الباب الأول

مدخل للتحليل الفني

الفصل الأول

تعريف التحليل الفني

تعددت الدراسات حول تعريف التحليل الفني لدى جميع المهتمين بالبورصة، وبين المحللين الفنيين في أسواق الأوراق المالية، ورغم تعدد هذه التعريفات إلا أنها اتفقت بصفة عامة على تعريف شبه جامع لما يعنيه التحليل الفني. وهذا التعريف ببساطة هو .. "دراسة حركة السوق والأسعار من خلال الرسوم والأشكال البيانية Charts في الماضي، بهدف التنبؤ بما سيكون عليه اتجاه الأسعار في المستقبل". وبالتالي فهو حاول أن يفسر لنا العلاقة بين السعر والزمن من خلال دراسة تاريخ السعر وحركته، أي أنه يعتمد على معرفة ما هو السعر الحالي، وما هو تاريخ حركة السعر ، ثم يقوم برسم هذه العلاقة بيانياً، ويستنتج منها مؤشرات فنية لها دلالات معينة على الشارت توضح سلوك السهم، فنجد أن منها ما يشير إلى الدخول ويقول لك: أدخل ولا تتردد فإن هذا هو وقت الشراء، ومنها ما يشير إليك قائلاً: (لا تتسرع وانتظر Wait & See)، ومنها ما يقول لك: (بع الآن هذا وقت الربح)، ومؤشر آخر يحذرك صارخاً: (بع الآن حتى لا تخسر) فهذه نقطة وقف الخسارة لك، وغيره من الأنواع المختلفة التي سنقوم بعرضها تفصيلياً بالإضافة إلى دور التحليل الفني الهام في استنباط العديد من الأشكال والنماذج التي يتابعها المحللون الفنيون سنوات وسنوات، والتي عندما تتكرر عبر تاريخ حياة السهم تعطيهم نتائج متماثلة محددة يتم استخدامها في التنبؤ باتجاهات الأسعار المستقبلية، وهذا من أهم أهداف التحليل الفني.

وجدير بالذكر أن ننوه هنا على أشهر التعريفات لكبار المستثمرين والمحللين في العالم؛ المستثمر والمحلل العالمي چون ميرفي John Murphy حيث عرف التحليل الفني على أنه "دراسة حركة السوق من خلال استخدام الرسوم البيانية (الشارتات)، من أجل توقع الاتجاه المستقبلي للأسعار"، ومن أحدث التعريفات المتداولة لتعريف التحليل الفني أنه يعتبر "دراسة نفسية لسلوك جماعة المتداولين".

نشأة التحليل الفني

يقول اليابانيون أن التحليل الفني بدأ في أواخر القرن السابع عشر ، ولكن الإنجليز يرون أنه بدأ لديهم في بداية القرن السابع عشر مع محاولات وضع أسعار أوراق " اللوتارية"، أما الأمريكان فيقولون أنه بدأ على يد شخص يدعى "تشارلز هنري داو Charles How" جاء إلى الولايات المتحدة في أواخر القرن التاسع عشر، وعمل كصحفي لدى شركة إنجليزية للنشر، وأنشأ "داو" صحيفة "وول ستريت The Wall Street Journal" في وقت كان يعاني فيه الشعب الأمريكي من آثار الحرب الأهلية وقد بدأ يبحث عن سبل الراحة والسعادة في أغلب التخصصات، وكانت الولايات المتحدة في ذلك الوقت تشهد أكبر هجرة في التاريخ من شرق البلاد إلى غربها، وكان ذلك عن طريق السكك الحديدية، وهنا كتب "داو" عن التمويل في الولايات المتحدة، حيث لاحظ أن شركات النقل هي الشركات الأكثر ربحاً في ذلك الوقت، وكانت نظريته بسيطة تقوم على أساس أن المشتري يقوم بالشراء على أساس توقعات متفائلة، أما البائع فيقوم بالبيع على أساس توقعات سيئة لاتجاه السهم، وقد كان يكتب في عمود بالصحيفة بعنوان ملاحظات، سجل فيه نقطة هامة؛ وهي أن الشركات ترفض الإفصاح عن معلومات عن أداءها، حيث أنها لم تكن ملزمة بهذا في ذلك الوقت، فبدأ يجتهد ويربط بين سعر سهم الشركة وأداءها بوجه عام، وبتعميم الفكرة اعتقد "داو " أن مقياس نجاح الاقتصاد مرتبط بأداء الصناعات الكبرى، ومن هنا أنشأ "داو" أول متوسط لـ "داو جونز Dow Jones" (المتوسط الصناعي لداو جونز ). إذن يمكننا القول أن جذور التحليل الفني ترجع إلى "داو "، وإلى نظريته "نظرية داو Dow Theory" التي ظهرت منذ عام 1900 م، ولكن هذه النظرية لم تخرج إلى النور كنظرية متكاملة بالشكل الموجود حالياً بكتب التحليل الفني، وإنما كانت عبارة عن مجموعة كتابات ومقالات للسيد "داو" مؤسس شركة "داو جونز" مع شريكه "إدوارد جونز، والتي وضح فيها جميع أفكاره الخاصة بسلوك سوق الأسهم، ومع بداية القرن العشرين تم تنقيحها من قبل وليام هاملتون وروبرت ريا (1932  1922   &   Reha ( " (Hamilton).

وأصبح العديد من الأفكار والتعليقات التي ظهرت من قبل "داو" و"هاملتون" من بديهيات "وول ستريت"، وتعتبر نظرية "داو " حتى اليوم هي حجر الأساس لدراسة التحليل الفني، وما زالت المكوّنات الأساسية لها كما هي صحيحة، وستعرض لها تفصيلياً في فصل خاص بالكتاب، ولكننا هنا (لأغراض الشرح والتسلسل المنطقي فقط) ننوه إلى ما قامت عليه هذه النظرية سريعاً بصفة عامة تقوم نظرية "داو " على عدة افتراضات أساسية، أهمها أن السعر هو الأساس والعامل الهام الذي يؤثر على حركة السوق، كما أن التغيرات في سعر إغلاق السهم لكل يوم هو العامل الهام الذي يؤثر على قرارات وعواطف المتداولين في السوق، سواء المتداولين الحاليين أو المحتملين، أي أنه بهذا تجاهل العوامل الأخرى المتعارف عليها والتي يمكن أن تؤثر على علاقة العرض بالطلب، وصنفت النظرية اتجاهات السوق إلى ثلاثة اتجاهات صاعد وهابط ومتذبذب، واعتبر "داو" أن حجم التداول Volume (والفوليوم كما سنستخدمه دائماً في سياق التحليل) هو عامل ثانوي، إلا أنه عامل هام لتأكيد اتجاه السعر، ويؤمن "داو" أيضاً بأن قوانين الفعل ورد الفعل تنطبق على السوق تماماً كما هي منطبقة طبيعياً في أمور الحياة المادية، ونجد أن هناك كثيراً ممن يعتقدون أن هذا الوقت مختلف عما كان الوضع عليه وقت ظهور نظرية "داو"، ولذا فإنهم يقولون أن الاعتماد على فروضها قد لا يصل بهم إلى نتائج إيجابية، ولكن في المقابل فإن كثيراً ممن قرءوا نظرية "داو" يرون أن سوق الأسهم المالية تتصرف الآن وفي هذه الأوقات كما فعلت قبل أكثر من مائة عام تقريباً، وتشهد على ذلك تطورات الأسواق المالية في فترات ركودها أو ازدهارها خلال السنوات الماضية أو الحالية التي نمر بها، والتي توضح لنا مدى انطباق النظرية من الناحية العامة، فنظرية "داو" لا تخاطب فقط التحليل الفني وسعر السهم، ولكن أيضاً فلسفة سوق.  

اخر الاخبار

اخبار العتبة العباسية المقدسة

الهيأة العليا لإحياء التراث تبحث تعزيز التعاون المشترك مع مركز الإمام الباقر (عليه السلام) في إيران

جامعة الكفيل تكرِّم طلبتها المتميزين من ذوي الاحتياجات الخاصة

فريق طبي في مستشفى الكفيل يجري عملية ناجحة لطفل يعاني من تشوّه ولاديّ بالنخاع الشوكي

المجمع العلمي يقيم محاضرة متخصِّصة في فنِّ الإقراء بمحافظة صلاح الدين

المزيد

الآخبار الصحية

كنز غذائي على طبقك.. ماذا تفعل السبانخ بجسمك؟

ما لا يتوقعه أحد.. "سر غذائي" في الجبن الدسم

لتحسين الهضم والنوم.. هذا أفضل وقت لتناول العشاء

10 طرق بسيطة وغير مألوفة لحرق المزيد من السعرات يوميا

المزيد

الآخبار التكنلوجية

سابقة بعالم الطيران.. طائرة تقرر الهبوط بنفسها بعد ظرف طارئ

"الإنفلونزا الخارقة" تكتسح دول العالم.. وتثير قلقا كبيرا

مرحلة ما قبل الأعراض.. دواء جديد يستهدف "شرارة" الزهايمر

إزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي.. ما دور المحيطات والبحار؟

المزيد

مواضيع ذات صلة

نـقاط الضعـف فـي التحليـل الفـنـي Weakness of Technical Analysis

نـقاط القـوة فـي التـحليـل الفـنـي Strengths of Technical Analysis

فـلسفـة التـحليـل الـفـنـي 2

فـلسفـة التـحليـل الـفـنـي 1

أسـاليـب التـحليـل الفـنـي وأهـدافــه

مـفهـوم التـحليـل الفـنـي للسـوق

أثـر الأخبـار المـاليـة علـى السـهـم

كيفيـة أختيـار السهـم الرابـح ومعاييـرتحديـد السهـم الرابـح والنسب المعيارية لتقييم أداء السهم

تقييم سعر السهم ومؤشرات مضاعفاتـه في السوق وكيفية تقييم السهم

تطبيقات استخدام التحليل المالي للدخول الى السوق (معنى السعر العادل للسهم)

ربحية السهم Earning Per Share وطرق حسابه وريـع السهـم وطرق حسابـه

استخـدام مـضاعـف الربحيـة ومـلاحـظات ودلالات الـمؤشـر