زواج علي أمير المؤمنين من فاطمة الزهراء سيدة النساء "عليهما السلام"
المؤلف:
هاشم معروف الحسني
المصدر:
سيرة المصطفى "ص"
الجزء والصفحة:
ص322-326
2025-11-05
17
لقد جاء في الكافي للكليني عن الحسن بن محبوب عن حبيب السجستاني أنه قال : سمعت أبا جعفر يقول : ولدت فاطمة بنت محمد ( ص ) بعد مبعثه بخمس سنين وتوفيت ولها ثمان عشرة سنة وخمسة وسبعون يوما .
وجاء في المجلد الثاني من أعيان الشيعة ان عمرها يوم تزوجت من علي ( ع ) كان يتراوح بين التاسعة والعاشرة والحادية عشر ، فبناء على أن زواجها كان بعد الهجرة بسنة واحدة يكون عمرها تسع سنين ، وبناء على أنه كان في السنة الثانية كما رجح ذلك الطبري يكون لها من العمر عشر سنين .
وقيل إن عمرها كان يوم زواجها اثني عشر عاما وولادتها كانت في السنة الثانية من مبعثه ، وفي رواية الاستيعاب انها كانت في الخامسة عشرة ، وقيل إنها كانت في الثامنة عشرة ، وولادتها كانت قبل المبعث بخمس سنوات ، وقيل غير ذلك من الأقوال التي لا يترتب على تحقيقها وتمحيصها فائدة تذكر .
وجاء في كشف الغمة عن أبي عبد اللّه الصادق ( ع ) أنه قال : لولا ان اللّه تبارك وتعالى خلق أمير المؤمنين لفاطمة ما كان لها على وجه الأرض كفء أبدا ، وأضاف إلى ذلك ان صاحب كتاب الفردوس روى ذلك عن النبي ( ص ) .
وفي مناقب ابن شهرآشوب ، قد اشتهر في الصحاح بالأسانيد عن أمير المؤمنين وابن عباس وابن مسعود والبراء بن عازب وغيرهم بصيغ تختلف في تركيبها وألفاظها وتتفق في مضامينها ان أبا بكر وعمر خطبا فاطمة من رسول اللّه ( ص ) مرة بعد أخرى فردهما .
وجاء في الطبقات لابن سعد ان أبا بكر خطبها من النبي ( ص ) فقال : انتظر بها القضاء ، وخطبها عمر فأجابه بنفس الجواب .
ولما جاءه علي ( ع ) خاطبا لم يزد على قوله : ذكرت فاطمة بنت رسول اللّه ( ص ) فقال النبي ( ص ) مرحبا وأهلا ، فخرج علي ومن كان معه من الأنصار واخبر بما جرى له مع النبي ، فقالوا له قد أجابك لما تريد .
وفي الطبقات ان النبي ( ص ) ذكر عليا لفاطمة ( ع ) وقال لها : اني قد سألت ربي ان يزوجك خير خلقه وأحبهم إليه ، وقد عرفت عليا وفضله ومواقفه ، وقد جاءني خاطبا ، فما ترين ، فسكتت ولم تتكلم بشيء فخرج وهو يقول : سكوتها اقرارها .
ثم إن رسول اللّه جمع المسلمين وخطب فيهم ، وكان مما قال : في خطبته كما جاء في رواية كشف الغمة عن المناقب ان اللّه امرني ان أزوج فاطمة من علي ( ع ) وقد زوجتها إياه على أربعمائة مثقال فضة ، والتفت إلى علي ( ع ) وقال له : أرضيت هذا الزواج يا علي ؟ قال رضيت يا رسول اللّه ثم خر للّه ساجدا ، فقال النبي ( ص ) جعل اللّه فيكما الكثير الطيب وبارك فيكما .
وفي رواية انس بن مالك أنه قال : بارك اللّه عليكما وأسعد جدكما وجمع بينكما واخرج منكما الكثير الطيب ، وعقب على ذلك انس بن مالك بقوله :
واللّه لقد اخرج اللّه منهما الكثير الطيب .
وفي أكثر الروايات عن أهل البيت ان مهرها كان خمسمائة درهم ، اي ما يعادل اثنتي عشرة أوقية ونصف من الفضة ، كل أوقية أربعون درهما ، وأكد ذلك ابن سعد في طبقاته مدعيا ان جميع بنات رسول اللّه لم يزد مهرهن على ذلك .
وجاء علي ( ع ) بالمهر فصبه بين يدي رسول اللّه ( ص ) ، فقبض منه قبضة وأعطاها بلالا ، وقال : ابتع لفاطمة به طيبا ، وقبض منه بكلتا يديه ودفعه لأبي بكر وقال له : اشتر لفاطمة ما يصلحها من ثياب وأثاث للبيت وارسل معه عمار بن ياسر وجماعة من أصحابه ، فكانوا يعرضون الشيء على أبي بكر فان استصلحه اشتراه ، ودفع مبلغا من المال لأم أيمن لتشتري به أمتعة للبيت ، وكان جهازها قميصا بسبعة دراهم ، وخمارا بأربعة دراهم ، وقطيفة خيبرية سوداء ، وسريرا مزملا[1] بشريط وفراشين من خيش مصر حشو أحدهما ليف وحشو الآخر من صوف الغنم ، وأربع مرافق[2] من جلد الطائف حشوها إذخر[3] وسترا رقيقا من صوف ، وحصيرا هجريا ، ورحى لليد ومخضبا[4] من نحاس ، وهو اناء لغسل الثياب ، وسقاء[5] وقبعا للبن وشنا[6] ومطهرة مزفة وجرة خضراء وكيزان من خزف وعباءة قطوانية[7] وقربة ماء ونحو ذلك من الأدوات المبتذلة للطبقات الفقيرة .
ولما عرض هذا الجهاز على رسول اللّه ( ص ) جعل يقلبه بيده ويقول :
بارك اللّه لأهل بيت جل آنيتهم الخزف .
وهكذا تم هذا القرآن الذي اختاره اللّه سبحانه لهذين الزوجين العظيمين وأراده لهما قبل ان يريداه ، وكتب اللّه لهذين الاسمين الكريمين ان يكونا تعبيرا صادقا عن الانسان الكامل الذي تكاملت انسانيته وأصبح المثل الأعلى لكل بني الانسان من ذكر وأنثى ، ولو حاول الإنسان ان يجمع الصدق والحق والعدل والطهر والعفاف ، وما إلى ذلك من الصفات الفاضلة الكريمة لا يمكن ان يجد لها لفظا يحويها بكاملها غير هذين الاسمين اللذين اتحدا مع جوهر تلك الكلمات ، فكان علي ( ع ) خير الناس بعد رسول اللّه وأحب الرجال إليه ، وكانت فاطمة ( ع ) سيدة النساء واحبهن إليه ، كما جاء في رواية السيدة عائشة .
واستجاب اللّه لنبيه حين سأل ربه ان يخرج منهما النسل الكثير الطيب ، واخرج منهما النسل الطيب وأئمة الهدى خلفاء اللّه في ارضه وأمناءه على وحيه الذين من تمسك بهم ومضى على سيرتهم واخذ بأقوالهم نجا وكان مع الفائزين ومن تخلف عن سيرتهم وتعاليمهم وانكر فضلهم وحقهم ضل وغوى وكان مع الهالكين .
[2] المرافق جمع مرفقة وهي ما يتكأ عليها وتوضع تحت المرفق .
[3] الإذخر نبات طيب الرائحة .
[4] المخضب ، ويقال له مركن واجانه وهو وعاء يستعمل لغسل الثياب .
[6] الشن هو السقاء يستعمل لتبريد الماء .
[7] قطوانية بالتحريك عباءة بيضاء قصيرة الخمل نسبة إلى قطوان موضع بالكوفة .
الاكثر قراءة في حياته في زمن النبي (صلى الله عليه وآله)
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة