عقيدتنا في الأئمة
المؤلف:
آية الله السيد محسن الخرّازي
المصدر:
بداية المعارف الإلهية في شرح عقائد الإمامية
الجزء والصفحة:
ج2، ص 96- 99
2025-12-03
9
لا نعتقد في أئمتنا ما يعتقده الغلاة والحلوليون (كبرت كلمة تخرج من أفواههم). بل عقيدتنا الخالصة أنّهم بشر مثلنا، لهم ما لنا، وعليهم ما علينا، وإنّما هم عباد مكرمون اختصّهم الله تعالى بكرامته وحباهم بولايته ؛ إذ كانوا في أعلى درجات الكمال اللائقة في البشر من العلم والتقوى والشجاعة والكرم والعفة ، وجميع الأخلاق الفاضلة والصفات الحميدة ، لا يدانيهم أحد من البشر فيما اختصوا به. وبهذا استحقوا أن يكونوا أئمة وهداة ومرجعا بعد النبيّ ـ صلى الله عليه وآله ـ في كلّ ما يعود للناس من أحكام وحكم، وما يرجع للدين من بيان وتشريع ، وما يختصّ بالقرآن من تفسير وتأويل.
قال إمامنا الصادق ـ عليه السلام ـ : «ما جاءكم عنّا ممّا يجوز أن يكون في المخلوقين ولم تعلموه ولم تفهموه فلا تجحدوه وردّوه إلينا، وما جاءكم عنّا ممّا لا يجوز أن يكون في المخلوقين فاجحدوه ولا تردوه إلينا» (أ).
__________________
(أ) ولا يخفى عليك ـ بعد ما عرفت من أنّ ما سوى الله تعالى ليس إلّا ممكنا ـ أنّ اعتقاد الألوهية في الأئمة أو الأنبياء ـ عليهم الصلوات والسّلام ـ باطل جدا ، ولذا أنكر الأئمة ـ عليهم السلام ـ على الغالين أشد الإنكار. قال الصادق ـ عليه السلام ـ : «احذروا على شبابكم الغلاة لا يفسدوهم ، فإنّ الغلاة شرّ خلق الله يصغّرون عظمة الله ويدّعون الربوبيّة لعباد الله ، والله فإنّ الغلاة شرّ خلق اليهود والنصارى والمجوس ، والّذين أشركوا» الحديث (1) وقال مولانا أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ : «اللهم إنّي بريء من الغلاة كبراءة عيسى بن مريم من النصارى ، اللهم اخذلهم أبدا ، ولا تنصر منهم أحدا» (2) ، وقال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ : «لا ترفعوني فوق حقّي فإنّ الله تعالى اتخذني عبدا قبل أن يتخذني نبيا» (3) ، وقال أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ: «إيّاكم والغلوّ فينا قولوا : إنّا عبيد مربوبون، وقولوا في فضلنا ما شئتم» (4) ، قال سدير : قلت لأبي عبد الله ـ عليه السلام ـ إنّ قوما يزعمون أنّكم آلهة يتلون بذلك علينا قرآنا ، وهو الّذي في السماء إله وفي الأرض إله ، فقال : «يا سدير سمعي وبصري وبشري ولحمي ودمي وشعري من هؤلاء براء ، وبرئ الله منهم ، ما هؤلاء على ديني ولا على دين آبائي ، والله لا يجمعني الله وإيّاهم يوم القيامة إلّا وهو ساخط عليهم» (5).
وهكذا بعد ما عرفت من أنّ كلّ شيء يحتاج إلى الله في أصل وجوده وحياته وقدرته وعلمه وغير ذلك لا يصح اعتقاد الاستقلال بالنسبة إليه في أمر من الامور، ويكون غلوّا كما ورد في التوقيع عن صاحب الزمان ـ صلوات الله عليه ـ ردا على الغلاة: «يا محمّد بن علي، تعالى الله عزوجل عمّا يصفون، سبحانه وبحمده، ليس نحن شركاءه في علمه ولا في قدرته» (6).
قال العلّامة المجلسي ـ قدس سره ـ بيان: المراد من نفي علم الغيب عنهم أنّهم لا يعلمونه من غير وحي وإلهام، وأمّا ما كان من ذلك فلا يمكن نفيه؛ إذ كانت عمدة معجزات الأنبياء والأوصياء ـ عليهم السلام ـ الإخبار عن المغيّبات، وقد استثناهم الله تعالى في قوله: (إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ) (7).
وأيضا بعد ما عرفت من أنّ النبوّة ختمت بوجود نبينا محمّد ـ صلى الله عليه وآله ـ فلا مجال لاعتقاد النبوّة في الأئمة ـ عليهم السلام ـ قال الصادق ـ عليه السلام ـ : «من قال بأنّنا أنبياء فعليه لعنة الله ، ومن شكّ في ذلك فعليه لعنة الله» (8).
__________________
(1) بحار الأنوار : ج 25 ص 265.
(2) بحار الأنوار : ج 25 ص 266.
(3) بحار الأنوار : ج 25 ص 265.
(4) بحار الأنوار : ج 25 ص 270.
(5) الاصول من الكافي : ج 1 ص 269.
(6) بحار الأنوار : ج 25 ص 266.
(7) بحار الأنوار: ج 25 ص 268.
(8) بحار الأنوار: ج 25 ص 296.
الاكثر قراءة في صفات الأئمة وفضائلهم
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة