اعتراف أبي بكر بتقدّم أمير المؤمنين عليه السّلام عليه
المؤلف:
السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
المصدر:
معرفة الإمام
الجزء والصفحة:
ج2/ص182-185
2025-11-22
38
لقد كان أبو بكر وعمر وأعوانهما على علم تامّ بمنزلة أمير المؤمنين عليه السلام. وكان واضحاً عندهم ما أخبر به الرسول الكريم عن وصايته وولايته وخلافته عليه السلام غير أنّهم لجّوا بمناهضته فاجتمعوا في السقيفة داعين الناس إلى بيعتهم بدون أن يخبروا الإمام بذلك.
يقول ابن حجر الهيثميّ الشافعيّ: روى ابن سمّان في كتابه المعروف ب «الموافقة» بإسناده عن ابن عبّاس أنّه قال: لَمّا جاءَ أبو بكرٍ وعليّ لِزِيارَةِ قَبْرِ النَّبِيّ صلى اللهُ عَلَيهِ وآلِهِ وسَلَّمَ بَعْدَ وَفَاتِهِ بِستَّةِ أيَّامٍ، قالَ عليّ لأبِي بَكرٍ: تَقَدَّم، فَقَالَ أبُو بَكْرٍ: لَا أتَقَدّمُ رَجُلًا سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ و[آلِهِ] وسلَّمَ يَقُولُ فِيهِ: «عليّ مِنِّي كَمَنْزِلَتِي مِن رَبِّي»[1].
وروى محبّ الدين أحمد بن عبد الله الطبريّ هذا الحديث في كتابيه: «الرياض النضرة» ج 2، ص 163، و«ذخائر العقبي» ص 64 لكن بهذه العبارة: «عليّ مِنِّي بِمَنْزِلَتي مِنْ رَبِّي».
وكذلك روى الموفّق بن أحمد الخوارزميّ بإسناده عن الشعبيّ أنّه قال: نَظَرَ أبُو بَكرٍ إلى عليّ بنِ أبي طَالِبٍ مُقْبِلًا، فَقَالَ: مَنْ سَرَّهُ أن يَنْظُرَ إلى أقْرَبِ النّاسِ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عَلَيهِ وآلِهِ وسَلَّمَ وأجْوَدِهِمْ مَنْزِلَةً وأعْظَمِهِمْ عِنْدَ اللهِ عَنَاءً وأعْظَمِهِم[2] عَلَيْهِ فَلْيَنظُرْ إلى هَذَا- وأشَارَ إلى عليّ بنِ أبِي طالِبٍ- لأنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عَلَيهِ وآلِهِ وسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّهُ لَرَؤُوفٌ بِالنَّاسِ وإِنَّهُ لأوّاهٌ حَلِيمْ»[3]. وذكر محبّ الدين الطبريّ هذا الحديث كلّه أيضاً في «الرياض النضرة» ج 2، ص 163 من غير الاستشهاد بقول رسول الله.
وروى الشيخ سليمان الحنفيّ القندوزيّ عن كتاب «مودّة القُربي» بسنده المتّصل عن عبد الله بن عمر أنّه قال: انّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وسَلَّمَ قالَ: «خَيرُ رِجَالِكُمْ عليّ بنُ أبِي طالِبٍ، وخَيْرُ شَبابِكُمُ الْحَسَنُ والْحُسَيْنُ، وخَيْرُ نِسائِكُمْ فاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمّدٍ عَلَيهِ الصَّلاةُ والسَّلَامُ»[4].
وروى عن ابن عمر أيضاً أنّه قال: كُنّا إِذا أعْدَدْنَا أصْحابَ النَّبِيّ صلى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ قُلنَا: أبو بَكْرٍ وعُمَرُ وعُثمَانُ. فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أبا عَبدِ الرَّحْمَنِ. فَعَلِيّ مَا هُوَ؟ قالَ: عليّ مِن أهلِ بَيتٍ لا يُقَاسُ بِهِ أحَدٌ. هُوَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عَلَيهِ وآلِهِ وسَلَّمَ في دَرَجَتِهِ. أنّ اللهَ يَقُولُ: {الَّذِينَ آمَنُوا واتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} فَفاطِمَةُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عَلَيهِ وآلِهِ وسَلَّمَ في دَرَجَتِهِ وعليّ مَعَهُمَا[5]. ويمكننا أن نجد روايات كثيرة مأثورة عن رسول الله، وشواهد من كلام كبار علماء الإماميّة وعلماء السنّة تؤيّد هذه الرواية التي ذكرها عبد الله بن عمر من أنّ عليّاً من أهل بيت لا يقاس به أحد.
وروى في «ذخائر العقبي» ص 17 عن أنس بن مالك أنّه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ: «نَحْنُ أهْلُ بَيْتٍ لا يُقَاسُ بِنَا أحَدٌ». وفي «ينابيع المودّة» ص 253 أنّه قال بعد حديث ابن عمر: قال أحمد بن محمّد الكُرزُريّ البغداديّ: سمعت من عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: سألتُ من أبي أحمد بن حنبل عن أفضل الصحابة، فقال: أبو بكر، وعمر، وعثمان. ثمّ سكت. فقلتُ: أين عليّ بن أبي طالب؟ قَالَ: هُوَ مِن أهْلِ بَيْتٍ لا يُقَاسُ بِهِ هَؤُلَاءِ.
وروى في «كنز العمّال» ج 6 ص 218 عن «فردوس الأخبار» للديلميّ أنّه قال: قَالَ: «نَحْنُ أهْلُ بَيْتٍ لا يُقاسُ بِنَا أحَدٌ».
وذكر عبيد الله الحنفيّ هذا الحديث في كتابه «أرجح المطالب» ص 330عن ابن مَردويه في كتاب «المناقب». وقال أيضاً: قَالَ عليّ عَلَيْهِ السَّلامُ عَلَى الْمِنْبَرِ: «نَحْنُ أهْلُ بَيتِ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عَلَيهِ وآلِهِ وسَلَّمَ لا يُقَاسُ بِنَا أحَدٌ».
وجاء في الخطبة الثانية من «نهج البلاغة» قوله: «لا يُقاسُ بآلِ مُحَمّدٍ صلى اللهُ عَلَيهِ وآلِهِ مِن هَذِهِ الأمَّةِ أحَدٌ»[6].
وروى الخوارزميّ الحنفيّ كذلك بإسناده عن رسول الله: «أنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ قَالَ: خَيْرُ مَنْ يَمْشِي عَلَى الأرضِ بَعْدي عليّ بْنُ أبي طَالِبٍ»[7].
فهذه أحاديث ذكرها أبو بكر، وعائشة، وعبد الله بن عمر أنفسهم عن رسول الله في فضائل أمير المؤمنين وأفضليّته. ونقلت أيضاً أحاديث اخرى على لسان عمر وعبد الله بن عمر وغيرهما في اخوّة الإمام لرسول الله.
[1] «الصواعق المحرقة» ص 108، نقلًا عن كتاب «مقام الإمام أمير المؤمنين» ص 9.
[2] لا نستبعد أن تكون تصحيفاً ل «وَأعزّهم عليه».
[3] «المناقب» للخوارزمي، ص 97.
[4] «ينابيع المودّة» ص 247، والروايات المأثورة عن رسول الله في أنّ أمير المؤمنين خير البشر كثيرة للغاية ومثبّتة في كتب العامّة. وقد نقلنا قسماً منها في أوائل هذا الكتاب علماً بأنّ عائشة قد روت بعضها. وروي في «ذخائر العقبي» ص 96 عن عقبة بن سعد العوفي أنّه قال: دخلنا علي جابر بن عبد الله وقد سقط حاجباه على عينيه فسألناه عن علي. قال: فرفع حاجبيه بيديه، فقال: ذَاكَ مِنْ خَيْرِ الْبَشَرِ. وروي أيضاً في «ينابيع المودّة» ص 246 عن علي عليه السلام وحذيفة، وعائشة ما نصّه: عَلِي خَيرُ الْبَشَر، مَن أبى فَقَد كَفَرَ. وفي ص 247، عن عائشة أنّها قالت: إِنّ اللهَ قد عَهِدَ إلى أنّ مَنْ خَرَجَ عَلَى عَلِي فَهُوَ كافِرٌ في النّارِ، قِيلَ: لِمَ خَرَجتِ عَلَيهِ؟ قَالَتْ: أنا نَسيتُ هذا الْحَدِيثَ يَوْمَ الْجَمَلَ حَتَّى ذَكَرْتُهُ بِالبَصْرَةِ، وأنا أسْتَغْفِرُ اللهَ.
[5] 1«ينابيع المودّة» ص 253.
[6] نهج البلاغة» ج 1 طبعة عبدة- مصر، الخطبة 2 ص 30.
[7] «مناقب الخوارزميّ» ص 63 نقلًا عن كتاب «مقام الإمام أمير المؤمنين» ص 49.
الاكثر قراءة في مقالات عقائدية عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة