حكم رفع اليدين بالتكبير في الصلوات.
المؤلف:
الحسن بن يوسف بن المطهر(العلامة الحلي).
المصدر:
تذكرة الفقهاء
الجزء والصفحة:
ج3ص119-123.
13-1-2016
1193
يستحب رفع اليدين بالتكبير في كل صلاة فرض ونفل، لان النبي صلى الله عليه وآله فعله، وكذا الائمة عليهم السلام(1)، وقال بعض علمائنا(2)، وبعض الجمهور بالوجوب(3).
وهو ممنوع للأصل. وكذا يستحب عندنا الرفع في كل تكبيرات الصلاة، واستحبه الشافعي عند الافتتاح، والركوع، والرفع منه - وبه قال الاوزاعي، وأحمد، وإسحاق وأبو ثور، ومالك في رواية(4) - لان النبي صلى الله عليه وآله رفع في هذه المواضع(5).ومنع الشافعي من الرفع في السجدتين(6)، وليس بجيد، لان الحسن قال: رأيت الصحابة يرفعون أيديهم إذا كبروا، وإذا ركعوا، وإذا رفعوا رؤوسهم من الركوع كأنها المراوح، وإنما يكون حال الرفع من الركوع للسجود(7).
وقال أبو حنيفة، والثوري، وابن أبي ليلى: ترفع في تكبيرة الافتتاح خاصة - وهو رواية عن مالك(8) - لان البراء قال: كان النبي عليه السلام إذا افتتح الصلاة رفع يديه إلى قريب من اذنيه ثم لا يعود(9).
وهو محمول على أنه لا يعود إلى رفعهما في ابتداء الركعة الثانية والثالثة، وضعف الجمهور(10) الحديث.
ويبسط كفيه حال الرفع إجماعا، وقال الصادق عليه السلام: " إذا افتتحت الصلاة فارفع كفيك ثم ابسطهما بسطا "(11) ويستحب أن يستقبل بباطن كفيه القبلة، لان الصادق عليه السلام فعله(12)، ولان الاستقبال مأمور به. ويستحب ضم الاصابع، لان الصادق عليه السلام أرسل يديه على فخذيه قد ضم أصابعه(13).
وقال المرتضى، وابن الجنيد: يجمع بين الاربع ويفرق الابهام(14).
وقال الشافعي يفرق أصابعه(15) لان النبي صلى الله عليه وآله كان ينشر أصابعه(16)، وهو يحصل ببسط الكف وإن كانت أصابعه مضمومة كما يقال: نشرت الثوب.
ولو كانت يداه تحت ثيابه رفعهما، لان الصحابة كانوا يرفعون أيديهم في الشتاء في ثيابهم(17)، ويستحب للمرأة كالرجل للعموم، ولا فرق بين الامام والمأموم، وكذا القاعد للمرض أو في النافلة يرفع يديه.
ويستحب رفعهما إلى حذاء اذنيه - وبه قال أبو حنيفة، والثوري(18) - لان وائل بن الحجر الحضرمي قال: إن النبي صلى الله عليه وآله كان يرفع يديه حيال اذنيه(19).
ومن طريق الخاصة، قال معاوية بن عمار: رأيت الصادق عليه السلام يرفع يديه حيال وجهه حين استفتح(20).
وقال الشافعي: يرفع يديه حذو منكبيه - وبه قال مالك، وأحمد، وإسحاق(21) - لان عليا عليه السلام قال: " رأيت النبي صلى الله عليه وآله إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه "(22) وهو مستحب فجاز أن يفعل أقل مراتبه تارة، والاعلى اخرى.
وللشافعي قول ثان: الرفع إلى أن تحاذي رؤوس أصابعه شحمة اذنيه، وثالث: إلى أن تحاذي أطراف أصابعه أعلا أذنيه وكفاه منكبيه(23).
فروع:
أ - لو كان بيده عذر لا يتمكن من استيفاء الرفع استحب الاتيان بالمقدور، ولو قدر على الرفع فوق المنكبين ودون الاذنين فالأول أولى لاشتماله على المسنون.
ب - مقطوع الكفين يرفع ساعديه، ومقطوع الذراعين يرفع العضدين، ومقطوع إحداهما يرفع الاخرى.
ج - قال ابن سنان: رأيت الصادق عليه السلام يرفع يديه حيال وجهه حين استفتح(24).
وظاهره يقتضي ابتداء التكبير مع ابتداء الرفع وانتهائه عند انتهائه، وهو أحد وجهي الشافعية، والثاني: يرفع ثم يكبر عند الارسال(25)، وهو عبارة بعض علمائنا(26)، وظاهر كلام الشافعي أنه يكبر بين الرفع والارسال(27).
د - يكره أن يتجاوز بهما رأسه لقول الصادق عليه السلام: " ولا تتجاوز اذنيك "(28) وعن علي عليه السلام: " إن النبي عليه السلام مر برجل يصلي وقد رفع يديه فوق رأسه فقال: مالي أرى قوما يرفعون أيديهم فوق رؤوسهم كأنها آذان خيل شمس "(29).
______________
(1) الكافي 3: 310 / 7، الفقيه 1: 198 - 199 / 917، التهذيب 2: 67 / 244 وانظر صحيح البخاري 1: 187 - 188، سنن ابن ماجه 1: 279 - 281 / 858 - 868، سنن ابي داود 1: 191 - 193 / 721 - 728، سنن الترمذي 2: 35 / 255.
(2) القائل هو السيد المرتضى في الانتصار: 44.
(3) المجموع 3: 305، بداية المجتهد 1: 133، نيل الاوطار 2: 189 و 190، المحلى 3: 236.
(4) المجموع 3: 309، مغني المحتاج 1: 152 و 164 و 165، المهذب للشيرازي 1: 78 و 82، كفاية الاخيار 1: 71، المغني 1: 547 و 574 و 583، الشرح الكبير 1: 546 و 574 و 581، المنتقى للباجي 1: 142، بداية المجتهد 1: 133، القوانين الفقهيه: 62.
(5) صحيح البخاري 1: 187، سنن ابن ماجة 1: 279 - 281 / 858 و 859 و 860 و 863 و 867 و 868، سنن ابي داود 1: 191 - 193 / 721 و 722 و 726، سنن الترمذي 2: 35 / 255.
(6) الوجيز 1: 44، فتح العزيز 3: 472، مغني المحتاج 1: 170، السراج الوهاج: 47.
(7) مصنف ابن ابي شيبة 1: 235، سنن البيهقي 2: 75.
(8) المبسوط للسرخسي 1: 14، بدائع الصنائع 1: 199، الموطأ برواية الشيباني: 58، عمدة القارئ 5: 272، الحجة على أهل المدينة 1: 94، القوانين الفقهيه: 62، الشرح الصغير 1: 188، مقدمات ابن رشد 1: 116، المجموع 3: 400، المغني 1: 574، الشرح الكبير 1: 574.
(9)سنن ابي داود1: 200 / 749،سنن الدار قطني1: 293 / 21 و294 / 24، سنن البيهقي 2: 26.
(10) سنن ابي داود 1: 200 ذيل الحديث 752، سنن البيهقي 2: 26، المجموع 3: 402، المغني 1: 575 - 576، الشرح الكبير 1: 575.
(11) الكافي 3: 310 / 7، الفقيه 1: 198 / 917، التهذيب 2: 67 / 244.
(12) التهذيب 2: 66 / 240.
(13) الكافي 3: 311 / 8، الفقيه 1: 196 / 916، التهذيب 2: 81 / 301.
(14) حكاه المحقق في المعتبر: 169.
(15) المجموع 3: 307، المهذب للشيرازي 1: 78، مغني المحتاج 1: 152، المغني 1: 548، الشرح الكبير 1: 547.
(16) سنن الترمذي 2: 5 / 239، سنن البيهقي 2: 27.
(17) سنن البيهقي 2: 28.
(18) المبسوط للسرخسي 1: 11، شرح فتح القدير 1: 245، عمدة القارئ 5: 272، بدائع الصنائع 1: 199، الحجة على أهل المدينة 1: 94، المجموع 3: 307، فتح العزيز 3: 270.
(19) سنن ابي داود 1: 193 / 728، سنن الدار قطني 1: 292 / 14، سنن البيهقي 2: 25.
(20) أورده في المعتبر: 169 عن ابن عمار، وفي التهذيب 2: 66 / 236 عن ابن سنان.
(21) الام 1: 104 المجموع 3: 305 و 307، مختصر المزني: 14، فتح العزيز 3: 269، مغني المحتاج 1: 152، المهذب للشيرازي 1: 78، بلغة السالك 1: 118، المغني 1: 547، الشرح الكبير 1: 547، المحرر في الفقه 1: 53، العدة شرح العمدة: 74.
(22) سنن ابي داود 1: 198 / 744، سنن البيهقي 2: 24، سنن الدار قطني 1: 287 / 1.
(23) الوجيز 1: 41، فتح العزيز 3: 269.
(24) التهذيب 2: 66 / 236.
(25) المجموع 3: 308، الوجيز 1: 41، مغني المحتاج 1: 152.
(26) قال السيد العاملي في مفتاح الكرامة 2: 349: وفي الذكرى عن الكراجكي أن محل تكبير الركوع عند ارسال اليدين بعد الرفع انتهى.فلاحظ.
(27) الام 1: 104، المجموع 3: 307.
(28) التهذيب 2: 65 / 233.
(29) المعتبر: 169، ورواه جابر بن سمرة عن النبي صلى الله عليه وآله بتفاوت كما في صحيح مسلم 1: 322 / 430 وسنن ابي داود 1: 262 / 998 وسنن النسائي 3: 4 - 5 ومسند أحمد 5: 101 و 107 وسنن البيهقي 2: 280 والجامع الكبير 1: 711.
الاكثر قراءة في تكبيرة الاحرام
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة