المحرّم من الأفعال والصفات / معونة الظالمين
المؤلف:
الشيخ عبد الله المامقاني
المصدر:
مرآة الكمال
الجزء والصفحة:
ج2، ص 498 ــ 500
2025-11-19
13
ومنها: معونة الظالمين:
فإنّها محرّمة، بل عدّه مولانا الرضا عليه السّلام من الكبائر [1]، وقد ورد أنّه: إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: أين أعوان الظلمة؟ ومن لاق لهم دواة؟ أو ربط لهم كيسا؟ أو مدّ لهم مدّة قلم؟ فاحشروهم معهم [2]، بل عن مولانا الرّضا عليه السّلام: انّ الدخول في أعمال السلطان والعون له في حوائجه عديل الكفر، والنظر اليه على العمّد من الكبائر التي يستحق بها النار [3]، وورد انّ من مشى مع ظالم يعينه وهو يعلم انّه ظالم فقد خرج عن الإسلام [4]، وانّه إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: أين الظلمة وأعوان الظلمة وأشباه الظلمة؟ حتّى من برى لهم قلما ولاق لهم دواة، فيجتمعون في تابوت من حديد، ثم يُرمى بهم في جهنّم [5]، وانّ العامل بالظلم، والمعين به، والراضي به شركاء [6]، وانّ من تولّى خصومة ظالم أو أعانه عليها نزل به ملك الموت بالبشرى بلعنة اللّه، ونار جهنّم خالدا فيها وبئس المصير. ومن خفّ لسلطان جائر في حاجة كان قرينه في النّار، ومن دلّ سلطانًا على الجور قرن مع هامان، وكان هو والسلطان من أشدّ أهل النّار عذابا، ومن عظّم صاحب دنيا وأحبّه لطمع دنياه سخط اللّه عليه، وكان في درجة مع قارون في التابوت الأسفل من النّار [7]، ومن علّق سوطا بين يدي سلطان جائر جعلها اللّه حيّة طولها ستّون [سبعون] ألف ذراع فتسلّط عليه [8] في نار جهنّم خالدا فيها مخلّدا، ومن سعى بأخيه الى سلطان ولم ينله منه سوء ولا مكروه أحبط اللّه عمله، وإن وصل منه سوء أو مكروه أو أذى جعله اللّه في طبقة مع هامان في جهنّم [9].
ولا فرق في الحرمة بين إعانتهم على محرّم أو محلّل مع كون المعيّن معدودا لذلك في أعوان الظلمة، وعلى الثاني ورد المنع من إعانتهم على بناء المسجد [10]، وكذا ما ورد من قول رجل لأبي عبد اللّه عليه السّلام: جُعلت فداك انّه ربّما أصاب الرجل منّا الضيق أو الشدّة فيُدعى الى البناء يبنيه، أو النهر يكريه، أو المسنّاة يصلحها، فما تقول في ذلك؟ فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما أحبّ انّي عقدت لهم عقدة، او وكيت لهم وكاء، وانّ لي ما بين لابتيها [11]، لا ولا مدّة قلم، انّ أعوان الظلمة يوم القيامة في سرادق من نار حتّى يحكم اللّه بين العباد [12].
ثمّ انّه لا يختصّ الظالمون بحكّام العامّة وسلاطينهم، بل يعمّهم وغيرهم من الظالمين والجائرين حتّى من الشيعة [13].
ثمّ انّه يختص المنع بصورة الاختيار فلا بأس بإعانتهم خوفا على النفس، أو العرض، أو المال الخطير [14]، وكلّما حرمت المعونة حرمت الأجرة المأخوذة عليها [15].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] عيون أخبار الرضا عليه السّلام: 269 باب 34 ما كتبه الرضا عليه السّلام للمأمون في محض الإسلام وشرائع الدين.
[2] عقاب الأعمال: 309 عقاب الظلمة وأعوانهم حديث 1.
[3] تفسير العياشي: 1/238 سورة النساء في تفسير قوله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا} [النساء: 31] حديث 110.
[4] تنبيه الخواطر- مجموعة ورّام -: 1/54. باختلاف يسير.
[5] تنبيه الخواطر- مجموعة ورّام ـ:1/54.
[6] أصول الكافي: 2/333 باب الظلم حديث 16.
[7] عقاب الأعمال: 331 باب يجمع عقوبات الأعمال.
[8] عقاب الأعمال: 335 باب يجمع عقوبات الأعمال. وفي الأصل: فيسلّط اللّه عليه.
[9] عقاب الأعمال: 337 باب يجمع عقوبات الأعمال.
[10] التهذيب: 6/338 باب 93 المكاسب حديث 941 بسنده عن يونس بن يعقوب قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا تعنهم على بناء مسجد.
[11] جاء في الحاشية منه قدس سره: يعني وإنّ لي ما بين الجبلين المحيطين بالمدينة المنورة.
[12] التهذيب: 6/331 باب 93 المكاسب حديث 919.
[13] الظلم من المحرّمات الكبيرة من أيّ فرد صدر مؤمنا كان ام مسلما. نعم، يمكن أن يقال: إنّ الظلم من شيعة أهل البيت أقبح وأشدّ عقوبة بملاك حسنات الأبرار سيّئات المقرّبين والمسألة ذات أبعاد واسعة وأبحاث كثيرة.
[14] هذا المورد من موارد التقيّة التي أوجبها الشارع المقدّس في موارد ومنها المورد المذكور.
[15] وهذه قاعدة عامّة؛ لأنّ الأجرة إنّما هي في مقابل العمل المحرّم والأجرة على المحرّم محرّمة بلا ريب.
الاكثر قراءة في الظلم والبغي و الغدر
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة