الميزان الصرفي

الفعل المجرد وأبوابه

الفعل المزيد وأبوابه

أحرف الزيادة ومعانيها (معاني صيغ الزيادة)

اسناد الفعل الى الضمائر

توكيد الفعل

تصريف الاسماء

الفعل المبني للمجهول

المقصور والممدود والمنقوص

جمع التكسير

المصادر وابنيتها

اسم الفاعل

صيغة المبالغة

اسم المفعول

الصفة المشبهة

اسم التفضيل

اسما الزمان والمكان

اسم المرة

اسم الآلة

اسم الهيئة

المصدر الميمي

النسب

التصغير

الابدال

الاعلال

الفعل الصحيح والمعتل

الفعل الجامد والمتصرف

الإمالة

الوقف

الادغام

القلب المكاني

الحذف

المدارس النحوية

النحو ونشأته

دوافع نشأة النحو العربي

اراء حول النحو العربي واصالته

النحو العربي و واضعه

أوائل النحويين

المدرسة البصرية

بيئة البصرة ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في البصرة وطابعه

أهم نحاة المدرسة البصرية

جهود علماء المدرسة البصرية

كتاب سيبويه

جهود الخليل بن احمد الفراهيدي

كتاب المقتضب - للمبرد

المدرسة الكوفية

بيئة الكوفة ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في الكوفة وطابعه

أهم نحاة المدرسة الكوفية

جهود علماء المدرسة الكوفية

جهود الكسائي

الفراء وكتاب (معاني القرآن)

الخلاف بين البصريين والكوفيين

الخلاف اسبابه ونتائجه

الخلاف في المصطلح

الخلاف في المنهج

الخلاف في المسائل النحوية

المدرسة البغدادية

بيئة بغداد ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في بغداد وطابعه

أهم نحاة المدرسة البغدادية

جهود علماء المدرسة البغدادية

المفصل للزمخشري

شرح الرضي على الكافية

جهود الزجاجي

جهود السيرافي

جهود ابن جني

جهود ابو البركات ابن الانباري

المدرسة المصرية

بيئة مصر ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو المصري وطابعه

أهم نحاة المدرسة المصرية

جهود علماء المدرسة المصرية

كتاب شرح الاشموني على الفية ابن مالك

جهود ابن هشام الانصاري

جهود السيوطي

شرح ابن عقيل لالفية ابن مالك

المدرسة الاندلسية

بيئة الاندلس ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في الاندلس وطابعه

أهم نحاة المدرسة الاندلسية

جهود علماء المدرسة الاندلسية

كتاب الرد على النحاة

جهود ابن مالك

اللغة العربية

لمحة عامة عن اللغة العربية

العربية الشمالية (العربية البائدة والعربية الباقية)

العربية الجنوبية (العربية اليمنية)

اللغة المشتركة (الفصحى)

فقه اللغة

مصطلح فقه اللغة ومفهومه

اهداف فقه اللغة وموضوعاته

بين فقه اللغة وعلم اللغة

جهود القدامى والمحدثين ومؤلفاتهم في فقه اللغة

جهود القدامى

جهود المحدثين

اللغة ونظريات نشأتها

حول اللغة ونظريات نشأتها

نظرية التوقيف والإلهام

نظرية التواضع والاصطلاح

نظرية التوفيق بين التوقيف والاصطلاح

نظرية محاكات أصوات الطبيعة

نظرية الغريزة والانفعال

نظرية محاكات الاصوات معانيها

نظرية الاستجابة الصوتية للحركات العضلية

نظريات تقسيم اللغات

تقسيم ماكس مولر

تقسيم شليجل

فصائل اللغات الجزرية (السامية - الحامية)

لمحة تاريخية عن اللغات الجزرية

موطن الساميين الاول

خصائص اللغات الجزرية المشتركة

اوجه الاختلاف في اللغات الجزرية

تقسيم اللغات السامية (المشجر السامي)

اللغات الشرقية

اللغات الغربية

اللهجات العربية

معنى اللهجة

اهمية دراسة اللهجات العربية

أشهر اللهجات العربية وخصائصها

كيف تتكون اللهجات

اللهجات الشاذة والقابها

خصائص اللغة العربية

الترادف

الاشتراك اللفظي

التضاد

الاشتقاق

مقدمة حول الاشتقاق

الاشتقاق الصغير

الاشتقاق الكبير

الاشتقاق الاكبر

اشتقاق الكبار - النحت

التعرب - الدخيل

الإعراب

مناسبة الحروف لمعانيها

صيغ اوزان العربية

الخط العربي

الخط العربي وأصله، اعجامه

الكتابة قبل الاسلام

الكتابة بعد الاسلام

عيوب الخط العربي ومحاولات اصلاحه

أصوات اللغة العربية

الأصوات اللغوية

جهود العرب القدامى في علم الصوت

اعضاء الجهاز النطقي

مخارج الاصوات العربية

صفات الاصوات العربية

المعاجم العربية

علم اللغة

مدخل إلى علم اللغة

ماهية علم اللغة

الجهود اللغوية عند العرب

الجهود اللغوية عند غير العرب

مناهج البحث في اللغة

المنهج الوصفي

المنهج التوليدي

المنهج النحوي

المنهج الصرفي

منهج الدلالة

منهج الدراسات الانسانية

منهج التشكيل الصوتي

علم اللغة والعلوم الأخرى

علم اللغة وعلم النفس

علم اللغة وعلم الاجتماع

علم اللغة والانثروبولوجيا

علم اللغة و الجغرافية

مستويات علم اللغة

المستوى الصوتي

المستوى الصرفي

المستوى الدلالي

المستوى النحوي

وظيفة اللغة

اللغة والكتابة

اللغة والكلام

تكون اللغات الانسانية

اللغة واللغات

اللهجات

اللغات المشتركة

القرابة اللغوية

احتكاك اللغات

قضايا لغوية أخرى

علم الدلالة

ماهية علم الدلالة وتعريفه

نشأة علم الدلالة

مفهوم الدلالة

جهود القدامى في الدراسات الدلالية

جهود الجاحظ

جهود الجرجاني

جهود الآمدي

جهود اخرى

جهود ابن جني

مقدمة حول جهود العرب

التطور الدلالي

ماهية التطور الدلالي

اسباب التطور الدلالي

تخصيص الدلالة

تعميم الدلالة

انتقال الدلالة

رقي الدلالة

انحطاط الدلالة

اسباب التغير الدلالي

التحول نحو المعاني المتضادة

الدال و المدلول

الدلالة والمجاز

تحليل المعنى

المشكلات الدلالية

ماهية المشكلات الدلالية

التضاد

المشترك اللفظي

غموض المعنى

تغير المعنى

قضايا دلالية اخرى

نظريات علم الدلالة الحديثة

نظرية السياق

نظرية الحقول الدلالية

النظرية التصورية

النظرية التحليلية

نظريات اخرى

النظرية الاشارية

مقدمة حول النظريات الدلالية

أخرى

علوم اللغة العربية : النحو : الاستثناء :

المستثنى

المؤلف:  الشيخ مصطفى الغلاييني

المصدر:  جامع الدروس العربية

الجزء والصفحة:  ج2/ ص474- 487

20-10-2014

5196

الاستثناءُ: هو إخراجُ ما بعدَ "إلاّ" أو إحدَى أخواتها من أدوات الاستثناءِ، من حكم ما قبلَهُ، نحو "جاءَ التلاميذُ إلاّ عليّاً".

والمُخرَجُ يُسمّى "مستثنى"، والمُخرَجُ منه "مُستثنى منه".
وللاسثناءِ ثماني أَدواتٍ، وهي "إلاّ وغيرٌ وسِوًى (بكسر السين. ويقال فيها أيضاً سُوًى - بضم السين - وسَواءٌ - بفتحها) وخَلا وعَدا وحاشا وليسَ ولا يكونُ".
وفي هذا المبحث ثمانية مباحث:
مَباحِثُ عامَّةٌ
1- المُستثنى قسمانِ مُتَّصلٌ ومنقطعٌ.
فالمُتّصلُ ما كان من جنس المُستثنى منه، نحو "جاءَ المسافرون إلا سعيداً".
والمُنقطعُ ما ليسَ من جنس ما استثنيَ منه، نحو "احترقت الدارُ إلاّ الكتُبَ". 2- الاستثناء استفعالٌ من "ثنَاهُ عن الأمر يثنيهِ" إذا صَرَفهُ عنه ولواه. فالاستثناءُ صرفُ لفظِ المُستثنى منه عن عمومه، بإخراج المستثنى من أن يتناولهُ ما حُكِمَ به على المستثنى منه. فإذا قلتَ "جاءَ القومُ، ظُنَّ أنَّ خالداً داخلٌ معهم في حكم المجيءِ أيضاً، فإذا استثنيتَهُ منهم، فقد صرفتَ لفظَ "القوم" عن عُمومه باستثناءِ أحدِ أفرادهِ - وهو خالدٌ - من حكم المجيءِ المحكومِ به على القوم. لذلك كان الاستثناءُ تخصيصَ صفةٍ عامّةٍ بذكر ما يَدُلُّ على تخصيص عمومها وشُمولها بواسطة أداةِ من أدوات الاستثناء.
فإذا علمتَ هذا، علمتَ أَن الاستثناء من الجنس، هو الاستثناءُ الحقيقيُّ، لأنه يُفيدُ التخصيص بَعدَ التّعميم، ويُزيلُ ما يُظَنُّ من عُموم الحكم.

وأَما الاستثناءُ من غير الجنس فهو استثناءٌ لا معنى له إلاّ الاستدراكُ، فهو لا يُفيدُ تخصيصاً، لأن الشيءَ إنما يُخصّصُ جنسَهُ. فإذا قلتَ "جاءَ المسافرون إلا أَمتعتَهُم"، فلفظ "المسافرين" لا يتناول الأمتعةَ، ولا يدلُّ عليها. وما لا يَتناولهُ اللفظُ فلا يحتاجُ إلى ما يخرجُهُ

ص474

منهُ. لكنْ إنما استثنيتَ هُنا استدراكاً كيلا يُتَوهم أن أَمتعتَهُم جاءَت مَعهم أَيضاً، عادةَ المسافرين.
فالاستثناءُ المتَّصلُ يُفيدُ التَّخصيصَ بعدَ التعميم، لأنهُ استثناءٌ من الجنس. والاستثناءُ المُنقطعُ يُفيدُ الاستدراكَ لا التّخصيصَ، لأنه استثناءٌ من غير الجنس.
3- لا يستثنى إلاّ من معرفةٍ أو نكرةٍ مُفيدةٍ، فلا يقالُ "جاءَ قومٌ إلا رجلاً منهم"، ولا "جاءَ رجالٌ إلا خالداً". فإن أفادت النكرةُ جاز الاستثناء منها، نحو "جاءَني رجالٌ كانوا عندكَ إلاّ رجلاً منهم" ونحو "ما جاءَ أحدٌ كانوا عندكَ إلاّ رجلاً منهم" ونحو "ما جاءَ أحدٌ إلا سعيداً"، قال تعالى {فَلَبِثَ في قومهِ أَلفَ سنةٍ إلا خمسينَ عاماً}.
وتكونُ النكرةُ مفيدة إذا أُضيفتْ، أو وصِفت، أو وقعت في سياقِ النفي أو النَّهي أو الاستفهام.
وكذا لا يُستثنى من المعرفة نكرةٌ لم تخصَّص، فلا يقالُ "جاء القومُ إلاّ رجلاً". فإن تُخصّصَت جاز، نحو "جاء القومُ إلاّ رجلاً منهم، أو إلاَّ رجلاً مريضاً، أو إلاّ رجلَ سُوءٍ".
5- يصح استثناءُ قليلٍ من كثير. وكثيرٍ من أكثرَ منه. وقد يُستثنى من الشيء نصفُهُ، تقول "لهُ عليَّ عشرةٌ إلا خمسةً"، قال تعالى {يا أَيُّها المُزَّمِّلُ، قُمِ الليلَ إلاّ قليلاً، نِصفَه، أَو انقُصْ منهُ قليلاً، أو زِدْ عليه}. فقد سمّى النصفَ قليلاً واستثناهُ من الأصل. وقال قومٌ لا يستثنى من الشيءِ إلا ما كان دونَ نصفهِ. وهو مردودٌ بهذه الآية.
6- استثناءُ الشيء من غيرِ جنسهِ لا معنى له. وما ورد من ذلك فليست فيه "إلاّ" للاستثناء على سبيل الأصل. وإنما هي بمعنى "لكنْ"، وهو ما يُسمونهُ "الاستثناء المُنقَطِع". ومعّ ذلك فلا بدّ من الارتباط بين المستثنى منه والمستثنى، كما ستعلم ذلك ... ومن ذلك قوله تعالى {ما أنزَلنا عليك القرآنَ لِتشقى، إلا تَذكرَةً لِمن يخشى}، أي لكن أنزلناهُ تذكرةً، وقولُهُ {فذَكّر، إنما أنتَ مُذكّرٌ، لستَ عليهم بِمُسَيطرٍ، إلاّ مَنْ تَوَلى وكفرَ فَيُعذبُهُ اللهُ العذابَ الأكبرَ"، أي لكنْ مَنْ تَوّلى وكفرَ.

ص475

حُكْمُ المُسْتَثْنَى بِإلاَّ المُتَّصِلِ
إن كان المستثنى بإلاّ مُتَّصلاً، فلهُ ثلاثُ أحوال وجوبَ النصبِ بإلاّ وجوازُ النّصبِ والبدليّةِ، ووجوبُ أن يكونَ على حسبِ العواملِ قبلَه.
متى يجب نصب المستثنى بإلا؟
يجبُ نصبُ المستثنى بإلاّ في حالتين
1- أن يقعَ في كلامٍ تام موجَب، سواءٌ أتأخرَ عن المستثنى منهُ أم تقدَّمَ عليه. فالأولُ نحو "ينجحُ التلاميذُ إلا الكسولَ"، والثاني نحو "ينجحُ إلاّ الكسولَ التلاميذُ".
والمُرادُ بالكلامِ التام أن يكونَ المُستثنى منه مذكوراً في الكلام، وبالمُوجَب أن يكونَ الكلامُ مُثَبتاً، غيرَ منفي. وفي حكم النَّفي النَّهيُ والاستفهامُ الإنكاري. ولا فرقَ بينَ أن يكون النفيُ معنًى أو بالأداةِ، كما ستعلم.
2- أن يقعَ في كلامٍ تام منفي، أو شِبهِ منفي، ويتقدَّمَ على المستثنى منه، نحو "ما جاء إلا سليماً أحدٌ" ومنه قولُ الشاعر
*ومَا لِيَ إِلاَّ آلَ أَحمدَ شِيعَةٌ * وما لِيَ إِلاَّ مَذْهَبَ الحَقِّ مَذْهَبُ*
فإن تقدَّمَ المستثنى على صفة المُستثنى منه، جاز نصبُ المستثنى بإلا، وجاز جعلهُ بدلاً من المستثنى منه، نحو "ما في المدرسة أحد إلا أخاك، أو إلاّ أخوكَ، كَسوٌ".
متى يجوز في المستثنى بالاّ الوجهان
يجوز في المستثنى بإلاّ الوجهان - جَعلُهُ بَدَلاً من المستثنى منه. ونصبُهُ بالاّ - إن وقعَ بعدَ المستثنى منه في كلامٍ تام منفيٍّ أو شِبهِ منفيّ، نحو "ما جاءَ القومُ إلاّ علي، وإلا علياً". وتقولُ في شِبه النفي "لا يَقمْ أحدٌ إلاّ سعيدٌ، وإلا سعيداً. وهل فعلَ هذا أحدٌ إلا أنت، وإلا إياك!" والاتباع على البدليّة أولى. والنصبُ عربي جَيِّدٌ. ومنه قوله تعالى {ولا يَلتفتْ منكم أحدٌ إلا امرأتَكَ}. "وقُرئَ إلا امرأتُكَ"، بالرفع على البدلية.
ومن أمثلة البدليّةِ، والكلامُ منفيٌّ، قولُهُ تعالى {ما فعلوهُ إلاَّ قليلٌ منهم}، وقرئَ "إلاّ قليلاً" بالنصب بالاّ، وقولُهُ {لا إله إلاّ اللهُ}، وقوله:

ص476

{ما من إله إلاّ إلهٌ واحدٌ}، وقوله {ما من إلهٍ إلاّ اللهُ}.
ومن أمثلتها، والكلامُ شِبهُ منفي، لأنهُ استفهامٌ إنكاري، قولهُ تعالى {ومَن يغفرُ الذُّنوبَ إِلاّ اللهُ!}، وقولهُ {ومَن يقنَطُ من رحمةِ ربهِ إلاّ الضّالون؟!}.
وقد يكونُ النفيُ معنوياً، لا بالأداةِ، فيجوزُ فيما بعدَ "إلاّ" الوجهان أيضاً - البدليّةُ والنصبُ بإلاّ، والبدليّة أولى - نحو "تَبدَّلت أخلاقُ القوم إلاّ خالدٌ، وإلاّ خالداً"، لأن المعنى لم تَبقَ أخلاقُهم على ما كانت عليه، ومنه قول الشاعر
*وبَالصَّرِيمَةِ مِنْهُمْ مَنْزِلٌ خَلَقٌ * عافٍ، تَغَيَّرَ، إلاَّ النُّؤْيُ وَالْوَتِدُ*
فمعنى تغيّرَ لم يبقَ على حاله.
(وانما جاز الوجهان في مثل ما تقدم، لأنك ان راعيت جانب اللفظ نصبت ما بعد (الا)، لأن الجملة قد استقوفت جزءيها - المسند والمسند اليه - فيكون ما بعد (الا) فضلة، والفضلة منصوبة, وان راعيت جانب المعنى رفعت ما بعدها، لأن المسند إليه في الحقيقة هو ما بعد (الا). لذلك يصح تفريغ العامل الذي قبلها له وتسليطه عليه. فان قلت "ما جاء القوم إلا خالد. أو خالداً"، صحّ أن تقول "ما جاء إلا خالد"، فنصبه باعتبار أنه عمدة في المعنى، فهو بدل مما قبله، والمبدل منه في حكم المطروح. ألا ترى أنك ان قلت "أكرمت خالداً أباك"، صحّ أن تقول "أَكرمت أَباك").
ثلاث فوائد
1- يجوزُ، في نحو "ما أَحدٌ يقولُ ذلك إلاّ خالدٌ"، رَفعُ ما بعد "إلاَّ" على البدليّةِ من أحدٌ (وهو الأولى)، أو على البدليّة من ضمير "يقولُ". ويجوزُ نصبُهُ على الاستثناء. ويجوز في نحو "ما رأيتُ أحداً يقولُ ذلك إلاّ خالداً، نصبُ ما بعد "إلا" على البدليّة من "أحداً" (وهو الأوْلى)، ونصبُهُ "بإلا" ويجوز رفعه على أنه بدلٌ من ضمير "يقولُ" ومن مجيئهِ مرفوعاً على البدليّة من ضمير الفعلِ المستتر قولُ الشاعر
*في لَيْلَةٍ لا نَرَى بِها أَحَداً * يَحْكِي عَلَيْنا إِلاَّ كَواكِبُها*
2- تقولُ "ما جاءَني من أحدٍ إلا خالداً، أو إلا خالدٌ". فالنصب على الاستثناء، والرفعُ

ص477

على البدليّة من محل "أحد"، لأن محله الرفع على الفاعليّة، ومن حرف جر زائد. ولا يجوزُ فيه الجرُّ على البدليّة من لفظ المجرور.
(لأن البدل على نية تكرار العامل. وهنا لا يجوز أن تكرره، فلا يجوز أن تقول "ما جاءني من أحد إلا من خالد". وذلك لأن "من" زائدة لتأكيد النفي، وما بعد "إلا" مثبت، لأنه مستثنى من منفي، فلا تدخل عليه "من" هذه. لكن إن قلت "ما أخذت الكتاب من أحد إلا خالد" جاز الجر على البدلية من اللفظ، لأن "من" هنا ليست زائدة. فلو كررت العامل، فقلت "ما أخذت الكتاب من أحد إلا من خالد"، لجاز).
وكذلك تقولُ "ليس فلانٌ بشيءٍ إلا شيئاً لا يُعبَأُ به"، بالنصب فقط، إما على الاستثناءِ، وإما على البدليّة من موضع "شيءٍ" المجرور بحرف الجرّ الزائد، لأنَّ موضعَهُ النصب على أنهُ خبرُ "ليسَ". ولا تجوز البدليّة بالجر.
(لأن الباء هنا زائدة لتأكيد النفي، وما بعد "إلا" مثبت، فلو كررت الباء مع البدل، فقلت "ليس فلان بشيء إلا بشيء لا يعبأ به"، لم يجز).
من ذلك قول الشاعر
*أَبَنِي لُبَيْنَى، لَسْتُمُ بِيَدٍ * إِلاَّ يَداً لَيْسَتْ لَها عَضُدُ*
(لكن، إن قلت "ما مررت بأحد إلا خالد"، جاز الجرّ على البداية من اللفظ، لأن الباء هنا أصلية، فان قلت "ما مررت بأحد إلا بخالد"، بتكريرها، جاز).
3- علمتَ أنهُ إذا تقدَّمَ المستثنى على المستثنى منه - في الكلام التامّ المنفيّ - فليس فيه إلا النصبُ على الاستثناء، نحو "ما جاءَ إلا خالداً أحدٌ"، غير أنَّ الكوفيينَ والبّغداديين يجيزونَ جَعلَهُ معمولاً للعامل السابق، وجعلَ المستثنى منه المتأخر تابعاً له في إعرابه، على أنهُ بدلٌ منه، فيجوّزون أن يقال "ما جاءَ إلا خالدٌ أحدٌ"، فخالدٌ فاعلٌ لجاءَ، وأحدٌ بدلٌ من خالدٌ. ومن ذلك ما حكاهُ سيبويهِ عن يُونسَ أنه سمع قوماً يُوثَقُ بِعربيَّتهم، يقولون "ما لي إلا أبوك ناصرٌ"، وعليه قولُ الشاعر
*لأَنَّهُمُ يَرْجُونَ مِنْكَ شَفاعَةً * إِذا لم يَكنْ إِلاَّ النَّبِيُّونَ شافعُ*
وهذا من البدل المقلوب.

ص478

(لأنك ترى أن التابع هنا - وهو البدل ناصر وشافع - قد كان متبوعاً - أي مبدَلاً منه -، وأنّ المتبوع- وهو المبدل منه أبوك والنبيون - قد كان تابعاً - أي بدلاً - لأنّ الأصل "مالي ناصر إلا أبوك، وإذا لم يكن شافع إلا النبيون".
ونظيره في القلب - اي جعلِ التابع متبوعاً والمتبوع تابعاً - قولك، "ما مررت بمثلك أحد" "فأحد بدل من مثلك مجرور مثله. وقد كان "مثلك" صفة له مؤخرة عنه، لأن الأصل "ما مررت بأحد مثلك").
متى يجب أن يكون المستثنى بالا على حسب العوامل
يجبُ أن يكون المستثنى بإلا على حسب ما يطلبُهُ العاملُ قبلَهُ، متى حُذِفَ المستثنى منه من الكلام، فيتفرَّعُ ما قبلَ "إلا" للعملِ فيما بعدَها، كما لو كانت "إلا" غيرَ موجودةٍ. ويجبُ حينئذٍ أن يكون الكلامُ منفيّاً أو شِبهَ منفيٍّ، نحو "ما جاءَ إلا عليٌّ، ما رأيتُ إلا عليّاً، ما مررتُ إلا بعليّ" ومنه في النهي قوله تعالى {ولا تَقولوا على الله إلا الحقّ}، وقولهُ "ولا تُجادلوا أهلَ الكتابِ إلا بالتي هيَ أحسن". ومنه في الاستفهامِ قولُه سبحانهُ "فَهَلْ يَهلِكُ إلا القومُ الفاسقون".
وقد يكونُ النفيُ معنويّاً، كقولهِ تعالى {ويأبى الله إلا أن يُتِمَّ نورَهُ}، لأنَّ معنى يأبى لا يريدُ.
فائدة
إذا تَكرَّرت "إلا" للتّوكيد - بحيث يصحُّ حذفُها، وذلك إذا تَلَتْ واوَ العطف، أو تلاها بَدَل ممّا قبلَها - كانت زائدةً لتوكيد الاستثناء، غيرَ مُؤثرة فيما بعدَها، فالأولُ نحو "ما جاءَ إلا زهيرٌ وإلا أُسامةُ"، والثاني، نحو "ما جاءَ إلا أبوكَ إلا خالدٌ". وقد اجتمع البدل والعطف في قوله
*مَالَكَ مِنْ شَيْخِكَ إِلاَّ عَمَلُهُ * إلاَّ رَسِيمُهُ، وَإِلاَّ رَمَلُهُ*
وإن تكرَّرت لغير التوكيد - بحيثُ لا يصحُّ حذفُها - فالكلام على ثلاثةِ أَوجُهٍ:
1- أن يحذَف المستثنى منه، فتَجعل واحداً من المستثنَيات معمولاً للعامل وتَنصب ما

ص479

عداه. تقولُ "ما جاءَ، إلا سعيدٌ، إلا خالداً، إلا إبراهيم". والأوْلى تسليطُ العامل على الأول ونصبُ ما عداهُ، كما ترَى. ولك أن تَنصبَ الأولَ وترفعَ واحداً مما بعدَهُ.
2- أن يُذكرَ المستثنى منهُ، والكلامُ مثبتٌ، فتنصبُ الجمع على الاستثناء نحو "جاء القومُ إلا سعيداً، إلا خالداً، إلا إبراهيم".
3- أن يُذكر المستثنى منه، والكلامُ منفي، فان تقدمت المستثنيات، وجب نصبُها كلُّها، نحو "ما جاءَ إلا خالداً، إلا سعيداً، إلا ابراهيمَ أحدٌ".
وإن تأخرت، أبدلتَ واحداً من المستثنى منه، ونصبتَ الباقي على الاستثناء. والأوْلى إبدالُ الأولِ ونصبُ الباقي، نحو "ما جاءَ القومُ إلا خالداً، إلا إبراهيمَ".
حُكُم المُستثْنى بِإِلاَّ المُنْقَطِعِ
إن كان المُستثنى بإلا منقطعاً، فليس فيه إلا النصبُ بالا، سواءٌ أتقدَّمَ على المستثنى منه أم تأخر عنه، وسواءٌ أكان الكلام مُوجَباً أم منفياً، نحو "جاءَ المسافرونَ إلا أمتعتَهم. جاءَ إلا أمتعتَهمُ المسافرون. ما جاءَ المسافرون إلا أمتعتَهم".
ومن الاستثناء المُنقطع قولهُ تعالى {ما لهم به من علمٍ، إلا اتباعَ الظنّ}، وقوله {وما لأحدٍ عندَهُ من نِعمةٍ تُجزى، إلا ابتغاءَ وجهِ ربهِ الأعلى}.
ولا تجوز البدليّةُ في الكلام المنفيّ، هنا، إن صحَّ تَفرُّغ العاملِ قبلَه له وتَسلُّطهُ عليه. فيجيزون أن يقالَ "ما جاءَ المسافرونَ إلا أمتعتُهم"، لأنك لو قلتَ "ما جاءَ إلا أمتعةُ المسافرين"، لَصَحَّ. وعليه قولُ الشاعر
*وبَلْدةٍ لَيْسَ بِها أَنيسُ * إِلاَّ الْيَعافِيرُ، وإِلاَّ العِيسُ*
وقول الآخر
*عَشِيَّةَ لا تُغْنِي الرِّياحُ مَكانَها * ولا النَّبْلُ، إِلاَّ المَشْرِفيُّ المُصَمِّمُ*

ص480

وقول غيره:
*وَبِنتَ كِرامٍ قد نَكحْنا، ولم يَكُنْ * لَنا خاطِبٌ إلا السِّنانُ وعامِلُهُ*
فائدة
اعلم أنه لا يكون الاستثناء المنقطع إلا إذا كان للمستثنى علاقة بالمستثنى منه، فيتوهم بذكر المستثنى منه دخولُ المستثنى معه في الحكم، فتقول "جاء السادة إلا خدمهم"، إذا كان من العادة أنهم يجيئون معهم، فان لم يكن ن العادة ذلك فلا معنى لهذا الاستثناء. وتقول "رجع المسافرون إلا أثقالهم. أو إلا دوايهم"، لأنّ الإخبار برجوعهم يتوهم منه رجوعُ أثقالهم أو دوابهم معهم. وقد تكون العلاقة بينهما، لكنه لا يُتوهم دخولُ المستثنى في حكم المستثنى منه، وإنما يذكر لتمكين المعنى في نفس السامع والتهويل به، كأن تقول "لا يخطب في الحرب خطيبٌ إلا ألسنَ النيران". وقد صح الاستقناء مع عدم التوقهم لمكان المناسبة بين صوت النار وصوت الخطيب المتأجج حماسة، وللتهويل بشدة الحال. وكذا إن قلت "سلكتُ فلاةً ليس فيها أنيس إلا الذئاب، أو إلا وحوشها". فلمناسبة التضاد بين الأنيس والذئاب، ولتمثيل هول الموقف. لهذا لم يتعدَّ الصواب من أجاز من العرب البدلية في الكلام التام المنفي، من هذا الاستثناء، لأنه في حكم المتصل معنى، ألا ترى أنك إن حذفت المستثنى منه وسلطت العامل فيه على المستثنى صح اللفظ والمعنى, فتقول "لا يتكلم في الحرب إلا ألسنُ النيران"، وتقول "مررت بفلاة ليس فيها إلا الذئاب"، من غير أن ينقص من المعنى شيءٌ إلا ما كنت تريده من إعظام الأمر وتهويله. ويجري هذا المجرى الأبيات الثلاثة التي مرت بك آنفاً. هذا هو الحق فاعتصم به.
وبما قدمنا تعلم أنَّ في إطلاق النحاة الكلام، في الاستثناء المنقطع، تساهلاً لا ترضاه أساليب البيان العربي. وتمثيلهم له بقولهم "جاء القوم إلا حماراً" شيءٌ يأباه كلام العرب. نعم يصح أن تقول "جاء القوم إلا الحمار، أو إلا حماراً لهم، أو إلا حمارهم" إن كان من العادة أن يكون معهم. أما "جاء القوم إلا حماراً" فلا يجوز، وإن كان من العادة مجيءُ حمار معهم، لأنه لا يجوز استثناء النكرة غير المفيدة (أي التي لم تخصص) من المعرفة. كما قدمنا.
"إلاَّ" بِمَعْنى "غَيْر"
الأصلُ في "إلاّ" أن تكونَ للاستثناء، وفي "غير" أن تكون وصفاً. ثمَّ قد تُحمَلُ إحداهما على الأخرى، فَيوصَفُ بإلاّ، ويُستثنى بغير.
فان كانت "إلا" بمعنى "غير"، وقعت هي وما بعدَها صفةً لما قبلها، (وذلك حيثُ لا يُرادُ بها الاستثناءُ، وإنما يُرادُ بها وصفُ ما قبلَها بما يُغاير ما بعدَها)، ومن ذلك حديثُ "الناسُ

ص481

هلَكَى إلا العالِمونَ، والعالِمونَ هَلكَى إلا العامِلونَ، والعاملونَ هلكى إلاّ المخلصون"، أي "الناسُ غيرُ العالمينَ هَلكى، والعالمونَ غيرُ العاملين هلكى، والعاملونَ غيرُ المخلصينَ هَلكى" ولو أراد الاستثناءَ لنصبَ ما بعدَ "إلا" لأنهُ في كلام تامٍّ مُوجَبٍ.
وقد يصحُّ الاستثناءُ كهذا الحديث، وقد ولا يصحُّ، فيتعيّن أن تكونَ "إلا" بمعنى "غير"، كقوله تعالى {لو كان فيهما آلهةٌ إلا اللهُ لفسدتا}. فالا وما بعدَها صفةٌ لآلهَة، لأنَّ المُرادَ من الآية نفي آلهةٌ المتعدِّدةِ وإثبات الآلهِ الواحد الفرد. ولا يصحُّ الاستثناءُ بالنصب، لأنَّ المعنى حينئذٍ يكون "لو كان فيهما آلهةٌ، ليس فيهمُ اللهُ لفسدتا". وذلك يقتضي أنه لو كان فيهما آلهةٌ، فيهمُ الله، لم تَفسْدا، وهذا ظاهرُ الفسادِ. وهذا كما تقولُ "لو جاءَ القوم إلا خالداً لأخفقوا" أي لو جاءُوا مستثنًى منهم خالدٌ - بمعنى أنه ليس بينهم - لأخفقوا. فهم لم يُخفقوا لأنَّ بينهم خالداً. ونظيرُ الآية - في عدم جواز الاستثناءِ - أن تقول "لو كان معي دراهمُ" إلا هذا الدرهم". فان قلتَ "إلا هذا الدرهمَ"، بالنصب كان المعنى لو كان معي دراهمُ ليس فيها هذا الدرهمُ لبذلتُها، فيُنتجُ أنكَ لم تبذُلها لوجودِ هذا الدرهمِ بينّها. وهذا غير المراد.
ولا يَصِحُّ أيضاً أن يُعرَب لفظ الجلالةِ بدلاً من آلهة، ولا "هذا الدرهم"، بدلاً من دراهمَ، لأنهُ حيثُ لا يَصِحُّ الاستثناءُ لا تصحُّ البدليّةُ. ثم إنَّ الكلامَ مُثبتٌ، فلا تجوزُ البدليّةُ ولو صحَّ الاستثناءُ، لما علمتَ من أنَّ النصبَ واجبٌ في الكلام التامّ المُوجَبِ. وأيضاً لو جعلتَهُ بدلاً لكان التقديرُ "لو كان فيهما إلا اللهُ لفسدتا"، لأنَّ البدلَ على نِيَّةِ طرحِ المُبدَل منه، كما هو معلومٌ. ولعدَم صحَّةِ الاستثناءِ هنا وَعدَمِ جَواز البدليّة تَعيَّنَ أن تكونَ "إلا" بمعنى "غير".
وممّا جاءَت فيه "غلا" بمعنى "غير"، معَ عدم تَغدُّرِ الاستثناءِ معنًى، قول الشاعر
*وكلُّ أخٍ مُفارقُهُ أخوهُ * لَعَمْرُ أَبيكَ إلاَّ الفَرْقَدَانِ*

ص482

أي كلُّ أخٍ، غيرُ الفرقدينِ، مفارقُهُ أخوه. ولو قال "كل أخٍ مُفارقُهُ أخوهُ إلا الفَرقدينِ" لَصَحَّ.

واعلم أنَّ الوصفَ هو "إلا" وما بعدَها معاً، لا "إلا" وحدَها، ولا ما بعدَها وحدَه، معَ بقائها على حرفيّتها، كما يُوصف بالجارّ والمجرورِ معَ بقاءِ حرف الجرِّ على حرفيته. والإعرابُ يكون لِما بعدَها. ومن العلماءِ من يجعلُها اسماً مبنياً بمعنى "غير" ويَجعلُ إعرابها المحلّي ظاهراً فيما بعدَها. والجمهور على الأول وهوَ الأولى.

حُكُم المُستَثْنى بِغَيْرٍ وسِوًى
غيرٌ نكرة مُتوغلةٌ في الابهام والتَّنكير، فلا تُفيدُها إضافتُها إلى المعرفة تعريفاً، ولهذا تُوصَفُ بها النكرةُ مع إضافتِها إلى معرفةٍ، نحو "جاءَني رجلٌ غيرُكَ، أو غيرُ خالدٍ". فلذا لا يُوصَفُ بها إلا نكرةٌ، كما رأيتَ، أو شبهُ النكرةِ مِمّا لا يفيدُ تعريفاً في المعنى، كالمُعرَّفِ بألِ الجنسيةٍ، فإنَّ المعرَّفَ بها، وإن كان معرفة لفظاً، فهو في حكم النكرةِ معنًى، لأنه لا يدُلُّ على مُعيَّنٍ. فان قلتَ "الرجالُ غيرُك كثيرٌ"، فليس المرادُ رجالاً مُعيَّنينَ.
ومثلُها في تنكيرها، وتَوَغُّلها في الإبهام، ووصفِ النكرةِ أو شبهها بها، وعدمِ تعرُّفها بالإضافةِ "مِثلٌ وسِوًى وشِبْهٌ ونظيرٌ". تقول "جاءَني رجلٌ مِثلُك، أو سِواكَ، أو شِبهُكَ، أو نظيرُكَ".
وقد تُحمَلُ "غير" على "إلا" فيُستثنى بها، كما يستثنى بإلا، كما حُملتْ "إلا" على "غير" فَوُصِفَ بها. والمستثنى بها مجرورٌ أبداً بالإضافة إليها، نحو "جاءَ القومُ غيرَ عليّ".
وقد تُحمَلُ "سِوى" على "إلا"، كما حُمِلت "غيرٌ"، لأنها بمعناها، فتقول "جاءَ القومُ غيرَ خالدٍ"، بالنصب، لأنَّ الكلام تامٌّ مُوجَبٌ.
وتقول "ما جاءَ غيرَ خالدٍ أحدٌ"، النصب أيضاً، وإن كان الكلامُ منفيّاً، لأنها تقدَّمت على المستثنى منه.
وتقول "ما احترقتِ الدارُ غيرَ الكتبِ"، بالنصب، وإن كان الكلام منفيّاً، ولم يَتقدم فيه المستثنى على المستثنى منه، لأنها وقعت في استثناء مُنقطع.

ص483

وتقول "ما جاءَ القومُ غيرُ خالدٍ، أو غيرَ خالد"، بالرفع على أنها بدلٌ من القوم، وبالنصب على الاستثناء، لأنَّ الكلام تَامٌّ منفي. قال تعالى {لا يَستوي القاعدون من المؤمنينَ، غيرُ أولي الضَرر، والمُجاهدون في سبيل اللهِ بأموالهم وأنفُسهم}. قُرئَ "غير" بالرفع، صفةً للقاعدون، وبالجر، صفةً للمؤمنين، وبالنصب على الاستثناءِ.
وتقول "ما جاءَ غيرُ خالدٍ" بالرفع، لأنها فاعل، و "ما رأيتُ غيرَ خالد" بالنصب، لأنها مفعولٌ به، و "مررتُ بغير خالدٍ"، بجرها بحرف الجر. وإنما لم تُنصَب "غير" هنا على الاستثناء لأن المستثنى منه غيرُ مذكورٍ في الكلام، فتفرَّغَ ما كان يعملُ فيه للعمل فيها.
واعلم أنه يجوز في "سوى" ثلاثُ لغاتٍ "سِوى" بكسر السين، و "سُوى" بضمها، و "سَواء" بفتحها معَ المدّ.
حُكُم المُستثْنى بِخَلا وعَدَا وحاشا
خلا وعدا وحاشا أفعال ماضيةٌ، ضُمّنت معنى "غلا" الاستثنائية، فاستثنيَ بها، كما يُستثنى بإلاّ.
وحكمُ المستثنى بها جوازُ نصبِه وجرّهِ. فالنصبُ على أنها أفعالٌ ماضية، وما بعدَها مفعولٌ به. والجرُّ على أنها أحرفُ جرٍّ شبيهةٌ بالزائدِ، نحو "جاءَ القومُ خَلا عليّاً، أو عليٍّ".
والنصبُ بخلا وعَدا كثيرٌ، والجرُّ بهما قليلٌ. والجرُّ بحاشا كثيرٌ، والنصبُ بها قليلٌ.
وإذا جررتَ بهن كان الاسمُ بعدَهنَّ مجروراً لفظاً، منصوباً محلاً على الاستثناءِ.
فإن جُعلت أفعالاً كان فاعلها ضميراً مستتراً يعودُ على المُستثنى منه.والتُزِمَ إفرادهُ وتذكيرهُ، لوقوعِ هذهِ الأفعالِ موقعَ الحرف، لأنها قد تضمّنت معنى "إلا"، فأشبهتها في الجمودِ وعَدَمِ التَّصرُّفِ والاستثناءِ بها. والجملةُ إما حالٌ من المستثنى منه، وإما استئنافية.
ومن العلماءِ من جعلها أفعالاً لا فاعلَ لها ولا مفعولَ، لأنها محمولةٌ على معنى "إلا"، فهي واقعةٌ موقعَ الحرفِ. والحرفُ لا يحتاج إلى شيء من ذلك. فما بعدَها منصوبٌ على الاستثناء، حملاً لهذه الأفعال على "غلا". وهو قولٌ في نهاية الحِذقِ والتَّدقيق.
(قال العلامة الاشموني في شرح الالفية "ذهب الفراءُ الى أن (حاشا) فعل، لكن لا فاعل له. والنصب بعده إنما هو بالحمل على (إلا). ولم ينقل عنه ذلك في (خلا وعدا). على أنه يمكن

ص484

أن يقول فيهما مثل ذلك". قال الصبان في حاشيته عليه "قوله لا فاعل له، أي ولا مفعول، كما قاله بعضهم. وقوله بالحمل على "إلا" أي. فيكون منصوباً على الاستثناء ومقتضى حمله على "إلا" أنه العامل للنصب فيما بعده" ا هـ.
والحق الذي ترتاح إليه النفس أن تُجعل هذه الأدوات "خلا وعدا حاشا" - في حالة نصبها ما بعدها - إما أفعالاً لا فاعل لها ولا مفعول، لأنها واقعة موقع الحرف، وإما أحرفاً للاستثناء منقولة عن الفعلية الى الحرفية، لتضمنها معنى حرف الاستثناء كما جعلوها - وهي جارَّةٌ أحرفَ جر، وأصلها الافعال).
وإذا اقترنت بخلا وعدا "ما" المصدريةُ، نحو "جاءَ القوم ما خلا خالداً" وجبَ نصبُ ما بعدَهما، ويجوزُ جره، لأنهما حينئذٍ فعلانِ. و "ما" المصدريّة لا تَسبقُ الحروفَ. والمصدر المؤوَّل منصوبٌ على الحال بعد تقديره باسم الفاعل، والتقديرُ جاءَ القومُ خالينَ من خالدٍ.
(هكذا قال النحاة، وأنت ترى ما فيه من التكلف والبعد بالكلام عن أسلوب الاستثناء. والذي تطمئن إليه النفس أن "ما" هذه ليست مصدرية. وإنما هي زائدة لتوكيد الاستثناء، بدليل أن وجودها وعدمه، في إفادة المعنى، سواء على أن من العلماء من أجاز أن تكون زائدة، كما في شرح الشيخ خالد الازهري لتوضيح ابن هشام).
أما حاشا فلا تَسبقُها "ما" إلا نادراً. وهي تُستعملُ للاستثناءِ فيما ينزَّه فيه المستثنى عن مشاركة المستثنى منه، تقول "أهملَ التلاميذُ حاشا سليمٍ"، ولا تقولُ "صلَّى القومُ حاشا خالدٍ" لأنه لا يتنزَّه عن مشاركة القوم في الصَّلاة. وأما سليم - في المثال الأول، فقد يتنزَّه عن مشاركة غيرهِ في الإهمال.
وقد تكون للتَّنزيه دون الاستثناء، فيُجرُّ ما بعدها إما باللام، نحو "حاشَ للهِ"، وإما بالإضافة إليها، نحو "حاشَ اللهِ". ويجوز حذفُ ألفها، كما رأيتُ، ويجوز إثباتها، نحو "حاشا لله" و "حاشا اللهِ".
ومتى استُعملت للتّنزيهِ المجرَّدِ كانت اسماً مُرادِفاً للتنزيهِ، منصوباً على المفعوليّة المُطلَقةِ انتصابَ المصدرِ الواقع بدلاً من التفُّظ بفعلهِ. وهي، إن لم تُضَف ولم تُنوَّن كانت مبنيّةً، لشببهها بحاشا الحرفية لفظاً ومعنى. وإن أُضيفت أو نُوّنت كانت مُعرَبةً، لِبُعدِها بالإضافة والتنوينِ من شَبِهٍ الحرف، لأنَّ الحروفَ لا تُضافُ ولا تنوَّنُ، نحو "حاشَ اللهِ، وحاشا للهِ".
وقد تكونُ فعلاً متعدِّياً مُتصرفاً، مثل "حاشيتهُ أُحاشيهِ"، بمعنى استثنيتُه أستثنيهِ. فإن سبقتها "ما" كانت حينئذٍ نافيةً. وفي الحديث أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم، قال "أُسامة أحبُّ الناسِ إليَّ"، وقال راويهِ "ما حاشى فاطمةَ ولا غيرَها".
وتأتي فعلاً مضارعاً، تقول "خالدٌ أفضلُ أقرانهِ، ولا أُحاشي أحداً"، أي لا استثني، ومنه قول النابغة:

ص485

*ولا أرَى فاعلاً في النَّاس يُشْبِهُهُ * وَلا أُحاشِي منَ الأَقوامِ مِنْ أحدِ*
وإن قلت "حاشاك أن تكذب. وحاشى زهيراً أن يُهملَ"، فحاشى فعلٌ ماضٍ بمعنى "جانبَ" وتقولُ أيضاً "حاشى لك أن تُهملَ"، فتكون اللام حرفَ جرّ زائداً في المفعول به للتقوية.
وإن قلتَ "أُحاشيك أن تقول غير الحقِّ"، فالمعنى أُنزِّهُك.
حُكْمُ المُستثْنى بِلَيْسَ ولا يَكُون
ليس ولا يكونُ من الأفعال الناقصةِ الرَّافعة للاسم الناصبةِ للخبر. وقد يكونان بمعنى "إلا" الاستثنائية؛ فَيستثنى بهما، كما يُستثنى بها. والمستثنى بعدَهما واجبُ النصبِ، لأنه خبرٌ لهما، نحو "جاءَ القومُ ليس خالداً، أو لا يكون خالداً". والمعنى جاءُوا إلا خالداً. واسمُهما ضميرٌ مستتر يعود على المستثنى منه. والخلاف في مرجع الضمير فيهما كالخلاف في مرجعه في "خلا وعدا وحاشا" فراجِعهُ.
(هكذا قال النحاة. أما ما تطمئن إليه النفس فان يجعلا فعلين لا مرفوع لهما ولا منصوب، لضتمنهما معنى "غلا" أو يجعلا حرفين للاستثناء، نقلاً لهما عن الفعلية إلى الحرفية، لتضمنهما معنى "إلا" كما جعل الكوفيون "ليس" حرف عطف إذا وقعت موقع "لا" النافية العاطفة، نحو خذ "الكتابَ ليس القلمَ"، وكما قال الشاعر "والاشرمُ المطلوبُ ليس الطالبُ". برفع "الطالب" عطفاً بليس على "المطلوب" أي (الأشرمُ الطالب لا المطلوب).
شِبْهُ الاستِثناء
شبهُ الاستثناء يكون بكلمتين "لا سِيَّما" و "بيدَ"
فلا سِيّما كلمةٌ مُركَّبةٌ من "سِيّ" بمعنى مثلٍ، ومُثناها سِيّانِ، ومن "لا" النافيةِ للجنس، وتُستعمل لترجيح ما بعدَها على ما قبلها. فإذا قلتَ "اجتهدَ التلاميذُ، ولا سِيّما خالدٍ"، فقد رَجَّحْتَ اجتهادَ خالدٍ على غيرهِ من التلاميذ.
وتشديد يائها وسَبقُها بالواوِ و "لا"، كلُّ ذلك واجب. وقد تُخففُ ياؤها. وقد تُحذَف الواو قبلها نادراً. وقد تُحذفُ (ما) بعدَها قليلاً. أما حذفُ (لا) فلم يَرد في كلام من يُحتج بكلامهِ.
والمُستثنى بها، إن كان نكرةً جازَ جَرُّهُ ورَفعُه ونَصبُهُ. تقول "كلُّ مجتهدٍ يُحَبُّ، ولا سيّما تِلميذٍ مثلِكَ" أو "ولا سيّما تلميذٌ مِثلَك"، أو "ولا سِيّما تلميذاً مثلَك". وجرُّهُ أَولى وأكثرُ وأشهرُ.

ص486

(فالجر بالإضافة إلى "سيّ" وما زائدة. والرفع على أنه خبرا لمبتدأ محذوف تقديره هو. وتكون "ما" اسم موصول محلها الجر بالإضافة إلى (سي). وجملة المبتدأ والخبر صلة الموصول. ويكون تقدير الكلام "يجب كل مجتهد لا مثل محبة الذي هو تلميذٌ مثلك، لأنك مُفصَّلٌ على كل تلميذ" والنصب على التمييز لسي، وما زائدة).
وإن كان المُستثنى بها معرفةً جازَ جَرُّه، وهو الأولى، وجاز رفعهُ، نحو "نجحَ التلاميذُ ولا سِيّما خليلٍ" أو "ولا سِيّما خليلٌ". ولا يجوزُ نصبُهُ، لأن شرطَ التّمييز أن يكونَ نكرةً.
وحكمُ "سِيّ" أنها، أن أُضيفت (كما في صورَتي جرَّ الاسم ورفعه بعدَها) فيه مُعرَبةٌ منصوبةٌ بلا النافية للجنس، كما يعرَبُ اسم (لا) في نحو "لا رجلَ سوءٍ في الدار". وإن لم تُضَف فهي مبنيّةٌ على الفتح كما يُبنى اسم (لا) في نحو "لا رجلَ في الدار".
وقد تستعمل "لا سِيّما" بمعنى "خُصوصاً"، فيُؤتى بعدَها بحالٍ مُفردَةٍ، أو بحالٍ جُملةٍ، أو بالجملة الشرطية واقعةً موقعَ الحال. فالأول نحو "أُحِبُّ المطالعةَ، ولا سِيّما منفرداً". والثاني نحو "أُحبُّها، ولا سِيّما وأنا منفردٌ". والثالثُ نحو "أُحبُّها، ولا سِيّما إن كنتُ منفرداً".
وقد يَليها الظَّرفُ، نحو "أُحبُّ الجلوسَ بين الغِياضِ، ولا سِيّما عند الماءِ الجاري"، ونحو "يَطيبُ ليَ الاشتغالُ بالعلم، ولا سِيّما ليلاً"، أو "ولا سِيّما إذا أَوَى الناسُ إلى مضاجعهم".
أمّا "بَيدَ فهو اسمٌ ملازمٌ للنّصب على الاستثناءِ". ولا يكون إلا في استثناءٍ منقطع. وهو يَلزَمُ الإضافةَ إلى المصدر المؤوَّلِ بأنَّ التي تنصبُ الاسمَ وترفُ الخبرَ، نحو "إنهُ لكثيرُ المال، بيدَ أنه بخيل". ومنه حديثُ "أنا أفصَحُ من نطقَ بالضادِ، بَيدَ أني من قُرَيشٍ، واستُرضِعتُ في بَني سَعدِ بنِ بَكرٍ".

ص487 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي