مذهب الوهّابيّة ملازم لإنكار آيات القرآن الصريحة
المؤلف:
السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
المصدر:
معرفة الإمام
الجزء والصفحة:
ج5/ص135-137
2025-12-16
29
الآيات والروايات جميعها زاخرة بالمفاهيم السليمة من قبيل: الموجودات وسائط في الوجود والإيجاد، والخلق يتحقّق بالسببيّة، وإلغاء الواسطة في عالم التكوين. مضافاً إلى ذلك، فإنّ إنكار الأمر الوجدانيّ هو إنكار للمأثورات الشرعيّة من الكتاب والسنّة.
ألسنا نقرأ في القرآن الكريم قوله تعالى: {فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً} (الآية 5 من السورة 79: النازعات)، وقوله: {وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ} (الآية 22، من السورة 15: الحجر. وقوله: {وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كَذلِكَ النُّشُورُ}. (الآية 9، من السورة 35:فاطر) وقوله: {وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ} (الآية 99، من السورة 6: الأنعام).
حيث نرى في هذه الآيات الملائكة تدبّر الأمر؛ وأنّ الرياح تثير السحاب، وأنها لواقح، تلقّح الأشجار فتثمر؛ وأنّ نبات كلّ شيء يخرج بواسطة الماء المنزل من السماء. وكذلك الأمر في آيات اخرى كثيرة تصرّح المكوَّنات في الوجود تتكوّن من هذه الأسباب.
إذَنْ، كيف يتسنّى لنا أن ننفي السببيّة، وهذه الآيات تثبتها بصراحة؟
أجل، ينبغي أن نقول: هذه الأسباب كلّها مقهورة ومأمورة لله تأتمر بأمره، ولا تستقلّ بشيء دونه؛ ونقول في هذه الأسباب، وغيرها من الأسباب المادّيّة والمعنويّة الأخرى: إنّها لا تستقلّ بنفسها؛ بل هي تمثّل الشفعاء والوسائط للاخذ من الله والإفاضة على العوالم.
يقولون: الاستغاثة بأرواح الأنبياء والأئمّة هي استغاثة بالموتى، وهذا لون من التوجّه والنزوع إلى الموتى؛ ويمثّل ظاهرة صنميّة إذ يطلب الإنسان من الميّت شيئاً بلا أثر محسوس، ويجعله شفيعاً إلى الله؛ وما هو الفرق بين طلب الحاجة من الصنم، وبين طلبها من موجود بلا أثر؟
ونجيب: الآيات القرآنيّة والبراهين العقليّة تنصّ على روح الإنسان لا تموت بموته، بل هي حيّة. وبناءً على تجرّد النفس، فهي لا يمكن أن تكون معدوماً بحتاً؛ والموت هو عبارة عن انتقال من الدنيا إلى الآخرة. ثمّ أ لَمْ نقرأ في القرآن الكريم الشهداء أحياء عند ربّهم يُرزقون! {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}. (الآية 169، من السورة 3: آل عمران).
يقولون: هذه الآية تخصّ الشهداء؛ شهداء غزوة احُد مثل: حَمْزَة وغيره.
ونقول: ألم يكن حَمْزَةُ وغيره من الشهداء تحت نبوّة رسول الله؟
وهل مقام حمزة أعلى من مقام رسول الله، فيكون حيّاً، ورسول الله ميّتاً؟!
لا، ليس كذلك، فرسول الله هو الشهيد على الشُّهَداء، والموكَّل على أرواح الأنبياء. ونحن نسلّم عليه في صلواتنا جميعها قائلين: السَّلَامُ عليكَ أيُّهَا النَّبِيّ ورَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُهُ. وهل يكون المخاطب إلّا حيّاً سامعاً كلامنا؟
الاكثر قراءة في مقالات قرآنية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة